لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثلاثون..الجزء الأول
-في أحدي الفنادق الشهيرة.
جلس جاسم مع تمارا يتناولان فطورهما معاً في جلسة محاطه بالحراسة الخاصة بسيدة الأعمال “تمارا النجدي”..
التي تتناول فطورها بعنجهية وهي ترمق جاسم بنظرات متفصحة فهو شارد في عالم أخر، عالم لايوجد به أحد إلا رقية التي أصبحت شاغله الوحيد، شارد في جملته الأخيرة “عايز اتخلص من لعنة عشقك” هو بالطبع عشقها ولكنها لم تكن لعنة مطلقاً، تركت تمارا الشوكة والسكين وشبكت أصابعها معاً قائلة :-
-ياااه للدرجة دي أنا سديت نفسك عن الأكل!!..
أنتبه لها فزفر بضيق وهو يعود بظهره للخلف قائل بعدم رضا :-
-مش متعود أكل في حصار زي كده!!
قطبت مابين حاجبيها وهتفت وهي تشير بعينها:-
-قصدك على الحراسة بتاعتي؟!..
تحدث بضيق وهو يلوح بيده :-
-شايف إن وجودهم ملوش داعي يعني!!..
ضحكت تمارا برقة ثم أعادت شعرها للخلف قائلة :-
-بجد انت غريب اووي، أنا دلوقتي عرفت انت مابتمشيش بحراسة ليه!!..
-بقا فيه بيزنس مان كبير يمشي من غير حراسة كده؟! انت معرض للاغتيال في أي وقت وفي أي مكان!!..
جاسم بجدية للغاية :-
-وهما لو موجودين هيمنعوا أن الاغتيال يحصلي؟! ده قدر وظيفتهم عندي للشركة والقصر فقط، حماية نفسي دي انا مكلف بيها بقاا!!
تمارا بإعجاب لم تظهره قائلة :-
-طب والسواق أحياناً كتير انت بتسوق بنفسك؟!
ثم أبتسمت قائلة :-
-يعني اسمي ده تواضع!!
تحدث بنبرة غير مهتمة مبسطة :-
-تقدري تقولي راحة نفسية انا بحب اعيش زي أي أنسان عادى بعيد عن الشكليات السخيفة دي!!
هذه المرة رفعت حاجبها بإعجاب واضح ثم تابعت أكلها وأردفت بجدية :-
-بس لازم تفكر في موضوع الحراسة ده، انت العين عليك كتير ممكن حد يفكر في قتلك!!
ثم ضيقت عينها لتذكره بوقعة اغتياله السابقة :-
-وأظن حصل قبل كده!!..
بدأت الإبتسامة تعرف طريقها الي وجهه فطلقة في صدره أنقذت مافي قلبه تلك الحادثة التي كانت وصلة الود بينهما بداية من تمزيق قميصه من أجل صُنع حجاب لها حتي حملها علي يده وهو مصاب مواقف حدثت بينهما لولا أنه عاشها لظن انه يشاهد فيلم هندي.
تابعت تمارا بإبتسامة لئيمة بعدما لاحظت شروده :-
-بس الحادثة دي خليتك روميو الإعلام المصري، ده المجلات والجرايد كان عنوانهم الرئيسى كل يوم انت والبنت اللي كانت معاك..
جاسم بصرامة :-
-البنت دي تبقا مراتي!!..
ظلت الابتسامة علي وجهها وهي تمسك شوكتها تلتقط قطعة من الجبن الرومي :-
-كانت، كانت مراتك أن عندى أخبار بإنك طلقتها…
ثم نظرت لدبلة يده هاتفها بتسائل :-
-لسه بتحبها!!..
شعر بذرات الغضب تتملك منه فحاول أن يبدو هادئاً وهو يهتف بلهجة جامدة :-
-أنا مابحبش حد يدخل في حياتي الشخصية!!..
وكإنها لم تتأثر بحديثه تابعت بجدية :-
-هو السؤال صعب عليك!!..
رغم غضبه فتابع بحنق قائل :_
-لا ، بس أنا شايف ان الإجابة متلزمكيش في حاجة!!..
كانت تلوك الطعام ببرود شديد ثم ابتلعته وهتفت وهي تتصنع عدم المعرفة :-
-هي فعلاً كانت بنت بواب ومشو—..
قاطع حديثها بأنه ضرب بقبضته علي الطاولة مما جعل كأس المياه يهتز لتنتثر بعض قطرات المياه فقال بحده واعين ينطلق منها سهام الغضب :-
-سيرة رقية ماتجيش في الكلام مابينا ياتماراا !!..
نظرت له بذهول وأردفت بنبرة شبه غاضبة وهي تلقي بشوكتها في الطبق :-
-انت مش ملاحظ إنك بتزعقلي، وهو انا غلطت فيها مثلاً!!..
هتف بكل حده وصرامة وجمود:-
-مفيش شخص يتجرأ يغلط فيها قدامي!!..
شعرت بالدماء تغلي في عروقها فهتفت بحنق :-
-مش شايف إنك كبرت الموضوع!!..
جاسم بلهجة جامدة :-
لا مش شايف، وخلي في علمك اول واخر مرة تتكلمي عنها لاني مش هسمح بده!!..
تمارا بنبرة متهكمة :-
-والمفروض انا زي الشاطرة كده اقول حاضر ياأستاذ جاسم اول واخر مرة مش كده!!..
وبكل ثقة وتكبر هتفت بجمود وهي ترفع ذقنها بشموخ :-
-أنا مش باخد أوامر من حد ياجاسم!!..
رمقها ببرود ثم أمسك شوكته ليتناول طعامه وتنهد قائل :-
_لما تكوني معايا ياريت تنسى إنك تمارا النجدي ، لأنك هتتعودي تعملي حاجات مش متعودة عليها لكن أنا عاوزها..
والأول مرة تشعر بالهزيمة، ولأول مرة تصمد أمام رجل!! رجل مختلف كل الاختلاف عن أي رجل عرفته اوتزوجته فجميعهم كانوا يركضون خلفها وهي لاتبالي اما هو لايعطيها مكانتها الدائمة عند الرجال..
………..
-في مزرعة نضال..
جلست علي الفرأش حتي لم تبدل ثيابها فكانت مذهولة مصدومة مما رأت فإذا كان طبيب للتجميل لماذا يخفي هويته ولماذا لم يمارس مهنته ومنعزل في مزرعة!! لماذا صارم هكذا!! علامات إستفهام كثيرة في حياته!! زفرت بصوت مسموح لتدلف “دنيا” في هذا الحين وهي عابسة الوجه ألقت نظرة علي رقية التي عقدت حاجبيها بذهول قائلة :-
-ايه مالك كده!!!.
لم تجيبها بل توجهت إلى الخزانة واخرجت شنطة بلاستيكية لتخرج فستانها الممزق قائلة بنبرة حزينة :-
-يعني الهدية اليتيمة اللي اجبهالكتعملي فيها كده!!..
شعرت رقية بالحرج الشديد ثم عضت علي شفتيها وهتفت بأسف :-
-أنا أسفه يادنيا بجد والله كان غصب عني!!..
أشار دنيا إلي فتحة الصدر قائلة بتهكم:-
-وإيه اللي قطعه كده بقاا، دي قطعة أيد!!..
فركت رقية كفيها معاً وهي لاتعرف بما تجاوبها ثم قالت بإرتباك:-
-أ آآصل يعني!!..
نظرت أرضا قائلة بإستحياء وحزن :-
-جاسم اللي قطعه!!..
أصدرت دنيا شهقة قوية ثم ألقت الفستان بإهمال واقتربت منها قائلة بسعادة :-
-بجد!! وحصل بينكم ايه!! وازاي!! وفين!! ها في عربيته ولا في الشقة هاا قولي!!..
رمقته رقية بذهول ثم اردفت :-
-ايه إهدي شوية كده!! أنتي فهمتي غلط علي فكرة مفيش حاجة من اللي في دماغك دي حصلت ..
ضيقت دنيا عينها قائلة بخبث :-
-لا والله يعني محصلش حاجة كده ولاكده!!..
ثم رفعت سبابتها محذرة :-
-اوعي تنكري الفستان شاهد عليكم!!..
ضربتها رقية علي رأسها بخفة قائلة:-
-بطلي عبط احنا مطلقين ماينفعش يحصل بينا حاجة!!..
دنيا بإبتسامة :-
-ياستي ابقوا ادفعوا جزية!!..
رقية بنزق :-
-جزية!! أنتي من فاكره نفسك في عصر أبو جهل، قومى يادنيا الله يرضى عليكي!!..
غمزت دنيا بعينها قائلة:-
-طب احكيلي حصل أيه!!..
تنهدت رقية بضيق ونهضت قائلة علي عجالة :-
-خليكي كده!! انا هقوم استحمي واسيبك علي فضولك كده!!..
فإتجهت نحو الخزانة أخذت ثياب ومنشفة وقبل أن تدلف تذكرت شئ فإستدارت قائلة لدنيا :-
-دنيا تعرفي نضال بيه شغال أيه!!..
دنيا بتعجب وهي تبتسم :-
-شغال ايه!! لا والله معرفش غير أنه شغال صاحب المزرعة اللي احنا شغالين فيها دي!!..
أومأت رقية برأسها ودلفت للمرحاض بصمت، فمن الواضح لم يعلم أحد شئ عنه..
…………..
-في شركة الراوي..
وضعت السكرتيرة الجديدة ذات المساحيق التجميلية والثياب القصيرة الملتصقة ملف المستشفي الخيرية قائلة بعملية :-
-ملف المستشفى الخيرية وصل ياأفندم!!..
أومأ برأسه ثم أشار لها لتخرج لتسير ناحية الباب وهي تتمايل في خطواتها جسدها زفر جاسم بضيق وهو يمسح وجهه قائل :-
-استغفر الله العظيم يارب..
انهي جملته ليدلف “معتز” في هذه اللحظة وهو يطلق صفيراً عالياً ثم جلس أمام جاسم علي المكتب قائل بمرح :-
-ايه الاخبار ياأبو الجسوم!!..
تحدث جاسم بنبرة ضيق قائل :-
-زي الزفت طبعاً، ايه عروسة المولد اللي أنت جبتها بره دي!!..
معتز بتعجب :-
-مالها ياجاسم مش انت قولتيلي انزل إعلان اطلب سكرتيرة مكان بسمة!!.. كجم
جاسم بحنق :-
-يعني من كل اللي اتقدمه مفيش غير دي!!..

معتز بجدية :-
-ال cv بتاعها هايل جداً، واشتغلت في كذا شركة قبل كده يعني عندها خبرها..
تحدث جاسم بلهجة جادة وهو يشير بيده:-
– بلا خبرة بلا نيلة، انت تخلص شهر عسلك وترجعلي بسمة تاني دي هي اللي كانت شايله شغلي!!..
أبتسم معتز قائل بهدوء :-
-لا ماهو خلاص بسمة هتخلي بالها من بيتي وعيالي يعني في المستقبل، مفيش شغل تاني يعني!!..
رفع جاسم حاجبه قائل بتهكم:-
-عيشت وشوفت بقا ليك بيت ياصايع!!.
معتز بلهجة غاضبة :-
-ايه جاسم راعي االفاظك يا أخي ده أنا عريس جديد يعني ايه صايع دي ..
رمقه جاسم بأستهزاء ولم يعقب ثم فتح الملف الذي أمامه ليضع توقيعه، فسأله معتز بجدية :-
-هو ده ملف المستشفي الخيرية !!
أومأ جاسم برأسه ،فتابع معتز بنبرة جادة :-
-طب ياجاسم ادرس الموضوع كويس، أحسن تكون نصبايه ولا حاجة خد وقتك!!..
أغلق جاسم الملف قائل بنبرة شبه معاتبة حادة :-
-وانا من امتاا بتأخر علي حاجه في الخير يامعتز!!..
كاد معتز أن يتحدث، فقاطعه جاسم وهو يمد له الملف قائل بلهجة غير قابلة للنقاش :-
-خلصنا يامعتز!! خد وصل الملف للسكرتيرة دي، بدل ماتدخل هي واشيل ذنوب اصل انا ناقص !!..
أخذها معتز فتابع جاسم بجدية :-
-ومن بكره تشوفلي واحدة تانية تكون محتشمة أو حتي راجل أعرف ابص في وشه من غير مااشيل ذنوب !!..
أبتسم معتز ورحل قائل :-
-ماااشي!!..
………….
-في شركة رجال الأعمال المشبوهين!!
كان يجلس رجل في العقد الرابع من عمره علي مقعده الجلدي الوثير وتجلس ملتصقه به السكرتيرة من يرأهم يظن انها جلسه حميمية وليست جلسة عمل!! كانت تعبث في خصلات شعره حتي طرق الباب فأبتعدت عنه ليدلف مساعده ويده اليسرى في العمل وهو يحمل بشري له قائل بسعادة :-
-ابشر ياباشا!!!..
اعتدل هو في جلسته وأغلق أزرار قميصه قائل بصوت جاد :-
-خير ياسامي!!..
فجلس سامي علي المقعد أمامه قائل:-
-مش هتصدق مين ساهم النهاردة في المستشفي ياعامر بيه !!..
عامر بضيق وهو يشعل سيجارته :-
-أنت هتنقطني بالكلام اخلص ..
ظهرت الابتسامة علي ثغره قائل :-
-جااسم الراوي!!..
نفس الابتسامة تكونت على ثغر “عامر الذي ابعد سيجارته وهتف بعدم تصديق :-
-بتقول مين ياسامي!!
-بقولك جاسم الراوي!! يعني شغلنا في امان يابوص!!..
فتحدث عامر بفرحة :-
-ينصر دينك ياأخي!! أخيراً سمعت خبر حلو!!..
غمز سامي بعينه قائل :-
-أي خدمة ياباشا، وده مش اى خبر يعني احنا كده هنداري ورا أسمه النضيف !!..
قهقهه عامر وهو يهتف :-
-هنداري وبس!! ده احنا هنشتغل اكتر من الإول..
ثم تابع بسعاده وهو ينظر أمامه :-
-وعمر ماحد هيعرف باللي بيحصل في المستشفي، العين هتبعد عناا!!..
فنظر لسامي قائل بجدية :-
-روح الخزنة خليهم يصرفوا ليك مكافأة عشان الخبر ده!!.
ثم جذب السكرتيرة لتجلس علي قدمها وتحدث بشهوة :-
-وسبني انا اكمل اجتماعي!!..
نهض سامي قائل بإبتسامة :-
-يدوم خيرك ياعامر بيه، أستاذن أناا!!
…………
-بعد مرور أيام..(في البلد)
في منزل بسيط كانت تتعالى الزغاريد فرحاً بإبنتهم التى سوف تزف لعريسها بعد بضعة أيام، كلما تعالت الزغاريد شعرت شهد بسيوف تخترق أذنيها فهي جاءت لكي تحضر فرح جلادها فرح الشخص الذي سلب منها برائتها وحياتها، جاءت مرغمة فقد توسلت لهما أن يتركوها ولكن لاحياة لمن تنادي!! هبطت الدرج المصنوع من الطين بوجهها الشاحب ووزنها الناقص ترتدي عباءة داكنة اللون وتترك شعرها وتضع عليها حجاب طويل نظرت من خلف الحائط لترى العروس وهي تتراقص بين الفتايات بفرحة عارمة فلم تستطع هي هدم هذه الفرحة وانتشلها من علي وجه هذه البريئة!! اغمضت عينها بألم لتذرف الدموع الحارة!! وفي هذا الوقت تمنت لو سردت لوالدتها ماحدث ولم تخترع أكذوبة مثل “أصل ياماما البنت بتتخطب وانا لا، أنا مش هاتجوز محدش هيرضا بياا” ثم تإخذها الإم في أحضانها وتربت علي ظهرها وهي تواسيها بالحديث المعسول!! .. تنهدت بإلم ثم جرجرت قدمها وخرجت من المنزل متجهها نحو الحقل لتجلس أسفل شجرة تبكي بحرية ولسوء حظها رأها “عصام” فذهب خلفها مباشرة!!..
استندت رأسها علي الشجرة وهي تبكي بإلم حتي شعرت بيد تتسلل من الخلف لتحيط خصرها فأطلقت صرخها وهي تنهض كمن لدغه حيه، وعندما نظرت له وجدته يبتسم ببرود لها وهتف :-
-وحشتيني يامُزه!!..
احتضنت نفسها بهلع وهى ترمقه بهلع وخوف فدنا منها وتراجعت هي علي الفور حتي صرخت به :-
-اوعي تقربلي!! مش هسمحلك تلمسني تاني!!..
نظر لجسدها الضئيل الذي التهمه من قبل وهتف بعتاب :-
-تؤتؤ ليه كده بس!!. ده انا حتي جاي عشان نعيش لحظة حلوة تانية!!..
ثم نظر حوله وهتف بخبث :-
-في الضلمة دي والزرع وأنا وانتي ياجميل!!..
شعرت بالقشعريرة تسري في أوصالها، ولكنها نظرت له بغضب قائلة :-
-انت حيوان وانا هفضحك، هاروح اقول لعروستك علي قذرتك دي، وبدل مابيطبلوا ليك هخليهم يطبلوا بالجزم علي دماغك!!..
أبتسم لها ثم اقترب أكثر وقبل أن تبتعد امسكها بقوة وتحدث بنبرة تهديد :-
-اقسم بالله لو فتحتي بوئك بكلمة ولا لسانك جاب هوا،مش هخلي يطلع عليكي الصبح لا وكمان هفضحك هقولهم انى علي علاقة بيكي من زمان كل مابنزل اجازة كنتِ بتغريني هخليهم يعرفوا أن كنت بعمل كده معاكي بمزاجك ..
ظلت ترتجف بين يده وتبكي وهي تضرب في صدره، فأمسك فكها وضغط عليه هامساً وهو يتجول بعينه على جسدها ثم هتف بإشمئزاز مشيراً لوجهها :-
-اوعي تفتكري نفسك واحدة!! ده المفروض تشكريني أني بصيت في خلقتك دي!!..
فهمس بوقاحة :-
-اديني متعتك شويه!! حسستك انك ست ممكن يتبصلها، جبرت بخاطرك ومتعت نفسي ومتعتك معايا يبقي كده خالصين ياحلوة..
فتركها مرة واحدة بدفعة قوية لتسقط علي الزرع خلفها فهندم من جلبابه الكحلي وهتف بصرامة :-
-عقلك في رأسك تعرفي خلاصك يابنت عمي!!..
ثم القي عليها نظرة أخيرة ورحل.. تاركها تبكي بإعلي صوت وتشهق وهي تضع يدها على قلبها الذي ينبض بالدموع..
……….
-في قصر الراوي..
دلف بعدما فتحت له الخادمة وسارت معه حتي أشارت له أن يجلس حتي تخبر رب عملها ، فظل واقفاً يضع يده في جيب بنطاله وهو يسير ذهاباً وإياباً، هبطت الدرج وهي تضع سماعات الأذن وتردد بصوت خافت لايسمعه احد سواها، حتي وصلت لإخر الدرج لتقف مرة واحدة متصلبه في مكانها بعدما رأته يبتسم لها بتسلية إبتلعت ريقها وظهر عليها الهلع من وجوده هنا فظنت انه جاء ليخبر جاسم سارت نحوه بعدما خلعت السماعات وهتفت بنبرة مذعورة :-
-آآ أنت بتعمل أيه هناا؟!..
رمقها ببرود ثم هتف بتهكم:-
-هو ده أستقبال الضيف عندكم!! ومع ذالك هجاوبك أنا جاي لصاحبي!!..
تحدثت بخوف وهي تنظر حولها :-
-جاي تقوله مش كده!! مش انت وعدتني انك مش هتقوله؟!!..
بيبرس وهو يرفع كتفيه :-
-أنا ماوعدتكيش على فكرة!!..
دق قلبها بعنف وشعرت بأن قدمها ستسقطها ارضاً قائلة بتوسل :-
-ارجوك يابيبرس!! ده مش هيسكت!!.
انت باين عليك شهم وجدع!!..
لم ينكر انه شعر بالأشفاق عليها فنظر لعينها البندقية الراجية ولكن قطعت هذه النظرة الخادمة الذي عادت تخبره :-
-جاسم بيه مستنيك في المكتب!!..
أومأ برأسه وتحرك بضعة خطوات فأمسكت به وقد تجمعت الدموع في مقلتيها قائلة بتوسل خافت :-
-آآ أرجوك!!..
تنهد بصوت مسموع ثم سار خلف الخادمة لتقف ترتجف من الخوف وتفكر في مصيرها !!..
عندما دلف قابله جاسم بمرح :-
-ايه يابني قلقتني ايه الموضوع المهم ده اللي ماينفعش في الشركة!!..
ثم أشار له بإن يجلس وجلس هو خلف مكتبه وتابع بجدية :-.
-تشرب أيه الأول؟!..
كان مرتبك وهو لايعلم كيف يبدأ فوجد نفسه يهتف بإندفاع:-
-شرباات نشرب شرباات!!..
جاسم بإستنكار :-
-نعم!!..
وجد نفسه في مأزق فتحدث بتوتر :-
-بلاها شربات دلوقتي اي حاجة!!..
أبتسم جاسم علي حديثه وأردف :-
-ايه يابني اللي يشوفك كده يقول إنك جاي تخطب ومش عارف تتكلم!!..
ابتلع ريقه ثم نظر لجاسم بحذر قائل :-
-ماهو أنا فعلاً جاي أخطب!!..
قطب جاسم مابين حاجبيه، ليستحوذ بيبرس علي بعض من الشجاعة هاتف بجدية :-
-أنا جاي اطلب منك أيد حنين!!..

error: