رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الرابع عشر (ج1)
-أسامة !!….قالتها دينا بدهشة وهى ترى أسامة واقفا أمامها مشعث الهيئة ….عيناه حمراء كأنه لم يذق طعم النوم منذ مدة …كيف عرف مكانى …سألت نفسها ….صمت تام أطبق على المكان وكلا منهم ينظر إلى الآخر ….حتى قال هو بصوت ضعيف …..هل يمكن ان أدخل …لكى نتحدث ….
ضيقت عيناها بشك وقالت بقوة ….ماذا ؟؟….ولماذا تريد التحدث معى ؟؟ما بيننا انتهى منذ زمن ….لم يعد هناك وقت للكلام بيننا ….
وفى غفلة عنها دخل إلى الشقة وأمسك بمعصمها وأغلق الباب …..فنفضت يديه عن معصمها بسرعة وهى تقول بجفاء ….ما الذى تفعله! …وكيف تفعل هذا !!
فرد عليها ببرود ….هذا أفضل لكى نستطيع أن نتحدث ….ثم نظر إليها بابتسامة صفراء ….بالطبع لن نتحدث على الباب …وأنا متأكد انكى لن تقومى بادخالى إلى شقتك …لذلك دخلت
ضمت يديها إلى صدرها بغضب وهى تقول …..ما الذى تريده ؟….ما بيننا قد انتهى …انتهى منذ زمن …هل تريد ان تعرف منذ متى ؟…صمتت قليلا وجفنيها يتحركان بألم وشفتاها تهتزان فتابعت …..منذ سبعة أعوام ….وهل تعلم من الذى قام بإنهاء كل شى صمتت قليلا تحاول بلع ريقها. ….أنت
فرد برجاء ….حسنا فالننسى الماضى ولنبدأ من جديد دينا
فصرخت بقوة وهى تقول …..انسى. …انسى سبعة أعوام كنت أنتظر بهما ….وفوق كل هذا انسى عمرى الذى ضاع ….إلى متى ستبقى تضيع من عمرى يا أسامة ….لقد أخبرتك وساخبرك يا أسامة ما بيننا انتهى
أغمض عيناه بألم ….يشعر بما تمر به يشعر بالمها وحزنها ….نعم يشعر بكل شئ ….هو أكثر شخص خذلها وتركها …هو أكثر شخص جرحها…..لكنه تركها …تركها ولم يكن بيده
فقال بحزن يطبق على صدره ….لم يكن بيدى ….فالننسى الماضى
فرددت بصريخ عالى يصم الأذان …..انسى الماضى ….تبا لك …هل تعرف كم أخذ منى الماضى ….فقالت وصدرها يعلو ويهبط ويدها تتحرك فى الهواء ….أخذ منى أربعة وثلاثون عاما …..عشرة أعوام على وهم شى يسمى الحب ….وسبعة أعوام أخرى أنتظر فيها عودتك ….انتظرت لكى تساندى وتقف بجوارى لكنى لم أجدك ….سبعة عشر عاما ضاعوا من عمرى وجدت نفسى بين كل هذا …وحيدة.. قالتها بصوت مبحوح منكسر
لفت جسدها وهى تعطيه ظهرها تحاول ان تخفى دموعها التى على وشك السقوط ضمت قبضتى يديها بشدة قاءلة بقوة ….ما بينى وبينك ماضى وانتهى ….وإذا بدأنا من جديد كلانا سيتالم….وأنا تعبت ….لن أتحمل فراق آخر ….اذهب يا أسامة وجد غيرى …انا وانت لم نكن لبعضنا منذ البداية …القدر له تدابير أخرى لكلينا…..لن يكون لنا فيه الإختيار …..اذهب وأبحث عن من تستحقك …فأنا لم أكن لك يوما
كلماتها كانت كالصخر الذى يطبق على صدره يمنعه التنفس او حتى نطق كلمة ….وقف كالصنم وهو يستمع لكلماتها. ..هل لهذه الدرجة جرحتها يا أسامة ….هل لهذه الدرجة تقف بهذه القوة وهى تقول كل هذا ….صمت أطبق على المكان جعل كل منهم يفكر فى كلام الآخر ….تحامل على قدميه يحاول السير ….فسار بضع خطوات بخطى بطيئة نحو الباب وقبل أن يهم بفتحه قال بعدم استسلام وعزيمة ….لكنى لن استسلم يا دينا ….قالها وفتح الباب وخرج
ما ان خرج حتى أصبحت قدميها كالهلام وتهاوت على الأرض تبكى بحرارة وهى تقول بألم ….يكفينى ألما ….يكفينى ما حدث لى بقربى منه ….
******************
سارت بخطوات مدروسة وهى تدلف إلى ذلك المطعم …..بعد ان اتصلت بها إحدى صديقاتها لتناول العشاء معها بحثت بعيناها عن الطاولة ….تسمرت فى مكانها ما ان رأته جالسا بينهم تجلس بجواره فتاة ما تكاد تلتصق به وهى تهمس فى اذناه وهو يبتسم لكلامها …أغمضت عيناها بغضب تحاول ان تعد من واحد حتى العشرة لعلها تهدءنفسها مما تراه أمامها …..فخطت خطوات بطيئة وهى تقترب من الطاولة حتى لمحتها صديقتها فأشارت بيديها اليها وهى تبتسم …فاقتربت أكثر حتى جلست على أحد كراسى الطاولة المستديرة بجوار صديقتهافحيتها صديقتها بترحاب شديد بادلتها التحية وألقت التحية على الباقين وحيت وليد برسمية شديدة …ثم ألقت التحية على الفتاة التى كانت بجواره بجفاء هى نفسها حاولت اخفاءه لكنها فشلت
-مرحبا انسة قالها الرجل الذى كان يجلس بجوارها بانجليزية متقنة ….نظرت إليه كان رجلا وسيما يبدو عليه القليل من الملامح الشرقية التى تجذب إليه اى امرأة …..فى البداية لم تكن تريد أن ترد عليه ولكنها ما ان لمحت عينى وليد التى صوبت نحوهما بقوة…..حتى ضحكت بدلال لا تعرف كيف وصل إليها او حتى سببه فالرجل لم يقل غير مرحبا وقالت ….أهلا
ثم وجهت نظرها إلى وليد بغرور …..فبدأ الرجل يتنحنح ويقول بهدوء …..نزار
ضيقت عيناها ما ان سمعته يتحدث اللغة العربية ….تبسم ما ان راى تجهمها وقال …..انا مصرى ….أقصد والدى مصرى ووالدتى بريطانية …فابتسمت بمجاملة وهو ينظر إليها بتفحص ثم قال بنفس هدوءه …..ماذا عنكى ..!
ضيقت عيناها باستفهام ….فضحك بخفوت وقال ….أقصد ما اسمك ….فبادلته الضحك وقالت ….ايملى …أسمى ايملى
-اسمك جميل
-ابتسمت بخجل لمجاملته وقالت …..شكرا لك
كل هذا ووليد يجلس فى مقعده يحرك قدماه بعصبية حتى اقتربت منه الفتاة التى تجلس بجواره بدلع
-ماذا بك هل هناك شئ ازعجك ..!
-فقال بغضب ….لا وما الذى سيجعلنى انزعج
-فقالت الفتاة بتلقائية …..إذا لماذا تهز قدماك بهذه الطريقة ماذا بك ؟؟
فرد بعصبية مفرطة وصوت عالى …..ماذا بى. ….هل تريني أقوم بقطع ملابسى
انتبه الجميع إلى غضبه ….حتى ان ايملى لاحظت انكماش الفتاة فى مكانها ومعالم الحزن ترتسم على وجهها ….فابعدت وجهها عنهم وجعلت محور تركيزها للجالس بجوارها الذى ما ان بدأت بالكلام معه وهو لم يتوقف عن سوالها عن كل شى يخصها عن عملها عن والدتها وعن والدها …حتى انه سعد عندما علم انها من أصل مصرى مثله ….كل هذا و وليد كان يظهر غضبه أكثر وربما تكون الغيرة فهى لم تهتم لأى كلمة قالها وكأنه غير موجود وجعلت محور اهتمامها لذلك ال نزار …..تم تقديم طعام العشاء على شرف صديقتها وزوجها الذى اكتشفت انه صديق لوليد والاثنان بينهما أعمال مشتركة ….أكلت القليل مما قدم لها ولم تستطع أن تبلع أكثر فرغم ظهورها بمظهر المرأة القوية غير المهتمة …إلا ان الغيرة نهشت قلبها منذ ان رات تلك الفتاة بجواره …حتى انها دققت بكل شئ بها وجهها وجسدها وحتى ما ترتديه من ملابس ….كانت امرأة جميلة لا تنكر هذا ملامحها دقيقة شعر اشقر وعينان لا تعرف ان كانت زرقاء ام خضراء لكنها تعتقد انها مزيج من اللونان ….جسد رشيق ملابس انيقة غير فاضحة للغاية ولكنها تنم عن ذوق امراة رائع …..من خلال الكلام عرفت انها عارضة ازياء ….إذا هو هكذا سينتقل من امرأة إلى أخرى وهى لن تكون اى شئ فى حياته ….لقد كانت تعلم هذا منذ ان تعرفت عليه من خلال حازم وهى من نظرتها الأولى له عرفت انه ليس شخصا سهلا ….تقرب منها مرات عديدة ولكنها كانت محمية من نظراته وعيناه التى كانت تتاكلها ….لكن منذ ان بدء يقترب منها عند سفر حازم …إلا وقد وجدته كالمغناطيس الذى يقربها إليه أكثر وأكثر رغم أنها حاولة الابتعاد إلا انها لم تستطع وجدته اول شخص ياتى فى بالها عندما شعرت بذلك اللص ….وهو أيضا اول من سرق اول قبلة لها سرقها من دون حتى ان تشعر تعدى عذرية قلبها الذى لم يدق يوما لرجل ….وعندما اقتربت ابتعد هو وكأنه لم يفعل بها اى شى تعلم انه شخص لعوب لكن ماذا تفعل انه الحب الذى كانت تحاول إلا تقع به وعندما وقعت وقعت فى حب وليد…ثم نظرت إلى ملابسها العملية بتجهم المكونة من بذلة رصاصية اللون وهى تنهر نفسها ألم يكن يجب عليها أولا الذهاب الى المنزل على الأقل لارتداء شى مناسب لكنها لم تهتم يوما فلماذا إذا ستهتم الآن بما هو مناسب…انتهت الأمسية المليئة بالاضطرب بين الاثنان رغم انه لم يشعر أحد بما بينهما من نظرات …خرجت من المطعم بسرعة فقد رأت نظراته إليها وكأنه يخبرها أن تنتظره بالخارج لكنها لن تفعل ….وقفت أمام سيارتها وما كادت تفتح بابها حتى قال نزار بحنان …..هل تسمحى لى بشرف ايصالك إلى المنزل
فردت بابتسامة مجاملة ….شكرا لك …لا داعى سأذهب انا
فقال بخجل …حسنا ….كنت اتمنى أن نتحدث أكثر فربما استشيرك فى بعض الأمور القانونية ….ثم تابع بارتباك ….أن كنتى لا تمانعين بالطبع
فردت بأدب ….بالطبع انا فى الخدمة …ثم أخرجت بطاقة صغيرة وناولته اياها ….هذه البطاقة بها رقم هاتفى وعنوان شركة المحاماة التى أعمل بها…بالطبع ان تعرف شركة المحامى حازم السيوفى
فرد بابتسامة ….بالطبع أعرفه …
نظرت خلفه وجدت وليد يقترب منهم وكأنه على وشك الانقضاض على نزار ….كان هناك شعور غريب من الفرحة يتملكها أرادت أن تظهر أسوء ما به أكثر …فضحكت بقوة وهى تقول ….حقا لقد تشرفت بمقابلتك انت شخص رائع….ثم تابعت بدلال و وليد يقف معهم …..سأنتظرك بفارغ الصبر لذلك إياك ان تتأخر
تنحنح الرجل وقال بابتسامة …..بالطبع ساتى …..ما رأيك ان أتى غدا ..
فقالت بترحاب شديد وهى ترى وجه وليد الذى يحاول أن يكظم غضبه ….فى اى وقت تأتى لست بحاجة لأن تستأذن
فنظر وليد إليه ببرود فرد الرجل عندما شعر باضطراب الأجواء ….حسنا …إلى اللقاء يا انسة ايملى ….ثم أمسك يدها ولثمها بقبلة دافئة جعلت جسدها يقشعر ….لكنها ما ان رات وجه وليد أكثر حتى نسيت تماما نفورها من الآخر ….استأذن وتركهما….فقال ببرود وهو يضع يديه فى جيبى بنطاله ….مرحبا يا انسة ايملى قالها وليد وهو يحاول أن يقلد ذلك ال نزار ….فردت بعدم اهتمام. …أهلا
فقال الآخر بغضب مكتوم …..يبدو انكى تستطيعى تكوين الصداقات بسرعة …فقد اخذتى عليه حتى انكى كنتى تضحكين بسعادة معه
فردت ببرود لتغيظه ….نعم بالطبع انه شخص رائع ….ومسلى أيضا ….ثم تابعت وهى تفتح باب سيارتها ….عن إذنك الآن يجب أن اذهب وانت أيضا يجب أن تذهب لكى ترى صديقتك فبالتأكيد هى تنتظرك الآن
فرفع أحد حاجبيه وقال بتهكم. …وما شأن صديقتى الآن ….لا شأن لكى بها وانسيها
-عندك حق ….ثم صعدت إلى سيارتها وقبل أن تهم بإغلاق الباب …امسكه بيديه ومنعها من إغلاقه ثم هتف بغضب وهو يدخل رأسه إلى داخل السيارة ….عن ماذا كنتما تتحدثان …واين ستتقابلان ….
-لا شأن لك …قالتها وهى تدفعه بقوة بعيدا عن السيارة …وأغلقت بابها وانطلقت مسرعة ….ضرب بقدمه بقوة على أحد السيارات التى أطلقت صغيرا عاليا ….وهو يشتم ويسب بغضب ثم قال فى نفسه بإصرار ….حسنا …ساريكى من هو وليد ….ليس انا من يتلاعب به …
استيقظت على ضوء أشعة الشمس الذهبية التى دخلت عبر الستائر الشفافة الموضوعة على النوافذ ….فتحت عيناها ببط وسرعان ما اغلقتهما بسرعة وهى تتذكر ما حدث ليلة أمس بينهما لم تكن تريد أن تضعف بين يديه لكنها لم تستطع المقاومة ….لكن هل ستندم لاحقا على إعطاءه جسدها مثلما كان قلبها له ….فتحت عيناها ببط تحاول ان ترى أن كان ناءما بجوارها ام لا .. حمدت الله وهى ترى مكان نومه خاليا لكنها سرعان ما سمعت صوت فتح مقبض الباب فالتفتت بجسدها رأته يخرج من غرفة تبديل الملابس ويرتدي بذلة سوداء أنيقة ووقف أمام المرأة بهيبته يضع ساعته الذهبية حول معصمه ورش رزاز عطره …ظلت تراقبه فى صمت معتقدة بأنه لا يلاحظ مراقبتها ….فرات من خلال انعكاس صورته فى المرآة شبه ابتسامة ترتسم على شفتاه ويقول بهدوء وعيناه تلتمعان فى مكر….هل انتهيتى من تاملك بى لكن كيف وجدتينى ….فاحمرت خجلا من كلماته وغطت وجهها بالملاءة فتابع بضحكة وهو يسعل….قلت كيف وجدتنى….هل أبدو وسيما زوجتى العزيزة …فابعدت الملاءة عن وجهها ونظرت إليه بشر ….فسار نحوها بخطوات بطيئة حتى وقف عند السرير واخفض جسده إليها وهو يضع يديه على الوسادة التى تضع رأسها عليها فقال ووجهما متقابلان. …..استنشاقها لعطره الأخاذ مع رائحته جعلها تشعر بجسدها يرتجف طلبا من أن يقترب منها مرة أخرى …..فقال وانفاسه الساخنة تلفح وجهها …..ساسمحك اليوم فقط ….فعقدت حاجبيها فى تساول…..فتابع …ساسمحك اليوم فقط على كسلك هذا فى الاستيقاظ مبكرا …..لأن كلينا قد نام متأخرا ….لكن منذ الغد ستقومين بأعداد الفطور لى …ثم اقترب منها أكثر جعلها تغمض عيناها بخجل فطبع قبلة خفيفة على عيناها ثم ابتعد قليلا وقال ….هذه المرة فقط لكن بعد ذلك لن اسامح ….فأنا لا أريد ان أتناول اى طعام إلا من يدى زوجتى…لكن ماذا أفعل انه العمل …فتابع بمكر …لكن لا تقلقى القادم أكثر زوجتى …فابتعد عنها ووقف وسار مبتعدا عنها بضع خطوات وقبل أن يضع يديه على المقبض التف قليلا بجسده وقال بابتسامة عذبة …..اه لقد نسيت ان اقول لك …..صباح الخير …..ثم أدار المقبض وخرج ….
ارتجف قلبها بل كاد أن يطير من السعادة ….ياالله هل ما تمنته حقا سيتحقق هل دعاءها دائما بأن يصبح لها استجيب أخيرا ..انها حقا لا تصدق بما حدث بينهما ….تغيرت ملامحها بشك وهى تقول بألم ….هل يحبنى حقا ام اننى مجرد جسد لإشباع رغباته ثم تنهدت وقالت ….ماذا أكون بالنسبة له
………………..
أسند ظهره على كرسى مكتبه بتململ وتعب إلا أن ملامح وجهه كانت تكسوها السعادة
فنظر إليه ماجد الذى يجلس أمامه بتركيز وقال بغموض. …..أراك سعيد اليوم ….هل حدث اى تقدم
فرد سيف بارتباك …..لماذا هل هناك مشكلة فى ان أكون سعيدا
فضحك ماجد وقال بثقة وهو يقلب فى أوراق الملف الذى يمسكه بين يديه …..هل أنت متأكد انه لا يوجد سبب لهذه السعادة ….ألاحظ انك على غير عادتك
أحمر وجه سيف فى غضب وقال بصوت عالى …..انا سأذهب إلى المنزل الآن اظن أن كل شى انتهى …هل هناك اى أوراق لاوقعها
فرد ماجد بمكر ….لا …لا يوجد …ولكن لماذا أنت فى عجلة من أمرك للذهاب للمنزل هكذا
فاصتك سيف على اسنانه بشدة وقال بنفاذ صبر ….تبا لك أعلم انك لن تتركنى إلا بعد ان تعلم كل شئ …
فوضع الآخر الأوراق التى كانت بين يديه على المكتب وقال بتركيز …..حسنا ..انا استمع
اطلق ماجد ضحكة مجلجة بعد عدة دقائق من حديث سيف وقال وهو يحاول ان يتنفس من ضحكاته. …لقد وقعت أيها الأسد …
-من هذا الذى وقع ….قالها كاسر وهو يدلف إلى المكتب بدون استئذان
فالتفت الاثنان إليه وقال ماجد ….ألن تغير عادتك تلك فى الدخول بدون استئذان …
فرد الآخر ببرود ….انه مكتب أخى ادخل إليه فى اى وقت أريده
فقال سيف مقاطعا إياهم ….يكفى …بالتأكيد كاسر سأل من يوجد بالداخل لذلك دخل بدون استئذان. …فقال وهو ينظر إلى كاسر بابتسامة ….أهلا بعودتك مرة أخرى
فرد كاسر بهدوء ….شكرا لك
فوقف ماجد مبتعدا عن كرسيه وهو يقول ….سأذهب انا لكى تتحدثان بحرية ….وأذهب أتابع بعض الأعمال
نظر إليه سيف باهتمام وقال بجدية …..ماذا بك تبدو مختلفا عندما رأيتك البارحة ….وكيف حال حمزة هل نجحت العملية
دفن كاسر وجهه بين يديه وقال بألم وحزن …..لا لم تنجح لقد فشلت ….انا خائف على حمزة كثيرا …أخى لن يكون بخير
حزن سيف لما سمعه فاخيه لكاسر تعرض لحادث جعله عاجزا عن الحركة عندما كان فى الجامعة ….وبعد عدة محاولات لاقناعه للسفر للخارج والعلاج وافق فى النهاية لكنهم عادوا خائبين ….
فقال سيف بحزن ….وكيف حاله
أرجع كاسر ظهره على الكرسى وقال بضيق …ليس بخير حالته تسوء وأصبح انطواءيا ….لا يتحدث مع أحد إلا قليلا …..
فقال سيف بهدوء …..وماذا عن زوجته
رد كاسر بغضب ….زوجته هذه اتمنى حقا أن يطلقها او أقوم انا بقتلها ….لكن ما يمنعنى هو أخى فقط …ثم قال بسرعة محاولا تغير الموضوع …..لقد سمعت ان جدك سيقوم بكتابة عشرة فى الماءة من أسهم الشركة لك …اظن انك هكذا تستطيع ان تديرها من دون ان يقف أمامك أحد
فضحك سيف بتهكم وقال …..أحد …يبدو انك لا تعرف ان جدى واخاه يملكان الحصة الأكبر من أسهم الشركة ….لذا إذا لم يكون يريدنى ان اديرها. .. فلن أستطيع يوما ان أكون مديرها ….
فضيق كاسر عيناه وقال ….وقال هل تقصد عزت الحسينى ….
فرد سيف موكدا ….نعم عزت الحسينى ..جد طليقتك….ما زال هو المتحكم الرءيسى فى الأسهم ….رغم انه جعل كل شى تحت إدارة جدى منذ ان سافر
فظهر الانزعاج على وجه كاسر منذ ان ذكر سيف طليقته (قمر )
……….
عزت الحسينى ….الأخ الأكبر لسليمان ….لديه حفيدان. ….قمر (وهى طليقة كاسر انفصلا منذ خمسة أعوام …..غادرت البلاد منذ ان تطلقت منه )
أدهم ……حفيد عزت الحسينى والأخ الأكبر لقمر ….
سافرت العائلة باكملها فور ان تم انفصال الاثنان ولم يعودوا حتى الآن ……
……..
فقال كاسر مغيرا مجرى الحديث مرة أخرى …..لقد علمت من جدتى انه سيتم عقد القرآن بين مالك وريم
-حقا لم أكن أعلم …ثم قال بهدوء وهو يتحرك من مقعده مبتعدا ويحمل هاتفه ….حسنا المكان مكانك ….سأذهب انا ….أن احتجت لأى شى اتصل بى
فوقف الآخر مبتعدا وقال ….لا داعى …سأذهب انا ايضا…..
وخرجاالاثنان من المكتب …
……………
وقفت أمام نافذة غرفتها …تفكر فيما حدث بينهما .. ما حدث لم يبتعد عن تفكيرها طوال اليوم …تفكر ما الذى يجب عليها فعله …حقا لم تعد تفهم اى شئ …فهى حتى الآن لا تعرف ماهية مشاعره نحوها …هل مجرد اقترابه منها كاى رجل يحاول أن يجد حاجته فى امرأة …ام هل حقا يحبها …او على الأقل أصبح بينهما مشاعر …قد تجعلها تنسى اى شئ….حتى ما فعله ليلة الزفاف …لكن حقا يكاد التفكير فى كل هذا يقتلها ….سمعت صوت توقف السيارة فور دخولها من البوابة الكبيرة ….ثم توجه حيث باب المنزل تسمرت فى مكانها عندما رأت دخوله ولم تعد تعرف كيف تتصرف او ماذا تفعل …لكنها نظرت إلى نفسها فى المرآة وهى ترتدى فستان طويل وواسع وشجعت نفسها بقوة ثم خرجت من الغرفة …ونزلت درجات السلم ….فقابلت عيناه الآتى ينظران اليها فور نزولها للسلمة الاخيرة لا تعلم ما نوع هذه النظرات …. فقال بصوت رخيم هادئ ….هل اعددتى طعام
فاومات برأسها …نعم ….فتوجهت حيث المطبخ أعدت الطعام بسرعة وجهزته على المائدة فراته وهو يتجه نحوها وهو يرتدى ملابسه البيتية……جلس على المائدة وتناول طعامه بهدوء دون ان ينطق بكلمة ..وهى أيضا لازمت الصمت مثله …..أكلت القليل ومن ثم جمعت الأطباق وذهبت إلى المطبخ غسلت الأطباق ورتبت المطبخ ومن ثم صعدت حيث غرفتها ….وما أن فتحت بابها حتى شهقت بقوة وهو رفع رأسه إليها ….رأته جالسا على السرير ساندا رأسه على ظهر السرير ويحمل كتابا ما يقرأه ….فرفع رأسه ما ان سمع شهقاتها ….فظهر الامتعاض على وجهها وهى تقول ….كيف تدخل إلى غرفتى …ولماذا تنام على السرير
فرفع أحد حاجبيه وقال بتهكم …..لقد سبق واخبرتك انها غرفتنا هذا أولا ….أما ثانيا وهذا الأهم …نحن زوجان ام انكى نسيتى ليلة أمس زوجتى العزيزة وتريدين تذكيرك مرة أخرى ….ثم أشار إلى جانب السرير الآخر وهو يقول ….لذلك كونى كاى زوجة مطيعة ونامى بجوارى….فأنا لن أقبل ان تنام زوجتى بعيدا عنى ….وانبهك بكل ثقة ….لن تنفع مقاومتك لى ابدا ….لأننى لا اهدد فقط بل أفعل أيضا
بدء الخوف يتسرب إليها ببط وهو ينطق بكلاماته …فتوجهت حيث الحمام بسرعة أخذت حماما دافئا ومن ثم ارتدت أكثر بيجاماتها اتساعا وحشمة وقامت بتجفيف شعرها قبل خروجها وجمعته كاملا بدبوس ومن ثم خرجت …رأته مازال جالسا كما هو على السرير فى المنتصف…..فمشت ببط حتى وقفت بجانب السرير وقالت وهى تضم يديها إليها ….حسنا فى اى جهة ستنام…..فنظر إليها متسائلا ….فقالت بغضب مكتوم ….أقصد أين ستنام بالتحديد فأنا أريد ان أنام وانت تجلس فى منتصف السرير ….فظهرت شبه ابتسامة على وجهه وقال ببرود ..
اظن أن السرير واسع وتستطيعى النوم فى اى جهة تريدينها ….فتاففت بغضب …وتوجهت ونامت على الجانب الأيمن من السرير تحاول ان تبتعد بجسدها عنه وتدثر نفسها جيدا حتى انها قامت بتغطية وجهها أيضا …..فابتسم بمرح وهو يلاحظ ابتعادها عنه ……أغلق الكتاب الذى يحمله ووضعه على الكومود بجواره ونام هو الآخر على مسافة ليست ببعيدة منها …..
****************
دخلت إلى المطعم بأعين مرتجفة تبحث عن والدتها ….فهى الوحيدة التى قد تقف بجوارها بعد تصميم جدتها بأنها لن تتزوج غير مالك فهو أكثر شخص مناسب لها وغدا سيكون موعد عقد القرآن لذلك فكرت بوالدتها وحمدت الله بعد ان أخبرتها انها موجودة بمصر لعدة ايام …لذلك من الممكن أن تطلب منها ان تأتى معها وهى لن ترفض رغم أن والدتها لم تفعلها ابدا لكنها تأمل ذلك …..اقتربت ما ان رأتها جالسة على أحد الطاولات وكلما كانت تقترب كانت تتبين ملامحها أكثر هى لم تنسى شكلها رغم مرور عشرون عاما فقد كان كل ما كان بينهما بعد ان انفصلا والديها هى اتصالات قليلة جدا تتطمان فيه والدتها عن حالها ….طوال هذه السنوات لم ترى فيهما الاخرى ….لكن هل هى ستتعرف عليها ام لا ….عندما أصبحت أكثر قربا منها ….تلالات الدموع فى عينى ريم بألم ….أرادت أن تركض إليها لكى تاخذها والدتها بين أحضانها تشعرها بأنها بجوارها …..كم تمنت أن تشعر بحنان ودف الأم الذى لم تجربه يوما لكنها قرأت عنه فقط ….كم تمنت لو تستطيع أن تبكى أمام والدتها الآن وهى غير مهتمة باظهارها لضعفها. ….أرادت …وأردت ….لكنها لم تحصل يوما على ما تمنته…..وقفت بجوارها مباشرة ووالدتها تنظر اليها باستفهام حتى قالت اخيرا بصوت هادئ …..ريم ….كيف حالك حبيبتى ثم مدت يديها إليها لتحيتها ….فنظرت ريم بألم إلى يد والدتها الممدودة إليها ….فقربت يديها منها تحيها شعرت بدف يديها لكنها سرعان ما أبعدت والدتها يديها وقالت وهى تشير إلى الكرسى المقابل لها لتجلس ….فجلست بهدوء تشعر بوغز فى قلبها بعد كل هذه السنين فقط سلام بالايدى وقالت وهى تشعر بغصة فى حنجرتها تمنعها البكاء ….انا بخير يا ….أمى قالتها بألم …..ثم تابعت بثبات وقوة ….كيف حالك انتى
-بخير ….لقد كبرتى يا ريم واصبحتى جميلة هل تزوجتى وهل لديكى أطفال ام لا قالت والدتها بسرعة
فردت محاولة ان تخفى حزنها والامها. ….هذا ما طلبت لرويتك من أجله ….ثم تابعت بارتباك ….لقد تقدم لى شخص وجدتى موافقة عليه ….لذلك لو تستطيعى ان تتحدثى مع جدتى وتقنعيها بالرفض او حتى …..
قاطعتها والدتها بحدة …..لماذا يا ريم ..لماذا ترفضيه ربما يكون جيدا …..حبيبتى انتى لستى صغيرة من فى مثل عمرك لديها على الأقل طفلان …..لماذا لا تقبلى …..هل تعلمى أختك التى أصغر منك متزوجة وهى فى انتظار مولودها الأول …..
-نعم عندك حق لكن …..
فقاطعتها والدتها مرة أخرى وهى تحمل حقيبتها مستعدة للذهاب …..آسفة حبيبتى يجب أن اذهب ….اخاكى ينتظرنى فنحن سنسافر خلال أيام ….لذلك سنشترى بعض الأشياء للمنزل الموجود فى القاهرة قبل سفرنا….اتصلى بى. …لا تنسى أن تتصلى بى صغيرتى لتخبرينى بكل شئ …..قالتها وذهبت
ما ان ذهبت حتى شعرت بشئ حار يسقط على وجهها انها دموعها التى خانتها ……تبكى …نعم هى تبكى ….تبكى على ما تمنت انها ستحصل عليه لكنها لم تجده ….كفكفت دموعها بسرعة وامسكت بحقيبتها وخرجت وهى تلعن عقلها وقبل كل هذا قلبها الذى أخبرها أن تتصل بوالدتها فربما تساعدها او على الأقل تنصحها …صعدت سيارتها وهى تكاد لا ترى من دموعها التى وجدت سببا اخيرا لتسقط ….
………
أغلقت باب المنزل بيديها واستندت عليه بوجه واعين محمرة من البكاء …..توجهت حيث غرفتها وقبل ان تقوم بإدارة مقبض الباب رأتها جدتها وقالت بحنان ….هل اتيتى حبيبتى اعتقدت انكى قد تتاخرين ….
فردت بثبات رغم حشرجت صوتها ….انا موافقة
فقالت جدتها بتعجب ….ماذا !!
فردت هى بغضب ….قلت لكى موافقة على الزواج منه ….هل ارتحتى الآن ….ودلفت إلى غرفتها مغلقة بابها خلفهابقوة …وألقت بجسدها على السرير مطلقة العنان لدموعها
ففتحت جدتها الباب وهى تقول بحزن …..ريم …هل كنتى تبكين حبيبتى ….ثم اقتربت منها وجلست على السرير وربتت على راسها وهى تقول بحنان ….هل كنتى تبكين حبيبتى …ما الذى ازعجك….هل انتى منزعجة لأننى موافقة على مالك ….ستعلمين لاحقا اننى لم اخطى فى الموافقة عليه ….ستعلمين انه اكثر شخص يستحقك …..ظلت جدتها تتكلم لكنها لم تكن تستمع لاى شى لقد كانت فى عالم آخر …عالم سيكون فيه الحزن والوحدة رفيقاها طيلة عمرها …..زواجها من مالك لن يغير شيئا…..انتبهت إلى صوت جدتها اخيرا وهى تقول بشك……ريم …مما انتى حزينة ….
فردت ببكاء …..لقد قابلتها ….قابلتها بعد عشرون عاما ….كل ما قامت بفعله عندما راتنى هو سلام بالايدى فقط ……
ثم تحركت من السرير مبتعدة وقامت بفك حجابها وهى تقول بصوت متحشرج متالم…..بدلا من ان تاخذنى بين أحضانها سالتنى عن حالى وذهبت
فنظرت جدتها إليها بشفقة وتحركت وضمتها إليها بحنان …..انسى ما حدث ….أعلم انكى تتالمين. …أشعر بكى حبيبتى انا بجوارك يا ريم لن يفرقنى عنك غير الموت ….ثم أمسكت بوجهها بين يديها وقالت بصوت امومى. ….انتى ابنتى …لستى حفيدتى فقط ….لذلك فالننسى كل شئ ….أريدك أن تكونى غاية فى الجمال غدا …ثم قالت بفرح ….لقد اشتريت لكى فستان سيجعل مالك يجن …
كانت ريم على وشك الاعتراض إلا أن جدتها منعتها بشدة وهى تقول تحاول طمانتها ….ريم أصابعك ليست مثل بعضها حاولى ان تشعرى بحب مالك لكى حينها ستكونين سعيدة …..ثم تابعت بهدوء….ساتركك الان لترتاحى من أجل الغد ….فأنا لا أريد ان تصبح عيناكى منتفختان من البكاء …..
******************
وقفت أمام المرآة وهى تضع قليل من أحمر الشفاه ثم رشت القليل من رزاز عطرها والتفتت بجسدها وتناولت حقيبتها واتجهت حيث الباب ….فشهقت بفزع ما ان رأته واقفا عند الباب يحدق بها
فقال ببرود …..إلى أين زوجتى العزيزة
فبلعت ريقها بصعوبة وهى تشعر بدقات قلبها المتسارعة وقالت ….تعلم اليوم عقد قرآن ريم ومالك
فوضع يديه فى جيبي بنطاله ومشى ببط وهو يقول …..حسنا انتظرينى …سابدل ملابسى وأتى معك
…………….
نزل درجات السلم وهو يرتدى بنطال باللون البيج وقميص باللون الأزرق يحدد تفاصيل جسده بمهارة ابتسمت وهى تراه لأول مرة يرتدى شئ عند خروجه غير ملابسه العملية …..رفع أحد حاجبيه عندما رأى ابتسامتها التى تصل إلى عينيها فقال بطريقته الماكرةالمعتادة …..هل أبدو وسيما لهذه الدرجة
فتنهدت بهيام وقالت بصوت منخفض …..بل أكثر مما تعتقد ….فأطلق ضحكة مجلجلة وقال بابتسامة …..حسنا هيا بنا ….لكن قبل هذا ….فعقد يديه أمام صدره ثم أشار لفمه. …فقالت باستفهام ….ماذا
فأشار مرة أخرى إلى فمه وهو يقول ….هذا
فنظرت ببلاهة إلى فمه ….فاقترب منها ومسح باصبعه على شفتاها برقة …ثم رفع إصبعه أمامها وقال …..هذا ….تريدين أن تخرجى معى وانتى تضعين أحمر شفاه ….ثم قال بسخرية ….انتى لم تحاولى ان تضعيه لى يوما ….لم تحاولى حتى اغراءى لكن بدلا من هذا ….ستقومين باغراء غيرى ……ثم أمسك رأسها بيد ليثبتها وهو يمسح ما على شفتاها قائلا ….حقا النساء ماكرات…أما بالنسبة للفستان الذى ترتديه ….فنظرت الى فستانها بتلقائية…..كانت ترتدى فستان باللون الموف الفاتح على شكل سمكة ضيق حتى الركبة من الشيفون وواسع بعد ذلك من القماش المخرم واكمامه طويلة ولكنه كان يوضح نحالة خصرها …..فقالت بسرعة بانزعاج ….ماذا به ….فتابع هو مقاطعا اياها …… انا لن أتحدث عنه الآن لأن الحفل سيكون منقسم مكان للنساء ومكان للرجال لكن عندما أتى سنتحاسب لكى لا تتكرر مرة اخرى …..ثم امسك بيديها وخرج …….
………………..
 

error: