رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الثامن والعشرون ج3
……………………..……………………..………..
دقات …. و دقات على الباب … جعله ينتفض فى مكانه أثناء جلوسه منتظرا ابنته لتنزل حتى يستطيعان الذهاب إلى منزل مراد … فهو لم يستطع الذهاب اليوم معهم حتى لا يترك ابنته وحيدة … بالإضافة الى بعض الاعمال التى كان يجب ان ينتهى منها …. استند على عصاه وتحرك بخطوات بطيئة نحو الباب … فلا يوجد أحد من الخادم اليوم فجميعهم فى اجازة … فتح الباب وتسمر مكانه وهو لا يصدق عيناه مما يراه ….
” روز !” نطقها سليم بنبرة منخفضة وحشرجة وتعبير وجهه مصدومة …
وكان أول ما ردت به روز عليه
” أين هى ابنتى؟! … أين هو ياسين؟! ”
……………………..…………
نزلت درجات السلم الداخلية لمنزل والدها وهى تحمل ابنتها بين ذراعيها بعد ان قامت بتبديل ملابسها والبستها فستانها الجديد … عقدت بثينة بين حاجبيها وهى تستمع لصوتا عالى ياتى من باب المنزل …
وقفت مندهشة وهى ترى والدها يقف مع امرأة … وهى تصرخ به …اقتربت منهما أكثر وأول ما التقطته اذنيها هو هتاف المرأة بغضب
” أين هى ابنتى يا سليم ؟!؟؟؟…. أقسم إننى ساقتلع قلوبكم ان لم تخبرنى أين هى ؟” قالتها بصراخ هستيرى…. و والدها فقط يقف صامت أمامها لا ينطق بشئ
التفت والدها إليها وقال بصوت هادى تماما
” بثينة … انتظرينى فى السيارة ”
ما ان نطق والدها بكلماته حتى وجدت أنظار تلك المرأة الغريبة موجهة إليها … ثبتت بثينة فى مكانها لكنها تحركت ما ان رأت نظرات والدها المحدقة بها …
خرجت من المنزل وصعدت إلى السيارة وهى تتساءل فى نفسها من هذه المرأة … اتسعت عيناها بقوة حتى ان عيناها التمعتا بالدموع وهى تفكر هل يمكن ان تكون تلك المرأة هى والدتها … نعم … نعم ممكن فهى قالت أين ابنتى …
بعد ما يقارب النصف ساعة و انتظارها فى السيارة … وجدت والدها يقترب منها وتلك المرأة خلفه … فتح لها باب السيارة وصعدت بجوارها بينما والدها ركب بجوار السائق وانطلقوا حيث منزل مراد السيوفى ….ظلت بثينة جالسة فى مكانها بتصلب وابنتها تجلس على قدميها … و المرأة التى بجوارها تبدو من ملامحها الغضب الشديد …. أبعدت فكرة انها من الممكن أن تكون والدتها ما ان رأتها لا تلتفت إليها … رغم أن هذا ألمها … لكنها ظلت تفكر عمن تكون ابنتها التى أتت تسأل عليها والدها … وما علاقة والدها بذلك …
***********************
تم تجهيز حديقة منزل مراد السيوفى على أبهى صورة … فكما تمنت وأرادت والدة العريس ان يكون زفاف ابنها اسطوريا وفعلا تحقق لها هذا … فقد أصرت على إلا تكتفى بالحفلة التى ستقام فى منزل عزيز المنشاوي وصممت على أن تحتفل بزفاف ابنها كما تمنت دائما ورغم صغر المدة التى استطاعوا التجهيز بها إلا أنها كانت تعمل وتتحرك بغير هدى حتى استطاعت تجهيز الجناح الخاص بابنها … وكذلك بطاقات الدعوة ودعوت شخصيات مهمة اصحاب مكانة مرموقة فى البلد … فقامت بترتيب الطاولات التى تم ترتيبها وتجهيزها بطريقة أنيقة وعصرية … وبالفعل قبل أن تصل العروس بدأ المدعون بالوفود ….
دلف سيف هو واروى التى تتباطا ذراعه والسعادة تملاها رغم ما حدث بينهما قبل خروجها لكنها فضلت تناسى ما حدث حتى تستطيع الاحتفال بزفاف صديقتها …
وصلت السيارات من البلدة … التى كانت إحداها تجلس بها العروس …. التى تشبثت بيد صديقتها غير قادرة على منع ارتجافها … رغم أن ريم حاولت تهدءتها إلا أن نور لم تكف عن الارتجاف. .. ربما من الخوف .. وربما من القلق …
بعد ان أعلنوا خروج العروس وهم فى منزل عزيز المنشاوى حتى وجدت نور ترجوها بشدة ان تصعد معها فى السيارة وإن تجلس بجوارها وألا تتركها … وبرغم نظرات مالك المسلطة عليها بحدة إلا أنها أبعدت هذا عنها وصعدت بجوار صديقتها بعد ان طلب منها حازم ذلك بنفسه … ما ان رأى الخوف جلى على وجه نور. .. رغم ان ريم رفضت فى البداية فهو ليس من الذوق إلا انه أصر عليها بطريقة لبقة … فخضعت لهما و صعدت معهما السيارة … بينما هو جلس فى المقعد الامامى بجوار السائق….
وقبل أن يقتربوا من المنزل توقفت السيارة وتم تبديل المقاعد بين حازم وريم … وجلس هو بجوار نور …. وما ان وقفوا أمام بوابة المنزل التى فتحت للمدعوين حتى ترجلوا من السيارة …
ما ان امسك حازم بيد نور حتى شعر بارتجافها الشديد وربما شعر أيضا بدقات قلبها المتزايدة …أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأمسك يديها وهو يربت عليهما برفق … اتسعتا عينا نور بعدما أمسك بيدها ووضعها بين ذراعه … وربت عليها برفق … نظرت إليه مشدوهة ما ان شعرت بملمس أصابعه ….
سارت ريم خلف نور مباشرة وعيناها تبحث عنه … لمحته يسير بعيد عنها مع والدته التى حضرت أيضا … حدق به بقوة فالتقت نظراتهما لكنه سرعان ما اشاح بوجهه بعيدا عنها فشعرت بنغزة قوية فى قلبها من تصرفه معها …
جلس العروسان فى المكان المخصص لهما بهدوء تام بعد ان رحب بهما المدعون بتصفيق حار…
ترجلت بثينة من السيارة وتبعها والدها لكنه نظر إلى المرأة التى كانت تجلس بجوارها بهدوء …
” ابقى هنا … ساتى إليك ” قال كلماته وأمسك بيد بثينة و توجه نحو الحفل … ما ان دخلا حتى اجلسها على الطاولة التى كانت تضم عمها محمود وزوجته كوثر ومالك …
“محمود اريدك” قالها سليم بهدوء لأخيه محمود … وتتبعه الأخير بقنوط …. راقبت بثينة تحركات والدها حتى وصل إلى حيث يقف والد بثينة الذى هو الآخر تتبعه بهدوء ومن بعده كان السيد مراد … وما ان تجمعوا الأربعة حتى تحركوا مبتعدين عن الحفل …
……………………..………
” تبا لك .. كيف تحضرها إلى هنا يا سليم “هتف بها مراد بحدة
” ما الذى كنت تريدنى ان أفعله لقد أتت إلى منزلى وهى تصرخ ولم تهدأ إلا عندما أخبرتها إننى ساوصلها إلى ياسين وابنتها ” رد عليه بحدة مماثلة
” تبا ما الذى أحضرها إلى هنا .. و كيف عرفت أن ابنتها لم تمت ” صرخ بها محمود
” ما الذى سنفعله. .هل ستخبرها أن ياسين مات ” سالهم عادل
” سليم … اذهب بها إلى الجانب الخلفى للمنزل … وأنا سأحاول إبعاد نورا عن المكان حتى لا تشك بالأمر ” قالها مراد وتحرك مبتعدا عنهم ….
جلست روز على أحد المقاعد الموجودة فى الجانب الخلفى من المنزل وهى تضع قدم فوق الاخرى وتنظر لكلا من محمود وعادل وسليم بقرف واشمءزاز ….
” ما الذى أتى بك ” سألها محمود بغضب وحدة
همت من مكانها وكأن كلمات محمود هى القشة التى قسمت ظهرها وتحركت كالمجنونة وهى تهتف بغل ونار مشتعلة بين عيناها
” ألم تكونوا تريدونى ان اعرف بجريمتكم التى فعلتوها…
وتابعت كلامها وهى تمسك بياقة قميصه بقبضة مشددة وهى تهز جسده وهى تقول بصوتا عالى كأنها لبؤة تزمجر عاليا بأعين تشتعل غضبا وكرها لهم
” لماذااااا؟!!!!!….ما الذى فعلته لكم لتفعلوا معى هذا ….انا …انا من جعلتكم هكذا …انا من ساعدة كل واحدا منكم وجعلته يستطيع الوقوف على قدميه ….انا من اعتبرتكم اخوتى….لكن مقابل كل هذا قمتم بطعنى وراء ظهرى….لماذاااا.؟!!..لماذا أخذتم ابنتى منى وحرمتونى من رؤيتها….ساقتلع قلوبكم أنتم الخمسة….أقسم أنى ساجعلكم تندمون على ما فعلتوه معى ….أخذت أنفاسها تعلو أكثر وتركت قميصه ووضعت يدها على فمها وأطلقت العنان لدموعها وهى تقول بحسرة وألم ….لماذا اخذتوها منى ….لماذا!! …..ثم نظرت الى سليم بأعين حزينة منكسرة. ..هل هذا جزاء مساعدتي لكم …هل هذا مقابل صداقتنا ….قمتم بحرمانى من طفلتي …
ثم تابعت بنبرة تهكم …. أين هو زعيم العصابة … الرجل الذى أحببته وتركنى… طعننى وراء ظهرى وأخذ منى روحى ورحل …
ثم صرحت بأعلى ما لديها من قوة وصوت … أين هو ياسين … أقسم ان اقتلع قلبه لما فعله معى …
” مات ” نطق بها مراد ببرود
…. نظرت روز حيث مصدر الصوت وعيناها تتسع من الصدمة … جاهدت نفسها حتى لا تقع ولكنها لم تستطع الثبات وتمثيل القوة أكثر من هذا وتهاوت إلى الأرض فى غيمة من السواد …. بينماالأربعة رجال كلا منهم ينظر إلى الآخر بهدوء تام ….
***********************************************************
نهاية الفصل الثامن والعشرورن
 

error: