لم أكن دميمة يوماً 2..بقلم \شيماء علي
الفصل الثاني عشر…(الصدمة)
بدأت معركة نقاش بين جاسم ورقية بشأن مشيرة فنهضت رقية قائلة بلهجة غضب :-
-هو أنا قصرت في حاجة يعني ياجاسم!!.
تحدث جاسم بهدوء :-
-ياحبيبتي محدش قالك قصرتي ولاحاجه، بس أنا عاوز راحتك مش عايز أتعبك في حاجه..
رقية بتذمر وهي تستدير له :-
-أنا ماشتكتش ياجاسم ،بالعكس أنا مبسوطه إني براعي ماما مشيرة وهي بقت في تحسن كمان، وأظن إن ده يخليك تتطمن عليها معايا مش تصمم إنك تجيب ممرضة ..
جاسم بنفاذ صبر :-
-الممرضة عارفه شغلها أكتر منك، وبعدين ده شغلها..
وقبل أن تتحدث رقية بإستياء :-
-بس المم——..
قاطعها جاسم بصرامة :-
-خلاص يارقية الموضوع إنتهي مش عاوز نقاش كتير، الممرضة هي اللي هتبقي مسئولة عن أمي
رمقته بغضب ثم إستدارت لترحل ولكن أوقفه صوته الجاد قائل :-
-مسئوليتك في البيت ده يارقية إنك تخلي بالك من نفسك ومن اللي في بطنك..
إستدارت برأسها قائلة بنزق :-
-متخافش أنا واللي في بطني كويسين وبنأكل كويس..
إبتسم بعفوية وهو ينهض من مجلسه قائل :-
-وهي الحياة أكل بس ، مش تروحي لدكتورة تتابعي معاه حملك!!..
ثم أشار بعينه إلي أحشائها المنتفخه قليلاً والتي بدأ يظهر عليها الحمل نوعاً ما :-
-وتطمني علي البيه اللي هيشرفنا ده..
أومأت برأسها قائلة بنبرة خافتة :-
-ما أنا كلمت ماما وهتروح معايا عن الدكتور اللي كانت بتروح عنده رباب – – – –
إتسعت عينه غضباً وهو يقترب منها قائل بنبرة شبه غاضبه :-
-دكتور مين!!..
رقية بتعجب :-
-دكتور النسا اللي رباب كانت بتابع معاه..
قبض علي ذراعها قائل بحده وغيره واضحه في نبرته :-
-ومن قالك إني هسمح إنك تتكشفي علي راجل!!
تحدثت هي بإستياء من الموقف ولاتنكر شعورها بالسعاده من غيرته عليها :-
-أيه التفكير ده ياجاسم أتكشف علي راجل أيه بس، ده دكتور يعني شغله..
هتف بصراخ :-
-وهو الدكتور ده مش جنسه راجل ولا من سلالة تانية!!
فرفع سبابته محذراً :-
-مش عايز اسمع اي حاجه مذكره علي لسانك تاني ،ولما اقولك تروحي تكشفي يعني يبقا مؤنث يعني عند دكتورة سامعه..
إبتسمت بسعادة خافية ثم إستدارت بجسدها كاملاً ورحلت ثم وقفت بقرب من الباب وعضت علي شفتيها بحرج قائلة بحذر :-
-أنا عايزة آآآ كشري بتوحم عليه..
أنهت جملتها وغادرت سريعاً، لتتركه في دهشته وتعجب منها فهي كل يوم تريد طعام جديد قائلة “أصلي بتوحم عليه” أبتسم إبتسامة خفيفة علي أفعالها الكوميدية ولاينسي عندما إحتضنته في ليلة وهو نائم بجوارها على الفرأش وعندما لف ذراعيه حولها تفاجئ بها تبتعد عنه وتحرر نفسها قائلة بإشميئزاز واضح علي ملامحها:-
-إيه ريحة الجاز دي؟!..
جاسم بدهشة شديدة وقد أتسعت عينه علي إثرها :-
-جاز!!..
أومأت برأسها عدة مرات بالإيجاب ثم هتفت بنبرة شبه حزينه :-
-مش مستحمله ريحة البرفان بتاعك ياجاسم..
جاسم بلهجة غاضبة بعض الشئ :-
-تقومي تقولي عليه جاز!!..
نظرت له بنصف عين وهو يستشيط غضباً فإعطاها ظهره وتمدد، لتبتلع ريقها قائلة بخفوت :-
-جاسم أنت هتنام هناا!!..
تحدث بنزق وهو على وضعيته:-
-إومال فين سيادتك؟!..
رفعت كتفيها قائلة بعدم إهتمام :-
-روح نام في أوضة تانية، أنا مش مستحمله ريحه البرفان دي..
إعتدل غاضباً قائل بحده :-
-يعني حضرتك عاوزه تحتلي الأوضة والسرير لوحدك النهاردة ولا أيه!!..
تحدثت بنبرة خافته للغاية وببراءة :-
-عشان أعرف أنام أنا وإبنك كويس..
كاد أن يشد في شعره من أفعالها أو ربما ركلها في أحشائها ليسقط لها الوسيلة التي تستخدمها للضغط عليه..
……………………..
دلفت رقية غرفة حنين قائلة بإبتسامة :-
-صباح الخي—-
لم تكمل جملتها فقد ألجمتها الصدمة وهي تري حنين تتدخن فقالت بعدم تصديق :-
_أنتي بتشربي سجاير ياحنين!!..
فزعت حنين في البداية ولكنها تحدثت غير مباليه :-
-عادي يارقية، اقفلي الباب وتعالي..
لم تغلقه رقية قائلة بتحدي :-
-لما هو عادي خايفه ليه وعاوزة تقفلي الباب!!..
رمقتها حنين بصمت وفي يدها السيجارة مشتعله، عقدت رقية ساعديها أمام صدرها قائلة بجمود :-
-وجاسم عارف بالموضوع ده؟؟.
حنين بهلع :-
-لا طبعاً وماينفعش يعرف ..
تقدمت رقية منها وسحبت السيجارة من بين أصابعها ثم أدهستها في المكان المخصص لذلك قائلة بنبرة جادة :-
_خلاص يبقي تبطليها وده عشانك مش عشان حد تاني..
حنين بإستياء وهي تخرج أخري من علبتها :-
-مش وقته خالص..
ثم أشعلتها ونفثت دخانها في الهواء لتسعل رقية بشدة وهي تتضع يدها علي أحشائها، فسحبتها مرة أخرى قائلة بتذمر :-
-لا انا مش مستحمله..
ثم أدهستها ليكون مصيرها مثل الأولي..
حنين بنزق :-
-يعني أنتي خايفه علي ولي العهد اللي جاي مش خايفه عليا..
جلست رقية بجوارها على الفرأش بهدوء قائلة :-
-لا أنا خايفه علي جوزي!!..
نظرت لها حنين بعدم فهم فتابعت رقية بتنهيدة :-
-جاسم لو عرف ياحنين هيضايق اووي و كفايه اللي هو فيه يعني، إدمان حازم ومرض ماما مشيرة، يعني مش ناقص يتخض علي حد بيحبه تاني عشان كده بقولك بطليها..
ثم تابعت بإستياء :-
-وبعدين شكلك برئ وطفولي اووي مش يليق عليه الحاجات دي..
حنين قائلة بنبرة عادية :-
-ماشي هحاول!!..
رقية بجمود وإصرار :-
-مفيش حاجه اسمها هحاول، هتبطليها ياحنين..
أبتسمت حنين لها ثم نظرت إلي أحشائها المنتفخه قليلا قائلة بإبتسامة :-
-بطنك كبرت أهي!!..
ثم تابعت بتحذير :-
-بس خلي في علمك انا عاوزة بنوته تبقي أخت ليا بدل ما أنا وحيده كده، يعني اجي استلم منك بنت..
رقية بعتاب مزيف :-
-يعني هو أنا مش اختك ياحنين ده الفرق مابينا يعتبر مافيش..
حنين بلهجة محبه :-
-طبعاً اختي يارقية..
ثم تابعت بمرح :-
-بس انا قصدي علي اختي من جاسم، مش جاسم يبقي بابا برضه!!
ضحكت رقية قائلة :-
-إذا كان كده ماشي!!
فزفرت بهدوء قائلة بجدية :-
-ياريت تقاربي مني ياحنين ونبقا أخوات بجد ، بدل ماعايشين تحت سقف واحد وكل واحد في وادي كده..
حنين بإيماء :-
-عندك حق!!..
صمتت رقية لوهلة ثم خطرت في بالها فكرة فتصنعت الضيق :-
-أنا جعانه اووي!!.
ثم هتفت بإبتسامة سعيدة قائلة :-
-تيجي ننزل نعمل كيك بالشيكولاته مع بعض..
حنين بسعادة :-
-ياريت..
نهضت رقية وبسطت يدها لها قائلة بفرحة :-
-طب يله بينا..
بعد مرور يومين ذهبت رقية لأهلها لكي تطمئن عليهم ولتذهب والدتها معها إلي طبيبة نساء وليس طبيب كما أمرها جاسم، وبعد الإنتهاء من زيارة طبيبة النساء التي أطمئنتها علي حالة الجنين مع كتابة بعض التعليمات التي يجب أن تسير عليها، فعادت رقية مع والدتها للبناية لتجدهم كما هما في غرفة الحارس الصغيرة، فسرددت لها فاطمة أمر الشقة التي جلبها “جاسم” لهما وعندما عزما علي الإنتقال لاعلي عارض بعض السكان ليبقوا كما هما لحين حدوث أمر اخر…
رقية بإندهاش :-
-يعني جاسم جاب شقة ليكم هنا..
أومأت فاطمة برأسها قائلة بجدية :-
-من بعد جوازكم بفترة، جه لابوكي وادالو المفاتيح..
هزت رقية رأسها بإيماءه بسيطة منها بصمت دون أن تتحدث..
لتهتف فاطمة بسعادة لمجئ إبنتها :-
-هقوم أعملك عصير..
أفاقت رقية من شرودها قائلة بجدية :-
-إقعدي ياماما بلاش تتعبي نفسك..
ثم تابعت بمرح وهي تنهض :-
-أنا هقوم اعمل لنفسي عصير وكمان كام ساندويتش كده لزوم التغذية يعني..
ضحكت فاطمة علي إبنتها لتنهض قائلة :-
– طب هاجي معاكي اساعدك..
وقبل أن تسير سمعت صوت رنين هاتفها الصغير فلتفت فاطمة وجلبته لتجيب علي المتصل وكانت إحدى أقاربها تخبرها بوفاة قريبة لهم من البعيد فتمتمت فاطمة بحزن :-
-إن لله وإنا إليه راجعون، ربنا يرحمها ويصبر ولادها..
ثم تابعت :-
-أنا هقفل دلوقتي وهاجي علي العزا..
رقية بتسائل :-
-في أيه ياماما مين مات؟؟ ..
تنهدت فاطمة بحزن قائلة :-
-واحدة قريبتنا يابنتي متعرفهاش..
أنا هلبس ورايحه العزا أستنيني هنا لحد ما أجيلك..
تحدثت رقية سريعاً :-
-لا ياماما أنا هاجي معاكي..
فاطمة بجدية :-
-تيجي فين يابنتي، إقعدي انتي ارتاحي..
رقية بإصرار :-
-لا معلش ياماما أنا هاجي معاكي، وكمان معايا العربية بره..
ثم نظرت إلى ملابسها الغامقة قائلة :-
-ولبسي أهو مش ملون..
فاطمة بإستسلام :-
-ماشي يابنتي..
……………..
دلفت هدي إلي مكتب جاسم الموجود بالأسفل، إلتفت حولها بحذر لتتأكد من عدم رؤية الخدم لها، أغلقت الباب بحرص وتوجهت مباشرة إلي درج مكتبه ولكن زفرت بضيق عندما وجدته مغلق ، عبثت في الملفات الموضوعة علي مكتبه لتقع عينه علي ملف سيكون خير وسيلة لركل رقية من القصر وعن طريق جاسم، أمسكت سريعاً وعينها تلمع بسعادة وهي تقرأ المكتوب علي مقدمة الملف، تحدثت بإبتسامة شر:-
-وهخلاص هننزل بالتتر علي حكاية جاسم ورقية..
ثم أعادت كل شئ كما كان وخرجت سريعاً عندما وجدت مرادها…
………
-في قاعة المناسبات
صوت القراءن يصدح في المكان وسط بكاء بنات المتوفية، حزن قلب رقية عليهن بشدة فقد إفتقدوا لحصن الإمان والحنان والإهتمام،نظرت رقية إلي والدتها الجالسة تبكي بجوارها، فرت دمعه من عينها وهي تتخيل فقدانها، أمسكت بيدها بقوة وهي تنقل نظرها بين الحاضرين ليقع نظرها علي عين تراقبها وتتفحصها بشده من خلف نقاب، زفرت رقية بضيق وهي تبعد نظرها عنها، وتكرر الإمر أكثر من مره كلما نظرت في اتجاهها وجدتها تنظر إليها، نهضت رقية علي الفور قائلة بلهجة شبه غاضبة:-
-يله ياماما..
فاطمة بتعجب :-
-مالك يارقية في أيه!!..
رقية وهي تنظر في إتجاه المنتقبه قائلة بضيق :-
-تعبت شويه وإتضايقت..
أومأت فاطمة برأسها ونهضت قائلة بهدوء :-
-حاضر يابنتي يله..
سارت رقية بجوار والدتها وهما يتجاهان إلي باب الخروج، وقبل أن تخطي قدمها إلي الخارج سمعت صوت يناديها قائلة :-
-لو سمحت..
إلتفتت رقية لتجد المنتقبه تناديها، رفعت حاجبها قائلة بجمود :-
-نعم!! ايه ماشبعتيش فرجه جوه جاية تكملي هناا..
إبتلعت “يمني” ريقها قائلة بخفوت :-
-أنا بس كنت عاوزه اقولك إني في دار تحفيظ قرآن هنا ودروس دينية هتستفيدي منها اووي ياريت تبقي تيجي..
نظرت لها رقية بتعجب ثم تحولت نظراتها إلي التهكم وهي تمسك يد والدتها وتحتها علي السير، لتترك “يمني” واقفة تعاتب نفسها…
……………..
دلف جاسم من بوابة القصر الداخلية وتوجه مباشرة إلي مكتبه، لتسير خلفه إحدى الخادمات التي كانت في انتظار قدومه لتخبره بشئ حتي لايكون مصيرها مثل مصير الخادمة “قمر”..
خلع سترته وقام بتعليقها علي ظهر المقعد وقبل أن يجلس رأي الخادمة تقبل عليه وقد طرقت على الباب بخفه، أومأ جاسم برأسه لتدلف بإستحياء حتي وقفت أمامه وهي تفرك كفيها معاً قائلة بتلعثم :-
-آآآ ممكن اخد من وقتك شويه ياجاسم بيه..
ا
جاسم بجدية :-
-اكيد اتفضلي..
إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تضع يدها في جيب ملابسها وتخرج شريط أقراص وتمد يدها لجاسم، عقد جاسم حاجبيه بتعجب قائل :-
-إيه ده!!
إرتعشت يد الخادمة قائلة بإرتباك :-
– آآآ ده برشام ست هدي اديتهولي عشان أحطه في أكل ست رقية..
إتسعت عين جاسم بذهول لتتابع سريعاً :-
– ع عشان تسقط اللي في بطنها..
وكإنها ألقت قنبلة سريعة الإنفجار، لتتسع عين جاسم غضب وكور قبضة يده بقوة لتظهر عروقه..
لتتحدث الخادمة بنبرة شبه باكية :-
-أنا معملتش كده يابيه وجيت قولتلك، الله يخليك ماتقطعش عيشي..
ضرب جاسم بكل قوته علي المكتب ليرتعش جسد الخادمة بهلع..
-في السيارة..
إسندت رقية رأسها علي نافذة السيارة بحزن علي نفسها فهي تحلم أن تذهب إلى أي مكان دون أن تقابل نظرات الناس المتسلطه عليها فقد كرهت حياتها كرهت الخروج من المنزل أصبحت تفضل العزله في المنزل، فتباً لكل هذا!!! مرت السيارة علي كورنيش النيل فشعرت رقية بأنها تحتاج لهواء نقي ينعش صدرها وربما يزيل همومها، فتحدثت سريعاً قائلة للسائق :-
-لو سمحت أقف هناا..
وبالفعل وقفت السيارة لتلتفت رقية إلي والدتها وهي تتصنع الإبتسامة :-
-هنزل أشم هوا شويه تحبي تنزلي معايا..
فاطمة وهي تشير إلى قدمها :-
-لا رجليا تعباني شوية إنزلي انتي ياحبيبتي وأنا هستناكي هناا..
إومأت رقية برأسها لتترجل من السيارة وتسير بعيد عنها نوعاً ما حتي تقف أمام السور الحديدي تستنشق الهواء النقي..
-علي الناحية الأخري..
كان بعض الإعلاميين يقومون بتصوير شئ ما خاص بنهر النيل فلمحها إعلامي ما ليدقق بوجهها جيداً ويبتسم بسعادة وهو يلفت إنتباهها قائل علي عجالة وهو يشير بعينه :-
-أيه رأيك يا إلهام في السبق الإعلامي اللي هناك ده..
خلعت إلهام نظارتها لتتفحص رقية جيداً قائلة بسعادة :-
-هايل جداً ده هيبقي حديث الموسم، يله…
لتسرع في خطواتها وخلفها زميلها بالكاميرا الخاصة به..
تحسنت رقية قليلاً وتنهدت لكي تلتفت لكنها وجدت نفسها محاصرة بين إثنان من الاعلامين تحدثت إلهام سريعاً لزميلها :-
-يله إبتدي صور..
ولتبدا هي بالكلام سريعاً :-
-كلمينا عن نفسك وازاي عايشة حياتك وحياتك ماشية إزاي..
دب الخوف في اوصالها وتحدثت بتلعثم وهي تحاول أن تسير:-
-عن آآآ أذنكم..
ولكن لم تنجح حيث حاصرتها بالأسئلة وهي تقف أمامها :-
-عايزين نعرف إزاي قدره تتغلبي علي اللي أنتي فيه ده وهل عقبة في حياتك؟؟
شعرت رقية بالدوار يداهمها فجاهدت للحديث قائلة برجاء :-.
-إبعدي معلش عايزة أمشي..
لم تستمع لها بل تحدثت مجدداً وهي تنظر لإحشائها :-
-إنتي حامل!! كلمينا عن جوزك وازاي متقبل الوضع ده وهل ده بيأثر في علاقتكم..
أمسكت رقية رأسها وتحدثت بأعياء وهي تسير بينهم :-
-كفاية كفاية ..
وعندما وجدت إنه بدون جدوي وقد تجمع كثير من الناس يشاهدونها صاحت بعلو صوتها :-
-مااااااااااااااما..
نظرت فاطمة من الزجاج الخلفي لتجد إبنتها محاصره بينهما لتترجل سريعاً من السيارة وتسرع في خطواتها لتنتشل إبنتها من بينهما، إطمئنت رقية عندما وجدت نفسها في أحضان والدتها التي صرخت بهما وهي تسير بها :-
-ابعدوا عنها عاوزين منها أيه!!
إرتعشت رقية وهي في حضنها لتربت فاطمة علي ظهرها بحنان :-
-متخافيش يابنتي أنا معاكي متخافيش..
لتسير نحو السيارة ويترجل السائق ليفتح لها الباب ويرمقها بشفقة أغمضت عينها بقوة فقد كرهت هذه النظره..
-في قصر عائلة الراوي..
“أنتي ازاي تتجرئي وتعملي كده عاوزه تموتي إبني قبل مايشوف النور ليه، هتستفيدي إيه من أذيتها”
رمقته هدي الجالسة ببرود قائلة:-
-مش هستفاذ حاجه!!
ثم تابعت بنظره ذات معنى :-
-بس أنت اللي هتستفيد من وراها وهتستفيد أوي كمان..
قطب مابين حاجبيه بتعجب :_
-قصدك أيه إيه الألغاز اللي بتكلميني بيها دي؟؟..
ثم تابع بحده :-
-أنا بحذرك للمرة الإخيرة ملكيش دعوة بيها وإلا ه—-..
قاطعته بإشميئزاز :-
-كفايه كدب بقا، أنا مش هصدق دور الراجل المثالي ده تاني، انت عرفت تضحك علي الغلبانه دي كويس لكن أنا لا..
أمسكت هدي بالملف الموضوع أمامها ونهضت قائلة بخبث وهي تراقصه أمام عينه :-
-والدليل أهووووو..
أتسعت عين جاسم بصدمة وهو يري الملف يتراقص أمام عينه قبل أن يهتف بحده :
-أنتي بتفتشي ورايا..
هدي بإستياء :-
-ربنا أراد ادور في مكتبك عشان أكشفك علي حقيقتك..
جاسم بصياح :-
-متحاوليش تغطي علي اللي أنتي عملتيه..
تحدثت بإبتسامة وكأنها لاتسمع له قائلة بسخرية :-
-مش ده ملف مجلس الشعب اللي عايز تقدم فيه، واللي لما يشوفوك أد أيه انت راجل نبيل إتجوز واحدة في ظروف رقية وبنت بواب واد أيه هو بيحبها ومش فارق معاه موضوع حرقها ساعتها الناس كلها هتختارك لأن الراجل المثالي في عينهم..
جاسم وهو يصيح بقوة :-
-بطلي تقولي كده ده كله كدب..
أخرجت دعوة من بين الملف قائلة :-
-والدعوة بتاعة الحفلة دي، اللي هتبقي مليان بالمسؤولين وانت هتتدخل برقية ويشوفوك ويقدروك..
هدي بجدية :-
-المفروض تشكرني إنك هتطلع من الجوازه دي من غير عيل..
ثم تابعت بصوت عالي :-
-بس لازم رقية تعرف حقيقتك الإول وإنك أجوزتها عشان خاطر توصل لكرسي مجلس الشعب، لازم تعرف إنك إستغليت تشوهها عشان توصل لهدفك..
لطمت فاطمة علي صدرها بقوة، وهي التي كانت تقف بجوار رقية وقد إستمعا إلي حديثهما قائلة :-
-يالهووووي..
إلتفت جاسم سريعاً برأسه لتتسع عينه بصدمة وهو يري رقية تقف أمامه بوجه خالي من الحياة ودموع تجري علي وجنتيها بصمت. أبتلع جاسم ريقه وهو يقترب منه ويبتسم قائل :-
-رقية أنتي أكيد مش هتصدقي الكلام ده، آآآ ده كدب مفيش حاجة مني ده أصلاً..
هدي بجمود وهي تقف أمامها :-
-لا مش كدب فوقي لنفسك يارقية ده بيستغلك، الحب والحنان اللي بيودهولك ده عشان توصليه للكرسي، هو سمعته كويسه جداً في السوق لكن محتاج حاجه تجمله أكتر ويخلي الناس تعرف أد أيه متواضع..
ثم رفعت الأوراق أمامها قائلة :-
-والدليل قدامك أهو..
رمقها جاسم بإستحقار وهو يصيح :-
-إنتي بتعملي كده ليه عاوزه توصلي لايه..
تابعت هدي بحده وبصوت يشبه فحيح الافعي :-
-جاسم ماحبكيش يارقية ،جاسم إستغلك وعرف يرسمها عليكي صح!!!..
جاسم وهو يمسك كف رقية البارد :-
-جاسم لايمكن يستغلك يارقية، ج آآ جاسم بيحب رقية ولايمكن يعمل فيها كده..
ثم تابع بإبتسامة يمني نفسه :-
-أنتي مش هتصدقي الكلام ده صح!!
ثم كرر ندائه :-
-رقية إتكلمي!!..
ساد الصمت في المكان ولم تسمع إلا جملتين تتردد في أذنيها”جاسم ماحبكيش، جاسم إستغلك عشان يوصل لهدفه”..
“إنتي حامل طب كلمينا عن جوزك وإزاي متقبل الوضع ده وهل ده ماثر علي علاقتكم الزوجية”
تسمع الجملتين وتري وجههما ووجه جاسم تري قاسي تري شخص يذبح بسكينة باردة تري الوفود تأتي لتشاهدها…
وكأن الشتاء حل بكل برود ليثلج جسدها ولاتشعر بالدماء التي تسري بين ساقيها، سحبت كفيها ببطء من يده وعينه في عينه مر الكثير لتشاهد ظلام يقترب منها لتهتف بصعوبة وألم ودموع جارية وصدمة:-.
– ج آآ جاسم، ماآآ ماما..
ليحيط الظلام بها كلياً وتسقط على الإرضية وقلبها ينزف ألماً، وبين ساقيها دماء…
… يتبع