لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل السادس والثلاثون الجزء الثاني

-في الوحدة الصحية…

خرج الطبيب من غرفة الكشف لتسرع له والدة شهد متسائلة :-
-طمني يادكتور بنتي حصلها ايه !!..

أجابها بنبرة عملية هادئة :-
-اطمني ياحجه بنتك بخير قدرنا نوقف النزيف والحمد الله الجنين اتكتبله عمر جديد!!..

نزلت الجملة كالصاعقة على والدة عصام التي تقف خلفها تراقب المشهد بصمت فقد فشلت خطتها في إجهاض الجنين الدليل الوحيد ذنب إبنها!!….

حاولت رسمة إبتسامة مزيفة على ثغرها حتى لاتثير الشك فربتت على كتف والدة شهد :-
-الحمد الله يا أم شهد انها بخير آآآآ الحمدلله، ألف بركة ياختي !!..

والدة شهد وهي توجه حديثها للدكتور :-
-طب هي بقت كويسة ينفع تروح معانا!!.

الدكتور :-
-لا هي هتفضل معانا شوية على الأقل تكون تحت رعايتنا ال24 ساعة الجايين!!..

أومأت برأسها فتابع بنبرة متهكمة بعض الشئ :-
-بس أنا كل اللي عاوز أعرفه ازاي طفله زي دي متجوزة لا وكمان حامل دي كانت ممكن تروح مني ومعجزة أن الجنين فضل في بطنها ده بس عشان ليهم عمر جديد!!..

نكست والدة شهد رأسها بخزي :-
-نصيب يادكتور، نصيب!!..

القي عليهما نظرة جارحة ورحل فأغمضت عيناها حزناً علي ماوصلت إليه إبنتها!!

ثم انتقلت ببصرها إلى والدة عصام وتسألت :-
– قوليلي يا أم عصام هو اللي حصل عشان تقع؟!..

إرتبكت وهي تجيبها بتلقائية :-
-والله علمي علمك ياختي ده أنا كنت آآآآ عند الفرن حتى لما سمعت صوت صرخها!!..

ثم تابعت بكذب :-
-بس تلاقيها كانت بتشم هوا ولا حاجة فوق السطح ما هي دايماً بتحب تقعد لوحدها فوق تلاقيهها وهي نازله رجلها اخدتها المسكينة !!

لم تقتنع والدة شهد بهذا الحديث ونظرة لها نظرة الشك اما الثانية تحدثت :-
-مش مهم الكلام ده دلوقتى يا أم شهد، المهم أنها بخير!!..

ثم تابعت ببنرة خبيثة وهي تتصنع الطيبة :_
-بس متزعليش مني يا أختي، مش كان أحسن ليكم أن اللي في بطنها ده يسقط وتبقي جات من ربنا بدل الفضيحة!!..

والدة شهد بنبرة حادة للغاية وهي تنظر له نظرة ذات معني :-
-ربنا رايد أن اللي في بطنها يفضل عشان نعرف مين أبوه!!..

ثم خبطت على ذراع الأخرى بقوة وهي تقول :-
-ربنا رايد يسترنا ياختي مش يفضحنا!!..

فين شهد!!..

لفظ بها والد شهد الذي دلف اللتو معه أخيه وابن أخيه!!..

إلتفتت له وتقدمت منه :-
-جوة ياخويا ماتقلقش هي بخير!!..

ثم نظرت نحو عصام وادرفت بجمود :-
-واللي في بطنها كمان بخير!!!..

أرتبكت ملامحه وابتلع ريقه ثم نظر نحوه والدته مستفسراً!!..

أمسكت والدة شهد يد زوجها ودلفت معه حيث غرفة إبنتهما!!..

تقدم عصام من والدته، والذي هتفت بنزق هامسة:-
-إبنك لسه ليه عمر في بطنها!!..

عقد مابين حاجبيه قائل :-
-هو انتي يامه اللي عملتي كده!!..

هي بملامح غاضبة :-
-اومال مين يعني ولا عاوزني كنت أقف اتفرج!!.

ثم وغزته في صدره :-
-منك الله على اللي أنت عملته فينا ماكنتش قادر تمسك نفسك ما أنت كان كلها يومين وتتجوز شوف اخرة الدناءة بتاعتك!!..

عصام بضيق :-
-ما خلاص يامه مش كل شويه هتسميميني بالكلام هتخليني اندم إني حكيتلك!!..

رمقته بغضب ثم تمتمت بين نفسها بقلق :-
-ربنا يستر والبت ماتقولش حاجة!!!

………………………

نظر نحوها رافعاً حاجبه :-
-لو على عنيا طول عمرها بتقولك خليكي، لكن هل انتِ كنتِ بتفضلي؟ !..

صمتت ونكست رأسها لأسفل!!..

فرمقها بتهكم ساخر :-
-كنتِ بتمشي وتهربي، دلوقتي عايزة تفضلي معايا لإنك أكتشفتِ اد أيه حياتك صعبة من غيري!!..

رفعت وجهها قائلة بندم :-
-كنت غبية لما كنت بمشي، كنت مجنونة ودلوقتي عقلت، وحياتي مش صعبة من غيرك..

صمتت لوهلة ثم تابعت وهي تهز رأسها بالسلب :-
-أنا معنديش حياة من غيرك أصلاً!!..

رفع كفيه معاً وصفق لها :-
-برااافو حقيقي برافو!!!..

ثم تابع :-
-شاطرة بتحاولي تغيري من نفسك ومن ادائك كمان؟!..

ثم عقد مابين حاجبيه :-
-الأ صحيح أنتِ مابتعيطيش ليه؟! تؤتؤ عيطي شوية مش يمكن تصعبي عليا ومش هي دي وسيلة دفاعك عن نفسك؟!..

وضعت عيناها في عيناه قائلة بضعف :-
-أنت بقيت قاسي كده ليه؟!..

جاسم بنبرة قد تبدو باردة :-
-لا أنا مش قاسي بالعكس انا بحاول اكون هادي وحنين عليكي!!..

ثم أمسكها من ذراعها وضغط عليه بقوة ألمتها قائل بقسوة :-
-لأنك مش أد قسوتي يارقية !!..

وبعدين المفروض تشكريني بديكي أسباب تكرهيني عشانها وتساعدك في البعد عني!!

نظرت له ليرى بريق إصرار يلمع في مقلتيها :-
-بس انا مش هبعد عنك!!.

جاسم بجمود :-
-لا هتبعدي يارقية، عارفة ليه عشان انا عايزك تبعدي!!..

هدرت به بقوه :-
-أنت كداااب!!..

هز رأسه نافياً وتابع بثبات يحسد عليه :-
-لا مش كداب، أنا فعلاً مش عاوزك !!.

ثم تابع بتعجب :-
-وبعدين انتِ بتكدبيني على أساس أيه
هو انتِ متخيله مثلاظ°ً اني اول ماهشوفك هخدك في حضني واقولك اوعي تبعدي عني تانى ياحبيبتي!!..

ضحك بقوة ثم أقترب هامساً بجوار أذنيها :-
-أنتِ بغبائك ضيعتي كل حاجة حلوة كانت مابينا!!..

أدارت وجهها لتقابل وجهه شعرت بأنفاسه تلفح وجهها فأبتسمت له بطريقة كادت تجننه ثم ملست على ذقنه النامية :-
-مابينا كل حاجة حلوة هتكون!!..

خشي من قربها هكذا خشي أن يضعف أمامها أمام سحر عينها فأشاح بصره عنها!!..

شعرت بنشوة الإنتصار فأبتسمت :-
-شوفت بقا إنك كداب لدرجة أنك مش قادر تحط عينك في عنيا لمدة ثواني!!..
جاسم وهو يعقد مابين حاجبيه بتعجب :-
-أنا عايزة أعرف انتِ جايبه الثقة والتحدي دوول منين؟!..

رقية والابتسامة لم تفارقها:-
-مش أنت اللي قولتلي دافعي عن وجودك في حياتي!!..

وفي هذا الحين دلف العسكري للمكتب و صاح :-
-الزيارة أنتهت!!..

نظرت إليه ثم عادت النظر إلى جاسم وهمست له بتحدي :-
-وأنا قررت أدافع حتى لو هدافع ضدك!!..

ثم نهضت حملت حقيبتها ورحلت، راقب رحيلها بملامح جامدة صلبه لم تتغير ولكن لم تصمد هذه الملامح أمام طيف إبتسامة تكون على ثغره!!…

باك….

أنتشلها من ذكرياتها القريبة سائق التاكسي :-
-احنا وصلنا ياأنسه!!..

زفرت بضيق ثم فتحت سحاب حقيبتها وأخرجت بعض المال ثم أعطتهم للسائق وترجلت من السيارة، وقفت لوهلة أمام الشركة لاتدري هل هذا جنون؟! فقد أتت إلى هنا لكي تبحث عن دبلتها التي ألقتها منذ يومين أستعادت شجاعه ودلفت متجها نحو عمال النظافة!!..

…………..

نظر بعضهما لبعض بإستغراب :-.
-دبلة!!..

رقية بتعجب :-
-اه دبلة ايه مالكم ماتعرفوش يعني ايه دبلة؟!..

أحد العمال :-
-لا أكيد نعرف يعني ايه دبله يامدام رقية ، بس أيه يعني اللي هيجبها هنا؟!..

رقية بضيق وهي تتذكر إلقائها لها :-
-وقعت منى لما كنت هنا من يومين فقولت اسئلكم يمكن شوفتوها وانتم بتشتغلوا!!..

هز عامل النظافة رأسه قائل بجدية :-
-لا ماشوفناش حاجة زي دي ولو حصل ولقينا حاجة بنسلمها للأمن وهم يتصرفوا!!..

أومأت برأسها بضيق ثم سارت للخارج تجر أذيال خيبتها!!..

وبينما هي تسير في الممر سمعت صوت من خلفها يناديها إلتفت إلي مصدر الصوت لتجده زوج خالتها “رضا”..

وقف أمامها قائل بإبتسامة :-
-ايه يارقية يابنتي عاملة ايه!!..

رقية :-
-الحمد لله ياعم رضا انت أخبارك ايه؟!..
رضا :-
-بخير الحمد الله!!..

ثم أكتسي وجهه حزناً:-
-وهنبقا بخير أكتر لما نتطمن على جاسم بيه!!..

رقية بتنهيدة :-
-ادعيله ياعم رضا ادعيله!..

رضا :-
-والله يابنتي على طول بدعيله أن ربنا يفك سجنه!!.

رقية :-
-تعيش ياعم رضا!!..

رضا بتسأل:-
– بس انتِ بتعملي أيه هنا؟!..

رقية وهي تذم شفتها بضيق :-
-كنت جاية اجيب حاجة بس خلاص يعوض ربنا عليا بقا!!..

هز رأسه وأردف بجدية :-
-بس والله بنت حلال إنك جيتي، عشان تاخدي أمانتك!!..

رقية متعجبة :-
-أمانتي؟!..

أومأ برأسه مؤكداً علي حديثه ثم وضع يده في جيب بنطاله ليخرج منه دبلة ذهبية ثم وضعه في كف رقية قائل بإبتسامة :-
-ايه ماكنتيش حاسه إن فيه حاجة ضاعت منك؟!..

لم تصدق نفسها فأبتسمت بفرحة وهي تري دبلتها تلمع في باطن كفها!!..

رضا :-
-أنا لقيتها بعد مامشيتِ من كام يومين ولما شوفت أسمك واسم جاسم بيه جواها شلتهالك معايا!!!..

رقية بسعادة :-
-أنا آآآآ مش عارفة أشكرك ازاى ياعم رضا، انت رديت فيا الروح!!..

رضا :-
-مفيش حاجة يابنتي تشكريني على أيه دي حاجتك بس بعد كده ابقي خلي بالك من حاجتك !!..

أومأت برأسها إيجاباً عدة مرات!!..

رضا :-
-أنا هستاذن بقا عشان عندي شغل!!..

رقية :-
-.ماشي ياعم رضا والف شكر للمرة التانية…

ثم سارت بفرح بعدما وضعتها في إصبعها وقد أخذت عهداً على نفسها بعدم خلعها مرة أخري!!!

…..………………
-في شقة معتز!!..

خلع قميصه والقاه دون إكترث وتمدد علي الفراش ناظر للسقف فدلفت بسمة بملامح حزينة ثم جلست بجواره علي الفرأش تعجب من حالتها فأعتدل في نومته وداعب أرنبة أنفها قائل بمداعبة :-
-مين اللي مزعل قمري!!..

مددت يدها بإختبار الحمل البلاستيكي فنظر لتلك النتيجة السالبة فزفر بضيق:-
-لسه برضه مفيش حمل!!..

أومأت برأسها إيجاباً ثم أجهشت في البكاء!!..

معتز بتسأل:-
-أنتِ روحتي كشفتي؟!..

أومأت برأسها وتحدثت من بين دموعها :-
-روحت والدكتورة قالتلي إني كويسه!!..

معتز :-
-طب اومال مابيحصلش حمل ليه لما انتِ كويسه؟! ..

نظرت له بحذر قبل أن تتحدث :-
-ماهي الدكتورة قالتلي إني آآآآآ لازم أنت كمان تكشف!!..

وقبل أن يتحدث أمسكت كفه قائلة بإستعطاف :-
-عشان خاطري يامعتز وافق عشان لو في حاجة نتعالج بدري!!..

معتز بغضب :-
-انسى يابسمة موضوع أني اروح اكشف ده نهائياً انا زي الفل سامعه!!!..

بسمة :-
-ماتاخدش الموضوع بحساسية وتعاند يامعتز انا عايزة اخلف حرام عليك!!..

معتز ببرود :-
-وانا كمان عاوز أخلف ومعنديش أي مشاكل تخليني ماخلفش، مفهوم!!..

نظرت له نظرات لؤم وعتاب فمسحت دموعها وجاءت تنهض امسك يدها والقاها بجواره علي الفرأش وبدأ يُقبلها بنهم!!..

………………………..
-بعد مرور يومان!!..

-في السجن!!..

كان معتز في زيارة جاسم لمحاولة أقناعه بقبول المحامي!!..

جاسم بنبرة جادة جامدة :-
-مش عايز رغي كتير يامعتز انا عارف مصلحتي انا مش عيل صغير!!..

معتز بإنفعال:-
-ماهو انت فعلا مش عارف مصلحتك ومش عارف إن الجلسة الجاية ممكن حبل المشنقة يتلف حولين رقبتك!!..

تنهد بصوت مسموع وأردف بضبق:-
-بقيت اكره زيارتك لأنها بقت مملة!!..

error: