رواية عهد جديد للكاتبة ياسمين عادل

^^ عهد جديد ^^

( الفصل التاسع والعشرين )

مشط رجال الشرطة المزرعة وما حولها من قرية آل رسلان والقرى المجاورة بحثًا عن أي أثر يرشدهم لمكان “ياسمين”.. عقب أن وصلت الأوامر من جهات عُليا لضرورة الإهتمام بالأمر، فـ هي نجلة أحد أهم رجال الأعمال حاليًا..
ولكن مع استمرار بحثهم لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة لم يتم العثور على أي خيط يدلهم إلى مكانها، تمكن الجنون بالفعل منهُ.. خاصة عندما أبلغهُ ضابط المباحث بـ :

  • أي تطور هبلغ سيادتك بيه، لكن دلوقتي مفيش حاجة في إيدنا نعملها غير الصبر
  • صـــبــر! بقولك في واحـدة مخطوفة.. انت مبتفهمش؟

حمحم الضابط بنفاذ صبر وردد :
– أنا مقدر موقفك عشان كدا مش هاخد كلامك على محمل جادي.. عن أذنك

تجمعت أفراد الشرطة وانسحبوا جميعًا من المكان سوى فردين أخذوا مواقعهم أمام بوابة القصر ريثما يظهر أي جديد..
رن هاتفهُ، أخرجهُ ليجد “رائف” يُحدثه.. فأجاب و :
– إيـه يارائـف! ما يولع المصنع أكتر ماهو والع.. اتصرف انت مقدرش اسيب مكاني لأي ظرف.. ملقتهاش ودماغي هتنفجر! راحت فــين

لمح أضواء سيارة تقترب منهُ، تسلطت عيناه عليها ليجد “سراج” يترجل عنها ويتقدم منهُ، للحظة راودتهُ الشكوك بأن تكون تلك العائلة وراء ما حدث.. اشتعل رأسهُ أكثر وأكثر لمجرد التفكير في ذلك ودس هاتفهُ في جيب بنطالهُ.. ثم اندفع نحوهُ وهو يصيح بصوت مرتفع :

  • بتعمل إيـه هنا يا ****

وقبض على تلابيبهُ يكاد يخنقهُ، بينما دفعهُ “سراج” وهو يجأر بـ :
– أنا جاي اساعدك ياغبي

فصرخ به صراخًا مدويًا :
– تساعدني ولا تساومني؟!

فـ اندفع يعترف بما رآه ليجعلهُ يسكن قليلًا :
– أنا شوفت الناس اللي خطفوا ياسمين ومشيت وراهم كمان

لم يهدأ، بل أن الدماء تدفقت في عروقهُ حين تأكد إنها اختطفت.. تُرى ما حلّ بها الآن.. رمشت عيناه وهو يسرع بالتساؤل :
– فين، هما مين وشكلهم إيه؟ طريقهم فين.. أنــطق
– أنا هقولك اللي حصل

| عودة بالوقت للسابق |
مُنذ أربع ساعات كاملة من الآن..
كان “سراج” يقف مع رفيق لهُ بإتجاه مدخل قرية السلمانية.. عندما رأى سيارتين غريبتين يتجهن بإتجاه قرية آل رسلان، دقق عيناه بداخلهم ليجد رجالًا هيئتهم مريبة غير مبشرة.. فقال بلهجة يشوبها القلق :

  • داخلين يعملوا إيه هنا دول؟

فنظر رفيقهُ حيث ينظر هو ونطق بـ :
– تلاقيهم تبع قاسم ولا حاچه.. يلا نرچع بجى الوقت اتأخر

فقال بإرتياب :
– لأ دي مش عربيات قاسم، أنا عارف شكل عربياتهم.. وبعدين محدش منهم في العربية ولا هو ولا ابن اختهُ

التفت ليستقل مكانهُ خلف المقود و :
– أركب خلينا نطلع وراهم نشوف في إيه؟

ارتبك “ياسر” وهو يردد :
– ملناش صالح ياواد الناس خلينا نرچعوا بدل ما ندخل في عاركة مع ابن المركوب ده
– يــلا ياياسر

اضطر “ياسر” لمرافقتهُ والسير من خلف تلك السيارات الغامضة.. ليجدهن أمام بوابة القصر، سيارة خالية من الرجال والأخرى تراقب الأجواء.. توقف “سراج” عن مسافة مقننة وأغلق أضواء سيارتهُ ليراقب ما يحدث.. بينما تدخل “ياسر” بقوله :
– يادي اليوم الاغبر، ياسراچ قولتلك دول مع قاسم ما مصدقتيش

مضت دقائق عديدة ولا يوجد إشارة واحدة تفسر ما يحدث.. حتى بدأ “سراج” يقتنع بحديث “ياسر” وكاد يبرح مكانهُ، ولكن مشهدًا گالصاعقة ضرب عينه.. لتتسع عن آخرها وهو يهتف غير مصدقًا :
– بص بص ياياسر، بص على اللي بيحصل

كانت “ياسمين” تتلوى بين أذرع كلا الرجلين اللذان يحملاها.. حتى ضربها أحدهم على مؤخرة رأسها لتسقط بين أيديهم فاقدة الوعي، شهق “سراج” وتشنجت عضلاتهُ وهو يصيح :

  • ولاد الـ ****** الو *****

كاد يترجل عن السيارة ليُغيثها، ولكن رفيقهُ تمسك فيه بشدة ليمنعهُ وهو يهمس :
– هتعمل إيه يامچنون، دول چيش رچاله وانت لوحدك
– لازم نلحقهـا ياياسر، هتصل بـ أبوي يتصرف في رجاله ويحصلنا

كانت السيارات قد تحركت بالفعل و بسرعة شديدة أمامهم.. حينما اقترح عليه “ياسر” :
– مينفعش ياسراچ، إحنا نعرف مكانها الأول وبعدين نتصرف

وبالفعل سار من خلفهم مجاهدًا كي لا يلحظونهُ و……

| عودة للوقت الحالي |

توقف “سراج” عن الحديث في أهم نقطة.. فـصاح به “أنس” قائلًا :
– وبــعديـن سـكـت لـيه ؟

ذمّ شفتيهِ بإنزعاج شديد ورد بـ :
– ملحقتش أحصلهم ، هربوا مني
– يلعن أ ********و ****

استطرد “سراج” قائلًا :
– بس رقم العربية ومواصفاتها معايا

بصيص أملٍ وسط عتمة شديدة السواد.. خيط وإن كان رفيع ولكنهُ سبيلهم للوصول إليها، عبث “أنس” في هاتفهُ حتى اتصل بأحدهم و :
– أيوة، في نمرة عربية عايز أعرف كُل حاجة عنها

نظر لـ “سراج” و :
– قول النمرة

……………………………………………………………

ابتعد الجميع عن غرفة “قاسم” عقب أن هزت الأخبار أمنهم وزعزعت استقرارهم أمامهُ.. كانت “حور” في حالة لا يُرثى لها عقب أن علمت خبر اختطاف “ياسمين” عن طريق الصدفة أثناء التحدث لـ “رائف”.. ومن بعد ذلك حدثتهُ و :
– يعـني إيـــه ياأنـس ، بـنتـي راحت فـين! ؟ دا ابوها لو شمّ خبر هيخرب الدنـيا

كانت”أفنان” تبكي بمرارة.. لم تستطع التغلب على حالة البكاء الهيستيرية التي انتابتها، في حين فشل “عصام” أيضًا في تهدئة الأوضاع..
نظرت “حور” حولها وهي تجفف دموعها وتابعت :

  • أي حاجة تحصل كلمني طمني ياأنس.. ولو عايزين فلوس الدنيا كلها ادفعهالهم بس يرجعوا البنت سليمة

ثم أغلقت المكالمة وهي تولخ نفسها بشدة :
– أنا الغلطانة، إزاي أوافق واسمع كلامكم وابعتها معاه مصر ؟! ازاي!.. دا قاسم لو عرف هيسود عيشتي، استغفر الله العظيم يارب هنلاقيها منين ولا منين بس

“عصام” وهو يجوب المكان بناظريهِ :
– طب كفاية كلام عشان آسر جاي، وان شاء الله أنس قدها وهيعرف يتصرف

ضبط النفس في مثل هذه المواقف أمرًا غاية في الصعوبة.. ولكنهم مضطرين لفعل ذلك، فالصغير يملك عقلًا يتفوق على عمرهُ.. شديد الملاحظة وسريع البديهة، من الصعب أن يمرر الأمر هكذا دون تساؤل..
انتقلت “حور” لدورة المياه كي ترطب عيناها المحمرتين بالمياه وتعود لطبيعتها تفاديًا لملاحظة زوجها حالتها.

……………………………………………………………
الآن وقد أشرقت شمس صباح جديد، لم يهدأ في ليلهُ حتى وصل للقاهرة وبدأ في التجهيز لحملة من رجال الأمن للبحث عنها في مكان قد تكون فيهِ..
ترك هاتفهُ عقب أن أغلق المكالمة ونزع عنهُ رابطة العنق ونظر إليه وهو يسأل :
– عملت إيه؟

فقام بتقديم تقرير فوري عما حدث خلال الساعات السابقة و :
– إستيڨان ومراتهُ سايبين الفندق اللي كانوا فيه بقالهم يومين، وحاولت أوصل لأي خيط يوصلنا ليهم لكن فشلنا.. والعربيات متأجرة من معرض عربيات كبير أوي في (……) ، واحنا متابعين الإشارات المرورية عشان نرصد حركتهم
– امشي من قدامي

أيًا كانت هوية الخاطف، فلابد أن لهُ هدف وسيتواصل معهُ لتحقيق هذا الهدف.. زرع المكان ذهابًا وإيابًا، ليس ألمًا جسديًا فقط، بل ونفسيًا بالأكثر جراء ما يحدث من أحداث متوالية.. يُحمل نفسهُ مسؤلية ما حدث لها، فهو الذي لا يستمع لرغباتها يومًا.. اليوم قد حلّ ما حلّ بها بسبب رغبتها العنيدة في مرافقتهُ، رفع بصرهُ بإتجاه غرفتها وداخلهُ يتآكل قلقًا عليها.. ماذا يفعلون معها الآن؟ فهي أضعف تحمل أي شئ.
أضاء هاتفهُ برنين مرتفع ، وما أن لمح رقمًا غريبًا يتصل به أجاب على الفور و :
– ألو
– تسأل الآن أين هي وماذا حدث لها، أليس كذلك؟

هذا الصوت الذي يعرفهُ حق المعرفة تردد في آذانهُ، وقد تيقن من وجودها معهم.. بينما استطرد “إستيڨان” متابعًا :
– لا تقلق، إنها ضيفتي حتى يتم تنفيذ المشروع.. رجائي الوحيد أن تحافظ على حياتها ولا تقوم بأي تصرف قانوني قد يودي بحياتها للتهلكة

وبصوت هادئ يحمل نذير عاصفة ستقلب الأجواء رأسًا على عقب :
– ورحمة الغاليين، لو لمست شعره من راسها لأكون جايبك انت وأهلك وناسك وبلدك كلها تحت رجلي.. مش هيكفيني موتك يابن الـو*** يا *****

تفهم إنهُ سبابًا نابيًا يلقيهِ به.. ولكنهُ تجاهل ذلك وقال قبيل أن ينهي المكالمة :
– سأتواصل معك عن قريب

ثم أغلق الهاتف تمامًا.

……………………………………………………………

  • خلاص أهدى ياأنس، طالما سابوا ثغرة تقدر تدخلهم بيها.. اللي بتعمله دا مش هيحل المشكلة، لازم تهدا، طيب اللي تشوفه.. أنا لو كان ينفع كنت نزلت مصر لكن مقدرش اسيب الجماعة هنا لوحدهم.. تمام، سلام

انتظرت “أفنان” إنهاءهُ للمكالمة، ثم سألتهُ بتخوف ونبرة صوت مرتجفة :
– ها ياعصام، قالك إيه؟

تنهد “عصام” قبل أن يقول :
– الزفت اللي كان داخل مع عمي مشروع ولغاه في آخر وقت هو اللي خطفها عشان يضغط على أنس

شهقت “أفنان” عند ذكر هؤلاء، وقالت ونظراتها مشتتة :
– يعني ممكن يأذوها زي ما عملوا مع بابا؟
– لأ لأ، أنس أكيد هيلاقي حل

زحف “قاسم” بيمناه على الفراش حتى يعتدل في نومتهُ.. ثم سأل :
– ياسمين فين ياحور، بقالي يومين مشوفتهاش

ارتبكت على الفور رغم حرصها على الثبات الإنفعالي، ثم قالت :
– مرهقة شوية من جو ألمانيا فقولتلها ترتاح في الأوتيل أحسن
– بـــابــا، يابـابـا

كان صوت “آسر” يأتي من مسافة قريبة وهو يركض لداخل الحجرة.. لهث بأنفاسهُ حينما انتقلت “حور” إليه مهرولة وهي تسألهُ :
– في إيه ياآســر؟

كانت ملامح الصغير مذعورة وهو يقترب من فراش والدهُ ويصيح بصوتهُ الطفولي :
– ياسمين اتخطفت يابابا، الناس الوحشة اللي ضربوك خدوها

انتفض “قاسم” معتدلًا في جلستهُ رغم آلام ظهرهُ وساقيهِ.. في حين انقبض قلب “حور” متسمرة في مكانها عاجزة عن الحركة، بينما صرخ “قاسم” في الصغير متسائلًا :
– بتقول إيه ياآسر، جبت الكلام دا منين؟ اتكـلم

ارتجفت أطراف الصغير وهو ينطق :
– سمعت عصام وهو بيكلم أنس في التليفون وبيقوله ياسمين خدوها عشان الإتفاق

وسرعان ما انتقلت نظرات “قاسم” لزوجتهُ وصاح فيها بصوت متشنج :
– ياسمين فين ياحور؟؟

لم تستطع الرد، فقط بقيت واقفة مكبلة بالصمت.. مما أكد حديث الصغير.. تحولت نظراتهُ لجذوة من نار وهو يقول :
– بتكـــدبـي عــلـيا ياحــور ؟ بتكـــدبـي!؟

سالت دموعها وهي مطرقة الرأس و :
– أنا آ…. كُنت آ……
– بتضــيعي بـنتـي وتـكـدبـي علـيا ؟.. هاتي تلـيفونك، فـــين الـزفت ؟

فأشارت بأصابعها المرتعشة لينظر جانبهُ.. فإذا بالهاتف مسنود على الكومود، تحامل على نفسهُ واقترب ليسحبهُ.. وشرع بالإتصال به وقد وصلت الدماء لرأسهُ من فرط العصبية، حتى آتاه صوتهُ :
– بنتــي فــين ياسبع الرجـالة ؟

مجرد سماع صوت خالهُ يحدثهُ بهذه الطريقة كفيلًا بأن يدفعهُ لحرق الدنيا من أجل إيجادها، شلّ لسانهُ عن الحديث.. ولكنه أجبر نفسهُ ليقول :
– هترجع ياخالي، أنا بـ…..

لم يعطيه حتى فرصة الرد، بل انفجر به :
– ترجــع منين؟ هـي دي الأمــانـة اللي سلمتهالك؟.. بتستغـفـلونـي كلكوا !؟

كان صوتهُ مرتفعًا لدرجة أحضرت “عصام، أفنان” من الخارج مهرولين.. ليتسألوا :
– في إيه يا ماما؟

قالت بصوت خالجهُ البكاء :
– عرف الحقيقة

إتجه جميعهم لصوتهُ الذي كان گزئير أسد جريح :
– ماانت لو راجــل ماكنتش مشيت ورا كـلام الحـريم، لو راجـل مكنتش بنتي تضيع كدا وعالم حصلها إيه.. عـارف لو صابها حاجة، أنت مش هتعيش يوم واحد تـاني

ثم قذف بالهاتف ليرتطم بالحائط.. واستخدم ذراعيهِ كي ينهض عن الفراش، ولكن استوقفهُ “عصام” وهو يقول :
– رايح فين بس ياعمي؟

فصاح وهو يدفعهُ بعنف :
– أبعد عن طريقي، أنا نازل مصر دلوقتي حالًا.. تتصرف وتشوفلي طيارة ان شالله خاصة دلوقتي

خرجت “حور” بهلع تبحث عن طبيب لتجد “هيكتور” في طريقها و :
– Please help me, my husband is in critical condition
( ساعدني أرجوك، زوجي في حالة حرجة)

أسرع “هيكتور” بالدخول ليجد “عصام” مازال يكافح لمنعهُ من الحركة :
-Dr. Hector is trying to leave the hospital
( دكتور هيكتور إنه يحاول مغادرة المشفى)

فقال الطبيب وهو يشير للخارج :
– One of you calls the nurse, immediately
( أحدكم يستدعي الممرضة، حالا)

ثم قال محذرًا :
-Mr Kassem, I warn you for the last time you will have a stroke
( مستر قاسم، أحذرك للمرة الأخيرة سوف تتعرض لجلطة دماغية)

فقال بملء فمهُ :
– هسـافر يعني هسـافر

……………………………………………………………

تبعثر الوسط وانكسر كُل ما هو قابل للكسر.. فقد أطاح بكل شئ أمامهُ محاولًا التنفيث عن نيران صدرهُ المتأججة ولكن دون جدوى.. مرآة الغرفة والتلفاز والمزهريات وبلورات الأضاءة ، كل شئ تبعثر وأصبح المكان مُزريًا.. وفجأة استسلم لخدر ساقيه وسقط جالسًا، حيث فاضت عيناه بدموع صامتة.. ماذا إن فقدها، لم يعيش معها بعد.. حتى إنها لا تعلم كم يعشقها.. وهي تطايرت گذرات تراب من أمامهُ عينهُ ولم يستطع اللحاق بها..
هل لهُ حياه من بعدها؟ أبدًا.. إن ضاعت فقد ضاع هو أيضًا.

……………………………………………………………

فتحت عيناها لتصطدم برؤية مشوشة للغاية.. لا تتذكر أيًا مما حدث، تمر ومضات أمام عينيها عن حياه سابقة ومواقف عايشتها بالفعل.. ولكنها مازالت لا ترى شيئًا، شعرت بوخزات تضرب رأسها.. فمدت أصابعها تتحسس هذا الألم، استشعرت سائل دافئ يلامس كفها.. فنظرت لتجد لونًا قاتمًا وكأنهُ دماء، جحظت عيناها برعب وبدأت تتذكر هجوم أولئك الرجال على غرفتها ومحاولتهم الشرسة لخطفها.. تحسست بديهيًا ملابسها واعتدلت في جلستها لتنظر حولها بخوف شديد ، فهي فتاه دون خبرة حياتية بأي شئ.. ضمت ذراعيها لصدرها وتحاملت على نفسها لتنهض، فتفاجئت بثلاث رجال يجلسون حول طاولة خشبية مهترئة.. يحتسون شرابًا غريبًا، ازدردت ريقها وهي ترمقهم بتفحص.. حتى لاحظها أحدهم، فـ اتسعت شفتاه ببسمة بلهاء وهو يصيح :

  • الملاك صحي أهو، ياأهلًا وسهلًا

ثم نهض عن جلستهُ متوجهًا نحوها.. ومن خلفهُ رفقائهُ الذين آكلاها بعيونهم الجريئة التي ارتكزت على مفاتن جسدها الأنثوي المتخفي أسفل ملابسها..
تكاد تُجزم إنها ترى الآن ثلاثة رؤوس لذئاب بشرية يتهافتون على افتراسها وليسوا بشرًا.. تراجعت خطوات متعثرة للخلف، وهي تقول بفزع جلّ في صوتها :

error: