لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الثالث عشر..الجزء الأول
خرجت الطبية من غرفة العمليات وعلي وجهها الاسئ، فأتجه نحوها جاسم سريعاً قائل بلهفة :-
-طمنيني عليها يادكتورة..
تحدثت الطبيبة بأسي :-
-المدام إتعرضت لصدمة نفسية وعصبية مستحملتهاش ، وللأسف فقدنا علي أثرهما الجنين..
إحتلت الصدمة معالم جاسم وهو يهتف بحزن:-
-يعني إبني خلاص كده يادكتورة!!..
صاحت فاطمة ببكاء :-
-ياعيني علي بختك يابنتي إتحرمتي من إبنك قبل ماتشوفيه..
أشفقت عليهما الطبية فتحدثت بجدية :-
-الحمد لله على كل حال، المهم دلوقتي لازم نعرض مدام رقية علي دكتور نفسي لإن حالتها صعبه اووي، وأنا طلبت كده من الإدراة وهي هضطر تفضل معانا شوية..
لم تتلقي جواباً منهما فجاسم صمت نهائياً وكأنه تغيب عن العالم، أما فاطمة ظلت تندب وتبكي، فرحلت الطبيبة تاركه إيهما..
نظرت فاطمة بعينها الباكية لجاسم قائلة بحده :-
-أنتو السبب اللي حصلها ده بسببكم!!..
رمقها جاسم بحده قائل بجمود :-
-أسكتي خالص، أنا مش عايز كلام من حد..
فاطمة بتهكم وهي تبكي :-
-طبعاً يا أبن الإكابر وهي هتفرق معاك في أيه ماهي كده كده كنت هتسبها وترميها!!
ثم تابعت بغضب :-
-أنت لازم تتطلقها لايمكن تعيش مع واحد بيخدعها تاني..
ضرب جاسم الحائط بقبضة يده وصاح بها :-
-أنا قولت أسكتي يبقي تسكتي!! محدش بيخاف علي رقية أدي وماتجيش تزعلي عشانها دلوقتي لأنك أنتي نفسك كنتي سبب في وجعها وزعلها في يوم من الايام…
أبتلعت فاطمة ريقها قائلة بنبرة نادمة :-
-آآآ أنا ك كنت غلطانه مهما كان دي برضه بنتي، وعمري ماكرهتها ولا إستغلتها..
تحدث جاسم بجدية :-
-ولا أنا أستغلتها ولاكرهتها، بالعكس أنا حبيتها من أول يوم شوفتها فيه..
ثم أقترب منها بملامح جادة قائل بصرامة :-
-أنا أضعف من إني أجرح رقية!!!
-بنتك بقت زي الدم اللي بيمشي فيااا..
ثم رمقها بجمود ورحل…
…………………
-في مصحة الإدمان..
“عندما تكره أحد لاتكره كل الكره فربما يصبح صديقاً لك يوماً ما”..
تسير “عهد اليمن” بجوار حازم بحديقة المصحة وهي تسرد له ماسر تسميتها هكذا..
فقالت بجدية وهي تبتسم:-
-عهد اليمن ده مجاش كده من فراغ، يعني مش أول ماتولدت احتارو في اسم فسموني كده..
فتابعت بعشق :-
-عهد اليمن ده عهد بين إتنين عشاق واللي هما بابا وماما، اتقابلوا في بلاد اليمن وبدأت قصة حبهم كانوا بيحبوا بعض اووي، كان حب كده زي حب الروايات حاجه كده مابقتش موجوده دلوقتي..
فأكملت حديثها بجدية وهي تنظر لحازم :-
-وطبعاً زي أي قصة حب لازم تمر بصعوبات الأب الغنى مابيرضاش يجوز بنته للفقير طبعاً, فالفقير يضطر يسافر يكون نفسه بره بس قبل مايسافر لازم يعمل عهد مع حبيته عهد أنها تستناه عهد بأنهم يتجمعوا في بيت واحد من غير ماحد فيهم ينقض العهد ده ..
وتمر الأيام والسنين ويرجع الفقير بس وهو غني يرجع يلاقي حبيبته لسه في بلاد اليمن باقيه علي العهد ويتجوزا عشان يحصدوا نتيجة حبهم فيجيبوا عهد وتبقي أسمها عهد اليمن!!
ثم قفزت ووقفت تأمامه قائلة بمرح:-
-اللي هو أنا!!..
أبتسم حازم قائل بجدية :-
-دي حكاية ولا الروايات معقول في حب بجد كده!!
عهد بإبتسامة :-
-في حب أكبر من كده ياحازم..
ثم تابعت بحزن :-
-بس للأسف الحب ده بيختفي مع الأيام، لما الفلوس تشغل العقول وتنسيهم اللي في قلوبهم ومايفتكروش لا حب ولا بنت..
عقد حاجبيه بعدم فهم قائل بتسائل :-
-أهلك فين ياعهد!!..
عهد بسخرية :-
-اهلي!! أهلي دايماً مشغولين ودايما مسافرين في صفقات تحسن من وضعنا الاجتماعي، صفقات تجيب فلوس، فلوس تجيب ليا عربية جديدة تجيب ليا فستان جديد تخليني أحسن واحدة في صحابي..
عهد بنبرة تألم :-
-فلوس تخلي صحاب عهد يطمعوا فيها، فلوس تشتري لعهد بودرة ومخدرات، فلوس تخلي عهد مدمنة، فلوس تسرق مستقبل عهد!!!
وبدون إرادتها سقطت الدمعة العالقة في عينها، ليشفق عليها حازم ويقترب منها قائل بهدوء :-
-كل حاجه هتبقي كويسه ياعهد، وهتخرجي من هنا وهترسمي مستقبل ليكي، هتبقي عهد يبدأ من جديد..
أومأت برأسها ببطء وهي تمسح دموعها ثم جلست علي الأرضية الخضراء قائلة :-
-أحكيلي عنك بقاا..
جلس حازم مثلها قائل بمرح :-
-معاكي حازم أبويا وأمي سموني حازم!!..
ضحكت عهد ثم قالت بتسائل :-
-ممكن أسألك مين اللي بيجي دايماً ليك وفي المره الأخيرة كانت معاه بنوته كده..
جازم وهو، يرفع إحدي حاجبه :-
-ده أنتي بتراقبيني بقاا!!
أومأت عهد برأسها قائلة بحرج :-
-بصراحه أه أعمل إيه ما أنا زهقانه في المصحه دي وكنت عاوزه أبقا صحبتك بس انتي ادتني وش خشب كده من أولها، فقررت أبقا صحبتك غصب عنك!!
أبتسم حازم علي حديثها فتنهد قائل :-
-طيب ياستي، ده يبقي أخويا واللي معاه تبقي مراته..
وقبل أن تتحدث بسؤال أخر، نهض سريعاً قائل علي عجالة :-
-لا أنا مش فاضي للتحقيقات دي بقا، أنا دكتور رمزي مستنيني في مكتبه
ثم ضيق عينه بخبث :-
-وكمان بلاش إستغلال من اول مره كده، علي الاقل تلاقي حجه عشان تكلميني بيها بكره…
ثم أبتسم وهو يرحل :-
-سلام!!!
……………………….
-في قصر الراوي..
“ليه كده ياماما، حرام عليكي”..
هتفت بها حنين وهي تجلس بجوار والدتها بغضب..
فتحدثت هدي بجمود :-
-أنتي مش فاهمه حاجه، أنا اللي عرفت أكشف سي جاسم بتاعك ده علي حقيقته وخلعت القناع اللي بيغشنا بيه..
حنين بلهجة غاضبة :-
-جاسم مش كده ياماما، جاسم مايعرفش أبداً يخون ولايستغل حد، جاسم مايحبش يأذي الناس ولايمكن يبني مصلحته علي حساب حد وخصوصاً لو الحد ده يبقا منه!!
نهضت هدي قائلة بسخرية :-
-صعبانة عليا وإنتي مخدوعه فيه كده، علي العموم بكره الايام تثبتلك كلامك..
حنين وهي تنهض :-
-ليه ياماما كنتي عاوزه تسقطي رقية؟ ؟..
هدي بحده :-
-اومال كنتي عاوزاني اسيبها تخلف من جاسم عشان تشاركنا في كل حاجة لا وتلهف ثروة جاسم كمان!!..
حنين بتعجب :-
-ماهو كده كده مصيره كان هيتجوز ويخلف ويعيش حياته لو ماكنتش هي كانت هتبقي غيرها، كنتي هتموتي ولاده بقا من أي واحدة، كنتي هتبقي مجرمة ياماما!! ..
صاحت هدي بقوة :-
-إخرسي، أنا كنت بحلم بجاسم يبقي جوزك إنتي كنت بحلم إن أحفادي يشيلوا أسم الراوي، ..
حنين بأسف :-
-مش بعيد ساعتها كنتي موتيني أنا واللي في بطني..
هدي بتهكم :-
-بلاش كلام فراغ بقا.. وركزي في اللي جاي يومين ونسمع طلقهم، أول ماتخرج من المستشفى..
ثم تابعت بخبث :-
-بس هي وفرت عليا التعب وسقطت لوحدها..
حنين بحسن نية :-
-إن شاء الله هيلحقوها هي وأبنها..
ضحكت هدي قائلة بسخرية :-
-يلحقوها أيه!! دي كانت بتنزف وهي هنا..
ثم جلست وهي تبتسم قائلة :-
-أخيراً هنرتاح منها..
…………………..
-في الغرفة بالمستشفي..
جسدها ساكن علي الفراش كالجثة الهامدة ولولا صوت أنفاسها لاحتسبت ميته فارقت الحياة، ذراعها معلق به كيس للدم الذي يجري في عروقها ووجهها شاحب متعب، وفي نومتها تضع يدها علي أحشائها وكإنها تحمي إبنها في رحمها وهي مسكينة لاتعلم بأن رحمها أصبح فارغاً الأن، كانت الأحلام المزعجة تراودها فتهز رأسها بعنف وهي نائمة لعلها تختفي…
دلف جاسم في هذه اللحظة وهو في حالة لايرثي لها، سار ببطء وعينه مثبته علي يدها الموضوعة علي أحشائها وصل لفرأشها ونطق بصعوبة :-
– آآ رقية!!..
ثم تفحصها بألم ووضع كفه علي يدها الموضوعة علي أحشائها وتحدث بحزن بالغ:-
-أنا كمان خسرته أنا كنت محتاج ليه اووي..
ثم تحدث بخفوت :-
-ياتري هتعملي أيه لما تصحي ماتلاقيهوش، أنا عارف انك كنتي فرحانه بيه وإنك كنت بتأكلي كتير من فرحتك وإنك مابتكونيش جعانة ولا حاجه، عارف برضه انه كان أملك في الدنيا دي..
فحزنت نبرته أكثر قائل :-
-بس رااح خلاص، ياريت أقدر أتمني إنك ماتفوقيش عشان متتوجعيش باللي هتعرفيه، لكن أنا عاوزك تفوقي عايز أشوفك بخير عايز أعرفك إني مش ندل واعرفك إني آآآ
فقطع حديثه واقترب من أذنيها وهتف بنبرة ناعمة :-
-إني بعششششقك!!!