لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثامن.. الجزء الثاني

أنظاره متسلطه علي الخارج من خلف الشرفة المتواجدة في غرفة شقيقه بمصحة الإدمان، كانت مقلتيه شاردة تائهة يشعر بإرتجاف جسده بالكامل، لايدري كيف وصل إلى هنا، فعندما جائه إتصال هاتفي صرخ فيه الطبيب المعالج “حازم انتحر ياجاسم بيه الحقنا” صدمة جعلت جسده عاجز عن رد اي فعل، وبعد ثواني اندفع بقوة من مكتبه راكضاً إلي شقيقه، كانت سوف تنقطع أنفاسه وهو يهرول بكامل قوته.. وكأنه أب يسعي لنجأة فلذة كبده، هدأ قليل عندما وصل وإستمع جملة سعيدة “الحمد الله قدرنا نلحقه” ابتسامة سعيدة ظهرت علي ثغرة مع تصبب عرقه وزيادة ضربات قلبه.. إستند على الجدار وهو يبتلع ريقه بصعوبة..

اغمض عينه وفتحها مجدداً وهو يهتف بألم وأنامله ترتجف:-
-مش كفايه كده علي أخوك!!؟..

لم يسمع رداً من شقيقه الراقد علي الفرأش وساعده مرتخي وقد التف عليه لفافة بيضاء تتوسطها بقعة حمراء نزفت من شريانه عندما قرر إنهاء حياته بهذه الطريقة، ومن الناحية الأخرى ساعده الآخر مرفوع إلى أعلى ومقيد بكلابشات وكأنها مانع له لأي حركة جنونية تصدر منه قد تؤدي إلى نهاية حياته.. استقبل حازم ذالك بدموع تسقط بغزارة على وجهه وشهقات متتالية تتعالي،وشهقات حازم خير رد علي حديث جاسم..

إلتفت جاسم واقترب منه، ليجلس بجواره وقد احتد نبرته قائل :-
-برضه مش هتخرج من هناا يا حازم غير لما تتعالج..

نظر له حازم بيأس وكأنه يخبره بإستسلامه التام..

تحدث حازم من بين شهقاته قائل بضعف:-
-أ ا أنت السبب!!!

أتسعت عين جاسم وهو يردد بذهول :-
-أنااااااااا..

أومأ حازم برأسه إيجاباً وهو يتابع :-
-معرفتش تصاحبني، معرفتش تخليني زيك، معرفتش في يوم تقعد معايا تنصحني وتوجهني، دايماً كنت ساخط عليا وعلي أفعالي من غير ماتحاول تصلح مني..

زاد بكائه قائل بتألم :-
-أنا ملقتش حد يحتويني ويخليني بني أدم كويس ورفضت…

رمش جاسم بعينه عدة مرات وهو يسمع الإتهامات التي يلقيها ويوجهها إليه شقيقه..

حازم بنبرة ساخرة:-
-أمك تدلع وأنت تقسي، ومش عارفين انكم غلطانين انا محتاج احتواء مش أكتر..

تحدث جاسم بتبرير لموقفه:-
-انا كنت بقسي عليك عشان خاطر مصلحتك!!..

إبتسم حازم بوجع وهو يشير بعينه إلي الكلابشات ثم يده المصابة :-
-وأدي نتيجة قسوتك، استحمل بقا ياخويااا…

صاح جاسم بغضب :-
-هو أنا اللي قولتلك روح شم!!..

هز حازم رأسه عدة مرات بالنفي قائل بندم :-
-لا انا اللي سلمت نفسي ليها عشان تخليني كده…

أنتبهت حواس جاسم الان وهو يضيق عينه بشك قائل:-
-مييين دي؟!..

إبتلع حازم ريقه وهو يشيح بوجهه للناحية الأخري وقد ظهر عليه الإرتباك..

اخذ نفس عميق قبل أن يتابع بجمود:-
-صافي الراقصة..

