لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الرابع عشر..”الجزء الأول”
ألجمت الصدمة لسانه وهو يطالعها بنظراته المندهشة وهز رأسه بعدم فهم لتكرر هي بجمود :-
-بقولك إنت مين؟!..
خرجت الحروف من بين شفتيه بذهول قائل بصدمة :-
-أنا ميين!! أنتي مش عرفاني!!..
نظرت له بصمت لفترة زمنية طويلة ثم لمعت عينها بالدموع وهزت رأسها بنفي وهي تقول بنبرة مختنقة :-
-لااا ماعرفكش حاسه إنك حد غير اللي اتجوزته وغير اللي عيشت معاه، ايوة أنت مين!!
تابعت بنبرة شبه باكية قائلة :-
-أنت مين!! ، أنت بتحبني ولابتكرهني!! ، أنت قاسي ولاطيب!! جرحتني ولادوتني!! ، أنت جاسم اللي عرفته واتجوزته ولا جاسم اللي معرفتهوش!! ..
هبطت دمعة ساخنة علي وجهها وهي تتحدث بنبرة ضائعة:-
-أنت أتجوزتني ليه؟! طب كنت قادر تعيش معايا إزاي وأنت مش بتحبني؟؟ ، إزاي قدرت تمثل عليا الحب ده، أزاي كنت بتحضني ومن جواك مش عاوزني …
فصمتت لوهلة ثم طالعته بندم قائلة :-
-إنت طفيت شعلة الأمل اللي كبرت جوايا…
ثم أرتجفت شفتيها وهبطت دموعها بغزارة قائلة :-
-انت دبحتني بسكينة باردة!!…
والسكين البارد هو الذي طعن قلب جاسم الأن وهو يسمع حديثها، فأقترب منها ببطء ووضع يده التي ترتعش على قلبها وتحدث :-
-أسألي ده وهو هيقولك أنا ميين!!
أسأليه اكيد هو حس بحبي أسأليه وهو هيقولك أد أيه جاسم بيحبك ، وأسالي نفسك محستيش بحبي ده ولو ثانية حتي معقول محستيش بيا وموثقتكيش فياا!!!
تحدثت بلهجة متهكمة ودموعها تتساقط:-
-أحس!! وهو المحروم بيحس ولابيفرق!!! ، الجعان لو حطتله في الأكل سم مش هيحس بطعمه في الأكل!!..
مالت برأسها يميناً وهي تتابع قائلة :-
– عارف ليه مش هيحس؟!
فأكملت بجمود وإستنكار نوعاً ما :-
-لأنه جعاااان!!
تسارعت أنفاسها وزاد بكائها وهي تقول بحزن علي حالها :-
-وأنا كنت جعانه حب ياجاسم!! عشان كده محستش بسمك فيه!!..
“الصمت لغة العظماء بل الصمت لغة الصدمة والحيرة”..
هكذا كان حال جاسم وهو يستمع لها فالأن، هربت الحروف من لسانة وعجز عن الرد بينما هي تبكي بكل قوتها، فإبتلع ريقه وظل شعور العجز يتملكه حتي تحدث بجدية :-
_أنتي عمرك ماحبتيني يارقية!!..
فتابع بجمود :-
-عارفة ليه؟! لإنك مابتحبيش نفسك عشان كده مش عارفة تحبي غيرك!! مش واثقة في نفسك عشان تثقي في غيرك إنتي اللي ظلمه نفسك وكرهها عشان كده عمرك ماهترتاحي…
فتابع بحدة :-
-وهتعيشى وتموتي زي ماأنتي غبيه هتفضلي غبية مش عارفة تخلقي لنفسك مساحة تعيشي فيها هتسيبيهم ينتصروا عليكي بغبائك …
صرخت بكل مااوتيت من قوة بوجع :-
-بسسسسس كفاية كده عليا أنا مش حمل وجع حرام عليكم مش حمل وجع والله..
لم يصنت لها جاسم فتابع بقسوة :-
-واخده اللي حصلك شماعة تعلقي عليها ضعفك وغبائك..
شعرت ببرودة تسري في جسدها فأحتضنت نفسها وضمت ركبتيها لجسدها وظلت ترتجف بقوة وهي تتردد :-
-بس كفاية بس كفاية!!
فأقترب من أذنها قائل :-
-أنا مش هقولك صدقيني ولاهدافع عن نفسي تاني أنا هسيبك تعملي اللي أنتي عاوزاه..
فهدأت نبرته قائل بتنهيدة :-
-بس أنا لسه باقي عليكي وعاوزك..
نظرته له بعينها الباكية الحمراء قائلة بإصرار واضح في نبرتها :-
-طلقني!!!..
أبتسم بإلم قائل :-
-تاني يارقية!!
أومأت برأسها إيجاباً قائلة بوجع :-
-اهااا هبقا كويسه في بعدك..
رفض ذالك قائل :-
-عمرك ماهتبقي كويسه وانتي مش معايا..
رقية بنبرة باكية :-
-لو بتحبني طلقني سبني أعيش حياتي بعيد عنك…
جاسم بإنفعال :-
– ليه عاوزة كده ليه بتعاقببتي علي ايه مش فاهم!! مش عاوزة تصدقيني وعاوزة تبعدي ليه..
رقية بنبره حادة :-
-لاني مش عاوزة شفقة تاني ولاهسمح لحد يستغلني ويبني مصالح عليااا..
فصرخت بعنف وشفتيها ترتجف وجسدها :-
-مش عاوزة أعيش مع ندل زيك!! عايش عشان يخدع الناس ويتلذذ ويتاجر بوجعهم..
اتسعت عين جاسم بغضب وكور قبضة يده حتي برزت عروقه فقال بنبرة جامدة وهو يؤمي برأسه إيجاباً :-
-خلصت كده يارقية..أنا مش هستنزف مشاعري معاكي تاني، وهعملك اللي أنتي عاوزاه..
ثم تابع بلهجة ساخرة :-
-وأنا مايرضنيش برضه إنك تعيشي مع واحد ندل بيتاجر بوجعك!!
ثواني ودقائق مرت عليهم وأنظارهما متقابلة نغزات في قلبها وزدياد سرعة نبضها ودموعها تسيل بصمت جسدها كما هو يرتجف، اما هو شفتيه تتحرك ولكن تأبي النطق بجملة تحررها شئ يمنعه عن نطقها ولكن في النهاية أغمض عينه وفتحها مجدداً قائل بتنهيدة طويلة تابعها بجدية :-
-آآآ أنتي آآإ أنتي طالق يارقية!!..
ولم ينتظر ثانية واحدة ورحل في الحال، ليتركها تبتسم بألم مع نفسها ثم تتعالي صيحات بكائها ثم تتطلقصرخة مدوية وهي تراقب طيفه الذي أختفي عن أنظارها :-
-اااااااااااااااااااااااااه…
“قالي الوداع وأنا اقوله أيه هو الوداع يتقال في أيه ����”
…………………
وقفت سيارته في جبل المقطم ليترجل منها ويصفع الباب خلفه بقوة ثم خلع سترته وألقاها بإهمال، أخذ يتنفس سريعاً وهو يحاول تصديق الذي حدث اللتو فقد أغلق الستار على حكايته مع رقية، يشعر بإنه ندل ندل لأنه تخلي عنها في أصعب وقت هي تحتاجه كيف ستكون تكون حياتها من بعده!! هل هذا اللقاء الأخير بينهما!! لم يجد رقية مرة أخرى في غرفته، عندما يستيقظ لم يجد رقية في أحضانه!! لم يري تورد وجنتيها مرة أخري!! هل ترك محبوبته وسط غابة تنهش بها بمفردها، مسح علي وجهه ثم ضرب مقدمة السيارة بقبضته بعنف قائل :-
-سبتها ،سبت رقية لوحدها وهي بتخاف تفضل لوحدها بقيت ندل بجد ياجاسم !!!..
……………………..
-في المستشفي..
دلفت الممرضة وهي تحمل طعام لتجد رقية تبتسم بألم وتبكي وهي تضع يدها على قلبها باكية كعادتها، رمقتها الممرضة بإشفاق ثم بسطت مائدة الطعام أمام رقية ووضعته عليه قائلة بإستعطاف :-
-لازم تاكلي حاجة بقا المره دي، مامتك بتزعل اووي وهي شايفاكي مش بتأكلي كده وصحتك في النازل..
لم تجيبها رقية وظلت علي حالتها، فتحدثت الممرضة بتسائل :-
_طب هو أنتي مش عاوزه تأكلي ولاتشربي ليه بس؟!..
وعندما استمعت لها رقية تحدثت بشرود :-
-عشان أموت!!..
فإلتفتت لها قائلة بلهجة ضائعة :-
-أصل اللي بيأكل واللي بيشرب دول ناس عاوزة تعيش لكن أنا مش عاوزة الدنيا دي عاوزة أموت..
ثم وقع نظرها علي سكين حاد جاءت بالغلط مع الطعام ولم تنتبه لها الممرضة، فسلطت أنظارها عليها وتحدثت بشرود وخفوت :-
-أنا عاوزه أموت!!!
.. يتبع