لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الخامس عشر..
دلفت فاطمة مع زوجها راضي من بوابة المستشفي الإلكترونية، ولم تصمت فاطمة لوهلة عن ثرثرتها حول حالة إبنتها المزمنة..
فتحدثت بنبرة متهكمة وهى تنظر إلى زوجها الذي يسير ببطء ويستند عليها :-
-البت راحت مننا ياراضي!!..
الدكاترة بيقولوا إنها عاوزة محتاجة مصحة نفسية عشان ترجع تانى كويسة..
تحدث راضي بوهن ونبرة متألمة :-
-كويسة!! عمرها ماكانت كويسة يافاطمة بنتك تعبانة من زمان!!
فاطمة بسخط :-
-كله من اللي مايتسمي اللي أسمه جاسم هو اللي عمل فيها كده ، لا وكمان رايح يطلقه وهي في الحالة دي..
وكأنها وضعت حجر على صدره فهتف بصدمة :-
-هو خلاص طلقها يافاطمة؟!..
أومأت برأسها قائلة بحزن علي إبنتها :-.
-بنتك أمبارح كانت عمالة تقول كده زي المجانين..
فتابعت بحذر وهي تلقي قنبلة أخري:-
-دي كمان كانت عاوزة تموت نفسها وتنتحر!!..
وقف راضي فلم يعد يحتمل المزيد فشعر بوغزات في قلبه فوضع يده عليه وأصدر أهاهات منخفضة..
فاطمة بهلع وهي تسير به إلي إحدي المقاعد لتجلسه:-
-مالك ياراضي حاسس بإيه!!..
تنفس راضي سريعاً وتحدث بألم :-
_آآ أنا كويس يافاطمة..
فاطمة بنزق وهي تري حالة الأعياء الظاهرة عليه :-
-كويس إزاي بس ياراضي أنت مش شايف نفسك..
فتحدثت على عجالة وهي تلتفت حولها :-
-أروح أنادي لأي دكتور من هنا..
هز راضي رأسه بالنفي وقد شعر بالتحسن :-
-قولتلك كويس ماتشغليش بالك..
فأبتلع ريقه قائل بهدوء :-
-اطلعي أنتي للبت وهاتيها وأنا هستني هناا..
فاطمة بتردد :-
-بس ياراضي أنت—
قطع راضي حديثها قائل بجدية :-
-أطلعي يافاطمة متوجعيش قلبي!!..
هزت فاطمة رأسها بإستسلام.. وقبل أن ترحل تذكرت شئ ثم تحدثت بتلعثم :-
-ب آآ بس ياراضي البت هتخرج النهاردة وأكيد المستشفى هتبقي عاوزة فلوس وشكلها غالية!!
فتابعت بسخط :-
-واكيد اللي أسمه جاسم ده مدفعش حاجة بعد ماطلقها.. ماهو أخدها لحم ورماها عضم هتفرق معاه في أيه!!..
راضي بجدية :-
-اطلعي وأنا هاروح أشوف الحسابات..
فاطمة بنبرة متهكمة وهي تحرك كفيها في الهواء :-
-منين بس ياراضي دي أكيد غالية أووي..
نهض راضي وسار إتجاه الحسابات قائل بإيجاز :-
-مستوره الحمدالله…
زفرت فاطمة بضيق وتنهدت وهي تستدير لتصعد لإبنتها…
-في الحسابات..
موظف الحسابات وهو يتحدث بلهجة عملية :-
-ياأفندم الحساب دخل خزنة المستشفي من أول ساعة دخلت فيها المستشفى..
ثم نظر في حاسوبه وأخبر راضي بإيجاز :-
-والشيكات كانت باسم جاسم بيه الراوي..
لم يتعجب راضي فهذا أمر متوقع من جاسم الراوي..
فشكر موظف الأستقبال ورحل..
……………………
وبينما هو يسير تقابل مع جاسم الذي دلف الأن من البوابة فأبتسم جاسم له وسار في اتجاه حتي وقف قبالته قائل :-
-عامل أيه ياعم راضي!!..
رمقه راضي بعتاب ثم قال :-
-ليه كده يابني!!..
أخفض جاسم رأسه لأسفل وتحدث بخفوت وهو يرفع رأسه مرة ثانية :-
-صدقني غصب عني!!..
فتحدث جاسم مدافعاً عن نفسه :-
-عم راضي أنا مش وحش ولا عملت حاجة أتعاقب عليها كل الحكايه إن رقية فاهمة غلط أو مش عاوزة تفهم بس الحقيقة إني عمري مالعبت بيها ولا فكرت إني أستغلها..
أومأ راضي برأسه قائل بجدية :-
-أناا مصدقك يابني من غير مااعرف حاجة، انت من ساعة ماجتلي المستشفي وأنا ارتحتلك ولاد الأصول بيبانه ياجاسم…
فأبتسم قائل :-
-سماهم علي وجوههم!!..
أبتسم جاسم له بإمتنان علي هذا الإطراء.. ثم تنهد قائل بنبرة ساخره :-
-طب هي ليه مصدقتنيش؟؟.. هي عاشرتني وعرفتني ليه مافهمتنيش!!..
راضي بنبرة متألمة :-
-مش عارف الومها ولا أعذرها، بقول برضه هي شالت فوق طاقتها كفاية عليها كده..
لمعت عين راضي بالدموع قائل :-
-مهما كان بنتي صعبانة عليا يابيه، هتترمي في مصحة وياعالم هتتحسن ولالا..
جاسم بنبرة جادة :-
-رقية مش هتتدخل مصحة ياعم راضي..
نظر له راضي بعدم فهم،فتحدث بنفس النبرة الجادة :-
-رقية هتتعالج في عيادة هتتعالج بمزاجها مش هنحبسها ونفرض عليها العلاج هي اللي هتحددت امتي عاوزة تتكلم وأمتا لا …
راضي بلهجة إستفسار :-
-بس دوول الدكاترة قالوا إنها لازم تروح مصحة!!..
جاسم بجمود :-
-وانا لايمكن أرضي بكده، لايمكن اسبب ليها وجع بالشكل ده مش هتصحي تلاقي نفسها في مكان بيحسبوها علي سكوتها وعاوزنها تتكلم عشان يعالجوها، رقية هتمارس حياتها عادى مش هنخلق ليها عقدة نقص، مش هنفرض عليها حاجة..
أبتسم راضي له قائل :-
-أنت بتعمل كده ليه يابني!!..
جاسم ببساطة وهو يتتفوه :-
-عشان بحبها!!!..
خرجت من المصعد مع والدتها التي تحمل حقيبة ملابسها وأشيائها بينما هي تحتضن الدمية وتنظر حولها بحذر وترتجف بشدة، ووالدتها تنطر لها بإشفاق وهي تتذكر جملة الطبيب في الأعلى “ياريت في أسرع وقت تروح المصحة حالتها النفسية في تأخر ” لمعت عين فاطمة بالدموع وكانت سوف تنفجر في البكاء ولكنها تماسكت من أجل إبنتها..
لمحها تأتي من بعيد فخفق قلبه بشدة ولم ينكر السعادة التي شعر بها وهو يري دميته في أحضانها…
وعندما وصلت فاطمة بها إليهما وقفت رقية تحتضن الدمية أكثر وهي ترتجف أكثر وأكثر.. أشتاق راضي إليها بشدة فهتف بإشتياق وهو يفتح ذراعيه :-
-رقية وحشتيني يابنتي..
رمقته بتعجب ولم تتحرك من مكانها، فأصابت الصدمة جاسم وراضي الذي تحدث بألم :-
-مش عاوزة تيجي في حضن أبوكي يارقية!!..
بكت فاطمة قائلة :-
-البت إتجننت ياراضي، دي فاكره العروسة بنتها…
اتسعت عين جاسم بصدمة وهو يرمقها بعدم تصديق ثم يقترب منها لتبتعد هي بهلع وكلما اقترب كلما ابتعدت لمعت عينها بالدموع وهي تهز رأسها بالنفي..
فتحدث جاسم بعدم تصديق :-
-أنتي خايفة مني يارقية!!!..
أومأت برأسها إيجاباً سريعاً ، ليقف جاسم وهو في موقف لايحسد عليه..
راضي بصدمة علي حال إبنته :-
-ومش عاوزها تروح مصحة ياجاسم بيه، البت بتضيع مني…
صمت جاسم وبكت فاطمة وتألم راضي وضحكت رقية وسالت دموعها!!!…
-في إحدي عيادات الأمراض النفسية..
تجلس سيدة بتنورة قصيرة وكنزة بيضاء أعلاها ستره من نفس لون التنورة وفي قدمها حذاء ذو كعب عالي مع خصلات شعرها القصيرة الصفراء، أرتداءت نظارتها الطبية قائلة بتسائل :-
-أزاي خايفه منه وازاي جيتي معاه؟!..
رقية بدموع قائلة بحيرة :-
-معرفش!!!..
تسألت الطبيبة سيمون بجدية :-
-بتحبيه!!..
سالت دموعها بغزارة وهي تقول ببكاء :-
-معرفش!!..
عاوزه معاكي عاوزه جمبك
نظرت لها بحده ثم وقفت وهي تصيح :-
-معرفش قولتلك م آآ معرفش!!..
تسألت الطبيبة وكأنها لاتسمعها :-
-جاسم بالنسبالك أيه!!..
هدأت ملامح وجهها ثم هتفت بإبتسامة خفيفة :-
-حلم!!!
فتابعت بجدية وهي تقنع نفسها:-
-ايوة جاسم حلم مفيش حد أسمه جاسم اصلاً!!
الطبيبة بنبرة واثقة ثابتة :-
-أزاي مفيش جاسم أومال مين اللي قاعد بره ومين اللي كنتي حامل منه!!..
صمتت رقية فرفعت كتفيها قائلة بوجع :-
-معرفش!!..
جلست رقية علي الاريكة الجلدية بتهالك وبكت قائلة برجاء :-
-أرجوكي ساعديني أنا مش عارفة مالي انا تايهه ومش لاقيه متوي انا بغرق ومش لاقيه بر ..
تنهدت الطبيبة وهي تنهض من مجلسها وتسير نحو مكتبها قائلة بلهجة حازمة :-
-مقدرش أساعد حد مش قادر يساعد نفسه..
فتابعت بجمود :-
-قومي روحي يارقية!!..
نهضت رقية وهي تؤمي برأسها إيجاباً وحزن…
فُتح الباب لتخرج منه رقية وهي تمسح دموعها ليقف جاسم سريعاً ويقترب منها وقد قطب مابين حاجبيه بتسائل…
مسحت دموعها ورمقته بصمت فتفوهت بندم :-
-يارتني ماقابلتك…. أمشي!!!!…
………………..
وبعد مرور يومين تقف رقية في مدخل بناية بيبيرس بتوتر شديد حتي هبط لها بعدما هاتفته بيبيرس قائل بتعجب :-
-رقية!!..
تحدثت هي سريعاً :-
-جاسم طلقني!!..
اتسعت عين بيبيرس بصدمة، فلم تعطي له وقت فظهر الارتباك عليها :-
_عاوزة أسألك عن حاجة!!..
بيبيرس بجدية :-
-ايه يارقية!!..
لم تجاوبه وظلت تفرك كفيها بتوتر..
نظر في بؤبؤ عينيها لمعرفة تخمين ماذا يدور في عقلها وتريد النطق به ولكنها عاجزة فتحدث قائل :-
-عايزة تقولي إيه يارقية؟!..
فركت كيفها بعضهما بتوتر شديد أخذت نفسها وتحدثت بخفوت وإرتباك :-
-هو أنت مش كنت عاوز تتجوزني يابيبرس !!..
أندهش من جملتها وقطب مابين حاجبيه وهو يرمقها بعدم فهم.. فأستحوذت علي بعض من شجاعتها لتهتف :-
-لسه عندك إستعداد لكده ؟!..
يتبع

error: