لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل السابع والاربعون ..

أتسعت عيناها من هول الصدمة وقد عجزت عن الرد تماما طال صامته مع نظراتها المصدومة. ولم تجعل صمتها يدوم أكثر من ذالك حتي لايدينها :-
-أنت بتشك فيااا ياجاسم ؟!..
بقا دي أخرتها تشك فيااا انا ؟!..

جاسم بحده بالغه :-
-ماهو أنا عايز أعرف أيه الدافع اللي يخليه يتراجع ويقرر فجأة كده إلا لو آآآآآآ..

صرخت في وجهه لتمنعه من متابعة حديثه :-
-اسكت ماتكملش !!

ثم تابعت بحرقة وألم :-
انـا فضلـت محافظة على نفسي ، و مخلصة ليك رغم بعدك عني و رغم اني فاكرة انك طلقتني .. عشان تيجي في الاخر تشك فيا وتتهمني أتهام زي ده !!..

وتطلعلت له بعينين دامعتين وأردف بجمود :-
-عاوز تعرف أيه الدافع اللي خلاهه يوافق يرجع ؟! ..
وافق يرجع لما شافني بموت قدامه لما شافني عايشه كأني ميته بالظبط مع اختلاف إني كنت بتنفس لما كنت ماشيه لوحدي الدنيا بتخبط فيا يمين وشمال وافق يعالجني عشان صعبت عليه !!..

اوعي تتهمني مره تانية ولاتلومني لإنك إنت المتهم أنت اللي خلتني أروح هناك وانا فاكره إني خلاص اللي بينا أنتهي وكل واحد راح لحاله .انا كنت بطحن نفسي شغل عشان أتاقلم علي الحياة من بعدك لكن صورتك مكنتش بتفارقني لحظة !!..

فأكملت وهي تشير بسبابتها نحوه :-
-عاتب نفسك الأول قبل ماتشك فيا عاتب نفسك لإنك انت اللي رمتني ومسألتش فيا سبتني بغرك وغيرك هو اللي أنقذني !!..

وعلي فكره انا كنت مسافرة فعلا معاه ورجعت من المطار عشانك وعشان مهونتش عليا مافكرتش في نفسي اد مافكرت فيك لقيت نفسي فجأة بجري عشان الحقك بجري وانا مش شايفه لا عملية ولا وشي ولا امل الجديد التي اتولدلي ماكنتش شايفه غيرك كنت بتسابق مع الزمن عشان أوصلك عشان في الاخر تشك فياا !!..

كلماتها كانت مثل الخنجر المسموم الذي يطعن في صدره هو معترف بذبنه ولام نفسه علي تركها هذه المدة لاينكر انه قرر تركها بينه وبين نفسه ولكن لم يستطع تنفيذ ذالك وتركها تتعذب بمفردها !!..

رقية بلهجة جامدة ذات معني وهي تتفحص ملامحه الجامدة :-
-عارف ياجاسم الحكاية مش انك بتشك فيا لا ده انت مضايق من جواك عشان نضال هو اللي ساعدني وهو اللي وقف جمبي من بعدك وخايف أحسن ياخد منك دور البطولة الدور اللي أنت عايش فيه دايما !!

واردفت بلهجة ساخره لتستكمل حديثها :-
-بس متخافش انا خلاص مش عاوزة أسافر ولا عاوزة اتعالج واهو هحفظلك دور البطولة عشان مايضيعش منك !!..

أنهت جملتها لتتفأجي بصفعة مدوية هبطت علي وجهها بشدة أخرستها علي الفور وشلت حركتها !!..

…………………….
أقترب موعد ولادتها فقد مرت الايام كمرور الثواني وتلك السرعة تجعل الإطمئنان يتسرب إلي دخلها فقد عاشت أسوأ واقسي أيام وهي ترتدي رداء المتهمة فأصبحت تحلم باليوم الذي ستنال فيه برأتها وهاهو يقترب !!..

وفي ذات يوم هبطت لإسفل حيث الاجتماع الإسري والذي تم عقده بناء علي رغبتها !!..

أقتربت منهم بخطوات واثقة والجميع ينظر لها بدهشة وتسأل وبادر العم بالحديث :-
-خير ياشهد ايه الحاجه اللي لازم تتقال وكلنا موجودين دي ؟!..

جلست هي علي أقرب مقعد فارغ بعدما وزعت انظارها بين عصام وزوجته ثم تحدثت بجدية :-
-خير ياعمي .انا طلبت ان الكل يبقا موجود عشان لازم الكل يسمعني !!..

لوت “حنان “زوجة عصام فمها بتهكم ولكنها إستمعت لها علي مضص !!..

تنهدت بصوت مسموع بدأت حديثها وهي واضعه يدها علي أحشائها المنتفخه :-
-طبعا انتو عارفين اني خلاص بقيت في شهري الأخير !!..

والدتها بخفوت وهي تنظر لعصام :-
-ربنا ينتعك بالسلامه يابنتي ويقومك بالسلامه انتي واللي في بطنك !!..

العم متسأل بجدية :-
-عايزة تقولي أيه ياشهد ؟!..

نظرت لعصام وثبتت نظراتها الجامده عليه وأردفت :-
-انا عايزة من عصام تنازل عن ابنه اللي في بطني ؟!..

وكان اول الساخرين حنان والتي هتفت :-
-مش لما يبقي أبنه الاول ولا انتي نسيت انه مابيخلفش ؟!..

شهد بإبتسامه هادئة :-
-لا منستش وفاكره انكم قولتوا كده وزوتوا التحاليل واوعي تنسي برضه إني انا اللي منعت عمي انه يعيد التحاليل من تاني عشان ببساطة مش واثق في كلامكم وبعدين مفيش داعي لحته ورقة تبقي هي الاثبات !!.

ثم أحاطت أحشائها بكفييها وتابعت :-
-مادام الإثبات الطبيعي في بطني ؟!..

أشتعلت حنان منها فالأن رأت امامها أمرأة ناضجة وليست صغيرة كما يدعي عمرها فشهد قد حررت نفسها من لقب “صغيرة ” وكيف لها ان تبقي صغيرة وهي سوف تصبح أم لصغير فلا يعقل أن صغيرة تلد صغير مثلما حكم القدر عليها !!..

العم بتنهيدة :-
-مش شايفه إنه لسه بدري علي الكلام ده ياشهد ؟!..

هزت شهد رأسها بحركه بسيطة :-
-لامش بدري ياعمي خلاص كلها أيام وابني هيشرف عشان يظهر الحقيقة قدام الكل !!..

فتابعت برجاء :-
-ارجوك ياعمي نفذلي طلبي انا مش طلبه منك غير انك توعدني انه يتنازل عنه !!..

واعادت النظر مرة اخري لعصام ولكن هذه المرة بإشميئزاز :-
_لانه مايستهلوش !!..

والد عصام وهو يوزع نظره بين إبنه وبين أبنة أخيه :-
-حاضر يابنتي لو طلع الولد فعلا إبنه هنفذلك كل اللي انتي عايزاه لان ساعتها هيبقي حقك !!..

شهد بثقة :-
-هيطلع إبنه ياعمي وانا واثقة فكده كويس !!..

أصفر وجه عصام بشدة ولم يستطع ان يتفوه بحرف فأصبح يداعبه الإرتباك والخوف كلما يري احشائها تكبر يوما بعد يوما فأقتربت ولادتها ولم يستطع التصرف في شئ وها هي جالسه أمامهم تخبرهم بشروطها وهو عاجز لايمتلك شجاعة المواجهه والرد !!..

………………………
-في المشفي الحكومي ..

وقف محمود أمام جارتهم التي اجرت الاتصال عليه لتخبره بأن والدته في المشفي فأردف بهلع وهو يلهث من الركض :-
-امي حصلها أيه ياست تحيه ؟!..

الست تحيه وهي تربت علي كتفه :-
-متقلقش كده يامحمود أمك بقت بخير !!.

محمود بتسأل :-
-هي حصلها أيه ؟!..

الست تحية وهي تقر عليه ما حدث :-
-وقعت من طولها واحنا في السوق بنشتري الخضار فجبتها علي طول هنا وقالولنا انها غيبوبة سكر والحمد الله فاقت !!..

ثم أبتسمت وهي تشير له نحو العنبر :-
-وهي موجودة هناك عشان تتطمن أنها بقت بخير ..

وتابعت بأسف :-
-اعذرني بقا انا لازم امشي اصلي سايبه العيال لوحدهم في البيت !!.

محمود بإبتسامه مجامله :-
-تشكري ياست تحيه اتفضلي انتي عشان متتعطليش !!..

ربتت علي كتفه ورحلت ليسرع في خطواته ليذهب إلي والدته ..

دلف العنبر وهو يبحث عنها بعينيه حتي وجدها في أخر فرأش اسرع لها يقبل وجهها :-
-أمي حبيبتي انتي كويسه ؟!..

والدته بنبره مرهقه :-
-متقلقش ياحبيبي انا بقيت كويسه !!..

واثناء جلستهم اقتربت منهم الممرضة وهتفت بإبتسامه :-
-اخبارك ايه دلوقتي ياماما ؟!..

التفت “محمود “لمصدر الصوت ليجدها دعاء تلك الممرضه التي تقابل معها في السابق فهتف :-
-أنسه دعاء ؟!..

لم تختلف حالتها عنه فلم تتخيل ان تتراه مره أخري فتابع حديثه :-
-انتي بتعملي أيه هنا ؟! ..

دعاء بإبتسامه هادئة :-
-اصل انا اتنقلت هنا مبقاليش شهر ، وانت ؟!.

تنهد محمود ونظر لولدته :-
-اصلي أمي تعبت شويه وجبوها هنا !!..

دعاء بدهشة أردفت :-
-هي دي مامتك ؟! معقول الدنيا صغيرة كده !!

اكتفي محمود بالإبتسامه فتحدثت والدته وهي تنظر لدعاء بتفحص :
-مش تعرفني يامحمود ؟!..

محمود بنبرة رجولية :-
-هي دي الممرضة بنت الحلال اللي كلمتك عنها ياماما !!..

والدته بفرح وهي تفتح ذراعيها :-
-والنبي ؟! طب تعالي في حضني ياحلوة أنتي ده انا نفسي أشوفك من زمان !! ..

استجابت لها دعاء والقت نفسها في أحضانها وبعد قليلا ابتعدت عنها لتتحدث بشكر :-
– يابنتي علي وقفتك مع ابني ربنا يكرمك ويوفقك !!..

دعاء بخجل :-
-انا معملتش غير الواجب خصوصا انه أبن حلال ويستاهل !!..

والدته بتنهيدة حزينه :-
-وياريته كان سمع كلامك يابنتي مكنش اتسجن لا اض آآ..

محمود بلهجة محذرة قاطعها :-
-مااااااااما !!..

صمتت والدته ولم تتابع حديثها فتنحنت دعاء وبدأت في فحصها ..

محمود بقلق بعدما رأها إنتهت من قياس السكر :-
-طمنيني عليها بقا كويسه خلاص ؟!..

دعاء بإبتسامه جذابه :-
-الحمد الله بقت كويسه .

ثم نظرت لولدته قائلة بعتاب :-
-بس شكلك ياماما مش بتاخدي الحقنه في ميعادها عشان كده دخلتي في غيبوبه !!..

وكانها وجدت الفرصة امامها فتحدثت بمهاراة أحترافيه :-
-اصلي يابنتي انا بدوخ لحد مالاقي حد يعرف يديني الحقنه فعشان كده ميعاد الحقنه بيعدي !!..

دعاء بضيق :-
-بس كده خطر ياماما وممكن تدخلي في غيبوبه تاني !!..

والدة محمود بإعياء :-
-طب هعمل إيه يابنتي ؟!..

ثم تابعت بخبث :-
-ايه رأيك لو تيجي انتي البيت تديني الحقنه ؟!..

اصطدمت دعاء كما اصدم هو ايضا واتسعت عيناه بطلبها فتحدثت بإرتباك :-
-ماهو آآآ اصل انا آآآ

والدته سريعا :-
-البيت قريب من هنا يعني مفيش 5 دقايق تيجي تديني فيهم الحقنه وترجعي شغلك تاني !!..

ثم تابعت بإستعطاف :-
-بدل مانا بلف علي اللي يدهالي وانا زي امك ..ها قولتي أيه ؟!..

فكرت بعض من الوقت ثم نظرت لمحمود بإستحياء وبعدها تنهدت بإستسلام :-
-تحت أمرك ياماما !!..

أبتسمت لها بفرح ثم نظرت لمحمود الذي يأكل نفسه من الغيظ بسبب أفعال والدته فقالت له بلهجة منتصرة :-
-أديها عنوان البيت يامحمود !! ..

جز محمود علي أسنانه بغضب فهي تصر علي تورطه في لعبتها فهو المقصود من تلك الزيارة وليست هي كما أدعت متسخدمة “الإبرة ” كحجه لها ..

…………………………..
-في البناية ..

جاءت رقية لزيارة شقيقتها التي لم تبوح لأحد سر طلاقها حتي الأن فكانت منعزلة في غرفة رقية السابقة واضعه يدها علي خدها وتتساقط دموعها بصمت فجلست رقية بجوارها علي الفرأش وتنهدت :-
-هاتفضلي عامله في نفسك كده كتير ؟!..

رباب بنبره باهته :-
-انا كويسه !! ..

رقية بإستنكار :-
-كويسه !! هو أنتي مش شايفه نفسك ولا أيه ؟! لا يارباب أنتي مش كويسه حابسه نفسك لابتأكلي ولابتشربي وكل ماحد يقولك اتطلقتي ليه تقولي أتخانقنا ..مخبيه ايه وايه سر طلاقك ؟!..

رباب وهي تمسح دموعها بيدها :-
-قولتلك خناقة زي كل مره مد يده عليا فأخدت العيال ومشيت !!..

رقية بلهجة ساخره :-
-ياسلام ولما هي خناقة زي كل مرة اتطلقتي ليه المره دي؟! وبعدين ايه الجديد ماهو طول عمره بيضربك العلقة والتانية ؟! ..

نظرت رباب لها بألم وصاحت :-
-ماهو عشان طول عمره بيضربني العلقة والتانية مشيت مفضلتش معاه مايستاهلش اني أفضل معاه بعد ده كله هو اللي بدأ وقسي قلبي عليه هو اللي بدأ !!..

رقية وهي تحاول تهدئتها :-
-طب أهدي بس أهدي ياحبيتي !!..

ثم أحتضنتها وهي تملس علي شعرها :-
-ماتتكلميش خلاص ماتتكلميش ومحدش هيجبرك تتكلمي براحتك !!..

ظلت تبكي في حضن شقيقتها حتي دلف إبنها يهتف بضيق :-
-ياماما هو احنا مش هنروح لبابا أنا مش عاوز أفضل هنا !!..

أبتعدت رباب عن شقيقتها ونظرت بعينيها الحمراوتين نحوه وصاحت بغضب افزع الصغير :-
-ماتقولش بابا دي تاني أنت سامع ابوك خلاص مات مات !!

هز الصغير رأسه ببكاء يرفض هذا الحديث عن أبيه فهتف بإندفاع طفولي :-
-لا أنتي كدابه !!..

لم تشعر رباب بنفسها إلا ويدها تهوي علي وجه الصغير بصفه اطرحته أرضا وهو يصرخ !!..

فأسرعت رقية تحمله من الإرض هاتفه بغضب :-
-حرام عليكي يارباب ده عيل ذنبه أيه ؟! ..

ثم أخذت الصغير وخرجت به من الغرفه لتنهار رباب مجددا !!..

………………….

“مش راضية تتكلم يابابا وحالتها وحشه أووي “..

أردفت بها رقية وهي تجلس بجوار والدها علي الاريكة القديمة .

راضي وهو يتنهد :-
-وهو كمان مش راضي يتكلم لما روحتله قالي خناقه عادية وهي صممت علي الطلاق !!..

رقية وهي تضيق عيناها :-
-وهو طلقها بجد ؟! يعني بعتلها ورقة طلاقها ..

ادرك راضي مغزي كلامها فأردف بندم :-
-سامحيني انا عارف انك شايله مني عشان خبيت عليكي انك لسه علي ذمه جوزك !!..

ثم تابع :-
-بس والله عشانك يارقية مش عايز اموت وانا قلقان عليكي يابنتي عايزة أسيبك في ايد أمينه !!..

أنحنت وقبلت كفه بعاطفه :-
-ماتقولش كده يابابا بعد الشر حسك في الدنيا !!..
……………….
-في فيلا النجدي ..

هبطت الدرج وهي لم تصدق أذنيها عندما أخبرتها الخادمة بوجود “جاسم الراوي ” فما الذي جاء به إلي هنا ؟!..

وصلت لنهاية الدرج ليقع بصرها عليه بعدما وصلت لإنفها رائحة عطره فكان موليها ظهره يضع يده في جيبه رمقته بإشتياق وأغمضت عيناها بإستمتاع فرغم الذي حدث أشتاقت له وتلعن الظروف التي أبعدتها عنه فاقت من أحلامها سريعا وأداركت حالها فنظرت له نظرة جامدة نجحت في إصطناعها بعدما عقدت ساعديها امام صدرها :-
-أيه اللي جابك يا أبن الراوي !!..

..يتبع

error: