لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل التاسع والأربعون ..عروسة ماريونيت

-في المشفي ..

جاء عمها لزيارتها ولكي يسرد عليها ما أصاب ولده “عصام ” فقد أصيب بعجز سيجعله غير قادر علي الإنجاب مدي الحياة !!..

كما تخلت عنه زوجته بعدما ظهرت نتيجة الفحوصات والتي أثبتت أبوته للطفل فلم تنتظر ثانية وقامت برفع قضية خلع ضده !!..

كانت “شهد “تنصت له وهي مغيبة تحاول تصديق الذي يقع علي مسامعها الإن ؟! فهل القدر رحيم بها كهذا ؟! هل يكافئها هكذا ؟! ..

لم تتأثر بالذي سمعته ولم تسمح لقلبها أن يشفق عليه ولو قليلا فهو لم يشفق عليها عندما سلبها أعز ماتملك بكل وحشية ..

فتنهدت وهتفت بنبرة جامدة وهي تملس علي وجه مولودها :-
-متننساش اتفاقنا ياعمي ..عاوزه تنازل منه عن أبني ..

ظهر الإرتباك علي وجه عمها الحزين :-
-بس يابنتي آآآآ..

قاطعته بتوجس :-
-بس أيه ياعمي مش أنت وعدتني بكده .رجعت في كلامك ولا أيه ؟!..

تنهد بحزن وهتف بنبرة متوسله :-
-لا يابنتي بس يعني هو دلوقتي محتاج لإبنه ده خصوصا انه هيعيش طول عمره محروم من الخلفه !!..

ثم تابع سريعا :-
-فا انا بقول يعني لو نفتح صغحة جديدة وتعيشوا مع بعض وتربوا إبنكم واهي مراته سابته ..

طالعته بدهشه وهتفت بسخريه :-
-ببساطه كده ياعمي عاوزني اعيش معاه وانسي اللي عمله فيا ؟!..

هو بإبتسامة خفيفة راجية :-
-اهو ربنا إنتقملك منه وخد جزاته سامحيه انسي اللي فات وعيشي اللي جاي عشان خاطر إبنك !!..

إبتسمت بتهكم :-
-عشان خاطر إبني ولا عشان خاطر إبنك ياعمي ؟!..

ثم تابعت بجدية تامة :-
-انا مقدرة إنك أب وإن ماهما حصل مش هتقدر تقسي ولاتيجي علي إبنك اللي من صلبك عشان خاطري أنااا بس سامحني ماينفعش انسي لان اللي عمله إبنك فيا صعب يتنسي ..

تعمدت الضغط علي حروفها الأخيرة لكي تجعله يشعر بالمها الذي يستيهن به الأن !!..

عمها وهو يهز رأسه بيأس :-
-يعني مفيش فايده ؟!…

أطلقت تنهيدة حارة وأردفت بلهجة جامدة :-
-ده اللي عندي ياعمي وياريت تنفذ وعدك ليا !!..

تحدث بألم مكبوت :-
-حاضر يابنتي !!..

ثم أعتكز علي عصاة يده ونهض وقبل أن يخرج سمعها تهتف بإصرار واضح في نبرتها الجامدة :-
-ومتنساش ياعمي ورقة طلاقي كمان !! ..

……………………
-في المشفي الخارجية !!..

ولج جاسم لمكتب نضال فلم يجد أحد بداخله فالقي نظرة متفحصة علي الغرفة وإلتفت ليغادر فتفأجئ بالذي يبحث عنه أمامه تبادل الاثنين النظرات المختلفه وكان اول المتحدثين نضال :-
-أنا برضه كنت بدور عليك !!..

-أتفضل !!..

قالها نضال وهو يشير بعينه للداخل ..دلف جاسم وتبعه نضال الذي أغلق الباب خلفهم ..

وقف جاسم ووضع يديه في جيب بنطاله وهتف بجمود :-
-يعني أنت عارف إني عاوزك ؟!

أومأ برأسه إيجابا وتنهد بإبتسامة :-
-اكيد عاوز تعرفني بالدكتور اللي هيجي لعملية رقية !!..

ثم سار عدة خطوات نحو البراد الصغير المتواجد بجوار المكتب وأردف بجدية وإهتمام :-
-دكتور مارك يعتير من أكبر أساتذة جراحة التجميل في العالم .وإنجازاته تتكلم عنه !!…

قبض كفه علي زجاجة العصير ليبدأ بسكبها في كوبايتين متناسقتين وتابع بإعجاب وهو يحملهما متجه إلي جاسم :-
-ده غير كتبه وعملياته اللي بتدرس للطلبه في الجامعه !!..

مد كفه بكوب العصير له وختم حديثه بإيشادة جادة :-
-يعني أحسنت الأختيار ياجاسم بيه !!..

وزع نظره بينه وبين الكوب فلم يعير كفه الممدود أي أهتمام بل رفع حاجبه لاعلي ساخرا :-
-وانت كنت بتدور عليا بقا عشان تقولي الكلمتين دووول ؟!..

هز رأسه بالسلب ثم وضع الكوبايتين علي المكتب ليتنهد بثقل :-
-كنت عاوز أعرف أيه سبب رفضك لياااا ؟!..

أنتبهت جميع حواسه فهنا سر اللغز فهتف بجمود تام :-
-انا اللي عايزة أعرف أيه سر تمسكك بالعملية دي ؟!..

نضال وهو يقف أمامه مباشرة :-
-لاني رهنت مع نفسي علي نجاح العملية دي ..

التوي ثغره بإبتسامة متهكمة وتابع بنبرة ذات مغزي وهو يضيق عيناه :-
-ممكن اعرف إنت بقالك أد أيه بعيد عن المهنة دي ؟!..

أغمض عيناه وفتحمها مجددا ليخبره :-
-سبع سنين !! ..

تحولت ملامحه إلي الجمود والسخرية التامه حيث هتف :-
-وانت بقا عايزني بعد السبع سنين دوول أقدملك مراتي علي طبق من فضة تعمل اللي أنت عايزه في وشها !!

فأظلمت عيناه ليخبره بصرامه وهو يدنو منه :-
-أنا مش هسمح إن مراتي تبقا مجرد فأر تجارب ..سامعني

-أنا لو ماكنتش متأكد إني هقدر ماكنتش أتراجعت عن قرارر أخدته من سنين .انا بس عاوزك تديني الفرصة وانا هثبتلك إني أدها !!..

-للأسف يادكتور مش من السهل عليا إني أديك الأمان وخصوصا بعد ماعرفتني الإمكانيات العالية اللي بيمتلكها دكتور مارك ..

-واللي لو هنقارنك بيه هتبقي يدوبك صفر علي الشمال جمبه !!..

قالها جاسم وهو يتعمد الضغط علي كل حرف لكي يقلل من شأنه ويشعر بأنه لاشئ !! ..

أنتهي جاسم من حديثه وكاد أن يغادر فأمسك به نضال قائل بنبرة رجاء :-
-أرجوك ماتعجزنيش لتاني مرة في حياتي .أنا سبق وأتاخرت وعجزتي إني أنقذ بنتي عجزت مع إني أقدر !!..

تعجب جاسم من حالة الضعف التي غزت نبرته في الثوان الأخيره فكيف لراجل مثله يبدو ضعيفا هكذا !!..

وضع جاسم يده في خصلات شعره وزفر بضيق ليهتف بعدها بجمود :-
-ولو نفترض إني وافقت إيه اللي يضمنلي إنها ماتتأذيش أكتر !!..

نضال سريعا وقد شعر ببعض من الأمل :-
-مستعد أقدملك الضمان اللي أنت عاوزه صدقني مش هتندم إنك أدتني الثقة !!..

تعجب مرة أخري بنبرة الثقة الذي يتحدث بها الإن فتحدث بنبرة ساخره وهو يحك ذقنه :-
-السبع سنين اللي أنت أقعدتهم في البيت دوول مايدولكش الحق إنك تتكلم بالثقة دي ولا أيه ؟!

إبتسم نضال وتابع بنفس النبره الواثقة :-
-جايز يكون عندك حق لكن أنا طمعان إنك تديني الثقة عشان أثبتلك العكس !!..

صمت لثواني ثم اقترب وهمس لنضال بإبتسامة باردة :-
-ماهو ماينفعش أغامر بمراتي في سبيل إنك تثبتلي حاجه أنت لوحدك مقتنع بيها !!..

ثم أبتعد عنه بعدما أختتم جملته ثم أعطاه ظهره ورحل قد يكون جعله ييأس قليلا ولكن لم يمت الإمل بداخله مازال يأمل بموافقته !!..

…………………..
.
-في منزل محمود ..

سحبت “دعاء “الابرة من ذراع والدة محمود وهتفت بإبتسامة :-
-بالشفا ياماما !!..

ضمت ذراعها نحوها قائلة بحنق:-
-ياااه ده انتي إيدك خفيفه مش زي البت اللي كانت بتيجي الأول كنت بحس انها بتغرز منشار في إيديا !!…

ضحكت دعاء وجلست بجوارها علي الفرأش فهتفت والدة محمود بإبتسامة :-
-معلش يابنتي تعباكي معايااا !!..

دعاء بعتاب :-
-تعب أيه بس ياماما ده تعبك رأحه !!..

ربتت علي فخذيها وهي تردد :-
-ربنا يخليكي يابنتي ويكرمك بإبن الحلال !!..

إبتسمت بصمت دون أن تتفوه بكلمة ثم نهضت وهي تلتقط حقيبتها :-
-طب أنا هستأذن بقا لو عوزتي اي حاجه ابقي كلميني !!..

حاولت الإعتدال قائلة بجدية :-
-وده يصح يابنتي تمشي من غير ماحتي تتغدي .استني ده حتي محمود زمانه جاااي !!..

مين جايب في سيرتي !!..

هتف بها محمود الذي دخل اللتو …

والدته بإبتسامه وهي تنهض :-
-إبن حلال انك جيت تعالي شوف دعاء اللي عايزة تمشي من غير ماتاكل معانا !!..

محمود لدعاء :-
-مش معقول يعني اول مرة تدخلي بيتنا مانعملش معاكي الواجب !!..

إبتسمت دعاء بحياء وهتفت بخفوت :-
-معلش والله بس ميعادي في المستشفي قرب ولازم أمشي !!..

أمأ برأسه إيجابا وكادت أن تتحرك من أمامه لكن أوقفها وهو يضع يده في جيبه ليخرج بضعة ورقات مالية :-
-اتفضلي !!..

نظرت ليده الممدوه بالمال بعدم فهم فتتنهد ليخبرها بهدوء:-
-دوول حقك ماهو مش معقول هتيجي كل يوم ونعطلك عن شغلك ببلاش كده !!..

شعرت بالحرج الشديد وتلالات العبرات في مقلتييها وهي تنظر له :-
-انا بعمل كده عشان خاطر والدتك ،يعني مش مستنية منك فلوس ..

ثم تابعت بإختناق وهي ترحل :-
-عن إذنكم !!..

إنصرفت من أمامه بسرعة البرق لتدنو منه والدته تلكزه في صدره :-
-أنت هتفضل طول عمرك كده .إجري وراها يابني وطيب خاطرها !!..

لم ينتظر ثانية وإنطلق خلفها فكانت في مدخل البناية تسير وهي تبكي وعندما أستمعت ندائه أسرعت في خطواتها ولكن كان هو الإسرع في الإمساك بها وقف أمامها وتنهد :-
-أنا ماكنتش أقصد أزعلك ،حقك عليا !!.

دعاء وهي تشيح بوجهها قائلة بإقتضاب وهي تبكي :-
-بعد إذنك إبعد عايزة أمشي ورايا شغل !!..

محمود بجدية وهو يشير بيده :-
-طب يلااا انا هوصلك !!..

كفكفت دموعها وهتفت :-
-ملهوش لزوم انا عارفة طريقي كويس أوووي !!..

هو بإصرار في نبرته :-
-وانا مش هسيبك تمشي لوحدك وكمان زعلانه ومعيطه !!..

هي بجمود :-
-أنا ولا زعلانه ولا معيطه !!..

إبتسم وهو يدنو منها فمسح تلك الدمعه العالقة بسبابته هاتف بمرح :-
-أومال أيه ده الدنيا بتمطر مثلا ؟! ..

أرتبكت من قربه هكذا ورغما عنها إبتسمت من بين دموعها فأردف هو مجددا :-
-يالا أوصلك عشان متتأخريش علي شغلك !!..

وفي الاخير ذهبت معه ولم تتردد مرة أخري !!..

………………..
لم يتركها بمفردها واستقل معها الحافلة التي كانت مليئة بالبشر .لفت إنتباهه الكثير من الرجال الذين يلتصقون بالنساء عن عمد .وبتلقائية جذب “دعاء ” لتقف أمامه وحاصرها بجسدها حتي لايقترب أحد منها فجعل من جسده جدار عازل لحمايتها !!..

أبتسمت بعاطفة وأصبحت دقات قلبها كالطبول فتطلعت إليه تتفرس في ملامحه الرجولية الذي لايشوبها سوا تلك الحروق ورغم ذالك لم تختفي إبتسامتها ولم يمت ذالك الشعور الذي نبت بداخلها !!..

وفي نفس الحافلة كانت تراقبهما “مني ” بعينين مشتعلتين من الغضب والحقد …فالذي رفضت حبه سابقا أمام عينيها الإن يحاوط بجسده تلك الفتاة التي تجهل هويتها !!..

ظلت تنظر لهما بحقد ،حتي شعرت بيد أحدهم تتسلل لجسدها إلتفتت سريعا لتجده رجل يبتسم لها بشهوة فرمقته بغضب وآشمئزاز ثم أبتعدت عنه قدر الإمكان لتنحصر بين أجساد البشر وهي تلعن زوجها الذي تركها بمفردها ورفض أن يأتي معها لزيارة أهلها !!.

…………………
جالسة في غرفتها الملحقة بالمشفي تضم ركبتيها لجسدها وهي تشتعل من الغيظ فمنذ جاءت إلي هنا وهي حبيسة تلك الغرفة ولاتري سوي أوجه الممرضين الذين يدلفون بالطعام ثم يأتون مره أخري لأخذ الفارغ !!..

حتي زوجها لم تراه إلا دقائق معدودة فمنذ ذهب وتركها لم يأتي إلا قليلا !!..

أستمعت لطرقات خافته علي الباب فسمحت للطارق بالدخول !!..

لم تلتتفت فقد ظنت إنها الممرضة جلبت لها الطعام ولكن خاب ظنها عندما أستمعت لتلك النبرة الرجولية :-
-صباح الخير !!…

رمشت بعينيها عدة مرات وهي تحاول التأكد من هوية تلك النبرة والتي سمعتها من قبل !!..

إلتفتت ببطء نحو مصدر الصوت وهي تتمني أن يخيب ظنها ولكن ظنها جاء في محله فصاحب النبرة لم يكن سوي …نضااااال ؟!…

إبتلعت ريقها بتوتر ثم عضت علي شفتيها بخجل فكيف تواجهه الإن وهي قد كسرت بعهدها معه وسوف يأتي طبيب أخر لعلاجها !!…

وكعادته لم يجعل الصمت يدوم أكثر من ذالك فأقترب من فرأشها ولحقته الممرضة التي جاءت معه :-
-لا أنا عايزك فايقه كده ..النهاردة ورانا شعل كتير !!..

هزت رأسها مستفهمة فتابع بلهجة مرحه وهو يقترب لفحص وجهها :-
– متقلقيش مش هنتعبك اووي دي مجرد فحوصات روتنية بنحتاجها قبل أي عملية !!..

لم تعرف بما تجاوبه فقد ظنت انه يجهل الأمر فكيف تخبره الان وكيف سيتلقي الخبر !!…
شعرت بالحزن عليه والخجل من نفسها !!…

أرداد أن يقطع عليها حبل أفكارها فتنهد ليخبرها :-
-رقية أنا هكون الدكتور بتاع العملية بتاعتك …
وطبعا ده بعلم من جوزك !!

أتسعت عيناها بصدمة وهي تهز رأسها بإستنكار فكيف ذلك ؟!..

تركها في صدمتها وتابع عمله فإلتقط بعض الصور التي تخص وجهها بواسطة الكاميرا العملية التي بحوذته وبعدما أنتهي كاد ان يخرج ولكن أوقفته وهي تنهض من الفرأش وقغت أمامه تهز رأسها ببطء مستفهمة :-
-أيه اللي حصل بينك وبين جاسم ؟!…

نضال بهدوء :-
-ممكن ماتشغليش بالك بالموضوع ده خصوصا الفترة دي .انا عايز بالك رايق ومش عايزك تتوتري عايزك دايما متزنة نفسيا !!..

قم تابع بلهجة عملية :-
-الراحة النفسية للمريض تعتبر عامل من عوامل النجاح !!..

رقية بإنفعال وهي تلوح بيدها :-
-أنا مليش دعوة بالكلام انا عايزة اعرف أيه اللي حصل عشان يوافق ؟!…

نضال بتحذير :-
-تؤتؤ أحنا قولنا ايه عايزك متزنه نفسيا يعني ملهوش لزوم الإنفعال ده !!

ثم أشار نحو الممرضة :-
-لو احتاجتي اي حاجه أطلبيها من سمر هي مصرية وهي المسئولة عنك !!..

ألقي عليها نظرة أخيرة ورحل وورحلت معه الممرضة لتجلس هي ببطء علي الإريكة وتتسائل بداخلها :-
-طب أزاي ؟!…

…………………….
سار في الرواق بغضب شديد وهو يحاول التحكم في إنفعالاته فوصل لمكتب نضال وفتحه ودلف دون إستئذان .ولم يهتم بإغلاقه فإندفع كالزوبعه نحو نضال !!

فنهض نضال وهو عاقد حاجبيه :-
-في أيه ؟!..

جاسم والشر يتطاير من عيناه :-
-هو انا مش سبق وقولتلك إنك تتعامل مع رقية زيها زي أي حالة عندك ؟!..

أومأ برأسه قائل :-
-وهو ده اللي حصل مابدخلش أوضتها غيربسبب .بقيت أتابع كذا حالة وأعالجهم عشان وقتي كله مايبقاش لرقية العلاقة بيني وبين رقية اني هي المريضة وانا الدكتور بتاعها !!..

تحولت نظرات جاسم للحده وهو يهتف :-
-ولما هو كده إتنازلت ليه عن أجرك في العملية ؟!..

نضال بتنهيدة :-
-لاني سبق وقولتلك اني مش مستني أجر مادي !!..

برزت عروق وجهه بشدة أثر إنفعاله وصاح :-
-اومال حضرتك ناوي تعملها العملية شفقة منك ولا لله وللوطن !!!..

فاقترب منه وهو يجز علي أسنانه بغضب :-
-إنت هنا مجرد دكتور واجبه أنه يعالجها وياخد مقابل لده !!..

انهي جملته ووضع يده في جيب سترته الداخلي وأخرج دفتر شياكته وقام بإلقائه علي الممكتب ثم أردف بصرامة :-
-حط الرقم اللي أنت عاوزه !!

ثم رفع حاجبه ليخبره :-
-وياريت وأنت بتحط الرقم متنساش إنها تبقي مرات جاسم الراوي !!!!!…

ذكر أسمه تعتبر إشارة وتحذير خفي له حتي لايتهاون في أجره !! فهو يمتلك الكثير من الملايين وعلي أتم الأستعداد بالتضحية بهم في سبيل إسعادها !!…

……………………………..
-في يوم أخر ..

فتح جاسم باب الغرفة ليلج إلي الداخل فأتجه نحوها ليجده جالسة علي الإريكة الجلدية بشرود حتي أنها لم تنتبه لدخوله !!..

أقترب منها ليجد صنية الطعام كماهي علي الطاولة أمامها فإنحني وأمسك بقطعة من التوست وهتف :-
-ده أحنا بندلع بقا !!..

فاقت من شرودها أخيرا والتفتت له بوجوم فتابع هو حديثه :-
-مأكلتيش ليه ؟!..

تنهدت بصوت مسموع وأشاحت بوجهها للناحية الأخري :-
-مستنية أخد الإذن منك !!..

قطب مابين حاجبيه :-
-نعم ؟!..

نهضت هي وعقدت ساعديها أمام صدرها قائلة بجدية :-
-ايه مالك ؟! مستغرب ليه ؟! ايوة مستنية أخد الإذن منك مش جايز تكون معترض إني أكل ولاحاجة وبعدين ماهي كل حاجه بتحصلي لازم تكون بإذنك ولا أيه ؟!…

صاح بها وهو يحاول الحفاظ علي هدوئه :-
-اعدلي كلامك معايا يارقية ،ومن غير الغاز قولي فيه أيه ؟!..

أومأت إيجابا ثم تتطلعت له :-
-حاضر ..

فأستطردت مجددا بتسائل جامد :-
-ممكن أعرف ايه اللي خلاك تتراجع فجأة كده وتقرر مرة واحدة إنك تفاجئني بإن نضال هو الدكتور ؟!.

تنهد بصوت مسموع وأجابها :-
-غريبة أفتكرتك هتفرحي بكده ؟!..

تحدثت بجدية تامة :-
-كنت هفرح ياجاسم لو كنت عملت كده عشاني لو كنت عملت كده اول ما طلبت منك !!..

جاسم بصرامة وهو رافع حاجبه :-
-أومال أنا بعمل كله ده عشان خاطر مين ؟!..

رفعت كتفيها لاعلي وذمت شفتيها للامام ثم سارت ببطء تتحدث بضيق:-
-مش عارفة أنت بتعمل كده ليه بس كل اللي أعرفه إنك مصر تخليني عروسة ماريونيت إنت بس اللي تتحكم فيها وتحركها زي ما انت عاوز !!…
حرك رأسه للجانبين ليتحدث بعدها بملل :-
-أيه اللي يرضيكي دلوقتي ؟!. لو متضايقه اووي من موضوع نضال يبقي في داهية سي نضال تحبي حاجه تانية ؟!

إلتفتت له والدموع تلمع في عينيها ثم هتفت بألم وهي تهز رأسها :-
-أنا مابقتش عاوزة حاجه ياجاسم خلاص اللي أنت تشوفه !!..

زفر الهواء بضيق ثم جذبها لتترتطم في صدره ثم أحاطها بيده ووضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع وجهها قائل بهدوء صارم :-
-قولتلك اللي أنتي عاوزاه هعمله عاوزة أيه ؟!..

إنسابت دموعها علي وجنتيها وهي تخبره بخفوت:-
– عاوزة أحس أني مهمة عندك !!

أتسعت عيناه بصدمة ليهتف بنبرة حادة :-
-وانتي عندك شك في كده ؟!..

هزت رأسها بالسلب وتحدثت بشهقات :-
-مش عارفة بس هو أنت ليه بتعمل كده ؟! لسه برضه مصر تعاقبني ؟ ده احنا حتي من ساعة ماجينا هنا وانا مابشوفكش أيه اللي شغلك عني ؟!..

إجابها بهدوء لايتناسب مع الموقف :-
-عندي شغل بتابعه هنا !!.

همست بمرارة :-
-شغل ؟!..

ثم ضحكت بسخرية وهي تدمع :-
-كنت فاكرة إنك جاي هنا عشاني !! عشاني أنا وبس !!.

وبينما دموعها تتساقط كالمطر هتفت بنبرة مرتعشة :-
-جاسم أنت آآآ زهقت مني ؟! ..
م آآآآ مابقتش تحبني ؟! ..

كان رده عليها أوعقاب لها إنه أقبل علي شفتيها يقبلها بقوة أخرج شحنة غضبه في تلك القبلة فظل يقبلها حتي أدمت ولكن لايبالي واستمر في قبلته وهو يعتصرها داخل أحضانه !!…

كادت أنفاسه أن تتوقف فأبتعد عنها وهو يلهث محذرا بسبابته :-
-أوعي أسمعك تقولي كده تاني …سامعه ؟!..

……………………………
-بعد مرور فترة زمنية قصيرة …

دلف للغرفة لكي يتحدث معها بشأن عمليتها التي سوف تجرأ الغد ..ولكنه لم يجدها بالدخل فالفرأش مازال علي هيئته المنظمة والتي تدل علي أنها لم تتسطح عليه طوال اليوم قطب مابين حاجبيه بتعجب وغادر الغرفة ليبحث عنها !..

وبينما هو يسير في الرواق تقابل مع الممرضة التي أسند لها مهمة رعايتها فسألها بجدية :-
-رقية فين ؟!..
-مش موجودة في أوضتها ؟!..

أجابته بهدوء:-
-دي خرجت يادكتور ..

نضال بإنفعال :-
-يعني أيه خرجت ؟! وخرجت أزاي ومع مين ؟! وانتي ازاي ماتلبلغنيش بحاجة زي دي ؟! ..

:-
-ماهي آآ خرجت مع جوزها آآ..

صمت لوهلة لتتابع هي سريعا :-
-جاسم بيه جه هنا واخدها ومشي !!..

جز نضال علي أسنانه بغضب وتسأل :-
-والكلام ده حصل أمتاا ؟!..

أرتبكت ثم تحدثت بحذر تااام :-
-آآ أمبارح بالليل !!..

كور قبضة يده بغضب فقد نفذ صبره من التصرفات التي تصدر من ذالك الجاسم !!..

..يتبع

 

error: