لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي

الفصل الثالث والعشرون…الليله الثانية
حل صباح عليها لتفتح جفينها بإرهاق وتعتدل بصعوبة وهي تتأوه بخفوت من أثر أعتدائه عليها ليلة أمس ،جلست وضمت ركبتيها معا، باكية علي الحالة التي وصلت لها معه، لاتصدق الذي بدر منه البارحة كأن كالذئب وهو يفترس فريسته لا حبيب في لقائه مع حبيته!!!
أعادت خصلات شعرها للخلف وتنهدت بألم وهي تستعيد ذكريات أمس!!..
فلاش بالك…
تركها جسد من يراه يظن انها فارقت الروح تبكي بصمت وتشهق بين نفسها بداخلها بركان، صراخ، قتال من الذي حدث الإن، فهو لم يفعل ذلك عندما امتنعت عنه في بداية زواجهما وفعلها الأن دون سبب يذكر؟!!!…
فتحُ الباب ليدلف وترتجف وهي تجذب الملاءة عليها أكثر، سار حتي وقف أمامها وهو فاتح قميصه ويمسك زجاجة المياه ويرتشف منها بعض القطرات، كانت تحيد ببصرها عنه حتي لم تراه وهو يضع الزجاجة على الكومود ويجلس بجوارها علي الفرأش ويدير وجهها ناحيته بسبابته، كانت عينها تذرف بالدموع ظنت أنها سيطيب خاطرها لذلك رمقته بعتاب، ولكن تحطمت أملاها عند هبط بشفتيه يقبل شفتيها مرة أخري يبث فيها قسوته مره أخري!!..مرة أخري اعتداء عليها ولكن هذه المرة قاومت رغم إعياءها دفعته بقوة، إستخدمت أظافرها لتخدشه في وجهه مقاومة تذكر لها ولكن كانت النهاية له حيث نهض وجلب حجابها من الإرض وعاد ليكبل ذراعيها به في طرف الفرأش!! ليعالجها بطريقته الطريقة التي اختارها هو ليخرجها من ضعفها!!!
وردد بداخله حتي يصمت قلبه الذي يتألم من أجلها وضميره الذي يؤنبه “إحيانا القسوة بتكون علاج!!”….
تكرر المشهد مرة أخري ونهض بعدما أفرغ طاقة قسوته بها، ولكن هذا المرة سار وهو عاري الصدر نحو الشرفة المغلقة ووقف خلف الباب الزجاجي وتحدث بجمود :-
-أظن جه الوقت اللي لازم تعرفي موضوع الملف ده !!
نظر لها وجدها ساكنة تنظر إلى السقف، دق قلبه بعنف وهو يراها في هذه الحالة ولكن غفل عن ذالك ونطر إمامه قائلا :-
-الملف ده كان متجهز من إدارة العلاقات العامة عندي بالشركة، تقدري تقولي كانت حملة اوخطة لاني كنت مترشح للمنصب هام!! واسمك اتذكر في الملف لاني مدير العلاقات العامة عندي كان ****** افتكر إنى متجوزك عشان هدف في دماغي واني بستغلك زي ماقولتي، عشان كده استغل شوشرة المستشفي اللي حصلت معانا فإنها تكون من خطتي الإنتخابية عشان تتعاطف معايا وتحبني أكثر واني ازاي انا راجل طيب ، وأول ماجه اتكلم معايا في الموضوع ده ماحسيتش بنفسي إلا وأنا نازل فيه ضرب وبعدها طردته من الشركة، والملف فضل معايا وسبته على المكتب لاني كنت ناوى اخلص منه أو يمكن مكنش فيه حاجة مهمة اووي عشان كده سبته علي المكتب لكن دخلت مرات عمي ولقيته وحصل اللي حصل!!..
رمشت بعينها لتزيد دموعها وشهقاتها المكتومة فأقترب منها وحرر ذراعيها عندما فك الحجاب ليرتخي ذراعيها بسكون علي الفرأش..
فتنهد وهو يطالعها قائل بلهجة شبه متهكمه :-
-أديني برأت نفسي من تهمتك، بعد ماعملت فيكي تهمة جديدة!!..
ثم تابع بقسوة قاصد إعتدائه:-
-بس تقدري تقولي المرة دي إني أديتك سبب حقيقي تكرهيني عشانه!! بس المره دي تكرهيني وأنا متهم بجد!!..
إنهي جملته وغادر الغرفة مجدداً، ليتركها مع صراخها وعويلها وجروحها وأحزانها..
بااااااااااك..
جففت دموعها بعدما تركت خيوط وعلامات أسفل عينها، فيكفي ذكريات مؤلمة في حياتها، ثم لفت الملاءة علي جسدها بعناية لتنهض ليقع نظرها علي ثيابها الممزقة الملقاة على الإرضية فأصبحت لاتصلح للإرتداء مرة أخري فأصبحت خرقات أغمضت عينها بألم ثم جرجرت قدمها لتسير نحو الشرفة وتزيح الستار قليلاً وتنظر لترى، جاسم جالس في الأسفل علي الطاولة يتناول فطوره وتقف بجواره فتاة لاتعرف هويتها تسكب له فنجان قهوته وهي تبتسم، تسرب له شعور انها تراقبه فنظر لها من زاوية عينه ليراها بالفعل خلف الستار، إبتسم بخبث وهو يضع الجريدة علي الطاولة ثم يتصنع الضحك مع “مهجة” حتي يثير غيرتها، فنظر مرة أخري لتراها فتفزع وهي تغلق الستار مجدداً.. زفر بضيق لتتحدث مهجة بغضب مكبوت :-
_ أومال الست هانم منزلتش فطرت معاك ليه!!..
تناول جاسم فنجان قهوته وإرتشف منه قائل بإيجاز :_
-بتفطر متأخر!!..
أومأت رأسها بعدم إقتناع، ولكنها حمدت ربها إنها لم تهبط حتي لاتتعكر برؤيتها..
_جلست علي الإريكة وهي ساخطه عليه فهو يضحك ويقهق ولديه شهية يتناول فطوره وهو ذابحها لهذه الدرجة هانت عليه؟!!..
أنتشلها من شرودها صوت الباب الذي فُتح الإن ودلف منه جاسم إلقي عليها نظرة جانبية ثم سار نحوها لتدب القشعريرة في أوصالها من قربه منها ليهمس بلهجة تحمل السخرية :-
-حاجة تضايق مش كده؟!
حملت به ليتابع هو بنبرة جامدة :-
-عرفتي بقا إن الغيرة وحشه!! وان من حقي أضايق لما أعرف إنك كنتِ عند راجل غريب..
أشاحت بوجهها عنه وهي ترتجف وتفرك كفيها معاً إبتسم ثم وقف أمام المرأة يرتدي ساعته، فوجئ بها تهتف بخفوت وهي تنظر لتلك الملأة التي تستر جسدها وتمنع نفسها من البكاء :-
-آآ عاوزة ه هدوم ألبسها!!..
نظر لها في المرأة قائل ببرود :-
_ليه؟!!..
“ليه؟!!” إجابته جعلتها تقطب مابين حاجبيها بتعجب وذهول فنظرت لثيابها الممزقة قائلة :-
-آآ عشان أنت آااقطعت الهدوم اللي كنت لبساها!!..
رفع كتفيه وأجابها بلا مبالاة :-
-كده كده لو جبتلك هدوم هقطعها تاني!!
فإستدار نصف إستدار وهو يشير للملاة قائل بعبث :-
-أنا بقول تخليكي كده، أهو عشان تبقي جاهزة في أي وقت!!..
وكإنها تلقت حجراً سقط عليها الإن، فهزت رأسها بعدم تصديق هاتفه بإختناق:-
-آآ حرام عليك!!..
ثم تابعت :-
-طب آآ هخرجك أزاي يعني وانا يعتبر عريانه!!
رفع حاجبه بإستنكار قائل :-
-ومين قالك إنك هتخرجي من هنا أصلاً!!
لم يعطيها فرصه الصدمة أو الذهول فتابع :-
-اعتبري نفسك مسجونه في الاوضة دي لحد ماتتعالجي!!..
ثم إلتقط سترته وإرتدائها، فنظر في ساعته ليقول بهدوء نوع ما :-
-جعااانة؟!!..
لم تجيبه بل تسطحت وهي تحتضن نفسها وتبكي، فتحدث بتهكم وهو يرحل :-
-عنك مارديتي اللي بياكل علي ضرسه بينفع نفسه!!..
وصل ناحية الباب فتصنع انه نسي أن يخبرها شئ فإلتفت قائل :-
-اه علي فكره أنا رايح اشكر الأستاذ اللي استقبلك في بيته!!..
وببرود متناهي أخبرها :-
-وهقفل الباب عليكي وهتأخر بره!!
ثم خرج وبالفعل أوصد عليها الباب من الخارج.. شعرت بأن الأكسجين نفذ من الجو تختنق وهي تبكي وتشهق تتمني أن يكون ماتعيشه الان كابوس!!..
منذ متي ياحبيبي!!
أصبحت تتلذذ بتعذيبي!!
……………..
-في قصر الراوي..
تحسنت مشيرة كثيراً وأصبحت قادرة علي التحدث فقد بذل جاسم أكثر مافي وسعه ليوفر لها كل الإحتياجات اللازمة لشفائها بداية من طاقم أمهر الأطباء الذين أشرفوا علي حالتها ليتم شفائها الكامل، وجاسم علم بأمر الممرضة التي كانت تخدر والدته لكي تنام فترة طويلة وتصرف معها!!
جالسة مشيرة علي الفرأش، وبجوارها علي المقعد هدي قائلة بنبرة ذات مغزى :-
-طول عمرك محظوظة يامشيرة، محظوظة مع جوزك الله يرحمه وإبنك اللي كان ناقص يجبلك وزراة الصحة بنفسها هنا!!..
رمقتها بحده قائلة بجمود :-
-ومحظوظة عشان ربنا رزقني بمرات إبن زي رقية!!..
ضحكت هدي قائلة :-
-مابقتش مرات إبنك بقاا!!..
ابتسمت مشيرة إبتسامة ذات مغزى لأنها علمت من جاسم عندما جلس معها طوال الليل قبل أن يسافر للمزرعة واخبرها بأنه عادها إلي عصمته..
أردفت هدي بإستنكار :-
-ده انتي حبيتيها بقا يامشيرة!!..
مشيرة بلهجة جامدة :-
-ايوة حبيتها طلعت اصيله رغم كل اللي عملته فيها، وعمري ماأنسي وقفتها معايا في تعبي..
ثم نظرت إلى هدى نظرات ذات مغزى قائلة :-
-عملت اللي عشرة عمري معملهوش!!..
ظهر الارتباك علي هدي فقالت بجمود :-
-إبنك عاوز يمشيني من القصر!!..
هزت مشيرة رأسها قائلة ببرود :-
-والله هيبقا أريح ليكي وليا ياهدي!!
ثم نظرت لها نظرة جانبية قائلة :-
-وأنتي طول عمرك نفسك تبقي ست البيت، اهي جتلك لحد عندك يبقا عندك بيت تبقي انتي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيه، ولا أيه!!..
شعرت هدي بالدماء تغلي في جسدها فنهضت بغضب قائلة :-
-انسي يامشيرة انتي وإبنك إني اسبلكم بيتي وبيت بنتي!!
ثم غادرت الغرفة بأكملها، تنهدت مشيرة بصوت مسموع ودلفت الممرضة المقيمة معها لتعدل لها الوسادة حتي تستريح في جلستها…
……………….
وقف محمود في شرفة المنزل الصغير والذي تغطيه ستار باهت أزاح تلك الستر ليراقب محبوبته “مني” وهي تقوم بنشر الغسيل فهو يكمن لها حب منذ الطفولة ولم يقل هذا الحب حتى الأن، فهي كبرت وأصبحت فتاة يأتي لها العرسان، أما هو لايقدر علي ذالك يكتفي فقد بمراقبتها من خلف الستار وأكثر مايؤلمه انها قطعت الحديث معه مثلها مثل غيرها وكإنه شئ سئ ينفر منه الجميع فهو ماسخ..
تنهد بألم قائل وهو ينظر للسماء :-
-يااارب!!..
…………………..
-في عيادة الطبية النفسية..
صرخت به بقوة بعدما سرد عليها فعلته :-
-مش ممكن!!! معقول اللي سمعته ده!! أنت تعمل فيها كده..
فتابعت بغضب :-
-أنت كده بتهد كل اللي عملناه، مجرد بس أنها حكتيلي يبقي دي خطوة جيدة للعلاج،لكن للأسف حضرتك رجعتنا الصفر من تاني!!
وضع يده بين خصلات شعره قائل بضيق :-
معرفش بقاا هو ده اللى حصل!!..
الطبيبة بإستنكار :-
-طب ده حصل ليه أصلاً؟!..
جاسم بنظرات جامدة ولهجة قاسية :-
-تقدري تقولي نوع من انواع العلاج!!..
تنهدت قائل وهو ترمقه بجدية :-
-وتفتكر إنك كده بتعالجها!!..
حاول أن يقنع حاله وهو يتحدث :-
-الحنيه معالجتهاش جايز القسوة تعالجها..
الطبية بإنفعال :-
-أنهي علاج دي يقول إنك تاخدها غصب عنها، تعتدي عليها جنسياً وتسبب ليها عقدة جديدة في حياتها وتقولي علاج !!..
ثم قالت بنبرة ذات مغزى :-
-أنت عارف تأثير اللي انت عملته ونتيجته هيبقا أيه ؟!..
هز رأسه بإستفسار فتابعت بأسف :-
-نتيجته أنها هتكره العلاقة معاك بعد كده!! يعني انت خلقت خلل هيبقا في علاقتكم الحميمة هيبوظ حياتكم الزوجية!!..
يبدو أن حديثها جعله يفكر قليلاً ثم يقول بتبرير :-
– اللي آآ انا عملته ده حقي!!..
الطبية بجدية :-
– حقك لما يكون بمزاجها انت كده دلوقتي مفيش فرق بينك وبين المغتصب!!..
ردد الكلمة بسخرية :-
-مغتصب!!..
أومأت برأسها إيجاباً، ليندفع قائل وهو يشير للخدش بجوار ذقنه:-
-بس اغتصابي ده جاب نتيجة، أداها قوة انها تقاوميني ..
رفعت كتفيها قائلة بعملية :-
-دفاع طبيعي في أي انسان بيدافع عن نفسه ويحميها..
قطب مابين جبينه بإستنكار وعدم إقتناع، لتهتف بجمود :-
-لما انت مقتنع أن قسوتك معاها هي الحل، جايلي ليه؟!..
صمت وهو لايعرف بما يجاوبها، لتتحدث بإبتسامة أسفه :-
-حاسه ان اللي قاعد قدامي واحد غير اللي مرضيش يدخلها مصحة عشان متحسش بالنقص اكتر وعشان متخضعش لجلسات كهرباء لو بكت أو صرخت ، واحد غير اللي حجز العيادة كلها عشان لما تيجي متلاقيش حد يبصلها نظرة تضايقها وتاخد راحتها، واحد غير العاشق اللي ماكنش بيستحمل وجعها!!..
إنهت حديثه لتتركه بين موجات أفكاره تصطدم وتهيج حتي يصل للبر..
………………….
-في مزرعة نضال..
جن جنونه عندما علم من السائق إنها ذهبت مع زوجها، ذهبت لمن جرحها لمن تركها لمن أهان أنوثتها، ذهبت ولم تعود كما أمرها فهو الوحيد القادر علي إنقاذها من الوحل، وبينما هو جالس علي مقعده سمع صوت سيارة قريبة منه إلتفت ليجد سيارة “جاسم” تصطف ويترجل منه ويتجه نحوه قائل بإبتسامة مصطنعة علي ثغره:-
-أذيك يانضال بيه!!..
رمقه نضال بجمود ونهض ،ليتحدث جاسم بنبرة معاتبة :-
-ايه مش هترحب يضيفك!!..
نضال بلهجة جامدة تحمل غضب مكبوت :-
-جاي ليه!!..
جاسم بإستفزاز :-
-طبعاً مش هتصدقني لو قولتلك جاي اشرب القهوة اللي ماشربتهاش المره دي!!..
حاول نضال السيطرة علي شحنة غضبه وهو يهتف :-
-خدتها ليه؟!..
تصنع جاسم عدم الفهم وهو يهتف :-
-هي أيه دي؟! الإرض!!..
نضال بعصبية :-
-انت عارف أنا بتكلم علي إيه!! كويس..
ثم تابع بغضب :-
-اخدتها ها، اخدت رقية ليه ؟! عشان تهينها وتوجع تانى!!..
جاسم وقد قست ملامحه :-
-لاحظ إنك بتتكلم على مراتي، وأظن برضه انك ماينفعش تتدخل مابين راجل ومراته مش كده!!..
ثم تابع بجمود :-
-واحنا متشكرين علي ضيافتك ليها؟! وياريت تبعت حد يجبلي شنطة هدومها وحاجته اللي هنا..
نضال بصرامة :-
-تيجي تاخدهم هيا!! إيش ضمني انك اجبرتها تفضل معاك ولا حاجة!!..
حك جاسم طرف ذقته ثم أفرغ غضبه في لكمه في وجه نضال!!..
… يتبع

error: