لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل السادس والثلاثون…الجزء الأول
تعلقت أنظارهما لوهله نظراتها تحاول بث الطمأنينة في نفسه اما نظراته جامدة صلبه وربما قاسية كحديد القضبان الذي يقف خلفه!!..
لم تفقد الأمل ولم تجعل اليأس يحتل كيانها، فجلست علي المقعد الخشبي المتواجد فى نهاية القاعة!!..
بدأت الجلسة القضائية وجميع الأدلة تدين جاسم!! فأصبحت دقات قلبها تتعالى قلقاً على معشوقها!! خاصة أنها علمت مؤخراً برفضه القاطع بإن يتولي محامي الدفاع عنه!!..
همست تمارا لمعتز بغيظ وهي تجز علي أسنانه :-
-أنا مش عارفة انت ازاي تتطوعه ومتخليش المحامى يدافع عنه!!..
معتز بضيق بالغ :-
-يعنى كنت هعمل ايه ماهو اللي حطنا قدام الأمر الواقع لما بلغنا برغبته دي..
تمارا بغضب :-
-رغبته الغبية هيضيع نفسه ببلاش، أنت لازم تتصرف يامعتز ده كده التهمة هتثبت عليه!!..
مسح معتز علي شعره بغضب وهو يتطلع لجاسم ذو الملامح الجامدة الثابته!!.
كانت في حالة لاتحسد عليها، واضعه يدها علي قلبها الذي ينبض بهلع !!..
فأنتفضت فجأة كالذي لدغته حيه عندما استمعت إلى وكيل النيابة :-
“فأرجوا من عدالة المحكمة ألا تأخذهم شفقة ولا رحمة بهؤلاء الذين تاجروا بأجساد ولادنا بكل قسوة دون شفقة منهم ولا إنسانية، فقد منهم معاني الإنسانية ليرتكبوا هذه الجريمة الشنعاء، ولذلك اطلب من عدالة المحكمة الحكم بأقسى العقوبات علي المتهمين وهي الأعدام شنقاً”..
الإعدام شنقاً، الإعدام شنقاً، الإعدام شنقاً..
تردد صدي الجملة بجوار أذنيها، فأصبح صدرها يعلو ويهبط كالذي يركض مسافات طويلة!!..
فلم تستطع التحامل او الصمود أمام هذه الجملة فوجدت نفسها تلقائية تقف قائلة بصوت مرتفع نسبياً :-
-لو سمحت ياحضرة القاضي!!..
انتقلت الأنظار إلى مصدر الصوت، فأحتلت الصدمة معالم وجه تمارا!!..
لم تهتم بنظراتهم فأسرعت ووقفت أمام القاضي علي المنصه قائل بلهجة غير مرتبه :-
-أ آآآآ حضرة القاضى ا آآ أنا عارفة أن ده ماينفعش لكن ارجوك تسمحلي أتكلم لاني لازم اتكلم!!..
تعالت الهمسات في القاعة!! فأمر القاضي إلتزام الهدوء في القاعة :-
-هدوء في القاعة!!..
قائلاً بلهجة رسمية لرقية :-
-أنتِ مين الأول؟!..
ابتلعت ريقها ونظرت إلى جاسم وتحدثت وهي تشير بعينها :-
-أنا الوحيدة اللي عارفة الراجل ده، أنا الوحيده اللي عارفه اللي جوه الراجل ده كويس!!..
ثم انتقلت ببصرها إلى القاضى :-
-الراجل ده انضف خلق الله واللي زيه مستحيل يأذي الناس، صدقني ياحضرة القاضي هما عاوزين يوسخوه عشان عارفين اد هو أيه هو نضيف!!..
ثم ترقرقت الدموع في مقلتيها وهي تنظر لجاسم وتهز رأسه بنفي :-
-جاسم مستحيل يكون شيطان بالشكل ده!! هما شياطين لكن هو لاا!!
ثم انتقلت ببصرها لوكيل النيابة وقد هبطت دموعها علي وجنتيها قائلة بنبرة ساخرة :-
-وانت بطالب بإعدامه؟!..
هزت رأسها عدة مرات وابتسمت بألم من بين دموعها وهي تشير بإصبعه نحو جاسم :-
-اللي انت بطالب بإعدامه ده هو اللي رد فيا الروح، انا عيشت طول عمري ميته مابينكم معرفتش الدنيا غير معاه، ماحسيتش اني عايشة غيره معاه!!..
ثم تعالت نبرتها المشحوبه بكائها :-
-محستش إني بني أدمه غير وانا معاه!!
ثم هزت رأسها وهي تكرر :-
-صدقني مش هو ده اللي لازم يتعدم!!.. ماهو ماينفعش اللي يدي الحياة نعاقبه أحنا ونحرمه منها..
ثم شاردت وكأنه لا تري احد سوي معشوقها فزدات إبتسامتها تدريجياً ودموعها لم تتوقف :-
-يمني قالتلي أنه عوض من ربنا، وأنا متأكده أن عوض ربنا مابيروحش!!..
ثم نظرت لهم قائل بثقة رغم هدوء وضعف نبرتها!!..
-زي ما أنا متأكده أنه مابيرضاش بالظلم!!..
ثم مسحت دموعها بظهر كفها :-
-أنا خلصت كلامي وأنا عارفة أنه مش هيفيد في القضية بس أنا كان لازم أقوله، وشكرآ انكم سامحتولي اني اقوله !!..
أنهت جملتها واتجهت نحو مقعدها، ولم تبعد عيناها عن جاسم الذي شعر بثقل علي قلبه فأغمض عيناه وفتحهما وهو يتنهد بصوت مسموع منتظر تحديد مصيره!!!…
تهامس القاضي مع المستشارين الجالسين بجواره ثم تحدث بعد بضعة من الوقت بصوت جهوري :-
-تأجل القضية لجلسة **** للإستماع لباقي الشهود والنطق بالحكم رفعت الجلسة!!..
وقف الجميع وهم يتهامسون، اما هو بحث بعيناه عنها فلم يجدها فقد غادرت علي الفور زفر بضيق ثم اصطحبه العسكري ليسير معه وهو حائر في أمرها!!..
لم تكن عيناه فقط التى تبحث عنها بل كانت تمارا تتجول بعيناها بحثاً عن تلك الدميمة التي تصر على خوض معركة معها!!!..
..………………
-في السيارة!!..
كانت تمارا كالقنبلة التي على وشك الإنفجار فقد أحرقت الكثير من السجائر وهي تهز قدمها بعصبية مفرطة !!
نفثت دخان سيجارته ونظرت بغضب نحو معتز الذي يتولى القيادة قائلة بحده :-
– ايه هي هتفضل تطلعلي زي العفريت كده ولا ايه!!..
معتز دون أن يلتفت :-
-هى مين دي؟!..
تمارا بنبرة صارخة :-
-زفت الطين رقية هتكون مين يعني!!..
تعجب معتز من حالتها فلم يعلم أنها تعشق جاسم لهذه الدرجة، فأوقف السيارة جانباً، وتنهد قائل :-
-ممكن تهدي وبلاش العصبيه دي!!..
ألقت سيجارتها واشعلت الأخري وهي تؤمي برأسها :-
-اديني ههدي بس قولي هعمل معاها ايه بعد ماجات وعملت الشو ده قدام الناس وقدام جاسم عشان يحن ويرجعلها؟!..
معتز بضيق :-
-يعني هنعمل معاها أيه مش معقول يعني نسيب قضية جاسم ونشغل بالنا بست رقية!!..
راقبت دخان سيجارتها في الهواء، فلمعت عيناها ببريق شر مخيف وتحدثت وكأنها لم تسمعه :-
-احنا لازم نخلص من البنت دي يامعتز!!..
تعجب معتز بشدة :-
-مش للدرجة دي ياتمارا ماتخليش غيرتك تعميكي!!..
تمارا بنبرة جامدة :-
-لا للدرجة دي يامعتز، وجودها بيهدد قُربي من جاسم وأنا لايمكن اسمحلها بكده!!..
معتز بذهول وجدية تامة :-
-بس مش هتوصل أننا نخلص منها لا دي برضه كانت مرات صحبي وجاسم مش هيرحمنا لو عرف!!..
ثم تابع حديثه :-
-ومتحافيش ياستي انا هبعدها عن طريقك وطريق جاسم بس بطريقتي من غير شوشرة!!..
رمقته مطولاً ثم أردفت قبل أن تأخد نفس من سيجارتها :-
– ماشي يامعتز!! عايزة أسمع خبر يسعدني قريب!!..
أومأ برأسه ثم أدار تشغيل السيارة وانطلق بها!!..
…………….
بعد مرور يومان..
ذهبت لزيارته بمساعدة بيبرس الذي لم يتردد للحظة في الوقوف بجوارها!!..
جلس بجوارها وكأنه مرغم علي ذالك،فمرت دقائق كثيرة ولم يتحدث معها فقط ينظر أمامه بجمود ، فأبتلعت ريقها ومدت يدها لتمسك كفه قائلة بإبتسامة :-
-أيدك ساقعه كده ليه؟!..
رمقها بنظرة جامدة :-
-جايز عشان بقالك كتير مامسكتهاش عشان كده حاسه أنها ساقعه!!..
أومأت برأسها إيجاباً ثم احتضنت كفه بكفها :-
-دلوقتي هتدفئ!!..
لم يصدر أي رد فعل علي حركتها ولكن تحدث بتسأل :-
-رجعتي ليه يارقية ؟! وجايلي النهاردة ليه ؟!..
تلاشت الإبتسامة من وجهها ونظرت أرضاً تحاول ترتيب حديثها فخرجت الكلمة من فمها بخفوت :-
-وحشتني!!!..
أبتسم بتهكم ،لتتابع هي بنبرة أشبه للندم :-
-أنا عارفة أنى خذلتك كتير لكن أنا بتمني – – – – – –
قاطعها بصرامة :-
-مش عايز تبرير منك ومش عايز اسمع حجج فارغة كل اللي عايزة أنك تمشى وتنسيني خالص!!..
اغمضت عينها بقوة وبنبرة مختنقة أردفت :-
-آآآآ طب أديني فرصة تانية حتي!!.
شبك أصابعه معاً محدقاً في الفراغ قائلاً:-
-للأسف حتى الفرصة التانية انتي متستحقهاش!!..
ثم نظرة لها نظرة إهانة :-
-لإنك ماكنتيش تستحقي الفرصة الأولى أصلاً!!..
وكأنه يغرز السكين في قلبها دون شفقة منه. جاهدت لكي لاتنهار فجلست علي ركبتيها :-
-متبقاش قاسي عليا أنا مش هعرف اعيش من غيرك!!.
جاسم بملامح جامدة ونبرة قاسية :-
-لكن انا هقدر أعيش من غيرك!!..
ثم تابع حديثه القاسي :-
-وياريت ماتجيش زيارة ليا تاني، مش عايز ألمح طيفك في حياتي!!..
أمسكت كفه بقوة أكبر ودقات قلبها تتزايد وهي تنظر في عيناه مباشرة ولكنه أدار وجهه للناحية الأخري قائلة بنبرة شبة باكية :-
جاسم انا آآأ رقية، هاا أنا رقية حبيتك أنا عارفة أنك لسه بتحبني مش كده ،انتي بتقسي عليا عشان تعالجني صح!!لكن انت لسه بتحبني؟ !!.
أنت بتقولي أمشي وعينك بتقولي خليكي! !..
..…………..
وبينما هي تتابع أعمالها في مقر الشركة، استمعت إلى رنين هاتفها تركت مافي يدها وقامت بالرد لتتسع عيناها بغضب قائلة وهي تجز على أسنانها :-
-يعني هي عنده دلوقتى!! بقالها ساعة!! اممم تمام اقفل أنت!!..
أنهت المكالمة وألقت الهاتف بغضب علي المكتب!!! حاولت السيطرة على أعصابها بشتى الطرق ولكنها فشلت فإلتقطت هاتفها وتمتمت بنبرة عدائية :-
-معلش بقا يامعتز الظروف هي اللي حكمت!!..
ثم قامت بالاتصال علي أحدهم!!..
……………….
اما عند “شهد” صعدت لسطح المنزل لكي تقوم بجمع الغسيل كما أمرتها زوجة عمها !! وبينما هي تحمل الطبق البلاستيكي الكبير وتهبط الدرج شعرت بشئ سائل من أسفل قدمها أدى إلي انزلاق قدمها لتسقط من بعدها!!..
… يتبع.