لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الأخير..
ياريت بقدر أحكي مع حالي وأنسيها الندم
ياريت ترجع دموعي تضمه وتنسيها الألم
ياريت كان الوفى كان معك وفي وما طلع منك
كان الزمن حزني وقالي أبعد عنك
……………….
أةةةةةةةةةة يا زماني أه
شو بعمل باللي جواتي
أسرني وحابس أنفاسي
شو صعب ينسى حبيبي
والأصعب كمل حياتي
……………….
أةةةةةةةةةة يَا زَمَانِي أَه
شو بِعَمَلٍ بِاِللِّي جواتي
أَسَرَّنِي وحابس أَنْفَاسُي
مَا صَعْبٌ يُنْسَى حَبِيبِي
وَالأَصْعَبُ كَمَّلَ حَيَاتِي
يَا رِيَّتُ
……………….
مثل هالأيام قلبك كسر قلبي
مثل هالأيام صاب العمى قلبي
ما عم أسمعله دقاته ولا بتعني لي حياته
شو بيسوى قلبي والعالم يا عمري
و إنت منك جواته
……………….
مثل هالأيام كنا أنا وإنت
بقلبك محلي وجوه قلبي إنت
وبلحظة وقف الحكي كأنه ملبك مستحي
يرجع ويشوف عيونك ياريتني
كنت بوقته أختفي
……………….
أةةةةةةةةةة يَا زَمَانِي أَه
شو بِعَمَلٍ بِاِللِّي جواتي
أَسَرَّنِي وحابس أَنْفَاسُي
مَا صَعْبٌ يُنْسَى حَبِيبِي
وَالأَصْعَبُ كَمَّلَ حَيَاتِي يَا رِيَّتُ
فتحت عيناها لتدرك أنها في المشفي وقد وضعت جنينها فحاولت الإعتدال وهي تعض علي شفتيها بألم ولكن وجدت صعوبة في ذلك ففوجئت بوالدتها مقبلة عليها وهي تحمل الجنين :-
-علي مهلك ياحبيبتي !!..
توقفت رقية عن الحركة وطالعت والدتها بإستغراب .كيف جاءت إلي هناا ؟!..
قطعت “فاطمة ” حبل أفكارها ودنت منها تناولها جنيننها بإبتسامة :-
-مبرووك ماجالك ..سمي بالله كده !!..
تناولته رقية ومازال أثر الأندهاش بادي علي وجهها ولكن أستمعت صوت جنينها فتحولت أنظارها إليه لتبتسم بفرح وهي تملس علي خصلاته الناعمة ثم أنحنت تقبله القبلة الأولي فسمعت والدتها تهتف بعتاب :-
-ينفع كده ولا انتي ولاجوزك تجببوا هدووم للبنت خلتوني الفها في شال اول مانزلت !!…
رقية بدهشة ونبرة مرهقه :-
-ايه ده هي بنت !!..
ولم تنتظر الجواب من والدتها فرفعت ملابس الصغير عفوا الصغيرة فقد تأكدت رقية من جنس المولود الذي لم يكن سوي أنثي !!..
ضحكت فاطمة قائلة :-
-ماكتتيش تعرفي إنك حامل في بنت ولا أيه ؟!..
هزت رأسها بالنفي فهي كانت سوف تذهب معه إلي الطبية ليشاهدوا معا جنينهما ويتعرفوا عليه .لولا الأحداث الاخيرت التي عاصروها والتي منعتهم أيضا من ذلك !!..
فتنهدت بصوت مسموع وقبلت كف إبنتها التي ملأت الغرفة بصياحها فنظرت “رقية ” لوالدتها تسألها بقلق :-
-هي بتعيط كده ليه ؟!.
جلست فاطمة بجوارها علي طرف الفرأش قائلة ببساطة :-
-باينها جعانه ..أديها تأكل !!..
وزعت رقية أنظارها بين والدتها وبين إبنتها بعدم فهم :-
-هتأكل أيه يعني ؟!..
ضحت “فاطمة ” حتي أدمعت عيناها ثم هتفت بعدما توقفت ضحكاتها :-
-رضعيها يعني يابنتي ..فهمتي ولا اقول كمان !!..
وضعت “رقية” خصلاتها خلف أذنها وقد أكتسي وجهها بحمرة الخجل وادعت إنشغالها بتهدئة إبنتها التي لم تتوقف عن الصياح فتحدثت فاطمة وهي تري إبنتها تملس صدر إبنتتها وهي تحاول وقفها عن البكاء :-
-ماتتعبيش نفسك مش هتسكت غير لما تأكل !!..
نظرت لوالدتها بحرج ففهمتها علي الفور ونهضت بإبتسامة :-
-علي العموم انا هقوم أمشي رجلي شوية ،وخدي راحتك !!.
ثم ضيقت عيناها قائلة بلهجة ذات مغزي :-
– ده بس كده في الأول بعد كده هتتعودي !!..
ثم أنصرفت وأغلقت الباب خلفها لكي تأخذ إبنتها راحتها ..تأكدت رقية من إغلاق الباب ففتحت سحاب ملابسها العلوية وقربت إبنتها منها لكي تستطع إطعامها فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها عندما لمس فم الصغيرة جسدها فأبتسمت بإشراق ولاول مرة منذ فترة !!..
تأملتهة بحزن جلي علي ملامحها ففرحتها بها ناقصة تمنت لو قد جاءت في ظروف أفضل من ذلك ولو أحتضننها معا ولكن أين هو ؟!
نظرت في إتجاه الباب ولسانها يردد “أين هو “؟!..
وليس هذا السؤال فقط ولكن كان العديد من الأسئلة من ضمنهم “كيف أتت فاطمة إلي هنااا ؟!”…
……………………….
-في مقر شركة الراوي ..
بعدما أنهت “رباب ” فقد عملت في شركة الراوي كما وعد جاسم زوجته !! وطلب منها الذهاب إلي الشركة لتستلم عملها جديد لم تنكر انها كانت محتاجة لتلك الأجواء العملية لكي تخرج من بؤرتها !!..
وبينما هي تسير بجوار الرصيف سمعت صوت يناديها فإلتفتت لتجده “سامر ” فهتفت بإستغراب :-
-سامر !!..
وقف أمامها متنهدا قائل بصوت قائم :-
-أزيك يارباب ؟!..
أجابته :-
-الحمد الله
-بس أنت عرفت مكاني هنا ازاي ؟!..
أبتسم بهدوء :-
-من عم راضي روحت أسأل عليكي وعلي الولاد قالي إنك بتشتغلي هنا !!..
ثم نظر إلي الشركة قائل بتذكر :-
-دي نفس الشركة اللي كانت رقية بتشتغل فيها وعرفت أنها اتجوزت صاحبها !!
فتابع بتلهف :-
– صحيح هي عاملة أيه وأخبارها أيه ؟!..
هي بإيجاز :-
-الحمد الله بخير !!..
وأستأنفت حديثها بنظرة ذات مغزي :-
-بس هو انت جاي هنا عشان تسألني عن أخبار رقية ؟!.
تنحنح بإحراج قائل :-
-في الحقيقة انا كنت جاي عشان اتكلم معاكي في موضوع وااا..
قاطعته بجمود :-
-سامر أظن إني قولتلك قبل كده لو اعرف السر اللي خلي محمد ينتحر يبقي تعتبر إن السر ده أدفن معاه !!..
سامر سريعا :-
-لا والله انتي فهمتيني غلط وانا قدرت موقفك انك تصوني سر أخويا وبعدين الكلام معدش ينفع ومحمد ماتجوزش عليه غير الرحمه دلوقتي !!
تنهدت بإرتياح ولكن مازلت علامة الأستفهام علي وجهها :-
-اومال انت جاي ليه ؟!..
نظر حوله بإستنكار :-
-طب هو ينفع نتكلم كده في الشارع قصاد اللي رايح واللي جاي ؟!..
نظرت حولها لتجد الكثير من الموظفين الخارجين من الشركة معلقة أنظارها عليهما فأشاحت بوجهها للناحية الأخري بضيق فهي لاتريد أن يكن لها سبقة في محل عملها !!..
سامر بجدية :-
-انا مش عاوز حد يضايقك ولا يلقح عليكي بحاجه وقفتنا كده مش ظريفه !!..
ثم أشار بيده في أتجاه ما :-
-في كافتيريا هناك علي أول الشارع تعالي نقعد فيها !!..
فكرت قليلا ثم أومأت برأسها إيجابا وذهبت معه علي مضض !!
……….
-في الكافتيريا ..
جلسا علي طاولة منعزلة بعض الشئ فجاء النادل ليأخذ طلباتهم !!..
سامر متسائل :-
-تحبي تشربي أيه ؟!..
عدلت منها حجابها قائلة بخفوت :-
-لو ممكن عصير ليمون !!
أومأ برأسه ثم نظر للنادل :-
-واحد شاي وواحد ليمون !!
وبعدما أنصرف النادل تنهد هو كبداية لحديثه :-
-الحقيقة يارباب أنا كنت أجي اعرف رأيك في طلبي !..
رباب بعدما اسندت يدها علي الطاولة :-
-وايه هو طلبك ياسامر ؟!.
أبتلع ريقه قبل أن يتفوه ب :-
-قصدي طلبي في الجواز منك !!..
صمتت لوهلة تستجمع شجاعتها لمواجهته فقالت بهدوء :-
-سامر انت عارف أنا بعتبرك أيه أنت مش بس اخو جوزي الله يرحمه وعم ولادي انت أخويا !!..
قطب مابين حاجبيه :-
-ايه علاقة ده بطلبي بالجواز منك ؟!..
رباب بتنهيدة :-
-علاقته اني مش شايفاك غير كده ومش هعرف أشوفك غير كده ،وصعب اني اغير مكانتك صعب اتقبل وضع غير ده !!..
سامر :-
-بس لما هبقي جوزك الوضع هيتغير غصب عننا !!..
هزت رأسها بالسلب :-
-بيتهيألك ،وغير كده احنا مننفعش لبعض بكل المقاييس انت عارف في فرق كام سنة بيني وبينك ؟!..
هو بتسائل لين :-
-ده بس سبب رفضك ؟!..
أشاحت وجهها بضيق وقد إنفعلت في حديثها :-
-في مليون سبب اولهم جوزي مبقلهوش قرن ميت عشان افكر في الجواز من بعده وولادي محتاجين ليا دلوقتي أكتر من أي وقت …
ثم نظرت له هاتقه بإختناق :-
-وماينفعش في عز ما انا بوهم ولادي اني ابوهم مسافر وهيرجع أصدمهم بجوازي من عمهم اللي هياخد مكان أبوهم !!
ثم تحشرج صوتها بالبكاء :-
-انا مقدرش أعمل كده في ولادي مقدرش والله !!..
ثم أجهشت في البكاء .فحاول تهديئتها بأسف :-
-رباب انا أسف حقك علياا مكنش قصدي أضايقك بالشكل ده !!..
هي من بين دموعها :-
-انا عارفه اني مامتك هي اللي طلبت منك تتجوزني وخايفه احسن أحرمها من أحفادها او اتجوز واحد غريب يربيهم بس ورحمة محمد عمري ماهحرمكم منهم دوول ولادكم قبل مايكونوا ولادي وليكوا حق فيهم غصب عن اي حد ،وقت ماتعزوهم هيبقوا عندكم ده اللي اقدر أقدمه غير كده مقدرش !!…
جاء النادل ووضع المشروبات أمامهم وانصرف مرة أخري بتعجب من هيئتها الباكية ظلت تبكي حتي هتف سامر بإنزعاج وهو يري بعض الانظار التي تعلقت بهما :-
-اهدي كده الناس بتبص علينا !!..
أدركت انها في مكان عام ولكن ماذا عساها تفعل وقد تغليت عليها عاطفتهها وخانتها دموعها. مسحت تلك الدموع سريعا وأستعدت للنهوض قائلة علي عجالة :-
-انا أتاخرت علي الولاد ولازم أمشي !..
اشار لها بصرامة ان تجلس علي مقعدها كما كانت :-
-أشربي الليمون الاول هيهديكي وبعدين انا هوصلك !..
…………………
غفت الصغيرة وسط تاملأت “رقية ” لها والتي لم تلمع عيناها سوي بالدموع المحبوسة لم تتخيل أن ميلاد إبنتها يأتي بسعادة ناقصة كإبتسامة وسط بكاء حار أو كنسمة هواء متسللة في عز الصيف!!..
كانت فاطمة تجهز أشياء إبنتتها إستعدادا للخروج من المشفي فأتجهت نحو الشرفة وأطلت بتفحص ثم أردفت بأطمئنان :-
-الحمد الله الجو بقا دافئ شوية احسن ماينفعش تخرجي بالبنت في الجو بتاع أمبارح ده !!..
ثم اغلقت الستار وسارت تتابع عملها ،انتظرت رقية قدومها بفارغ الصبر ولكن لم يأتي هل تخلي عنها بتلك السهولة ؟ هل غاضب علي إنجابها ؟! وكان يتمني إجهاضها بالفعل ؟! الكثير من الأسئلة تدور في رأسها والكثير من الأسئلة ستجعلها تجن !! اغمضت عيناها متنهدا بألم ثم نظرت لولدتها فهي الدليل الذي سيرشدها ويقتل شكوكها فهتفت سريعا :-
_ماما هو انت جيتي ازاي ؟ وعرفتي منين إني بولد ؟!.
وقفت فاطمة مبتسمة بعتاب :-
-ماكنتيش عاوزاني أحضر ولادتك يارقية ولا أيه !!
فأكملت وهي تسير حتي جلست بجوارها :-
-علي العموم جوزك هو اللي كلمني وقالي إنك بتولدي وقالي كمان أن هيبعتلي عربية تجبني هنا ومفيش نص ساعة وكانت العربية فعلا قدامي وجابتني هنا ولما وصلت كنتي انتي لسه في أوضة الولادة !!
.
كانت تنصت لها بإهتمام شديد وبعدما انهت اسألت رقية بحزن :-
-وهو سابني ومشي من قبل مايطمن عليا ؟!..
فاطمة نافيه ذلك:-
– ده كان هيتجتنن عليكي ساعتها بجد عرفت ان الراجل ده بيحبك بجد .و كان نفسي تشوفيه اول ما الممرضه اديتله بنته وهو شالها ده كان ناقص يعيط والله لولا بس انا كنت موجودة !!..
حديثها كأن كالخنجر في قلب رقية فتتدحرجت دمعة علي إحدي وجنتيتها وتابعت بإختناق :-
-وبعدين راح فين !!..
تابعت فاطمة حديثها بتنهيدة :-
فضل شايلها كتير اووي وبعدين ادهالي ولما أطمن عليكي قالي ابقا أخدك وارجع بيكي علي القاهرة وبعدها مشي وبعت حد بهدوم كتير للبنت عشان ماتبردش من الشال الملفوف عليها !!! ..
رقية وهي تمنع نفسها من البكاء بأعجوبة :-
-مقالش هو راح فين ؟!..
رفعت فاطمة كتفيها للأعلي بنفي :-
-علمي علمك يابنتي !!..
فصاحت مرة أخري بتذكر وهي تنهض من الفراش :-
-اه صح ده سايبلك معايا ورقة باينها جواب كده !!..
قالتها وهي تجلب ورقة مطوية كانت علي الكومود تعالت دقات قلبها وبتلهف انتشلت الجواب من يد والدتها التي أخذت الطفلة منها …
فتحته علي عجالة بأعصاب منفلته بشدة وانفاس متسارعة !!..
قرات بعينيها “لأول مرة مبقاش عارف أقول أيه ؟! جايز ده لأني معنديش كلام أقولهولك او مفيش كلام يقدر يعوضك عن الجرح اللي سببتهولك !! عارف إني كنت أكبر جرح في حياتك واصعبهم كمان ، وإني كنت الكدبة الوحيدة اللي فيها رغم إنك كنتي أجمل حاجه في حياتي وجبتيلي أجمل هدية في الدنيا وهي بنتنا تعرفي اول ماشلتها علي أيديا أستحقرت نفسي اووي ازاي فكرت في يوم اني احرم نفسي واحرمك منها ..أنا مش هطلب منك تسامحيني لاني عشمان في الأيام تخليكي تسامحيني ..اه بالمناسبة انا سميت بنتنا غفران !! عارف إنك ممكن تستغربي الأسم بس جايز يجي اليوم اللي بسبها تغفريلي فيه !! ،انا مش هدافع عن نفسي يارقية لأني مملكش أي عذر وزي ماقولتي قبل كده عذر أقبح من ذنب !!بس أملك حاجه تانية إني أصلح غلطتي دي !! واهو جه اليوم اللي أصلح فيه غلطتي واخد جزاتي آآآ واتحاسب علي كل حاجه عملتها …كان نفسي أعيش معاكي انتي وبنتي واعوضك عن كل اللي شوفتيه بس معلش كان لازم أدفع التمن …سامحيني ياحبيبتي “…
تعالت دقات قلبها وأرتجفت يدها الممسكة بالورقة كما لمعت عيناها بالدموع !!
فكورت قبضتها لتنكمش الورقة وهي مازالت حالتتها وقد أعتلي وجهها الصدمة تعجبت والدتها من الحال التي عليها إبنتها فتسألت بقلق :-
-أنتي كويسه يابنتي ؟! وشك اتخطف كده ليه ؟!.
لم تنظر لها وجاهدت لكي تخرج الحروف من فمها بهلع :-
-ج جاااااسم !!..
…………………
-أمام المشفي ..
خرجت “رقية ” تائهة مغيبة مع والدتها التي حامله الصغيرة في أحضانها..
كانت “رقية ” تتلكأ في خطواتها تسير بلا وعي وقلبها يدق بالخوف علي زوجها المجهول مصيره لها !!…
وقفت ببطء وهي تري سيارة خاصة “بجاسم” تقف أمامهم ويقف أمامها سائقها بحلته الرسمية …
تحدثت “فاطمة ” علي الفور وهي تشير نحوها :-
-دي العربية اللي جوزك بعتهها عشان تجبني من القاهرة وقالي انها هي اللي هترجعنا تاني انا وانتي ..
ثم تابعت بجدية :-
-تلاقيه مشغول ولاحاجة !!..
أغمضت “رقية ” عيناها بألم فتحتهما ببطء لتشعر بدورار يداهمها فترنجت قليلا فلحقتها فاطمة بيد واحدة وصاحت :-
-يالهوووي مالك يارقية ..مش قادرة تمشي نستني شويه !!
هزت رأسها نافيه وتمتم بخفوت ونبرة مرهقة وهي تستعيد توازنها :-
-ا أنا اااا كويسه كويسه !!..
فاطمة بضيق :-
-كويسه إيه بس ده انتي مش قادرة تصلبي طولك حتي !!..
نظرت “رقية ” للطريق من حولها لتجده طريق زراعي وهو ذات الطريق الذي كان يسلكه جاسم عند سافرهما إلي المزرعة فهذا يعني ان للمزرعة تقع علي مسافة قليلة من المشفي !!..
فتذكرت أيضا أجاسم لم يأخذ وقت طويل بالطريق عند ما جاء بها أمس إلي هذه المشفي ..
لم تعلم هل فكرت في الصواب ام لا ولكن وجدت نفسها تهتف بجدية رغم نبرتها المىهقه وهي تنظر لوالدتها :-
-ماما خدي البنت وارجعي بيها انتي !!..
طالعتها فاطمة بإندهاش :-
-وانتي مش هترجعي معانا ؟!..
هزت رأسها بالنفي ونظرت امامها عازمة علي شئ ما :-
-في مشوار لازم أروحه !!.
…………………………..
لاتعرف كيف هربت من والدتها التي اصرت علي عدم تركها بمفردها وهي يظهر عليها الإعياء الشديد ولكن لم تصنت لها “رقية ” وأستقلت سيارة أجرة لتتجه بها إلي المزرعة !!..
دلفت من باب المزرعة وهي تحاول قدر الإمكان الإسراع في خطواته ولكن لم تقدر فكانت تسير بخطوات عاجلة نوعا ما يظهر بها الأعياء ..لفت نظرها عدم وجود طاقم الحراسة أمام البوابة الداخلية بل في جميع الأتجاهات لم تكترث وسارت إلي الداخل !!..
كان باب مكتبه مفتوع علي مصراعيه .كما كان قلبها دليلها فوجدته جالس يحاصر وجهه بين كفيه وامامه علي المكتب مسدسه !!..
خفق قلبها بشدة ووقفت تلتقط أنفاسها الأهثه لحين ينتبه إلي وجودها وعندما لم تري منه أستجابة هتفت بإختناق :-
-قاعد مستنيهم ييجوا يقتلوك !!..
قد خيل له أنه سمع صوتها فرفع رأسه ببطء ليقابل عيناها فتحولت ملامح وجهها للصدمة وهو ينهض من مجلسه ويسير نحوها :-
-أنتي أيه اللي جابك !!..
هي دون ان ترمش وصدرها يعلو ويهبط :-
-رد عليا مستنيهم يقتلوك ؟!.
قبض علي رسغها بقوة وصاااح بجمود :-
-انتي لازم تمشي من هنا دلوقتي ساامعه !!..
أزاحت يده بكل ما أوتيت من قوة وهتفت بدموع :-
-مش همشي غير وأنت معايا!!…
رفع كتفيه كحركة منه علي الإستسلام فقد قضي الأمر ثم هتف بألم :-
-مبقاش ينفع انا قاعد مستني قرار الحكم عليا .زمان الشحنة أتمسكت واكيد عرفه اني انا اللي بلغت يعني لو البوليس أتأخر انه يوصل عشان يقبض عليا هما هيكونوا وصله قبله عشان يقتلوني !!..
انسابت الدموع من عينيها وصاحت به :-
-هو انت ليه أناني كده ؟! ليه مابتفكرش فيا وليه مابتخلنيش أختار ،ليه مصر إني أخسرك ؟!..
تنهد من اعماق قلبه قائل وهو يبسط كفه في الهواء:-
-للأسف ما قداميش حل تاني !!..
خرج صوتها المتحشرج ولكن برجاء :-
-بنتك محتاجالك !!..
أبتلع ريقه بمرارة هاتف بإبيتسامة لم تصل لحدقتيه :-
-وانا بعمل كل ده عشان خاطر بنتي !!..
اعتصر قلبها الما وأغرقت الدموع وجهها معاتبه إيااها بنبرتها الباكية :-
-أنت ليه عملت فينا كده ؟!..
جاسم بلهجة نادمة :-
غلطت ولازم ادفع تمن غلطتي لازم !! ..
فأكمل :-
-عارفه انا عامل زي مين ؟ زي ادم اللي أتطرد من الجنة بسب تفاحه !! مع إنه يملك الجنة كلها لكن مقدرش يقاوم الشيطان !!
أبتسم بألم ساخر ورفع إحدي حاجباه بإندهاش :-
-شيطان ؟! إذا كنت أنا الشيطان !!…
أبتسمت رقية من بين دموعها:-
-بس الشيطان كان ملااك !!…
دنا منها وحاصر وجهها بين كفيه قائل بعمق وهو يتأملها :-
-وكان ممكن يفضل ملااك لو مكناش استعصي !! أوكنتي دخلتي حياته من الأول !!..
شعر بسخونة دموعها علي كفه فأبتعد عنها وأشاح بووجهه للناحية الأخري وأردف بهدوء صارم :-
-أمشي يارقية لازم ترجعي لبنتنا دلوقتي ماينفعش تخسرنا أحنا الأتنين !!..
هزات رأسها بإعتراض ببطء قائلة بإصرار من بين شهقاتها :-
-لا مش هتحرك آآآ من هنا غير وأنت معايا !!
إلتفت لها برأسه وإبتسم نصف إبتسامة قائل بإندهاش :-
-معقول !! لسه خايفه عليااا بعد كله ده ؟!..
لم تجاوبه فتحركت باكية نحوه وأمسكت بذراعه تحثه علي السير بعينين متوسلتين :-
-يالا معايا ياجاسم !!..
إستدار بجسده كاملا وطالعها بجدية :-
-محدش بيهرب من ناهيته !!..
سار ببطء نحوها حتي أصبح في مقابلتها !!
كل شئ يقترب من النهاية، فحان الوقت أن يغلق الستار علي تلك الحياة البائسة!!..
شعرت بأنفاسه تلفح بشرتها وله تتحرك ببطء علي وجنتيها وكأنها تودعها، ثم أردف بصوت تكاد تسمعه هي فقط :-
-إيان كانت النهاية أنا راضي بيها كفاية اني نهايتي كانت معاكي!!..
ثم تابع بنبرة متإلمه للغاية وابتسامة حزينه علي ثغره:-
-وأنا مش عايز اكتر من كده أنا مش اناني!!..
أرتجفت شفتاها بقوة وزاغت أنظارها في المكان بهلع كادت أن تتحدث ولكنه أسكتها بقبلة متعطشة حيث قبلها بنهم شديد وكأنه يتذوق شفتيها للمرة الأخيرة كادت أنفاسهما أن تتمذق وبينما هو غارق معها دوي في المكان صوت طلقات نارية فأتسعت عيناها بصدمة وشعرت بإن قلبها سقط في قدمها، اما هو لم يبتعد عنها خطوة واحدة بل أستمر في تقبيلها معتصراً إياها داخل أحضانه وكإنه الحصن المنيع لها يحفظها بين أضلاعه تاركاً ظهره مكشوفاً للطلقات ومرحباً بها!!.
حاوطت سيارات الشرطة المكان كما جاءت أيضا سيارات الإسعاف لتأخذ جثة الملثم الذي اطلق النيران علي جاسم ،فقد تم قتله من الشرطة عندما حاول الهرب والفرار !!..
وقف بجوار الضابط وقد أصيب كتفه بطلقة فأسعفته سيارة الأسعاف وأخرجت الطلقة كما أحاطت كتفه بشاش أبيض !!…
وضع الضابط سلاحه في بنطاله قائل بخشونة :-
-حمد الله علي سلامتك !!…
تمتم جاسم :-
-الله يسلمك !!..
الضابط بمزاح نوعا ما :-
-كنت هتروح فيها لولا أن أحنا جينا في الوقت المناسب !!..
تصنع جاسم الإبتسامة ونظر أمامه !فتنهد. الضابط ليسرد عليه ماحدث ولكن بنبرة ذات مغزي :-
-الشحنة أتمسكت والجماعة أتقبض عليهم ،وعثمان أتقتل وهو بيحاول يهرب !!..
ثم أكمل بأسف وضيق :-
-مع إني كنت عاوزه عايش ده كان رأس الحيه في مصر وكان ورا كل مصيبة بتحصل !!..
جاسم بملامح جامدة :-
-اهي رأس الحيه أتقطعت خالص .وخد جزاته !!..
وأكمل بجدية وهو يتنهد :-
-وفاضل بس انااا اخد جزاتي !!..
مد يده للضابط لكي يضع بها الكلابشات قائل بجمود :-
-شوف شغلك ياحضرة الظابط !!..
-بس كنت بستسمحك تخليني أشوف مراتي الأول هما خدوها المستشفي وهي مغمي عليها عايزة أطمن عليها حتي لو خمس دقايق !!..
حك الضابط ذقنه ثم تحدث بجدية :-
-بس قولي الأول حد غير عثمان الله يرحمه كان عارف إنك تبع الجماعه وشغال معاهم ؟!..
تعجب جاسم من سؤاله فهز رأسه بنفي ..الضابط بتفكير :-
-اممم يعني محدش غيره كان يعرف !!…
ثم رمقه بنظرات غريبة واقترب منه يربت علي كتفه الأخر وهو يبتسم :-
-يبقي روح شوف مراتك !!..
ضم جاسم يده الممدودة إليه وتسأل بإستغراب :-
-يعني أيه ؟!..