اتسعت عين حازم وهو يحرك رأسه ببطء نحو جاسم قائل بتلعثم :-
-أآ أنت تعرفها؟!..

التوي ثغر جاسم بسخرية وهو يهتف :-
-هي مش تبقي مراتك ولاايه..

اخفض حازم عينه دون جواب، فهز جاسم رأسه بخيبة أمل…

تنهد جاسم ونهض وسار نحو الباب فسمع صوت حازم يهتف برجاء :-
-خلصني منها ياجااااسم…

لم يلتفت جاسم وعلق بجدية :-
-اديك انت اللي ضيعت نفسك يوم مارميت نفسك في حضن حربايه زي دي..

ثم اغلق سترته ورحل… وأثناء سيره في الممر وقف أمامه الطبيب المعالج قائل بغضب:-
-حازم النهاردة كان هيودينا في داهية بسبب عملته دي ولتاني مرة بقول لحضرتك مينفعش احبس واحد معندوش إرادة هناااا وكمان نكلبشه دي مش من قوانين المصحة نستخدم العنف …

جاسم بإنفعال:-
-وانا قولت مليوون مره هيتعالج غصب عنه، وبعدين ازاي الآلة الحادة اللي عور نفسه بيها دي دخلت الإوضة عنده ازاي..
توتر الطبيب وهو يجاوبه:-
– د دخلت آآآآآآل…..

قاطعه جاسم بجمود:-
-انا مش هسمح بغلطة زي دي تتكرر تاني.. عمر اخويا مش لعبه مفهوم..

أوما الطبيب برأسه سريعاً وهو يعدل من وضعية نظارته الطبية…

استقل سيارته ونظر أمامه بعيون تلمع بالشر والوعيد ثم هتف بإبتسامة غير مريحه :-
-حلو اووي كده ياست صافي، اللعب دلوقتي بقا علي المكشوف…

ثم التقط هاتفه ليجري مكالمة هاتفية هامة…

-في قصر الراوي..

حاولت الممرضة إطعام مشيرة بشتي الطرق ولكنها فشلت بسبب بكاء مشيرة وكأنها طفلة صغيرة، فمن يصدق أن السيدة المتعجرفة يكون هذا مصيرها!!! اصبحت عاجزة حتى عن ترفض رغبتها في الطعام وبدأت تهز رأسها بأعياء شديد مع نوبات بكائها.. إبتعدت عنها الممرضة وقد يأست والتفتت إلي هدي بيأس التي عقدت ساعديها أمام صدرها قائلة بنفاذ صبر :-
-جرا أيه يامشيرة أنتي عليه صغيره عشان نفضل نحايل فيكي كده..

فتابعت الممرضة بجدية:-
-لازم نخليها تأكل بأي طريقة ده الدكتور لو عرف انها لحد دلوقتي مش أكلت حاجة هيطين عيشتي..

وفي هذا الحين دلفت رقية على استحياء وسارت نحو فراش مشيرة وهي تبتسم قائلة بخفوت :-
-ألف سلامة عليكي ياطنط..

توقفت مشيرة عن البكاء وتحولت نظراتها إلى الشر وظهر علي وجهها علامات الرفض فهي ترفض وجود تلك المنبوذة معهم وتراها وهي عاجزة هكذا، فهي لاتسمح لرقية بلحظة انتصار عليها أوفرح.. فكبرياء مشيرة هانم لايخضع أمام الدميمة..

اقتربت منها رقية ولكنها فوجئت بها تريد الصراخ وتحاول تحريك ذراعيها ولكنها عاجزة، وقفت رقية حائرة فى أمرها، فإقتربت هدي لتجذبها بقوة قائلة بغضب :-
-أمشي اطلعي بره يله..

رقية بتبرير :-
-أ اانا جاية اطمن عليها..

دفعتها هدي للخارج وامسكت الباب ثم قالت بتعالي:-
-ميشرفهاش إن واحدة زيك تتطمن عليها…

ثم أغلقت الباب في وجهها بقوة، لتغمض رقية عينها بألم بعدما ترقرت بها الدموع، فتحت رقية عينها واتجهت بغضب نحو غرفتها وهي تدمع لتجذب حقيبة سفر كبيرة وتضع ملابسها بداخلها فقد عزمت على الرحيل…

-في حديقة الراوي…

ابتلعت شيري ريقها قائلة بصعوبة :-
-أ أمي متجوزه حازم!!..

حنين بإمتعاض :-
-ايوه، وجات هنا وبهدلت الدنيا..

لمعت عين شيري بالدموع وهي تهتف بإختناق :-
– آآ ليه عملت كده…

حنين بلهجة حادة:-
-والله ابقي اسأليها ودي حاجة متوقعة من واحدة بتعرض جسمها للن—–

لم تكمل حنين جملتها فأشاحت بوجهها للناحية الإخري..

هبطت دمعة علي وجه شيري وهي تقول بوجع:-
-كملي ياحنين قولي وعايريني بأمي الراقصة…

حنين بتافف:-
-انا مقصدش بقا…

خرجت رقية من القصر وهي تجر حقيبتها، فلمحتها حنين فنهضت بتعجب وصاحت :-
رقية يارقية…

وقفت رقية وهي تمسح دموعها لتسير نحوها حنين وخلفها شيري التي تمسح دموعهاااا….

وقفت قبالتها حنين وهي تنظر بتعجب إلى الحقيبة قائلة :-
-إيه يارقية الشنطة دي انتي رايحه فيين؟؟

رقية بجمود:-
-رايحه بيت ابوياا…

وقبل أن تتحدث حنين ضحكت شيري بإستهزاء قائلة :-
-إيه يارقية وحشتك العمارة واوضة البواب، تؤتؤ ملكيش حق حد يسيب القصر ده ويحن لبيت الفيران اللي كان عايش فيه…

التفت حنين لها قائلة بجمود:-
-اسكتي ياشيري إيه الكلام ده…

تحدثت رقية بشجاعة وجدية :-
-بيت الفيران ده انضف ميت مره من قصر اللي فيه نفوسهم مش نضيفة…

شيري بلهجة ساخرة :-
-المفروض ياحنين تختاروا الناس اللي تسكن معاكم مش ناس من الشارع..

رفعت رقية سبابتها قائلة بجمود :-
-احترمي نفسك ومتنسيش إن ممكن اطردك من هنا لأن ده بيتي…

ضحت بوضاعة قائلة:-
-بيتك!! وده من امتاااا شكلك نسيتي انك كنتِ بوابة عندنا بتشيلي الزباله بتاعتنا وشغالة عندنا…

ثم اقتربت منها لتمسك ملابسها قائلة بتعالي:-
-ونسيتي فستاني اللي كنتِ بتلبسيه بعدي لما ازهق منه عشان اشتري الجديد…

ثم همست بإذنها قائلة بنبرة قاصدة اهانتها:-
-لما كنتِ صغيرة يارقية لبس العيد الجديد بتاعك، كان بيبقا اللبس بتاعي القديم…

ثم أبتعدت وهي تملس علي وجه رقية قائلة بضيق :-
-تؤتؤ معقول جاسم يكون مش بيقرف من ده…

ترقرت الدموع في عين رقية لتغمض عينها وهي تجاهد منع سقوطها، فرفعت يدها اليمني لتهبط علي وجه شيري بقوة، الجمت الصدمة شيري وهي تضع يدها علي وجهها، لتتحدث رقية بجمود:-
-ده قلم مني عشان غلطي فيا، وعاوزاكي تستني قلمك من ربنا وهيبقي احسن قلم عشان تعرفي تتريقي عليا..

ثم تابعت بإيمان:-
-يمهل ولايهمل.

error: