لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الثاني والثلاثون..الجزء الأول
-في لجنة الأمتحان…
توقفت رقية عن الكتابة وقرأت بعينها إجابة السؤال الأخير ثم أبتسمت برضا وأغلقت ورقة إجابتها، وعلي بعد أمتار كانت سارة تنهي إجابإتها أيضاً ولكن شعرت بألم أسفل بطنها فعضت علي شفتيها متألمة وأردفت بين نفسها :-
-اوعي تعملها معايا هناا، استنى لما نروح بيتنا!!..
أنهت جملتها لتطلق بعدها صرخة مرتفعة وينتبه لها جميع الطلاب ومن بينهم رقية التي شهقت هلعاً علي رفيقتها ..
………………….
-في الصعيد..
فتحت شهد عيناها لتظهر سحابتها البيضاء التي يشوبها الخطوط الحمراء الباهتة، أعتدلت وهي تصدر أنين منخفض ثم وضعت يدها علي خصلات شعرها القصيرة فقد أصبح طول شعرها لايتجاوز عنقها ومقصص بعشوائية إنتقاماً منها علي شرف أهلها الذي وضعته في الرمال كما لقبت “بالفاجرة”.. فقد تم فحصها وكانت الصدمة عندما أخبرهم الطبيب بحملها، لتتلقي بعدها الصفعات من أبيها وعمها وإبن عمها “عصام” الذي كانت صدمته من نوع أخر.. أخبرتهم تكرارا ومراراً أن الجاني هو “إبن عمها” ولكن لم تصدق، خصوصاً عندما أستطاع عصام بكل مهرأة نفي الجريمة عنه..
سالت الدموع من عينها بغزارة وبدأت تشهق بقوة حتى أستمتعت لصوت الباب يفتح فأنكمشت علي نفسها وهي ترتجف من الهلع.. دلفت والدتها وهي تحمل صنية الطعام وترمقها بنظرات نارية وضعت الصنية على الفرأش وجلست قائلة بسخط :-
-فضحتينا وحطيتي راسنا في الطين يابنت بطني ..
إبتلعت شهد ريقها المختلط بدموعها قائلة وهي تهز رأسها نافية :-
-وآآ والله ده آآإ عصام ياماما هو آآآآ..
قاطعتها والدتها بصفعة على وجهها وهي تهتف بغضب :-
-أخرسي انتي برضه هتكدبي جايه تتبلي علي ابن عمك قدام أهله ومراته!!..
فأمسكت ذراع إبنتها قائلة بغضب شديد :-
-انطقي عملتي مع مين العمله السوده دي، مين اللي حبلك يابت أنطقي!!.
ظلت شهد تبكي ولم تجيبها فأنهالت عليها والدتها بالضرب هاتفه :-
_انطقي ،لوثتي شرفنا مع مين إنطقي بدل ماخد روحك بأيدي !!..
…………………
-في غرفة عصام..
كان ينفث دخان سيجارته بشرود ولم ينتبه لزوجته التي جلست بجواره الإن ترمقه بتفحص حتي تحدثت وهي تلكزه بخفه :-
_عصام عصام!!..
انتبه لها قائل بأرتباك:-
_ها أيه ياحنان!!..
حنان بشرود :-
-سرحان في ايه كده!!..
ثم ضيقت عينها قائلة بنبرة ذات مغزى :-
-سرحان في مصيبتك!!..
عصام وقد تسرب الخوف إليه:-
-م آآإ مصيبتي!!..
حنان بنبرة جامدة :-
-أيوة مصيبتك ، مش شهد بتقول انها حامل منك!!..
هو بغضب مزيف :_
-دي كدابه!! عايزة تلزق التهمه اللي في بطنها لأي حد وملقتش غيري!!..
وبعدين هو انا هبص لواحدة زي دى متسواش نكله في سوق الستات، ولو هي مش شايفه نفسها في المراية انتى فيكي عيون وشايفه انها ماتثيرش اي راجل!!..
تنهدت حنان قائلة :-
-نفسي اصدقك ياعصام!!..
أطفأ سيجارته وأعتدل يمسك يديها معاً قائل بتمثيل بارع :-
_لازم تصدقيني ياحبيبتي، أنا عصام حبيبك اللي كنت مستني الجيش يخلص بفارغ الصبر عشان يجمعنا بيت كنت بعد الدقايق والساعات عشان اكون معاكي، وانتي في الاخر تشكي فياا كده!!..
-وكمان عشان تعرفي انها كدابة، ده احنا لاقينا بلاوي على تليفونها بتكلم شباب وحاجة أخر قلة أدب، دي تحمد ربها إن عمي مدفنهاش حيه بعد عملتها دي!!..
حنان بإستياء:-
_ياساتر يارب بقا العيله دي يطلع منها كل ده..
زفر بضيق مصطنع قائل :-
_واكتر كمان، ده انا كنت بشوف بلاوي لما بروح عندهم بس ماكنتش بتكلم عشان خاطر عمي!!..
فأبتسم سريعاً وقبل كفيها :-
-بس اهم حاجة تكوني معايا ومصدقاني ياحبيبتي، ومنديهاش فرصة تخرب علينا!!..
بادلته الإبتسامة هامسة :-
-أنا معاك ياحبيبي!!..
……………………
-في النيابة..
هتف وكيل النيابة بلهجة رسمية :-
-اسمك وسنك وعنوانك!!..
جاسم بنبرة منفعلة :-
-أنا مش متهم هنا عشان الرسميات دي!!..
وكيل النيابة بجدية :-
-اهدي كده ، واديك قولت رسميات يعني ياريت تجاوبني، واعتبرها دردشة!!..
جاسم بنبرة ساخطة :-
-ماهو مفيش دردشة بيتبعتلها استدعاء رسمي، وأنا هنا عشان اعرف سبب الأستدعاء مش عشان يتحقق معايا واتعامل كمتهم..
وكيل النيابة بجمود :-
هتعرف كل حاجة في وقتها ودلوقتي جاوبني!!..
زفر جاسم بضيق قائل :-
-جاسم أحمد الراوي، 31 سنة!!..
دون المحضر هذه المعلومات، فأوما وكيل النيابة برأسه وتابع بلهجته الرسمية :-
-انت متهم بإدارة مستشفي بيتم فيها عمليات سرقة الأعضاء، ايه اقولك!!..
اتسع عيناه وقطب مابين حاجبيه بذهول وتعجب هاتف بعدم تصديق :-
_سرقة أعضاء!! أنا مش فاهم حاجة؟!..
امسك وكيل النيابة قلم وظل يعبث به قائل ببرود :_
_زي ماسمعت، مستشفي الخير الخيرية اللي بتعالج الناس ببلاش، بس بمقابل اعضائهم البشرية ايه ماتعرفهاش!!..
ظهرت علامات الإستفهام علي وجه جاسم وهتف :-
-ايوة انا ايه علاقتي بالكلام ده!!..
ثم تذكر شئ قال بتذكر :-
-وبعدين مستشفي الخير دي أنا مجرد مساهم خيري فيها مش اكتر، ومعتقدش انى دي تهمتي !!.
وكيل النيابة بصرامة :-؟
-جاسم بيه، التحريات اثبتت انك من أصحاب المستشفي وعلى علم بكل حاجة بتحصل يعني الإنكار مش هيفيدك!!..
ثم تابع بجمود :-
-واحنا اتاخرنا اووي في الاستدعاء ده، ومحبناش نجيبك بطريقة رسمية انت برضه ليك سمعتك!!..
جاسم بلهجة غاضبة :-
-وأنا لو كنت متهم ماكنتش جيت بنفسي بتليفون مني كنت عرفت كل حاجة وساعتها كان ممكن أهرب كمان لكن انا مش متهم واظاهر انكم مش شايفين شغلكم كويس واللى بيحصل ده مهزله!!..
نظر له ووكيل النيابة نظرات نارية ثم تحدث بتحدي وهو يعود بظهره للخلف موجه حديثه للمحضر :-
-اكتب يابني قررنا نحن حبس المتهم جاسم الراوي اربع أيام علي ذمة التحقيق ويراعي التجديد في الميعاد..
ثم تحدث بنبرة شبه متهكمة:-
-ياريت بقاا تتصل بمحاميك يجي يشوفلك ثغره تخرجك مع إن استبعد ده..
شحنه من الغضب والصدمة والتعجب حلت عليه ففي ظرف ثواني أصبح متهم!! بتهمة يجهلها!! …
………………..
بعد مرور الوقت دنا منه المحامي بعدما اطلع علي أوراق القضية، تحدث جاسم سريعاً بجمود :-
-فهمني ايه التهريج اللي بيحصل ده !!..
عدل المحامي نظارته الطبية وتنحنج قائل :-
-احم احم جاسم بيه موقفك صعب جداً في القضية دي !!..
جاسم بإنفعال للغاية :-
-قضية أيه دي انا عايز افهم، مستشفي طلعت مشبوهة انا مالي انا لا دكتور ولا آااا
قاطعه المحامي بجدية وحذر:-
-كل اللي في المستشفي شهدوا إن العمليات دي بتم لصالح أصحاب المستشفي اللي حضرتك منهم!!..
اتسعت عين بذهول ليتابع المحامي حديثه بإسف :-
-ومقدمين ورق بيثبت كل حاجة، وانك شريكهم!!..
تحدث بحده وهو يلوح بيده :-
-اكيد الورق ده مزور، اتصرف واثبت ده اومال انت لزمتك أيه ..
ثم رفع سبابته محذراً :-
-أنا مش هقعد هنا دقيقة واحدة، سامعني!!..
تنهد المحامي وهو يخبره :-
-صعب ياجاسم بيه، الموقف اتعقد التحريات شغاله من زمان جداً وفي سريه ، والقضية دلوقتي بقت قضية رأي عام ورجال أعمال كتير ليهم سلطه متورطين في القضية واتقبض عليهم!!..
مسح على خصلات شعره بغضب وإردف بضيق :-
-وموقفي انا ايه دلوقتي!!..
اجابه بلهجة عملية :-
-حبس اربع ايام علي ذمة التحقيق وبأذن الله هتخرج قبل التجديد!!..
ضرب الحائط بقبضة يده وهو يشتعل غضباً فحاول المحامى أن يطمنه:-
-متقلقش ياجاسم بيه هبذل كل جهدي عشان اثبت برائئك!!..
نظر له جاسم نظرة حادة هاتف :-
-أنا مش متهم عشان تثبت برائتي، اسمها هتحاول تثبت الغلط اللي في القضية!!..
المحامي وهو يؤمي برأسه بحرج:-
-مفهوم ياجاسم بيه!!..
…………………..
-في البناية…
عادت إلى منزلهم بعد عناء يوم مع رفيقتها في المستشفي فقد وضعت جنينها ، دلفت بإنهاك لتقابلها فاطمة قائلة بعتاب :-
-ليه التأخير ده يارقية بس؟!..
خلعت رقية حذائها وهي تقول :-
-معلش ياماما اصل سارة ولدت النهاردة وكنت معاها..
أبتسمت فاطمة وأردفت سريعاً :-
-بجد وربنا رزقها بأيه؟!..
سارت للداخل قائلة بفرحة :-
-بنوتة زي القمر ياماما ربنا يحفظها!!..
تمتمتم فاطمة بدعاء بعدما جلست علي الإريكة :-
-ياارب واشوف عوضك كده إن شاء الله!!..
تلاشت الإبتسامة من علي وجه رقية ليحل محلها العبوس، فتابعت والدتها بتهكم وهي تلاحظ تغييرها :-
-ايه مالك قولت حاجة غلط!!..
اكتفت رقية بإن تنظر لها ثم أزاحت الستار لتدلف غرفتها وتبدل ثيابها..
وقفت فاطمة خلفها وعقدت ساعديها أمام صدرها قائلة :-
-خلاص هترجعي المزرعة تانى!!..
أومأت رقية برأسها ثم هتفت بخفوت :-
-يومين كده إن شاء الله !!..
فاطمة بخبث :-
-شكلك مبسوطة اووي هناك، مرتاحه مع استاذ نضال!!..
تنهدت رقية بصوت مسموع وأردفت :-
-أنا مبسوطة هناك لاني عايشة مرتاحة، ومحدش بيعملي تحقيق في الخارجة والدخله..
فاطمة وقد حلت ساعديها قائلة بغضب :-
-قصدك ايه يابت أنتي،لا اوعي تفكري إنك كبرتي عليا لا ده أنا أسألك رايحه فين وجاية منين براحتي ولا فاكرة هسيبك تمشي على حل شعرك!!..
رقية بضيق وهي تخلع كنزتها :-
-مش قصدي حاجة ياماما،ممكن بقا تسبيني اغير هدومي!!..
مصصت فاطمة شفتيها قائلة بتهكم :-
-غيري ياختي، اصل احنا هنشوف الامله..
وقبل أن تتحرك من مكانها لمحت الدبلة الذهبية التي تلمع في يد إبنتها فهتفت بهلع :-
-يانصيبتي ،انتي عايزة توقفي حالك اكتر ماهو وافق ، اقلعيها ياخايبه ..
واوعي تكوني بتلبسيها قدام نضال بيه هناك!!..
اغمضت رقية عينها وفتحتها مجدداً واخذت ثيابها واتجهت للمرحاض.. ضربت فاطمة كفاً علي كفه هاتفه :-
-البت هتجنني والله هتجنني!!..
……………………….
-في الصعيد..
شعرت بإنفاس أحد قريبة منها فأعتدلت سريعاً لتجد الذي سلب منها حياتها ينظر لها نظرات جادة ربما غاضبة أو منتصرة..
احتضنت نفسها وهي تنظر له بهلع شديد فنظر لهيئتها المرزية بداية من شعرها المقصوص حتي قدمها الحمراء من كثرة الضرب، إبتسامة انتصار ظهرت علي وجهه ليهتف بعدها :-
-شوفتي يابنت عمي ازاي محدش صدقك، شوفتي لسانك وصلك لإيه..
ارتجفت شفتيها وهي تنطق :-
-اللي في آآآآ بطني منك وانت عارف !!..
هز رأسه نافياً قائل بوقاحة :-
-وأنا ايه اللي يضمن لي، أنا صحيح كنت اول واحد لكن اكيد مش أخر واحد!!..
انهي جملته غامزاً لها.. ثم تابع بهمس وهو يتحسس جسدها بشهوة :-
-الموضوع عجبك فقولتي تجربيه مع حد تاني، اصلك انتي ياحبيبتي ماتنفعيش غير للتجربة وبس..
الدماء أصبحت تغلي في عروقها بل تفور فبصقت في وجهه هاتفه بصراخ :-
-حيوان ربنا ينتقم منك ياكلب..
صفعها علي وجهها عدة مرات ثم وضع كفه علي فمها ليمنعها من الصراخ قائل بوعيد :-
-وحياتك ماهخليكي تتهني لحظة واحدة، وانا اللي هساعدهم في قتلك عشان اغسل عاري كمان، وعارفة لو لسانك نطق اسمي مرة تانية حتي لو في أحلامك ساعتها ماتلوميش غير نفسك!!..
ابعد كفه عن فمها ليجدها تمسك يده وهي تبكي بغزارة قائلة بتواسل وفي عيناها رجاء :-
-ابوس ايدك دوول هيسقطوني وانا ممكن اموت فيها، اعترف وأنا مش عاوزة ابقا معاك متخافش هرجع مصر، حتي لو تكتب عليا وبعدها تطلقني.. أبوس ايديك ده أنا بنت عمك!!..
نطق لسانه بكل قسوة :-
-مفيش جاني بيساعد اللي جني عليه عشان يوصل روحه لحبل المشنقة..
ثم نظر لخصلاتها القصيرة قائل بعدم رضا :-
-ايه ده هما ازاي قصولك شعرك بالمنظر ده!!..
ثم تابع بجمود :-
-ابقي فكريني بكره أحلقلك زيرو، عشان لما تبصي في المرايه تنسي أنك من صنف الستات اصلاً..
ثم ضحك وغادر، لتلطم علي وجهها عدة مرات وتبكي من أعماق صدرها حتي قارب صوتها للإختفاء…
…………..
-في البناية..
في اليوم التالي..
خرجت رقية من غرفتها لمقابلة جيهان الذي جاءت بطريقة مفاجأة تعجبت منها رقية تقدمت منهما لتهتف فاطمة سريعاً :-
-تعالى يارقية اقعدي!!..
جلست رقية بجوار جيهان بتعجب ،فأبتسمت جيهان وهي تخبرها:-
-انتي طبعاً بتسألي نفسك إيه اللي جابني وأنا أعرف أنك راجعة المزرعة. انا ياستي كنت بخلص شغل هنا فقولت اجيلك عشان نسافر مع بعض..
فاطمة بود :-
-نورتينا ياست جيهان!!..
أبتسمت جيهان ثم نظرت لرقية قائلة :-
-ايه يارقية مش مبسوطة بزيارتي ولا أيه؟؟..
افاقت رقية من شرودها قائلة بخفوت وهي تتصنع الإبتسامة :-.
-لا طبعاً نورتي بس لسه صاحيه معلش!!..
لم تقتنع رقية بحديث جيهان واصبح قلبها ينبض بالشك فالزيارة دي تبدو وكأنها مخصصه لها..
نهضت فاطمة بإبتسامة هاتفة :-
-هاروح اعملك قهوتك!!..
اقعدي دلوقتي يافاطمة..
قالتها جيهان بجدية ثم وزعت انظارها بين فاطمة ورقية قائلة بتنهيدة :-
-في الحقيقة انا جاية عشان موضوع يخص رقية كمان ولازم تحضريه!!..
أخذت رقية نفسها فشكها اقترب من اليقين..
جلست فاطمة كما كانت وهتفت بتسائل :-
-خير ياست جيهان!!..
تحدثت بجدية وانظارها معلقة على رقية :-
-أنا بطلب أيد رقية لاخويا نضال!!..
.. يتبع