رواية..(عندما يعشق الرجل)

لفصل الثامن عشر (الجزء الثانى )
ابتسم بحالمية وشقاوة وهو يراها تغمس وجهها أكثر فى صدره وتضع يديها حول خصره وتضمه إليها أكثر ….لكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة وحل محلها عبوس. ….قلق….خوف ….حزن …..منذ ليلة زفافهما وهو يستيقظ على بكائها ونحيبها فى الليل وعندما يديرها إليه أو ينظر إليها يتفاجأ بأنها نائمة ووجهها حزين ……يا الله كم ألمه قلبه على حزنها هذا وشقائها ما الذى يجعلها هكذا …..هل زواجهما هو السبب أم أن هناك شيئاً آخر يجعلها هكذا تعيسة ……وليلة أمس زاد الأمر عن حده …عندما أطلقت صرخة خافتة وما كان منها إلا أن وجدها تبحث عنه بيديها وتقترب منه تعانقه …. تفاجأ من تصرفها ووجدها تضمه إليها أكثر عندما حاول الابتعاد عنها تمسكت به بقوة …..تنهد تنهيدة طويلة قائلا فى نفسه ….آه لو تفعلها عندما تكون واعية ….شعر بأنها تحتاج حقاً للأمان حتى وإن كان فى نومها وكم سعد بقربها هذا منه …..كانت طوال الليل بين يديه ساكنة ……وفى الصباح …..
فتحت عيناها ببطء ولكنها سرعان ما اتسعتا غضباً وهى تجد نفسها بين ذراعيه ….فابتعدت عنه بفتور وغضب بعد أن بعدت يديه عن خصرها بقوة …..وجلست وهى تضع يديها على صدرها تنظر إليه بشر …..فبادلها مالك نظرات مستغربة وهو يتأفف قائلاً فى نفسه …..تباً ….ها هى قد عادت
صرخت بقوة وهى تقول بغضب …..ما الذى كنت تفعله بى؟؟! ….هل كنت تستغل إننى نائمة؟؟…..حقاً لم أكن أعتقد أنك هكذا ….
فزفر بملل وأبعد الغطاء عنه بقوة وملل وهو يقول بتهكم واضح …..استغل من !!…..أنتِ من كانت تغمس أنفها بصدري وأنتِ نائمة…..وعندما حاولت الابتعاد لم تسمحى لى بذلك …..خفق قلبها بشدة وبلعت ريقها وهى تقول بخفوت …..أنا لا أصدقك !
فبادلها النظر بأعين باردة وقال وهو ينحني بجسده ويضع يديه على السرير يستند عليه وقال بحفيف. ….لو كنت أريد أن أحصل عليكِ…لكنت فعلت منذ أيام ….ولكنى لست هذا الشخص …..لانكِ من ستأتين إلى بنفسك وبمحض أرادتك
نظرت إليه بسخرية واضحة وقالت بثقة ….إذاً ستنتظر طويلاً ….لأننى لن أتى إليك أبدًا ….
ابتعد عن السرير وهو يقول بابتسامة فاترة …..سنرى…..وبعدها ولج إلى الحمام …..ما أن خرج حتى قال وهو يمشط شعره للخلف …..اليوم سنتناول الفطور مع والداى …..ثم نظر بسخرية ….فيكفينا تمثيلاً وكأننا عروسان …..
نظرت إليه بحدة ودلفت إلى الحمام وجسدها يرتعش ….لا تعلم أن كان من الخوف أم من شئ آخر …..
أخذت حماماً وخرجت وهو جالس بانتظارها ومن دون أن ينبس ببنت شفه انتظرها إلى أن ارتدت حجابها ونزلا حيث يجتمع كلا من جديه ووالديه …..قابلها والده السيد محمود بحنو وكذلك جدته وجده ….إلا والدته التى كانت تعاملها بجفاء طوال جلوسهم على طاولة الطعام …..
***********************************
بدأت فى فتح عيناها ببطء
على ضوء النهار الذى قطع عليها نومها والصوت الذى لم يكف عن مناداتها….فتململت فى فراشها غير راغبة فى التحرك بل تريد النوم أكثر حتى أنها قامت بشد الفراش إليها أكثر عندما تغلغل بعض الهواء إلى الغرفة …..سمعت وقع خطوات حتى وقفت الخادمة بجسدها أمامها قائلة بحنان …..سيدة أروى هيا استيقظى يكفيكي نوماً
فتمطت أروى بكسل بعد أن جلست على السرير قائلة وهى ترجع خصلات شعرها السوداء إلى خلف أذنيها …..كم الساعة الآن ….وهل ذهب سيف
-أنها الثالثة عصراً ….والسيد خرج منذ الصباح الباكر
شهقت أروى بخفوت وقالت وهى ترجع برأسها للخلف قليلاً …..يا الله لقد أصبحت أنام كثيراً …ماذا بى!!؟
فابتسمت الخادمة قائلة بسعادة …..لا تقلقى أنها أعراض طبيعية لمن هو فى مثل حالتك ….وزمت شفتاها بقوة وهى تتابع قائلة. ….رغم أن نومك هذا غير صحيح بدون تناول الطعام ….فيجب أن تتنظمى على أطعمتك …حتى يولد الطفل كاملاً ومعافى
رقمتها أروى بغضب عاصف وكأنها تحذرها من تكملة كلامها قائلة بحدة ….اخرسى…..ما هذه التفاهات !!!!
رغم حدة أروى فى الحديث إلا أن الخادمة لم تنزعج من نبرتها فهى أحبت سيدتها منذ أن تعرفت عليها وتعلم أنها غاضبة أو مصدومة فقط ….والدليل على ذلك أنها أظهرت ابتسامة دافئة على ثغرها
قائلة …..أعلم أنك خائفة….ولكى نقطع الشك باليقين ما رأيك أن نتأكد
نظرت أروى إليها ببلاهة وقالت بسرعة وهى تبتعد عن السرير …..حسناً ….سأتأكد بنفسى …وسأكون أكثر من سعيدة حينما أخبرك أنكِ على خطأ
فضحكت الخادمة وقالت بتأكيد ….بالطبع لن يكون كذلك وسأكون أنا على صواب…..ثم تابعت وهى تضع يديها على كتف أروى ….الأطفال هم أكثر شئ يربط بين الزوجين ……فعقدت أروى حاجبيها بانزعاج واضح ….وتأففت غاضبة من تطفل الخادمة بطريقة ازعجتها وألمتها وكأن الخادمة تعلم بالفعل أنهما غيرا مترابطين
فقالت بهدوء ورقة تحاول أن تصرفها بهدوء حتى تستطيع التفكير فى حل لمشكلتها تلك …..حسناً يمكنكى الخروج حتى أستطيع تبديل ملابسى. ..وسأتبعك خلال دقائق …..اؤمات الخادمة وخرجت وهى لا تعلم بأن كلماتها قد جرحت أروى بالفعل ….أخذت الغرفة ذهاباً وإيابًا ويديها لم تكف عن إرجاع شعرها للخلف بطريقة مؤلمة لكن تفكيرها بأن ما قالته الخادمة من الممكن أن يكون صحيحاً جعلها تجن ……وظلت تصتك على أسنانها بقوة ….وعيناها يشوبها بعض الحزن والكثير من الخوف ….لكن يجب عليها أن تنهى كل شئ حتى ترتاح ….ارتدت ملابسها وخرجت وفى رأسها عزم أكثر منه إصرار فى الذهاب والتأكد من كل شئ …..
صعدت سيارتها بعد أن خرجت من ذلك المعمل بعد أن أجرت ذلك الاختبار وقلبها يرتجف من انتظار الغد الذى سيكشف عن كل شئ …….وبعد ذلك أمرت السائق بالذهاب إلى منزل خالها محمود لترى ريم فهى لم ترها منذ الزفاف فربما تخفف عنها قليلاً فهى تحتاج لأن تبتعد عن تفكيرها هذا لوقت قصير حتى ولو كان لساعة واحدة فمهما كان سيكون أفضل لها ولاعصابها ……..ترجلت من السيارة ودلفت إلى المنزل مباشرة بعد أن فتحت الخادمة لها الباب ……دلفت إلى غرفة جدتها فى منزل خالها فرأت بثينة تجلس معها سلمت عليهما ثم جلست تتبادل معهم الحديث تحاول أن تبدو طبيعية وتبعد عنها القلق …..ولم تكن تدرى أن هناك أخرى مثلها تخفى الكثير خلف وجهها المبتسم لما تمر به فبثينة رغم ابتسامتها إلا أنها لم تكن أفضل حالاً من أروى …….أخذت بثينة وصعدتا إلى غرفة ريم …..تعانقن بقوة وجلسن وكل واحدة منهن تخفى وجعاً مختلفا …..
لخمسة دقائق كن الثلاثة نساء صامتات حتى بدأت ريم الحديث محاولة كسر هذا الصمت المطبق ووجهت الحديث إلى بثينة التى انتبهت لها ما ان نطقت الأخرى اسمها ……لم أكن أعلم أن لسيف أخت إلا منذ فترة قصيرة …..فظهرت شبه ابتسامة على وجه بثينة فتابعت ريم …..لكن هل تعلمين ….هناك القليل من الشبه بينكما ….ثم نظرت الى اروى وقالت ….إلا تتفقين معى فى الرأى ؟؟!
فضحكت أروى بهدوء …..لا أعلم …ربما !
سألت أروى كلا منهما عن حالهما. ….لكنها لم تطمئن لإجابة كلا منهما لذلك فضلت الصمت حتى تستطيع أن تكون مع كل واحدة منهن بمفردها والحديث معها
بعد ما يقارب الثلاثون دقيقة ….غادرت أروى منزل خالها بعد أن ودعت الجميع …..
وبثينة أخذت طفلتها وذهبت هى الأخرى …..
أوصل السائق أروى إلى المنزل وبعد ذلك توجه بالسيارة حيث رب عمله ……..
***********************************
-ماذا معمل للتحاليل الطبية!!؟؟ …..قالها سيف للسائق الواقف أمامه باحترام وخضوع كبيرين ….
فأومأ السائق مؤكدًا وقال …..قمت بايصالها إلى المعمل الطبى وبعد ذلك اوصلتها إلى منزل السيد محمود السيوفى و انتظرت السيدة لما يقارب الساعة وبعد ذلك اوصلتها للمنزل …..ردد الرجل كلماته بإتقان شديد وكأنه يقول تقريراً لشيئًا ما
صرفه سيف بيديه ووجهه يكسوه الغضب ….كيف تخرج بدون إذن منه اليوم وكانه لا يوجد له قيمة أو مكانة أمامها وقبل كل هذا يفكر عن سبب ذهابها لهذا المكان هل ممكن أن يكون بها شئ …….
أخرجه من تفكيره دخول كاسر إلى المكتب ووجهه لا يبشر بخير …..الذى جلس قبالته ما أن دلف إلى المكتب ومعالم الإجهاد والتعب ظاهرة عليه ….نظر سيف إليه وحاجباه ينعقدان بقوة وهو يرى أمامه كاسر هكذا لأول مرة ……
دفن كاسر وجهه بين يديه وقال بعد أن أخرج تنهيدة طويلة تظهر مدى تعبه …..سأسافر. ….قالها كاسر بدون مقدمات
عقد حاجبى سيف أكثر وقال بهدوء ……ماذا بك ؟؟!!
أخذ كاسر نفسا عميقاً ثم زفره بقوة قائلاً بضعف …..سأسافر لابحث عنها ….
وسرعان ما فهم سيف من يقصد …..وأن طليقته هى سبب شقاءه وتعبه حتى الآن …وهى من تسببت له فى تلك الحالة المزرية حتى وإن كانت لم تقصد ….فهى بالطبع بعيدة عنه ….لكنه يعلم أكثر من غيره ان أكثر شخص تأذى من ذلك الانفصال كان كاسر ….فقال بهدوء
-وهل تعلم أين هى !!!؟؟؟
– سأجول العالم بحثاً عنها حتى أجدها ….لا أستطيع الجلوس والبقاء وهى بعيدة عنى …..فتابع وهو يبتعد عن كرسيه ….أتيت فقط لأخبرك. …وأيضاً لكى تهتم بحمزة أثناء غيابى…..هو فى المزرعة ولكن فقط أجعل عيناك عليه حتى لا يحدث له شئ ……قال كلماته بسرعةوخرج
أرجع سيف رأسه للخلف …..هل سيكون حالة مثل كاسر فى يوماً من الأيام !!! …..أو مثل والده الذى هرب لكى ينسى من أحبها حتى أنه ترك ابنه وهو لا يعلم ما عناه ابنه من صعوبات !!؟؟…..ضيق عيناه بقسوة لتذكره والده بالذات …..والده الذى تركه وهو فى امس الحاجة إليه لقد كان يحتاج الى الحنان قبل المال والثروة …..والتى لم يجدها فى جده إلا قليلاً جداً فكان دائماً يقسو عليه يكفيه أن معظم أفراد عائلة الحسينى تكرهه وتعتقد أنه سمكة القرش التى ستبتلعهم جميعا …..لم يجد ما أراده بينهم دائماً ما كان يشعر بينهم منذ أن كان صغيراً بأنه منبوذ أو غير مرغوب به فى مجالسهم التى كانت تعقد سابقاً ……كانوا دائماً يشعرونه بأنه أقل منهم ولا يجب أن يبقى بينهم …..حتى أن عدد من الأشخاص كانوا يلقون عليه بالكلمات عندما لا يكون جده موجودا عندما كان صغيراً “ما الذى يفعله حفيد السيوفى هنا اذهب إلى والدك وتمتع بماله ..”
“لا يحق لك البقاء هنا فهذا ليس مكانك ”
“والدك لم يرحب بك عندما ولدت هل نحن من سنفعل ونجعلك بيننا ….فيبدو أنك شؤماً منذ أن ولدت …..فحتى والدتك ماتت ”
وكم ألمته تلك الكلمات وسببت له جروح عميقة داخله ….ولم يستطع الزمن أن يشفى تلك الجروح …..
أب هذه الكلمة لا يستحقها أي شخص …..أب ترك ابنه وهرب وعندما عاد علم أنه قد تزوج وأيضاً أنجب أخت كان حظها السيئ أيضاً أن والدها هو سليم السيوفى …..الذى لم يعرف من الأبوة شيئاً. ….وأكبر دليل أنه زوج ابنته لرجل لم يكن يريدها إلا ليصل لشركات السيوفى …….
*******************************************
لماذا غير مسموح لى برؤية الأوراق الخاصة بالصفقة التى ستتم مع عائلة الحسينى ؟؟؟؟؟!!!……قالتها روز بحدة وهى تقتحم غرفة مكتب أخيها مارسيل بالشركة غير مهتمة لمن يجلس معه
أخذ مارسيل نفسا عميقا محاولاً أن يكون هادئا فقال باتزان وبرود شديدان وهو يجلس خلف مكتبه …….ولماذا تريدين الاطلاع على الأوراق؟؟!! …..الستى انتِ من قولتى أن علاقتك انقطعت بهم وانكِ لن تتدخلى فى أي عمل بينهم …..وايضاً انتِ مسؤولة عن صفقة اخرى
بلعت ريقها تحاول أن تجلى حنجرتها وسرعان ما تغيرت نظرتها الحادة إلى نظرة متسائلة عندما لمحت عيناها امرأة ما تجلس قبالة أخيها أقل ما يقال عليها شبه عارية …..التقط اخاها نظراتها المتساءلة ووجدها فرصة لكى ينهى الجدال فى هذا الشأن وقال بهدوء وهو يشير إلى أخته ليعرفها على الجالسة التى كست ملامحها هى الأخرى غموض لم يفهمه ……أعرفك روز أختى الصغرى ….ثم أشار إلى الأخرى ….أعرفك علا ….أحد شركاؤنا فى المنتجع الذى سيتم بناوه فى مصر ….وقفت علا بسرعة قائلة بإحترام ….أهلا بكِ سيدة روز لقد سمعت عنكى الكثير
نظرت روز إليهما بفتور وخرجت غاضبة من الغرفة ….والأخرى ترمقها بتعجب …..ساد صمت كالصقيع فى المكتب لعدة ثوانى حتى قال مارسيل بابتسامة …..اعذريها أنها مدللة …..لكن ما سبب نظراتك لها ؟؟!!
ضحكت علا بقوة وقالت بتفكير …..لا أعلم ولكن عقلى يخبرنى إننى رأيت أختك من قبل …..
-ربما فى الشركة فانتِ اتيتى هنا عدة مرات
ردت بسرعة وعيناها منعقدان …..لا ليس فى الشركة رأيتها لكن ليس هنا بل فى مصر
لكنها غيرت مجرى الحديث بسرعة فهى لم تأتى إلى هنا لتتعرف على السيدة روز التى سمعت عنها الكثير فهدفها وتفكيرها منصبان فى أمر أكثر اهمية من هذا كله فقالت ……حسناً ما هى خطتك لعائلة الحسينى !!؟؟
ظل مارسيل ينقر على مكتبه بأصابع يده لثوانى يفكر فى شيئاً وكأنه يدرس الشخص الجالس امامه لكنه قال بصوت منخفض وبسرعة …..سمعت انكِ كنتى على علاقة مع كاسر الحسينى؟؟!! …..ماذا أثمرت هذه العلاقة !!!قالها بمكر
ردت بثقة رغم أنها تفاجأت بعلمه بعلاقتها بكاسر التى لم تدم لعدة ايام فقد كان الآخر ما زال يبكى على فراق زوجته التى تركته من دون أن يطرف لها جفن …..تستطيع أن تقول بأنها انتهت …..استخدام كاسر لم يكن سهلا فى الوقت الذى اعتقدت بأننى ساستطيع فى يوما ما تحريكه …..وجدت نفسى غرة أمامه …..
ضحك مارسيل بقوة حتى أن ضحكته استمرت لدقائق لم يوقفها غير سعاله فقال بصوت منخفض …..اعتقدتى انكِ تستطيع استخدام من… كاسر ….يا الله حقا لقد كنتى تلعبين بالنار….ثم تابع بتركيز بعد ان هدأت ضحكته ….لكن أخبريني هل عاد إلى زوجته؟؟!! …..
هزت رأسها علامة النفى ثم قالت بهدوء ….أنه يبحث عنها ؟؟….أعتقد أنه سيجن أن لم يستطع الوصول إليها ……لكن الشئ الذى سيظل معقد وغير مفهوم وربما سر لا يعلمه أحد ….لماذا انفصلا ؟؟؟!!
ابتعد مارسيل عن كرسيه قائلاً بتركيز وصوت منخفض يكاد لا يسمعه غيره …..تزوجا فجأة وانفصلا فجأة حقا أنه شئ محير! !….وفوق كل هذا عزت الحسينى اختفى بعائلته ما أن طلق كاسر حفيدته ….حقا يوجد غموض فى هذا الأمر
سمعت علا همساته والتقطت أذنيها عدد من الكلمات لكن لم تساعدها فى توضيح ما يقصد فقالت بتركيز ….هل تقول شئ ؟؟
التفت إليها بابتسامة ….لا …لا تهتمى
نفضت أفكارها وعادت مرة أخرى تتذكر سبب حضورها ومقابلة مارسيل بالذات فهى تعلم حقده وكرهه السابق لعائلة الحسينى دون غيرها ورغبته فى تدميرهم والاستيلاء على شركاتهم وتحطيمهم بقدميه غير مهتم بهم …..فكل همه هو رؤية كل فرد بها مذلولا وخاضعا تحت قدميه …..فهى تعلم او بالأحرى سمعت ان مارسيل كان يريد الزواج من فيروز إبنة سليمان الحسينى منذ ان قابلهاوهو كان مفتونا بها ولكنها رفضته وفضلت عليه سليم السيوفى …والتى هى أكثر من متأكدة أنه سيكون الهدف التالى لمارسيل بعد ان ينتهى من عائلة الحسينى ….حقا تلك المرأة فيروز سمعت عنها الكثير رغم موتها إلا أنها تركت أثرا فى قلب كل رجل يمنعه من نسيانها ….تسألت كيف كانت لكى تجعل كلا الرجلان لا يستطعان نسيانها حتى الان …. ظهرت ابتسامة على ثغرها لثاتية وهى تتذكر ان سيف مثلها يستطيع ترك بصمة فى قلب كل امرأة ….نفضت الأفكار عن رأسها وهى تذكر نفسها بما أتت من أجله ….بالإضافة لمقدار ما تستطيع ان تحصل عليه وراء كل هذا
فقالت بحفيف أفعى ….ما هى خطتك بالنسبة لشركات عائلة الحسينى ؟؟؟!!
-عندما يحن الوقت سأخبرك لا تقلقى ….لكن أهم شى إلا يعلم أحد بشأن انكِ لديكي أسهم فى الشركة …..ثم تابع بقوة …..والأهم ان تعودى إلى مصر وساخبرك بكل شئ حينما يأتي الوقت المناسب ….
قالت بتأكيد ومكر ….بالتأكيد أنا تحت امرك ….ثم تابعت بدلال ….ولكن ما مقدار استفادتى من ذاك الأمر ……أنت ستتخلص من أكبر منافسيك وستحقق رغبتك بالانتقام
ظهرت شبه ابتسامة على وجهه وهو ينظر اليها بين جفونها يعلم انها أفعى لكن كل ما يهمه هو أنه سيستفيد منها قدر استطاعته وعندما يحصل على انتقامه سيتخلص منها وقال….لا تقلقى لكى ما تريدين ……
……………………..……………………..………
جلس على مقعده فى ذلك المقهى يحتسى قهوته الثانية وهو فى انتظارها على أحر من الجمر ….تفاجأ عندما وجدها تتصل به اليوم صباحا تطلب منه رؤيته فما كان منه أن رد عليها بسرعة وحدد المعاد بعد ساعة ولكنها رفضت وقالت انها تستطيع مقابلته بعد ساعتين على الأكثر وافق …… ظل يفكر عن سبب طلبها لرؤيته فهى منذ ان اوصلها إلى منزلها ذاك اليوم وهو لم يرها …..ما أن أغلق السماعة حتى ارتدى ملابسه على عجالة وخرج من شقته متوجها حيث اتفقا وها هو يجلس لما يقارب الساعة فى انتظارها ……رأها من بعيد بعد ان ترجلت من سيارتها على الجهة الأخرى من الطريق …..سلبت قلبه وهو يراقب وقوفها فجأة عندما رأت طفلة صغيرة مع والدتها قبلت الطفلة رددت بعض الكلمات وعلى وجهها ابتسامة شعر خلالها برغبة عارمة فى الركض إليها وتقبيلها ليثبت لها أنها ملكه فقط …..نعم فهو يريدها…. يريدها حتى وإن كان ليوما واحد ….ظل صدره العريض ينخفص ويعلو من مجرد تفكيره أنها ستكون بين يديه مستسلمة للمساته وقبلاته لها …..لاحظ عبورها الشارع المزدحم بالسيارات حتى وقفت أمامه بملابسها العملية تنورة قصيرة تصل لبعد الركبة بقليل وقميص أظهر كم أن صدرها عامر وسترة مغلقة بزر فى المنتصف ….وشعرها مجموع فى عقدة دائرية محكمة …مما أظهر بشرتها البيضاء كالحمامة…..لقد كانت جميلة ورشيقة ….امرأة يتمناها أي رجل حقاً …..بلع ريقه برغبة شديدة فهو يريدها بإي ثمن ….ولا توجد امرأة من الصعب الحصول عليها …..راقب جلوسها وهى تشبك أصابع يديها بقوة وكأنها تفكر جيداً فيما ستقوله. ….عقد حاجبيه منتظراً سماع صوتها الذى يشتاق إلى سماعه ….فرفعت عيناها الخضراء إليه قائلة بثبات ورقة …..وليد أحتاج مساعدتك
خفق قلبه حتى أنه شعر بأنه يكاد يخرج من مكانه وهو يستمع لصوتها العذب ونظر إليها بصمت يطلب منها المتابعة ……
فقالت بصوت منخفض حزين …..حازم ليس بخير
شعر فى تلك اللحظة وكأنه قد هوى فى حفرة عميقة سببت له كسر جميع عظام جسده وقلبه ….فبلع ريقه يحاول أن يخفى ألمه …..لقد اتصلت به وهو كالمجنون أتى إليها ركضاً اعتقاداً منه بأنها تحبه أو أنها على الأقل قد شعرت حقاً بأن بينهما انجذاب……
قال بحدة ….ماذا به حازم ….
قالت بسرعة …..حازم ليس بخير منذ أن عاد دائم العمل ودائماً منكب على اوراقه …..
فقاطعها بحدة ……وهل حازم عاد!!؟؟ ….متى؟؟؟ ….ثم تابع بلامبالاة…..وما الجديد حازم هكذا دائماً
فحركت رأسها علامة النفى وهى تغلق عيناها بشدة ……لا ليس هذا فقط …..منذ ان أتى من أسبوع وهو لم يذق طعم النوم واذا نام فهو ينام على الأريكة فى المكتب لعدة دقائق…..ولايذهب إلى شقته إلا من أجل تغير ملابسه فقط ……حتى لم يعد يحلق ذقنه كالسابق
ثم وضعت يدها على يده الموضوعة على الطاولة بتلقائية وتوسل …..وليد أرجوك ….انا أعلم انكم أصدقاء هل يمكنك الحديث معه ….حازم ليس بخير
عاصفة عصفت به جعلته يتمنى أن يمسك برقبتها وخنقها وهى تتحدث عن رجل وكأنها تعرفه أو ربما على علاقة ….لولا أنه يعلم حازم جيداً لكان شك بأن ايملى على علاقة بصديقه …….ظلت تنظر إليه على أمل إلا يرفض توسلاتها ……
أبعد يده القابعة أسفل يديها بفتور قائلاً بغيظ مكتوم ……حسناً سأذهب لرؤيته والحديث معه
-متى !!؟؟….قالتها ايملى بلهفة
فنظر إليها نظرة نارية وعيناه تلتهب شراً …..الآن سأذهب إليه ….ثم تابع وهو يصتك على أسنانه من الغضب ….لا تقلقى
ما أن نطق حتى اتسعت ابتسامة ايملى جعلته يتمنى الموت فى هذه اللحظة هل يمكن أن تكون ايملى تحمل مشاعر لحازم لذلك هى مهتمة به …..نفض تلك الأفكار عن رأسه بقوة فهو يعلم جيداً ان ايملى تعتبر حازم أخا لها ………
بالفعل بعد ما يقارب النصف ساعة دلف وليد إلى مكتب حازم وسرعان ما ارتسمت على وجهه الحيرة والدهشة وهو يرى صديقه أسوء مما وصفته له ايملى …..منكب على عمله أكثر من السابق حتى أنه لم يرفع رأسه عن اوراقه وحتى لم يرد عليه التحية …..عقد حاجبيه بتسأل وجلس على الكرسى قبالته قائلاً بابتسامة ……ما هذا حازم السيوفى هنا وأيضا منذ ما يقارب الأسبوع وأنا لا أعلم!! …..حقا يبدو أنه لم يجدى معك صداقتنا التى دامت لأكثر من عشر سنوات …..رفع حازم أخيرًا عينيه عن الأوراق قائلا بارهاق واضح وبصوت متعب …..كيف حالك يا وليد! …..
ضحك وليد فقال بتأكيد وهو يغمز له …..بخير
ظهرت شبه ابتسامة على وجه حازم أن كانت تعتبر ابتسامة …..
فقال وليد بحزن …..ماذا بك يا صديقى !!
دفن حازم وجهه بين يديه وقال بحشرجة. ….لست بخير ….ما كان يجب أن أعود ….ما كان يجب ان اراها أنا اتعذب من فراقها …..
نظر وليد إلى صديقه بألم فقال بهدوء …..اخبرنى ما بك
بدأ حازم يقص على صديقه كل شئ كيف قابلها ….وأخبره بأمر رؤيتها له مع حبيبها السابق الذى تركها وتزوج صديقتها ….لكنه لم يخبره بما قاله مازن له بأنها كانت على علاقة معه ….أو انه رأها بين أحضانه ويديه. ….لا يعلم سبب كتمانه للأمر ربما لأنه لم يريد أن يتذكر ذلك ويتألم أكثر…..أو حفاظاً ربما لكبريائه اللعين ….أو لانه حقاً يحبها ….لا يعلم حقا ما هو السبب ….لكنه كل ما علمه أن هذا يجب الا يعرف به غيره ….
نظر وليد إلى صديقه بألم وهو يرى دموع ….من حازم السيوفى تكاد تسقط على وجهه ….لقد أحب صديقه وربما تخطى هذا وأصبح عاشقا لامرأة …..لا يعلم ماذا يفعل غير أنه ربت على ظهره يحاول أن يدعمه حتى وإن كان معنويا
**********************************************************************
دلف إلى الغرفة وجدها على نفس حالتها التى أصبح يراها بها دائماً عندما يعود نائمة بكل ارياحية وهو متعذب فقد اشتاق إليها ….اشتاق إلى ضمها ومعانقته لها بقوة إلى صدره الصلب …..يعلمها قواعد عشقه ….عشق…. نطقها سيف وهو يعقد حاجبيه فى تساؤل …هل حقاً أصبح عاشقاً لها ….نفض أفكاره تلك عن رأسه ….فهو لن يقع فى ذلك الفخ الذى يسمى حباً …..وهى لا تستحق ذلك الحب وهى تقوم بتعذيبه بتلك الطريقة ….
خلع ملابسه بهدوء وعيناه لا تفارق جسدها القابع على السرير …..فتح أزرار قميصه الأبيض فظهرت بشرته البيضاء ….جلس على السرير ويده تتقدم قليلاً ثم تتراجع مرة أخرى يريد أن يوقظها ليسألها لماذا تفعل به هذا ؟؟؟….قرب جسده أكثر منها حتى قرب أنفه من تجويفة عنقها …..واغمض عيناه وهو يستتشق رائحة عطرها الذى متأكد بأنها ليست أول مرة يشم هذا العطر …..فهو متأكد أنه استنشق هذا العطر من قبل أن يتزوجا…..مرر أنفه على بشرة عنقها وهى تعطيه ظهرها وتلف الغطاء جيداً حول جسدها …..بدأت تصدر همهمات من أنفاسه التى تدغدغ بشرة عنقها …..تجعلها تشعر بحالة غريبة ….. وبسرعة التفتت إليه بجسدها تحاول أن تبعد عنها ذلك الشئ المزعج الذى يقلق نومها …..ضحك بخفوت وهو يراها وهى تزم فمها بقوة تعبر عن سخطها وعيناها ما زالت مغلقة ……
فأمسك بذقنها برفق بين أصابع يديه وهو ينحنى أكثر منها ….لدرجة أنها استيقظت من أنفاسه الحارة قرب وجهها ….رفرفت بعيناها ببطء …..
-سيف !!….نطقت بها أروى بخفوت ومشاعر متضطربة وهى ترى قربه الشديد هذا منها ….
بلع سيف ريقه بصعوبة من مشاعره المتأججة فى قلبه وجسده لقد أصبحت مثل المغناطيس بالنسبة له تجذبه إليها بقوة وهو لم يعد يستطيع الصمود أو الثبات أكثر على كبريائه الغبى وعدم الاقتراب منها فهو يريدها بشوق جارف ……أحنى رأسه إليها ملتقطاً شفتاها بقوة وشوق لم يعرف أنه يملكه لها ……
**************************************************
-بدلى ملابسك سنخرج…..قالها مالك بدون مقدمات وهو يدلف إلى الغرفة
عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت بهدوء …..إلى أين !!؟
نظر إليها بغضب …فهو لم يعد يستطيع أن يبقى على بروده وهو يرى المرأة التى أحبها بين يديه وحلاله ولكنها ترفضه ولا يستطيع الوصول إليها …..لأسبوع كامل وهو يهدأ من نفسه بأنها ربما تكون خائفة وما أكد له ذلك كوابيسها المستمرة …..لكنه لم يعد يتحمل أو يقدر على عدم الاقتراب منها وهى أمامه ….لكن فى نفس الوقت هو لا يريد أخذها بالقوة …..لذلك سيحاول أن يشعرها أولا بالأمان والحنان وبعد ذلك ستعلم أنه حقاً يحبها …..فأخذ نفساً عميقاً ثم زفره بقوة يحاول أن يكون هادئاً…..
– سنخرج لتناول العشاء بالخارج …..والدتى وكل من بالمنزل أصبح يشك بنا ….فالجميع شعر بابتعادك عنهم وانعزالك فى هذه الغرفة ….والجميع أيضاً بلا استثناء سأل لماذا لم نذهب لشهر عسل حتى الان ….. لذا علينا أن نثبت لهم العكس …..قالها مالك وهو يخرج سترة زرقاء وبنطال أزرق وقميص بلون السماء ……تحركت ريم بتثاقل من على السرير وهى تفكر بأنه محق …..كما انها أيضاً تحتاج لاستنشاق بعض الهواء حتى وإن كان معه …..ارتدت فستان بلون الزمرد واسع ولفت حجابها بأناقة نظر إليها والهواء يكاد يخنقه وهو يحاول كتمه من رؤيتها له هكذا ……بلع ريقه بشوق ورغبة …..فامسك بيديها برقة رغم اعتراضها وعندما لاحظ ذلك قبض على يديها أكثر يمنعها من الإفلات من يديه وخرج من الغرفة ثم من المنزل ……..
وصلا إلى المطعم …. يعم فيه هدوء غريب …..بانواره الخافتة وموسيقاه الكلاسيكية الهادئة التى تنتشر بالمكان …..سحب مالك أحد الكراسى لتجلس عليه فجلست بهدوء وهو جلس قبالتها…..عم الصمت لثوانى حتى أتى النادل يسأل هل سيتناولان الطعام مباشرة ام سيكتفيان بشرب شيئا أولا ….اختارا من قائمة الطعام ثم انصرف النادل ….
– هل أعجبك المكان ….قالها مالك وهو ينظر إلى ريم متفحصا
– ليس سيء. ….قالتها ببرود ازعجه. …
ساد صمت بينهما لدقائق حتى أتى النادل وتناولا الطعام فى صمت …..
-حسناً لقد انتهينا هل يمكن ان نذهب الآن ….قالتها ريم ببرودها المعتاد رغم أنه كان يشوبه بعض الحدة
أغلق عيناه وشدد على قبضة يده بقوة يحاول تمالك نفسه ….
فضل الصمت وتجاهل ما نطقت به …..حاول التكلم معها لكنه وجدها تنظر بشرود إلى الكوب الذى بين يديها …..نظر إليها حاول التكلم معها لكنه لم يجد اى رد فعل منها ……لوى شفتاه بقلة حيلة ثم تحرك مبتعداً عن كرسيه قائلاً بانزعاج واضح …..هيا بنا …..
تبعته بهدوء …..دفع فاتورة العشاء ثم خرجا من المطعم ….وصعدا للسيارة ….سلمت رأسها على زجاج السيارة بنفس شرودها. ….كتم غضبه فى قبضة يده التى اشتدت على المقود ….من الأفضل أن يهدأ ….من الأفضل لهما التحدث واليوم ….فهو لم يعد يستطيع التحمل أكثر …..ترجلت من السيارة ما أن وصلا …..وترجل هو بعدها …..دلفا إلى المنزل وجد والده يجلس على أحد الكراسى الصالون الموجود فى غرفة الجلوس وهو يدفن وجهه بين يديه ووالدته بجوار زوجها تربت على ظهره بحزن ….
بلع ريقه فى خوف مما يمكن أن يكون قد حدث ….وما كاد ينطق حتى قال جده وجدته بجواره وهو أتى من خلفه
– إنا لله وإنا إليه راجعون
***********************************
نهاية الفصل الثامن عشر
تدقيق . أ :وسام ممدوح
error: