رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الثالث عشر (الجزء الأول )
وقفت تنظر من خلال النافذة العريضة لغرفة حضانة الأطفال …..برداءها الأبيض الذى زادها نقاء واشراقا…..وعيناها الزرقاء تتلألأ من السعادة وهى تداعب أحد الأطفال وتضحك له وتفعل حركات كرتونية بوجهها ويديها ….وكأن الطفل كان يفهم حركاتها فيضحك ويحرك قدميه ويديه بعشواءية …..وقفت منسجمة تماما مع هذا الطفل وغيره من الأطفال الذين يملاءهم البراءة والنقاء ….كم تعشق الوقوف فى هذا المكان ولو قليلا عندما لا يكون لديها اى عمل فى المشفى …..هذا هو المكان الوحيد الذى تجد فيه نفسها ….ريم كما لم يعرفها أحد من قبل …..الرومانسية الحالمة النقية البعيدة تماما عن تلك المرأة سليطةاللسان العنيفة ….التى تحلم فقط بطفل تحمله بين يديها وتدغدغه وتحتويه …..تريد ان تعوضه عن ما فقدته هى من احتواء وأمان لم تجده ويبدو انها ستظل تبحث عنه ……أن كانت يوما ستفكر فى الزواج فلن يكون إلا من أجل ان تنجب طفلا ……لا يوجد رجل محب لامرأة جميعهم كاذبون سيبنون لكى أحلام وقصور وبعد ذلك سيتركوكى محطمة ……..ومن دون ان تشعر وجدت ذاكرتها ترجعها للماضى لأكثر من عشرون عاما
ركضت بسرعة تختبئ فى غرفتها …..عندما بدأ شجار والديها المعتاد والصراخ وهما يلقيان على بعضهما أفظع الألقاب ……فسمعت صوت العديد من الأشياء وهى تتحطم …..ووالدها يصرخ ويسب …..ووالدتها تصرخ ببكاء شديد ….وكلما كانت تزداد شدة شجارهم وصراخهما كانت تنكمش أكثر بجسدها الصغير فى أحد الأركان وتضع إحدى يديها على اذنها تحاول أن تمنع وصول تلك الأصوات إليها والاخرى تضعها على فمها تحاول منع شهقاتها وبكاءها …حتى أمسكت أحد الدمى الوردية الموجودة بالغرفة تضمها إليها أكثر لعلها تجد فيها الأمان وتحميها من ذلك الصراخ الذى بالخارج …..حتى شعرت بالهدوء وأن الأصوات قد توقفت ….فانتظرت قليلا ثم تحركت مبتعدة من مكانها تفتح باب غرفتها الوردية ببط ……. حتى لمحت والدتها تجلس على الأرض تبكى ووجهها ملئ بالكدمات وآثار الضرب …..أرادت الذهاب إليها لكى تحتمى بها لكنها خافت من ان تقوم والدتها بأبعادها عنها او حتى الصراخ بها ….فاغلقت باب غرفتها ….وجلست على السرير تنظر بعيناها الزرقاء الدامعة فى المكان ….فمدت يديها الصغيرة تبعد خصلات شعرها الحمراء عن عينيها ….وهى تقول بطفولية وببراءة تحاول ان تطمان نفسها ……وتعطيها الأمان ….لن تبكي يا ريم ….انتى كبيرة ….لا تخافى انه يحدث دائما وهما انتهيا من شجارهما وسيعودان جيدين ….لذا لا تخافى
عادت بذاكرتها ….بعد أن خانتها دموعها وبدأت بالسقوط …..رغم انها بكت كثيرا ….وأصبحت معتادة على التذكر. …إلا انها كلما تذكرت ما كان يحدث بين والديها ….تتخيله وكأنها تراه أمامها …..هوت بجسدها على أرضية الرخاميةالبيضاء للمشفى. ….تضع يديها على وجهها و تزداد شهقاتها أكثر وأكثر …..
عندما كان عمرها سبعة أعوام ….والدتها طلبت الطلاق فهى لم تعد تتحمل العيش مع والدها وتركتهما….رغم أن والديها قد تزوجا عن حب إلا أنهما لم يستمرا مع بعضهما ولا أحد علم سبب شجارتهم تلك ………شعرت بجسد يقترب منها ويجلس بجوارها ويستند بجسده على الحائط. ……حتى قال بانزاعاج ……ماذا أفعل يا ريم …..هل أقوم بإلغاء قسم الأطفال ….لكى لا أرى حزنك هذا ….عندما أبحث عنكى ويقول لى أحدهم انكى فى قسم الأطفال انزعج وانا أعلم انكى لن تتوقفى عن بكاءك هذا
فرفعت رأسها إليه بعينان حمروان وهى تقول بشهقات. …..ماذا أفعل يا ماهر ….لا أستطيع أن انسى ….وأنا لا أستطيع الا أتى إلى هنا ….انه المكان الوحيد الذى أجد فيه السعادة
فنظر إليها بحزن ….فهو يعلم جيدا بمشاعر ريم والشرخ الكبير الذى حدث فى شخصيتها منذ ان انفصل والديها ….شئ صعب ان تكبر ولا تجد والديك حولك فى الوقت الذى احتجت إليهم به …..
فنظر إليها باهتمام وهو يتحرك واقفا بسترته الطبية البيضاء ويرتدي تحته قميص باللون الأبيض وبنطال بذلته الزرقاء فقال بتذكر …..ريم. .نسيت صحيح ان أسألك ….لماذا لم تأتى منذ أكثر من عشرة ايام …..هل نور ما تزال حالتها سيئة ومد إليها يده لكى يساعدها على الوقوف …لكن كعادتها رفضت مساعدته ووقفت هى بنفسها وقالت وهى تقوم بتعديل سترتها الطبية ……لا تقلق نور بخير وانا سأعرف كيف اجعلها تنسى ذلك الوغد قالتها بغضب
فنظر إليها بانزاعاج وقلق …..ريم ما الذى تفكرين فى فعله ….أروى اخبرتنى بما فعلتيه بالعروس ومن دون ان يشعر أطلق ضحكة حاول منعها بشدة وهو يتذكر ما قالته له أروى وهى تصف ريم وما فعلته فى حفل الزفاف ….فنظرت إليه بأعين حادة محمرة جعله بسرعة يوقف ضحكته وهو يقول باسف …آسف ….ثم تابع بجدية مصطنعة…حسنا ما الذى تفكرين بفعله ….يا رئيسة العصابة
فقالت بغضب …..انا رئيسة العصابة ….وتابعت وهى تبتعد عنه مغيظة إياه …..لن أخبرك
فركض وراءها وهو يقول بفضول. ….حقا ما الذى
تنوين فعله …..فوقفت أمامه تقول بابتسامة ثقة وهى تضع يديها فى جيبى سترتها …….هل تعرف طبيب المخ والأعصاب ….ذلك الطبيب الذى طلب مقابلة تعارف منى منذ أكثر من ثلاثة أشهر
فقال باهتمام وتركيز وهو يقف أمامها ……نعم أعرفه وأظن انكى رفضتى طلبه بسرعة ….ثم نظر إليها وعيناه نصف مغمضة بلؤم وقال …..ولكن ما الذى ذكرك به الآن
فقالت بابتسامة أظهرت أسنانها البيضاء …..لقد رجعت فى كلماتى ثم تابعت وهى تعد صفات ذلك الطبيب …..انه طبيب مشهور ….وماهر فى عمله …ووسيم …وطويل القامة …..ثم تابعت بابتسامة رضا وتنهيدة ارتياح جعلته يعقد حاجبيه فى شك …..فوق كل هذا هو طيبب…..سيكون ثناءى رائع مع نور
فقال بحدة وسرعة …..هل جننتى …..ريم ما الذى تخططين له
فقالت بنفس ابتسامتها وهى تشبك أصابع يديها مع بعضهما ……أخطط ان أوفق رأسين فى الحلال
ففرغ فاهه وقال ببلاهة…..ماذا
فنظرت إليه بغضب ثم أغمضت عيناها وفتحتهما وقالت بهدوء وهى تسير أمامه …..لقد قرأت مقولة ما ….تقول لكى تستطيع ان تنسى المرأة رجل عليها برجل آخر ….ثم تابعت مفكرة ….اظن أن مضمونها هكذا …..
فقال وهو يصتك على أسنانه ….هل تعلمين هذه أكثر مقولة غبية فى هذا العالم ……لانكى بهذه الطريقة ستظلمين الطرف الآخر ….لانكى ستستخدمينه لكى تجعلى صديقتك تنسى ذلك الآخر الذى خدعها….أليس كذلك
فاومات برأسها ….نعم
فقال ……لا هذا خطأ ….انكى تريدين مساعدتها حقا ساعديها بأن تنساه أولا وبعد ذلك تستطيعى ان توفقى راسين فى الحلال كما تقولين
فقالت بحدة ….لا …انها أكثر طريقة صحيحة ….وأنا هكذا اساعدها
فقال بهدوء ….ريم ما تفعلينه ليس صحيحا
فقالت وهى ترفع حاجباواحدا …لا شأن لك
ثم سارت مبتعدة عنه عدة خطوات …..فمرر أصابع يديه بين خصلات شعره السوداء بغضب …..تبا …لقد أصبح رأسها يابسا للغاية ….انها حقا حفيدة الحسينى بجدارة
فلحق بها بخطوات سريعة حتى وقف أمامها وقال بهدوء …..حسنا أين ستقابليه ….وكيف ستجعلين الأمور تسير
فقالت ….ساقابله فى مطعم (…….)غدا….وساخذ معى أروى ….
فزفر بقوة وهو يضع يديه فى خصره وقال بحدة …..لقد جننتى وما شان أختى فى كل هذا يا ريم …..
فنظرت إليه وعيناها تلمع شرا منه لكنها أغمضت عيناها محاولة تهدئة نفسها وذهبت من أمامه بكل غرور وكأنها لا تراه …..وهذه المرة هو لم يحاول اللحاق بها ….وقف فى مكانه وهو يقول بقلة حيلة ….حسنا يا ريم ….
************
جلس على مكتبه يتفحص بعض الأوراق الخاصة بالعمل ….حتى دخل عليه خادمه يخبره أن السيد سليمان أتى ويريد مقابلته فطلب منه ادخاله بسرعة ….استند سليم على عصاه ووقف يرحب بالضيف بحبور…..دخل الحاج سليمان إلى غرفة المكتب بهيبة…..فرحب الاثنان ببعضهما وخرجا من المكتب وجلسا فى الصالون الموجود فى غرفة الجلوس …….
فقال سليمان بهدوء وهو يرتشف من فنجان قهوته ….كيف حالك يا سليم
-بخير ….ثم تابع بحنو. ….وكيف حال سيف
فضحك سليمان ….بخير …انه أفضل منك لا تقلق
ظلا الاثنان صامتان وكل منهما يرتشف قهوته …..حتى قال سليمان بأعين خبير وابتسامة …….بالتأكيد انت تفكر الآن عن سبب مجى إليك أليس كذلك
فنظر سليمان إليه موكدا لما قاله وقال بابتسامة ……حقا سيد سليمان دائما تستطيع قراءة افكارى من دون ان اقول شئ تعرف ما أريده …..
فضحك سليمان بخفوت وقال بهدوء …..سليم اتمنى أن تتحسن علاقتك بابنك. …أريده ان يفهم كل شئ ….أنت لم يكن لك ذنب بموت فيروز ثم تابع بألم …..ابنتى كانت مريضة منذ ان ولدت …ورغم أنك كنت تعلم بمرضها إلا انك وافقت على الزواج بها ….أعلم ان فيروز كانت أنانية فى اتخاذ قرار الحمل من دون ان تخبر أحدا لكن …شعر بخصة فى حلقه فتوقف قليلا ثم تابع ……لكن ….لكنها كانت تفكر فى وفيك …..فى أيامها الأخيرة تابعت مع أكثر من طبيب والجميع أخبرها أن حالة قلبها ليست سيئة ….لذلك قالت ستحاول ولو كان مقدر لها أن تكون على قيد الحياة ستكون حتى ولو أصبحت حاملا …..لكنك عندما علمت شعرت بأنها خانتك او انها أنانية لأنها اتخذت القرار وحدها …..لذلك هى لآخر نفس بها كانت تتخذ لك الأعذار …..كانت تعلم جيدا انها جرحتك …وفى شهورها الاخيرة حقا احتاجتك وقالت لى بأنك ستسامحها عندما تحمل طفلك بين يديك ….برغم آلامها لكنها كانت سعيدة لأنها ستترك شيئا منها …..ترقرقت الدموع فى عينى سليم حتى كاد أن يبكى لكنه تماسك بسرعة ودفن وجهه بين كفيه وهو يفكر انها كانت دائما تفكر به هو لكنه لم يتحمل أن تخبره بأنها حامل وأنها اتخذت قرارها من دون حتى ان تخبره …بعد موته تاكد انه هو من كان الانانى فى علاقتهما تلك …..هو من كان يفكر بنفسه …هو الذى هرب بدلا من أن يبقى بجوارها مع انها كانت تحتاجه …..أخذ نفسا قويا ثم زفره بقوة …..وقال بألم ……أعلم ….أعلم انه ما كان على تركها ….أعلم إننى كنت انانى. …وعندما عدت ….ابتعد وهو يعطيه ظهره متابعا بألم وصل لاضلعه …..كان ابنى قد كبر ولم يعد بحاجتى ….
-سليم ….سيف لا يكرهك …انه فقط حزين لأنك ابتعدت عنه ….حاول …حاول يا سليم ان تقربه منك ….واروى هى من ستساعدك فى هذا ….أروى فتاة طيبة ….هى من ستجعل سيف يفهم كل شى والدليل ما فعلته يوم الحادث …..
التقى حاجبى سليم باستفهام …..ما الذى تقصده ….انا لا افهم شيئا
فقال سليمان بهدوء …..تعالى أجلس وانا سأخبرك بكل شى
جلس سليم كما طلب منه الحاج سليمان ……فتابع سليمان بصوت منخفض …..هل تتذكر الحادث الذى تعرض له سيف عند بداية عمله فى الشركة
فنظر إليه سليم بانتباه يطلب منه المتابعة …..فقال سليمان …..بعد ان انهى سيف الجامعة بدء العمل فى أحد الشركات التابعة لى كموظف مبتدأ ….لكنه استطاع إثبات جدارته خلال عدة سنوات حتى وصل إلى المكانة التى هو بها الآن …..فصمت الحاج سليمان قليلا وقال ….كما تعلم انا لدى الكثير من الأعداء …..الجميع اعتقد انه بموت فيروز لم يعد لدى وريث وأن كل شئ سيعود إلى اخوتى وحتى ان ورث سيف منى سيرث القليل …..لكن عندما راءه الجميع بدأ يقبض سيطرته أكثر وأكثر على الشركات حتى ان أخى الأكبر (عزت )قام بكتابة عدد من الأسهم باسمه حتى أصبح خطرا يهددهم جميعا …….وما زاد الأمر عندما قام عزت بجعل سيف يدخل فى مناقصة كبيرة باسمه …….المهم الان كل هذا جعل سيف عدو لدود لعدد كبير من أصحاب النفوذ
فقال سليم بحدة …..من هم هل عرفت أحد منهم ….اظن أنك اخبرتنى انك لم تصل لمعرفة اى شخص منهم حتى الآن
فقال سليمان بسرعة مقاطعا له …..سليم …أرجوك اجعلنى أتابع وبعد ذلك يمكنك أن تتحدث ….
اغمض عيناه ومن ثم زفر بقوة ….وهو يستمع لباقى حديث الحاج سليمان
فتابع سليمان بهدوء ……بعد ذلك قاموا بمراقبته جيدا ووضعوا يوما لقتله …….ثم نظر إلى سليم وقال …..هل تعرف من الذى أنقذ حفيدى فى ذلك اليوم …..هل تعرف من الذى اتصل بك لإنقاذ سيف هل تتذكر …….
فقال سليم محاولا التذكر ……اظن انه ….انه ….كان صوت فتاة
فقال سليمان موكدا ……نعم انه صوت فتاة ….هل تعرف من تكون ……فنظر إليه سليم متساءلا. ….فتابع سليمان …..لقد كانت أروى هى من اتصلت بك
جحظتا عيناى سليم بتعجب …..فاكمل سليمان …..فى ذلك اليوم لولا مجيءك يا سليم …لكان ضاع منى سيف للأبد ….رغم انه قد أصيب إلا انك انقذته من الموت …..وأيضا أنت ….فنظر إلى قدمه المصابة من ذلك الحادث …..أنت أيضا لم تخرج سليما من ذلك الحادث
فرد سليم شاردا فى ذلك اليوم وهو يضع يديه على قدمه المصابة التى أصابتها أحد الرصاصات وهى التى سببت ذلك العجز له ….. انه ابنى …هذا فقط ما قدمته له طيلة حياتى ….
فقال سليمان بخفوت وامتنان …..شكرا لك ….
فظهرت شبه ابتسامة على وجه سليم …..انه ابنى ….لا تشكرنى على ما كان يجب على فعله منذ زمن ……ثم تابع بانتباه. …..هل لهذا قمت بتزويج أروى لسيف
فضحك سليمان ……نعم ….لهذا طلبت يد أروى لسيف …..مع انه ليس هذا السبب فقط …..لقد رأيتها فى غرفة سيف عندما كان فى المشفى وهى تمشى على أطراف أصابعها لكى تدخل وتخرج ….رأيتها تبكى وتتحدث معه فى الوقت الذى لم يكن يستمع فيها لأحد وتحتضنه بقوة إليها ….رأيتها من دون ان تشعر …..حتى انها لأتعرف ان احدا راءها …..حتى سيف نفسه لا يعرف انه هى من كان يبحث بعيناه عنها عندما أفاق عن تلك الرائحة وذلك الصوت الذى كان يتحدث معه ويبكى …..لا يعرف ان من يبحث عنها فى بيته وزوجته …..لكن انا متأكد انه سيعرف من تكون …….ثم نظر إلى سليم محذرا …..إياك ان تخبر أحد بما حدثتك به …لكى لا يصل الأمر إلى ابنك ويضيع مخططى هباء ….ثم قهقه عاليا ….أريد ان اجعلها تتلاعب به قليلا ….مع اننى متأكد بأنه سيعرف ……
*********************
جلست على سريرها تتابع بعيناها خروجه من الحمام الملحق بغرفتها ورائحة كريم الحلاقة الخاص به تملى المكان …….اتعقدت انها تخلصت منه
عندما قامت بنقل جميع ملابسه إلى غرفته لكى لا يزعجها ….لكنه أصبح أكثر ازعاجا ففى نفس اليوم قام بجمع جميع الملابس التى قامت بترتيبها له فى غرفته فى نفس الحقيبة وقام باعادتها مرة أخرى…..ومنذ اليوم الذى حاول التقرب فيه منها أصبح يتحاشى وجودها ويتفادها بكل ما يستطيع لعدة ايام ….لكن بعدها أصبح يدخل الغرفة أكثر بحجة انه قد تعود على هذا الحمام وهو لا يستطيع استخدام اى حمام آخر غيره ….تاففت بانزعاج عندما رأته يقف أمام المرآة وهو نصف عارى بصدره الصلب واكتافه العريضة ويرتدى فقط بنطالا قصيرا ……وقف يمشط شعره وهو يدندن بعض من الاغانى بصوته النشاذ الخشن الذى إذا سمعه أحد سيهرب فورا لأقرب مشفى لغسل اذناه من مما سمعه ……دقات قلبها ازدادت حتى انها شعرت بالسخونة فى جسدها وهى تلمحه ينظر إليها بنصف عين مبتسما بمكر ……ومن دون ان تشعر عيناها اتجهت إلى ذلك الجرح فى كتفه أثر ذلك الحادث ….جعلت عيناها تترقرقان بألم وهى تتذكر ما حدث ذلك اليوم ……لقد اعجبت به منذ ان كانت صغيرة عندما كانت تراه مع جده …..كبرت وكبر حبه معها ….وعندما كانت فى المرحلة الثانوية وهو فى الجامعة ….كانت تذهب لرؤية مسابقات الاسكواش التى كان يقوم بها النادى الرياضى المشترك به تراقب كل حركاته همساته وحتى تعبير وجهه الغاضبة ……وعندما كانت فى الجامعة ….كانت تنهى محاضراتها وتذهب إلى الشركة تراقبه من بعيد لم تجرأ يوما على الاقتراب ….حتى جاء ذلك اليوم عندما سمعت مجموعة من الرجال ملثمين يتحدثون عن قتله ……وكان هناك عدد من السيارات الدفع الرباعية موجودة حول الشركة …..ما ان سمعت هذا حتى دارت عيناها بذعر لا تعرف ماذا تفعل كانت قريبة منهم وحمدت الله أنهم لم يستطيعوا الشعور بها …..حتى ذهبت إلى أحد كبان الهواتف واتصلت بوالده تخبره بما سمعته وهو ما ان سمعها حتى أغلق الهاتف من دون ان يعرف حتى من تكون …..أغلقت الهاتف ومن ثم عادت مرة أخرى تراقب من بعيد حركات الرجال محاولة إلا يشعروا بها وهم يراقبون خروج سيف من الشركة …..حتى خرج وبدأوا بسيل إطلاق الرصاص عليه …أصيب برصاصتين فى كتفه الأيمن ….لكنه بسرعة استطاع التماسك واحتمى بأحد السيارات حتى خرج أمن الشركة واشتبك الطرفين فى إطلاق الرصاص …..اطلقت سيارة والده صريرا عاليا وترجل منها بسرعة ومن دون ان يشعر دخل بين هذا الاشتباك حتى استطاع الوصول إلى ابنه الغارق فى دماءه فاقدا للوعى….حمله بسرعة على اكتافه وعندما لا حظوا خروج سيف حاولوا مرة اخرى إطلاق الرصاص عليه ….لكن هذه المرة أتت الرصاصة فى أحد أقدام السيد سليم …..وما ان أطلقوا آخر رصاصة حتى صعدوا سيارتهم بسرعة وتتبعتهم سيارات الشرطة التى أتت فى آخر لحظة …..لكنهم لم يتمكنوا من اللحاق بهم ……أتت سيارة الاسعاف بسرعة بعد أن تجمع العديد من الصحفيين يحاولون التقاط الصور او أخذ اى معلومات مما حصل …..توجهت سيارة الاسعاف بسرعة إلى أحد المستشفيات الكبيرة ….وما ان دخل المشفى حتى ادخلوه بسرعة إلى غرفة العمليات لإخراج الرصاصتين ….
خرجت من شرودها على صوت رنين الهاتف ….فامسكت به ضغطت زر الإجابة ووضعته على اذنها ……مرحبا ريم ….بخير ….ماذا ….غدا لماذا …..حسنا …كما تريدين إلى اللقاء
فالتف هو بجسده إليها ونظر إليها بحدة …وأمسك بقميصه الأبيض وخرج من الغرفة ….نزل درجات السلم سريعا وهو يغلق أزرار قميصه …..وخرج من المنزل …….
**************
عاد والدها من سفره منذ يومان …لم تريد أن تخبره بما حدث لها خلال سفره لأنها لاحظت تعبه وارهاقه عند عودته لذلك لم تحب أن تثقل عليه ….ولكى لا يشعر أكثر بشئ بدأت فى الذهاب إلى عملها ….فما شأن عملها بما حدث كما انها أيضا لم تنتهى من القضية الموكولة إليها …..توجهت إلى الشركة باعين حزينة وخجولة فمعظم من كان بالشركة كانوا يعلمون بعلاقاتها مع مازن كما أنهم حضروا الزفاف لذا بالتأكيد رأوها وهى تخرج باكية لكنها لم تبكى ….حقا لم تعد تتذكر ان كانت دموعها قد خانتها وسقطت أمامهم ام لا …….دلفت إلى مكتبها أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بقوة ….وجلست على مكتبها مطاطاة الرأس حزينة ……وبعد دقائق دخلت إليها سكرتيرة المدير تخبرها بأن السيد حازم يريدها …..بحثت عن ألاوراق الخاصة بالقضية وذهبت الي مكتب المدير
جلس على كرسى مكتبه وهو يدق باصابعه الطويلة النحيلة على مكتبه وهو ينتظرها ….لأكثر من عشرة ايام هى لم تأتى إلى العمل حتى كاد أن يجن فى التفكير عن كيف أصبح حالها وهل استطاعت أن تنساه فى هذه الفترة ام انها مازالت تتألم لفراقه…….يقولون أن أوجع الأيام بعد الحب، ليس أولها، لأن النبتة لا تتألم فور انقطاع الماء، بل عندما يبدأ الجفاف فعلا …..إذا هل هى تتألم أكثر الآن ….مجرد انتظاره لمجيءها لرؤية وجهها وكيف أصبحت يجعله يفكر بالركض وقتل ذلك ال مازن ……مرت عليه لحظات انتظارها بالنسبة له كالدهر. …..حتى سمع صوت دقاتها الخفيفة التى بات يحغظها عن ظهر قلب ….والتى تبعتها دخولها …..ظهر الانزعاج عليه من رؤيتها هكذا …..وجهها شاحب وعيناها انطفى بهما اللمعان المعتاد ….وجسدها نحيل هل تعذبت لفراقه واصبحت هكذا …..شعر بألم فى صدره وكأنه طعن بسكين باردة تتغلغل فى اوصاله ببط …….أخذ نفسا عميقا ثم زفره لعله يجعل قلبه يرتاح ……طلب منها الجلوس فجلست وجلس هو أمامها بهدوء مخالف تماما للنار المشتعلة فى قلبه ……هل يبدأ كلامه بالسؤال عن حالها لكنه نفض ذلك بسرعة عن رأسه …..وبدأ فى السوال عن ما وصلت إليه فى القضية ….اعتذرت بخفوت وخجل بأنها لم تكن بخير لذلك لم تعمل على القضية …..ولكنها وعدت بأنها ستبدأ بالعمل بها بكل جهدها ……اؤما ب برأسه موافقا وكاد ان يتكلم حتى قطع عليه ذلك صوت رنين الهاتف …..
آسفة …..قالتها بارتباك متاسفة
فسمح لها بالرد ……وقفت مبتعدة عن كرسيها…..وضغطت زر الإجابة ووضعته على اذنها ……حتى قالت بخفوت ….ماذا يا ريم انا فى العمل الآن
فقالت نور بفرح …..رائع. ….رائع انكى ذهبتى للعمل
فقاطعتها نور بسرعة …..ماذا هناك …..يجب أن أغلق الآن
فقالت الأخرى بسرعة ….حسنا …حسنا …كل ما أريده قوله أريدك أن تأتى إلى مطعم ال (……)عند انتهائك من العمل …..وأنا سأمر على أروى لاخذها وبعد ذلك ساتى اليكى
فقالت نور بغضب وصوت عالى لم تستطع التحكم به …..هل جننتى يا ريم ….ستفعلين ما فى رأسك …..لقد قلت لكى اننى لن أقابل أحد أليس كذلك …..هذه ليست الطريقة الصحيحة لكى أنسى مازن
فردت ريم بحدة ….اصمتى انتى لا تفهمى شيئا. ..انا اعرف أكثر منك ….لذلك ساتى لاصطحابك ….ومن دون ان تسمع اى رد أغلقت ريم الهاتف
فتاففت نور بغضب جعل حازم يضم حاجبيه بانزعاج. …..فقد سمع ما دار بينهما من حوار …..فالتفتت إليه وجمعت جميع الاوراق بارتباك ….وهى تعده بأنها ستخبره بالتفاصيل اول بأول ….وخرجت من المكتب ….فهم واقفا بغضب ….فقال وهو يصتك على أسنانه …….نخرج من مازن …..ندخل فى تلك المقابلة …..فنظر إلى ساعة معصمه وقال …..ما زال الوقت مبكرا على موعد الخروج ….حسنا سأنتظر …..
***************
أنهت عملها بالمشفى سريعا وهى سعيدة …..صعدت سيارتها وانطلقت بها مسرعة لتمر على أروى أولا لاخذها …..
………………
دخل الى المشفى وهو يحمل بين يديه باقة كبيرة من الزهور الحمراء….أبتسم ابتسامة وصلت إلى عيناه وهو يفكر عما ستكون ردة فعلها عند رؤية تلك الباقة …ربما تشعر بحبه لها ولو قليلا …بحث بعيناه عنها فى قسم الطوارئ لكنه لم يجدها فقرر الذهاب إلى مكتب ماهر ……دق الباب ومن ثم دخل بعد أن سمح له …..رحب ماهر به ….ومن دون مقدمات سأل مالك عن ريم …..فرد ماهر بعدم تركيز وهو ينظر إلى الأوراق والملفات التى أمامه وقال …..ذهبت لكى توفق راسين فى الحلال
انعقد حاجبى مالك فى انزعاج …فرفع ماهر رأسه إلى مالك وهو ينهر نفسه على عدم تركيزه
فجلس مالك وقال بهدوء متسائلا …..ما الذى تقصده ..
فبلع ماهر ريقه بصعوبة يحاول أن يجمع فى رأسه اى شئ لقوله لمالك من دون ان يفسد الأمور لكن للأسف لم يجد اى شئ لقوله فصمت
فعاد مالك سواله مرة أخرى بانزعاج …..ما الذى تقصده يا ماهر ….وتحدث بسرعة ….قالها بغضب لم يستطع اخفاءه
فقال ماهر محاولا تهدءته…..حسنا اهدء واستمع …..فنظر إليه مالك بنفاذ صبر ….فتابع ماهر رغم نظراته …..أنت تعلم بما حدث لنور ….لذلك هى ستذهب معها لمقابلة أحد ما لكى تنسى ذلك الفتى ….حتى ان أروى ستذهب أيضا
نهض مالك غاضبا …..ماذا ……واروى أيضا ……مقابلة من ….
فرد ماهر ….طبيب معنا …..ذهبت ل…..
لم يستطع ماهر إكمال كلامه بسبب مقاطعة مالك له وقال بسرعة ….أين تلك المقابلة فصمت ماهر ….فنظر مالك بحدة …..قلت أين تلك المقابلة
فقال ماهر بقلة حيلة ….مطعم (……)
فخرج مالك بسرعة من المكتب ومن المشفى بأكملها ……صعد سيارته وانطلق مسرعا ….حتى اوقف سيارته …..وهو يحث نفسه على التفكير بتعقل ….حتى أتت فى رأسه فكرة وامسك الهاتف وضغط بعض الأرقام ووضعه على أذنه حتى أتاه الصوت فقال مرحبا …..كيف حالك ….يا سيف ….لم اقابلك منذ فترة
أستغرب سيف من مكالمة مالك وهل اتصل به لسؤاله عن حاله فرد سيف ببرود ….بخير أفضل منك
فضحك مالك بخفوت وقال …..بالطبع انت تعلم أننا أصدقاء وفوق كل هذا نحن أبناء عمومة لذلك اردت فقط ان أخبرك بشئ ما ….
فنعقد حاجبى سيف وقال ……ماذا ….ماهو
فقال مالك بسرعة ومكر …..هل تعرف أين هى زوجتك الآن
فرد سيف بغضب …..مالك …هات ما عندك بسرعة
فرد مالك بمكر …..هل أخبرتك زوجتك انها ستخرج اليوم ….عموما أروى ذهبت مع نور وريم إلى مطعم (…..)
فقال سيف باستفهام ….وما المشكلة فى ذهابهم ….
فقال مالك بابتسامة شيطانية …..اذهب وسترى المشكلة …..وأغلق الهاتف قبل ان يستمع لرد سيف …..وقال باسف …..آسف يا أروى يجب أن أفعل هذا …..سيذهب هو لكسر رأس ذلك المغفل وانا سآخذ تلك المتمردة واكسر رأسها اليابس ……ثم انطلق بسيارته
…………………..
وضع سيف سماعة الهاتف باستغراب وتافف…..وقال مرددا ….ماذا اذهب وسترى …..فظهر الغضب على وجهه بشدة فامسك هاتفه ووضعه فى جيبيه وخرج من المكتب وعفريت الجن والإنس تظهر أمامه ….رأته سكرتيرته خارجا وهو بهذا الغضب فقالت بسرعة …..سيد سيف هناك اجتماع بعد دقائق إلى أين انت ذاهب …..فقال مزمجرا. …..إلى الجحيم
قطبت السكرتيرة حاجبيها متعجبة من غضب مديرها وخروجه بهذا الشكل ….وهى تقسم ان من اغضبه هكذا لن يحل عليه المساء …….
خرج من باب الشركة وتبعه بسرعة حراسه الشخصين ….فاوقفهم بيديه ففهموا الإشارة وتوقفوا مكانهم …..صعد سيارت وانطلق بها كالصاروخ فى الطريق حيث ذلك المطعم …..وهو يقسم انه إذا رأى ما لم يعجبه ….سيجعل يومها اسود من سواد الليل ……..
****************
جلس على بعد ثلاثة طاولات منهن …..يراقب كل حركة منها …..فبعد خروجها من الشركة و صعودها سيارة صديقتها حتى صعد هو الآخر سيارته وانطلق وراءهم ….وها هو الآن يراقب جلوس ذلك المعتوه الآخر …..اسود وجهه أكثر واشتدت ملامحه بالغضب أكثر عندما رأى وسامة ذلك الرجل ….فقد كان مقبولا طويل القامة صاحب جسد رياضى متناسق مع طوله ….حسنا سأنتظر قليلا وبعد ذلك فلنرى ما سيحدث ….قالها حازم فى نفسه متاففا …..
…………………
جلسن الثلاثة كل واحدة فى مقعدها …..أمام ذلك الطبيب الوسيم ….ريم تنظر إليه بابتسامة عريضة ….ونور تنظر إليه بانزعاج وتافف ….واروى علامات الإعجاب والسرور مرتسمةعلى وجهها فاقتربت من اذن ريم التى تجلس فى المنتصف بينها وبين نور وقالت بهمس …..انه وسيم
فردت ريم بفخر ….بالطبع
نظر إليهن بإعجاب فكل واحدة منهن كان لديها جمال وانوثة مختلفة عن الأخرى …..مع انه كان معجب منذ البداية بريم فهو لا ينكر انه أعجب بجمالها وانوثتها التى لم تستطع حتى ملابسها ولا حجابها الوردى اخفاءه وقد خاب أمله عندما رفضت مقابلته ……..
لكن نور كان لديها شى آخر عجيب يجعل اى رجل ينظر إليها يرغب فى حمايتها بطريقته الخاصة فتبدو أمام اى رجل كانها امراة هشة للغاية …..ام أروى فكان لديها جمال يجذب اى رجل اليها كان لديها ما يحتاجه الرجل الحنان ….الحنان كان ينبع من عيناها الذهبية التى زادتها جمالا وابتسامته التى تطمان اى شخص وما زادها جمالا غمازتيها اللتين يزينان خديها …..كل واحدة منهن كان لديها أنوثة خاصة ….تكمل ما يحتاجه الرجل ……
أبتسم وقال ….. أهلا بكن
فنظرن إليه الثلاثة بابتسامة فردت ريم ….كيف حالك انت مروان ….
فضحك مروان بخفوت وقال ….بخير
جحظتا عينى أروى بذعر حتى انها توقفت للحظة عن التنفس عندما رأت سيف يتقدم نحوهم كالاسد حتى توقف أمامهم وهتف بنبرة جامدة وهو ينظر إلى أروى ……مرحبا زوجتى العزيزة
شهقت أروى بضعف وامتلأت عيناها بالدموع عندما رأت غضب سيف الظاهر على وجهه رغم بروده الذى يحاول أن يظهره …..ومن دون ان يقول اى كلمة أخرى امسك بمعصمها بقوة وسحبها وراءه بغضب وهى لم تحاول المقاومة …..جعل الباقين ينظرون إلى آثارهم ببلاهة ….حتى قطعت ريم ذلك الصمت وضحكت ببلاهة وقالت للجالس أمامها ….لا تهتم ….انه زوجها
فضحك هو الآخر مثلها وقال …..اها زوجها
فقال فى نفسه وقد خاب أمله ….لقد ذهبت لقد كانت جميلة ….لكنها حقا خسارة فى ذلك المعتوه
فحاولت ريم بدء الكلام مرة أخرى ….فقطعه مالك بجلوسه المفاجئ وهو يقول بابتسامة جامدة …..حبيبتى …هل انتظرتى كثيرا …..ثم توقف وامسك بيديها وقال بغضب …..هيا بنا لكى لا نتاخر على موعدنا ….هيا
وقفت غاضبة وقالت …..لماذا تمسك يدى هكذا ….أتركني
فوقف الآخر وقال …..يا سيد هذه ليست طريقة لتعامل امراة
فنظر إليه مالك بغضب عاصف واقترب منها وقال وهو يصتك على أسنانه بنبرة تهديد …..هل ستذهبين بهدوء ام انكى تريدين أن أكسر عنق ذلك الاخرق واكسر فوقه ذلك المطعم ….وانتى بالتأكيد تعلمين إننى أستطيع ….لذلك تتبعينى بهدوء ….تتبعته ريم بهدوء بعد ان بدء الخوف يدب فى اوصالها ونظرت إلى مروان باعتذار وذهبت ……فنظرت نور إلى مروان بجمود بعد ما رأته …..وقالت بسرعة …..آسفة
فاوما برأسه مستغربا فهو لم يعد يفهم شيئا. ….أمسكت نور كوب العصير بتوتر ….فشعرت بظل اسود يقف بجوارها فرفعت عيناها إليه ….فرأت مديرها يقف غاضبا ووجهه ملاءه السواد …..حتى قال ببرود ونبرة تأنيب ….كيف تخرجين يا انسة هكذا ….ألم نتفق انكى ستبقين لكى نتناقش فى القضية
فقالت بارتباك ….انا لا أتذكر أننا اتفقنا على هذا
فرمق حازم مروان بازدراء واشمءزاز جعل الآخر يتعجب من نظرته ….حتى قال حازم بصرامة ولهجة امر ….. تتبعينى يا انسة ….
فوقفت وهى تعتذر لمروان وذهبت ورائه بسرعة …..مد مروان يده حيث فنجان قهوتها ونظر إلى الفراغ ببلاهة فهو لم يعد يفهم اى شئ …..ويبدو انه لم يفهم …..لكن كل ما يفهمه الآن ان مقابلته قد فشلت وكل واحدة منهن لديها من يهتم لامرها فضحك بقوة وهو يقول …..انه الحب ….فتنهد بقوة ….يا الله متى أنت الآخر يا مروان ستقع فى ما يسمى الحب …..ااااه متى
……………………
تجمدت فى مكانها وهى تشعر بتنفسه الغاضب فلاحظت بطرف عيناها انعقاد حاحبيه ….واشتداده بيديه على مقود السيارة الذى كاد أن يحطمه بين يديه …..طوال الطريق وهو صامت ولم يتحدث بشئ ….لكنها شعرت بأنفاسه التى تكاد تخرج نارا من أنفه ……حتى دخل بسيارته إلى المنزل الكبير وتوقف أمام الباب ….وما أن توقف بالسيارة حتى ترجلت هى منها بسرعة …..وركضت حيث الباب باقدام مرتجفة انتفض جسدها عندما سمعت صوت إغلاقه لباب السيارة بعنف …….فصعدت درجات السلم تدعو ربها ان تصل بسرعة إلى غرفتها قبل أن يصل إليها …..وصلت إلى غرفتها فتحتها ودخلت وما كادت تغلق بابها حتى وجدته أمامها ينظر إليها بقوة جعلتها تتراجع للخلف من نظراته …….
فاقترب منها ببط كالنمر الذى سينقض على فريسته …..فتراجعت هى للوراء قليلا وكلما كان يقترب كانت هى تتراجع الى الخلف ….حتى توقف فى مكانه وقام بخلع سترته والقاها بإهمال على السرير ثم تابع ذلك بفك ازرار كمى قميصه وابتسامة ماكرة تزين وجهه الأبيض ….كم تكره هذه الابتسامة ان كان يعتقد بأنها ستخاف وترتجف منه فهو مخطئ …لا لن تفعل فحاولت رسم القوة وعدم المبالاة على وجهها …..فاقترب منها أكثر وهى تتراجع للوراء حتى اصطدمت بالجدار خلفها …تحاول أن تجمع شتات نفسها تعلم جيدا أن ما فعلته قد أظهر مارده الشرير. -….وتعلم أنها أخطأت لكن لا وقت لديها الآن لتذكير نفسها بالأمر ولا حتى بالندم ….فاقترب منها محاصرا إياها بجسده الصلب واضعا كلتا يديه على الحائط …..واقترب بوجهه منها حتى شعرت بأنفاسه بقرب صفحة وجهها ….واقترب من اذناها وتمتم بكلماته وهو يقوم بتهجاة كل كلمة يقولها بصوت غاضب
-هل…تعرفى …ما معنى ….ما فعلتيه اليوم
فتمتمت بخوف محاولة منها أن تبدو قوية وهى تتعثر بكلماتها
-و…و…ما الذى فعلته ….انا لم …أفعل شئ
فقال بغضب
-ما فعلتيه اليوم لا تفعله امراة متزوجة ….ما فعلتيه اليوم لن يمر بسهولة زوجتى العزيزة واصتك باسنانه على آخر كلمة قالها
تبا لماذا دائما يقول زوجتى العزيزة أنها تكره هذه الكلمة
فقالت باعين تشتعل غضبا
-انا لست زوجتك ..وأنا وأنت نعلم ذلك
فقال وهو ينظر إلى عيناها
-يا للهول إلا تستطيعى ان تنسى ما حدث …يالقلبك الأسود الذى لاينسى …..لكن هل تعلمين فتوقف لحظة وقال ببرود جليدى مقتربا من شفتاها حتى شعرت بأنفاسه الحارة على بشرتها ……
يجب أن أقوم بتصحيح ما حدث فى تلك الليلة لذلك ….اليوم واقترب من اذناها ستكونين عروسى….
فسمع صوت رنين هاتفه …فابتعد عنها وأخرجه من جيبه فرأى رقم سكرتيرته ….فتذكر بسرعة الاجتماع الذى نسى أمره تماما عندما خرج من مكتبه كالثور الهائج. ….فالتقط سترته وابتعد وقبل أن يخرج حدجها بنظرات منتصرة وقال ……استعدى حبيبتى فاليوم …..أقسم انكى ستكونين بين احضانى. …..ثم خرج من من الغرفة صافعا بابها بقوة …..جعلتها تنتفض وتلعن حظها العاثر الذى جعلها تفعل ما فعلته …..
****************
توقف بالسيارة بقوة جعلها تتحرك بجسدها للأمام. ….
فقال مالك بهدوء …..اهبطي
فقالت هى ببرود ….لا
فحدجها بقوة وقال …..قلت اهبطي
فقالت هى بتصميم …..لا …لا لن اهبط…..وأين نحن …..وما هذا المكان ….إلى أين احضرتنى
فابتسم شبه ابتسامة وقال وهو يترجل من سيارته …..لا تخافى لن اخطفك حبيبتى
فرمقته بقوة وغضب ولكنه لم يبالى ودار إليها وفتح باب السيارة لها وقال بنبرة آمرة . …اهبطي بسرعة
فلم تهتم له وقالت بتصميم …..لن اهبط….أريد الذهاب إلى منزلى ….
لم ينتظر متابعتها للكلام وامسك بمعصمها بقوة جعلها تترجل من السيارة بعنف حتى كادت ان تقع واغلق باب السيارة …..وتابع سيره وهو ممسك بمعصم يديها بقسوة وهو يقودها غير مهتم بتعثراتها أثناء سيرهم إلى أن وصل إلى أحد محلات المجوهرات الكبيرة …..فنظرت إليه بأعين تلتهب شرا …..حتى وقف الرجل أمامهم يسألهم عن طلبهم
فقال هو بحزم وغضب وهو مازال يمسك بمعصم يديها بين قبضة يديه …….اعطنى أغلى خاتم لديك …..فنظر إليها وهو يتابع بحدة …..خاتم ثقيل بما يكفى لمنع قلبها او جسمها من الهرب أو نزعه حتى من اصبعها ……
****************
 

error: