لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثالث عشر..الجزء الثاني

“عمال بتوجع في قلبي ليه ؟!.. يعني اللي بينا ده نهايته أيه!!.. لو مش حاببني مفيهاش كسوف.. ابعد وشوف ناوي تعمل إيه.. أعمل بعشرة وحاجات كتير كان برضه بينا إحساس كبير ����”
-في المستشفي..

حركت رأسها عدة مرات بإنزعاج وإنكمشت ملامح وجهها وهي تشعر بثقل علي صدرها وكأن شئ صلب وضع علي قلبها نتج عنه أنها أصدرت أنين مخفض يدل علي رغبتها الشديدة في البكاء وإنزعجها فتحت عينها ببطء لتسقط دمعة علي وجنتها أخذت تشهق وهي تشعر بإعياء يصيبها وشئ يشل حركتها، حاولت تحريك يدها ولكنها وجدت يد تضع علي يدها الموضوعة على أحشائها ، ورأس توضع عند موضع قلبها والجسد نصفها الأعلي متسطح على الفرأش وقدمه تلمس الإرضية نومة خاطئة من شخص أراد أن يكون بجوارها في أصعب محنة تمر بها… وماهو الشخص إلا بجاسم..

دققت النظر به بجمود ثم بإندفاع حركت قدمها بقوة ليستيقظ هو ببعض من الفزع ولكن إنفرجت أساريره عندما رأها مستيقظة تحدث بإرتياح وهو يعتدل:-
-رقية!! حمد الله علي السلامة ياحبيبتي..

صامتة وهي تطالعه بنفس النظرة الجامدة .. فأبتلع ريقه وأبتسم هو ينظر للفرأش وتحدث ليجاريها في الحديث :-
-معلش لو ازعجتك بنومتي دي بس السرير هنا صغير، وأنا كنت عاوز أبقا جمبك وقريب منك علي أد ماأقدر..

جاوبها هو رد فعلها الأول الصمت بل لم تكتفي بذالك فتنهدت بضيق وهي تشيخ بوجهها للناحية الأخري، تحدث جاسم بجدية :-
-ممكن تديني فرصة بس أفهمك..

لم تكن معه مطلقاً فقد استحضرت أخر ذكري لها، تذكرت حالتها السيئة وهي مع والدتها في السيارة، أخر محادثة دارت بين جاسم وهدي في القصر، وأخيراً السواد الذي غطي عليها لتسقط وتجهل ماذا حدث بعد ذالك، تحركت عدسة عينها في المكان لتسع عينها تدريجياً ثم جاهدت بأن تعتدل من نومتها ولكن شعرت بالألم يغزو جسدها فأصدرت أنين منخفض ليقترب جاسم منها ليعاونها ولكنه تفأجئ بها تبعد جسدها عنه كإشارة منها برفض قربه أومساعدته، إبتعد عنها وقد إتسعت عينه بذهول، إعتدلت بعد عناء ثم وضعت يديها الاثنين علي أحشائها ونطقت بخوف ظهر علي وجهها وخرج من فمها بخفوت :-
-إبني إبني!!..

أقترب جاسم منها مرة أخرى ووضع يده علي كتفها قائل بهدوء :-
-إهدي بس وا—–

صرخت في وجهه ليبتعد عنها قائلة بحده :-
-إبعد عني أبعد..

ثم ظلت تتكرر بطريقة هستيرية :-
-إبعد، إبني حصل حاجة إبني حصله حاجة إبني..

وتحدثت علي عجالة وهي تدمع :-
-أنا مش حاسه بيه جوايا، إبني حصله إيه!!

جاسم محاولاً لتهديئتها :-
-إهدي بس دلوقتي إهدي…

نظرت إليه وسألته برجاء :-
-قولي ها قولى إبني حصله حاجة ولالا..

ثم أبتسمت بألم :-
-هو لسه موجود صح!! هو عارف أني أنا مستنياه هو مسابنيش مش كده..

مسح علي شعره وهو يتنهد بحزن فهز رأسه بنفي، لتتسع عينها من الصدمة وتسيل دموعها بغزارة وهي تضع يدها على فمها، امسك كفها قائل بمواساة وهو يبتسم بأمل :-
-ملناش نصيب فيه، إن شاء الله هيكرمنا تانى ونجيب دستة كمان!!

ظلت رقية علي صدمتها وهي تنظر في الفراغ ليتجسد أمامها شبح لهدي صوتها يصدح في أذنها بنبرة قاسية” أحمد ربنا إنك هتتطلع من الجوازة دي من غير عيل” ثم تكرر عدة مرات “من غير عيل من غير عيل من غير عيل”..

إنتقل جاسم بيده إلي شعرها المنسدل بعشوائية وملس عليه بحنان قائل :-
-أحمدي ربنا ياحبيبتي، أحمدي ربنا علي كده..

زاغت انظارها في الغرفة لتستقر عليه وقد جمدت ملامحها وهي تقول بنبرة غاضبة وهي تشير بسبايتها :-
-آآآ أنت أنت، اللي قتلته أنت اللي سقطيني..

أمسكت به صرخت بغضب :-
-أنت اللي سقطيني أنت اللي موت إبني..

أبعد جاسم يدها ونهض وهو يصيح :-
-أنتي اتجننتي ولايه!! أنا أقتل ومين أبني، هقتله ليه إتجننت ..

رقية بنبرة ساخرة من بين دموعها :-
-تقتله عشان تخلص منه ومن أمه، ماهي خطتك هتبوظ لو خلفت مني، عشان مفيش حاجة تربطني بيك وتقدر ترميني في أي وقت ..

إختلط بكائها بنبرتها وهي تقول بوجع :-
-ليه ياخي كده حرام عليك، ك آآ كنت سبتهولي وكنت هختفي بيه من حياتك، ده كان هيملي عليا حياتي كانت هداوي بيه وجعي، استخرته فيا ليه!! ليه بس!!

ثم أمسكت برأسها وصرخت :-
-ااااااااااااااااااااااااااه..

وفي هذا الحين دلفت إحدي الممرضات مسرعة لتمسك برقية ووجهت الحديث جاسم بجدية :-
-لو سمحت إتفضل أطلع بره!!..

ثم قيدت رقية التى تصرخ بقوة “أقتل أبني، أستخسره فياااا، أستخسره فياا”

أغلق جاسم سترته ورمقها بإشفاق وقلبه يتألم لأجلها فتنهد وتحدث بجمود :-
-مش هعاتبك واحاسبك علي أي كلمة قولتيها دلوقتي لاني مقدر اللي أنتي فيه كويس جداً…

فتابع علي نفس نبرته :-
-بس هيكون لينا كلام تاني..

زاد صرخها وبكائها وشهقاتها لتتحدث الممرضة مرة أخرى :-
-لو سمحت إطلع بقاا..

إلتفت جاسم لها ورمقها بحده ثم غادر الغرفة..


-في البناية..

جلست فاطمة بجوار زوجها والذي شارد في حال إبنته وقد ظهر علي وجه الحزن الشديد وقد تفر من عينه الدموع أحياناً ، ربتت فاطمة علي كفه قائلة بهدوء :-
-وحد الله بقا ياراضي، ماهي البت كويسة أهم..

إلتفت راضي لها قائل بتنهيدة حزن :-
-لا إله إلا الله، كويسة إيه بس يافاطمة البت هضيع مننا يافاطمة هترجع أوحش من الأول، لو رجعت لينا هترجع جواها شرخ دي حتة منها نقصت ..

فاطمة بسخط :-
-منه لله اللي كان السبب افتكرنه هيحافظ عليها ويصونها أتاريه ناقص..

هز راضي رأسه ينفي حديثها قائل بجدية :-
-لا يافاطمة جوز بنتك لايمكن يكون كده ده أكيد في حاجة غلط..

انا عاشرت كتير وشوفت اكتر لكن عمري ماقبلت حد في رجولة ولا أخلاقه..

إلتوي فمها بسخرية قائلة :-
-ياما تحت السواهي دواهي ياخويا..

ثم نهضت قائلة وهي تنوي الرحيل :-
-أنا هلحق أمشي عشان أروح المستشفي بقاا..

ثم تابعت بإستعطاف:-
-مش هتيجي تشوفها ياراضي؟؟

راضي برفض وهو ينظر لها بعينه الدامعة قائل بحزن :-
-مش هقدر اشوفها كده، قلبي هيتقطع عليها أكتر..

تنهدت وهي تؤمي برأسها إيجاباً وتربت على كتفه ورحل
……………………..

وصلت فاطمة إلي المستشفي الراقده فيها إبنتها لتستقبل من إحدى الممرضات خبر إيفاقة إبنتها لتهتف بفرحة :-
-بجد يعني هي فاقت يابنتي أقدر اشوفها وتخرج معايا من هنا ..

أومأت الممرضة ب ثم تحدثت بجدية :-
-هي دلوقتي نايمة لأنها واخده حقنه مهدئه، وهي لسه هتفضل معانا فترة كمان عشان هتتعرض علي دكتور نفسي ..

فاطمة بهلع:-
-أنتي مش قولتي انها فاقت يبقي ازاي نامت واخدت وحقنة أيه دي، ودكتور نفسي ليه هي البت إتجننت؟! ..

إبتسمت الممرضة وهي تجيبها ببساطة وتفهمها :-
-مجنونة أيه بس ياأمي، كلنا بتعدي علينا فترة بنحتاج فيها نتكلم مع حد ونحكي عن اللي مضايقنا والدكتور النفسي دوره يسمع الناس ويتكلم معاهم ويساعدهم أنهم يتغلبوا على مشاكلهم..

هزت فاطمة رأسها بتفهم، لتبتسم لها الممرضة وترحل..

لتقول فاطمة بإعجاب :-
-العلم حلو برضه كويس إني علمت البت…

فتنهدت بحزن وهي تنظر لغرفتها :-
-بس هي تقوم بالسلامه..

………………………

مرت الأيام وأصبحت رقية صامتة وكأنها ولدت هكذا لاتشعر بشئ حولها تجلس تضم ركبتيها علي الفرأش وهي تعقد ساعديها عليهم ولا تتأثر بأئ دكتور نفسي يدلف غرفتها من أجلها، يظل يثرثر مع نفسه ولكن دون جدوي، أحياناً تتركهم يتحدثون مع أنفسهم وتتدثر أسفل الغطاء… مماجعل الجميع ييأس وأصاب الاحباط جاسم الذي كلما دلف إليها يظهر عليها الفزع وكأنها رأت شبحاً يظل جسدها يرتجف بشدة.. وقد هدأت هذه الحالة قليلاً في الأيام السابقة فزاد فضوله لمعرفة السبب…

وفي يوم أقتباس..

دلف هو ببطء إلي غرفتها في المستشفي ليجدها جالسة علي الفرأش شارده في لاشئ وانظارها مثبته علي الحائط أمامها ملامح خالية من أي إحساس بالحياة ، أعتصر قلبه حزناً وهو يجاهد أن يظهر بصورة قوية أمامها، جلس علي المقعد بجوارها وتحدث بحنان :-
-وحشتيني أوووي!!

آآ البيت من غيرك وحش يارقية ..

ثم أبتسم بحزن :-
– أنا عارف إنك زعلانه ومن حقك تزعلي وتغضبي !! لكن آآآآ

فهز رأسه بخيبة أمل وتحدث بألم :-

-أنا حقيقي مش عارف اقولك أيه!! مش عارف أصبرك أزاي..

فرمقها بحذر قائل :-
-رقية إنتي شايفه أني حقير وندل، صدقتي عليا كده، صدقتي إني ممكن أتاجر بوجعك!!..

لم يتلقى منها أي إجابة وكأنها لاتشعر بوجوده مطلقاً..

ثم نهض قائل بصوت مرتفع :-
-ماتسكتيش كده أتكلمي أصرخي فيا لكن متعاقبنيش بالشكل ده!! قومي خدي حق وجعك بأي طريقة لكن ماتسكتيش كده بالله عليكي..

إلتفتت برأسها ببطء وهي تهز رأسها عدة مرات بعدم فهم، ثم قطبت مابين حاجبيها بتعجب لتلقي قنبلة وصدمة شديدة له الأن فقالت بجدية :-
-أنت مين!!!.

.. يتبع

error: