رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الثاني والثلاثون
……………………..……………………..………………….
وقفت لثوانى تنظر إليه بتمعن و يدها تقبض باصابعها على مقبض الباب … تحاول كبح جماح انفعالها من رؤيتها له …
” الن تدعينى أدخل!! ”
قالها سليم وعلى وجهه ابتسامة باردة
افسحت له المجال بحركة سريعة منها …
ثم هتفت روز بحدة ما ان اغلقت باب الجناح فى الفندق التى تقطن به هذه الفترة
” سليم السيوفى .. ما الذى جعلك تأتى إلى !!.. هل ستقوم بتهديدى؟؟.. لكى أسافر ولا أعود لكى لا أقوم بالمطالبة بحقوقى كأم ”
جلس على أول كرسى قابله ووضع عصاه التى يتكأ عليها دائما بجواره …
و رد بهدوء شديد
” اجلسى يا روز .. لن نتحدث وانتى بهذا الغضب ”
حدقت به بتمعن واعين تشتعل غضبا .. فنظر إليها هو الآخر ببشاشة… زفرت بقوة وجلست على الكرسى قبالته وهى تضع قدم فوق الاخرى كعادتها بكبرياء .. ابتسم بخفوت من ملامح وجهها المتجهمة والغاضبة ..
تنهد بضعف .. ثم قال بنبرة يحاول بها مواساتها.. بعد كل ما فعله بها
” روز .. نعلم أننا أخطائنا بحقك .. وبحق نور أيضا لأننا السبب فى بعدكما عن بعضكما الآن ..
حدقت به بتمعن …لكنه أضاف بصوت اجش
” لكن عليكى ان تعلمى.. أننا لسنا نادمين أيضا على ما فعلناه ..
حدقت به بوحشية و ثغرها يلتوى بتهكم وسخرية واضحة .. وهمست بضعف
” لم تندموا على ما فعلته ”
” نعم .. لم نندم.. وارجوكى استمعى إلى ولا تقاطعينى ”
أضاف مؤكدا بنبرة حادة مطلقة ..
” ان أخبرتك أننا كنا نحميكى ونحمى صغيرتك.. هل ستصدقينى ”
نظرت اليه بحزن وهمست بألم
” أيا كان ما ستقوله ..فلن يبرر ابدا اخذكم لطفلتى بدون علمى …
أشارت بيديها إلى قلبها وهى تهتف باختناق من عبراتها إلى تحارب لكتمها
” اخبرتونى بموتها… و ياسين .. ياسين تركنى.. ما هى أسبابه؟؟!! .. ما هى مبرراته اخبرنى ؟؟!!”
صرخت بعدما سقطت منها دمعة كبيرة عبرت عن جرحها و المها … و ثقتها بأشخاص لم يكونوا يوما اهل لها ..
نظر لها سليم بشفقة.. أخذ نفسا عميقا ثم رفره بهدوء قائلا
” لقد تم تهديد ياسين من قبل اخوتك ”
حدقت به بأعين متسعة وهو يتابع بنفس الهدوء
” هدد من أخيك مارسيل بالذات .. أما ان يأخذ ابنته ويختفى من أمامه ويطلقك ..او سيقوم بقتل الطفلة .. وحينها أيضا سيقوم بتطليقك ”
ذهول .. ذهول ارتسم على ملامح وجهها وهى تستمع لكلماته و بطرف شفتيها همست
” كاذب ”
تغاضى عن اتهامها .. لكنه رد بنبرة شديدة واثقة
” لماذا ساكذب عليك اخبرينى .. نحن لم نكن لدينا مصلحة من انفصالكما.. لماذا سنحرم ام من ابنتها إلا من أجل حمايتهما ..”
” لا .. بالطبع لديك ”
هتفت روز بوجع
” هل تعتقدين هذا ؟؟!!!”
سألها وهو ينظر اليها بتمعن يراقب ملامح وجهها التى شحبت وتحولت للون الأصغر …
” لا أعلم !!!!.. همست بها باختناق …وتابعت ودموعها تسقط على وجنتيها …
” لا أعلم !!!… لم أعد أستطيع أن افرق بين عدوى وحبيبى ؟!!!”
اضافت وهى تبتعد عن كرسيها بترنح.. تحاول عدم السقوط وراسها يحاربها لكى تسقط ..
” لا اعرف .. أيا كان … لماذا ؟؟؟؟؟ … لماذا لم يخبرنى؟؟ … لماذا يجب انا ان أتألم؟؟!! ..”
فصرخت … صرخت بوجع
” لماذا؟؟!! .. ما هى مصلحتهم .. فى قتل ابنتى وإبعاد ياسين عنى؟؟!! .. لقد ساعدت كل واحدا منهم؟!! .. ”
” مصلحتهم فيما تملكينه … أسهم.. أملاك .. وما ورثتيه عن والدك .. لا تنسى فانتى كنتى المفضلة له .. ”
أضاف سليم
” لا يمكن!! ” همست باختناق
بعد دقائق من محادثتهما …
جلست روز على الكرسى قبالة سليم .. جسدها منحنى للأمام قليلا .. ووجهها مدفون بين كفيها شعرها يخفى رأسها بمهارة .. لم تصدر منها اى ردة فعل تدل بها انها تبكى .. فقط صامتة .. هل تفكر لتنتقم ام انها تعيد حساباتها…
يعلم انها مصدومة و متالمة… لكن سبحان الله الام والأبنة متشابهان فى الشكل للغاية .. وكان ياسين أثبت عشقه لها بأن أصبحت ابنته شابة مطابقة لوالدتها …
لكن روز قوية قوية للغاية .. تختلف تماما عن نور الهشة الضعيفة التى لم تتحمل وفاة والدها ..
أما روز فقد تلقت صدمة تلو الاخرى بثبات .. لكنها ما تزال كما هى رغم أنها تتوجع ..
وقف سليم مبتعدا عن كرسيه وهو يستند على عصاه ..
قاءلا بنبرة جادة
” ارجو أن تكون قد توضحت لك الأمور .. نور أصبحت فى أمان .. لن يجرؤ أحد سواء اخوتك او حتى عمها من الاقتراب منها .. لكن فقط اعطيها فرصة لكى تستطيع الخروج من الم فقدان والدها .. وبعد ذلك نحن سنقوم بتمهيد الأمر بهدوء لها.. وستعرف ابنتك انك والدتها .. ”
لم يصدر منها اى ردة فعل … لكنه تابع بثبات ونبرة حادة …
” روز .. قبل أن اذهب ساسالك سؤال واحد فقط .. وأرجو أن تجيبى عليه ..
رفعت رأسها إليه تتطلع إليه بانتباه
” هل لديك يد فيما حدث لسيف ؟؟!!”
سألها
عقدت ما بين حاجبيها بتساؤل وعدم فهم
” سيف .. ماذا حدث له؟؟!! ”
زفر بقوة وهو يمرر إحدى يديه على وجهه بقوة … نعم لقد.كان على علم انها لا يمكن أن تؤذي سيف بالذات .. فهو على يقين ان ابنه له معزة خاصة عندها فهو ابن فيروز ..
تنهد بضعف … وجلس قبالتها مرة أخرى يقص عليها كل ما حدث…
********************************************
فتح عيناه بتعب وهو ينظر إلى المرأة الجالسة على إحدى الطاولات بعد ما أشار له النادل ان هذه هى المرأة التى تنتظره منذ ما يقارب النصف ساعة ..
بخطوات محسوبة للغاية اقترب سيف منها .. فعندما كان فى مكتبه يحاول جمع المعلومات عن مساهمين الشركة .. والأشخاص الذين تركوا كل أمورهم فى يد جده سليمان منذ زمن .. تفاجأ برسالة ورقية تعطيه إياها السكرتيرة الخاصة بمكتبه ..
فتحها فوجد الاتى
” أتمنى مقابلتك فى المقهى القريب من شركتك .. لدى الحل لمشكلتك ”
كانت رسالة بسيطة ومقتضبة للغاية .. من هذا الذى يملك حل لمشكلته؟؟ .. ومن الذى يعرف من الأساس بهذه المشكلة؟؟!! …
ضغط بقبضة يده على الورقة بشدة … وبسرعة وفضول لم يستطع اخفاءه ارتدى سترة البذلة وذهب إلى حيث ينتظره صاحب الرسالة ..
وقف بجسده وطوله الفارع بالقرب منها وهو ينظر اليها بتمعن .. من أرسل الرسالة امرأة .. حسنا لنرى كيف لديها حل لمشكلتى ” حدث سيف نفسه بذلك
ثم جلس على الكرسى قبالتها .. وهى تنظر إليه بابتسامة دافئة …
فعندما قابلت سليم صباحا وبعد كلامه معها .. تفاجأت بما نطقه .. وعندها تأكدت شكوكها السابقة .. أخيها مارسيل يلعب بسرية واحترافية تامة باستخدام تلك المدعوة علا التى رأتها معه فى مكتبه بلندن سابقا ..
أخيها يريد الانتقام بخطوات بطيئة للغاية هى نفسها لا تفهمها .. ما الذى سيستفيده من أبعاد سيف عن طريقه من الشركة الرئيسية … إلا إذا كان أخيها يطمع ويرغب بهذا الكرسى بالفعل .. يريد أن يوسع أعماله .. لكن لماذا استخدم علا .. أشياء وتساؤلات تدور فى رأسها وكأنها فى فلك واسع …
ابتسمت وهى تراقب نظراته المتفحصة والمتعمقة بها ولا تخلو من التساؤل أيضا …
” روز .. صديقة قديمة لوالدتك ”
عرفت بنفسها .. رغم أنها استغربت طريقتها تلك إلا انها لم تجد أفضل منها للتعريف عن شخصها
” أهلا .. هل هناك شئ أستطيع أن أساعدك به ”
رد بنبرة غير مبالاية.. وكأنها شحاذ يقف أمامه ..
ابتلعت ريقها وقالت بهدوء مضيفة
” انا من إحدى مساهمين الشركة ”
اعتدل فى جلسته ونظر إليها باهتمام فتابعت بعد أن استطاعت أن تجذب اهتمامه ونظره إليها
” أعلم بشأن الرئيس الجديد .. وبالطبع ما حدث انا غير موافقة عليه .. لطالما اقتنعت أن أكثر شخص يستطيع ان يدير الشركة هو سليمان الحسينى او أحد أفراد عائلته فهو من انشاءها وهو الأحق بها ”
صمتت قليلا وهى تراقب انصاته الشديد لها
” أستطيع أن أساعدك فى الوصول إلى المنصب .. فأنا أعرف كل المساهمين القدامى وأستطيع إقناعهم .. ما رأيك !!!”
صمت لثوانى وهى تنتظر رده
” وما هو هدفك من وراء هذا ؟؟!!!.. هكذا بدون مقابل تعرضين على مساعدتك ؟؟!!!..”
فلتت منها ضحكة خافتة بعد أن استمعت لنبرته التشككية… من يراه للوهلة الأولى يعتقد انه يشبه والده بهيبته طوله وحتى نظراته .. لكن من يتحدث معه يعرف انه يجلس مع نسخة مصغرة من سليمان الحسينى ..
” تستطيع ان تقول تسديد دين قديم لوالدتك .. فهى كانت صديقتى ”
أرادت أن تقول لوالديك لكنها لم تستطع فهى علمت بالعداء الذى بينهما .. سيف لا يستطيع ان يسامح والده لابتعاده عنه .. لكن نور هل ستسامحها ام انها ستجافيها أيضا … مجرد التفكير بهذا الأمر يؤلمها … حدثت روز نفسها بذلك
لن يكشف اوراقه أمام شخص لا يعرفه .. لكن رغم هذا هو لا يملك الخيار سيلعب من دون خوف ..وكما يقولون أما ان أكون او لا أكون …
” حسنا .. ما رأيك هل تسافر معى ام أتصرف انا هناك؟؟!! ”
سألته روز .. وهى تعلم بما يجول برأسه .. الأسد يفكر بتمعن للغاية ..
” ساسافر غدا ”
قالها بنبرة جادة
” حسنا … سنتقابل غدا فى المطار ”
ردت …
رغم أنها كانت ترغب بالبقاء أكثر بمصر .. إلا انها بعد ان فكرت وجدت هذا أفضل .. حتى تستطيع ان تعود ابنتها اولا لتوازنها كما اقترح سليم .. وبعد ذلك ستعود وتاخذها إلى أحضانها …وتخبرها بكل شى ..
ابتسمت له وابتعدت عن كرسيها فيجب ان تذهب الى مكان ما قبل أن تغادر أرض هذه البلد …
***********************************************
وقفت بتوتر وهى تنتظر صديقتها لتخبرها بنتيجة التحاليل .. هى لم تجرؤ على الدخول معها والمعرفة بنفسها … لذلك فضلت الإنتظار بالخارج ..
لأول مرة تشعر ريم بهذا التوتر والخوف قامت بإجراء التحليل وها هى تنتظر الخبر ..أما ان يجعلها سعيدة تكاد تحلق فوق النجوم … وأما ان يسقطها من سابع سماء إلى سابع أرض ..
أخذت ردهة المشفى ذهابا وايابا .. ويديها تكادان تصبحان جليدا من التوتر … بالإضافة إلى اهتزارهما المستمر وجسدها الذى لم يتوقف عن الارتعاش.. وكأنها تنتظر حكم محكمة .. خائفة من ان يكون مخالفا لتوقعاتها وحينها سترحب بصدر رحب بقرار اعدامها …
بلعت ريقها ما ان رأت خروج صديقتها من الغرفة .. لمحت على وجهها شبه ابتسامة تكاد تكون آسفة وحزينة ..
نظرت ريم إليها بلهفة وهى تتضرع وتدعو فى نفسها ان تخيب صديقتها ما تراه على وجهها و تخبرها بما تتمنى سماعه ..
” للاسف ”
همست بها الطبيبة الاخرى .. وزميلة ريم فى المشفى .. باسف حقيقى ونبرة خافتة
فى لحظة كانت تتراجع ريم للخلف بحركة واحدة حتى اصطدمت بجسدها على الجدار خلفها .. وهى تحارب موجة من البكاء والدموع تهددها بالسقوط .. عضت على شفتيها بقوة .. وعيناها الزرقاء غاءمتان من الحزن والأسى على نفسها ..
هل اعتقدت أن القدر سينصفها ويحقق ما تتمناه وما تحلم به طوال عمرها .. ستكون حمقاء إذا حدث هذا .. فلطالما كان قدرها مخالفا تماما لما تتمناه ..
اقتربت منها صديقتها بأسى قائلة بمواساة وحزن حقيقى
” ما زلتى صغيرة يا ريم .. حاولى مرة أخرى ”
” مرة أخرى ”
هتفت فى نفسها بسخرية .. لو تعلم صديقتها لعلمت ان هذه المرة الثالثة لها للمحاولة .. وجميعها كانت مخيبة للآمال .. اعتقدت كما يقولون الثالثة ثابتة ولكنها كانت مخطاة وأتت الثالثة سالبا كسابقتها …هى ليست حامل لماذا ؟؟؟!!!.. من تزوجوا بعدها جميعهم بطونهم منتفخة الآن .. لكن لماذا هى لا؟؟!!! …
صرخت فى نفسها … أخذت نفسا ثم زفرته بقوة وهى تلمح نظرات صديقتها المشفقة عليها ..
ابتسمت لها ريم ابتسامة باردة و ابتعدت عنها فى خطوات تكاد تكون ضعيفة …
دلفت إلى مكتبها جلست على أول كرسى قابلها وهى تدفن وجهها بين يديها .. وهى تفكر انها يجب أن تتحمل وتنتظر ربما لم يحن الوقت بعد …
لكن متى إذا سيأتي الوقت وتصبح أما كما تتمنى؟؟!! ”
صرخت فى نفسها ..
مررت يديها على وجهها … وفى لحظة تناست نفسها ولم تفكر غير فى نور الآن .. فصديقتها على حافة الجنون .. تحتاج إلى شخصا ما بجوارها وهى لن تترك صديقتها تواجه حزنها وحدها .. اليوم ستستغل انه نصف يوم … وتذهب إلى نور ستتحدث معها ربما بحديثها معها تستطيع ان تنسى ما حدث لها ..
****************************************
بوجه ناعم وابتسامة بشوشة قابلت السيدة نورا ريم … بعد ان اعطتها علبة صغيرة يوجد بها عدد من قطع موس الشوكولا الشهى ..
دلفت إلى غرفة نور التى همت من مكانها وعانقتها بقوة ..
جلست ريم بجوارها وهى تمسد على شعرها بحنان .. أمسكت بكف يدها وسحبتها وراءها حتى دخلتا الى الشرفة الكبيرة التى كانت تتوسطها طاولة صغيرة حولها كرسيان .. اجلستها على إحداهما وجلست هى قبالتها …
وقالت ريم بسعادة تحاول أن تخفى به حزنها على نفسها وعلى صديقتها أيضا التى لم تقل ألما عنها
” الطقس رائع اليوم .. لولا إننى أرى شحوب وجهك لكنت اخذتك وذهبنا للتسوق قليلا ”
تشدق فم نور بابتسامة .. لكنها عادت واشاحت بوجهها بعيدا عن أعين صديقتها الفضولية ..
صمتت ريم قليلا وهى تراقب نظرات صديقتها إلى ألاشئ …
“هل حدث شئ؟؟!!”
سألتها ريم بهدوء
استدارت نور بوجهها نحو صديقتها .. و بأعين ذابلة سألتها
” شئ من اى نوع تقصدين يا ريم ؟؟!!!”
ابتعدت ريم عن كرسيها ووقفت بالقرب من سور الشرفة قائلة بهدوء
” شئ.. كالحياة مع حازم ..مثلا ”
حدقت نور فى ريم بعدم فهم لثوانى .. والأخرى ابتسمت لها بخجل .. حتى أحمر وجهها و وضعت أصابع يديها على وجهها خجلا ما ان فهمت ما تقصده صديقتها ..
بلعت نور ريقها وقالت بصوت مهتز وهى تفرك يديها الاثنان ببعضهما
” لا لم يحدث شئ ”
” ما الذى تقصدينه”
همست بها ريم بشك
” أقصد انه لم يجبرنى على شئ .. قال انه لن يقترب لطالما انا لا أريد ذلك .. فهو لن يرغمنى ”
همست نور بخجل ..
ابتسمت ريم بسعادة .. من تصرف حازم …فى البداية اعتقدت انه شخص انانى ولن يهمه غير نفسه .. لكنه خيب ظنونها .. ووجدته شخص متفاهم.. ويستحق حقا صديقتها .. وربما سيستطيع ان ينسيها حزنها على والدها .. وحبها القديم لمازن… ذلك القذر الذى خدعها واستخدم براءتها لصالحه ..
ركعت ريم ناحية نور وهى تقول بنبرة دافئة
” نور .. أريدك أن تبداءى من جديد .. انتى شابة وجميلة .. لا أريدك أن تبكى على ما مضى .. انا اعرف انك قوية وستجتازين كل الامك تلك .. أليس كذلك.. ”
ترقرقت الدموع فى عيناى نور بألم و همست بغصة فى حلقها تكاد تخنقها
” كلما أتذكر أبى انهار قلبى يؤلمنى لتركه لى… يؤلمنى انه لم يعد بجوارى بعد أن كان موطنى.. كيف .. كيف اخبرينى أستطيع اجتياز المى؟؟!! ”
ربتت ريم على يد صديقتها بحنان ودف قائلة بنبرة ناعمة وابتسامة
” والدك .. لن ينكر أحد انه كان أبا راءعا.. وانتى أيضا ابنة رائعة وقوية .. يجب ان تكونى قوية عندما تفقدى شيئا عزيزا .. لا تخلو حياة كل منا من رياح عاتية او عاصفة تدمر فيها ما يحبه وما يتمسك به من أجل الحياة .. لذا يجب ان نقف بثبات وقوة ونواجهها غير خائفين .. و نؤمن بقلوبنا أن القادم احلى بإذن الله .. ندعو الله ان يخفف ويجرنا من مصيبتنا خيرا … حتى نستطيع الخروج منها سالمين .. ”
ارتمت نور بين أحضان ريم تبكى .. و تبكى ..
ربتت على شعرها ..
وحثتها قائلة
“رددى … اللهم أجرني فى مصيبتى وأخلف لى خيرا منها.. ”
وبنبرة ضعيفة للغاية نطقت
” اللهم أجرني فى مصيبتى وأخلف لى خيرا منها…
اللهم أجرني فى مصيبتى وأخلف لى خيرا منها … يارب ”
بعد مدة من موجة بكاء نور .. سحبت ريم نور خلفها .. و توجهتا ناحية المطبخ …
بداخل مطبخ مراد السيوفى ..
” ألم تشتاقى لطعامى.. لحظك ساجعلك تاكلين من يد ريم اليوم ”
هتفت بها ريم بتفاخر وهى تخرج مقلاة ما من أحد الخزان العلوية التى بالمطبخ …
” ريم هل ما نفعله صحيحا هذا ليس منزلا؟؟!! .. ولم نستاذن أحد ما حتى!! ”
هتفت بها نور بقلق
فنهرنها الاخرى بعيناها قائلة
” حمقى .. انتى أحد أصحاب هذا المنزل أيضا ولا تقلقى .. السيدة نورا لا أعتقد انها سترفض او تنزعج من استخدامنا لمطبخها اليوم ”
وفى ظل هذا الجدال بينهما حضرت المدعوة نورا بابتسامة رائعة تدل على انها غير منزعجة إطلاقا لاستخدام المطبخ ..
” هل تمانعين من استخدامنا للمطبخ؟؟!! ”
سألت ريم وهى تنظر لصديقتها الخجولة من تصرفاتهما واقتحام أماكن الآخرين كما تزعم
اتسعت عينا نورا بحزن كاذب هاتفة بنبرة حنونة وهى تضع يديها على كتف نور
” لا .. بالطبع .. ما هذا الذى تقولينه انه منزلك يا ريم !!”
تهللت اسارير ريم من هذا التصريح وتابعت طريقها فى إعداد الطعام … بعد ان غمزت للسيدة نورا التى بادلتها هى الأخرى بغمزة من عيناها
ثم تابعت وهى تضم نور إليها أكثر وطبعت قبلة على جبينها قائلة بسعادة
” سعيدة بخروجك من تلك الغرفة .. ”
ثم تابعت نورا هاتفة بحماس
” هل يمكننى المساعدة فى شئ ”
وبدان الثلاثة فى إعداد الطعام ..
بعد ساعات من صراع طويل فى المطبخ انتهى بأعداد ريم لكل شئ بنفسها بعد عدد من الأكلات التى أحترق بعضها .. والبعض تم وضع المكونات بطريقة خاطئة .. وفشل نور فشلا ذريعا فى إعداد طبق واحد بطريقة صحيحة .. ونورا التى كما ذعمت انها لم تمسك سكينا منذ زمن .. فكما يقولون الكنة وحماتها مثل بعضهما فاشلتان فى اى شى يخص الطعام ..
تم التهام الطعام بشهية مطلقة من قبل الثلاثة نساء وخصوصا ريم التى التهمت طعامها بنهم حقيقى .. و لم تختلف السيدة نورا عنها فالتهمت الاخرى طبقها غير عابءة بذلك الشئ المدعو رشاقة .. ونور التى حاولت أن تتاقلم معهما والخروج شيئا فشيئا من أحزانها …
error: