رواية عهد جديد للكاتبة ياسمين عادل

^^ عـهد جديد ^^

(( الفصل الخامس عشر ))

وضع “قاسم” بفطنتهُ بعض التخمينات لإستكشاف ماهية اللعبة المتدنية التي تُحاك من خلف ظهرهُ عقب أن استمع لتسجيلات “أنس” الصوتية التي أرسلها لهُ .. ولماذا أضطر شخصًا مثيل “إستيـڨان” لمثل هذه التصرفات الطفولية التي لا تمت للمبادئ بصلة، وللأجابة على هذه التساؤلات التي راودتهُ عليه التصرف بشكل سريع ومتحفظ.
أنزعج “رائف” لهذا الأمر المفاجئ له، وبرر ذلك بـ :

  • أنا كان ورايا حجات كتير جدًا في مصر، إزاي هتبعتني أمريكا كدا فجأة؟

فكانت الإجابة تتخذ شكلًا حازمًا بما يكفي ليجعلهُ يرضخ :
– هتعرف أساس شركتهم وشركائهم وهما مين في الوسط وآخر مرة ظهروا في أمريكا أمتى وأسمائهم حقيقية ولا مستعارة، وشركتهم مرخصة ومفيش عليها أي إدانة ولا لأ

“انس” :
– بس إحنا عاملين دراسة شاملة عنهم قبل التعامل وكل الأسئلة دي أجاباتها موجودة

رسم “قاسم” حلقة صغيرة على صفحة بيضاء فارغة، ثم قال :
– في حلقة واقعة مننا، مكانها هناك مش هنا.. عشان لو كل اللي جمعناه عنهم صح، مستحيل يكذبوا كذبة زي دي

ثم نظر بإتجاه “رائف” وتابع :
– فهمتني يارائف ؟

أومأ الأخير رأسهُ بإقتناع وقال :
– فهمت، في أقرب وقت هتلاقيني جاهز

وقف “قاسم” عن جلستهُ و :
– يومين بالظبط وتكون في الطيارة.. أنا جهزت كل حاجة مع أماني في التليفون وهي هتحجزلك تذكرة ذهاب وعودة.. وهناك هتلاقي حبايبنا كتير هيساعدوك تخلص مهمتك بسهولة

نهض “أنس” وهو يتسائل بفضول :
– رايح فين ياخالي؟ مش خلاص الأجازة خلصت

ذمّ “قاسم” شفتيه بإمتعاض وردد :
– للأسف

أندهش “أنس” لحالتهُ ونطق بـ :
– للأسف!
– أنا جيت هنا عشان أخلص من موضوع إستيـڨان دا، إنما المفروض أبقى في البيت دلوقتي.. سلام

وانصرف من بينهم غير عابئًا بأمور العمل.. معتبرًا إجازتهُ مازالت ممدودة.

………………………………………………………..

كانت “حور” تنفرد بحجرتها.. حيث انشغلت بالكتابة في تلك المذكرة الصغيرة واعتصرت ذهنها في التفكير أثناء ذلك، ليقطع “قاسم” خلوتها بطلّتهُ وهو يدلف للحجرة قائلًا :
– أنا جيت، بتعملي إيه؟

فـ ابتسمت بحبور وهي تجيبهُ :
– بحضر الخطبة اللي هقولها في حفلة إستقبال الدفعة الجديدة من أولى ثانوي بعد أسبوع

أغلق الباب خلفهُ ثم أوصدهُ بالمفتاح وهو يردد :
– مش وقتـهُ خـالص

قرع “آسر” على الباب بإنزعاج شديد وهو يصيح :
– أنت بتقفل الباب عليكوا ليه يابابا، مش كفاية خدتها مني يوم ويوم ويوم ويوم، يعني أربع أيام

منعت “حور” إبتسامتها من الطفو على سطح وجهها، بينما عاد “قاسم” يفتح الباب وهو يتأفف متبرمًا من مشاركة هذا الصغير لزوجتهُ الحبيبة.. وما أن انفتح الباب حتى مرّ منهُ شئ صغير بسرعة البرق متوجهًا نحو الفراش، أتخذ وضعيتهُ في أحضان والدتهُ التي افتقد وجودها كثيرًا، ثم قال ساخطًا :

  • أنا اللي هنام مع ماما النهاردة عشان وحشتها، هي قالت كدا

تلوت شفتي “قاسم” وهو يسألها بإقتضاب :
– أنتي قولتي كدا؟

فأجاب “آسر” نيابة عنها :
– آه قالت، مش انتي قولتي ياماما؟

هزت رأسها بصمت، ثم غمزت بنصف عين لهُ ليتفهم رغبتها في إرضاء الصغير وإمتصاص غضبهُ عليهم.. فتنهد وهو ينطق بـ :
– ماشي ياآسر، خليك انت مع ماما

تهيأ الصغير للنوم والإبتسامة بازغة على وجههُ، ونطق بـ :
– اقفل النور والباب وانت خارج يابابا

ثم لوح لهُ في الهواء وهو يختم حديثهُ :
– تصبح على خيـر

صفق “قاسم” الباب بعنف وهو يهمس بين خلجات نفسهُ :
– حتة مفعوص زي دي يخرجني أنا برا أوضتي! دا محدش أتجرأ وعملها في حياتهُ

تحرك نحو الدرج ليكون بالطابق الأسفل، فلمح غاليتهُ “أفنان” تقف منكسة رأسها تنتظر مواجهتهُ.. تبدلت ملامح وجههُ والتفت ليسير بالإتجاه المعاكس، ولكنها ركضت نحوهُ وهي تقول بشوق ملأ صوتها :
– بابا، أسمعني لو سمحت

توقف عن السير ومازال موليها ظهرهُ، فوقفت خلفهُ مباشرة وقالت بصوت امتزج بأنين البكاء :
– أنا حوريتك الصغيرة، معقول هتفضل زعلان مني كل دا؟

لم يجيبها، وإنما بداخلهُ تسعّرت النيران.. فتابعت هي كوسيلة ضغط على أوتارهُ :
– أنا عارفه إني غلطت، بس أعمل فيا أي حاجة بس متعاقبنيش بـ سكوتك يابابا أرجوك.. قول أي حاجة

جف حلقهُ وتعطش جسدهُ لشرب المياه.. حكّ عنقهُ بإنفعال وحمحم بخشونة قبيل أن يردف بصوت آلمها :
– مكنتش عايز غير إنك تفضلي غاليـة، لكن انتي اللي رخصتي نفـسك بنفسك

ومضى ليسلك الإتجاه الآخر نحو الأسفل، تاركًا إياها لتغرق في بحور دموعها النادمة من جديد.. كتمت شهقاتها وهي تجرّ ساقيها نحو غرفتها، فقد اختار لأجلها عقابًا قاسيًا لم ينتهجهُ معها بتاتًا.

فتياتهُ نهمن من دلالهُ ما لم يرى أحدًا.. ولكنهُ في الإخطاء قلما يسامح، تعلم منهن الغفران واعتاد أن يلين لهن الحبل قليلًا.. ولكن مع سقوطها فريسة لهذا الثعلب الغادر تناسى أمر المسامحة، وتذكر فقط كيف إنها استهانت بحق نفسها گأنثى خُلقت لتكون فقـط غاليـة.

……………………………………………………………
انشغلت “ياسمين” بمتابعة المسلسل التركي ذا الطابع الرومانسي.. وهامت مع تلك اللحظة الشاعرية الآسره التي ودتّ لو إنها تعيشها الآن، قبّل بطل المسلسل حبيبتهُ قُبلة عميقة، فـ أخفضت “ياسمين” رأسها بخجل وازدادت إبتسامتها إتساعًا.. وكأن طيورًا زقزقت فوق رأسها الآن، رفعت رأسها لتستكمل المتابعة وهي تنطق بهيام :
– هو ليه أنس جبلة كدا؟

قطع أحلامها صوت رنين هاتفها الصاخب.. فـ انعقد حاحبيها بإنزعاج وهي تلتقطهُ وتجيب :
– ياشيخة حرام عليكي فصلتيني

فطنت “رهف” لما تفعلهُ صديقتها، فضحكت وهي تقول :
– أكيد خدتك من المسلسل صح؟

تقوست شفتيها بإنزعاج وهي تجيب :
– أه، لسه كان هيعترفلها بالحقيقة دلوقتي

تنهدت “ياسمين” وهي تسألها :
– هو ليه مفيش من الإبطال دول في الحقيقة؟

فسخرت منها صديقتها وهي تردد :
– طب على الأقل انتي بتحبي واحد ودايبة فيه وهو بيحبك، إنما السنجلة اللي زيي تقول إيه؟

انتبهت “ياسمين” لتلك النقرة التي غفلتها.. وقالت :
– تصدقي أنس عمرهُ ما اعترفلي إنهُ بيحبني؟

لم تصدقها “رهف” وكركرت بأعلى صوت لها وهي تقول :
– ياشيخة، بجد!.. أفتكري بس تلاقيكي ناسية

فـ احتد صوتها وهي تقول :
– لأ مش ناسية أنا متأكدة
– أمال عرفتي إزاي إنه بيحبك؟

صمتت ولم تجد الإجابة المناسبة عليها، ثم استطردت :
– معرفش
– يابنتي حركيهِ ناحيتك شوية، خليه يغير عليكي مثلًا

سئمت “ياسمين” هذا الحوار الذي أفسد مزاجها الجيد.. واختلقت كذبة كي تتهرب من حديثها قائلة :
– أنا هقفل عشان ماما عيزاني، سلام

أغلقت هاتفها وأغلقت التلفاز أيضًا.. وتحركت لتغادر غرفتها وعقلها دائبًا بالتفكير، إن كان بالفعل يُحبها.. لماذا لا تعيش قصة حُب حقيقية معهُ؟
هي تعشقهُ وحتى أصغر تفاصيلهُ، ولكن كونها العضو الوحيد الفعال في هذه العلاقة شيئًا قاسيًا، تنتظر منهُ ما هو أعتى من خوفهُ عليها وحفاظهُ على أمانها.. تحتاج أكثر من نظراتهُ الدافئة، ربما إعترافًا يذيب هذا الجليد، ولكنهُ لم يفعل.
جلست بأريحية شديدة على أرجوحتها بالحديقة ، تتمايل بها ليلامس الهواء العليل بشرتها البيضاء ..
مازالت تُفكر في حديث رفيقتها الذي حُفر في عقلها ودونتهُ جيدًا كي لا تنساه ..
فهي تعلم جيدًا بأن ” أنس ” شخصية مُنفعلة ، مُكتسب غالبية سمات خالهُ ” قاسم ” ، ولا تضمن رد فعلهُ إتجاه فعلتها إن فعلت وحاولت إثارة غيرتهُ ..
تنهدت بسأم ونفضت عن رأسها تلك الفكرة، ثم رفعت بصرها لتصطدم برؤيتهُ .. كان يقترب منها بخطوات واسعة حتى إنهُ جلس بجوارها لتتوقف حركة الأرجوحة ..
فـ ذمت شفتيها بإستنكار وقالت :

  • وقفت المرجيحة!
    “أنس” وهو يلتفت برأسهُ لينظر إليها بنظرات شملت وجهها :
  • عادي يعني ، أصلًا بقالك كتير قاعدة بتتمرجحي

عقدت ساعديها سويًا وهي تُحيد بصرها عنه ، ثم هتفت بإعتراض :
– حتى دي هتدخل فيها وتقولي لأ
“أنس” :
– في حاجة ياياسمين ؟!
“ياسمين” وهي تقوس شفتيها بإنزعاج :
– لأ ، عادي

أعتدلت في جلستها لتكون في مواجهته، فسلط أنظارهُ عليها منتظرًا الحديث الهام الذي ستتفوهُ بهِ .. إلى أن صدمتهُ بسؤال مباشر :

  • أنس ، ليه مش بتقولي كلام حلـو ؟

أرتفع حاجبيهِ بذهول وما زالت عيناه مسلطة عليها غير مدرك ما قالتهُ للتو .. بينما بادرت هي بمتابعة حديثها وهي تجفل بصرها بإستحياء :
– يعني عارفه أنك بتحبني ، بس ليه متقوليش بـحـبك؟
– أفنـدم !

مازال محدقًا فيها وهي تتابع مسيرة حديثها ..
إنها تكبر وتتطلع لما هو أكثر من وجوده جوارها ..
أصبحت فتاه شابة جميلة لها رغبات رومانسية بحتة ..
أثار حرجها بكلمتهُ الأخيرة ، ولكنها لم تخجل في طلبها منه لتقول بصيغة مباشرة :

  • قولـي بحبك!
  • أقولك بحبك ؟ إيه المياعة دي ؟

قالها بشئ من الحدة، وتابع حديثهُ :
– أكيد صاحبتك اللي بشوفها معاكي دي هي اللي بوظت دماغك كدا

لمح القطعة الثالثة لمنامتها على الأرجوحة ، فألتقطتها وأعطاها إياها وهو يردد بلهجة آمره :

  • ألبسي ده وقومي نامي ياماما ، قومي نامي عشان الهوا شكله شديد عليكي

كزت على أسنانها وهي تجذب ثوبها بعنف ، ثم قالت من بين أسنانها :
– ماشي ياأنس ، براحتك

نهضت لتسير بإتجاه القصر بخطوات سريعة، ولم تتوقف عن التحدث مع حالها قائلة :

  • طبعًا وانا هستنى منك إيه يعني ! هي ماما كان عندها حق .. النسخة الهاي كوبي من بابا بالظبط ، ماشي ياأنس .. والله لـ أخليك تقولها يالوح التلج أنت

راقبها “أنس” حتى اختفت بالداخل، ثم ضرب كفًا بكف وهو يردد غير مصدقًا :
– قال عيزاني أقولها بحبك ونقعد نسبل في بعض !

أخفض نظراتهُ وتابع :
– البت دي أكيد بتفسد دماغها
……………………………………………………………

استيقظ “قاسم” صباحًا على صوت قرعات متتالية على باب حجرتهُ.. فتح جفونهُ بتباطئ ليجد الشمس قد أشرقت، تأفف بإنزعاج وهو يهمس بـ :
– وبعدين بقـى في القرف دا على الصبح!

حرك رأسهُ يمينًا ليجدها تنام بعمق على ذراعهُ، ومازالت القرعات مستمرة.. سحب ذراعهُ من أسفل رقبتها برفق، ثم نهض مندفعًا نحو الباب ليفتحهُ فجأة وقد بدت ملامحهُ صارمة للغاية.. ليجد “آسر” وعلى وجههُ تعابير ممتعضة وهو يردف :
– مين اللي نقلني من جنب ماما بالليل؟

فـ انحنى “قاسم” ليكون موازيًا له، وبعينان قناصتان ارتكز على حدقتيه وهو يردد بثقة :
– أنا، في حاجة ياأسد؟

تراجع “آسر” خطوة للوراء خوفًا من نظرات والدهُ، ثم همس بصوت خفيض :
– لأ مفيش، أنا بسأل بس

ثم انسحب الصغير بهدوء عائدًا نحو غرفتهُ عقب أن هاب والدهُ، بينما دلف “قاسم” مرة أخرى لغرفتهُ وانتقل نحو المرحاض وهو يغمغم :
– لازم يعني العين الحـمرا!

لم يرغب في إزعاجها عقب ليلة أمس التي قضياها سويًا، فذهب لمقر شركاتهُ مباشرة لمتابعة الأعمال التي غاب عنها طوال الأيام السابقة..
ارخى رأسهِ على المقعد الجلدي وهو يقول :
– أطلبلي الشاي بتاعي ياأنس

ترك “أنس” ذاك الملف من يدهُ ورفع سماعة الهاتف ليقول :
– هاتي الشاي الأخضر بتاع خالي وانا قهوة مظبوط ياأماني

ثم وضع السماعة ووقف عن جلستهُ ليقول :
– أنا هراجع الملف دا في مكتبي وبعدين أجيلك ياخالي
– ماشي

عدة دقائق ودلفت “أماني” وهي تحمل كوب الشاي الأخضر الخاص بـ “قاسم”.. وضعتهُ على سطح المكتب وهي تقول :
– أتفضل يامستر قاسم

فسألها :
– رائف فين؟
– مستر رائف خد أجازة النهاردة عشان طيارتهُ بكرة الصبح

في هذه اللحظة تحديدًا.. ولجت”زريـن” بخطوات متثية مختالة ورمقتهُ بنظرات عابثة وهي تهتف :
– صباح الخير سيد قاسم

تبدلت تعابير وجههُ بشكل لم يستطع السيطرة عليهِ.. وبلهجة محتدمة ونبرة ارتفعت قليلًا قال :
– أنتي دخلتي هنا إزاي؟ فين السكرتيرة اللي برا؟
– لم أجد من أسألهُ للدخول، عذرًا
– أخرجي انتي ياأماني

ثم رفع سماعة الهاتف ليتصل، ولكن لا يوجد من يجيب.. نهض بنفسهُ وغادر غرفة المكتب ليجد سكرتيرة مكتبهُ غير موجودة بالفعل، ضغط على فكيهِ بإنفعال جلي وعاد يدخل مرة أخرى ليحدث أحدهم :
– أيوة، شوفلي فين سكرتيرة مكتبي، واخصم منها 10 أيام

ثم أغلق الهاتف وعاد ينظر إليها متجهمًا ليجد علامات التعجب على وجهها وهي تقول :
– لم أكن على دراية بأن تصرفي التلقائي سيزعجك لهذا الحد؟
– مش بحب عدم المسؤلية، الموضوع مش متعلق بيكي

ثم استقر على مقعدهُ وهو يسألها :
– خير؟ سمعت إنك سألتي عني في غيابي

ابتسمت بتصنع وهي تقول :
– أردت مشاورتك في أمر مهم يخص العمل
– أتفضلي

  • ألن تضايفني شيئًا؟

أكفهر وجهه وهو يرفع سماعة هاتفهُ من جديد ليطلب لها مشروبًا :
– واحد قهوة زيادة

لاقت “حور” ترحيبًا شديدًا بمجرد وصولها لمقر الشركة عقب التعرف عليها منذ المرة الأولى.. كانت مثالًا للمرأة الجميلة الأنيقة التي تناسب رجل أعمال مثيل زوجها.
ما أن رأتها “أماني” حتى تعرفت عليها سريعًا، حملقت عيناها وهي تهمس :
– ياخبر ابيض، دي زرين موجودة عند مستر قاسم دلوقتي؟

هرولت مسرعة نحو الأعلى حيث مكتب رئيسها المباشر “أنس” لتخبرهُ بما سيحل بـ السيدة “زرين” إن لم يلحق بالأمر.. قفز “أنس” عن مجلسهُ وهو ينطق غير مصدقًا :
– مرات خالي هنا دلوقتي؟
– أيوة، و Mrs زرين كمان عند مستر قاسم

أسرع ليلحق بها قبل أن تقع هذه المواجهة الغير مطلوبة، فأمسك بها قبيل أن تمر بالردهة المؤدية لغرفتهُ.. ونادى عليها بنبرة معقولة :

  • طنط حور

ثم اقترب منها وهو يقول :
– نورتي الشركة، في حاجة حصلت ولا إيه؟

فـ ابتسمت بلطف وأجابت :
– لأ مفيش، قاسم نسي الملف دا على السفرة وانا جيت أديهولهُ

وكادت تنتقل بخطاها، إلا إنه استوقفها مرة أخرى و :
– طب إيه رأيك تاخدي القهوة بتاعتك الأول وبعد كدا نرجع لخالي؟

ترددت كثيرًا ما بين القبول والرفض، فهى بالأصل ابتدعت الحجة كي تأتي لرؤية زوجها وسط ساعات النهار.

_ في نفس التوقيت :
نهض “قاسم” عن جلستهُ واستدار حول المكتب وهو يقول بفتور شديد :
– يعني انتي جاية عشان كدا! عايزين ترفعوا قيمة الشرط الجزائي لضعفين قيمته؟
– بالضبط ياعزيزي قاسم، سيكون ملائمًا للطرفين

فرد بحزم شديد رافضًا حديثها :
– آسف ، يعني sorry يامدام.. الأوبشن دا مش متوفر عندي

وقفت عن جلستها واقتربت منهُ وهي تتغنج في حديثها :
– أنا على دراية كاملة بأسباب خوفك، لذلك أرجوك أن تنزع الشكوك من داخلك وتثق في عراقة شركاتنا.. لن يكون هذا المشروع الأخير بيننا، وستمتد سنوات التعامل طويلًا، لا تضع العثرات أمامنا لأجل أسباب تافهه

ثم قطعت المسافات بينهما نهائيًا لتصبح ملاصقة له تقريبًا، وطوقت عنقهُ بدلال محترف وهي تردد :
– ثق بي

أمسك بكلا ذراعيها المسنودتان على صدرهُ.. وكاد يدفعها عنهُ بإنفعال بربري عنيف، إلا أن “حور” فتحت الباب في اللحظة الغير مناسبة تحديدًا، لينتبهُ إليها “قاسم” قبل أن يدفع تلك المتآمرة عنهُ ليصبح في مكانة الزوج المُـدان..
كانت نظراتها المشتطة تتحدث عن سعير صدرها البركاني من مشهدهم الذي أضرم النيران من حولها و…………………………………..
…………………………………………………………..

error: