لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الرابع والعشرون.. الجزء الثاني
-في الشرفة..
القي بجسده علي المقعد بتهالك وهو يردد ويهمس لنفسه جملتها الإخيرة :-
-أحميني منك!!!..
لهذا الدرجة أصبحت تهابه.. لهذا الدرجة قسى عليها.. مالذي دفعه لذلك لايعلم..ولايعلم أيضاً هل يفرح بنتيجة قسوته أمايحزن لخوف حبيبتها وكأنه بين نارين..
*أما هي أنهكت نفسها من البكاء، شعرت بإنها إذا سقطت منها دمعة واحدة مرة أخرى لإصيبت بالعمى فيكفي الخطوط الدموية التي ُرسمت في سحابة عينها ..
…………….
عادت إلي الوحدة مرة أخري.. عادت إلى منزلها لتحبس نفسها بين أربع جدران باردة مثلها مثل مشروبها البارد الذي بجوارها وهي جالسه علي مقعدها شارد في حياتها في المصحة تبدو لها أكثر حرية.. فقد رحلت حيويتها أو وربما تركتها في المصحة وودعتها مثلما ودعت حازم.. حازم ذالك الحبيب الصديق الذي نست معه كل مامرت به، وبكل أسف خرجت لتستعيد ذكرياتها مرة أخرى..
أطلقت تنهيدة حارة من صميم قلبها وهي تعيد خصلات شعرها للخلف.. فهذا الحين دلفت والدتها وهي في كامل أناقتها ورمقتها بجمود قائلة :-
-ايه مش هتطلعي تسلمي علينا قبل مانسافر!!..
أستدارت لها لترمقها بتهكم ثم نظرت أمامها مرة أخري قائلة :-
– مع السلامة..
عقدت والدتها حاجببها قائلة بتعحب :-
-أنتي بتعاقبينا علي أيه عايزة أعرف!! هو من حق مين اللي يعاقب مين!!..
نهضت عهد قائلة بنبرة بها بعض من الحزن:-
-اعاقبكم ؟! هو انا ينفع اعاقبكم أو حتي اعاتبكم!! ..
والدتها بحده :-
-انتى تحمدي ربنا إن إحنا عدينا عملتك المهببه دي!!..
صرخت عهد قائلة وهي تجاهد لمنع دموعها :-
-كان غصب عني!!.. واهو اتعالجت وبقيت كويسه كمان!! وبدل مانتي بتحكميني حكمي نفسك انتي وبابا انتو اللي سايبني في بلد وانتو في بلد تانية!!
والدتها بنزق :-
-عرضنا عليكي كتير تيجي تعيشي معانا وكنتِ بترفضي!!
عهد بتهكم :-
-لا بجد كتر خيركم!! ومكلفتوش خاطركم وجيتوا عيشتوا معايا ليه؟! ولا حتي انتي ماجتيش تعيشي معايا وتقومي بدورك كأم ليه !!
ظهر الارتباك علي وجه والدتها وهي تقول :-
-مانتي عارفة إني ماضيه شرط جزائي وماينفعش ارجع غير لما الفترة المحددة تخلص!!..
عهد وقد إلتوي فمها ساخراً :-
-قصدك مش عايزة تسيبي بابا لوحده، احسن واحدة تلف عليه ولاحاجة..
والدتها بلهجة غاضبة :-
-عهد احترمي نفسك وراعي إنك بتتكلمي معايا!!
زفرت بصوت مسموع، وبكل ذرات البرود اقتربت من والدتها وقبلت وجنتيها قائلة بنبرة خالية من أي مشاعر مع إبتسامة باردة :-
-توصلي بالسلامه ياماما!!..
ثم سمعت صوت هاتفها يعلن عن وصول رسالة لتتجه نحو وتمد يده لتتناوله من علي الفرأش وتفتح نص الرسالة لترتسم الإبتسامة على ثغرها سريعاً وهي تقرأ بخفوت “عهد أنا حازم.. وحشتيني أوي حاسس إن ناقص نصي التاني وانا هناا..طمنيني عليكي كويسه، اوعي تكوني رجعتي السم ده تاني.. بالله عليكى اوعي تقلقيني عليكي أو تقلقي آآ قلبي.. عايزة اقولك اني احتمال أخرج قريب دكتور رمزي قالي كده كنت عاوز اعملها مفاجأة لكن عاوزك تستعدي للقائي هخرج ياعهد وهنبقا مع بعض علي طول.. هخرج عشان أنتكس معاكي، هتبقي أحلي هيروين هيدخل جسمي.. بحبك ”
دق قلبها بعنف و كاد أن يسقط الهاتف من يدها من فرط السعادة.. دقات قلبها أصبحت كالطبول التي تسمع ظنت أن والدتها الواقفة خلفها أستمعت صوت دقات قلبها فإلتفت ببطء وحذر لتنكس رأسها بتهكم وإستهزاء فالذي تبقي من والدتها هو… سراب..
………………
-في المصحة..
بسط حازم يده بالهاتف للطبيب المعالج “رمزي” قائل بإمتنان :-
-متشكر أوووي يادكتور رمزي!!
إلتقط الهاتف قائل بمرح :-
-أنا وتليفوني في الخدمة!!..
أبتسم حازم ثم تسائل بحذر :-
-هو أنا فعلاً ممكن آآ أخرج قريب!!..
أومأ الطبيب “رمزي” برأسه قائل بجدية :-
-بأذن الله مفيش أي حاجة تستدعي أنك تفضل هناا، وكمان الدراسة قربت وأنا عرفت برغبتك إنك مش عاوز السنة تروح عليك..
وعندما ذكر الدراسة جاءت لرأسه دكتورته الجامعية الخاصة “رقية” فتنهد قائل :-
-ه آآ هو جاسم مش بيجي ليا ليه؟!!..
الطبيب رامزي بإبتسامة :-
-تصدق أخوك ده خلاني اتمني يكون ليا اخ.. ده علي طول عالتليفون بيطمن عليك ومتابع نتايج علاجك أول بأول كمان وبقاله فتره بيبعت موظفين عنده يطمنوا عليك ..
لم يكن يحتاج إلي هذا الحديث ليعلم مامدي حب شقيقه وإهتمامه به…
الطبيب بجدية وهو يمد يده بالهاتف :-
-تحب اطلبهولك؟!..
هز رأسه بالنفي قائل بإبتسامة :-
-مفيش داعي يادكتور!!.
…………………………….
-في المزرعة
راقبها وهو جالس في الشرفة يرتشف قهوته وهي تضغط بأناملها علي جانبي دماغها تشعر بنوبة صداع تكاد تدمر جمجمتها بجانب ألم معدتها، والآلام متفرقة في جسدها، ذبلت جفينها وأصبحت تُغلق لا إرادياً وكأنها سوف تذهب في سبات عميق، جاهدت لتنهض كانت ستقع ولكنها تمسكت بالفرأش جيداً وجرجرت قدمها وهي تتمسك بالملاءة التي قاربت علي السقوط من جسدها نحو المرحاض.. لتدلف وتغلق الباب خلفها وترفع يدها عن الملاءة وتعطيها الحرية في السقوط..
جلست علي طرف المغطس بعدما مدت يدها لتفتح صنبور المياه لعل المياه تزيح الألم من جسدها..
-في الشرفة..
نهض مباشرة بعدما دلفت للمرحاض وسار بجمود ليقف خلف باب المرحاض،وزفر بإرتياح بعدما سمع صوت الماء فكر قليلاً ليتذكر انها ليست بحوذتها ثياب ترتديها سوا الملاءة فقد أخفي حقيبة ثيابها في غرفة من الغرفة.. وسريعاً وجد نفسه يتحرك لتلك الغرفة…
وعندما دلف للغرفة جذب الحقيبة ليضعها علي الفرأش وفتح سحابها ليعبث بثيابها الموجودة بالداخل، فكانت عبارة عن ثياب منزلية فضفاضة وعباءت أيضاً ، لوى فمه بتهكم قائل :-
-عبايات وجلابيب رايحه الحج دي ولا أيه؟!.
ثم تابع تفتيشه حتي لمح منامة قطنية ذات اكمام رفيعة ومنحدره من المنطقة العلوية ابتسم بخبث وهو يلتقطها سريعاً فقد وجد مبتغاه ثوب نصف مثير ترتديه له، فهو يمني نفسه باليلة
دافئة معها حتى يعكس حديث الطبيبة بإنها سوف تكره العلاقة معه فيما بعد..
وضع الثياب بموضعها وخرج سريعاً، ودلف غرفتهما ليجدها لم تخرج بعد، جلس علي الفرأش ووضع المنامة بجواره وهو يترقب خروجها مرت ساعة من الوقت وتليها دقائق والدقائق تأتي بعدها نصف ساعة قاربت علي الساعتين وهي في المرحاض، لم يستطع مقاومة شعور القلق أكثر من ذالك فنهض وطرق علي الباب قائل :-
-رقية.. رقية!!
لم يتلقى إجابه منها، فطرق بقوة قائل بنبرة قلقه :-
-رقية إفتحي!!
عدم الإجابة تلقاها مرة أخري.. تصارعت الأفكار في رأسه فهي كان يظهر عليها الأعياء الشديد ولم يهتم بأمرها، وفكرة ثانية خطرت بباله إنها تتعمد عدن الرد عليه..
فصاح بغضب وقوة من خلف الباب:-
-رقية لو مفتحتيش أنا هكسر الباب .. رقية آآرقية!!..
صمت صمت صمت تااااام..
يتبع…