رواية عهد جديد للكاتبة ياسمين عادل

^^ عـهـد جـديـد ^^

(( الفـصل الرابـع ))

كانت نظرات ” سليم ” مرتكزة على عجلة السيارة الأمامية المغموسة بتلك البركة الطينية، تقوست شفتيهِ بضيق مصطنع.. رفع بصرهُ نحو كلاهما ليمررهُ عليهم ثم نطق بـ :

  • تحب مساعدة ياواد الغاليين؟
  • لأ، شوف طريقك

كان ردهُ مقتضبًا غير مُعير إهتمامهُ له، وما أن لاحظ هذه النظرات المصوبة نحو غاليتهُ النفيسة ” ياسمين ” حتى اشتعلت نيران الغيرة والحقد بداخلهُ وتأججت.. وقبل أن يقوم بأي تصرف وجد سؤالًا من ” سليم ” معروف إجابتهُ موجهًا إليه :

  • هي العسلية دي بت قاسم؟
  • ميخصكش

سحب ساعد ” ياسمين ” بعنف وأجلسها في المقعد الأمامي ثم وقف أمامهُ منتصبًا، مركزًا بنظراتهُ المحتقنة على ” سليم ”.. هو ملتزم حتى الآن بنصيحة” قاسم ” بـ ألا يتهور أثناء وجود ” ياسمين ” بصحبتهُ، كانت عملية ضبط انفعالاتهُ صعبة للغاية.. ولكنه كابد العناء من أجل ذلك.
حدجهُ ” سليم ” بطرف عينيه وهو ينطق متذمرًا :

  • عمومًا أنا حبيت أجدم خدمة
  • مش محتاجين

اقترب ” سراج ” من وقفتهم بإندفاع وقد أزعجهُ ردود ” أنس ” المثيرة للإستفزاز ونظراتهُ المحتقرة لشأنهم.. ونظر له بإحتدام وهو يصيح :
– مالك كدا بتكلم بطريقة زي الزفت

كاد ” أنس ” يتهجم عليه وهو يجأر بصوت محتد :
– براحتي، مبقاش غير العيال كمان هتقف تتكلم قدامي!

ثم نظر نحو ” سليم ” وهتف :
– خد ابنك ومع السلامة، أنا مطلبتش مساعدة من حد
” سليم ” وهو يرمقهُ بإزدراء :
– تشكر ياواد الأصول

اعترض ” سراج ” على تهاون والدهُ في التعامل مع هذا الشخص، فـ صاح به :
– سايبهُ وماشي كدا إزاي يابا؟

أشار له بعينيهِ، فتفهم الأخير مقصدهُ وسار بمحاذاة والدهُ، ومازال يلتفت برأسهُ لينظر إليهم من الحين للآخر، نظرات تشبعت بنوايا سيئة..
فـي منظورهُ ” أنس ” أهان كرامة والدهُ، ولكنهُ لا يعلم شيئًا عن سر تقاعس ” سليم ” وعدم التفكير في إسترداد حقهُ.. جلس ” سراج ” خلف عجلة القيادة وأقتاد السيارة بسرعة متهورة نحو الأمام، وأثناء ذلك عاتب والدهُ بـ :
– ليه كدا يابا؟ حد غيرهُ كنا دخلنا معاه في عركة نسيح فيها دمهُ
– مش وجت عراك مع العيلة الـو*** ديه بالذات، أني عارف الواد دا زين.. شارب مشروب خالهُ

تنهد ” سراج ” بقنوط وغمغم :
– انا واعي للي حصل زمان، كنت عيل صغير بس فاهم كويس.. مش دا اللي قتل چدي الله يرحمهُ
– بجول إيه ياسراچ، أنا معايزش ” مش عايز ” حواديت من دي جدام عمك سلمان، أجفل على الموضوع وكنهُ ” كأنهُ ” ما حصل

بغض ” سراج ” أسلوب والدهُ السلمي، فهو ذا طبع عدواني كـ حال ” سلمان ”.. الذي يبغض هذه العائلة وتشيط شائطتهُ حينما يستمع لأسم فرد منها.
على عكس والدهُ الذي يتحاشى المشكلات ويتلافاها..

على الجانب الآخر..
أنهى ( الميكانيكي) عملهُ توًا واستطاع يخرج العجلة التي أنغمست في الوحل.. فـ أكرمهُ” أنس ” بمبلغ مالي كبير، واستعد لمغادرة محيط القرية الآن..
كان العبوس مغيمًا على ملامحهُ، حتى إنها امتنعت عن محادثتهُ نهائيًا لئلا تفتعل معهُ المشكلات.. ولكنها انتبهت إنهُ برح القرية دون الإنتقال للمزرعة، فـ دفعها فضولها للسؤال :
– أنس، إحنا مش هنروح المزرعة؟

لم يجيب، مما جعل ثائرتها تُثار ضدهُ وهي تهتف بتبرم :
– بكلمك على فكرة
”أنس ” وهو يبعث بنظراتهُ القوية لها :
– لأ، كفاية اللي حصل لحد كدا
– وهو إيه اللي حصل؟ كل دا عشان الراجل اللي قبلناه!

فسأل بلهجة منفعلة :
– إنتي إيه اللي نزلك من العربية؟
فأجابت بتلقائية :
– عشان أشوف اللي حصل
بدت عليه الغيرة وهو يسبّ أولئك الرجال :
– ومشوفتيش نظرات الـ ***** دول ليكي! واحدة غيرك كانت سحبت نفسها ودخلت العربية مش تستناني أنا أدخلها!

ياسمين وهي تنظر إليه بإستنكار :
– أنس هيفضل هو أنس، حتى لو سافرت عشر سنين.. لسه بتتعصب على أقل حاجة
– والله انا مطلبتش منك تستنيني أتغير!، ومعنديش نية أساسًا للتغيير ده

اعتدلت في جلستها وعقدت ساعديها سويًا متجاهلة إياه، بينما سار هو في طريقهُ نحو القاهرة من جديد..
ساعات عدة ولم يشعر هو بإنها غفت بجوارهُ، فكانت ساكنة سكون المياه الراكدة التي لا موج بها، توقف بإحدى المحطات لشحن السيارة بالبنزين .. ترجل عنها ووقف أمام الجهاز يراقب حركة المؤشرات، حانت إلتفاته من رأسهُ لتقع عيناه على رأسها المسترخية، فقد تعمقت في النوم ولم تشعر بما حولها..
تأمل وجهها براحة، ودّ لو لمس بشرتها الآن.. أو استمع لتهدج أنفاسها، سيكون ممتنًا للصدفة إذا تمكن من ذلك.. استدارت برأسها للجانب الأخر، وكأنها ترفض تسليط بصرهُ عليها.. فـ تجهم وجههُ وعاد يرسم تقاسيمًا أخرى وهو يلتفت للعامل حتى يدفع الحساب.
……………………………………………………………

وأخيرًا صف سيارتهُ أمام مدخل المنزل.. عقب أن أوقظها لتكون مستفيقة حين رؤية والديها، ترجلت عنها وما زال الضجر خليلها.. حيث استبقتهُ للداخل لتجد ” أفنان ” في وجهها، أصطدمت الأخيرة من عودتهم باكرًا.. فتسائلت :

  • ياسمين! إيه اللي رجعكوا، ماما قالت هتقعدوا يومين
    ” ياسمين ” وقد تلوت شفتيها بسخط :
  • أستاذ أنس أمر

خرج ” قاسم ” عن حجرة مكتبهُ على أثر صوت ” ياسمين ” الذي التقطتهُ أذناه، وما أن رآها حتى ارتفع حاجبيه بإندهاش وسأل مرتابًا :
– إيه اللي رجعك ياياسمين؟
– أسأل أنس يابابا

وقبل أن تهمّ بالإنصراف استوقفها صوت والدها من جديد :
– ياسمين، في حاجة حصلت معاكوا في الطريق؟
– لأ، عادي

ظهر ” أنس ” من خلفها، قرأ ” قاسم ” بخبرتهُ الطويلة وذكاءهُ الغير محدود وجود شيئًا ما يخص وجودهم بالقرية، دس كفيه في جيب بنطالهُ وهو يأمرهن بـ :
– طب اطلعي انتي واختك فوق، وانت تعالى ورايا ياأنس

أختلى به في حجرة المكتب، فلم يواري ” أنس ” شيئًا مما حدث وأزعجهُ اليوم..
ضاقت عيني قاسم، ونهض واقفًا عن جلستهُ وهو يسأل بحزم :
– في حد فيهم أتعرضلك؟
– لأ، بس الزفت إبنهُ دا استفزني وانا مسكت نفسي عشان خاطرها هي

أستشعر ” قاسم ” عكس ذلك :
– أنــس، متأكد؟
نهض ” أنس ” ليكون في مستواه :
– ياخالي قولتلك لأ، وبعدين أنا بعرف اتصرف

طرد ” قاسم ” زفيرًا محتقنًا من صدرهُ، ثم غمغم :
– هي العيلة دي نسلها هيتقطع أمتى عشان أخلص !

شهقت ” ياسمين ” بدورها عقب أن تعرفت على هوية أولئك الأغراب التي رأتهم اليوم.. ثم نطقت بـ :
– يعني دول اللي ضربوا أنس بالنار وهو صغير؟
”حور ” وهي تومئ رأسها بالإيجاب :
– آه، ومن ساعتها مش بيطيق يشوف حد منهم.. يعني طبيعي ياحببتي مزاجهُ يتقلب فجأة

تقوست شفتي ” ياسمين ” بضيق من حالها :
– مكنتش اعرف
” أفنان ” :
– وطبعًا لسانك اللي زي المبرد انطلق على الواد بكلامك المستفز
– بت اتلمي! شايفة ياماما

نهضت ” حور ” وهي توبخها بـ :
– بس ياأفنان، أختك مش ناقصة

أنسحب الصغير ” آسر ” من جلستهم واستعد ليخرج من غرفة والدتهُ.. ولكن استوقفتهُ ” ياسمين ” وانطلقت نحوهُ وهي تبتسم قائلة :
– سرسوره حبيبي، أوعى تقول حاجة لأنس

ارتفع حاجبي الصغير وهو يردد :
– أنا، ليه شيفاني فـتان؟
– لا سمح الله، دا انت النسمة بتاعت البيت

ثم اقتربت من أذنيهِ وهمست :
– هجيبلك البسكوت اللي بالعجوة اللي بتحبه، بس لو سمعت الكلام
– هتديني تليفونك ألعب بيه؟

ذمت ” ياسمين ” شفتيها بإنزعاج، فـ حتى الصغير يستغل الموقف لصالحهُ.. فهزت رأسها بتذمر وقالت :
– حاضر، بس انت امسك لسانك السايب على طول دا
– حاضر

وما أن خرج، حتى أنفجرت ” أفنان ” ضاحكة، ومن بين ضحكاتها استطاعت ” ياسمين ” أن تلتقط بعض الكلمات المتناثرة :
– على رهان لو مراحش قال لبابا ولا أنس دلوقتي؟
” حور ” وهي تؤكد حديث ابنتها :
– ورهان ليه؟ أنا عارفه آسر.. زمانهُ بينقل النشرة اليومية لأبوه دلوقتي

……………………………………………………………

خرج ” أنس ” عن المطبخ عقب أن أعد قدح من الشاي الساخن.. وسار متهاديًا نحو الخارج وهو يرتشف جرعات منهُ، فوجد هذا الصغير ” آسر ” يتجهِ نحو غرفة ” قاسم ”.. فـ ناداه قائلًا :
– آســر، تعالى

انتقل الصغير بخطاه نحوهُ، فـ انحنى” أنس ” ليحملهُ على ذراعهُ.. وانتصب واقفًا وهو يقول :
– بابا عندهُ شغل مهم دلوقتي بلاش نزعجهُ

تضايق ” آسر ” وهو يقول ببراءة :
– أنا كنت عايز أسألهُ مين الناس الوحشة اللي حدفوه بالنار

أنعقد حاجبي ” أنس ” بإستغراب :
– حدفوه بالنار إزاي؟

تذكر ” آسر ” تشديد ” ياسمين ” عليه بـ ألا يتحدث لأحدهم بما استمعهُ.. فـ تقلصت ملامحهُ وهو يقول :
– مش هينفع أقولك! ياسمين قالتلي أوعى تقول لأنس وهجيبلك بسكوت بالعجوة

ازداد شغف ” أنس ” بالتعرف على هذا الأمر الخطير الذي تحجبهُ ” ياسمين ” عنهُ.. فسار على نهج الصغير وهو يحدثهُ :
– متخافش مش هقول لياسمين، بس قولي

كما استمع ” آسر ” لحديثهم تم نقلهُ دون تحريف أو تزويد أو نقصان.. وجد ” أنس ” وسيلة جيدة للغاية لمراقبة ” ياسمين ” دون الشعور به، فـ الكائن الصغيرة ثروة لمن يغتنمهُ..
أوصاه ” أنس ” بمراقبة ” ياسمين ” مراقبة دقيقة مبررًا ذلك بإنه يخشى عليها أي سوء.. وبسهولة وافق ” آسر ”، فهذه وظيفتهُ الأساسية بمنزل آل رسلان.
تركهُ” أنس ” ينصرف وانتقل نحو الخارج وهو يغمغم :
– أما نشوف أخرتها معاكي يابرنسيس
……………………………………………………………
_ ولجت ” ياسمين ” لشرفة حجرتها وهي تتحدث في الهاتف، حتى إنها لم تنتبه لوجود ” أنس ” في النافذة المجاورة لها برفقة ” حور ”..
تعالى صوتها قليلًا حتى وصل گالهمسات إليه، فـ رغب بأن يستمع لهذه الهمهمات التي التقط من بينها أسمهُ، فقال :

  • بقولك إيه ياحورية، ما تعمليلي شاي بأيدك الحلوة

قهقت حور وهي تردد :
– كويس ان خالك مسمعش منك حورية دي
– عارف عارف، عشان كدا بمسك لساني قدامهُ.. دي ممتلكات خاصة

فـ ابتسمت بـ تملق وهي تهتف :
– طيب، هروح أعمل ليك وليا بالمرة واشوف آسر
أنس بتحمس زائد :
– تسلم إيدك

وما أن انصرفت حتى أقترب بأذنيهِ يستمع لما تقوله.. كانت عبارات مبهمة وكأنها تتحدث بالألغاز، ولكن ثمة عبارة جعلتهُ يتيقن أنهُ محور الحديث :
– آه، واحنا راجعين نمت في الطريق محستش باللي حصل بعدها

صمتت لتستمع إلى المتحدث من الجهة الأخرى، ثم استطردت :
– يعني أعمل إيه دلوقتي يارهف! محصلش أكتر من اللي قولتهولك

تردد هذا الأسم على أذنيه وهو يقوس شفتيه بإستهجان :
– رهف! الأسم مش غريب على وداني

تابع ما تقوله ليجدها تختم حديثها :
– خلاص هعمل كدا، بس في الوقت المناسب.. تمام، سلام

داعب بأصبعيهِ السبابة والإبهام بصيلات ذقنهُ وهو يخمن ما الذي ستقوم به ياترى؟
ولكن ما أثار حنقهُ هو إنها تستعين بأراء رفيقة لها فيما يخص علاقتهم سويًا..
يرى إنها ليست بالصعوبة التي تحتاج مشورة ونصح من الآخرين..
أهتز هاتفهُ، فنظر لشاشتهُ الكبيرة ليجد أسم ” خالهُ ” يضئ الشاشة.. أغلق النافذة ومن ثم خطى نحو الأسفل حيث غرفة المكتب، كاد ” قاسم ” ينهي مكالمتهُ.. وعندما رآه أشار إليه ليدخل :

قاسم :
– خلاص سيبلي الموضوع دا، هتصرف فيه

ثم أغلق، ليبادر ” أنس ” بقولهُ :
– في حاجة ولا إيه ياخالي؟!
– آه في، المشروع اللي انت بتدرسهُ.. عايز رأي نهائي فيه خلال يومين، عشان الشريك الأجنبي هيوصل مصر خلال عشر أيام

ضاقت عيني ” قاسم ” وذمّ على شفتيه وهو يردد :
– رائف أقترح نعمل عشاء عمل أول ما يوصلو مصر، بس بفكر حور هتوافق ولا لأ
”أنس ” وهو يهز رأسه بالسلب :
– مش هتوافق، هي شايفة ان عشاء العمل دا روتين مزيف وهي مبتحبش الجلسات الرسمية
– بس مرات الشريك جاية معاه مصر وتقريبًا هتكون شريكة في نصيب جوزها

دلفت ” حور ” إليهم، فغمز ” قاسم ” بنصف عين لكي يصمت ” أنس ”، ثم طالعها وهي تتقدم منهم وهتف :
– أفتكرتك نمتي
– لأ لسه صاحية

وضعت كوب من الشاي الساخن أمام” أنس ” ونطقت بـ :
– خد ياحبيبي

أبعد بالكوب عن محيط حركة ذراعهُ لئلا ينسكب، ثم ردد ممتننًا :
– تسلم إيدك ياحور

أتسعت عيني ” قاسم ” وانكمشت المسافة ما بين حاجبيه وهو يجأر بـ :
– إيه قولت إيـه! سمعني تاني كـدا

تنحنحت ” حور ” وبادرت بـ :
– أنا اللي قولتله يقولي حور من غير ألقاب

ثم أشارت إليه وضربت على كتفهُ بتباهي وتابعت :
– مش شايف بقى عامل إزاي؟ دا انا اللي أقوله ياعمي

بنظرات مغزية رمقها قبل أن يردد :
– على أساس إنك صغيرة يعني؟

توسطت خصرها المنحوت بكلتا كفيها ورددت مستنكرة :
– طبعًا صغيرة، دا اللي يشوف أفنان واقفة جمبي يقول عليها توأمي مش بنتي

مسحت على شعرها الأسود الناعم، ثم تابعت بإفتخار :
– دا مفيش في شعري خصلة واحدة بيضة، مش زيك ياعجوز

مسح ” قاسم ” على لحيتهُ الخفيفة التي تناغمت ببعض الخصلات البيضاء التي زادت من هيبتهُ، ثم قال :
– ما بلاش تستفزيني، مش هيهمني ولا حتى أنس

”أنس ” وهو يوزع نظراتهُ عليهما :
– خلاص ياجماعة، انتوا الاتنين لسه في مرحلة الشباب
”حور ” وهي تشيح ببصرها عنهُ :
– قول لخالك، هو اللي بيستفزني الأول

لم تنجح ” حور ” في أن تجعلهُ يتناسى الأمر، بل إنهُ عاد لنفس الموضوع وهو يردف :
– ما علينا، متناديش عليها بأسمها قدامي

ثم وجه ناظريه لها وتابع :
– وانتي ياحور، جهزي نفسك انتي والولاد مسافرين الصبح

جحطت عيناها غير مصدقة هذه المفاجأة التي داهمها بها، ولم تكن حالة ” أنس ” أقل منها بل إنه تسائل بفضول إلى أين ستكون وجهة ” ياسمين ” بالأخص :
– على فين ياخالي؟

راق له نظراتهم الفضولية، فجعلهم يطيلون الإنتظار قليلًا وهو مستمتعًا بتلهفهم.. وقف عن جلستهُ، وقام بإشعال إحدى سجائرهُ ببطء شديد.. حتى خرجت ” حور ” عن صمتها :
– ما تقول ياقاسم! هنستنى كتير ولا إيه؟

طرد أول زفيرًا حاملًا للنيكوتين، ولم تبدو ملامحهُ لينة وهو ينطق :
– هنروح المزرعة، أجازة قصيرة وهنرجع
” حور ” وهي تفرك أصابعها بقلق :
– المزرعة!! أشمعنا دلوقتي ، ماانت كل مرة تروح لوحدك وبقالنا سنين مش بنروح معاك

لمعت عيني ” أنس ” بوميض غريب وهو يقول :
– خالـي!

نظر ” قاسم ” حيالهُ.. فـ استطرد ” أنس ” وقد ضاقت عيناه :
– إيــــه الحكاية!!! …………………………………

error: