رواية عهد جديد للكاتبة ياسمين عادل

^^ عهـد جـديـد ^^

(( الفصل العاشر ))

استمع لصرختها من داخل المرحاض، فـ قضم شفتيهِ بإمتعاض وهو يهمس لنفسهُ :
– إيه الغباء اللي انا فيهِ دا؟ مش كنت رميتهُ ولا حتى ولعت فيه بجاز!

وما زالت تثرثر بكلمات مبهمة بالنسبة إليهِ.. نزع عنهُ قميصهُ حتى بقى بـ ” تيشرت ” داخلي أبيض اللون.. ثم خرج إليها وعلى وجههُ رُسم الإحتقان، وقبيل أن تتحدث بإنفعال جلّ على وجهها بادر هو :

  • إيه الكلام الكبير اللي بتقوليه دا؟
    ” ياسمين ” وهي تقذف القميص على الفراش بإنفعال :
  • أمال دا أسمهُ إيه؟
    فكانت صوتهُ ثابتًا رزينًا وهو يجيب :
  • زرين كان هتقع وخبطت فيا بالغلط
    ضاقت عيناها بتشكيك في صحة كلامهُ وهي تقول بإستنكار :
  • لا ياشيخ! وهي كانت قريبة منك لدرجة إن راسها تقع على كتفك وشفايفها تلزق على قميصك، كل دا في ثانية واحدة
  • والله لو مش عايزة تصدقي براحتك، إبقي أسألي خالي

تعجبت من برودة ردودهُ عليها، رغم إنها اعتقدت إنه سيقدم لها التبريرات ويصلح الأمر ولو ببضع كلمات .. ولكنهُ أظهر وجهًا حادًا گـ لوح الثلج في برودتهُ، فـ حدجتهُ بإستهجان وهي تقول :

  • إنت حتى مش مكلف نفسك تقولي متزعليش!؟

فكان الرد گالدلو المثلج على رأسها :
– وانا اقول كدا ليه؟ أنا أصلًا مزعلتكيش في حاجة
– تصدق عندك حق!

تقدمت من المنضدة لترفع حامل الطعام عنها، ثم انتقلت نحو الباب وهو تهدر بـ :
– مفيش عشا النهاردة، هتنام جعان

نظر لتلك ” الصينية” التي حملت أطباقًا شهية كان سيفوز بتناولها عقب يوم عمل مؤرق وشاق.. ولكنها الآن حرمتهُ منها أيضًا، أراد أن ينادي عليها فـ تعود عن قرارها القاسي.. ولكنهُ أبى كعادتهُ، زفر زفيرًا محتقنًا وشرع بإستكمال تغيير ملابسهُ، ثم قرر أن يعدّ لحالهُ وجبة يشبع بها جوعهُ.. فكانت الصدمة الثانية إنها أوصدت باب المطبخ بالمفتاح فأصبح مستحيلًا أن يدخلهُ غيرها.. رفع رأسهُ لأعلى نحو غرفتها، تقلصت تعابير وجههُ وهو يشق الطريق للأعلى.. ثم قرع بعنف على الباب وهو يردد :

  • ياسمين، هاتي مفتاح المطبخ بلاش شغل عيال

فأجابت بصوت جاد :
– مفيش أكل النهاردة غير لما تقول إنك غلطان وتعتذر كمان
– نعم ! أعتذر؟ لأ خلي المفاتيح معاكي وانا أصلا نفسي أتسدت

وأثناء تأهبهُ للإنصراف؛ استمع لصوت الأغاني الصاخبة التي رفعت من مستوى صوتها وكأنها تتعمد إثارة غيظهُ.. طرف بصرهُ وأطبق جفونهُ في محاولة منهُ لـ كظم غيظهُ، ثم همس :
– والله لأوريكي، ماشي

ورغم إنها أشعلت أجواء الغرفة بالأغاني الصاخبة، إلا إنها لم تكن تستمع إليها.. فداخلها مختنق وتود البكاء.. إلا إنها متماسكة لئلا تضعف، أستمعت لصوت أبواق بالأسفل، فـ ظنت إنه سيغادر المنزل في هذه الساعة.. هبت من مكانها لتنظر عبر شرفتها، فوجدت عاملًا من إحدك المطاعم الشهيرة يقوم بخدمة توصيل الطعام لـ ” أنس”.. فغرت شفتيها بذهول وهي تراه يدفع ثمن الطعام، ثم خطى نحو الداخل.. ولكن قبل ذلك رفع بصرهُ وابتسم إبتسامة عابسة وكأنهُ يثير حنقها، فضربت الأرض بقدميها وأسرعت بالإختفاء داخل غرفتها وهي تردد :

  • يـــوه! دا جبلـة دا ولا إيه؟
    ……………………………………………………………………
    حتى إنسحابهُ في هذا الصباح دون أن يعيرها اهتمامًا.. مما أجج شعورها تجاههُ، وأول ما افتعلتهُ إنها ارتمت في أحضان ” حور” لتشكو إليها قسوة تصرفهُ معها و :

  • شوفتي ياماما، شوفتي اللي حصل
    ” حور ” وهي تمسح على شعرها بحنان :

  • في إيه اللي حصل بس؟

فـ سردت عليها تفاصيل ما حدث بالأمس، لتزداد ريبة ” حور ” أيضًا بعد هذه الحادثة المؤكدة لنوايا” زرين “الخبيثة، ورغم السخونة التي انبعثت من داخلها إلا إنها تظاهرت بالبرود وهي تقول :
– قومي إلبسي ياياسمين، عندنا مشوار مهم
– مشوار؟

فـ نهضت “حور ” عن جلستها عاقدة العزم و :
– آه، هنطب على أبوكي وابن اختهُ نشوفهم بيهببوا إيه

تحمست ” ياسمين” للفكرة كثيرًا، وكأنها كانت ترغب بها ولكن احتاجت من من يدعمها.. استوفضت نحو الخارج لتستعد، وتركت والدتها تستعد أيضًا..
وفي نفس التوقيت، كانت ” أفنان ” تتهرب من إتصالات ” عمر” المستمرة، ولا ترد على رسائلهُ الإلكترونية.. شعورًا بالذنب اقتحم أغوارها عقب حديث والدتها بالأمس، أعادت التفكير مرة أخرى ولكن بشكل مختلف.. فهي الآن تُسئ لـ أولئك الذين عهدوا لتربيتها والاهتمام بها طوال سنوات عمرها وحتى هذه اللحظة، لا يستحقون منها الخيانة بتاتًا.. أثر ذلك على حالتها النفسية أيضًا، فهي اعتادت وجودهُ في حياتها، اعتادت أحاديثهُ الطويلة معها وكلماتهُ الغارقة بمزيج العسل.. والآن هي تخلت عن كل هذه الأشياء التي كانت تُسعدها وتملأ يومها.. گالمخدر الذي يسيطر على العقل ويذهبهُ، ويحتاج العلاج منهُ تحمل بعض الألام العضوية والنفسية لإجتياز هذه السموم.
ولجت ” حور” إليها عقب أن طرقت الباب و :

  • أفنان، انتي صحيتي؟
    فـ اعتدلت في جلستها على الفراش وهي تقول :
  • آه ياماما ، صباح الخير

فـ دلفت ” حور” لتجاورها جلستها، ثم مسحت على وجهها بعطف أمومي شديد وهمست :
– مالك؟ وشك مش عاجبني؟
فـ ابتمست كاذبة لتوهم والدتها بالعكس :
– مفيش، أنا بس لسه صاحية ومفوقتش

داعبت ” حور” خصلات شعرها قبل أن تعرض عليها أمرًا :
– أنا رايحة مشوار مهم وهرجع بعد الضهر، تحبي نروح البيوتي سنتر تقصي شعرك قصة جديدة؟
فـ تحمست لذلك كثيرًا وهي تردد :
– بجد! موافقة
– خلاص متفقين، هخلص واكلمك عشان تجهزي..وبالمرة نعمل شوبينج سوا

أشرق وجه ” أفنان” لهذه الأشياء التي غالبًا ما تسعد الفتيات في سنها.. ثم نهضت كي تغتسل قبل تناول الإفطار بصحبة والدتها وأخوتها، جلس ” آسر” على مقعدهُ المخصص ذا المستوى الأعلى كي يستطيع التعامل على مائدة الطعام، ثم بدأ بفصل البيض عن صفارهُ.. ليأكل ” البياض” فقط، لاحظت ” حور” ذلك فتسائلت بفضول :
– آسر، مش بتاكل البيضة كلها ليه؟
– مش بحب الأصفر
” أفنان ” وهي تقوس شفتيها بإزدراء :
– أسمه صفـــار

تجهم وجه” آسر ” وهو ينظر لشقيقتهُ، ثم قال بعفوية :
– مش انتي قدامك طبق يافنان، بصي فيه
حدقت” حور ” وهي تعنفهُ قائلة :
– ولد، عيب تقول لأختك الكبيرة كدا
فتذمر الصغير قائلًا :
– ماما قوليلها ملهاش دعوة
” حور ” :
– برضو متقولش كدا، أحسن هقول لبابا
– ياماما بقى أ….

حملقت فيه بشكل مخيف، فتوقف عن الحديث ونظر نحو الصحن الخاص به وهو يهمس :
– أوف بقى

أنهت” حور ” طعامها و :
– لما تخلصي قوليلي ياياسمين، عشان أخلي السواق يحضر العربية
فنهضت” ياسمين” أيضًا فاقدة شهيتها للطعام :
– أنا كمان خلصت، يارب بس نلاقي بابا ميكونش في المصنع

وقف ” آسر” على المقعد وهو يصيح :
– إيه دا هتروحوا عند بابا؟
” حور ” :
– خليك مؤدب وانا مش هنا ياآسر
– ماما خديني معاكي، هو انا كل مرة هقعد مع فنان!
– مينفعش ياحبيبي

عض الصغير على شفتيهِ متبرمًا، ثم غمغم :
– ماشي ياماما

وما أن خرجت” حور ” برفقة ابنتها.. توجه الصغير نحو غرفة المكتب الخاصة بوالدهُ، ظل يكرر محاولاتهُ حتى صعد أعلى سطح المكتب، ثم بحث عن المذكرة الصغيرة التي تحمل أرقام هواتف مهمة، تصفحها وهو لا يفهم أغلب العبارات المكتوبة .. ولكنهُ تهجأ الرقم المكتوب باللون الأحمر ودقق النظر في الحروف وشبكها معًا و :

  • شـ.. شا، شرك. … شركة قـ ا.. قاسم

ضحك بسعادة وهو يتطلع للرقم، ثم رفع سماعة الهاتف.. وحاول الضغط على الأرقام المكتوبة أمامهُ علهُ يتوصل لوالدهُ.

كان ” قاسم” جالسًا على طاولة الأجتماع بغرفتهُ برفقة ” أنس، رائف”.. ليعلن قرارهُ النهائي :
– خلاص، بكرة هييجي مستر إستيڨان مع محاميهِ ومراتهُ عشان نوقع العقود، متنساش يكون المحامين بتوعنا موجودين

فأجاب” رائف “:
– متقلقش المحامين بتوعنا جاهزين

على رنين الهاتف الخاص بهِ، فـ التفت برأسهُ قبل أن ينهض.. ثم انتقل إليهِ وهو يهتف :
– خلاص يارائف على اتفاقنا

ثم رفع سماعة الهاتف وتفوه بجمود :
– ألـو

لم يستمع سوى لصوت همهمات ضعيفة، فأعاد التحدث :
– ألو
فـ استمع صوت ” آسر” الهامس وهو يردد :
– أيوا يابابا، سامعني كدا
ارتفع حاجبي ” قاسم” وهو يتسائل بإرتياب :
– في إيه ياآسر، بتوطي صوتك كدا ليه؟
– عشان فنان برا

فتسائل ” قاسم” مستدرجًا الصغير :
– طب قول في إيه ياحبيبي!

أخفض ” آسر” صوتهُ وهو يراقب باب الغرفة قائلًا :
– ماما جاية عندك هي وياسمين
ضاقت عينا قاسم وهو يردد :
– ماما وياسمين سوا؟
– آه

ثم تابع الصغير :
– عارف انا بقولك ليه
– ليه؟
فقال الصغير حاقدًا :
– عشان مش خدتني معاهم، لو كانت خدتني كنت سكت

كبح ” قاسم” ضحكة كادت تنفجر منهُ، ثم لاطف الصغير وعاهدهُ بهدية ثمينة :
– ماشي ياآسر، وانا جاي هجيبلك حاجة حلوة
– عايز بسكوت بالعجوة
فتأفف ” قاسم” قائلًا :
– تاني بسكوت بعجوة؟ انت بتخلص منهُ علب ياآسر شوف حاجة تانية
فتذمر ” آسر” و :
– ماليش دعوة أنا اللي هاكل
– خلاص ياعم متتعصبش، هجيبلك اللي انت عايزهُ.. بس أقفل عشان عندي شغل
– ماشي، سلام

ثم أغلق الهاتف، لتنفتح موجة مستمرة من الضحك، راقبها ” أنس” وهو يتسائل :
– في إيه ياخالي، آسر عايز إيه؟
فتابع ” قاسم” ضحكتهُ وهو يقول :
– كان بيفتن على امه واختهُ، واضح كدا ان عندنا زوار ياأنس

………………………………………………………………….
تعمقت ” أفنان” في متابعة أحد المسلسلات التركية الشهيرة ذات الطابع الرومانسي البحت.. سعدت بإعتراف البطل للبطلة بحبهُ الشغوف لها، وانشرح صدرها لمجرد مشاهدة تلك المشاهد العاطفية، لـ تستمع إلى صخب هاتفها وهو يرن.. نظرت لشاشتهُ لتجد رقمًا غريبًا يتصل بها، فـأجابت على الفور :

  • ألو
  • طبعًا رديتي عشان رقم غريب!

اضطرب داخلها وشعرت بشئ من الحنين على أثر سماع صوتهُ.. ولكنها ضبطت انفعالاتها وهي تردف :
– أزيك ياعمر
فصاح بها هادرًا :
– انتي بتتهربي مني ليه من امبارح، وكمان عملتيلي بلوك! في إيه ياأفنان فهميني؟
استجمعت شجاعتها وهي تردد :
– عمر احنا مش هينفع نتكلم تاني، علاقتنا دي كانت غلط من الأول
فقال ساخرًا :
– دلوقتي بس حسيتي انها غلط؟، كان فين الكلام دا من زمان

أخفضت رأسها وهي تردد بحزن بيّن :
– عشان مكنتش مدركة إني بخون ثقة أهلي، انت وعدتني لما السنة دي تخلص هتيجي تتقدملي.. تعالي وانا هقنع بابا وماما بيك

ارتبك على الفور وهو يقول :
– انتي عارفة ان فاضلي سنة كمان غير دي.. ومش هينفع اعمل اي حاجة قبل ما اتخرج
فـ ابتسمت ساخرة من سذاجتها وردت :
– بس انت كمان مقولتش كدا من الأول ، عموما انا شيلت الموضوع من دماغي، ولو عايزني تعالى أتقدم لبابا
– يعني إيه الكلام دا، بتمسكيني من إيدي اللي بتوجعني ؟
– لأ، بس خلاص مبقتش متحملة أكذب وأخبي أكتر من كدا، من فضلك متكلمنيش تاني

فـي هذه اللحظة أظهر أنيابهُ الزرقاء ذا السم القاتل لها، عندما أيقن أنه خسرها تمامًا.. فتوعدها قائلًا :
– طب استلقي وعدك مني بقا ياحلوة
فتسائلت بصفو نية :
– يعني إيه؟
فضحك بمكر داهي وهو يقول :
– يعني إيه دي هتعرفيها بعدين

ثم أغلق الهاتف فجأة، لم تتفهم حقيقة تهديدهُ لها ولم تبالي له أيضًا.. فقد تخلصت من مشقة حمل ثقيل للغاية يجثو على عاقتها، على الأقل ستواجه والدتها بالحقيقة بكل راحة الآن..
…………………………………………………………………

كانت السكرتيرة قد تلقت الأمر بالسماح لزوجتهُ وابنتهُ بالدخول مباشرة دون استئذان.. فرضخت للأوامر..
ولجت ” حور” علي زوجها فجأة، فـ تظاهر بإنه لم يكن على علم بذلك، نهض وهو يرمقهن بغرابة وتسائل :
– الأم وبنتها سوا هنا! اللهم اجعلهُ خير

ووقف متصلبًا لإستقبالهم، أجلس زوجتهُ وجاورها في جلستها.. ثم همس لها :
– عاملة إيه ياحورية؟
فأرادت بملئ أرادتها أن تتناسى كُل شئ في هذه اللحظة لترد بـ :
– بقيت كويسة لما شوفتك
فأمسك كفها ليطبع قُبلة على ظهرهُ، ثم تابع :
– خلاص اتصالحنا يعني؟
فـ ابتسمت بوداعة واستطردت :
– وهو احنا كنا زعلانين أصلًا؟

كانت ” ياسمين” توزع نظرات غير مصدقة عليهم، فهذا والدها الذي لا يظهر سوى الحدة والغلظة في التعامل.. انحني الآن لمصالحة والدتها، حمحمت بتحرج وقالت :
– أنا موجودة، مش شفافة أكيد يعني

فـ انتقلت نظرات ” قاسم” إليها وهو يقول :
– قومي اطلبي حاجة تشروبها بالتليفون ياأميرة أبوها

نفذت أمر والدها، ثم عادت لتجلس.. أرادت أن تسأل أين هو هذا الأحمق الذي تعشقهُ، ولكنها امتنعت عن ذلك.. ارتشفت مشروبها حتى آخرهُ، وكأنها بحاجة أكثر للسكريات.. حتى قطع ” أنس ” هذه الجلسة بدخولهُ المفاجئ، لتعلق عيناه على مدللتهُ.. فـ غزت الإبتسامة محياه وهو يهتف :

  • البـرنسيس العنيدة ، نورتي شركتنا
    فتلوت شفتيها بضجر وتمتمت :
  • أهلًا بـ الجبل الجليدي

تجاهل كلماتها المقصودة واقترب من ” قاسم”، انحنى بجسدهُ وهو يهمس بصوت التقطتهُ آذان” حور ” :
– زرين بـرا وعايزة تشوفك شخصيًا
– بس إحنا خلصنا كل حاجة امبارح؟
– مش عارف، مقالتش حاجة

نظر حيال زوجتهُ وابنتهُ، ثم عاود النظر لـ” أنس ” :
– دخلها مكتبك وانا هاجي

فـ استأذن” أنس ” وانصرف، ومن خلفهُ خالهُ أيضًا عقب أن تركهن وحدهن في مكتبهُ..
نظرت” ياسمين” لوالدتها متعجبة موقفها الهادئ، وعجزت عن كبح صوتها المزمجر :
– ماما، انتي جيباني هنا عشان أتغاظ؟

نظرت ” حور ” لساعة الحائط ثم :
– أكيد لأ، قومي معايا

ثم نهضن وسارت ” ياسمين” معها دون أن تسأل، فسألتها والدتها :
– تعرفي فين مكتب أنس
– أه
– طب وديني عنده

فـ اصطحبتها إليه، كان اجتماعًا مغلقًا لم تود ” حور” اقتحامهُ.. حتى إنها رفضت إبلاغ ” قاسم” بوجودها، جلسن في غرفة الإنتظار برفقة السكرتيرة.. قرابة الربع ساعة، حتى انفتح الباب وظهرت من خلفهُ ” زرين” وهي تضحك ضحكة مرتفعة.. رمقتها ” ياسمين” بتفحص من رأسها وحتى أخمص قدميها، فـ اشتعلت الغيرة بداخلها رغم كونها جميلة أيضًا.. دنت ” زرين” منهن وهي تنظر بإتجاه ” حور” ورددت :

  • مرحبًا
  • أهلًا
    قاسم وهو يفرك لحيتهُ بقلق :
  • كنتي استنيتي في مكتبي أفضل ياحور
    حور ومازالت عيناها على تلك الخبيثة :
  • مش مهم ياحبيبي

دنت منها ” ياسمين” وهي ترسم بسمة سخيفة على ثغرها.. بسطت يدها ولمست خصلات شعر ” زرين” ثم قالت مبدية إعجابها :
– شعرك جميل أوي
فرفعت الأخيرة رأسها بغرور وقالت :
– أوه، Thanks a lot

أشتبك مقبس سوار ” ياسمين” بشعر ” زرين”.. وعندما سحبت كفها انسحبت معها بعض خصلات” زرين ” لتصرخ متألمة :
– أوه، ما هذا الهراء؟
ياسمين وهي تبدي اعتذارها عن فعلتها المقصودة والمتعمدة :
– سوري، ثواني أفك الإنسيال من شعرك

فجذبت شعرها بقوة عمدًا وكأنها تود إجتثائهُ، لاحظ ” أنس” عنفها.. وشعر إنها تعمدت ذلك ولكنهُ لم يتدخل، فأردف “قاسم” بإنزعاج :
– أجيبلك مقص ياياسمين!

فصاحت ” زرين” بهلع :
– مــاذا ؟ لالا، ستحاول إنتزاع هذا اللعين دون الحاجة لمقص أو ما شابه
حور :
– أنا هساعدك ياياسمين، وريني كدا

جذبت ” حور” رأس ” زرين” بعدوانية واضحة، فصرخت الأخيرة بتألم عقب أن استشعرت نواياهم المتوارية.. فقالت بنبرة صادحة :
– أتركوني، سـ أحل الأمر بنفسي، فقط أتركوا رأسي لقد أُصبت بـ الصداع

فلم تتوقف أيًا منهم عن جذب خصلاتها بنية إنهن ينتزعن السوار الذي تشابك بشعرها، ولم تكف هي عن الصراخ فيهن، وازداد العنف حتى انتزعت ” ياسمين” خصلتين كثيفتين من رأسها ألتصقتا بسوارها و…………………………………………….
…………………………………………………………..

error: