رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الثالث والعشرون (الجزء الثانى )
تعالت الأصوات فى غرفة الاجتماع الكبيرة للشركة الرئيسية لعائلة الحسينى …..حيث اجتمع رؤساء الاقسام والمديرين وأصحاب الأسهم ….بناء على الرسالة التى تم إرسالها لهم عن طريق الفاكس او عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى تخبرهم بالاجتماع السرى الذى سيعقد اليوم ….جلسوا جميعا على الكراسى الجلدية ملتفين حول مائدة الاجتماع الكبيرة …..وكلا منهم يتساءل عن سبب هذا الاجتماع منتظرين سليمان الحسينى ليفصح عن الأسباب …..بدأ كل منهم فى السكوت ما ان رأوا باب الغرفة الكبير يفتح وكالعادة دلوف سليمان الحسينى منه …..لكن هذه المرة لم يخرج سليمان الحسينى بل مساعده …..فبداوا بالهمهمات والتساؤل عن سبب تأخره فهو من حدد هذا الموعد عن طريق الرسائل التى أرسلت وهم فى غنى عن الإنتظار فالوقت من ذهب وكل دقيقة يضيعونها ربما تسبب لهم فى المزيد من الخسائر ….وأيضا هم لم يعرفوا عن سليمان الحسينى تأخره فى مواعيده هكذا…..فبعضهم بدأ يطرح الأسئلة على مساعده ” عن سبب تأخره أولا وعن سبب الاجتماع ثانيا فقليلا جدا ما يجتمع بهم سليمان إلا فى الحالات الطارئة ”
فبدأ مساعد السيد سليمان ” توفيق ” بالكلام قائلا ” ارجو من حضراتكم الصمت والهدوء والإنصات إلى جيدا حتى أستطيع أن أقوم بتوضيح كل شى والإجابة على أسئلة كلا منكم ”
فصمت البعض وأنتظر هو حتى عم الهدوء أرجاء الغرفة الكبيرة واستءنف كلامه قائلا بهدوء ” أولا السيد سليمان الحسينى قد سافر ”
فتعالت الأصوات مرة أخرى فقال توفيق بصوتا عالى وهو يمسك بالميكرفون مقربا إياه من فمه ” أرجوكم استمعوا إلى ”
فصمتوا منصتين إليه فتابع كلامه ” أرجو منكم الهدوء إذا سمحتوا ”
أخذ نفسا مطولا وزفره بقوة وهو يخبر نفسه ان سليمان الحسينى كان لديه قدرة فائقة فى إدارة الحوار واجبار الجميع على الإنصات له بانتباه واهتمام فقال بنبرة هادئة وصوتا عالى حتى يستمع الجميع إليه فهو لا يريد أن يستخدم الميكرفون مرة أخرى تجنبا لأى شئ ” كما اخبرتكم السيد سليمان مسافر منذ عدة ايام وقد قام بتوكيل كل شى إلى ….لذلك …….” بدأ توفيق ببخ سمومه على الحاضرين وملئ قلوبهم وعقولهم بما هو مطلوب ناحية عائلة الحسينى المسءولة عن كل شى لعقود طويلة وانه منذ بداية ونمو جذور تلك الشركة والمناصب العليا فى الشركة لا يتولاها إلا واحدا منهم …..كما أنهم لهم اليد العليا والكلمة الأولى والأخيرة فى كل شئ حتى وإن كان يجتمع بهم على سبيل أخذ الرأى والمشورة……وانه على الجميع ان يستغل هذه الفرصة وإن يتم اختيار رئيس تتفيذى آخر …. كما لمح بكل مكر ان سليمان الحسينى ….سيقوم باختيار او تعين ابن ابنته الوحيدة وجعله الرئيس التنفيذى من بعده لهذه الشركة …..ومن هذه النقطة بالذات استطاع توفيق ملئ رؤوسهم بالحقد والكره لأفراد عائلة سليمان الحسينى …..لانه كان من بين المجتمعين بعض من أبناء عمومة سليمان الحسينى …..الذين كانوا يتمنون الوصول إلى اى منصب فى الشركة وليس فقط كمساهمين. ….وما زادهم حقدا هو علمهم ان بعد موت سليمان الحسينى كل شى سيؤول إلى ابن ابنته ” سيف ” فالجميع يرى انه غير أهلا وحقا لهذا فهو لا يحمل الدم المتاصل من عائلة الحسينى …..
اتسعت ابتسامة توفيق حتى كاد فمه يصل إلى أذنيه وهو يرى أن كلامه قد ثبت فى عقول المجتمعين الذين وافقوه فى كلامه …..وأنهم مستعدين لأى تغير وهم معه ……تكلم توفيق بهدوء أفعى وأخبرهم انه ….سيخبرهم بموعد الاجتماع النهائى حتى يتم الاختيار …كما وضح. …بأنه سيتواجد فى الاجتماع الأخير مفاجأة كبرى للجميع ……نطق بكلماته معلنا عن انتهاء اجتماعهم …..فبدأ الجمع بالخروج من الغرفة …فبعضهم من أخذ قراره بأنه سيحضر والبعض الآخر ما زال يشاور نفسه فهو لن يفيده الانقلاب على عائلة الحسينى وخاصة الأخوة ” سليمان وعزت ” فهو بغنى عن غضبهم إذا علموا بما يضمر الباقين …….
جلس توفيق براحة وهو يشعر بأن نصف مهمته قد تحققت ….أمسك بهاتفه وضغط بعض الأزرار ووضع السماعة على أذنيه وقال بتكبر واضح ما أن سمع الصوت ” لقد تم كل شى ….الجميع منتظر الاجتماع الذى سيقام ”
فاته الصوت الانثوى ضاحكا ” حسنا يا توفيق ….نصف ما اتفقنا عليه سيرسل إلى حسابك اليوم والنصف الآخر عندما تنتهى المهمة ….لذا عجل من إقامة الاجتماع النهائى ….حتى ننتهى سريعا ”
” حسنا سيدة علا كما تامرين….حسنا إلى اللقاء ” قالها وأغلق الهاتف وهو ينظر للقاعة بجشع جلى فى وجهه ….فاخيرا سيتحقق ما يريده فكل ما يهمه منصبه الذى سيصل إليه بعد ذلك والأموال التى ستتم إيداعها فى حسابه ……
******************************************************
مررت يديها على وجهها بتعب وارهاق واضح ….وقفت عند مكتب الاستقبال فى المشفى منتظرة حضور صديقتها حتى لمحتها قادمة إليها وهى تضع يديها فى جيب سترتها البيضاء ….وقفت أمامها وهى تمد بيديها إليها تعطيها ما طلبته ….أخذت ريم علبة الدواء من يد صديقتها ومن ثم وضعتها فى حقيبتها السوداء
” شكرا لك يا بسمة ” قالتها ريم بهدوء والتعب واضح على وجهها
” لا داعى للشكر انا فى خدمتك ….ردت بها بسمة بسرعة ولكنها سرعان ما نظرت إليها بتردد وهى تقول بقلق ” لكن …أليست هذه الحبوب مبكرا عليها فانتى ما زلتى فى بداية زواجك …وأيضا أنا اعلم انك تحبين الأطفال ”
بلعت ريم ريقها بتوتر وهى تمرر أصابع يديها على جبهتها وقالت بارتباك حاولت اخفاءه ” انها ليست لى ..انها لإحدى صديقاتى طلبتها منى ” قالتها وهى تحاول رسم ابتسامة
فردت الاخرى إليها بسرور ” حسنا ….أتمنى لك السعادة يا ريم …وإن احتجتى إلى اى شئ فأنا موجودة ”
ابتسمت ريم وحركت رأسها بسعادة وقالت ” حسنا وداعا الآن …فأنا أكاد لا أستطيع أن أقف على قدمى من التعب ” قالتها وابتعدت عنها والأخرى تحركت فى الجهة الأخرى لتتابع عملها …..
……………………..……………..
أغلقت الباب الحديدى للمنزل واقتربت إلى داخل المنزل الكبير وهى تضع يديها على جبهتها محاولة منها عدم السقوط حتى تصل إلى غرفتها وسريرها
اجفلت عندما سمعت صوت حماتها السيدة كوثر وهى تقول بتذمر واستهزاء واضح ” لقد أطال الله فى عمرى حتى رأيت المرأة تصل إلى المنزل بعد زوجها بدلا من ان تأتى مبكرا وتحضر له طعاما مناسبا بعد تعبه وشقاءه فى العمل ”
فتحت ريم عيناها وهى تنظر لحماتها بغضب محدثة نفسها ” انها فى غنى عن كل تلك الثرثرة …هى لا تريد غير الركض إلى غرفتها والسقوط على سريرها من التعب ”
فأخذت نفسا عميقا ثم زفرته بقوة محاولة تهدئة نفسها وهى تقول بهدوء ” هل أتى مالك ”
فلوت حماتها فمها وقالت بتهكم” نعم أتى منذ وقت طويل ولم يضع شى فى فمه ”
“ولماذا لم يتناول طعامه حتى الآن!!؟ عادة هو لا ينتظرنى ” سألتها
فرمقتها كوثر بحدة وهى تقول ” لا هو لا ينتظرك لكن المشكلة انه لا يوجد طعام ….ثم تابعت …وقبل أن تقولى لماذا لا يوجد طعام …لا يوجد لان الخدم فى إجازة اليوم ولا يوجد أحد لطهى الطعام …وكما ترين ليس من المعقول أن تقوم زوجة عمى”الحاجة فيريال “ولا انا حتى بأعداد العشاء …فأنا أشعر بالتعب منذ الصباح
لذلك ان تكرمتى ارجو أن تقومى بأعداد الطعام اليوم لأن موعد العشاء قد قارب ” ما ان أنهت كلامها حتى أمسكت بأحد مجلات الأزياء الموضوعة على طاولة القهوة الصغيرة ووضعت قدم فوق الاخرى وبدأت بتفحصها بتركيز وعدم اهتمام بالواقفة أمامها ….أغلقت ريم عيناها وهى تعد من الواحد إلى العشرة محاولة عدم الخروج عن نطاق الأدب من أفعال تلك السيدة …فقالت بهدوء تشك حتى فى ان حماتها قد سمعتها ” حسنا سابدل ملابسى. ..وسانزل لاعد العشاء ” قالت كلماتها ومن ثم صعدت الدرج …..دلفت إلى الغرفة لم تجد مالك بها…هل يمكن أن تكون حماتها تكذب عليها فهو ليس هنا …….فدلفت إلى الحمام غسلت وجهها ببعض الماء البارد حتى تعيد بعض النشاط إليها ….ومن ثم أخرجت علبة الدواء الصغيرة التى ظلت تنظر إليها بتركيز ومن ثم وضعتها بين ملابسها محاولة ان تخفيها حتى تعلم ما الذى ستفعله …..بدلت ملابسها ونزلت درجات السلم توجهت نحو المطبخ …ارتدت المازر وبدأت فى إعداد الطعام
*****************************************************
ألقى بغضب الأوراق التى كانت بين يديه على المكتب وهو يزفر بغضب …..فجده مختفى منذ عدة ايام وهو حتى الان لا يعلم أين ذهب ….وما يغضبه أكثر انه لم يخبره قبل ذهابه او يعلم باى شى …وهو يشعر كأنه تاءه بدونه ….فهناك أوراق كثيرة تحتاج إلى توقيع ….بالإضافة إلى الشركة الرئيسية لا يعلم لماذا جده ولى المسئولية لمساعده وليس له هو …. رفع سيف عيناه عندما سمع صوت إدارة مقبض الباب معلنا عن دخول ماجد
” هل علمت باى شئ؟! ” سأله سيف
” لا ” أجابه
كور يديه بغضب وضربها على سطح مكتبه وهو يصتك على اسنانه قائلا برنة غاضبة ” ما الذى يفكر فيه ذلك العجوز …كيف يترك الأمور هكذا ويرحل من دون ان يعلم أحد ….منذ متى يكون مهملا هكذا ….حقا أكاد اجن من أفعاله تلك ”
حاول ماجد تهدءته وهو يقول ” ربما حدث شى جعله يختفى هكذا ”
“تبا ” قالها بضيق
ثم تابع بغضب وهو يبتعد عن كرسيه مادا يده ملتقطا مفاتيح سيارته من على المكتب ” انا سأذهب الآن ”
” لماذا اليوم ستذهب مبكرا”سأله ماجد وهو يرفع حاجبيه بمكر
” اروى عند والدتها سأمر لاحضارها ” قالها بهدوء
“حسنا ” قالها ماجد وهو يغمز له
فنظر له سيف بنصف عين يحاول التغاضى عن غمزات صديقه …الذى سيحاول ان يجعله يتحدث معه ….وهو مستعجل لذلك سيتجاهل نظراته ويتركه. …..خرج من باب الشركة يتتبعه حراسه …لكنهم أمرهم بذهاب كلا منهم إلى منزله فهو ليس بحاجة لأحد منهم اليوم ….ركب سيارته بعد أن صرف ساءقه هو الآخر ……
……………………..…………………
اجفلت اروى وهى تستمع إلى زفرة والدتها التى خرجت منها بدون قصد عالية
” ماذا هناك !!…هل هناك شئ يزعجك ؟!” سألتها اروى “خالك سليم ما يفعله لا يعجبنى. …فضيقت اروى بين حاجبيها بعدم فهم ….فتابعت والدتها ….خالك أخذ بثينة ولا أحد يعلم أين وزوجها يبحث عنها كالتاءه ”
“متى ذلك؟! ” سألتها بسرعة وهى تعدل فى جلستها
” منذ يومان ”
” يا الله ….هل يمكن ان يكون قد حدث بينهما شئ …لدرجة تجعلها تهرب وتذهب من دون أن تخبره ” قالتها بصوت خفيض
” الله أعلم حبيبتى بما فى البيوت ….ثم تابعت وهى تنظر إليها بتفحص جعلت اروى تخفض رأسها وتنظر حيث موضع يديها تحاول الابتعاد عن نظرات والدتها …..لكن اخبرينى ماذا بك انتى الاخرى !!…منذ أن اتيتى وانتى صامتة وشاردة. ….وأيضا لقد قل وزنك وكأنك لا تاكلين؟! …او أن هناك شخصا ما يأكل معك ….توقفت فريدة عند آخر ما نطقت به وتابعت وهى تضع يديها على صدرها بسرعة وعيناها مفتوحتان. ….اروى هل انتى حامل ؟!” قالتها والدتها بسعادة. ….فهزت رأسها بنعم وهى ترى السعادة تكاد تخرج من عينا والدتها ……التى أخذتها بين أحضانها ما ان رأت اهتزازة رأسها واخذت تقبلها من وجنتيها وعلى رأسها ….اه حبيبتى …انا أسعد شخص بسماع هذا الخبر …أتمنى لك السعادة دائما حبيبتى …ثم تابعت وهى تبعدها عن أحضانها قليلا ….وماذا عن سيف هل كان سعيدا بالخبر ….ماذا فعل!؟ ”
صمتت اروى …يا الله لماذا تساءل الآن عن هذا بالذات ….نظرت إليها والدتها منتظرة ان تخبرها ….فقالت اروى بسرعة ” لا لم أخبره فأنا لم أعلم إلا ليلة أمس …فعقدت والدتها بين حاجبيها وهى تنظر إليها بتفحص محاولة تبين كذب ابنتها ….فتابعت اروى وهى تتفهم نظرات والدتها …..أريد أن اجعلها له مفاجأة وساخبره أنا” قالتها وهى تحاول أن تظهر ابتسامتها ….بلعت والدتها كلامها وصمتت. …..وبعد دقائق أتت الخادمة تخبر اروى ان السيد سيف ينتظرها فى الحديقة حتى يذهبا……ارتدت اروى معطفها الجلدى وخرجت إليه فى الحديقة ومعها والدتها ……
رأته واقفا بجوار سيارته السوداء واقترب منهما ما ان رأى عمته ….سلم عليها بسعادة ….وهى الاخرى قابلته بابتسامة عذبة “لماذا لا تدخل …وتأكل بعض الطعام ….ام أقول لك …فلتقضى اليوم هنا وساجهز لكما غرفة اروى ….ما رأيك ” قالتها فريدة
فضحك سيف على إقتراح عمته وقال وهو يقترب من اروى التى حاولت ألا تقف قرابة منه …وطوق خصرها بذراعه وقربهاإليه مما جعل الكلمات تقف فى حلقها وأحمر وجهها خجلا وهو يقول ” لا ….المرة القادمة ….أريد أن اذهب إلى المنزل فقد اشتقت لزوجتى اليوم كثيرا ”
فظهرت السعادة على وجه فريدة ….وابتعدوا عنها وهى تدعو الله ان يديم عليهم هذه السعادة …..صعدا للسيارة وانطلق بها سيف بسرعة متوسطة ……سندت أروى برأسها على زجاج نافذة السيارة شاردة …هل حان وقت اخباره ام لا …حقا لم تعد تعرف ….دارت برأسها نحوه واتسعت عيناها وهى تستمع إلى صوته وهو يغنى بكلمات الأغنية مع مسجل السيارة ….ضغطت على شفتاها السفلى بقوة وهى تحاول كتم ضحكتها حتى ادمعت عيناها….وهو يردد الكلمات بتركيز شديد وكأنه هو من يغنى …. صوته لو سمعه أحد سيسبب له بتلوث سمعى لا محالة …..فصوته يخرج حادا للغاية والبحة التى به مزعجة لكنها ابتسمت بخفوت تحاول التركيز مع كلمات الأغنية وهى تتسال عن سبب اختياره لهذه الأغنية دون غيرها ….
إنى خيرتك ….فاختارى
ما بين الموت على صدرى
او فوق دفاتر اشعارى
اختاري الحب …..او اللاحب
فجبن ألا تختارى
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الجنةوالنار
ارمى اوراقك كاملة وسارضى عن اى قرار
قولى. …انفعلى. …انفجرى. …
لا تقفى مثل المسمار ….
(نظر إليها بقوة وهو يقول المقطع الأخير مما جعلها ترفع إحدى حاجبيها وهى تبتسم لافعاله التى تراها تصدر منه لأول مرة )
لا يمكن أن أبقى أبدا ……كالقشة تحت الأمطار
مرهفة انتى …و خائفة. …وطويل جدا ….مشوارى
(خفض من صوته وهو يقول الكلمة الأخيرة وتنهد بضعف )
غوصى فى البحر ….او ابتعدى
لا بحر من غير دوار
الحب …مواجهة كبرى ….إبحار ضد التيار
توقف بالسيارة فجأة أمام المنزل ….مما جعلها تجفل….بسبب تركيزها وتاملها فى ملامحه وتعابير وجهه التى يحاول رسمها وهو ينطق بالكلمات …..ترجل من السيارة وسار نحو باب المنزل من دون حتى الاهتمام بفتح باب السيارة لها …ترجلت وسارت هى الاخرى نحو الباب ….دلفت الى المنزل فسمعت صوته وهو ما زال يدندن بكلمات تلك الاغنية وهو يصعد درجات السلم ….ضحكت بخفوت …فهذه اول مرة تراه هكذا ….ما الذى حدث وجعله سعيدا هكذا؟؟!! ….صعدت درجات السلم ….دلفت الى غرفتهما الخاصة وجدته على نفس حالته ما زال يدندن وهو يخلع سترة بذلته تبعتها رابطة عنقه ….ثم بعد ذلك بدا بفك ازرار قميصه ….ومن ثم توجه نحو الحمام ….غيرت ملابسها والأفكار والتساؤلات مازالت تدور فى رأسها ….
انزلقت بجسدها على السرير بعد ان ابدلت ملابسها وفضلت ان تحاول ان تظهر استغراقها فى النوم حتى لا تفتح معه اى نقاش او حوار ما ان يخرج من الحمام ….فهى تشعر بالذنب من عدم اخباره لكن ماذا تفعل فهى ما زالت تشعر بابتعاده عنها وعدم حبه لها حتى الآن….لا تريد ان تخبره حتى لا يشعر بانه قد استطاع الوصول الى هدفه وهى كالحمقاء حققت له هذا ….تعطيه طفل …فيحصل هو على الاسهم ….لا هى ولا طفلها يساويان شيئا بالنسبة له غير مجموعة من الأسهم فقط ….ضغطت باصابعها بشدة على الغطاء وهى تكتم دموعها من السقوط …..شعرت بحركته وانخفاض السرير وهو ينزلق بجوارها …..
” أعلم انك مستيقظة ” قالها سيف بهدوء وهو يستند بظهره على ظهر السرير ويضع يديه خلف رأسه
” كيف علمت ؟!” نطقت بها بصوت ضعيف
أبتسم بخفوت وقال ” من صوت تنفسك….لماذا تهربين منى ؟؟” سألها
أغمضت عيناها تحاول ان تظهر عدم اهتمامها ” انا لا هرب …لماذا تعتقد إننى أهرب منك؟! ؟؟”سألته
” لماذا أعتقد …لأن أفعالك تظهر فعلا انك تهربين منى بداية من نومك المستمر عدم مبالاتك بى …وفوق كل هذا ابتعادك عنى وكاننى….وكاننى ….قطع عبارته وصمت قليلا لكنه تابع بعد ذلك ….هل تخفين عنى شئ ” قالها وهو يدعو ربه بأن تخبره لتريحه ….كل ما يتمناه ويريده هو حضنها لينسيه كل ما مر به طول اليوم وليس ابتعادها عنه وكأنه وحش سيفتك بها ….لو فقط تشعره بأنها مهتمة به ….
” أنا لا أهرب فقط انا متعبة …” قالتها بنبرة ناعمة …..
” حسنا تصبحين على خير ” قالها بجمود وهو يتحرك مبتعدا عن السرير ….
” أين ستذهب ” قالتها بسرعة
” الى المكتب لدى بعض الأعمال ….عليا الانتهاء منها ” قالها مبتسما
” أحلام سعيدة ” قالها واطفا الأضواء فى الغرفة ….وغاصت هى فى أفكارها …….
**********************************************************
مسحت بظهر يديها على جبهتها من التعب ….وهى توشك على الانتهاء من إعداد العشاء ….. انتفضت بجسدها وكادت تدير جسدها….. وهى تشعر بيد تلتف حول خصرها من الخلف لكنها استكانت ما ان اشتمت رائحة عطره الرجولى وهو يقترب من رقبتها وانفاسه تلفح بشرتها وهو يقول بصوت مغرى ” لا تخافى انه انا …..لكن هل تعلمين تبدين رائعة وانتى واقفة هكذا وتعدين الطعام …وبدأ يمرر فمه على بشرتها مرسلا تيارا كهربيا على طول عمودها الفقرى وكادت تغلق عيناها وتستجيب له لكنها سرعان ما نغزته بكوعها فى بطنه جعلته يتاوه من الألم ….فدارت بجسدها وهى تحمل بين يديها معلقة كبيرة وتقول بغضب ” هل هذا وقت وقاحتك وفى هذا المكان …هنا …ما الذى أتى بك هنا ؟؟”
ثم تابعت وهى تتمتم بخفوت ” ساجدها منك او من والدتك التى تعتقد إننى الخادمة التى جلبها لها ابنها ”
مرر أصابعه فى شعره وهو يقول باقتضاب ” أردت مساعدتك فقط …كما إننى جذبنى شكلك وانتى واقفة هكذا ”
فنظرت إليه بحدة وقالت ” بالتأكيد انت قد جننت وإن كنت تريد مساعدتى حقا احمل تلك الأطباق وقم بترتيبها على طاولة السفرة …فأنا قد انتهيت ”
” بالطبع حسنا كما تامرين ” قالها بسعادة وبدأ فى حمل الأطباق وخرج من المطبخ …وهى تزفر بتعب وقرف ……
” ما الذى تفعله …ما هذا ” هتفت بها كوثر وهى ترى مالك يحمل الأطباق
فابتسم لها ” سارتب الأطباق ”
” ماذا ؟؟!!” هتفت بها كوثر منزعجة ومصدومة وهى تضع يديها على فمها
” سترتب ماذا .؟؟…وأين هى لكى ترتب كل شئ”
قالتها بحدة
” هى من؟؟ ” سألها مالك ببراءة
” أقصد زوجتك أين هى .؟؟…ولماذا لا تفعل هى كل هذا !!”
” انها مشغولة بالفعل وأنا من قد اقترحت عليها ان اساعدها”
” ومكانتك. ..وشكلك. ..ابنى أنا يرتب الاطباق …لا لا يمكن ابدا ”
” أمى ارجوكى …لم يكن يوما ترتيب الاطباق يقلل من مكانتى. ..وأنا اساعد زوجتى …وليس شخصا آخر ” قالها وتركها وبدأ بترتيب الاطباق …..
دلفت إلى الغرفة وصفعت بابها بقوة خلفها وعيناها تومض غضبا …بسبب تلك الساحرة الشريرة …التى لم تكف عن ابدأ رأيها بأن الطعام لم يكن على المستوى المطلوب …وأنه ليس جيدا إطلاقا ….جميع الأطعمة غير صحية بالإضافة ان مذاقها سىء للغاية …..ظلت ريم تقلد طريقتها المسرحية وهى تحرك رأسها ويديها كحماتها…”انها ساحرة شريرة حقا ”
هتفت بها غاضبة وهى تحاول كبت انزعاجها و أن تمنع عيناها من السقوط …فبعد وقوفها كل هذا الوقت رغم تعبها…..إلا انها لم تجد كلمة شكر ….على تعبها ….فالجميع صمت إلا الحاجة فيريال التى قالت ان الطعام “جميل ” لكنها لم تنطق بكلمة أمام السيدة كوثر …حتى زوجها ….لم ينطق …وكأن الجميع خائف منها ….”يا الله ” هتفت بها وهى تضع يديها وعيناها تمتلئ بالدموع ….سمعت صوت فتح الباب فمررت يديها على وجهها وشدت من ازر نفسها ونظرت إليه بغير اهتمام …..اقترب مالك منها وهو يضع يديه فى جيب بنطاله المنزلى ” ريم …ارجوكى لا تنزعجى من والدتى ….لكنها حقا هكذا …تبدى رأيها فى كل شى بصراحة من دون خجل او شعور بمن أمامها …..لذلك الجميع صمت ولم يتحدث فقد أصبحوا يعلمون طباعها. …لذا أرجوك تفهمى أنتى الاخرى هذا ” قالها برجاء
التفتت بجسدها أخرجت ملابس نظيفة من خزانة الملابس وتوجهت حيث الحمام …غير ابهة او مهتمة بكلماته …فهو لم يحاول حتى الدفاع عنها او أن يشد من ازرها. ..ويخبرها حتى ان الطعام على الأقل لو كلمة جيد …..لكنه لم يفعل غير الصمت ووالدته لم تترك طريقة إلا وهى استخدمتها لتذلها……
خرجت من الحمام ….وضعت جسدها على السرير وغطت نفسها جيدا معطيا ظهرها له ….اقترب منها وما كاد يلمس بشرة ذراعها حتى قالت بحدة ” ابتعد عنى يا مالك ”
جلس على طرف السرير وهو يضع يده على وجهه …ما الذى كان يجب ان يفعل والدته هكذا …هل يصرخ فى وجهها مثلا ….وهى يجب ان تعرف طبيعة والدته …فهكذا هى طباعها حادة …..
أغلقت عيناها وكل ما يدور فى رأسها ….انتى لم تخطئ يا ريم بإحضار تلك الحبوب …بل انتى محقة …هو لا يستحقك…..هذا المكان ليس مكانك …..
****************************************************************
دق دقات خفيفة على الباب حتى أتاه الصوت
” تفضل ” هتف بها عزيز
دلف خالد إلى مكتب خاله ….بعد أن عزم على فعل ما ظل يفكر به طوال اليوم ….سيتقدم لخطبة نور من خاله واليوم …وسيحميها وسيفى لخاله ياسين بما فعله معه ومع أخيه ووالدته ….بأن يحافظ على ابنته بان يجعلها زوجته ….سيحميها من كل من يضمر لها شرا سيكون لها سندا وظهرا ….
” هل هناك شى يا خالد ” سأله عزيز
” نعم يا خالى …أنا أريد أن أتحدث معك ” قالها خالد بتصميم
واقترب من خاله وجلس على الكرسى المقابل له ….فنظر إليه خاله باهتمام ….وما كاد ينطق خالد حتى وجد الباب يدق …تبعه دخول الحارس يخبره بأن هناك ضيوف تريد رؤيت الحاج عزيز
” ضيوف من ؟!” سأل الحاج عزيز الخادم
” السيد سليم السيوفى والمحامى مراد السيوفى ” قالها الحارس
” حسنا ادخلهم إلى غرفة الضيافة الكبيرة حتى أتى ” أمره الحاج عزيز
فاؤما الحارس بخضوع وخرج من الغرفة …التفت الحاج عزيز إلى خالد وقال بهدوء ” ما رأيك ان نتحدث بعد أن نرى ماذا يريدان ”
” حسنا ” قالها خالد وهو يقف مبتعدا عن كرسيه متتبعا خاله المستند على عصاه ….حتى دخلا إلى غرفة الضيوف حيث يجلس أفراد عائلة السيوفى ….رحب بهم خاله ….وجلسوا يتحدثوا قليلا ….وعينا خالد لا تكاد تبتعد عن الفرد الثالث الذى عرف فيه انه ابن مراد السيوفى ….”حازم مراد السيوفى ” ذاكرته تخبره انه رآه فى مكان ما لكنه لا يتذكر ….وحازم لا يكاد يرمقه ببرود وعدم اهتمام والنار تشتعل فى صدره …فقد رأى خالد مع نور ذلك اليوم عند البحيرة …..أبعد حازم بنظره عن خالد وتابع حديث والده وعمه سليم السيوفى مع خال نور المدعو عزيز
” هل نستطيع أن نرى ابنة ياسين ” قالها مراد بهدوء
” هل هناك شئ ما سيد مراد …لماذا تريد رؤيتها ” سأله عزيز
وما كاد مراد يحرك شفتاه حتى اوقفه سليم قائلا بوجه بشوش ” لا ..لا يوجد شى …لكن فقط نريد أن نرى ابنة صديقنا …فهى كما تعلم كل ما بقى لنا منه …فقط سنطمان عليها …أن كنت لا تمانع بالطبع ” نطق به سليم بعقلانية مطلقة جعلت الحاج عزيز …يأمر خالد بالذهاب واحضارها ….خرج خالد من الغرفة وهو ما زال يرمق حازم بغضب والآخر يرمقه ببرود وغيرة فى نظراته …..
وقف عاقدا يديه أمام صدره منتظرا خروج والدته بنور ….التى ينتظرها حتى تنتهى من ارتدا ملابسها لتنزل معه ….خرجت الحاجة هيام من الغرفة ونور تمسك بكفها بقوة وكأنها ترجوها ألا تتركها ….مرر خالد عيناه على نور بتقيم ثم قال بهدوء لوالدته ” ضعى شيئا على رأسها ”
فنظرت إليه نور بخوف وهى تمسك بيديها تحاول ان تمنع اهتزازهما…..وبسرعة أبعدت الحاجة هيام حجابها الأسود عن رأسها والبسته لنور وربطته جيدا…..تحرك خالد مبتعدا وهو يامرها ” هيا تتبعينى ”
تتبعته نور بهدوء وهى تبعد عنه بضع خطوات ….
دلف خالد إلى الغرفة …وبعده نور التى لم ترفع رأسها عن الأرض ….اشتد حازم بقبضة يده يحاول منع نفسه من الوقوف والركض إليها ….لكنه ثبت نفسه فى مكانه وعيناه تراقبها إلى أن اقترب منها والده الذى قبل مقدمة رأسها وكذلك عمه سليم الذى ضمها إليه بشوق وهو ينظر اليها بحزن ….جلست بجوار خالها وعيناها منخفضة وكأنها غير موجودة بينهم …..لم يستطع منع عيناه من النظر إليها أكثر صدم عندما نظر إليها بتركيز …..الوردة ذبلت لم يعد بها رونق ولمعان كالسابق …..
لقد كانت جميلة وناعمة ….كانت عيناها مليئة بالفرح أما الآن فهى ليست سوى شيئا هش …قابل للكسر… حتى ملامحها الجميلة ذبلت من الحزن …وكانها وردة ضعيفة واجهتها رياح عاتية لكنها لم تستطع الثبات اكثر فوقعت منهكة ذابلة …..لم اكن أعتقد ان الحياة ستتغلب على فتاة مثلها يوما ….لكنها فعلت !
وما أمامه الآن تجلس امرأة انهكها الآلام !مثلما انهكتها الظروف التى لم ترحم ضعفها وقلة حيلتها …….
**************************************
نهاية الفصل الثالث والعشرون
error: