لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثامن عشر.. الجزء الثاني.
شعر بأنفاسها قريبة منه كل القرب، بداخله مشاعر مضطربة هل يستسلم لقبلتها التي سوف تقوده إلى إرتكاب معصية، تقوده إلي غضب الله عليه، سوف يلقي نفسه بين أحضانها، سوف يعطيها ماليس حقها ، سوف يعطيها حق رقية ؟! نعم كل ذرة مشاعر في جسده ملك لها، حتي ملمس شفتيه حرم علي كل بنات حواء إلا هي ..
تتزاحم الأفكار وتقترب الشقراء ، ترمش عينه عدة مرات ليقف عند فكرتين أو ربما مانعين “معصية الله، خيانة رقية” وفي الحال تجسدت رقية أمامه وعسليتها تذرف دمعاً ترمقه بندم، بحزن، بأسف “وفي ثواني يختفي طيف رقية رويداً رويداً، وتبقي عسليتها الباكية..
يمر الوقت ببطء حتي إنها تقترب من شفتيه ببطء رغم قربها كل القرب منه، وكأن الله يمنح عبده الصالح فرصة رفض المعصية.. إرتخت يده من علي خصرها لتتحول ملامحه إلي الجمود فجأة وهو يدفعها بقوة لتسقط علي الفرأش ونهض وهو يصيح :-
-لالالا..
رمقته بتعجب شديد وهي تعتدل وتنهض لتقف أمامه قائلة :-
-ماذا حدث!!..
رمقها بإشميئزاز وهي يقول بحده :-
-لست من يلقي بنفسه في متعة المعصية!!..
نظرت له بإستنكار، ثم حولت نظرها إلي يده اليسرى لترى دبلته الفضية فأومات برأسها قائلة بإبتسامة لئيمه:-
-هل تخشى غصب زوجتك لذلك ترفضني؟!..
فأقتربت منه وحاوطت عنقه قائلة بميوعة :-
-إذا كنت تخشى ذالك، فأطمئن ياوسيمي، لم أقوم بأخبارها..
ثم همست بجوار أذنه :-
-وأطمئن أكثر لم يكن بيننا سوا فرأش ليس أكثر أنا لا أطمع بغير ذالك ياعزيزي ، لذلك لم إستطع زحزحة مكانة زوجتك من قلبك..
حل يديها التي تحيط عنقه ونظرة لها نظرات نارية وقد رفع إحدي حاجبيه قائلة بنبرة جامدة :-
-أنني أخشى غضب الله لذلك أرفض أي إمرأة لاتحل لي..
فأبتسم قائل بثقة :-
-أما بخصوص زوجتي، أطمئني أنتِ ياعزيزتي، فأمراتي قد حُفرت بداخلي..
ثم أشار بعينه الي وشم مطبوع علي جسدها الشبه عاري قائل :-
-مثلها مثل هذا الوشم لم تخرج من قلبي إلا بالدماء..
كانت تسمع حديثه وهى صامته ترمقه بتعجب وتسبل بعينها الملونة ..
فنظر لها من قدمها إلي رأسها بنظرة مشميئزة متعمد إهانتها قائل بتهكم :-
-وإطمئني أكثر لم تقدر إي إمرأة عاهرة!! علي زحزحة مكانة زوجتي من قلبي لأنها ملكته..
وبينما هو يتحدث تعمد الضغط على حروف كلمة “عاهرة” حتي يحقر من شأنها..
إنهي جملته وغمز لها بعينه نصف غمزة وهو يبتسم ثم جذب سترته من علي الفرأش وغادر الغرفة..
لتجلس علي الفرأش بغضب وهي تضع يدها في خصلات شعرها قائلة بصياح :-
-تباً لذلك الحظ..
فقد دمر الوسيم خطتها لليلة رائعة في أحضانه..
سار في ممر الفنادق وهو يعدل من هيئته المزرية حيث أزارار قميصه المفتوحة، وقميصه الذي خرج قليلا من بنطاله نتيجة عبث تلك الشقراء به، عدل من هيئته وأستقل المصعد حتي يهبط ويغادر هذا الفندق، ويرحل عن هذه الليلة ويحذفها من حياته…
……………………….
-في البناية..
كانت فاطمة تلح علي زوجها بشأن ذهاب إبنتها للمزرعة مع السيدة جيهان ومع رفض راضي الأمر ظلت تلح مراراً وتكراراً..
فاطمة وهي تجلب له جلبابه قائلة :-
-ياراضي دي رايحة مع الست جيهان هي رايحه مع حد غريب..
أخذ راضى الجلباب قائل بسخط :-
-إنتي محسساني إن الست جيهان دي من باقية عيلتنا..
جلست فاطمة علي الفرأش قائلة بنفاذ صبر :-
-لا مش من باقية عيلتنا، بس أحنا عارفنها كويس وعارفين أخلاقها ودي عشرة سنين..
أرتدي راضي جلبابه وهو يقول بلهجة جامدة :-
-بقولك أيه يافاطمة بطلي زن، قولت لا يعني خلاص..
فاطمة بلهجة إستدارك :-
-ياراضي يعني أنت عجبك حال البت كده من السرير للحمام، ودموعها على خدها،اهي تروح تغير جو شويه..
تنهد راضي بصوت مسموع قائل :-
-خلاص وديها عند أختها أهي تاخد بحسها برضه..
لوت فاطمة فمها بتهكم وهي تلوح بيده :-
-بلا وكسه، اوديها عند محمد عشان يرخم ويسم بدن البت في الرايحه والجاية، مش كفاية اللي عمله في البت رباب ومانعها انها تيجي تشوفنا اوتشوف أختها..
فتابعت بتحسر :-
-شكلنا كده ملناش حظ في جوازت بناتنا..
هز راضى رأسه بأسي قائل بحزن :-
-خايف أموت وأسبهم يتعذبوا من بعدي، وخصوصاً رقية!!..
فاطمة علي عجالة :-
-بعد الشر ياأخويا حسك في الدنيا..
ثم ربتت علي فخذه قائلة برجاء :-
-وافق بقا، وانت من امتا بتقف ضد حاجة تسعد رقية..
راضي بتهكم :_
-مفيش فايدة فيكي برضه.. يافاطمة بنتك لسه مطلقتش رسمي يعنى تعتبر في ذمة الراجل، ولو اتطلقت رسمى في عده يعني ممكن يردها في أي وقت ، وافرضي ردها نقول استني البت لما ترجع من السفر، هيقول ايه علينا مصدقنا طلقنا البت وخلينها تلف في كل حته…
فاطمة بلهجة شبه غاضبة :-
-هو لو عاوزها مكنش رماها…
راضي بنفاذ صبر :-
-يافاطمة أنا مش حمل منهده وانا تعبت بقالي يومين في الموال ده..
فاطمة بلهجة إصرار :-
-وانا مش هسكت غير لما توافق.. هاا
راضى بلهجة غاضبة :-
-افرضي وافقت هي بتقول رايحة لاخوها، عاوزاني اطمن علي بنتي وهي في بيت واحد غريب..
إبتسمت فاطمة قائلة :-
-ماتقلقش متجوز ،أنا سمعتها قبل كده بتتكلم على مراته..
رمقها راضى بشك، فتحدثت بحزن :-
-ياراضي البت مش صعبانة عليك، اهي لو راحت هتبعد شويه عن الضغوط دي، وكمان يوسف إبن الست جيهان هيهوون عليها شويه..
فكر قليلاً وبدي عليه الاقتناع فهتف باقتضاب :-
-شوفي بنتك هتوافق الأول ولا لا..
تهللت أسارير فاطمة وهي تنهض قائلةبسعادة :-
-هاروح أشوفها تلاقيها خلصت إستحمام…
ثم أسرعت الخطي الي غرفة إبنتها،ليدثر راضى أسفل الغطاء وهو يقول بتنيهدة :-
-ربنا يهديكي يافاطمة!!..
……………….
هتفت رقية بتعجب وهي تمشط خصلات شعرها المبتلة:-
-مزرعة!!..
فاطمة بحماس وهي تجذب منها الفرشاة وتجلس خلفها علي الفرأش وتتولي هي مهمة تمشيط شعرها:-
-ايوة ياحبيبتي بتاعة أخو مدام جيهان..
رقية بإقتضاب :_
-وانا اروح ليه!! أنا مالي!!..
فاطمة بلهجة لينه :-
-عشان تغيري جو يارقية وكمان نفسيتك تتعدل كده..
رقية قائلة بحزن :-
-لا أنا كويسه كده!! مش عايزة اروح في حته..
ثم سحبت الفرشاة من يد والدتها ونهضت وهي تعقد شعرها…
فاطمة بإصرار واضح في نبرتها :-
-صدقيني هتتبسطي اووي هناك، وكمان يوسف ووآآ.
رقية مقاطعة بجمود :_
-مش عايزة ياماما، مش عايزة اشوف حد ولا حد يشوفني..
فاطمة بلهجة ذات مغزي :-
-واهو تبعدي عن وش اللي مايتسمي ..
نظرت لها رقية قائلة بإندفاع :-
-متقوليش عليه كده!!.
ثم تلعثمت وهي تقول :-
-ده آآ مهما كان برضه كان آآ في يوم من الايام آآ جوزي!!..
عقدت فاطمة ساعديها أمام صدرها قائلة بنبىرة متهكمة :-
-جتك جوز جزم علي دماغك يابعيدة..
ثم فكت يدها واقتربت منها قائلة بسخط :-
-أنتي لسه بتحبيه يابت؟!..
إبتلعت رقية ريقها بصعوبة ثم نظرت إلى الدميمة الموضوعة بجوار الوسادة وسارت نحوها لتمسكها وتضعها بجوار قلبها وكأنها تجيب علي والدتها..
فاطمة بتنيهدة :-
-المهم فكري كويس في موضوع المزرعة ده، واهو ياختي تفكي عن نفسك بدل عياط كل يوم ده..
ثم تابعت بنزق وهي ترحل :-
-ارحمي عينك اللي بقت شبه كيس الدم..
غادرت الغرفة لتترك رقية تحتضن االدمية بقوة وهي تلمع بالدموع..
………. ………….
ظل يتجول بسيارته طوال الليل بسيارته وهو يشعر بالندم على تفكيره مجرد تفكير في أمر مثل ذالك، عاتب نفسه وبشدة وظل يستغفر ربه كثيرا، فأي ضعف تمكن منه!! ظل علي هذه الحالة حتي سمع صوت أذان الفجر، ليتجه بسيارته نحو أقرب مسجد، ليصلي ويطلب من الله أن يغفر الله، يحتاج إلى تطهير نفسه بالوضوء من لمسات تلك الشقراء.. ثم يسجد لربه خاشعاً..
-في اليوم التالي..
تسير سيارة السيدة “جيهان” في طريقها إلى المزرعة، تجلس هي بجوار السائق وفي الخلف صغيرها يوسف ورقية التي تجلس على استحياء…
تحدثت جيهان ببشاشة:-
-سامحيني بقا، اول ماعرفت إنك وافقتي خليت السفريه النهارده على طول،اكيد ملحقتيش تستعدي كويس..
رقية بخفوت :-
-لامفيش حاجة عادي!!..
جيهان بجدية وهي تلتفت لها :-
-بس احب اقولك أن هتتبسطي جدا هناك الجو تحفة..
أومأت رقية برأسها دون أن تتفوه بكلمة..
فتحدث الصغير بنبرة طفولية وهي يوجه حديثه لرقية :-
-وهنلعب أنا وانتي بالحصان بتاع خالو نضال هو اصلآ عنده كتير اووي..
ملست رقية علي شعره قائلة بإبتسامة :-
-وانا موافقة!!
ثم تنهدت وهي تحاول السيطرة علي حالة الارتباك والخوف من وجودها هنااك…
ثم نظرت من النافذة لتشاهد الأراضي الزراعية والمناظر الطبيعية التي ليست مكلفة وبسيطة للغاية ، اقتربت السيارة من مزرعة عائلة الراوي ويشاء القدر أن تشيح رقية برأسها قبل أن تراها أو تقرأ أسمها.. فقد هتف الصغير بفرحة طفولية وهو يشير بإصبعه :-
-بصي الحمار يارقية!!..
لذلك أشاحت بوجهها الي جهة النافذة الأخرى..
وبعد مرور وقت ليس بالقليل، توقفت السيارة عند بوابة المزرعة لتزذاد ضربات قلبها وتهبط السيدة جيهان ثم تشير لرقية وصغيرها بالهبوط.. إبتلعت رقية ريقها وهي تمد يدها الباردة لتفتح باب السيارة..
كان واقف في إنتظارهم وهو يضع يده في بنطاله الداكن،إسرعت نحو شقيقته جيهان حتي وقفت قبالته وألقت نفسها في أحضانها قائلة بإشتياق :-
-وحشتني اووي يانضال..
لم يجيبها نضال بل تعلقت أنظاره بالفتاة المجهولة التي تخفي وجهها بالحجاب وتفتح الباب لأبن شقيقته، وتساعده على الهبوط، ضيق عينه بغموض وهو يلمحها تسير نحوهم ببطء وهي تنظر إرضا، وكانت الصدمة له عندما رفعت وجهها فإتسعت عينه وتحول الغموض إلي ذهول..
.. يتبع

error: