رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل الرابع والعشرون
……………………..……………………..………………
.الوردة ذبلت لم يعد بها رونق ولمعان كالسابق …..
لقد كانت جميلة وناعمة ….كانت عيناها مليئة بالفرح أما الآن فهى ليست سوى شيئا هش …قابل للكسر… حتى ملامحها الجميلة ذبلت من الحزن …وكانها وردة ضعيفة واجهتها رياح عاتية لكنها لم تستطع الثبات اكثر فوقعت منهكة ذابلة …..لم اكن أعتقد ان الحياة ستتغلب على فتاة مثلها يوما ….لكنها فعلت !
وما أمامه الآن تجلس امرأة انهكها الآلام !مثلما انهكتها الظروف التى لم ترحم ضعفها وقلة حيلتها …..لا لم تفعل …انها متعبة فقط ….وستعود كما كانت ….ستعود فراشته الزرقاء كما كانت وستحلق كما كانت سابقا …..حدث حازم نفسه بذلك وهو يتنهد بضعف …….وعينا خالد تراقبه بتركيز شديد ….القليل من المشاعر ظهرت فى نظرات حازم الذى لم يبعد عيناه عن نور جعلت تفكير خالد يضطرب …..
استهل السيد سليم حديثه قائلا ” بما أن الجميع موجود ….ف مراد أراد التحدث فى موضوع ما بوجود نور ”
استطاع سليم جذب انتباه الجميع له ….فتابع السيد مراد ما بدأه سليم والاعين عليه تتابع الحديث بترقب لما سيقوله السيد مراد ” يشرفنى أن أتقدم بخطبة نور لابنى حازم ”
نطق بها مراد بدون اى مقدمات بصوت رخيم …وبعدها أطبق صمت رنان بين الجميع ….وكلا منهم على وجهه نظرات مختلفة منها المذهولة والغامضة وأخرى باردة …..كانت نور منذ جلوسها بينهم صامتة مطاطاة الرأس….لكنها ما ان سمعت ما نطق به السيد مراد حتى رفعت رأسها بسرعة وتلقائية ومن دون ان تشعر عيناها التقت بعيناه التى لأول مرة تراها تنطق بشئ مختلف تماما عن بروده نحوها عن ….عن ماذا ….لم تعد تعرف ….
” لا يوجد لدينا فتيات للزواج لقد أتيت إلى المكان الخطأ …سيد مراد ” هتف بها رابح بكل تبجح وعيناه تومض غضبا وكرها وهو يقتحم الغرفة بطريقته الغير اللبقة …..مما جعل حازم يحدق به بحدة وعينا رابح تكاد تاكلان حازم وكلا منهما يرسل شرارات من الغضب للآخر ….والباقين يحدقان بهما فى صمت
أكمل مراد كلامه بدون ان يطرف له جفن لما قاله ذلك المدعو رابح واكمل كلامه قائلا بهدوء ” أنا لا أريد أن اسمع رد اى شخص غير نور ….فهى ليست بقاصر ليقرر او يتحدث أحدا ما بدلا عنها ”
فى حين فضل حازم الصمت فهو لا يريد أن يتدخل فى اى شئ فهو يعلم أن والده سيتصرف بالطريقة الأفضل ….
” سيد مراد …..ليس من المعقول ان تاتى لطلب يد فتاة هى مخطوبة بالفعل ” قالها رابح بصوت هادء
كلمات رابح نزلت كالصاعقة على الجميع ….جعلت أعينهم ثابتة عليه ….و حازم اشتد على قبضة يده بشدة يحاول منع نفسه من توجيه لكمة قوية الى وجه ذلك الصلد لكى يكسر فمه الذى نطق بهذه الترهات …..ربما ما منعه هو اندفاع والده السيد مراد هاتفا ” ما هذه التراهات التى تتفوه بها …”
فتابع السيد سليم بعده ” لقد جننت …أنت متزوج كيف !!…”
” انها ابنة عمى وأنا الأولى بها ” قالها رابح بهدوء تام
اشاح كلا من سليم ومراد بعيدا عنه ونظرا باهتمام إلى الحاج عزيز وقال سليم بحدة ” أظن انك سبق وتقدمت إلى نور قبل وفاة ياسين …واخبرك بقراره سابقا …إذا ما الذى حدث …وكيف ستتزوج ابنة أخيك لابنك المتزوج فعلا …”
” سيد سليم تكلم بهدوء ” هتف بها الحاج عزيز وهو يهم واقفا أمام سليم ومراد
” اى هدوء هذا ما الذى تفوهتم به ….لقد جننت انت وابنك ….أن كنت تعتقد أن بموت ياسين تستطيع ان تتحكم بابنته وتفعل ما تفعله الآن إذا أنت لا تعرف جيدا ما ستقابله….وعواقب فعلتك هذه ….هل فهمت ” هتف بها مراد بقوة وعيناه تشتعل غضبا ..
” هل تقوم بتهديدنا سيد مراد ” نطق بها رابح
“اعتبرها ما تشاء ” قالها مراد بحدة
احتدم واشتد النقاش بينهم جميعا ….ولم يشعر أحد بالجالسة فى سكون تكتم بكاءها و جسدها يهتز بخوف وذعر من أصواتهم العالية ….تكتم شيئا بداخلها يطالبها بالصراخ حتى توقف صراخهم و أصواتهم العالية …..فوضعت يديها على اذنيها محاولة منها لخفض الصوت حتى لا يؤدى إلى جنونها. …لكنها لم تتحمل أكثر فصدرت منها صرخة عالية جعلت الجميع يلتفت إليها …وما كادت صرختها تدوى فى المكان حتى شعرت بكل شئ حولها اسود وسقطت مغيبة فى مكانها ……
” نوررررررر” هتف بها حازم بلهفة وذعر وأسرع إليها ….أمسك بيديها بين يديه وهو يشعر بالبرودة تجتاح جسدها المنهك …..
” ابتعد عنها ” أمره الصوت من خلفه بنبرة حادة وجافة… وما كان ذلك الصوت الا لخالد الذى تقدم نحوها وأبعد الملتفون حولها وحملها وخرج من الغرفة وهو يصرخ بمن بالمنزل للأتصال بالطبيب …..
*****************************
صدره يعلو وينخفض بانتظام جراء ركضه لأكثر من ثلاث ساعات وهو مرتديا بنطالا من القماش اسود اللون وتى شيرت ابيض كاشف عن جسده الرياضى …جبهته تتصبب عرقا ووجهه يكسوه بعض الضيق … ضيق من صمتها وعدم أخبارها له بحملها …لم يستطع النوم منذ ان إنتهى من قراءة بعض الأوراق ودراستها وهو يشعر بأنه لن يستطيع أن يجافيه النوم كيف ينام بجوارها وهى هكذا معه لم تخبره بحقه فى معرفته بانها حامل ….لذا فكر ان يركض لبعض الوقت ربما يستطيع التفكير جيدا فيما يحدث وأولها كيف سيحل غياب جده الذى اختفى هكذا من دون علم أحد …خائف ولا يعرف ما سبب هذا ….شعور غريب من الضيق والخوف يجتاح قلبه وعقله يجعله مضطرب الافكار لا يعلم ما سببه …ولكنه يشعر بأن هناك شيئا سيحدث قريبا وهو لن يكون سعيدا به ….توقف أمام بوابة المنزل وهو يأخذ نفسا عميقا مخرجا إياه بقوة يحاول ان يخرج من رأسه هذه الأفكار يدعو ربه ان يمر كل شى على خير ….وفوق هذا كل ما سيفعله هو الصمت تماما ولن يخبرها بمعرفته بخبر حملها ….سينتظر حتى تأتى اليه وتخبره هى بنفسها وحينها سيعلم سبب تكتمها …..دلف الى المنزل وصعد درجات السلم الداخلية بثبات …..
……………………..……………
آلم حاد انتشر اسفل ظهرها …. فبدأت تاخذ نفسا عميقا ثم تزفره ببط محاولة منها ان تتماسك …. واشتبكت قبضت يدها على حافة حوض الاستحمام والأخرى وضعتها على بطنها تحاول أن تخفض من شدة الألم ….وهى تضعف اكثر واكثر حتى بدأ العرق يتصبب على جبهتها ….والألم يزداد حدة وقوة فأصبحت تجد صعوبة فى الوقوف والاحتمال ورغبة أكثر فى البكاء والصراخ من شدة الألم ….أغمضت عيناها بقوة وهى تحاول بلع ريقها والتماسك وعدم الصراخ فخانتها عيناها ونزلت دموعها حارة ….فتحت عيناها بسرعة وهى تحاول كتم شهقاتها …. ومن دون ان تشعر خرج صوتها ضعيفا ومهزوزا وهى تنادى باسمه “سيف “نادت لعله يستمع لصوتها ويأتى لانقاذها لكنه لم يأتي …..ماذا تفعل ؟؟؟تساءلت أروى فى نفسها حاولت التحرك ولكن قدميها أصبحت أكثر ثقلا ولم تعد تستطيع تحريكهما…..شعرت بشئ حار ينزل ما بين ساقيها …..اخفضت عيناها وفزعت حتى ان ملامحها بهتت عندما وجدت قطرات من الدماء تسقط على ارضية الحمام الرخامية ….. فشعرت بجسدها يضعف أكثر وأكثر حتى تهاوت على الأرضية الرخامية وهى تتمتم بخوف وهى تكابد حتى لا تفقد الوعى ” سيف…ابنى لا أريد أن افقده….” أغلقت عيناها بقوة وهى تبكى بصمت
دلف إلى الغرفة و أول ما التقطته عيناه عندما دلف هو السرير الذى وجده فارغا منها ..” أين ذهبت …هل يمكن أن تكون قد استيقظت مبكرا هكذا ” تسأل سيف وهو يزم شفتاه بتفكير ….اجفل عندما شعر بسقوط شيئا ما….عقد حاجبيه بقوة وهو يشعر ببعض الحيرة ….ومن دون اى تفكير منه توجه نحو غرفة الملابس التى بداخلها الحمام وليحدث ما يحدث سيدخل فعقله يخبره بأن هناك شئ سى ….دلف إلى الحمام مباشرة …بحث بعيناه واقترب ببط إلى الداخل ……تسمر مكانه وهو يراها ساقطة على الأرض ….وفتح عيناه ذعرا عندما رأى الدماء التى على أرض الحمام ….لثوانى شعر انه مغيب وغير قادر على فعل شئ ….وما أخرجه من فزعه وذعره عليها ….هو صوتها الذى خرج ضعيفا تنادى باسمه وهى شبه مغمضة ” سيف ”
جثى بقدميه إليها وهو يحاول وضع يديه على وجهها هاتفا بقلق ” أروى. ..أروى …أروى ”
مرر يديه على شعره وهو كالتاءه لا يعلم ماذا يفعل ….طبيب نعم …طبيب مشفى …مشفى ….رددها سيف بخوف….وضع يد أسفل ظهرها والأخرى أسفل قدميها ….وحملها وهو يركض خارج الغرفة بعد ان وضع عليها الروب وهى متشبثة به بقوة وعيناها تملاها الدموع وتقول بألم وصوت ضعيف ” أنه مؤلم….مؤلم للغاية لم أعد أستطيع تحمل هذا الألم ”
فضمها إليه بقوة وهو يحاول تهدءتها وهو يضع قبلة دافئة على جبهتها ” لا تخافى سيكون كل شئ بخير …لا تخافى ”
” سيف ….لا أريد أن افقده ..انا خائفة. ..خائفة للغاية”
اهتز قلبه لنطقها باسمه بهذه النبرة …وألمه قلبه لالمها وخوفها فقال وكأنه يعدها ” لا تخافى ستكونان بخير…أعدك ” نطق بها يحاول أن يمد نفسه بالقوة مثلما يفعل معها
وكأنها كانت تنتظر كلماته تلك واغمضت جفنيها تاركة نفسها بين يديه ….نزل آخر درجة للسلم وهو يحدق بها بقوة اهدابها التى تغطيها الدموع تشبثها به بيديها رائحتها …رائحتها التى كانت تجعله مرهقا من التفكير وصوتها الذى كان يناديه الان باسمه …كل هذا يذكره بشئ …شئ يحاول تذكره …وفى لحظة مر عليه ما حدث له وهو فى المشفى كالشريط المسجل ….”انها هى” هتف بها سيف فى نفسه وعيناه متسعتان مما اكتشفه فى هذه اللحظة ….انها من كانت تبكى على كتفه وهو بين الحياة والموت ….انها من كانت تنادى باسمه تناجيه وترجوه ليستيقظ من ثباته هذا انها ….انها من كان يبحث عنها …ابعد افكاره بسرعة عن راسه فهذا ليس وقت اكتشافه …فاهم شى الان هى ..هى وطفله …..وضعها خلف مقعد السائق وصعد للسيارة وانطلق بأقصى سرعة لديه ….وفى خلال دقائق وصل إلى المشفى التى كان من حظه انها لا تبعد كثيرا عن منزله ……توقف بسيارته بطريقة عشوائية ….ترجل من السيارة وفتح باب السيارة وحملها و توجه نحو باب المشفى وهو يصرخ بكل من يقابله سواء أطباء او ممرضيين لانقاذها. …حتى الأمن لم يسلموا من غضبه الحاد عندما حاولوا منعه من الصراخ …..فما كان منه إلا وجه إليهم بعض السباب…..
أتى عدد من الممرضين وهم يجرون ذلك السرير المتحرك لنقلها ….وعندما بدأ سيف بوضعها على السرير برفق وجدها متشبثة به بيديها رغم أنها مغيبة ووجهها الذى ظهر عليه الشحوب ….فاجتاحه مزيد من القلق والخوف ….رغم انه لم يكن يريد تركها لكنه وضعها على السرير مرغما ….ما ان وضعها على السرير حتى تحرك الممرضين بسرعة نحو أحد الغرف حاول الدخول لكنهم منعوه…..فاشتد غضبه وهو يصرخ بالجميع بهستيرية وكانه ثور هائج. …لولا مجى الطبيب الذى اتى واخبره ان ما يقوم به الآن لن يساعد زوجته بشئ بل سيسبب لهم الإزعاج ولن يستطيعوا الاهتمام بالمريضة جيدا ….صمت وهو يتحامل على نفسه محاولا السيطرة على قلقه وغضبه …..
أخذ ردهة المشفى ذهابا وايابا كالاسد الحبيس فى القفص وهو يمرر يديه على وجهه يحاول أن يهدأ من توتره….مرت الدقائق عليه كالدهر…. وفى لحظة فكر فى عمته فبالتأكيد أروى ستكون بحاجة الى والدتها فى هذا الوقت ….أخرج هاتفه من جيب بنطاله واتصل بها ليخبرها بما حدث ….فأجبته بهدوء انها ستاتى إليه …..وقف أمام الغرفة التى دلفت إليها وهو يصارع رغبة قوية فى اقتحام المكان ورؤيتها …فوقوفه هكذا وهو يشعر بضعفه وعدم قدرته لفعل اى شئ لمساعدتها عندما رآها أمامه تنزف وهى شبه مغيبة يجعله يجن …..هرع إلى الطبيب ما ان راءه خارجا من الغرفة ومعه أحد الممرضات
فنظر إليه سيف بترقب وهو يحاول منع نفسه من الصراخ وهتف بلهفة ” كيف حالها ”
….ما ان نظر إليه الطبيب حتى قال بهدوء وهو يبعد ذلك القناع عن أنفه وفمه بأصابع يده ” حسنا …هناك بعض التعقيدات ….وربما نفقد الجنين ”
نزلت كلمات الطبيب عليه كالصاعقة …سكين من الرعب اصابته ….يفقده ….يفقد ابنه…..تصلب مكانه والطبيب ينظر اليه بترقب ….صارع نفسه كى يكون هادئا ومجبرا نفسه على الكلام ” افعل ما تراه مناسبا …اهم شئ ان تكون هى بخير ” نطق بكلماته وهو يفكر أن أهم شى بالنسبة له الآن …هى فقط …ولا يوجد شى اهم بعد ذلك …..
أتت السيدة فريدة والدة أروى ووالدها (عادل ) اللذان ملاءهما الرعب على ابنتهما الوحيدة …..دلف والد اروى الى الغرفة التى بها ابنته بعد ان علموا انه طبيب أيضا …..ووقف كلا من سيف وعمته فريدة بترقب امام الغرفة ….
بعد ما يقارب الساعة خرج الطبيب عادل ومعه الطبيب الآخر الذى كان يفحص اروى ….
فاقترب منه سيف هو وعمته فريدة
فقالت فريدة بسرعة ونبرة حزينة قلقة ” كيف حال ابنتى يا عادل …اخبرنى ماذا حل بصغيرتى ”
” اهدءى يا فريدة اروى بخير هى والجنين ” نطقها عادل بهدوء ثم وجه نظره إلى سيف الذى لانت ملامحه وزفر بارتياح ما ان سمع كلمات والد زوجته ….
***************************
وضعت السكين الصغيرة على الطاولة الرخامية فى المطبخ بعد ان انتهت من تقطيع مكونات السلطة فى الطبق أمامها ….غسلت يديها ثم قامت بتنشيفها بالمنشفة الصغيرة ….ثم قامت بوضع يدها فى جيب عباءتها الشتوية المصنوعة من القطيفة ذات اللون الوردى ملتفة على جسدها بإتقان وكأنها جلد ثانى لها مبرزا تفاصيل جسدها بإتقان بداية من كتفيها ثم صدرها وخصرها النحيف نزولا إلى باقى جسدها الذى يظهر انه قد امتلى فى الأيام الأخيرة بطريقة ملحوظة بسبب جلوسها فى المنزل وعدم خروجها كالمعتاد فقط كانت دائما حريصة على المشى حتى لو نصف ساعة عندما تذهب الى المشفى ….بالإضافة إلى التهامها للطعام بشكل مستمر …محاولة منها ان تفرغ الطاقة السلبية من الغضب والانفعال لجلوسها مع حماتها المستبدة التى تعاملها كأنها خادمة قد جلبها لها ابنها المدلل …. أمسكت بهاتفها وضغطت على بعض الأزرار ثم وضعت السماعة على اذنيها بيد وباليد الاخرى أمسكت حبة جزر وهى تقطمها باسنانها بهدوء منتظرة أن يجيب عليها ماهر
” ماهر ” نطقت بها ريم بهدوء ما ان سمعت صوته
” كيف حالك يا ريم …لماذا لم تأتى اليوم ..لقد اخذتى إجازتك منذ ثلاثة ايام واليوم اليوم الرابع ولم تأتى …هل هناك شئ ما ”
” لا لا يوجد شئ. …لكن فقط …انا ..مشغولة هذه الأيام ولن أستطيع الحضور وعندما أعود سأخبرك بكل شئ لا تقلق ” قالت كلماتها بسرعة ثم ودعته وأغلقت الهاتف …
أعادت الهاتف إلى جيب عباءتها وهى تزفر بقوة …فماذا هى ستفعل فخدم المنزل لم يأتوا منذ ثلاثة ايام وها هو اليوم الرابع ولم يحضر اى أحد منهم لذا كان عليها هى أن تكون مسئولة عن كل شى ليس من أجل حماتها المزعجة ولا حتى من أجل زوجها لكن فقط من أجل الحاجة فيريال وزوجها الحاج رشاد اللذان تعاملا معها بدف وحنان وكأنها ابنتهم او أحد احفادهما. ..وهى أيضا احبتهما. …ظهرت ابتسامة على وجهها فما الضرر فى العمل فى المطبخ وإعداد الطعام فقد علمتها جدتها كل شئ وجعلتها طباخة ماهرة مثلها ….و أيضا أتت هذا كله فى صالحها فهى حقا كانت تحتاج إلى هذه الإجازة ….
دارت بجسدها وبدأت فى إكمال الطعام
” ما هذا ….ما هذه الرائحة ” قالتها السيدة نوال بقرف
اجفلت ريم من صوتها المزعج فزمت شفتاها والتفتت إليها وهى تقول ببرود ” رائحة انا لا اشم رائحة شئ غير. رائحة طعامى الرائع ”
فرفعت نوال حاجبيها وهى تقول بتهكم ” رائع. ..حسنا …لكن هناك رائحة ثوم ”
” وما المشكلة الثوم من أجل (الملوخية)”
” ماذا ” هتفت بها نوال باستنكار …فاغمضت ريم عيناها وهى تعد للعشرة حتى لا تقتل تلك المرأة
فتابعت نوال وهى تقول ” ماذا …ألا تعلمين أن مالك لا يحب الثوم فى اى طعام …كيف تضعينه هكذا فى هذا الشئ الذى تقولين عليه ”
احتقن وجه ريم بالغضب من هذه المرأة ….ومن أجل سلامة نفسها وعدم قتل حماتها و فضلت الصمت وإدارات جسدها بعيدا عنها وبدأت فى إعداد الطعام متجاهلة حماتها ….كما جعلت الاخرى تشتد غضبا وقالت محاولة اغاظة ريم
” اوه نسيت اخبارك مالك لن ياتى للعشاء فلديه بعض الاعمال لم ينتهى منها بعد ”
قالت كلماتها وخرجت من غرفة المطبخ ووجهها يكسوه الغرور ….ما ان خرجت من غرفة المطبخ حتى شعرت ريم ببعض الضيق من كلامها …..فرغم انها زوجته إلا أنها آخر من يعلم باموره فلم يكلف نفسه حتى بالاتصال بها وأخبارها هى بدل من والدته …..تنهدت بضعف وابتسمت بخبث فهى كانت ستقوم بعمل مفاجأة له أما الآن فستقوم بعملها بشكل آخر …..
بعد ان انتهت من إعداد الطعام وتناولهم للعشاء صعدت إلى غرفتها و هى عازمة على فعل ما تفكر به …..
وصل إلى المنزل فى ساعة متأخرة بعد يوم شاق ومتعب من العمل المكدس عليه منذ عدة ايام …استطاع أن ينهى بعضا منه والباقى سيحاول الانتهاء منه غدا ….ترجل من سيارته الزرقاء …وأغلق بابها بقوة …ثم توجه نحو بوابة المنزل …دلف إليه فوجد السكون يعم المكان فالجميع نيام ….صعد درجات السلم متوجها حيث غرفة نومه هو وزوجته
ما ان دلف إلى الغرفة حتى ضم فمه وانفه بقرف وهو يشم رائحة غريبة فى الغرفة جعلته بتلقائية يضع يده على أنفه محاولة منه لمنع وصول الرائحة إلى أنفه ….وبدأ يخطو داخل الغرفة وكلما كان يقترب من السرير التى تجلس عليه زوجته كلما كانت تشتد قوة الرائحة وتظهر أكثر ….فظهر الانزعاج جلى على وجهه وهو يفكر عن مصدر تلك الرائحة المزعجة …. اقترب منها وهو يراقب جلوسها على السرير وهى تحمل أحد الكتب العلمية فى يديه وتتفصحها بتركيز ….فظهرت ابتسامة على ثغره ….وفى رأسه تتبلور فكرة …بأن يقترب منها و يأخذها بين احضانه ويقبلها ليعبر عن شوقه وحبه لها …..وما ان مال برأسه نحوها وهو يحاول خطف قبلة ما على رأسها او حتى وجنتها. …حتى وصل إلى أنفه تلك الرائحة التى يكرهها ويبغضها فابتعد عنها وكأنه مسه جان وارتطم جسده بخزانة الملابس وهو يضع يده على أنفه وهو يقول باشمءزاز “من أين هذه الرائحة. …ما مصدرها ….كيف تتحملينها هكذا وتجلسين ….يجب أن أحضر أحدا ما لتنظيف هذه الغرفة او على الأقل ننتقل منها ” قالها بسرعة
فرفعت اجفانها إليه وهى تقول بهدوء كاذب وتحرك أنفها تبحث عن الرائحة التى يتحدث عنها زوجها ” رائحة.. ماذا. .انا لا اشتم شيئا ”
حاول مالك أبعاد يده لكنه ما ان يفعل حتى يشتم تلك الرائحة فاقترب من ريم ….وكلما كان يقترب كانت تشتد الرائحة أكثر …ومقابل ذلك كان يشتد بيديه أكثر …حتى لم يتحمل قوة الرائحة أكثر فاضطربت معدته وشعر بالغثيان وركض إلى الحمام محاولا التماسك وعدم إفراغ معدته على ارضية الغرفة ….ما ان رأته ريم هكذا حتى ظهرت ابتسامة واسعة على ثغرها …فهى ستحقق انتقامها منه …..خرج من الحمام ووجه مبتل ويمسك منشفة بيديه ويضعها على فمه قائلا بتعب
” هناك رائحة ثوم ….وقوية أيضا ”
فعقدت حاجبيها بتفكير مصطنع ” ثوم ….أوه نعم ”
فرفع أحد حاجبيه بتعجب ” أوه نعم.. ماذا ”
بلعت ريقها وقالت بهدوء ” أنت تعلم منذ إجازة الخدم ولم يعد أحدا منهم حتى الآن فأنا المسئولة عن إعداد الطعام …فتابعت بابتسامة …فقمت بصنع (ملوخية) من أجل جدتك فقد طلبتها منى …..فاعطته ظهرها وهى تبتسم وتتابع بمكر ….لذلك ربما هناك بعض الرائحة متعلقة بملابسى …بالإضافة إلى إننى أيضا قررت الاستفادة من الثوم المتبقى ”
” الاستفادة ..” نطق بها مالك وهو ما زال يضع المنشفة على فمه ولم ينبس بعدها ببنت شفه يحثها على المتابعة
فقالت ببرود ” قررت صنع منه وصفة رائعة لشعرى …فكما تعلم شعر المرأة هو نصف جمالها ”
ظهر الإعياء والقرف بالإضافة إلى خيبة الأمل على وجهه ..فبعد عودته من يوم عمل طويل شاق ….وهو يفكر فى أخذ زوجته بين احضانه ومعانقتها وبعد ذلك ينام بين أحضانها بسلام …وبدلا أيضا من ان تنتظره بملابس مغرية ورائحة جذابة وجدها بعباءتها المنزلية المتعلق بها رائحة الثوم والطعام بل أكثر من هذا تضع وصفتها السحرية على شعرها فى هذا الوقت بالذات ….
فقال ببلاهة ” وصفة …لكنى أجد رائحة أكثر فظاعة من الثوم نفسه ”
فابتسمت بمكر ” نعم فأنا قد وضعت زيت زيتون وزيت خروع ”
“خروع ” نطق بها بقرف
” نعم خروع ….ان فوائده عظيمة للشعر فهو يساعد على اطالته. ..وزيت الزيتون يجعل الشعر ناعما ” إجابته باقتناع تام
ضغط على شفتاه بقوة وهو يكابد نفسه حتى لا يصرخ ويبكى على حظه العاثر …لكنه لا لن يسمح لها بتدمير أحلامه فى هذه الليلة …..فقال بهدوء تام وعشق يشتعل بين عيناه التى لم يستطع أن يبعدها عن النظر والتمتع فى منحنيات جسدها رغم ملابسها تلك ” ريم لا أعتقد انك بحاجة إلى مثل هذه الوصفات …انها مجرد هراء ….وإن كنتى تريدين الاهتمام بشعرك هناك منتجات أفضل من هذه الوصفات ولن يصدر منها مثل تلك الرائحة….لذلك اذهبى ونظفى شعرك ” ثم وقف أمامها مباشرة وهو ينظر اليها بمكر
ارتبكت من نظراته لها …فبلعت ريقها وقالت بثبات ” لا …يجب أن تبقى على شعرى لمدة نصف ساعة أخرى ”
ظهر الغضب على وجهه وقال بحفيف ينذر بالخطر ” ريم اذهبى واغسلى شعرك ” ثم مال نحوها بأعين تشتعل حبا وتابع بمكر وهو يقترب من شفتاها بشفتاه حتى لم يعد يفصل بينهما أقل من سنتيمتر ” أريد أن أخبرك بشئ …انه شئ مهم للغاية وسرى أيضا جدا جدا جدا …”
سحرت من نظراته و اخفضت اهدابها وهى تشعر بيديه تلتف حول خصرها باغراء جعلتها بتلقائية تضع ذراعيها حول رقبته تحاول أن تقربه منها وهى تشعر بأنفاسه وشفتاه قرب فمها … وما كاد تلتقى شفتاهما …حتى سمعت صوته وهو يقول بمكر وابتسامة اغراء على وجهه
“لا ليس الآن ..اذهبى ونظفى شعرك أولا ”
فتحت عيناها بصدمة من كلماته وابعدت ذراعيها عن عنقه وهى تنظر إليه بحدة ووجهها محتقن من الغضب والخجل فى نفس الوقت ….لو كان أحد سكب عليها كوب من المياه المثلجة الآن لكان أفضل لها مما حدث لها منه …..
احمرت عيناها وقالت بحدة وهى تضربه على كتفه ” لا الآن ولا بعد ذلك …فلتذهب إلى جهنم الحمراء ..أنت …ووالدتك ”
قالت كلماتها وهى تتوجه نحو الخزانة وهى تقف أمامها لا ترى شيئا مما يجب ان تأخذه ….
صدرت منه ضحكة مجلجلة من تصرفها وقال وهو يحاول أخذ أنفاسه ” وما شأن والدتى الآن ”
زمن شفتيها بانزعاج وهى تقول ” بدلا من ان تتعب نفسك وتخبرنى انك ستتاخر اليوم أخبرت والدتك …وماذا عنى الست زوجتك وحق لى أن تخبرنى ” قالتها بغيرة وقلق لم تقصدهما….فلمعت عيناه بسعادة وهو يرى نظرة مختلفة عن نظراتها السابقة له …انها ليست تلك المرأة المتكبرة والمغرورة ذات العنفوان. …انها الآن زوجته التى تشعر بالقلق عليه ….عضت على شفتاها بقوة تتمنى أن تنشق الأرض وتقوم ببلعها الآن بعد فداحت ما نطقت به ومشاعرها التى ظهرت من دون ان تشعر فتلونت وجنتاها باللون الأحمر ….. فاقترب منها وهو يضع يديه على كتفيها …..يديرها إليه وهو يقول بسعادة واضحة فى عيناه .” هل تشعرين بالغيرة من والدتى …وتقلقين على ..ريم هل نمى بعض المشاعر فى قلبك لى ….ريم حقا انا أعشقك ”
بلعت ريقها وهى تشعر بأن وجنتيها تكاد تحترقان مما هى به الآن …فالتفتت بجسدها نحو الخزانة تحاول ألا تظهر مشاعرها …. ظهرت ابتسامة على وجه مالك واقترب منها بجسده وهو يلف يديه حول خصرها من الخلف قائلا قرب اذنيها ” أحبك حتى آخر نفس فى حياتى …وسانتظر….سأنتظر حتى تخبرينى بما أتمنى سماعه ”
أغمضت عيناها بقوة وهى تبتلع ريقها ….وقلبها يكاد يقفز من مكانه انه رائع …. نهرت نفسها بقوة فهى لا لن تقع فى هذا الفخ …سيتركها. ..نعم فى النهاية سيتركها ولن يكون هناك غيرها الخاسر والمتاذى ….أخرجها من تفكيرها …وهو يمرر إحدى يديه بين ملابسها وهو مازال محتصنا إياها من الخلف ووضع بين يديها قطعة ملابس ما ” ارتدى هذا ” قالها بهدوء
وكمحاولة منها للهروب تحركت من بين يديه وتوجهت نحو الحمام وهى تحمل بين يديها ما اختاره …..
انتهت من غسل وتنظيف شعرها وجسدها …وامسكت بين يديها ما اختاره لها مالك ….شهقت بقوة وهى ترى ما اختاره ذلك المنحرف ….
” أيها المنحرف …انه قليل تهذيب …يحتاج ان يتربى من جديد …لقلة أدبه تلك ” ظلت تتمتم بها ريم ووجهها يحمر من الخجل ….فزوجها أختار قميص نوم اسود اللون طويل يظهر مفاتنها …..ضغطت على شفتاها بقوة وهى تفكر ما الذى ستفعله الآن انها فى موقف لا تحسد عليه بالتأكيد ….لن تستطيع الخروج بروب الحمام فقط فهو قصير وهو بالخارج ولا بذلك القميص أيضا ….مررت يديها وهى تكاد تنفجر غيظا
جلس على السرير واستند بظهره على ظهر السرير وهو يصدر صفيرا عاليا ….يحاول أن يمنى نفسه بما سيراه الآن وأفكاره تتقاذف أمامه بمكر …..ستخرج وسيراها …سيراها اخيرا وهى مغرية …. قبض بيديه بانتصار ….سمع صوت باب الحمام يفتح ولكنه فرغ فاها واتسعت عيناه من الصدمة مما يرى وهو يكاد يبكى ويصرخ فى نفسه ” لا …لا ..لا …فهذا ليس ما كنت أريد أن أراه ”
وقفت بانتصار أمامه وهى ترتدى قميص النوم وفوقه روب الحمام القطنى ملتفا حولها بأحكام مانعا اى جزء من جسدها من الظهور مرر يده على وجهه ….ونظر إليها مرسلا إليها نظرة غاضبة …وابتعد عن السرير وهو يضع يديه فى جيبى بنطاله البيتى وهو يزفر بغضب ….بلعت ريقها بخوف من نظراته تلك ….واقترب منها وهو يصتك على اسنانه قائلا ” لماذا تفعلين معى هذا ”
ارتجفت اوصالها ثم تابع وهو يقترب منها قائلا ” اظن انك تفهمين مقصدى من ذلك القميص لماذا إذا لا …لماذا يا ريم ….ارجوكى ” قالها برجاء وهو يضع يديه على ذراعيها
بلعت ريقها وهى تحرك اهدابها وهى تنظر إليه بخوف لا تعلم سببه ان كان من الخوف من الحب وبعد ذلك جرح نفسها ام الخوف من نظراته والسقوط بين يديه فقال وهو يقول بصوت متهدج قرب شفتاها ” ارجوكى ”
فقالت بهدوء يشوبه بعض الارتباك ” ما …ما الذى تريده ”
وضع قبلة صغيرة قرب فمها وهو يقول ” أريدك أن تريدينى. ..ايصعب فهم هذا ”
قالها ثم تبعها قبلة فوق شفتيها معانقا إياها بقوة ….وهو يسقط بيديه ذلك الروب عن جسدها ….ومعه لم تستطع التفكير فقط تركت قلبها بين يديه
***************************
حاولت فتح عيناها لكن كانا جفنيها ثقيلان للغاية و وجدت صعوبة فى فتحهما جاهدت حتى فتحتهما اخيرا لكن الرؤية كانت ضبابية أمامها…..عقلها كان مشوشا إلا أن أول شئ تذكرته هو طفلها وحركت يدها بسرعة ووضعتها على بطنها وهى تقول ببكاء ” ابنى ….طفلى ”
اقتربت منها والدتها بسرعة وهى تضع يديها على رأس أروى وطبعت قبلة على جبهتها وهى تقول باطمئنان ” حمدا لله انك بخير صغيرتى”
” ابنى …طفلى ” قالتها بصراخ حاولت والدتها التكلم لكنها وجدت زوجها يدلف إلى الغرفة وجلس على السرير وهو يضم أروى إلى صدره قائلا بحنان ” لا تخافى طفلتى ….انتى والطفل بخير …اهدءى ”
نظرت إلى والدها برجاء وهى تقول ” أبى أرجوك لا تكذب على …هل حقا بخير …أرجوك ”
أبتسم عادل وضمها إليه أكثر وهو يقول بتأكيد ” أقسم انه بخير ”
واقتربت والدتها منها وهى تضم وجه اروى بين يديه ” حبيبتى لماذا سنكذب. ..أن لم تكونى تصدقينا ساثبت لك ….وتابعت كلامها وهى تمسك بيد اروى اليمنى ووضعتها على بطنها وقالت بسعادة ….إلا تشعرين به ….حملقت اروى بوالدتها وقالت بسعادة وهى تبكى” نعم …نعم انه …انا ..انا أشعر به …ابنى …ابنى بخير يا أبى …أمى طفلى بخير …وازداد بكاءها وهى تقول ….لقد …لقد رأيت دماء …ارتعبت. .من ان يكون …أن …سيموت ”
ضمها عادل إلى حضنه وهو يقول بصوت حزين منكسر فقد رأت ابنته الوحيدة الموت بعيناها اليوم والمه قلبه عندما راءها تبكى رغم أنها كانت مغيبة وغير واعية
” لم أستطع أن أرى دموعك …يا صغيرتى ..وألا أحاول إنقاذ طفلك …لم أكن ساتحمل كسر قلبك ولا فرحتك بأول مولود لديك …دعوت الله ألا يحدث لك او للطفل شئ. ..بذلت كل جهدى حتى اوقفنا النزيف واصبحتى بخير انتى وجنينك….ثم ابعدها عنه وهو يقول بدف
” الباقى عليكى من الآن لانه لو حدث اى شئ حينها لن أستطع فعل شئ ….فرفعت اهدابها ونظرت إليه بعدم فهم …أبتسم من نظرتها وقال بهدوء
” عليكى ان تهتمى بنفسك …لا يوجد حركة ..الطعام يكون منتظما …لا إرهاق …لا قلق او تفكير باى شئ …كل ما أريدك أن تفكرى به هو جنينك وفقط …فهمتى ”
ابتسمت أروى و اؤمات براسها على كلام والدها …..نامت على السرير بعد أن وضعها والدها برفق عليه …..دارت بعيناها فى أرجاء الغرفة لكنها لم تجده …فتلالات الدموع فى عيناها …اقتربت والدتها منها ما ان لاحظت حزنها الظاهر …فقالت بابتسامة …” سيف ذهب لتبديل ملابسه …وأيضا لإحضار بعض الملابس لك ….لقد كاد يجن وانتى هكذا ….لقد كان مثل الأسد فى المشفى غاضب حتى طاح بكل من فى المشفى ظل واقفا كعمود الإنارة طوال الفترة التى كنتى بها فى الغرفة ….انه شخص رائع. ..قالتها فريدة بمكر
فرد عليها عادل بهدوء ” نعم …حتى الطبيب اخبرنى انه عندما أخبره انه ربما يفقدون الطفل أخبرهم أن أهم شى هو انتى ”
” بالطبع أليس ابن أخى…انه رااااءع ” قالتها فريدة بتفاخر. …فضحكا كلا من اروى وعادل
” حقا …حقا هو كان قلقا على …ام انه فعل كل هذا فقط من أجل الواجب او ليظهر أمام والدتى …انه ليس سيء ويحافظ على ابنته …قالت اروى فى نفسها وتنهدت بقوة …
التفت فريدة بجسدها ما ان سمعت خطوات سيف و دخوله إلى الغرفة بثبات وبهالة غريبة من العظمة ترافقه …ارتدى ملابس مريحة بنطال من القماش و سترة جلدية وتحتها تى شيرت ابيض اللون …وبين يديه حقيبة صغيرة ….
” مرحبا ”
قالها بهدوء وعيناه على أروى بتفحص وتركيز …وجهها شاحب للغاية جراء ما حدث لها اليوم …حقا لقد كاد يجن اليوم ..لو كان أحدهم جرحه بسكين فى قلبه كان سيكون أفضل مما واجهه اليوم …لأول مرة فى حياته يشعر بأنه بهذا الضعف ومكبل اليدين وغير قادر على إنقاذها او انقاذ طفله مجرد التفكير بأنها من الممكن ان يحدث لها شئ …يجعله يجن ويتمنى الموت قبل أن يرى هذا …كانت بين يديه ترجوه ألا تفقد طفلها …لكنه عندما خير لم يفكر غير بها فقط …لكنه حينها شعر بأنه ولأول مرة ينكث بوعده لأحد ….ومع من …مع المرأة التى انقذته الصوت والجسد الذى كان يناجيه حتى يستيقظ والا يتركها ….لو يستطيع ان يذهب إليها الآن وياخذها بين احضانه ….لكنه لا يستطيع …ما زال هناك شئ ناقص بينهما حتى يكونا بهذا القرب وتلك الحميمية …… واولها عدم اخباره أنها تعرفه او قابلته من قبل …او حتى قول بأنها كانت تعرفه قبل ان يتزوجا. …بالإضافة انها لم تخبره بحملها …لماذا هذا الغموض بها …ما الذى يجعلها صامتة هكذا …ما الذى حدث حتى تكون قاسية هكذا معه رغم أنها تحبه ….يا الله رأسه سينفجر من التفكير …. لكنه سيأخذ حقه منها بطريقته …سيعلمها ألا تخفى عنه شى مرة أخرى …فهذه ستكون أول واخر مرة ستقوم بفعلها
اجفل عندما سمع صوت إغلاق الباب …وخروج عمته وزوجها من الغرفة بعد ان سحبته وراءها ……
وضع الحقيبة بجوار السرير ونظر إليها وهو يقول باهتمام ” كيف حالك الآن …هل تشعرين باى آلم ”
هزت رأسها وهى تقول ” لا ..انا ..انا بخير ”
” حسنا ” قالها بهدوء. ..ثم تابع بصرامة ” ارجو أن تهتمى بنفسك فانتى لم تعودى مسئولة عن نفسك فقط …بل وأيضا عن الجنين الذى تحملينه….ولا تكونى مستهترة. …وفوق كل هذا عندما تخرجين …سنتحدث عما فعلتيه ”
ترقرقت الدموع فى عيناها و ضغطت على شفتها السفلى تحاول كبت دموعها ….من طريقته تلك معها حتى وإن كانت فعلت كل ما يقوله ما كان يجب ان يقول هذا الكلام …. سقطت دمعتها على جفنيها فمسحتها بسرعة …ولكنه اقترب منها وجلس على السرير بجوارها قائلا بهدوء وهو يؤنب نفسه على طريقته تلك معها لكنه لم يستطع إخفاء انزعاجه ” أروى. ..لقد أخطأت بعدم أخبارى ….لدى حق مثلك تماما ”
فزدادت شهقاتها واهتز جسدها وهى تبكى فضمها إليه وهو يربت على رأسها محاولا تهدءتها
فقالت بصوت متقطع ” انا …انا آسفة …لم أكن ..لم أكن ”
” هش…لا وقت للكلام الآن ….اهدءى …اهم شئ انك بخير الآن …لا يهم اى شئ آخر …اهدءى ” ووضع قبلة أعلى رأسها ثم على جبهتها وصولا إلى عيناها …وضمها إليه حتى نامت بين احضانه ..ثم وضعها على السرير بهدوء ….نظر إليها وهو يبتسم …قائلا بخفوت وهو يمرر يديه على شعرها ” لقد سامحتك. …من أجل دموعك هذه …انا سامحتك …فقط كونى قوية ”
*****************************
فى منزل مراد السيوفى كان يجلس كلا من سليم السيوفى وابن عمه مراد السيوفى
” ألم تعرف اى شى عن نور يا سليم …انا المخطئ …ما كان يجب ان نتركها ونعود كان يجب ان نحضرها معنا ” قالها مراد بغضب
فرد سليم بهدوء
” مراد. .أرجوك كن هادئا …اى شئ سنفعله ونحن غاضبين سيوقعنا بالمشاكل …ونحن يجب ان نجد اى شى لايقاع عزيز ..وجعله بين اصابعنا حتى يوافق على الزواج ….لأن كل ما سيحدث او نفعله بطريقة متهورة لن يجعلنا نفقد غير نور …فيكفى ما بها ….ابن عمتها خالد يتصل بى كل يوم …ولكن حالتها كما هى صامتة ” نطق كلماته الأخيرة باسف
جلس مراد على الكرسى و دفن وجهه بين يديه بتعب
” يا الله لم أكن أعتقد انها ستعانى هكذا بعد وفاة والدها … سليم يجب ان نفعل اى شى حتى لا تبقى نور فى منزل عمها ….لو تطلب الأمر عمرى يجب ان تكون هنا ..مهما كان الثمن ”
” لا تقلق كل شئ سيكون بخير …قالها سليم ثم تابع بابتسامة …وحتى أن وقفنا مكتوفى الايدى ولم نفعل شيئا فابنك لن يفعل …حازم يحب نور حقا …ألم ترى قلقه عليها ”
فأصدر مراد ضحكة عالية ….لم يوقفها إلا دخول حازم إلى المكتب وهو يحمل بعض الأوراق بين يديه
” مساء الخير ” قالها حازم بهدوء
فرد عليه كلا من والده وعمه ” مساء الخير …وتابع والده متسائلا….أين كنت ..كل هذا الوقت ”
“لقد كنت أنهى بعض الأمور…هل تحتاج إلى شئ يا أبى ” أجابه حازم
” لا ”
” حسنا استاذنكما الآن ” نطقها وخرج من الغرفة
دلف إلى غرفته ووضع الأوراق على الكومود بجوار السرير ….ثم قام بخلع سترة بذلته تبعها قميصه الأسود ….تنهد بقوة وجلس على السرير وهو يمد يديه نحو الأوراق …سحبها ثم بدأ بتفحصها. …منذ اليوم الذى كان به فى منزل عم نور ….وبعد ما حدث لها أمامه ولم يستطع فعل شئ عندما راءها تحمل بين يدى ابن عمتها …والدماء احتقنت فى وجهه وهو يكاد يشتعل من الغيظ والقلق عليها وفوق كل هذا …كلام ذلك الصلد الآخر ابن عمها رابح …الذى يريد أن يتزوجها …لا وألف لا لن يحدث …لن يسمح لهذا ان يحدث …حتى وإن تطلب الأمر ان يخطفها سيفعل …لكنه لن يفعل ذلك الآن …بل سيذهب غدا إليهم …أما أن يوافقوا وأما ان يتحملوا ما سيحدث لهم …فقد وقعوا فى يد من لا يرحم … وحينها لن يكون الغراب ..أن لم يجلب النحس والدمار على رؤوسهم … فقط كل ما يدعوه ويتمناه الآن ان تتحمل وتنتظر لبعض الوقت فقط …غدا فقط …وسياخذها بعيدا حتى يستطيع ان يضمد جراحها سيضمها إليه ….سيشفيها من آلامها واحزانها….سيجعلها تنسى كل ما حدث لها ….سيكون امانها
error: