لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل التاسع والعشرون…
-في الصباح..
كان نضال يفحص الملفات التي قدمتها له رقية الجالسة أمامه بشرود ،أومأ برأسه إعجاباً بمهارتها فقد تعلمت المهنة في وقت قصير وأثبتت براعتها، فتحدث بنبرة إعجاب:-
برافو عليكى يارقية أتعلمتي الشغل بسرعة جدا…
لم تجيبه بل ظلت صامتة شاردة ناظرة أمامها وهي تعبث بدبلتها الذهبية ، فقطب حاجبيه وهتف مرة أخرى :-
-رقية!!!..
أفاقت من شرودها هذه المرة وإلتفتت له قائلة بخفوت وإرتباك :-
-هاا ن آآ نعم!!..
رمقها نضال بجدية قائل بتسائل:-
-أنتي كويسة؟!..
أومأت برأسها إيجاباً ثم قالت بهدوء :-
-أنا أسفه بس تعبانة شوية النهاردة!!..
رمقها بشك ولكنه هز رأسه بتفهم قائل :
-الف سلامة عليكي، لو مش هتقدري تشتغلي خلاص روحي أرتاحي..
أبتسمت إبتسامة مصطنعة قائلة :-
-ملهوش لزوم أنا هبقا كويسة!!..
نظر لعينها المنتفخة من أثر البكاء وأثر الدموع في سحابة عينها فتنهد قائل بعدم رضا :-
-واخرتها أيه؟! من يوم ماجيتي هناا وانا نفسي اشوف عينك مفيهاش دموع..
فصمت لثواني ثم هتف بجدية :-
-ندمانة؟! …
رمقته بعمق ورمشت بعينها عدة مرات ثم هتفت نافية وهي تهز رأسها :-
-لااا.. لأني عملت الصح!!..
كاذبة!! حكمت عقلها وتركت قلبها ينزف تقول إجابة وبعينها إجابة، لم يضغط عليها أكثر ولم يتدخل في أمورها..
فأومأ برأسه إيجاباً ثم نهض وسار في إتجه الشعلة الصغيرة الموضوعة فوق طاولة في ركن من أركان غرفة مكتبة فهتفت وهو يعرض عليها :-
-هعمل قهوة أعملك معايا!!..
إلتففت برأسها إليه بجمود ثم قد قطبت مابين حاجبيها بتعجب فظهر أمامها الأن شبح جاسم يتحدث معها وليس نضال، أبتسمت وهي تتخيل جاسم يقف مكان نضال فنهضت قائلة بتلقائية مرحة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها :-
-بس أنت مابتعرفش تعمل قهوة ياسي جاسم!!.
عقد نضال حاجبيه بتعجب وإستدار بجسده كاملاً ونطق بإستنكار :-
-جااااسم؟!!!…
تلاشت الإبتسامة من علي وجهها سريعاً فالصورة أصبحت واضحة هذا نضال فقد عشمت نفسها وتمنت، أكتسي وجهها حزناً وابتلعت ريقها قائلة وهي تفرك كيفها معاً بتوتر :-
-أنا أسفه!!..
وبعدها أسرعت للخارج، ليقف مأخوذ فإئ عشق قد تملك منها هكذا…
………….
خرجت من مكتبه وصدرها يعلو ويهبط وقد أكتسي وجهها بالحمرة، فجاسم أصبح هو شاغلها الأكبر الأيام الماضية، لم تضع في إعتقتادها أن فراقه سوف يكون عسيراً هكذا.. أسندت ظهرها علي الحائط وهي تتنهد بوجع ، وبينما هي علي حالتها هكذا سمعت صوت رنين هاتفها فوضعت يدها في جيبها لتخرجه لتجد المتصل “حنين” تكونت إبتسامة علي ثغرها ثم ضغطت على زر الايجاب ووضعته علي أذنها وقبل أن تتحدث سمعت صوت بكاء حنين وشهقاتها ثم تحدثت بتوسل “الحقيني يارقية”
……….
-في كافية في القاهرة..
تقابلت حنين مع رقية التي جاءت لها مسرعة فقد وقع قلبها في قدمها عندما سمعت صوت بكائها، فقصت حنين علي رقية مالامر!! وبعدما انتهت دفنت وجهها في كفها لتدخل في نوبة بكاء مريرة !!..
ذًهلت رقية من حديثها فلم تتخيل وجود أشخاص بهذه الدناءة فهتفت وهي تربت علي كتفها :-
-أهدى بس كده!! خلينا نشوف هنعمل أيه!!..
رفعت حنين وجهها وتحدثت من بين شهقاتها :-
-اعمل أيه!! ده جاسم لو عرف حاجة زي دي هيموتني!!..
رقية بضيق تحدثت :-
-طب هو هيستفاد أيه لما يفضحك يعني!!..
حنين بنبرة حزينة :-
-عشان يساومني ويستغلني..
فتحدثت رقية وهي تعقد حاجبيها بتعجب :-
-بيساومك يعني عاوز فلوس!!..
هزت حنين رأسها بنفي ثم تحدثت علي إستحياء :-
-آآ عاوز حاجة تانية!!..
أصدرت رقية شهقة بصدمة وقد اتسعت حدقتيها وهي تسمع من حنين فقالت بعدم تصديق :-
-معقول كده!!
.ثم تابعت بنبرة عتاب :-
-شوفتي عملتِ في نفسك أيه، ماسمعتيش كلام جاسم لما كان بيقولك ابعدي عن شيري وأدى النتيجة اهي اتخلت عنك شوفتي وصلتي نفسك لأيه!!!..
شعرت حنين بالخزي من نفسها، تعلم أنها مخطئة وهي من جعلت نفسها صيدة ثمينة ساهلة!!
فتحدثت بنبرة باكية :-
-عارفة أني غلطانة بس ملهوش لزوم الكلام دلوقتى ارجوكي ساعديني!!..
زفرت رقية بضيق قائلة بتسائل :-
-طب جربتي تتصلي بيه تاني!!-
-تليفونه مقفول من أمبارح!!..
أغمضت رقية عينها وفتحتها مجدداً وهي تفكر في حل لتلك المعضلة، ماذا عليها أن تفعل لاتستطع ردها وهي لجأت لها، وبعد تفكير لمدة دقائق خطر ببالها الشخص المناسب فأسرعت تفتح حقيبتها وتخرج هاتفها لتبحث عن أسمه في قائمة الأسماء ثم وضعت الهاتف علي أذنها تنتظر الرد فهو الحل أمامها الأن..
…………..
بعد مرور بضعة من الوقت دلف للمكان وهو يبحث بعينه عنها حتى لمحها تجلس على أحدى الطاولات مع فتاة تخفي وجهها بيدها فأسرع في خطواته إليها حتي وقف بجوار طاولته وهتف :-
-رقية!!
وقبل أن تتحدث رقية،رفعت حنين عينها لتتسع بذهول وهي تراه أمامها، لم يختلف حاله عنها فهو أيضاً تفاجئ بها، فهتفت من بين دموعها :-
-آآآآ بيبيرس!!..
هتف الأخير بذهول أكبر :-
-حنين!!..
وزعت رقية بصرها بينهما هاتفة بتعجب :-
-أيه ده انتو تعرفوا بعض!!..
أومأت حنين برأسها ثم نكستها في الأرض خجلاً وهي تجهش في البكاء مرة أخرى، قلق بيبرس ثم سحب المقعد وجلس ووجه حديثه إلي رقية وبصره معلق علي الدمية الصغيرة :-
-في ايه يارقية قلقتيني!!..
نظرت رقية لحنين ثم عادت النظر إليه فتنهدت قائلة بجدية :-
-هحكيلك!!…
فسردت عليه الأمر وهي تنظر لحنين بإشفاق التى لم تكفي عن البكاء ، سمعها بيبيرس بدهشة كبيرة وبالأخص عندما علم انها إبنة عم رفيقه، وبعدما أنتهت رقية تحدثت بنبرة رجاء:-
وأنا بطلب منك تساعدنا، لاني جاسم ماينفعش يعرف حاجة زي دي !!..
حرك كفه في الهواء بحركة بسيطة وأردف بعدم تصديق:-
-مش ممكن!! يعني دي بنت عم جاسم!!..
أومأت رقية برأسها ثم هتفت بلهفة :-
-هتساعدها يابيبيرس!!..
تحولت قسمات وجهه الي الجمود وهو ينظر لحنين التي تتحاشي النظر إليه خجلاً، فهتفت بلهجة جامدة :-
-تعرفي عنوان الواد ده؟!!..
توقفت عن البكاء ورفعت رأسها ببطء وأومأت بالأيجاب ،ليخرج ورقة وقلم من جيب سترته ووضعهما أمامها قائل بلهجة صارمة:-
-أكتبي!!..
أمسكت القلم بأيدي ترتعش وهي تشهق ثم دونت العنوان وبعدما انتهت جذب الورقة بقوة ولم يتمهل ورحل كالقذيفة..
…………
-في مزرعة نضال..
في بيت صغير يشبه الكوخ في منطقة متطرفة من المزرعة يسكن به رجلاً عجوزاً خصلات شعره البيضاء تدل على خبرته الكافية في هذه الحياة…
كان نضال يجلس علي الأريكة المتهالكة واضع يده خلف عنقه وناظر للسقف، فجاء الرجل كبير السن وهو يستند على إبنته وعلي عكازه الخشبي فأعتدل نضال ونهض علي عجالة ليأخذ بيده ويساعده علي الجلوس وجلس بجواره ليهتف العجوز وهو يحادث إبنته :-
-أعمليلنا كوبابتين شاي يابنتي!!..
أومأت إبنته برأسها قائل بلهجة خافتة :-
-حاضر يابابا!!..
ثم سارت نحو المطبخ لتصنع قدح الشاي ، ليتحدث العجوز مع نضال :-
-إيه الجديد عندك يانضال، لسه تايهه في البحر!! لسه غريق ملقتش الشط!!..
تنهد نضال تنهيدة عميقة ثم أردف بحزن:-
-مش عارف أعمل أيه ياحج كل مابشوفها قدامي بحس بالذنب بحس بنار جوايااا،أنا في معركة بين ضميري ومشاعري مش عارف أتصرف ازاي..
تحدث الرجل بنبرة رذينة :-
اعمل الصح يانضال، البنت دي ربنا بعتها ليك عشان يعرفك إن في ناس محتاجلك وإن قرارك غلط من البداية..
هز نضال رأسه قائل بخفوت :-
-مش قادر انسى، جوايااا شعور بالذنب هيموتني!!..
ربت الرجل علي فخذيه قائل بجدية :-
-دي أعمار يابني مكتوب وكل اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفوه العين!!..
ثم تابع حديثه بهدوء :-
-حاول تنسى يابنى وارجع شغلك تاني كمل رسالتك وقدم واجبك المفروض عليك..
نظر نضال له نظرات تائهة فلا يعلم هل يستمر في إخفاء هويته عن رقية أما يكشف عن نفسه ويحدث مايحدث…
………………
مرت العديد من الساعات وحنين لم تصمت عن البكاء بل زادت فيه حتي أحمر أنفها بشدة، فحاولت رقية تهديئتها قائلة بتوسل :-
-كفايه ياحبيبتي، اطمني أن شاء الله خير وبيبيرس يعرف يتصرف!!..
فتحدثت حنين من بين دموعها وقد صمتت لثواني :-
-هو أتأخر آآ كده ليه يارقية؟!!..
نظرت رقية في ساعة هاتفها لتجد بالفعل الوقت تأخر فتنهدت قائلة بحيرة :-
-فعلاً أتأخر، بس الغايب حجته معاه!!..
وعندما لاحظت أن حنين سوف تبكي مجدداً أمسكت كفها وربتت عليه بحنان :-
-اهدي عشان خاطري، والله قلبي بيقولي أن الموضوع هيعدي علي خير!!..
تحدثت حنين بنبرة إنكسار ودموعها تجري على وجنتيها :-
-أنا اتفضحت قدامه واكيد هيقول لجاسم!!..
هزت رقية رأسها معترضة قائلة بجدية :-
-مش هيقوله أنا عارفة بيبيرس كويس متقلقيش..
ثم اردفت متابعة :-
-وبعدين فضيحة أيه دي انتي ماعملتيش حاجة تتكسفي منها هو اللي واحد حيوان وركب الصور دي!!..
ثم رمقتها بشك قائلة :-
حنين الصورة دي تركيب مش كده!!..
أومأت حنين رأسها سريعاً هاتفة :-
-والله العظيم تركيب يارقية آآآآ أنا معملتش كده، أنا كنت بتصور معاه صور عادية وبتبقي معانا شيري كمان!!..
تمتم رقية بداخلها بضجر :-
-ماهي شيري دي أوس البلاوي كلها!!..
ثم ابتسمت لحنين قائلة :-
-وأنا مصدقاكي ياحبيبتي!!
فتابعت حنين بألم :-
-عارفة اكتر حاجة واجعني يارقية إن خذلت جاسم، خذلته من ساعة مالغيت عقلي وبقيت أمشي ورا شيري لحد ماخسىرت برائتي واتخليت عنها..
رمقتها رقية بشفة ثم ضغطت علي كفها قائلة بأبتسامة:-
-برائتك لسه باينة في عينك ياحنين انتي لسه نضيفة من جواكي. والحمد لله فوقتي بدري محدش كان ضامن إيه اللي يحصل..
أومأت حنين برأسها وهي تغمض عينها وتفتحها مجداً، فإمسكت رقية بكوب الليمون الذي طلبته لها قائلة بإبتسامتها ونبرة غير قابلة للنقاش :-
-اشربي ده عشان تهدي!!
لم يكون لديها أي شهية ولكنها تناولت الكوب وإرتشفت منه القليل، لتهتف رقية بعدها بلهفة :-
-اهو بيبرس جه!!..
إهتزت يد حنين بالكوب فقد شعرت بالتوتر والهلع فتناولت رقية الكوب منها سريعاً ووضعته على الطاولة ثم نظرت إلى بيبرس القادم إليه في هيئة غير منظمة كالخارج اللتو من معركة وصل إليهما وجلس على الطاولة لتهتف رقية علي عجالة :-
-هاا طمنا يابيبرس!!..
نظر بيبرس لحنين نظرة جامدة ثم وضع يده في جيب بنطاله ليخرج بطاقة ذاكرة “كارت ميموري” ووضعه علي الطاولة قائل :-
-اهو الكارت اللي عليه صورك!!..
مسكت البطاقة وقد بدأت الابتسامة السعيدة تغزو ثغرها كما فرحت رقية أيضاً ووجهت حديثها إلي بيبرس قائلة :-
-بجد مش عارفة اقولك ايه يابيبرس جميلك ده في رقبتي!!..
بيبيرس بنبرة جامدة :-
-متقوليش حاجة يارقية ده واجبي وأنا عملت كده عشان خاطر صاحبي..
ثم نظر إليها “حنين” نظرة ذات مغزى قائل :-
-مش عشان حد تاني!!..
شعرت حنين بالخزي فأطرقت رأسها خجلاً فلم يعد لديها عين للمواجهة..
وزعت رقية انظارها بينهما ثم قالت بتسائل :-
-طب آآ مش ممكن يكون معاه نسخة تانية!!..
هز بيبرس رأسه نافياً قائل بلهجة شبه غاضبة :-
-متقلقيش أنا كسرت الشقة على دماغه، والكمبيوتر وكل حاجة مفيش صور تاني..
تنهدت رقية بإرتياح، لينهض بيبرس قائل بجدية :-
-أنا همشي ولو عوزتي أي حاجة تاني يارقية أنا في الخدمة!!..
أومأت رقية برأسها قائلة للمرة ثانية :-
-مش عارفة اقولك ايه ،واللمره التانية ً علي وقفتك معاناا..
ثم تابعت بحذر ونبرة خافتة :-
-وطبعاً مش عايز أكد عليك جاسم ماينفعش يعرف حاجة!!..
هو ومازال ينظر إلى حنين قائل بلهجة جامدة :-
متخافيش مش هبلغه عشان ماتحصلش مشاكل..
ثم تابع بلهجة ذات مغزى متهكمة :-
-مش عشان خاطر حد!!..
لم تستطع الصمود أكثر من ذالك فعادت للبكاء مرة أخرى، لينظر لها نظرة أخيرة ثم يرحل، ولم تتمهل رقية فنهضت وسارت خلفه سريعاً حتي أصبحت قريبة منها فهتفت :-
-حنين ملهاش ذنب يابيبرس!!..
إستدار لها بيبرس قائل بغضب :-
-حد كان ضاربها علي ايدها عشان تعرف الأشكال، انتي لو كنتِ شوفتي اللي أنا شوفته في شقة الواد ده كان زمانك رجعتي!!..
رقية بهدوء :-
-حتي لو غلطت هي فاقت وعرفت غلطها كويس ويابيبرس حنين ساذجة أي حد يضحك عليها بسهولة والحمدلله المره دي عدت على خير..
ثم تابعت بنبرة ذات مغزى :-
-وبعدين هي لو بنت مش كويسه كانت وفقت وراحتله الشقة زى ماطلب لكن هي لجأت لينا عشان نساعدها..
نظر لها مطولاً ثم مسح علي شعره، لتقترب منه رقية قائلة بإبتسامة :-
-حنين لسه بريئة، لسه بنت في الإعدادية وومراهقة في الثانوية هي لسه صغيرة!!..
بيبرس بنبرة متهكمة :-
-رقية انتو الفرق مابينكم يعتبر مافيش!!..
رقية بنفس ابتسامتها وكأنه لاتسمعه:-
-هيبقي معاك طفلة هتحسسك أنك عندك بنوته هتعيش جواه طفولته!!..
ظهر الإرتباك على وجه بيبرس وهو يقول :-
-آإآ انتي بتقولي إيه!!..
ضيقت عينها قائلة بحب :-
-ابقا خلي بالك منها!!..
فهتف بيبرس وهو يرحل ويهرب :-
-انتي شكلك مجنونة انتي كمان!!.
ليغادر المكان وتضحك رقية وتتمنى من قلبها أن يصدق أحساسها ويجمع الله الاثنان…
…………….
-في قصر عائلة الراوي.. وتحديداً غرفة مشيرة!!..
كانت الممرضة تعاونها في السير ذهاباً وإياباً في الغرفة حتى فُتح الباب ليدلف منه حازم توقفت مشيرة عن السير ورمقته بجمود فمنذ أن خرج من المصحة وهي لاتتحدث معه كإي أم حزنت علي ماوصل إليه إبنها. استأذن حازم من الممرضة أن تترك بمفردهما ففعلت ذالك، فأخذ حازم بيد والدته واجلسهاا علي الأريكة بحرص وهي تشيح بوجهها بعيداً، فتحدث حازم بمرح وهو يمسك كفها:-
-مش كفاية كده ياشوشو!! أنا ده مش أد خصامك برضه !!..
كانت ممتعضض الوجه ولم تجيبه ..
فتنهد قائل بنبرة أسف :-
-حقك عليا ياأمي أنا عارف إن غلطت وان السبب في تعبك لكن خلاص أنا بقيت انسان تاني هاخد بالي من دراستي ومش هسسببلكم أي مشاكل ..
إلتفتت له مشيرة لتشهق مرة واحدة عندما لاحظت تلك الكدمات في وجهه فتحسست وجهه بهلع قائلة :-
-ايه ده انت اتخانقت مع مين!!..
حازم بنصف إبتسامة :-
-لا متخانقتش مع حد ولا حاجة دي حاجة بسيطة كده!!..
فتحدث جاسم الذي دلف اللتو بمرح :-
-وأحنا عاوزين نعرف ايه سبب الحاجة البسيطة ديه!!..
ضغط حازم علي أسنانه بغيظ :
-أولاً أنا بتكلم مع أمي ماتكلمتش معاك!!..
جلس جاسم بجوار مشيرة من الناحية الأخرى وقبل كفها قائل بإبتسامة :-
-اخبارك أيه ياست الكل!!..
مشيرة وهي تحتضن يده :-
-بخير ياحبيبي طول ماانت بتسأل عليا..
ثم لاحظت وجود كدمة في وجهه فوزعت انظارها بين ولديها قائلة بغضب :-
-انتو اللي ضاربين بعض بالشكل ده مش كده؟! ..
تحدث جاسم وهو ينظر لأخيه نظرات ذات معني:-
-ولا ضاربين بعض ولا حاجة ده هزار..
مشيرة بنزق :-
-هزار!! انتو لسه فاكرين نفسكم عيال.. وبعدين هو الهزار يبقا بالشكل ده..
جاسم بلا مبالاة قائل :-
-قولي لإبنك بقاا!!
حازم بضجر:-
-نعم!! هو لو انا اللي قلت عاوز ألعب ونزلت فيك ضرب وبعدين هي مش راضية عني خلقه فمتزودهاش!!
ثم تحدث جاسم بجدية وهو يوجهه حديثه لولدته :-
-خلاص بقاا ياشوشو، سامحيه وانا اوعدك انه مش هيمشي عوج تاني..
فنظر لحازم بجمود :-
-متخافيش انا عامل عليه حصار مش هيقدر حتى يفكر بس يمشى عوج!!
رمقه حازم بنزق ،فتنهدت مشيرة بإبتسامة وهي تنظر لحازم :-
-مفيش أم بتزعل من حته منها!! الأم بتزعل عليهم عشان عايزاهم أحسن ناس!!
تهللت أساريره وهتف بفرح :-
-خلاص سامحتيني مش كده، أنا عارف الجملة بتاعة الأمهات دي !!..
أومأت مشيرة برأسها ليرتمي حازم في أحضانها وتزيد هي من عناقه وهي تقبله بأمومة تبسم جاسم وهو ينوي النهوض قائل :-
-طب أنا شكلي غريب في القعدة دي أستأذن بقا !!..
وقبل أن ينهض جذبته مشيرة هو الآخر لأحضانها قائلة :-
-غريب ايه ياحبيبي ده أنا عايشين بحسك في الدنياا!! ده انت حمانا وسندنا..
لوي حازم فمه بتهكم قائل :-
-خلاص ارتاحت كده قلبت المشهد ليك!!..
جاسم بنصف عين :-
-طول عمره المشهد ليا ولاماكنتش واخد بالك!!..
حازم بنبرة ساخرة :-
-لا اصلي كنت في مشوار ومحدش قالي!!..
مشيرة بعتاب :-
-بطلوا مناقرة في بعض بقاا!!..
فأبتعد الاثنان عن أحضانها وهتف جاسم بجدية وهو ينظر لساعته :-
-أنا لازم امشي عندي شغل!!..
ونهض وقبل أن يرحل أمسكت مشيرة يده قائلة بنبرة تحمل عتاب :-
-مش ناااوي ترجع رقية ياجاسم!!..
زفر جاسم بضيق قائل :-
-بعد إذنك ياأمي الموضوع ده انتهي ومش عاوز اتكلم فيه!!..
ثم تابع :-
-وبعدين فجأة كده حبتيها ده انتي ماكنتيش طايقها في البيت اصلا، وكنتِ بتتهميني بالجنون عشان حبيت واحدة زيها واتجوزتها!!..
إبتلعت ريقها قائلة بخفوت :-
-معاك حق!! لكن البنت دي وقفت معايا في مرضي وكنت عاوزة اشكرها حتى!!..
تحدث جاسم بجمود :-
-انسيها ياماما انسيها خلاص!!..
انهي جملته ورحل سريعاً.. لتتنهد مشيرة بضيق قائلة بين نفسها :-
-وأنت هتقدر تنساها!!
ثم نظرت إلى حازم الذي هز رأسه بعدم رضا..
………….
مرت عدة أيام كانت هادئة علي البعض، فرقية طيلة النهار تعمل في المزرعة ومع غروب الشمس تدلف لسكانها لتحيا مع كتابتها، وأيام محاضراتها تعود إلى القاهرة، اما عن جاسم فتوطدت علاقته مع تمارا ولم ينكر انه أعجب قليلاً بشخصيتها الجامدة العاقلة في المؤتمرات ومع ذالك لم يحاول الإعتراف بهذا وقد أصبحا الاثنان حديث الإخبار ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي..
حازم تائه في أمره لايعلم ماذا يفعل لايتخيل أن يكون هذا نصيبه في الحب الذي دق علي قلبه لأول مرة، احياناً يتصل بها ويغلق سريعاً قبل أن تجيبه ولكن قامت هي بوضعه في حظر المكالمات كأنها تعلن النهاية التي لم تبدأ بعد..
أما الجديد هو أن معتز بعد طول إنتظار سوف يتزوج من بسمة فهو خطبها لفترة ثم عقد القراءن واليوم زفافهما فسوف تعود رقية إلى القاهرة لقضاء اليوم مع إبنة خالتها..
………..
خرجت من المرحاض بعدما استحمت فكانت ترتدي منامة حريرية خفيفة وتترك شعرها المبتل خلف ظهرها، وجدت دنيا تقوم بتعديل رداء للسهرة جذاب ورقيق للغاية من اللون الموف ومعه حجابه ومستلزماته فوقفت بجوارها قائلة بتسائل :-
-ايه ده يادنيا!!..
انتبهت لها دنيا فأعتدلت في وقفتها وتبسمت قائلة :-
-ده ليكي ياروكاا!!..
قطبت مابين حاجبيها بتعجب :-
-لياا أنا!!
ثم سارت لتمسكه بيدها ثم هتفت بإعتراض وهي تتركه :-
-أنا جبت فستان متهزريش!!..
دنيا بتهكم :-
– وهو في حد رايح فرح يجيب فستان أسود يارقية!!..
ظهر الضيق علي وجه رقية ثم سارت نحو الخزانة وفتحتها لتخرج فستانها بعناية قائلة وهي تشير لقطع فصوص :-
-مش كله أسود في فصوص بيضا اهي وبتلمع ولا مش شايفاها..
ضحكت دنيا وإتجهت نحوها قائلة بخفة :-
-لاشايفهم ياستي ،بس الفستان برضه كئيب شويه وبعدين اللون الموف هيجنن عليكي..
زمت رقية شفتيها قائلة :-
-لا ياست أنا هارتاح في ده!!..
دنيا بنفاذ صبر :-
-رقية اسمعي كلامي والله هيبقا حلو عليكي بجد، وكمان الفستان ده لبستيه قبل كده !!..
صمتت رقية لثواني وهي تطالعها بنطراتها ثم قالت بضيق :-:-رق
-طب خليه ليكي يادنيا!!..
دنيا بتصميم :-
-لا لأن أنا جبته ليكي انتي!!..
رقية بأرتباك :-
-أيوة بس آآآآ..
دنيا بلهجة غير قابلة للنقاش :-
-مفيش بس يارقية هتلبسيه يعني هتلبسيه عشان خاطري بقاا..
وبعد إلحاح دنيا استسلمت رقية للموافقة وهزت رأسها بإيماءة بسيطة قائلة بإبتسامة :-
-ماشي هاخده!!..
لتصفق دنيا بسعاده، وتتابع بإمتنان :-
-انا بجد مش عارفة اشكرك ازاي يادنيا!! دنيا بعتاب :-
-مفيش شكر بين الاخوات وهو انا مش زي اختك..
تحدثت رقية بود :-
-واكتر والله، أنتي بقيتي زي سارة ورباب لياا..
ثم وضعت ردائها كما كان في الخزانة، لتسألها دنيا :-
-هي سارة دي كل صحابك؟! .
تنهدت رقية وهي تمسك الفرشاة لتمشط شعرها قائلة بألم :-
-معرفش غيرها أصلاً وهى الوحيدة القريبة مني!!..
دنيا بأبتسامة :-
-طب وهي عاملة أيه دلوقتي!!..
ضحكت وهي تتذكر هيئة رفيقتها المنتفخة :-
-الحمدلله كويسه بس شكلها يفطس من الضحك لما بتيجي الجامعة وبطنها قدامها زي الكورة كده بتكون عاوزة تتدحرج مش تمشي!!..
ضحكت معها دنيا ثم هتفت :-
-ربنا يقومها بالسلامة يارب!!..
لتأمن رقية علي حديثها بحب :-
-أمين ياارب واشوفها في أحسن حال..
………….
في مركز التجميل..
إنتهت من إرتداء فستانها ونظرت لنفسها نظرة أخيرة برضا فالفستان كان يشبه فستان الأميرات فصدقت واحسنت دنيا في أختياره ، كانت لم تلف حجابها فتركت العنان لشعرها ينسدل علي ظهرها فأعطاها منظر جذاب ظلت تدور بالفستان ويدور معها شعرها ثم توقفت وهي تلهث ثم وضعت يدها فلا..ي خصرها تستعرض نفسها أمام المرأة ولكن كما يقولوا “الحلو لم يكمل” فلاحظت حروق وجهها فأنتشلت ألابتسامة من علي وجهها وحل مكانها العبوس..
وفي هذآ الحين دلفت شقيقة “بسمة” الصغرى الذي هتفت بإنبهار:-
-شكلك حلو اووي ياأبله رقية!! أنتي هتحضر الفرح يشعرك!!
ابتسمت رقية لها قائلة :-
-لا، عشان حرام أفضل بشعري!!..
زمت شفتيها بحزن قائلة :-
-ليه كده يعني جوزك مش هيشوفك وانتي حلوه كده!!..
نطقت رقية الجملة بهمس وألم :-
-آآ جوزي!!..
هزت الصغيرة رأسها قائلة بهدوء :-
-اه جوزك مش انتي متجوزه؟
! ، اختي بسمة ورتني صورة واحد في المجلة وقالتلي ده يبقي جوز ابله رقية وكان حلوو اوووي…
ثم هتفت بإبتسامة :-
-هو جوزك ده هيجي الفرح النهاردة!!.
كلمات صغيرة من طفلة صغيرة جعلتها تسرح به ثم نظرت للصغيرة قائلة بخفوت :-
-اااه هيجي آآ هيجي!!.
ثم ابتسمت قائلة بجدية :-
روحي بقاا شوفي بسمة جهزت ولا لسه..
أومأت الصغيرة برأسها وسارت سريعاً ولاتعلم رقية انها وقفت خلف الستار وبيدها هاتف بسمة وقامت بإلتقاط صور لها بهذا الفستان وظلت تلتقط لها الصور حتي بعدما خلعته رقية لتعدل شئ به وظلت بثياب داخلية تظهرها شبه عارية لتبتسم الصغيرة بسعادة قائلة :-
-عشان اوريها لعمو جوزها في الفرح..
وبعد مرور الوقت وقفت بسمة بثوبها الأبيض الناصع وحجابها الذي يتتوج بتاج أعلى رأسها تنظر لنفسها بفرح فهي ملكة والأن سوف تزف لأميرها دنت منها رقية وإحتضنتها قائلة بسعادة :-
-الف مبروك ياحبيبتي!!
بسمة بإبتسامة على ثغرها :-
-الله يبارك فيكي ياروكا..
ثم تابعت بسعادة عارمة بعدما إبتعدت عنها :-
-أنا فرحانة اووي يارقية!!..
ربتت رقية علي كفها قائلة :-
-ربنا يسعدك في حياتك ..
وبينما هما يتحادثان سمعا صوت زفة وسيارات فجاءت شقيقة بسمة قائلة سريعاً :-
-العريس جه العريس جه!!..
ظهر الهلع علي بسمة والإرتباك فأمسكت جيداً قائلة بنبرة مذعورة مع زيادة ضربات قلبها :
-الحقيني يارقية قلبي هيقع في رجلي..
ضحكت رقية قائلة بمداعبة :-
_اهدي كده ياعروسة اومال هتعملي ايه في الفرح..
وقف معتز أمام السيارة بإبتسامة وهو يمسك باقة الزهور في يده، وكان بيبيرس يبتسم بتسلية ثم هتف وهو ينظر لباقة الزهور ويسند على السيارة :-
-قولي ياميزو هو أنت أشتريت الورد ده ولاسارقه من جنينه!!..
رمقه معتز بحنق قائل :-
-لم نفسك يابيبرس احنا لسه في أول الليلة ومش عايز أقل أدبي عليك ..
غمز له بيبيرس قائل بخبث :-
-لا ياعم وفر مجهودك وقلة أدبك لبعد الفرح..
إستشاط معتز منه وقبل أن يهدر به ظهرت حوريته الجميلة بعدما فُتح الباب لتسير بإستحياء وهى ترفع ثوبها وخلفها شقيقتها وأصدقائها ورقية التي بحثت بعينها عنه فلم تجده ولمحت بيبرس يبتسم لها ويشاور بكفه فإبتسمت له أيضاً وشاورت له، تقدم معتز من عروسته قائل بهمس وهو يضع يدها في يده:-
-ايه القمر ده بس!!
تبسمت بحياء ثم سارت معه وسط الطبول والمزمار والتصفيق..
_استقلت “بسمة” سيارة بيبرس المزينة بالورد فهو أصر علي معتز أن يزفهم بسيارته الخاصة ويكون هو سائقها.، وكانت خلفها رقية تساعدها في حمل ثوبها الأبيض من علي الأرض، فأنحنت لتدخل لها أطرافه للداخل حتي تستطع تغلق الباب، فاعتدلت في وقفتها وإبتسمت لها بحب وأغلقت الباب،ليمسك معتز كف زوجته البارد ولثمهم بقبلة هادئة قائل بدفء:-
-بحبك!!..
توردت وجنتيها خجلاً وهي تحاول السيطرة علي دقات قلبها التي تعزف كالطبول…
تنحنح بيبرس الجالس في الكرسي الأمامي أمام عجلة القيادة وتحدث بعتاب مصطنع:-
-مش كده يااخوانا يعني راعوا مشاعري كإنسان!!..
رمقه معتز بغضب قائل :-
_بس يازفت، ويله اتحرك!!..
أومأ بيبرس برأسه وغمز “لمعتز” بعبث من المرأة قائل :-
-حاضر ياعريس ده انت تؤمر..
فإدار السيارة لتسعد للسير، اما هي وجدت نفسها وحيدة وهي تبحث عن مكان فارغ لها فالمقعد الذي بجوار بيبرس إنشغل فجلست عليه شقيقه بسمة الصغرى، فعضت علي شفتيها بحرج ماذا عليها ان تفعل؟!! فبألتاكيد لم تجلس بين العروسين وتفسد عليهما الأجواء الرومانسية.. زفرت بضيق حتي غزت انفها رائحة عطره المميز فنظرت بجوارها لتجده واقف بهيبته وطالته الجذابة وهتف بلهجة جامدة وهو يشير بعينه لسيارته:-
-تعالى معااايا!!..
مرت دقائق عليها وهي واقفة تتأمل به فقد اشتاقت له، اشتاقت لعطره، لصوته لحديثه ،لكل شئ فقد اشتاقت لجاسم.. انتبهت لنفسها اخيرا وهزت رأسها ببطء وهي تبتلع ريقها قائلة بخفوت :-
-لا انا هاركب مع بسمة!!..
نظر جاسم لسيارة العروسين ونطق بلهجة متهكمة ساخرة :-
-تركبي فين هتقعودي علي حجرهم مثلاً!!..
نظرت له مطولاً ثم فركت كفيها ببعضهما وهي تنظر أرضاً..
فتحدث مرة أخري :-
_يله مش هنفضل واقفين كده كتير !!..
رفعت رأسها من الأرضية واصطنعت الثبات وهي ترفع أنفها قائلة بجدية :-
-اللي بينا دلوقتى مايسمحليش أن اركب معاك لوحدي!!..
كلمات نطقها لسانها وكأنه يعاند مع قلبها، أما هو صمت لثواني ثم رفع حاجبه قائل بجمود للغاية :-
-واللي كان بيناا مايسمحليش إني أسيبك واقفة في الشارع!!
جملة خرجت منه بتحدي وغضب نظرت له وهي ثابتة في نظراتها حتي تحركت السيارات ولم يبقي سواهما فتحدث بنبرته الجامدة :-
-يله!!.
لم يبقي أمامها اختيار اخر فرفعت فستانها وسارت نحو سيارته..
………
– في السيارة..
طوال الطريق وهي تمسك بحقيبتها الفضية تعبث بها لتحاول القضاء علي إرتباكها الملحوظ، فكان يقود سيارته ناظر أمامه ولايعيرها أي أهتمام وبينما هي تضع الهاتف علي قدمها أصدر رنين عالياً معلن عن إتصال فنظر جاسم ناحيتها ليلمح دون قصد منه صورته خلفية لشاشة هاتفها توترت أكثر ثم أغلقت الهاتف وهي تبتلع ريقها وتنظر من زجاج النافذة المغلق، زارته إبتسامة علي ثغرها ثم نظر للطريق أمامه!!..
……….
-في منزل شهد!!..
وضعت كوب الشاي علي الطاولة الصغيرة ثم أبتسمت قائلة لإبن عمها :-
-عايز حاجة تاني ياعصام!!..
كان يهاتف خطيبته عبر الهاتف فأبعد الهاتف عن أذنه قليلاً قائل :-.
-ً ياشهد!!..
أومأت برأسها وهي مازالت تبتسم ثم دلفت غرفتها لتغلقها جيداً عليها كما حذرتها والدتها عند يكون إبن عمها معها بمفردهما في المنزل ، فإبن عمها يتواجد عندهم كل إجازة من الجيش ثم يسافر إلى أهله في الصعيد، وهذه السفرية حتي يجهز كل شئ لزفافه الذي أقترب..
تسطحت علي الفراش لتلعب في هاتفها وترسل احد الشباب علي موقع التواصل الاجتماعى بإيميلها المزيف إسماً وسناً، فهي تعرفت علي عدد كبير من الشباب واصبحت ترأسلهم يومياً لتسمع عبارات الغزل من خلف الشاشة والتي حرمت منها في الواقع تتمني أن تشعر بإنوثتها حتي لو بكلمة تعلم جيداً انها مزيفة.. ضحكت وهي تقرأ غزله الصريح ثم كتبت له الرد..
-في الخارج..
انهي حديثه مع خطيبته وقبل أن يرتشف الشاي رن هاتفه وكان المتصل زميل له وضع الهاتف علي أذنه قائل :-
-أيه يابرنس!!..
.. ايه ياعصوم أنت نزلت أجازة!!
.. اه أخيراً آخر اجازة خلاص قربت اخلص مدتي وأخرج علي خير واتجوز بقاا..
.. ايوة بقا ياعصومي هتبقا عريس بس هاتشرفنا ولايه هههه!!..
.. عيب عليك يا *** مابحبش اتكلم عن قدراتي..
…. طب يازميلي انا بقولك هنسهر حته سهرة النهاردة إنما أيه عنب شرب وستات واخر هيصه واهو بالمرة تعالي تعالي اعمل اختبار قبل الجواز هههه..
… لاياعم ً انا عندى سفر بكره بدري..
… تعالي بس ومش هتندم
… بقولك ايه سبني في حالي سلام ياشيطان أنت!!..
… هههههههههه ماشى سلام..
انهي المكالمة ثم وضع الهاتف على الطاولة وإرتشف من كوب الشاي فكان يدور في رأسه كلام رفيقه “هاتشرفنا ولايه، طب تعالى اعمل اختبار ليك قبل الجواز ههه”..
مسح علي شعره بضيق ثم نظر لهاتفه فأخذه سريعاً ليشاهد أبشع المشاهد، وبعد مرور الوقت بدأ يتصبب عرقاً وهو يبتلع ريقه الذي جف فجأة ظل هكذا حتي سال لعابه من فمه واصبح صدره يعلو ويهبط فأغلق الهاتف والقاه علي الطاولة وظل علي وضعيته هكذا فوسوس له الشيطان أن ينظر لغرفة ابنة عمه فتحركت رأسه ببطء ناحية غرفتها فلمعت الفكرة في رأسه ونهض من علي الاريكة وهو يبتسم بخبث ثم سار نحو الغرفة وطرق عليها..
-سمعت هي صوت الطرقات فنهضت من علي الفرأش ووقفت خلف الباب قائلة بحذر :-
– آآ في حاجة ياعصام، عاوز حاجة!!..
خرج صوته مرتبكاً قائل :-
-آآ اه افتحي عايز اديكي حاجة لعمي عشان همشي!!..
لم تعلم لماذا شعرت بالريبة ولكنها تغاضت عن ذالك وفتحت الباب لتتفاجئ به يكممم فمها بيده ويغلق الباب خلفه جيدا حاولت التملص منه ولكن كان بدون جدوي فدلف بها وإلقاها علي الفراش لتتراجع للخلف سريعاً قائلة وهي تتنفس علي عجالة :-
-في ايه ياعصام في أيه!!..
لم يجيبها فخلع تيشرته وجذبها من قدمها ليجثي فوقها وهو يضع علي وجهها تيشرته حتي لايشمئز منه ولم يظهر إلى فمها الذي قبل شفتيه بنهم ورغبة ثم قام بتمزيق ثيابها المنزلية ليظهر جسدها أمامه فتزداد رغبته أكثر واقبل عليها يقبل كل جزء يظهر من جسدها بشهوة، لم تستطع الصراخ لم تمتلك سوا دموع تتساقط من عينها تبلل وسادتها، فتم كل شئ وسألت الدماء وتركها علي قيد الحياة بدون روح فقد سلب روحها وأهان أنوثتها وهو يغتصبها..
………
-في قاعة الأفراح..
جلس علي طاولة بمفرده يراقب رفيقه وهو يرقص مع زوجته بسعادة غارمة، إبتسم له ثم نقل بصره إليها ليجدها في ركن من أركان القاعة تصفق بسعادة لهما وبينما هي تلتف وجدته ينظر لها وتقابلت العيون في نظرة طويلة قطعها هو فاشاح وجهه للناحية الأخري، تنهدت بحزن ثم سارت لتجلس علي الطاولة بجوار شقيقتها..
وبينما هو جالس دنا من ه بيبيرس وخلفه شقيقة بسمة تركض وراه فوقف قائل بضيق :-
-يابنتي مالك في ديلي كده ليه!! روحي ياحبيبتي اقعدي جمب اختك في الكوشه!!..
أبتسمت الصغيرة له قائلة :-
-لا انا عاوزة ارقص معاك!!..
ضرب بيبرس كفاً علي كف ثم جلس بجوار جاسم الذي ضحك قائل :-أي بقيت تخصص أطفال الايام دي!!..
بيبرس بضجر :-
– دي عيله فظيعة من ساعة ماركبت معايا العربية واحنا جايين وهي لزقه في ديلي!!..
جاسم بإبتسامة :-
-معلش شكلها معجبة ول
ا حاجة!!..
بيبيرس بتهكم :-
اسكت ياجاسم دي لايمكن تكون عيله، لا وأيه عايزة ترقص معايا اا!!..
اناهي جملته لتقف بجواره قائلة بحزن مصطنع :-
-يله بقا عشان ترقص معايا!!..معاكن
لوي بيبيرس فمه قائل بإمتعاض:-
-اتفضل ياسيدي!!..
ثم نظر لها قائل :-
-ارقص معاكي ازاي ده انتي شبر ونص ماتجيش ركبتي اصلاً، روحي شوفي حد في طولك ..
عقدت ساعديها امام صدرها بتذمرقائلة :-
-لا انا عاوزاك انت!!..
بيبرس بضيق وتهكم :-
-ليييه انا، اشمعنا أنا..
اسبلت عينها بشكل كوميدي هاتفه :-
-عشان انت الكراش !!..
بيبرس بنزق :-
-ايه ياختي!!..
كررت الجملة بأستحياء :-
-كرااش!!..
لم يتمالك نفسه جاسم وانفجر ضاحكاً علي حديثها، فلمحته الصغيرة وتذكرته علي الفور وهتفت :-
-انت جوز أبله رقية مش كده!!..
توقف عن الضحك لتتابع هي بعتاب طفولي :-
-يعني انت قاعد هنا وسايب مراتك لوحدها روح ارقص معاها زي عمو معتز وبسمة..
تحولت ملامحه إلى الجمود مرة واحدة ، فادرك بيبرس الوضع فنهض ليبعد الصغيرة فقالت علي عجالة وهي ترحل :-
-استنى انا لازم أوريه حاجة ثانية واحدة!!..
عادت بعد قليل ومعها هاتف شقيقتها وجلست علي المقعد بجوار جاسم ووضعت أمامه الشاشة قائلة بإبتسامة وببراءة :-
-بص ابله رقية وهي حلوه!!..
دقق في الصورة لتتسع عينه بصدمة وذهول ثم ضغط علي أسنانه بقوة كاد أن يحطمهم وبكل غضب انتشل الهاتف من يد الصغيرة وسار نحوها كالقذيفة..
… يتبع