لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثالث والثلاثون..”عقدة جديدة”
وصل كلا من نضال ودنيا إلى مكان الحريق، لتتسع مقلتي نضال بصدمة وهو يري النيران تشتعل في جميع أركان المنزل والصراخ يزداد في الداخل، وقف لثواني مذهول، مصدوم، مأخوذ وقت لاحت في ذاكرته اسوء ذكري في حياته وهي فقدان زوجته وإبنته علي أثر حريق لمعت عيناه وقد ظهر بهما بريق النار ،وكأنه في حالة متغيبه عن الواقع فكان واقف كالصنم، ولم يفيق ولا يتحرك إلا علي صوت دنيا الصارخ بجواره وهي تهتف بأسم “رقية” فأنتشل نفسه سريعاً من ذكرياته الأليمة وخلع سترته وألقاها أرضاً وركض نحو المنزل حيث التجمع ومحاولة الناس بإطفاء الحريق بواسطة دلو المياه!! دلف ومعه رجل اخر للمنزل بعدما سكبا علي ثيابهما مياه، فبدأ الإثنان في السعل مباشرة، وحاولا البحث عنهم في أنحاء المنزل وهما يتفادن النار المشتعلة !!..
……….
-على الناحية الأخرى..
تم نقل جاسم إلى مستشفى السجن بعدما أبلغ احد الرجال العساكر الواقفه أمام زنزانتهم وتم نقله علي الفور…
كان متسطحاً غائباً عن الوعي وأحدي الممرضات تعطي له الإبرة في ذراعه لعلها تخفض من درجة حرارته المرتفعة فقد أصيب بحمي!!..
أنهت الممرضة عملها وألقت عليه نظرة أخيرة ورحلت..
انكمشت ملامح وجهه الشاحب بإنزعاج لايعلم هل يري كابوس أم تخاريف وهلاوس أو ثرثرة مرض ليست لها جدوي !!..
رأها تستغيث به وهي بين النيران!! رأها والنيران تشتعل في جسدها وصراخها قد صم الأذان!!.. وأكثر مايزعجه انه غير قادر علي مساعدتها فكان عاجز تماماً عن الحركة ، ظلت تصرخ وقلبه ينهار عليها يحاول ويحاول ولكن دون جدوى، ظل هكذا حتى أختفت نبرة صوتها تدريجياً فأنقلع قلبه من مكانه وهو يراها تسقط علي الأرضية ربما اختنقت أو يائست من مساعدته!!..
*انكمشت عيناه المغلقتان وإضطربت أنفاسه وهو يتصبب عرقاً محركاً رأسه قائل بنبرة مختنقة أشبه للهمس :-
-آآآآ رقي آآ إ رقية!!..
………………
وجدهما نضال واحدة تكاد تتنفس هي وصغيرها والأخرى أهلكت نفسها صراخ وبكاء حتى أختنق صوته وأختنقت أنفأسها وسقطت أرضاً، أسرع نضال لها فوجدها غائبة عن الوعي وكأن أنفاسها أنحني واضعاً يده علي خصرها واليد الثانية أسفل ركبتيها وخرج بها وهو يرمقها بقلق وقد أصبحت نبضات قلبه في التعالي!! كما ساعد الراجل الأخر والدة جاسم في إخراجها أيضاً…
لمحته دنيا الباكية وهو يحمل رفيقتها علي يده فأسرعت إليه ناظرة لها بهلع :–رقية مالك يارقية!!..
صرخ بها نضال لتبتعد عن طريقه وأسرع برقية نحو إحدي السيارات ليتجه بها إلى الوحدة الصحية بالمزرعة، فأستقل السيارة متجه إلي هناك !!!…
وقفت السيارة مرة واحدة بعدما كانت تسير بأقصى سرعة حتي أصدرت صوتاً نتيجة الأحتكاك!!.ترجل سريعاً وفتح الباب الخلفي ليحملها ويركض بها نحو الوحدة وخلفه دنيا!!..
وضعها علي الفرأش وهو يلهث وقد ترقرقت العبرات في مقلتيه، وتهيأت نفسه للبكاء ولكن لم يسمح بذلك فأغمض جفينه بقوة مانعاً أي ضعف، اقترب منه أشرف والذي أزاحه من أمام الفرأش ليضع جهاز التنفس لكي ينعش رقية!!..
ثواني ودقائق تمر وهو واقف مإخوذ من عالمنا عيناه فقط مثبته علي تلك الراقدة علي الفرأش والتي كانت تصارع النيران مرة أخري!! دقق بوجهها ليجد دموعها تركت بصمة هائلة عليه!! خرج من الغرفة كالمغيب وألقي بجسده علي أقرب مقعد فقد شعر بالأختناق حقاً والماضي الذي لم يراه عاصره الأن!! لم يتخيل أن التي بالداخل كانت سوف تقضي عليها النيران مثلما قضت علي إبنته وزوجته !!..
خرج أشرف من الغرفة ووقف أمام نضال قائل بجدية وهو يتفحصه :-
-نضال أنت كويس!!..
نظر له نظرات زائغة وجاوبها بتسأل مختنق :-
-عاملة أيه دلوقتي ؟!..
تنهد أشرف مجيباً:-
-حطنها على جهاز التنفس وشوية وهتبقي كويسة!!..
أومأ نضال برأسه عدة مرات واراح رأسه للخلف وضعاً يده خلف عنقه!!..
وبعد مرور الوقت جاءت جيهان بعدما علمت الذي حدث حاولت التحدث مع شقيقها ولكن دون جدوى لم يفعل شئ ولم يصدر منه غير لمعان عيناه بالعبرات!!!..
……..
عادت رقية مرة أخرى إلى غرفتها ولكنها كانت طوال الوقت ترتجف، طوال الوقت تستيقظ وهي تصرخ بأعلى صوتها وتحاول دنيا تهدئتها ولكن ترفض ذالك وكأنها تجد متعتها في الصراخ والعويل وساءت حالتها عندما علمت بوضع الصغير الحرج وحديث الأطباء انه يلتقط أنفاسه الأخيرة!!..
استيقظت بفزع في أحدي اليالي لتحضنها دنيا التي لم تعرف للنوم طريق منذ حادث الحريق!! ربتت علي ظهرها وهي تردد :-
-بس ياحبيبتي ،إهدي مفيش حاجة ده كابوس زي كل يوم!!..
ظلت تبكي وهي تنطر حولها بهلع وشفتاها ترتجف ليخرج الحديث متقطع :-
-آآإ نار آإ نار!!..
دنيا بحنان :-
-مفيش حاجة والله!! نامي انتي بس وارتاحي!!..
رقية بنبرتها الباكية وكأنها تهزئ وتتوسل :-
-النار هتاكلني يادنيا!! قومي اقفلي الأنبوبة عشان ماموتش اقفليها عشان ماتحرقش تاني!!..
دنيا وهي تهز رأسها عدة مرات نافياً:-
-رقية احنا معندناش أنبوبة هناا!! اطمني مفيش حاجة هتحصل!!..
رقية سريعاً وهي تشير نحو المرحاض قائلة بتلهف:-
-طب السخان قومي اتأكدي انك قافله!!..
نظرت لها دنيا بشقة وأومأت برأسها ونهضت نحو المرحاض لتتأكد حتي تهدي من حالتها!!..
كانت تنتظرها بترقب شديد وهي تتمسك بالغطاء جيداً حتي خرجت لها قائلة بإبتسامة وهي تتجه نحوها :-
-مقفول والله، اطمني كده ونامي!!..
ثم جلست بجوارها وأردفت بنبرة هادئة وهي تعيد خصلات شعر رقية للخلف:-
-وأنا صاحية أهو متخافيش، يله حطي رأسك علي المخده ونامي !!..
أومأت برأسها وقبل أن تتسطح تسألت بأهتمام وهي تكفف دموعها :-
-أخبار جاسم أيه؟!..
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة يشوبها التوتر :-
-كويس بس لسه على أجهزة التنفس، ماهو صغير صدره ماستحملش الدخان!!..
ثم تابعت سريعاً:-
-بس هيبقي كويس بأذن الله!!..
تعلم أن دنيا تخفي شئ خوفاً عليها ولكنها سوف تصدق حديثها حتي لو كان مجرد أكذوبة فيجب عليها أن تمني نفسها بإي بصيص أمل!!..
………….
-في السجن!!..
فُتح باب الزنزانة ليدلف منها جاسم بعدما تعافي!! دلف بخطوات هادئة دون أن يعيرهم أدني أهتمام وبينا هو متجه نحو فرأشه الأرضي أستمع إلي صوت أحدهم وهو يردف بنبرة ساخرة وكأنه يوجه حديثه إلى أخر :-
_بس ماكنتش أعرف انك خرع أوي كده!! اومال نافشلي ريشك في السوق وعامل فيه طاووس ليه؟!..
وتابع بغل:-
-بس الطاووس لم ريشوا اهو، وسمعته النضيفه جابته معانا هنا برضه يعني مبقاش في فرق ..
ثم ضحك قائل :-
-ابقي استخدم نوع صابون تاني يغسلك سمعتك اللى أتبهدلت دي، وصابون أيه ده ؟! ده انت عايز كلور عشان ترجع زي الأول!!..
ثم انفجر في الضحك هو ومن معه، كور جاسم قبضة يده بغضب وجز علي أسنانه بقوة ثم أستدار وعيناه تنبعث منها الشر، حك طرف ذقته النامية بإبتسامة واتجه نحو “عادل” الذي شعر ببعض من الريبة وإبتلع ريقه بخوف، إقترب جاسم منه وهو مازال يبتسم ثم تحولت فجأة الإبتسامة الي كتلة من الشر حيث أمسكه من مقدمة ملابسه ليجبره علي النهوض وقام بلكمه بوجهه في أنفه حتى سالت الدماء بشدة ولم يكتفي بذلك فقام بتسديد له اللكمات في جميع أنحاء وجهه، حاول الجميع إبعاد جاسم ولكنهم فشلوا، فخارت قواه وسقط علي الأرضية بتهالك يكاد يلتقط أنفاسه وأنهى جاسم وصلة ضربه بأنه ركله في بطنه بشدة ثم بصق عليه!!..
التقط جاسم الدلو “المعدني” الذى يوجد في الزنزانة وقلبه ليجلس عليه وهو يرمق عادل المسجي عند قدمه بغضب فشبك أصابعه معاً قائل بنصف إبتسامة :-
-ايه هو أنت ماحرمتش من العلقة الأولى؟! ولا شكلك إتمزجت واتعودت علي ضربي، وأنا برضه همزجج اكتر كل يوم ليك عندى علقة واديني بسلي نفسي!!..
ثم تنهد وأردف بثقة :-
-ولو على سمعتي انا الحمد لله عمرها ماهتتوسخ أسم الراوي طول عمره نضيف، الدور والباقى عليك بقا!!..
ظهر على وجه جاسم الأشمئزاز :-
-اوسخ من صفيحة الزباله!!..
ولعلمك أنا عارف انك انت اللي ورطني معاك وان بكلمة منك هطلع براءة، وأنا اقدر اخليك تتكلم !!..
فقرب وجهه من وجه عادل وهتف بصرامة وتعاببر إشمئزاز على وجهه :-
-لكن أنا عمري ماهسمح أن برائتي تكون على أيدك، أومن علي لسانك !!..
وبثقة أكبر :-
-وأنا كده كده هطلع اصلا ولو بعد ايه هطلع!!..
كان عادل يتألم من الوجع فهمس له جاسم :-
-اصلا انا ابن حلال وربنا يكفيك شر وخير ولاد الحلال بقا!!..
فنهض جاسم وتمتم ساخراً :_
بس مظنش أن ولاد الحرام اللي زيك يعرفوا ولاد حلال أصلاً!!!..
.………………
-في المزرعة..
دهس نضال سيجارته أسفل نعله قائل بجدية :-
-أخبارها ايه دلوقتى!!..
تنهدت دنيا بحزن :-
-مش كويسه خالص يانضال بيه. من ساعة الحريق وهي تعتبر مدمرة مسكينة ضربتين في الرأس بتوجع !!.
وكمان موضوع جاسم الصغير ده وآآآآآ دي حتي لسه معرفتش انه مات..
صمتت لبضعة ثواني لتردف بعدها :-
-وكمان اللي حصل لجاسم طليقها!!..
نضال بجدية :-
-عرفتي!!..
هزت رأسها بالموافقة قائلة بأسف :-
-قريتها في الجرايد!!..
ضيق عينه بشك قائل :-
-طب وهي آآآ؟؟..
دنيا بالنفي :-
-لا طبعاً معرفتش هي ناقصه ده كفايه اللي فيها، وبعدين أنا منعت الجرايد نهائي عندنا حتي هي قافلة على تليفونها ومش بترد على حد، وأنا فهمت أختها علي الموضوع ! !..
أومأ نضال مؤكداً وأردف بضيق :-
-مش لازم تعرف نهائي، واهتمي بيها ومتسبهاش لوحدها !! وموضوع موت جاسم محدش في المزرعة يعرفه وأمه وابوه سافروا بلدهم، كده كده ملهمش مكان بيتهم اتحرق وهناخد وقت عشان نوفر سكن تاني، والكل فاكر ان ابنهم لسه في المستشفي في مصراته..
دنيا بود :-
-دي في عنيا!!..
ثم تابعت بتوتر واضح على ملامحه :-
-بس هنعمل أيه لو عرفت من أي حد!!..
نضال بصرامة :-
-مش هتعرف من حد، بس انتي خلي بالك عليها !!..
ثم نظر أمامه ليجدها تتجول وهى شارده فنظر لدنيا قائل وهو يشير بعينه :-
-روحيلها اهي وخلي بالك منها!!..
إستدارت دنيا لتجدها خلفها فأبتسمت وأستأذنت ثم أنصرفت!!..
جلست علي مقعد خشبي بداخل صقيفة بجوار الزرع وهي تلف نفسها بالوشاح وتتجنب نظرات الناس التي تنبعث من أعينهم كالسهام لتخترق روحها، تنهدت بألم ثم دست يدها في جيب معطفها الشتوي وأخرجت شريط دواء به أقراص مدورة الشكل و، نظرت له بتأمل وحذر وقبل أن تأخذ منه لمحت طيف لدنيا فأخبأته مرة أخرى!!..
دنت منها دنيا وجلست بجوارها قائل بإبتسامة :-
-مقولتليش ليه إنك نازلة كنا نزلنا مع بعض!!..
رقية بخفوت :-
-أنا أصلاً ماكنتش هانزل ،بس حسيت بخنقة، ريحة الحريق هتموتني لسه شامه الريحه لحد دلوقتى!!..
ربتت على كتفها قائلة بهدوء :-
-اهم حاجة أنك نزلتي اهو تغيري جو!!..
أومأت رقية برأسها متنهده ،فمر من جوارهما فتاتان يتهمسان معاً رغم همسهم ولكن أصاب حديثهما قلب رقية :-
_اهي طلعت منها زي القردة أهي، عامله زي القطط بسبع أرواح..
فتابعت الأخري بنبرة تبدو ساخرة :-
-وبعدين هي ناقصة حرق ماهي متفحما خلقه!!!..
ضحكت الأخرى قائلة بتبرم :-
-علي رايك واهو اللي هيروح فيها العيل الصغير ياحبة عين أمه!!..
كانت رقية تستمع لهما وهي في حالة مغيبة ثم شعرت ببرودة تسري في جسدها لاحظتها دنيا فأمسكت يدها قائلة بقلق :-
-رقية في حاجة!! إيديك تلجت كده ليه!!..
انتبهت لها وجاهدت لرسم الأبتسامة قائلة بتقطع :-
-آآآآ عايزة أطلع اوضتي!!..
دنيا بتسائل وقد قطبت حاجبيها بتعجب :-
-حصل حاجة!!..
هزت رأسها نافية ونهضت لتسير نحو غرفتها، فنهضت الأخري قائلة على عجالة :-
-طب أستني هاروح معاكي!!..
وسارت معها إلى سكنهما!!..
…………
-في القاهرة…
كانت رباب جالسة بجوار فاطمة فتحدثت بإستياء:-
-والله المفروض نكون مع رقية دلوقتي!!
تنهدت فاطمة قائلة بسخط :-
-يعني انا اللي مش عاوزة اكون جمب بنتي!! بس نعمل ايه لازم كل حاجة تمشي طبيعي!!..
رباب بتسائل:-
-ماما هو انتي كنتِ تعرفي موضوع دكتور التجميل ده!!..
أومأت فاطمة برأسها قائلة بجدية :-
-ست جيهان كانت مرسياني علي كل حاجة، اومال أنا كنت بزن ليه علي اختك عشان تروح!!
ثم تابعت بتمني :-
-ياريت بس الخير يبقي على ايده!!..
رباب بدعاء :-
-يارب ياماما!!..
رباب بحذر :-
-بس ياماما مش لازم تعرف اللي حصل لجاسم ولا أيه؟!..
فاطمة بلهجة غاضبة :-
-اختك ماينفعش تعرف يارباب، واحنا لو بنحبها مش لازم نعرفها، لو عرفت هتيجي وحالته هتدهور واحنا مش ناقصين!!..
ولوحت بيدها في الهواء قائلة بتهكم :-
-وبعدين انا سمعت انه مكتوب في الجرايد انه هياخد يا إعدام ياهيعيش طول عمره في السجن، ده بيتاجر في لحوم البشر !!..
فأكملت بضيق :-
-طول عمري مش برتاح للراجل ده، دخلته علينا دخلة الشؤم، يله اهو غار!!..
وبينما هما يتبادلتان الحديث دلف راضي للغرفة وهو يسعل ، فغمزت فاطمة لإبنتها بأن تصمت!! فنهضت رباب واتجهت إلى والدها قائلة بعتاب :-
-يابابا خرجت ليه بس وأنت تعبان!!..
ثم ساعدته أن يجلس علي الإريكة فألتقط أنفاسه قائل :-
-روجت لشركة جاسم اشوف حد يعرف يخليني ازوره!!..
فتابع بحزن :-
-بس محدش رضي يدخلني الشركة اصلاً..
لوت فاطمة فمها بتهكم وإدارات وجهها للناحية الأخرى..
فنظر راضي لإبنته قائل :
-اختك مجاتش لحد دلوقتي ليه؟!
ظهر الإرتباك علي وجه رباب والتي اختلست النظر إلى والدتها لكي تنقذها:-
-اصل آآآآ أصلها..
فنهضت فاطمة بأندفاع :-
-وهي تيجي ليه اصلاً؟! احنا ملناش علاقة بيه!!..
رمقها بقوة معاتبة :-
_تيجي تعمل الإصول وتقف مع اللى كانت شايله إسمه!!..
فاطمة بسخط ونبرة منفعلة :-
-ياراجل أنت هتجنني م خالتي وخالتك واتفرقوا لخالات ملهوش حتي أصول تجمعنا بيه!!..
ثم أبتسمت بمكر بعدما لمعت في عينها فكرة ما فعقدت ساعديها أمام صدرها قائلة بإنتصار مزيف :-
-وايه رأيك أن احنا بلغناها وهي رفضت تيجي، قالت هي ماصدقت بعدت عن المشاكل وكمان قفلت تليفونها!!..
هز راضي رأسه بعدم تصديق :-
-انتي بتقولي أيه!! لايمكن بنتي تكون قليلة أصل كده!!..
تنهدت فاطمة ثم جلبت دوائه وكأس ماء وجلست بجواره علي الأريكة :-
-ياراضي بنتك ، لاقت حياة تانية هناك وقربت تنسي اللي حصل معاها ليه نفكرها تاني بس، ده واحد ممكن يتعدم في أي لحظة ليه تعلق بنتك بيه من اول وجديد !!..
فأعطته الدواء والماء وهي تربت علي فخذيه :-
-خد دوائك ياخويا، أهم حاجة صحتك محدش هيبكي عليك !!..
اخذ منه الدواء والماء وهو في حالة صدمة فتابعت فاطمة سريعاً لكي تلين عقله :-
-ماتوقفش ياخويا في طريق بنتك، مش انت اهم حاجة عندك راحتها وهي مرتاحه كده!!..
فتممت بين نفسها :-
-مش كفاية حظها قليل ماهي لو صبرت شوية كان زمانها دلوقتى ارملته مش طليقته وكانت طلعت من المولد بحمص!!..
اما هو ظل يقنع نفسه ويؤكد :-
-بنتي مش قليلة أصل كده، رقية عمرها ماتكون كده!!..
………..
-في المزرعة!!..
-في المرحاض..
أطمئنت دنيا أن السخان لايعمل ثم قامت بنداء رقية التي دلفت وهي تستعد للإستحمام ..
دنيا وهي تنوي المغادرة :-
-ااديني اتاكدت أن السخان مش شغال ومفيش أي حاجة تانية فيها قلق!!..
أومأت رقية برأسها بشرود ،فتابعت دنيا بجدية :-
-طب يابنتي إزاي هتستحمي بمايه ساقعه الجو برد!!..
تحدثت بخفوت :-
-عادى بس اهم حاجه اكون مطمنة!!..
دنيا وهي تعرض أمر عليها :-
-طب تحبي أملا البانيو مايه سخنه!!..
هزت رأسها بالنفي قائلة :-
-لا أنا هرتاح كده يادنيا !!..
أبتسمت لها دنيا بود قائلة :-
-علي راحتك ياحبيبتي، وانا هستني بره لحد ماتخلصي !!..
خرجت دنيا وبقت رقية تنظر حولها لتتأكد من سلامة كل شيء حتي ارتاحت قليلاً وبدأت في خلع ثيابها!!..
………
وقفت أمام الخزانة لتختار شئ ترتديه بعدما غادرت دنيا، وبينما هي تبحث بين ثيابها وقع نظرها على منامة حريرية سوداء وأعلاها روبها فهذه المنامة كان يعشقها جاسم عليها ويتغزل بها عندما ترتديها، وقفت لثواني تتأملها وتتذكر أجمل لحظاتها مع جاسمها، فإرتعشت يدها وهي تمدت لتلتقطها وتضعها علي جسدها اغمضت عيناها لتتخيله معها فقد اشتاقت له، ويمر الوقت ونجدها إرتداءت هذه المنامة وتركت العنان لشعرها ثم تتدثرت أسفل الفراش راجية متمنية أحلام تجمعهما معاً..
………………
-في الصباح..
إستيقظت علي ضوء شمس مسلط علي وجهها فوضعت كفها أمام وجهها بإنزعاج.. فجاءها صوت دنيا :-
-أيه النوم ده كله ياست هانم!!..
إعتدلت رقية وهي تفرك عينها قائلة بنعاس :-
-هي الساعة كام دلوقتي!!..
جلست دنيا على فرأشها المجاور لفرأش رقية قائلة بحيوية:-
-احنا بقينا الضهر ده انا نزلت الشغل وجيت!!..
إعتدلت جالسة :_
-ياااه هو أنا نمت كل ده!!..
أومأت دنيا برأسها عدة مرات بحركة كوميدية فأبتسمت رقية وقبل أن تبتسم دنيا تلاشت الإبتسامة من علي وجهها وهي تنظر لثياب رقية التي ظهرت الأن، شعرت رقية بالحرج فأغلقت الروب الطويل وسحبت الغطاء عليها قائلة بتلعثم :-
-ده آآآآ انا امبارح كنت تعبانة وبردانة فلبست اللي طلع قدامي!!..
أبتسمت دنيا بإستهزاء :-
-وهي الهدوم دي بقا هدفيكي!!..
ثم زفرت ونهضت وهي تردف:-
-براحتك بس انتي كده بتتعبي نفسك أكتر!!..
ثم وقفت أمام المرآة لتمشط شعرها فعضت رقية علي شفتيها بحياء ولكنها تسألت بعدما نهضت وإنشغلت بشئ ما لتحيد عن الموضوع :-
-هي آآآآ الجرايد بطلت تيجي ليه؟!..
ابتلعت دنيا ريقها وهي تحافظ علي ثباتها مصطنعة عدم الأهمية :-
-مبقاش ليها لأزمة ومحدش فينا بيهتم اووي وأدى اللي بيحصل بكره، هيحصل بعده!!..
أبتسمت رقية قائلة بألم :-
-ولا انتي مخبياه عشان معرفش اللي فيه، خايفة اعرف حصل ايه مع جاسم!!..
… يتبع

error: