رواية عهد جديد للكاتبة ياسمين عادل

 

^^ عـهد جديد ^^

(( الفـصل السـادس عـشر ))

أسرعت “زرين” بسحب ذراعيها واصطنعت التوتر والإرتباك وكأنها تحاول إدانتهُ بفعل مُشين. 
أطبق “قاسم” جفونهُ بحنق شديد عقب دخول زوجتهُ المفاجئ في هذه اللحظة تحديدًا منتظرًا لحظة الهجوم.
تقدمت “حور” ببرود شديد ناحية زوجها وهي تقول :
– صباح الخير ياحبيبي

ثم وقفت على أطراف أصابعها أمامهُ لتقترب من طولهُ.. جذبتهُ نحوها لتضع قُبلتين على وجنتيهِ، فـ ابتسم بلطف وأجاب :
– صباح النور ياحورية

ثم مدت لهُ المستند وهي تقول :
– أنت نسيت الملف دا الصبح وانا جيبتهولك بنفسي

فـ التقطهُ منها وقال بإمتنان شديد :
– شكرًا ياحبيبتي، أنا فعلًا كنت محتاجهُ

تدخلت “زرين” في هذه اللحظة لتقول :
– سأنصرف الآن وأعاود التواصل معك سيد قاسم

فحدجتها “حور” بوداعة مصطنعة وهي تقول :
– بس إحنا لسه مشربناش حاجة سوا
– في المرة القادمة

ثم تحركت نحو المقعد لتسحب حقيبتها، ولكنها تعثرت في قدم “حور” التي وضعت أمامها عمدًا لتسقط على ركبتيها بوضع محرج للغاية.. صرخت “زرين” وهي تقول :
– اللــعنة

كاد “قاسم” يساعدها في النهوض، ولكن وقفت زوجتهُ تناظرهُ بعينيها فعاد عن خطوتهُ.. وتركا تلك الشقراء تحل أمور نفسها بنفسها، حيث قالت “حور” بنبرة آسفة مزيفة :
– l’m so sorry

وقفت “زرين” تضبط بنطالها الضيق وكنزتها الفستقية العارية.. ثم خرجت وعلى وجهها حُمرة غاضبة لتيقنها من تعمد “حور” إسقاطها..
ظلت “حور” على وضعيتها الواقفة وذراعيها معقودتان أمام صدرها، وقد تجلى الإمتعاض على ملامحها مما رأت.. تنهد “قاسم” وبادر الحديث بـ :
– حور، أنا…..

قاطعتهُ وهي تقول بثبات :
– المشكلة إني عارفه جوزي كويس، مش بتاع ستات ولا بيحب صنفهم

ثم نظرت حياله واستطردت :
– حتى لما فكر يتجوزني مكانش طمعان في أنثى، لو مكنتش عرفاك كويس كان رد فعلي هيكون رد شعبي متخلف

تنفس براحة عقب أن قالت كلماتها العاقلة، وسحبها بلطافة ليجلسها أمامهُ على المقعد وهو يردد :
– أنا مش عايزك تحطيها في دماغك خالص و….
– قاسم
– نعم!

استجمعت عقلها ثم قالت بجدية :
– المشروع دا يتلغي، إحنا مش محتاجينهُ

ارتكزت عيناه على عيناها بصمت قبل أن يبتر هذا الصمت ليقول :
– أنا لسه كنت بقول عليكي عاقلة

فقالت بحزم شديد :
– ماهو عشان أنا عاقلة بقولك ألغي المشروع دا، أنا مش هسمح واحدة ملونة زي دي تكون جمبك ثانية واحدة

بدأ يضجر من تماسكها برأيها ولكنهُ لم يفصح عن ذلك، بل اجتهد ليكون هادئًا عكس طبيعتهُ المتعصبة :
– مينفعش، لكن أوعدك اللي حصل مش هيتكرر تاني

وقفت “حور” عن جلستها وتعالت نبرتها قليلًا وهي تضعهُ بين المطرقة والسندان :
– مش هستنى مرات تانية، ياانا ياالمشروع دا ياقـاسم

فوقف هو الآخر وقد فار غضبهُ ولم يعد قادرًا على التحكم به :
– أنتي اجننتي! إزاي تحطيني قدام اختيار زي دا .. ثم انتي عارفه الشرط الجزائي اللي علينا كام، ٢٠ مليون دولار.. انتي عايزة تخربي بيتي؟
– انت مش فقير ياقاسم، ولا مليونير صغير.. وطالما دي رغبتي نفذهالي، من امتى بتهمك الفلوس

سئم مجادلتها ولكنهُ مجبرًا على ذلك، فقال لينهي حديثهُ :
– الفلوس دي آخر حاجة افكر فيها.. لكن دا مبدأ، أنا مش عيل عشان ارجع في كلامي

رمقتهُ بتحدٍ سافر، ثم قالت بإحتقان شديد :
– بقى كدا؟ ماشي ياقاسم

ثم انسلت من أمامهُ نحو الخارج بخطى متعجلة.. ضرب “قاسم” قبضتهُ بالأخرى وهو يغمغم :
– إيه الصدف المنيلة دي! يعني متجيش الشركة غير وهي موجودة؟

……………………..……………………..……………..

عاد “انس” مبكرًا للمنزل ليبدل ثيابهُ ثم ينطلق مع إبن عمهُ في جولة وسط القاهرة.. جلس “عصام” في باحة المنزل يتأمل الديكور العصري للمنزل، غير منتبهًا لاقتراب “ياسمين” منهُ.. ليتفاجأ بصوتها وهي تهتف :

– أزيك ياعصام

نهض ليصافحها والبسمة تحتل وجهه :
– الحمد لله وانتي ياياسو؟
– كويسة، فين أنس؟
– طلع يغير هدومهُ ونازل

نظرت “ياسمين” حولها بتوتر قبل أن تهمس بصوت خفيض :
– طب انا عايزاك في موضوع

تنغض جبين “عصام” بعدم فهم وهو يردد :
– طب اقعدي، في إيه؟

فركت “ياسمين” كفيها سويًا بتوتر جلي، وقالت بتلعثم واضح :
– كنت عايزة منك حاجه يعني، آ….. مش عارفه اجبهالك ازاي
– اهدي كدا وقولي اللي جواكي على طول وانا هفهم
– آ… يعني….

كانت “أفنان” تراقبهم من أعلى بنظرات متفحصة، ضاق نظراتها بتعجب وهي تغمغم :
– ياترى بتكلم معاه بصوت واطي ليه وفي إيـه ؟

تنفس “عصام” بنفاذ صبر وهو يقول :
– ياسمين انتي مقولتيش جملة واحدة مفيدة لحد دلوقتي وانا مش فاهم حاجة

فـ اندفعت بعبارتها فجأة لتقول :
– أنا عايزاك تساعدني عشان نخلي أنس يغير عليا

استغرق الأمر منهُ عدة لحظات صامتة ليدركهُ، ثم انفجر ضاحكًا على قولها.. ومن بين ضحكاتهُ قال :
– انتي كدا عايزني انا وهو نلبس في بعض

بدت عليها قلة الحيلة وهي تقول :
– لأ هو بيحبك
– ماهو بيحبك انتي كمان، اقعدي معاه واتكلموا بهدوء و….

تذكرت “ياسمين” ما حدث بينهما مؤخرًا بالحديقة، فهزت رأسها بخيبة أمل وقالت :
– لأ مينفعش، أنس مش بيجي بالأسلوب دا

فرك “عصام” طرف ذقنهُ النامية، ثم أومأ برأسه وهو يردد :
– خلاص هساعدك، بس لو حصل حاجة؟

تحمست كثيرًا وهبتّ واقفة عن وضعيتها وهي تقول :
– متقلقش مش هيحصل حاجة

غمز لها “عصام” بثقة زائدة وقال :
– يبقى سيبيلي نفسك خالص وانا هخليه ينطق

هبط “أنس” على الدرج وهو يراقبهم خلسة، حتى اقترب منهم وهو يقول :
– أنا خلصت ياعصام، في حاجة ولا إيه؟

ابتسم “عصام” إبتسامة عريضة وهو يهتف بـ :
– مفيش، أنا وياسمين كنا بندردش.. بس مكنتش اعرف ان دمها خفيف أوي كدا

وارى “أنس” ضيقهُ وقال بإقتضاب :
– أها

بينما التفت “عصام” نحوها مجددًا ومد يدهُ يصافحها وهو يردد :
– المرة الجاية تكون في فرصة نقعد مع بعض وقت أكتر

ثم رفع كفها نحو فمهُ إستعدادًا لتقبيلهُ.. ولكنهُ وجد “أنس” يجتذبهُ بإنفعال وهو ينطق بـ :
– في إيـه ياعم عصـام، فاكر نفسك لسه في ألمانيا ولا إيـه؟

تنحنح “عصام” وهو يقول ببرودة ظاهرة :
– ماشي ياأنس، يلا بينا بقى اتأخرنا

واستبقهُ للخارج، بينما تسلطت نظرات “أنس” الحانقة عليها وهي تبتسم وأردف :
– مبسوطة أوي حضرتك؟

حمحمت وهي تطرق رأسها لأسفل وقالت بصوت رقيق :
– أول مرة حد يبوس إيدي

تحولت نظراتهُ لجمرتي من نار وهو يصيح بها :
– طب نتلم بقى أحسن أكسرهالك

ثم تحرك من أمامها ليتركها تغرق في ضحكاتها على مشهد وجههُ الذي أحمرّ فجأة.. وتخيلت ردود أفعالهُ القادمة عقب هذا التحالف الذي أقبلت عليه مع “عصام”.. فقد بدأت تنفيذ الخطة الأكثر خطورة، وأهــلًا بالمــعارك.

……………………..……………………..……………..

أصبحت الساعة العاشرة مساءًا، ولم تعود”حـور” لمنزلها حتى الآن لأول مرة منذ أن تزوجتهُ..
نظر “قاسم” في ساعة يدهُ للمرة المائة، وحاول الإتصال بها مرة أخرى ولكن مازال هاتفها مغلقًا.. ترك لها أكثر من رسالة صوتية آخرهم يتوعدها في حال ظهورها أن يسقط عليها عقابًا جراء فعلتها.. نظراتهُ مسلطة على البوابة منتظرًا حضورها بفارغ صبر، ولكنها لم تأتي حتى الآن..
أصدر هاتفهُ رنينًا صاخبًا، فأجاب عليه مسرعًا :

– ها ياأنس وصلت لحاجة؟

تنفس الصعداء وهدأ قليلًا ثم قال :
– يعني مفيش خبر من أي مستشفى؟ كويس.. لو في حاجة جديدة كلمني

ثم أغلق الهاتف وهمس بـ :
– يعني كويسة ومحصلهاش حاجة! دا الحساب بقى ضعفين ياحـور.. فاكرة هتلوي دراعي؟! مـاشي

اقتربت منهُ “ياسمين” وقالت بنبرة قلقة للغاية :
– ها يابابا، لسه مفتحتش تليفونها؟

هز رأسهُ بالسلب وهو يردف :
– لأ مفيش، اطلعي انتي أوضتك ياياسمين مش عايز أشوف حد قدامي الساعة دي

انسحبت بهدوء حتى لا تقحم رأسها في مصيبة مع والدها.. فإنها تعلم جيدًا لحظات غضبهُ الأعمى، لا يميز حينها الغالي والرخيص..
صفع “قاسم” كفًا بكف وهو يردف :
– يعني هتكون راحت فــين؟

لحظات أخرى من التفكير، وأضاء عقلهُ فجأة كأنهُ تذكر شيئًا.. وعلى الفور تحرك نحو سيارته المصفوفة ليستقلها منتقلًا إلى ذاك المكان الذي خطر بذهنهُ علهُ يجدها.

……………………..……………………..……………..

كانت الأجواء المظلمة تفوح منها رائحة والدتها الراحلة، مضى على وفاتها خمس سنوات حتى الآن.. ورغم ضيق صدرها مما حدث اليوم وتفضيل “قاسم” لعملهُ عليها كما تقول، إلا أن أغلب الوقت الذي قضتهُ هنا كانت تتذكر ذكريات والدتها الحنون.. نظرت في ساعة يدها بتدقيق ولكنها لم ترى شيئًا، فنهضت عن جلستها وخرجت عن حجرة السيدة “سناء” لتنظر إلى ساعة الحائط، وإذ بها تدق الحادية عشر والنصف مساءًا.. تنهدت وهي تمسح بكفها على الأريكة ثم جلست بأريحية، ولكن لم تدوم راحتها طويلًا.. ثمة قرعات عنيفة على باب شُقة والدتها جعلتها تنتفض من جلستها، دق قلبها دقات عالية وهي تهمس :
– قـاسم !

تعرفت على قرعاتهُ بسهولة شديدة.. ورغم اضطرابها وخشيتها من رد فعلهُ، إلا إنها تماسكت ونهض لتفتح الباب.. فإذ بطلتهُ المهيبة أمامها، ابتلعت ريقها بتوجس ، وجرت ساقيها للداخل وهي تردد :
– لسه فاكر العنوان؟

صفق باب الشُقة بإنفعال، وبهدوء ما يسبق العاصفة قال :
– انتي بتعملي برا بيتك في ساعة زي دي ومن غير أذني؟

فقالت وهي تتمسك بجرأتها المهتزة :
– أنا في بيت أمي مش في الشارع

فجأر بها بصوت جعلها تهتز :
– من أمتـــى بتـروحي مكـان أنا معرفـوش! ومن أمـتى تليفونك يفضل مقفول بالسـاعات؟!

فصاحت به بإنفعال اختزنتهُ على مدار اليوم :
– مش انت بتعمل اللي عايزهُ وعلى هواك، أنا كمان أعمل اللي هوايا

ضحك مستهزئًا وقال :
– ليه شيفاني إريال قدامك؟

عقدت ذراعيها أمام صدرها وهي تردد :
– أنا قولتلك ياانا يالمشروع دا، وانت اخترت وفضلتهُ عني
– لالالا، سيبك من المشروع ومن أي حاجة دلوقتي.. دا الحساب لسه مخلصش

لمح حقيبتها على طرف المقعد بجوار سلسلة مفاتيحها وهاتفها الجوال.. التقط أشيائها، وأمسك ساعدها بعنف ليسحبها خلفهُ.. حاولت التملص منهُ ولكن :
– أنت بتعمل إيـه ياقاسم، اتجـننت ؟
– أتجننت فعلًا بعد ما سيبتي البيت لحد نص الليل

عصف بها يمينًا ويسارًا من خلفهُ حتى أجلسها في مقعدها الأمامي بسيارته.. ثم اتصل بـ “أنس” ليبلغهُ :
– أيوة ياأنس، أنا راجع على البيت.. أه معايا، مش عايز آجي ألاقي حد منكم صاحي ولا عايز أشوف حد

ثم أغلق الهاتف فجأة..
نظر “أنس” إليهم وهو يردد :
– خالي راجع هو وطنط حور ومش عايز يشوف حد، ياريت كل واحد على أوضتهُ

“ياسمين”:
– ماشي، المهم ان ماما بخير

في هذه اللحظة رن جرس الباب، فعقد “أنس” حاجبيهِ بإستغراب وهو يتسائل :
– مين هييجي دلوقتي؟

فتح الباب ليتفاجئ بعامل يرتدي ثوبًا رسميًا ويمسك بباقة ورود بيضاء كبيرة.. وقال بلباقة شديدة :
– مساء الخير يافندم، دا منزل الآنسة ياسمين قاسم؟

وما أن استمعت “ياسمين” لأسمها حتى تقدمت بسرعة البرق وهي تقول :
– أيوة أنا

حدجها “أنس” بنظرات مُسعرة قبل أن يأمرها بـ :
– أرجعــي ورا

ثم التفت ليسأل العامل بإحتدام :
– إيه دا؟
– الورد دا جاي بأسم حضرتها

كز “أنس” على أسنانهُ بإنفعال وهو يقول :
– ورد في نص الليل

فأجاب العامل :
– آسف يافندم، السنتر شغال ٢٤ ساعة والأوردر جاي متأخر وصاحبه طلب تسليمهُ متأخر

سحب “أنس” باقة الورود بإنفعال وبحث عن أي بطاقة تشير لهوية الراسل.. ولكنه لم يجد، فأضطر ليسأل :
– ومين المحترم صاحب الأوردر؟
– معنديش علم يافندم، ممكن تمضي هنا

قام “أنس” بالتوقيع، وانصرف العامل بتحرج شديد من أسلوب أنس في الحديث.. بينما وزع “أنس” نظراتهُ ما بين الباقة الأنيقة والتي بدا عليها باهظة الثمن وبين “ياسمين” التي انبهرت بتنسيق الباقة وجمال شكلها.. كادت تجتذبها منهُ ولكنهُ منعها وقال بصرامة :
– دا اسمه إيه بقى؟ ورد وفي نص الليل ومن واحد منعرفش حتى أسمهُ؟!

ابتسمت “ياسمين” لتثير غيظهُ أكثر و :
– مش مهم، بس شكله لطيف جدًا

فصرخ بها :
– نـعم!

تنحنحت بتراجع وهي تقول :
– أقصد البوكية، هاتهُ بقى
– من عنيا

وقام بتمزيق الباقة أربًا أربًا، وحتى الورود كان يدهسها بيدهُ لتتمزع أوراقها.. صاحت فيه “ياسمين” قائلة :
– حرام عليك بوظت البوكــية

ثم ألقاه على الأرضية وقال بعصبية شديدة :
– دا مقــامهُ

ثم تركهم وانصرف للأعلى لئلا ينفث عن غضبهُ في أي منهم.. انحنت “ياسمين” لتجمع ما تبقى منهُ وهي تضحك في قرارة نفسها لتحقيق مبتغاها، راقبتها “أفنان” بصمت ولكنها لم تطيل السكوت طويلًا :
– إيه بقى ياسوسو، إيه الحكاية

غمزت لها “ياسمين” كي لا تتحدث في حضور المذياع “آسر”، ثم قالت :
– تعالى معايا

……………………..……………………..…………..
التزمت الصمت طوال الطريق، حتى إنها تمسكت به أثناء صعودها لمحل حجرتها لكي لا يستمع أحدًا من أطفالها لضجيج عراكهم الليلي..
صفع “قاسم” الباب، وقال وهو يتقدم منها بنذير غير مبشر :
– إزاي تعملــي حاجة زي دي!

قالت بنبرة متوترة :
– صوتك عشان الولاد نايمين

هدأ من روعهِ قليلًا ليكون المتحكم الأساسي في الموقف الذي تورط بهِ،تحركت خطوتين ، فتحرك خطوة واحدة بفرق طولهُ لتختفي المسافات فيما بينهما ..
تفاجئت بجسدها يلتصق بالحائط، وبقى هو أمامها ولا مفـر من عقـابهُ .. تعمد إطلاق زفيرًا محتقنًا في وجهها ، فرمشت بعينيها عدة مرات وهي تتوقع ما سيحـل بها !
لقـد كسـرت القواعد ، وعاندتهُ رغم علمها بالنتيجة ..
أجفلت بصرها بتوتر ، فمازالت تخشى هيبة ذلك الرجـل الذي تعشقهُ حتى النُخاع ..
وبينما هي في أوج تفكيرها فيما سيحدث لها ، أستمعت لصوتهُ المحتد وهو يقـول بسـئم ساندًا ذراعهُ على الحائط :

– دي أول مـرة تهربي مني ، وأول مـرة تخرجي من غير أذنـي وفاكرة إن حُبي ليكي هيشفعلك معايا !

خُصلة متمردة تحجب عنهُ رؤية عينها اليسرى بوضوح .. فقام بلفها على سبابتهُ وهو يردد بصوت قاتم :

– أنا لحد دلوقتي مش عايز أفلت أعصابي معاكي ياحـور ! متحاوليش تختبري صبـري أبدًا

أشتعل داخلها غيظًا عندما تذكرت فعلتهُ .. وبدون مقدمات صاحت :

– قاسـم أنا قولتلك تـ……..

أثارت جنونهُ عندما أرتفعت نبرة صوتها دون قصد .. لتتحول نظراتهُ إلى شرارتين من نار وهو يحدجها بصرامة قائلًا بصوت مرتفع :

– صوتك يوطى وانتي بتكلمي معايا !
– أنـا آ….
“قاسم” وقد أنفلتت أعصابهُ بالفعل :
-أنا مسمحتش ليكي تتكلمي .. لحد هنا والكلام خلص

أبتعد عنها وألتفت ليغادر الحجرة .. فتعقبتهُ وهو تردد بإنزعاج جلي :

– أستنى هنا مخلصناش كلام

“قاسم” مستمرًا في السير غير مكترث بها :
-وانا قولت خلص ، عايزة تزعلي تتفلقي تغضبي .. براحتك ، لكن جوا بيتك .. مش بـرا ياهانـم وأخرج أدور عليكي في إنصاص الليالي

خرج وصفق الباب صفقة عنيفة دوى صوتها ..
ومن ثم أوصد الباب بالمفتاح لتكون هي حبيسة غرفتها ..
قرعت على الباب عدة مرات وهي تناديهِ ولكن دون جدوى ، فلم يصغي لهـا گعادتهُ المتفرعنة .. رفضت أن تصدر صوتًا يجعل أبنائها يشعرون بما يحدث، ولكنها استمعت لصوت خشخشة يأتي من مكان قريب منها، اضطربت أنفاسها خوفًا وهي تنظر حولها بتوجس و…………………….….
……………………..……………………..…………

 

error: