لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الواحد والثلاثون..
رفعت الغطاء لتدثر أسفله بجوار الصغير الذي أصر أن يبقي معها اليوم، أخذته في أحضانها قائلة بإبتسامة :-
-هو أنا مش هعرف أهرب منك يعني!!..
ضحك الصغير قائل :-
-ما أنا بحبك اووي يارقية!!..
ضمته لصدرها قائلة بحب :-
-وانا بموت فيك ياقلب رقية!!..
يوسف وهو يمط شفتيه بحزن :-
-بس بتحبي جاسم أكتر مني بتقعدي وبتلعبي معاه كتير!!.
ملست علي شعره قائلة بهدوء :-
-ياحبيبي عشان هو صغير لسه بيبي ولازم نلعب معاه ونشيله!!
ثم أبتسمت وهي تتذكر :-
-وانت لما كنت بيبي كنت بشيلك كتير وبتنام في حضني زي دلوقتي!!.
تذكر الصغير شئ فخرج من أحضانها وتحدث بجدية :-
-أنا بطلت ألعب مع ملك بنت عمو أشرف!!..
قطبت مابين حاجبيها بتعجب قائلة :-
-ليه كده!!..
الصغيرة بهدوء :-
-عشان هي بتخاف منك ومش بتحبك!!..
شعرت بألم ولكنها لم تظهر ذالك أكتفت بالإبتسامة الباهتة قائلة بعتاب :-
-لا ماينفعش يايوسف ارجع ألعب معاها تانى عشان مزعلش منك!!..
ثم ضيقت عينها وأردفت :-
-ومش انت بتحب تلعب معاها كمان !
هز الصغير رأسه بإيماءة فجذبته لاحضانها وملست علي ظهرها قائلة :-
-يبقى خلاص ترجع تلعب معاها تاني!!
وتنهدت بألم :-
-وهي مش بتخاف مني ولا حاجة!! هي لسه بس ماتعرفنيش زيك كده!!..
هتف الصغير فجأة :-
-هو انتي ليه مش عندك نونو ألعب معاه يارقية!!!..
رمقته مطولاً ثم قالت بخفوت :-
-عشان انا مش متجوزة!!..
رفع الصغير رأسه ليتحدث بإبتسامة فرحة :-
-اتجوزي خالو نضال!!..
اتسعت عينها بذهول ليتابع الصغير ببراءة وهو يهز رأسه بحركة بطيئة :-
-هو مش متجوز ومش عنده نونو اتجوزيه عشان يبقا عندكم انتو الأتنين نونو بس يارب مايروحش عند ربنا عشان العب معاه!!
عقدت حاجبيها معاً قائلة :-
-مايروحش عند ربنا!! ليه بتقول كده!!
اكتست ملامحه الصغيرة بعض من الحزن وهو يقول :-
-سمعت ماما قبل كده وهي بتقول إن خالو نضال كان عنده نونو بس راح عند ربنا!!
بدأ الشك يزداد أكثر وأكثر بداخلها فذاك النضال لديه قصة طويلة لذلك يبدو صارم غامض، هو بالنسبه لها كمسائل الرياضيات التي تفشل في إيجاد حلها ولكن عليها المحاولة ..
ثم قفز مرة واحدة من أحضانها ليهتف بفرحة :-
-!!.. أقول لخالو نضال يتجوزك!!..
نظرت له بجدية ثم رفعت سبابتها قائلة بتحذير :-
-اوعي تعمل كده يايوسف ولا تقول لحد الكلام ده عشان مزعلش منك !!
يوسف بإستياء وهو يحتضنها مرة أخرى :-
-ماشي!!
زفرت بضيق ثم قالت سريعاً :-
-ويله بقاا عشان ننام أنا عندي شغل الصبح!!..
تصنع التفكير ثم أسند رأسه علي صدرها وهتف بنعاس :-
-احكيلي حدوته الأول!!..
تنهدت بصوت مسموع قائلة بنفاذ صبر :-
-انت عارف كويس إني مابعرفش احكي حواديت!!..
هز رأسه عدة مرات معترضاً:-
-لا مليش دعوة احكي عشان أنام!!..
رقية بضجر:-
-يعني اعمل ايه يايوسف!!..
تحدث الصغير بنبرة متذمرة :-
-مليش دعوة عشان اعرف ..
صمتت لدقائق ثم هتفت بإستسلام:-
-ماااشي!!..
هيئ نفسه للإستماع وهتف بخفوت :-
-يله أحكي!!..
إبتسمت وهي تملس علي خصلات شعره القصيرة قائلة بسرد وشاردت :-
-كان يامكان كان في بنت صغيرة ماكنتش حلوة و كل الأطفال بيخافوا منها ومش بيلعبوا معاها، كانت تفضل تتفرج عليهم من بعيبد وهي زعلانة عشان نفسها تلعب معاهم وتحس إنها زيهم، فضلت كده لحد ماكبرت ودخلت الجامعة وهناك برضه محدش رضي يصاحبها ودايما يضايقوها مع إنها كانت في حالها ومبتأذيش حد، وفي يوم حصلت حاجة غريبة جه الجامعة بتاعتها الأمير الطيب اللي هينقذها من الأشرار اللي ضيقوها، ضحكلها وكان أول رجل يضحك ليها في حياتها، وفاتت ايام وأيام والبنت دي راحت اشتغلت عند الأمير وحبها وهي كمان حبته اووي وحصلت مواقف غريبة منهم لحد مااتجوزو عاشوا في تبات ونبات وكانوا هيخلفوا صبيان وبنات لكن ربنا ماأردش كده وكمان مامت الأمير ماكنتش بتحبها وكانت دايماً عايزة تأذيها عشان تبعد عن الأمير، وفات كتير وحصل أن البنت شكت فأميرها هي عارفة انها غلطت لكن متخيلتش أن الأمير هيكون قاسي معاها كده وفجاة الأمير بعد عنها هما الاتنين اختاروا البعض لكن بيتألموا بسبب اختيارهم ده..
وبعدما أنهت سردها ظهرت تعبير السخط علي وجه الصغير الذي هتف بإشمئزاز وعدم رضا :-
-يع دي قصة وحشة اووي!!..
نظرت له وأبتسمت بألم قائلة بتنهيدة وهي تؤمي برأسها:-
-هي فعلاً وحشه!!..
ثم ضربت علي رأسه بخفة قائلة :-
-يله نام بقاا!!
ثم مدت يدها لتغلق الإنارة وجذبت الغطاء عليهم..
كانت تسمعها دنيا النائمة علي الفرأش المجاور لفرأشها وتنهدت بحزن علي
حالها..
………….
-في شركة الراوي..
أخبرت السكرتيرة جاسم بقدوم رفيقه “بيبيرس” فامرها بأن تسمح له بالدخول..
دلف بيبيرس وهو يبتسم، فتنهد جاسم بنفاذ صبر :-
-انت كل شويه هتنطلي!!..
جلس بيبرس قائل بمرح :-
-جرا ايه أبو نسب!! دي معاملة برضه..
جاسم بنزق وهو يرفع حاجبيه :-
-أبو نسب!!..
تنحنح بيبرس :-
-احم احم يعني بإعتبار ماهيكون!!..
أبتسم جاسم بخفة وهتف :-
-احنا لسه ماوفقناش عليك علي فكرة!!..
زفر بيبيرس بضيق وأردف :-
-وهاتوافقوا أمتاا بقاا!!..
رفع جاسم كتفيه قائل ببرود :-
-الله اعلم، وبعدنا احنا لازم ناخد وقتنا!!..
لوح بيبرس بيده في الهواء قائل بسخط :-
-اي التناكة دي ، انتو بتتأنعروا كده ليه؟! وهو في حد لاقي عرسان الأيام دي!!..
رفع جاسم حاجبيه من اسلوبه الفظ واقترب منه وهتف بجدية :-
-هو أنت لو مكاني هتوافق تجوز بنت عمك لو حد بيئة زيك كده!!..
هندم بيبرس ملابسه قائل بإحراج :-
-لا انا ابن ناس اووي علي فكرة !!
جاسم بتهكم :-
-مش باااين والله!!..
بيبيرس بضيق :-
-ماهو انت لو تبل ريقي بالموافقة هتلاقيني في منتهى الإحترام!!..
فتح جاسم ملف أمامه وتصنع بالإنشغال :-
-بيبرس انا عندي شغل، فإنزل من دماغي شويه وهنبقا نرد عليك أخر السنة!!..
عض علي شفتيه بغيظ وكاد أن يلكم جاسم في وجهه ولكنه تماسك ، وبعد مرور الثواني هتف بخفوت :-
-أنا كنت عاوز اقعد مع حنين!!..
ترك جاسم الملف ونظر نظرة جامدة، فأبتلع بيبرس ريقه وهتف سريعاً :-
-قبل ماتغضب مش اي عريس بيتقدم بيخلوه يقعد مع العروسة عشان يشوفوا في قبول ولالا ودي الأصول !!..
ثم غمزة له قائل بنبرة ذات مغزي :-
-وأنت أبن أصول وتفهم فيها كويس!!..
جاسم بإبتسامة من زاوية فمه :-
-بتثبتني يعني!!..
ضحك بيبيرس ولم يجيبه، فتابع جاسم بلهجة جادة :-
-بس عايز اعرف ايه تقعد معاها دي!!..
اجابه بتعجب وهو يحرك عدسة عينه:-
-اقعد معاها يعنى نخرج نقعد في كافية اومطعم نفطر اونتغدا أو نتعشي مع بعض !!
ضرب جاسم بقبضة يده على المكتب بقوة قائل بغضب :-
-ماتبيتها معاك أحسن!!..
بيبيرس بسعادة :-
-ياريت معنديش مانع!!..
جاسم بجمود :-
-أحترم نفسك بدل مااقوم أفرج عليك الموظفين!!..
نظر له بيبرس بإمتعاض، فتابع جاسم بهدوء بعدما أخذ نفس عميق :-
-موضوع أنك تخرج معاها تتغدا ولا تتعشا تشيله من دماغك خالص..
ثم احتدت نبرته نوعاً ما :-
-تنسى اصلا انك تطفح ولاتتسمم معاها!!..
فهدأ مرة أخري وتابع :-
-اخرك تيجي عندنا تقعد معاها في الجنية لمدة عشر دقايق..
ثم ضيق عينه ليخبره بتهديد :-
-عشر دقايق وثانية هخلي الحرس يرموك بره القصر..
رمقه بيبرس بتهكم وتمتم مع نفسها، فتابع جاسم بشك وهو يضيق عينه :-
-بتقول حاجة!!..
هز بيبيرس رأسه بالنفي سريعاً وأردف :-
-لا ده انا بس بقول عشر دقايق كتير عليا ، ده أنا يدوبك هقعد على الكرسي وهقوم!!..
……………….
-في مزرعة نضال!!..
انتهت رقية من تلبيس الصغير حذائه ووقفت تتأمل هيئته، فوقفت دنيا خلفها قائلة بضيق مزيف :-
-ايوة ياعم ناس ليها إجازات، وناس ليها شغل!!..
وضعت رقية كفها أمام وجهها، فعضت الأخري على شفتيها قائلة بغيظ:-
-ماشي يارقية ليكي يوم !!..
ثم نظرت إلي الأعلى قائلة :-
-ليه بس يااارب مخلتنيش قريبة استاذ نضال، ولا خليت يوسف يتعلق بيا وينام في حضني وياخدني معاه الإجازات!!..
فأقتربت من رقية وأبتسمت بخبث قائلة :-
-بقاا بذمتك ياروكا حضن الشبر ونص ده ولا حضن جاسم!!..
قالت ذالك وهي تشير بعينها ناحية الصغير.. أحمر وجه رقية وهي تجز على أسنانها:-
-دنيااااااا!!..
ضحكت دنيا بقوة علي هيئتها،ثم توقفت عن الضحك قائلة :-
-خلاص أسفين ياصلاح!!..
رمقتها بحده ثم أخذت ثيابها ودلفت المرحاض، أبتسمت ثم وجهت نظرها ليوسف قائلة :-
-تحب تفطر!!..
هز رأسه نافياً قائل بهدوء :-
-هفطر مع رقية ومع خالو نضال..
أومأت برأسها ثم جلست علي الطاولة و التقطت الجريدة لترى الجديد في البلد وبينما هي تتفحص وقع نظرها على صورة لجاسم بجواره تمارا النجدي تحت عنوان عريض “شراكة الأعمال ستجمع رجل الأعمال جاسم الراوي بسيدة الأعمال تمارا النجدي في صفقة زواج” أتسعت عيناها بذهول وهي تهز رأسها بالنكران، فأستمعت الي صوت فتح الباب فأغلقت الجريدة سريعاً وهي تتصنع الثبات، كانت رقية جاهزة للخروج فحملت حقيبتها قائلة :-
-أنا همشي بقاا!! عايزة حاجة!!..
هزت رأسها نافية ثم هتفت بإبتسامة مصطنعة :-
-لا بس خلي بالك من نفسك!!..
أومأت رقية برأسها ثم وجهت حديثها الصغير قائل وهي تمد يدها :-
-يله بينا يايوسف!!..
هبط الصغير من علي الفرأش ووضع يده في يدها وخرجا من الغرفة، لتنظر دنيا نحو الجريدة قائلة بسخط :-
-بقاا هي هتموت نفسها هنا عليك وانت عايش حياتك!!..
…………………
في مكان هادئ قريب من المزرعة يشبه الجزيرة حيث محاط بالمياه، كانت رقية تجلس مع نضال ويوسف علي طاولة يتناولون الطعام، كعادتها الأستحياء ملازم لها فإنشغلت بإطعام يوسف حتي هتف نضال بجمود :-
-سبيه ياكل لوحده، هو كبير دلوقتي!!..
توقفت عن إطعامه وشعرت بإرتباك فهي تحججت بأطعام الصغير، فهمها نضال فتحدث بجدية :-
-جيهان بتخلص ورق في القاهرة، وماينفعش اجي بيوسف لوحدي فجبتك معانا عشان هو بيحبك، بس شكلك إتضايقتي !!
هزت رأسها عدة مرات بالنفي وهتفت بخفوت :-
-لا مش متضايقه ولا حاجة!!..
أومأ برأسه وهو يضع الطعام في فمه :-
-اتمنى ده!!
-مقولتليش إيه رأيك في المكان..
أبتسمت له قائل بإعجاب واضح في نبرتها :-
-جميل اووي كأنه منظر طبيعي مرسوم في لوحة!!..
هز رأسه بتأكيد ليتجول بعينه في المكان وهو يتذكر بإبتسامة على ثغره :-
-أنا بحب المكان ده اووي، اعرفه من ساعة ماكنت في الثانوية!!..
وكأنه وجدت الفرصة المناسبة لكشف أسراره فقالت بتسائل :-
-هو حضرتك طول عمرك عايش في المزرعة يعني مسافرتش ولا اتجوزت!!..
ابتلع الطعام ورمقها بنظرات وكأنها سهام نارية فوضع شوكته قائل بجمود :-
-كنت مستني تفتحي معايا الموضوع!!..
أبتلعت ريقها قائلة بتوتر :-
-م موضوع أيه ده!!..
نضال بصرامة وعدسة عينه ثابته :-
-دخلتي مكتبي وفتحتي الخزنة وأكيد شوفتي الورق اللي جواها واكيد عرفتي انا شغال أيه !!..
فركت كفيها من أسفل الطاولة وشعرت بدقات قلبها تتزايد فهتف :-
-سكتي كل ده ليه!! مش عايزة تعرفي!!..
رقية بجدية وقد استعددت للمواجهة :-
-لو كنت عاوزني اعرف ماكنتش خبيت عليا من الاول!!..
نضال بإبتسامة إلم :-
-لو كنت قولتلك كنت كل يوم هشوف في عينك نظرة تأنب ضميري!!..
إبتسمت رقية قائلة بهدوء :-
-كنت خايف اعرف واطلب منك تساعدني يا آآآآ دكتور!!..
عندما نطقت بهذا اللقب الذي حذفه من ذاكرته كور قبضة يده بغضب وأردف بحده :-
-ماتنتظريش مني ايه مساعدة، لاني انا عاجز عن مساعدتك!!..
رقية وابتسامة حزينة على ثغرها :-
-متخافش يادكتور مش هطلب منك مساعدة انا اصلا معنديش أمل!!..
ضرب بيده علي الطاولة وصرخ بها:-
-ماتقوليش دكتور انا مش دكتور انا مسحت اللقب ده من حياتي، مسحته من ساعة آآآآ..
صمت لوهلة ثم تابع بإختناق :-
-من ساعة ما أتاخرت علي مراتي وبنتي اااه اتاخرتوا عليهم، كنت هناك بنقذ ناس وبديهم الحياة وهنا حياتي بتروح مني!!..
اتسعت عين رقية بذهول ليتابع بنبرة متألمة :-
-كنت بشتغل في بلد تانية وسبتهم هناا، النار حرقتهم وكانوا عاوزيني ولما جيت كانوا هما مشيوا ، بنتي ماتت بالحرق فضلت تتعذب وتصرخ لحد ماماتت..
بنتي كانت في المستشفي بتموت وجسمها ووشها ملفوفين بشاش وهي بتقول “بابا هيجي ويخليني حلوه تاني، بابا هيجي يعالجني”
هبطت دمعة من عينه وهو يهز رأسه بالسلب :-
-بس انا مخليتهاش حلوة انا اتأخرت ومحققتش أمنيتها..
ثم تابع والدموع تسيل من عينه:-
-قوليلي يارقية انا اتأخرت ولاهي استعجلت ومشيت، هي اللي مستنتنيش ومشيت !!
نظر لوجهها ليجدها غارقة في دموعها وترتجف وكأنه موعد الشتاء، ..
هز رأسه عدة مرات وهتف بضياع :-
-والله انا أعجز من أني أساعدك!!!
… النيران لم تلمس جسد أحد إلا وهلكته
فلماذا كانت رحيمه بها ولم تقضي عليها…..
………………..
-في قصر الراوي…
جلس بيبرس مع حنين في حديقة القصر وسط حصار فكانت تجلس الدادة صباح علي مقعد قريب منهم.. وحولهم حراسة القصر فأمرهم بذالك جاسم، الذي يقف في شرفة غرفته يرتشف قهوته وهو يراقبهما…
نظر بيبرس حوله بريبة ثم هتف بضجر :-
-هو احنا قاعدين في قصر الرئاسة وانا معرفش!!..
رفعت حنين رأسها وأبتسمت ثم نظرت أرضاً وهي تفرك كفيها بتوتر، فتحدث بيبرس بتوسل وهو ينظر في ساعته :-
-لا ابوس ايديك اتكلمي العشر دقايق بيخلصوا وقربنا نلعب في الوقت بدل ضايع والحكم هينزل يطردنا ..
إبتلعت ريقها قائلة بخفوت :-
-اآآ انت عاوز تتجوزني ليه!!..
اجابها سريعاً :-
-فاضي، اصل انا صحيت الصبح ملقتش حاجة اعملها فقولت اما أجوز!!!
زفر بضيق قائل :-
-أنا قولت اتكلمي مش تحرقي دمي بأسئلة غبية!!..
رفعت رأسها وهي تعض علي شفتيها :-
-يعني أنت مش متجوزني عشان تربيني!!..
قطب مابين حاجبيه وهتف :-
-أربيكي!!..
أومأت برأسها قائلة بنبرة خافتة :-
-اه، أصلا انت ماكنتش طايقني ساعة موضوع الصور فأكيد هتتجوزني عشان تعذبني انا عرفت كده من الروايات البطل بيتجوز البطلة اللي عملت حاجة غلط عشان يفضل يعذبها..
ضرب كفا علي كف ثم هتف بجدية :-
-الحقيقة هو انا لو هربيكي يبقى هربيكي علي حاجة واحدة…
نظر لجاسم الذي يراقبهما وهتف بنزق :-
-أن جاسم يبقي أبن عمك، ده انا هخلص اللي عمله فيا ده فيكي!!..
ثم تنهد طويلاً قائل بإبتسامة :-
-وبعدين هي الروايات مقلتلكيش أن في الاخر البطل بيقع علي جدور رقبته في حب البطلة!!..
ثم همس بنبرة رومانسية :-
-وانا من البداية اهو وقعت ولا حد سمي عليااا!!
اتسعت عينها بذهول واصبح صدرها يعلو ويهبط بشدة وتعالت نبضات قلبها مع تورد وجنتبها فأصبح وجهها الصغير كحبة الكرز الناضجة، ابتسم علي هيئتها الطفولية وتابع :-
-ركزي في امتحانات نص السنة عشان في اجازة نص السنة هتبقي مراتي بإذن الله ..
بيبرس بتمني :-
موافقة !!..
كادت أن تنهض مرة واحدة كأنها لدغتها حية راكضة للداخل فنهض ولحق بها سريعاً قائل برجاء :-
_رايحه فين اوعي تجري وتسبيني كده انتي عايزة هتلر باشا يفتكر أن اتحرشت بيكي ولا حاجة وينزل يخليني شهيد الجوازة دي!!…
زاد احمرار وجنتيها فعاد الطلب مرة أخري فأكتفت بأن تصمت وتنظر بإستحياء أرضاً، تهللت اساريره وهتف بفرح :-
-السكوت علامة الرضا!! هاتيلنا الشربات بقاا..
لم تجيبه وظلت ناظرة أرضاً، فلوي فمه قائل بتهكم :-
-شربات ايه ده اللى انا بعشم نفسي بيه إذا كان انتو ماقدمتوليش حتي كوباية ماية أبل بيها ريقي . شكلكم عيلة بخيلة ولا أيه!!..
رفعت رأسها بغضب وجزت علي أسنانها بغيظ ثم صاحت :-
-دادة صباح!!..
دنت منها الدادة صباح فقالت بجدية وهي تنظر نحوه بغيظ :-
-شوفي الضيف يشرف أيه!!..
أومأت برأسها ونظرت لبيبيرس قائلة :-
-تحب تشرب أيه يابنى!!..
أبتسم بيبرس وجلس علي الطاولة قائل بمرح :-
-لا اشرب أيه بقاا!! انتو طبخين أكل ايه النهارده يادادة صباح!!..
……………
-في مزرعة نضال!!..
الليل بأكمله لم يغمض لها جفن ليتها صمتت ولم تتحدث بالأمر فيكفيها مالديها من ألم، نهضت وسارت نحو مكتبها لتجلس عليه باحثة عن دفتر مذاكراتها وبينما هي تبحث وجدت جريدة ملقاة أسفل المكتب فقطبت مابين حاجبيها وهي تمد يدها لتلتقطها
لتتسع عينها بصدمة وهى تري صورة جاسم برفقة تمارا شعرت بطعنة في قلبها فهذه هي السيدة التى رأتها معه في السابق، تنهدت بألم وبدون وعي وجدت نفسها تهتف :-
-ربنا يسعدك في حياتك زي ماسعدتني!!..
ثم تركت الجريدة علي المكتب، ولمست بإناملها دبلتها التي سقطت عليها دمعة، كانت دنيا مستيقظة فنهضت من الفرأش وسارت نحوها وربتت على كتفها بمواساة :-
-اقلعيها يارقية خلاص!! خرجيها من أيدك زي ماخرجتي من حياته!!..
نظرت رقية لها والدموع لامعة في عينها وابتسمت :-
-احنا اتفقنا نخرج من حياة بعض لكن متفقناش اننا نخرج من قلوب بعض!!..
…………….
-في البلد ..
جهزت عائلة شهد نفسها للرحيل بعد انتهاء مراسم الزفاف الخاصة بعصام، فتحدثت والدة عصام بود :-
-ماتخليكم قاعدين شوية!!..
اجابتها والدة شهد بإبتسامة :-
-لا كفاية كده شهد وراها مدرسة ودروس والامتحانات علي الأبواب خلاص..
نظرت والدة عصام ناحية شهد الهذيلة التي انظارها متعلقة بالأريكة الجالس عليها عصام بجلبابه الأبيض الناصع عكس معدنه وقلبه الاسود وبجواره زوجته بعبائتها المنقوشة بالرسومات الذاهية ترقرقت العبرات في عينها ولم تسمع لوالدة عصام التي هتفت بفرحة :-
-عاوزينك تجيبي مجموع عالي بقا وتفرحينا ياشهد، وخلصي إمتحاناتك وتعالي البلد اهو تاخدي بحس مرات عصام!!..
شعرت برغبة في التقيئ، الم في معدتها تشعر بالأرض تدور من أسفلها فوضعت يدها على فمها وركضت نحو ركن من الأركان لتتقيئ وسط أنظار الجميع…
………………………..
عادت رقية الي القاهرة من أجل اختبارات نصف العام وكإنها النجاة التي انقذتها من رؤية نضال بعد المواجهة ا، كذلك حنين التي شعرت بالأرتياح لبيبيرس واخبرت جاسم بموافقتها نسبياً، وعهد تفكر في السفر لأهلها فلا داعي من تواجدها هنا هي تحتاج لبلد أخري!! حازم انشغل في الاختبارات وأحياناً كان يلتقي برقية في المكتبة وكانت تساعده بشرحها.. اقتربت سارة من موعد ولادتها فكانت رقية برفقتها دائماً..
…………………….
وبينما هو في مكتبه، يراجع ملفات عمله، دلف معتز كالقذيمة فهيئته تدل على أنه يحمل خبر سئ، رفع جاسم عينه من الأوراق وقبل أن يتابع جملته التي تفوه بها :-
-كويس إنك جيت كنت آآآآ..
قاطعه معتز بتوجس :-
-جاسم جالك استدعاء من النيابة النهاردة!!..
جاسم بنبرة متهكمة :-
-نعم !!..
ثم زفر بضيق قائل :-
-مش فايق لهزارك تعالي اقعد!!..
معتز وهو يؤكد حديثه :-
-أنا بتكلم بجد جالك استدعاء من النيابة!!..
ترك جاسم القلم من يده وقد قطب مابين حاجبيه هاتف بجدية :-
-استدعاء ليا انا!! ليه؟!..
معتز بنفي وهو يحرك رأسه :-
-معرفش!!..
تنهد جاسم بضيق ليتابع معتز بتسأل :-
-هاتعمل ايه!!..
نهض جاسم من ف مكتبة بجدية :-
-اعمل ايه في ايه اكيد في حاجة غلط!!..
فتحدث معتز سريعاً :-
– اكلم المحامي يشوف الموضوع!!..
غمز له نافياً، ثم وضع يده في جيب سترته ليخرج هاتفه!!..
… يتبع