رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل السادس عشر
من عندما يعشق الرجل ….
دلفت إلى المنزل بخطى بطيئة متعبة فاليوم كان ممتلئ للغاية بالمرضى …..فرأت من خلال باب غرفة الصالون المفتوح جدتها تجلس على أحد الاراءك وكعادتها فى يدها قطعة قماش لتطريزها أو قطعة من الصوف لحكايتها ويجلس أمامها الحاج سليمان يرتشف من فنجان قهوته التى ياتى مخصوص لشربها من يدى أخته الوحيدة …..وجدتها بالتأكيد أعدتها له بكثير من الحب فرغم أنها لديها اثنان من الأخوة الحاج سليمان والحاج عزت الذى ساءت علاقته مع أخته زينب منذ أن تطلقت حفيدته المدعوة قمر بابن عم ريم كاسر وقد اصبحت العلاقة بين الاخ واخته سيئة. …فالحاجة زينب تعتقد حتى الآن أن اخاها عزت ارغم حفيدها كاسر على أن يطلق قمر ………
ما أن دخلت إلى غرفتها حتى ألقت بجسدها على السرير وهى تدلى بقدميها على حافة السرير فسمعت صوت إدارة مقبض الباب تبعه دخول جدتها إلى الغرفة وهى تقول بسرور. ….عندى لكى خبر رائع
فنظرت إليها ريم بملل ….فتابعت الحاجة زينب ….زفافك سيكون خلال ايام
فنهضت ريم من على السرير وهى تهتف بغضب …..كيف هذا ….ومن هذا الذى قام بتحديد هذا ….ثم تابعت وهى تضع يديها فى خصرها. ….أنا غير موافقة
فردت جدتها بعدم مبالاة واضحة ….وأنا لم أتى لأعرف ردك أنا أخبرك فقط لكى يكون لديكى علم ….أما بالنسبة من الذى حدد فهو جدك ووالدك وافق على اقامة الزفاف قبل أن يسافر ….قالت كلماتها ثم خرجت من الغرفة وقبل أن تغلق الباب قالت بلهجة شديدة….عليكى أن تاخذى إجازة من الغد ولن يكون هناك مجادلة. …ريم لن تخرجى من هذا المنزل إلا إلى منزل زوجك هل فهمتى. …..قالتها وأغلقت الباب وراءها بعنف …..
فخرجت الاخرى بسرعة من الغرفة متجهة إلى غرفة والدها وعلى وجهها تصميم شديد فإذا كان هو من قام بتحديد كل شى إذا هى ستقنع والدها بإلغاء ذلك الزفاف ….دقت دقات خفيفة على باب الغرفة حتى آذن لها والدها بالدخول ….دخلت وقدمها تتقدم خطوة وتتاخر خطوة اخرى فهى لم تتحدث يوما مع والده بخصوص أى شئ يخصها إذا كيف ستتحدث معه اليوم عن تأجيل زفافها ……لم تكن قريبة يوما من والدها …احيانا كثيرة تمنت لو تستطيع أن تخبره بما فى فكرها …تمنت لو كانت تستطيع أن تتحدث معه عن حياتها عملها يومها او عن اى شئ يزعجها او يفرحها لكنه كان دائما شخص غاءب عنها بعيد رغم قربه …..وجدته جالسا على الكرسى الموجود فى الغرفة ويحمل بعض الأوراق بين يديه ويتفحصها بانتباه واهتمام شديد …..وقفت أمامه وقالت بارتباك حاولت اخفاءه ليس لأنها ستتحدث معه عن أمر الزفاف فقط لكن لأن والدها من الأشخاص الذين لديهم هيبة غريبة تجعل من يتحدث معهم يقف أمامهم مرتبكا. ….أبى هل يمكننى التحدث معك
-هل الامر مهم يا ريم ….قالها ومازالت عيناه على الأوراق ….
بلعت ريقها وهى تشعر بحشرجة صوتها …..أبى أنا ….قالتها على أمل ان يرفع رأسه نحوها لكنه لم يفعل …..فتابعت بألم ….لا شى ….وخرجت من الغرفة وهى تلعن تفكيرها الذى جعلها تفكر بأن والدها سيساعدها او حتى سيستمع إليها فيبدو أن رجل الأعمال الكبير كمال لديه اعمل أهم من ابنته الوحيدة ……دلفت إلى الغرفة بسرعة وأغلقت بابها ثم أسندت ظهرها عليه وهى تحاول كتم دموعها ….فشعرت بشئ حار يعبر صفحة وجهها فرفعت يدها اليمنى وهى تتلمس وجنتها بألم فدموعها أبت ان تتوقف ساكنة أمام حزنها …..هل ستستلمى يا ريم …..أنا أضعف مما يعتقد الجميع …..وفوق كل هذا أنا خائفة. ….قالتها فى نفسها وجلست على الأرض وكلتا قدميها تضمانها إليها تحاول أن تحمى نفسها من الخوف الذى سيملى قلبها ……أنا خائفة……أنا حقا خائفة …..أنا خائفة. ….ظلت ترددها …….
…………أنها خائفة من الحب خائفة من الحياة …خائفة من اى شئ قد يولمها او يجرحها فى يوما من الأيام
****************
“ما أجمل الأطفال ……فتجد فى ابتسامتهم البراءة وفى تعاملاتهم البساطة مع من حولهم ….احاسيسهم مرهفة هشة ….الطفل عبارة عن صفحة بيضاء أنت بيدك من تسطر عليها ما تشاء ….وما ستكتبه على هذه الورقة هو ما سيشكل فكره عن هذا العالم وهذه الحياة ….ما ذنب طفلة فى السابعة من عمرها ان ترى كم ان هذه الحياة سوداء ….فى حين أنه كان كل امانيها واحلامها هى عروس كبيرة او دب محشو …..ما ذنبها ان يقوم وحش كاسر حطم أحلامها ….طفولتها ….حرمها من ان تقضى ما بقى من طفولتها فى سعادة بعيدة عن اى حزن او هم …..وجعلها خائفة مكسورة حزينة ……………”
هذا كان جزء مما قالته نور فى قاعة المحكمة الكبيرة …….الذى امتلأت بالمهتمين بهذه القضية والمتعاطفين مع هذه الطفلة ….وكثير من رجال الصحافة والإعلام ……..
-لقد أخبرني أن أتى معه وأن أتيت سيعطينى عروس باربى التى ترقص البالية ….هذا كان جزء من كلام الطفلة الصغيرة المنكمشة على نفسها وعيناها حزينة ومنكسرة …..
ترقرت عينا نور بالدموع إلا أنها ضغطت على يديها بقوة …فيجب أن تاخذ حق الطفلة من ذلك المغتصب …..فى الأيام الأخيرة بدأت نور فى الذهاب إلى منزل الطفلة بشكل مستمر واقنعت والدة الطفلة أنها ان لم تتحدث سيضيع حق طفلتها ….وافقت الأم رغم أنها اعترضت فى البداية بشدة انها هكذا ستفضح ابنتها …..استاطعت نور فى الايام التى كانت تقابل الطفلة به ان تقترب منها حتى ان الطفلة اخبرتها بما فعله بها ذلك الذى أقل ما يقال عليه حيوان لأنه تعدى براءة طفلة ……حاولت أن تخرج الطفلة من عزلتها ولو قليلا أحيانا كانت تندمج مع من حولها واحيانا أخرى كانت تبتعد وتنكمش فى نفسها …..انتهت المحاكمة وحكم القاضى على المتهم بالسجن مدى الحياة ……لو بيدها ان تقتل أمثاله فى ميدان عام لفعلت حتى يكون عبرة ومثل لكل من يفكر ان يدمر حياة اى طفل …..جمعت أوراقها ومن ثم خرجت من القاعة وما ان خرجت حتى تجمع حولها العديد من الصحافين والإعلاميين من محطات الإذاعة والتلفزيون ومن الصحف المشهورة …كلا منهم يحاول أخذ كلمة منها بهدوء وغيرهم كانوا يلتفون حول الطفلة وأمها لكنهم استطاعوا الانسلال من بينهم بمساعدة رجال الأمن ….وهى ركضت إلى سيارتها واغلقتها بسرعة وأخذت نفسا عميقا ثم زفرته بارتياح ……وهى تفكر لولا مساعدة السيد حازم لها وإعطائها الخيوط التى تجعلها تستطيع بها إدانة المتهم لما استطاعت فعل شى ……منذ يومان وهى كانت منهمكة فى البحث عن الخيط الذى اخبرها عنه للوصول إليه شعرت بإحباط شديد يملئ قلبها وعقلها وعجزها عن مساعدة الطفلة عندما لم تتوصل إليه ….لكنه فاجاها بدخوله إلى المكتب وهو يحمل ملفا ما وهو يقول بهدوء …..هذا الملف يحمل أدلة ارتكاب المشتبه به باغتصاب أحد الأطفال منذ عدة أعوام ….تركه على مكتبها وخرج بهدوء ….نظرت إلى الفراغ بذهول …..ومن ثم بدأت باستكشاف الملف الذى جعلها تفرغ كل ما فى جوفها من مما قرأته من قذارة لذلك النجس …..لقد قام باغتصاب أحد الأطفال منذ عدة أعوام لكن بماله استطاع إسكات والدى الطفلة والذى اقناعهما بالسفر إلى أحد بلدان الخليج فقد استغل فقر والدى الطفلة ووجد لوالد الطفلة منزل هناك وكذلك عمل ودخل ثابت يجعله يعيش سعيدا لبقية عمره ……واستطاع أن يعطى لكلا من القاضى ووكيل النيابة ومن حولهم حفنة من النقود جعلهم يصمتون حتى أنهم اخفو ملف القضية جيدا ….لكن لولا ذكاء ذلك آل حازم ودهاءه وفوق كل هذا نفوذه ….لم استطاعت الوصول إلى ذلك الدليل الذى سيجعل ذلك الحيوان يتعفن لبقية عمره فى السجن ……أدارت مفتاح السيارة ومن ثم انطلقت بسيارتها نحو منزل ريم فغدا حفل زفافها وهى يجب أن تكون معها فى هذا اليوم السعيد …..وكما اتفقت مع أروى سيبيتان معها اليوم …….
……………………..………….
خرج من القاعة بهدوء ما ان نطق القاضى بالحكم …..لم يكن يريد أن ياتى لكنه لم يستطع منع نفسه وحرمانها من رؤيتها وهى تثبت إدانة المشتبه به …..كانت جميع الأعين عليها منها بإعجاب شديد ومنها بانبهار من ما اوضحته والادلة التى كشفتها عن ذلك القذر …..لقد كانت جميلة جدا جدا وقوية جدا لم تهتز لحظة رغم الحشود الكبيرة التى كانت بقاعة المحكمة الكبيرة …..حقا انه يتنبا لها بمستقبل رائع وأنها ستكون محامية مشهورة وماهرة فى المستقبل القريب ….رغم انه متأكد انها أصبحت من اليوم أحد المشهورين لمهارتها الفائقة التى اظهرتها اليوم ……تنهد بقوة وهو يفكر …..هل حقا ما قاله مازن صحيحا فهو لا يستطيع أن يمنع نفسه من التفكير فهو كرجل شرقى رغم سنواته التى قضاها بالخارج إلا انه يتمنى لو يكون أول شخص بالنسبة لها فى كل شى …..حقا انه يحتاج إلى الابتعاد قليلا لكن التفكير فى انها لن تكون أمام عينه لعدة ايام يجعله ينسى فكرة السفر هذه نهائيا ……
*********************
دلف إلى غرفة النوم وهو يبحث عنها لم يجد بها غير ميا التى وقفت واستندت بيديها على أسوار السرير الخشبى الصغير تبتسم له بشدة ما ان رأته فاقترب منها ومد أصابعه يداعب ذقنها وهى تقهقه ضاحكة من مداعبته لها ….تركها ثم توجه نحو الحمام فلم يجدها ….التقى حاجبيه فى غضب….هل يمكن أن تكون قد تركت المنزل …لا لا يمكن أن تفعلها وتترك ميا ….. خرج من الغرفة وهو ينادى غاضبا …..ماجدة ….ماجدة …..أتت الخادمة أمامه واقفة فى خوف ….فقال بغضب مكتوم ……أين السيدة
فردت بسرعة بهدوء …..السيدة ذهبت لشراء بعض الاغراض
مرر يديه على وجهه بعصبية ثم قال محاولا تهدئة نفسه …..منذ متى خرجت ….
ردت الخادمة بخضوع. ….منذ حوالى ربع ساعة قالت ستشترى أشياء للصغيرة واغراض تحتاجها لذا خرجت بنفسها ….ثم تابعت بتبرير وهى ترى غضبه الواضح ….كنت سأذهب أنا سيدى لكنها قالت انها يجب أن تقوم بشراء كل شى بنفسها
التفت بجسده ثم رفع يديه لها علامة المغادرة ….فركضت الأخرى بخوف وهى تحمد الله على انتهاء الحديث معه وخروجها سالمة فهى تعلم جيدا كيف هو سيدها عندما يغضب …….توجه إلى الغرفة وهو يزفر بغضب ومن ثم خلع سترته والقاها بغضب على الأرض وهو يلعن ويسب …..مما جعل الطفلة الصغيرة تفزع من غضب والدها حتى انها زمت فمها بشدة وعيناها امتلأت بالدموع وصدر منها أنين خافت ….انتبه حسام لانينها فالتفت إليها ولعن نفسه ما ان راى دموعها فركض إليها وحملها بين يديه فاطلقت الطفلة العنان لصياحها وبكاءها ……فضمها إليه وهو يهدهدها لكن الطفلة لم تتوقف عن البكاء ….فظل يقول باسف …..أنا آسف أنا آسف ….فتوقفت قليلا عن البكاء فجعلها تنظر إليه وعيناها تترقرق بالدموع وتزم شفتاها. ….فقال بحزن ….هل يعجبك ما تفعله والدتك بى. …هل يرضيكى ان يحدث كل هذا لوالدك يا ميا …..ثم تابع بعد أن صمتت تماما وكأنها تستمع لكلامه …..أعلم إننى كنت شخصا سيئالكن أعدك بأننى سأكون شخصا رائعا من اجلكما. ….وضعها على السرير الكبير ثم جلس قبالتها وهو يفك أزرار قميصه العلوية ثم قال بهدوء …..حسنا ما رأيك ان أخبرك قصة جميلة ….فرفعت الطفلة رأسها إليه ونظرت بانتباه وكأنها مستعدة لسماع قصته فضحك بخفوت ثم بدء بالقول ……كان هناك شخص يسمى حسام توفى والده وعمره ستة أعوام لم يكن لديه غير والدته فقط من تهتم به ….لكنها تزوجت بعد عدة أشهر من وفاة زوجها وتزوجت شخص فظ قاسى عامل ابنها معاملة سيئة لكنها لم تهتم ولم تكن تستمع لشكوى ابنها لم ترى حزنه ولا دموعه ……ثم نظر إلى الفراغ بحزن وكأنه يتذكر كل ما حدث له سابقا ……كان زوج والدته يقوم بضربه عندما كانت والدته غائبة عن المنزل ومن كثرة ما كان يشكو لها وهى لم تستمع لم يعد يقول شى مما حدث له ……كبر وهو يرى حب والدته يزداد لزوجها وقد نست ابنها تماما ….كان يفعل اى شى يطلبه منه زوج والدته على أمل عندما يكبر ويشتد عوده سيترك المنزل لهما رغم أن المنزل وكل شئ يتمتعان به هو لوالده قد تركه له …..بعد أحد عشر عاما شاء القدر بأن قابل أحد أصدقاء والده القدامة الذى ما ان راءه حتى ضمه إليه وشعر حينها بالحنان الذى كان مفتقدا له …….كان حسام قبل هذا مهملا لدراسته حتى انه تركها ولم تهتم والدته بالأمر …..لكن صديق والده وجد له عملا معه وأخبره أن والده لديه افضال على الجميع وهو أولهم ……عرفه الرجل على ابنه الذى فى مثل سنه تماما واصبحا الاثنان صديقان وتوطدت علاقتهما مع الايام ……عمل مع الرجل لعدة سنوات عرف كل شى عن عمله واكتسب خبرة استطاع خلالها أن يكون مشروعا صغيرا له مع ابن صديق والده الذى أصبح بعد تخرجه مهندسا كبيرا …….ثم نظر إلى الطفلة وهو يقول بألم ……هل تعلمى يا ميا فى تلك اللحظة تمنيت لو كنت أكملت دراستى ولما تركتها لكن حبيبتى لم يكن والدك يوما احمقا او جاهلا بل العكس قرأت فى كل شئ ولدى خبرة أفضل من المهندس نفسه لذلك اياكى ان تأتى فى يوم وتشعر بالخزى من والدك كل ما أنا به الآن من تعبى واجتهادى وذكاءى كنت أخذ خبرة من كل شخص اقابله…..فهزت الطفلة رأسها وكأنها توافقه فابتسم لها وتابع وهو يضعها على قدميه …….كان طموحى يتخطى مكتب للهندسة كان أكبر من ذلك …..فى ذلك الوقت كان اسم سليم السيوفى يتردد على مسامعى كثيرا رجل أعمال كبير يتمنى اى شخص ان يشاركه أعماله …..كانت شركته تبحث عن شركة ماهرة لتتولى أمر بناء أحد فروع الشركة التى ستقام فى القاهرة …..عملت بكل جهد لاجعل من حوله يقترحون عليه شركتى وفعلا تولت شركتنا هذا العمل سعدت كثيرا وبدأت فعلا فى التقرب إليه …..وفى أحد حفلات التى أقامها أخاه محمود السيوفى وكنت مدعوا إليها …..بلع ريقه ثم قال بألم ….هناك قابلت اميرتى…..كانت منعزلة عن الجميع فى ركن بعيد انتبه لها لكنه لم يهتم كثيرا لكنه عندما علم انها ابنة سليم السيوفى حتى اقترب منها بعد ذلك أصبح يعرف عنها كل شئ.
متى تخرج من المنزل ومتى تعود اقترب منها فقط من أجل أن يستطيع التقرب من والدها لعله ينال نصيب شراكته…..وبالفعل تعرف عليها وجعلها تحبه وعندما عرض عليها الزواج وافقت تزوجها بسرعة فى الشهور الأولى من زواجهما كان يعاملها بكل حب وحنان ونسى تماما سبب زواجه بها نسى ما مر به من الم وأحزان وبعد زواجهم بعشرة أشهر تفاجئ بأنها حامل …..فزع من الأمر وربما كان خائفا كيف يكون أبا وهو لم يشعر يوما بدف الأب وحنانه كيف ……تذكر سبب زواجه منها حتى انه فعلا بدء يصبح شريكا مع والدها فى معظم اعماله ….لكنه كان يشعر بكثير من الخوف وكثير من المشاعر المضطربة …..أنجبت له فتاة جميلة للغاية تشبهها فى كل شى عيناها وفمها وانفها حتى ابتسامتها …..حاول ان يبتعد عن الطفلة وإلا يقترب منها لكى لا يتعلق بها وبعد ذلك يتركها ….أصبح خائفا من أن يموت ويترك طفلته وحيدة مثلما كان هو ….حتى بدء يضرب زوجته وعندما علم من تكون والدتها سمع انها لم تكن امرأة فاضلة بل كانت مو….بتر عبارته وهو ينظر للطفلة ثم تابع ….لم تكن جيدة لذا خاف من ان تصبح زوجته مثل والدتها …..أصبح يضربها ويسبها لأتفه الأسباب لكن داخله كان يتألم ويحترق وهو يفعل ذلك …..أصبح شخصا مجنونا بها لا يريد أن يراها أحد حتى لا تتركه وتعلم انه غير مناسب لها وان هناك أفضل منه أصبح خائفا من أشياء كثيرة …..وفوق كل هذا كان خائفا من الحب ….خاءف من أن يتعلق بها ….وعندما نطقت لأول مرة كلمة طلاق شعر حينها بأن كل ماقام ببناه سيتحطم وهى ستتركه وتأخذ طفلته معها التى لم يحملها حتى عندما ولدت ……كانت ميا تنظر إليه بانتباه شديد فبادلها النظر وهو يبتسم فقال بهدوء …..هل ان طلب منها السماح هل ستسامحه ام انها سترفض…..ثم تابع وعيناه تضيقان …..لكن ميا ما هو معنى اسمك …..
فأتاه الصوت من خلفه ….ميا معناه العظيمة …قالتها بثينة وهى تقف خلفهم …..فتهللت اسارير الطفلة ما ان رأت والدتها وظلت ترفع يديها لكى تقوم بحملها …..ظل ينظر إليها بشدة هل يمكن أن تكون قد استمعت لكلامه …..فبادلته النظر صامتة حتى اقتربت منهما وحملت ميا وهى تقبلها بشوق …..حتى قال هو بهدوء …..أين كنتى ….وكيف تخرجين من دون أن تخبرينى
فناولته الطفلة ليحملها ثم قالت وهى تخلع سترتها البيضاء الخفيفة ….لقد اتصلت بك وهاتفك كان مغلقا …..وكان يجب أن أخرج ميا كانت تحتاج للكثير من الأشياء
فاقترب منها وهو يأخذ نفسا عميقا ثم زفره بقوة يحاول أن يتمالك نفسه ولا يغضب فهو لا يريد لطفلته ان تفزع …..فتخطاها ثم وضع الطفلة فى سريرها الخشبى …..ثم خلع قميصه الأبيض وتوجه نحو الحمام وقبل أن يدلف إليه التفت إليها وقال …..جهزى نفسك غدا سنذهب لحفل زفاف ابن عمك …..
*****************
يوم الزفاف
تم إقامة حفل الزفاف فى قاعة خمس نجوم كما أمرت السيدة كوثر فهى لن ترضى بأقل من هذا لوحيدها. …رغم رفض ريم التام ومعارضتها لإقامة حفل من الأساس حتى اوشكتا الاثنتان على الشجار لكن جدتها استطاعت تدارك الأمر ووقفت فى وجه ريم ووافقت على كل مطالب السيدة كوثر ليس فقط من أجل كوثر لكن لأنها أيضا أرادت أن ترى صغيرتهاالتى كبرت وهى بجوار زوجها ويشهد الجميع الصغير قبل الكبير على هذا الزفاف …..قام مالك بحجز جناح كبير فى فندق بجوار القاعة لتتجهز فيه عروسته ومعها صديقاتها وجناح مثله لوالدته لكى لا تستشيط غضبا وإرضاء لها …..
بدء المدعون يدلفون إلى القاعة من كبار الشخصيات وغيرهم من أصحاب النفوذ فعاءلتى السيوفى والحسينى ليستا قليلتان فى البلد ….فهذا الزفاف يشهد الاندماج الكامل لهذان العاءلتان فمعظمهم شاهدوا منذ عدة أشهر زفاف مماثل لهذا الآن منهم من لم يستطع الحضور بسبب سرعة إقامة الزفاف فمنهم من كان بالخارج لكن هذه المرة حرص من لم يحضر الزفاف الأول على حضور الثانى لهذا امتلأت القاعة الكبيرة بالمدعون…..كان حفل زفاف سيف عظيما لكن هذا الزفاف انيقا ….فقد اهتم مالك بكل تفصيلة سواء كانت صغيرة أو كبيرة به فهو من اختار ثوب الزفاف الذى أتى بطائرة خاصة من أحد بيوت الأزياء فى باريس واختاره محتشما انيقا وكذلك طرحته ليناسب حبيبته المحجبة ……وهو أيضا لم ينسى نفسه فيجب ألا يكون أقل منها جمالا فاختار بذلة سوداء وقميص ابيض وبابيون سوداءزادته وسامة واناقة ……
……………………..
فى جناح العروس
جلست ريم إمام المرآة متكة بمرفقيها على طاولة الزينة وهى تدفن وجهها بين راحتها …..تفكر بما ستقدم عليه الآن هل ستندم لبقية عمرها ….هل ستظهر ريم الخائفة الآن ….تتمنى لو تستطيع الامساك بثوبها والركض بأقصى سرعة بعيدا عن هنا ….لو أعطاها فقط بعض الوقت لما شعرت بكل هذا الخوف …..هل تكذبين على نفسك يا ريم انتى دائما خائفة دائما وحيدة لكن انتى تخفين كل هذا وراء صراخك وغضبك وابتعادك عن الناس ربما انتى لم تقتربى من أحد يوما غير من أروى ونور هما فقط من شعرتى معهما بالأمان شعرتى بأنهما مثلك وحيدتان …..اذا ما الذى حدث منذ متى وكنتى خاضعة هكذا تفعلين ما يفرضه عليكى أحد او تصمتين……ما الذى حدث يا ريم جعل ضعفك يظهر هكذا …..هل حقا تريدين أن تكونى ضعيفة ويتحكم بكى شخص مثل مالك …..لكن هل هو حقا سيتحكم بى ….أنا أرى حبه لى بين عيناه …..فضحكت بخفوت وهى تقول بسخرية …..وما هو الحب أخبريني ياريم ما هو الحب هل تعرفينه هل شعرتى به يوما …..كل من كان يحبك تركك ولم يراكى عندما ابتعد لم يعد يهتم بك او حتى يسأل عنك …..حب مالك الذى تتحدثين عنه سيظهر فى النهاية أنانية وتملك لجمالك فقط هو لم يحب ريم …..لأنه لم يرى ريم بل رأى جمالها الظاهر للعيان فقط ……نعم هو لم يحب ريم …وأنا من ساجعله يتركنى بهدوء قالتها بتصميم فى نفسها …..
فقالت أروى الواقفة خلفها وهى تضع يديها على كتفيها …..هيا أيتها الجميلة ….روميو ينتظر بالخارج ويقسم ان لم تخرجى فى خلال دقائق سيدخل هو ….
قامتا كلا من أروى وريم بمساعدة ريم فى ارتداء الطرحة لتتلام مع كونها محجبة ووضعن لها القليل للغاية من أحمر الشفاه رغم رفضها التام لوضعه….كان مالك قد أحضر طاقم لمساعدة ريم فى ارتداء الثوب والتجهيز للحفل ….لكن ريم بجنونها قامت بضربهن جميعا حتى أنها ألقت المزهرية نحو رأس رءيستهم. …..ولولا تدارك مالك الأمر لما مر الأمر بسهولة ابدا ……وأصبح صارما للغاية فهو لن يسمح لأحد أيا كان حتى لو كانت العروس ذاتها فى تخريب زفافه …..حتى أن والدته كعادتها كانت ستعترض على كثير من الأمور التى تخص ريم ومنها ارتدائها للحجاب لكنها عندما رأت غضب ابنها صمتت ولم تفتح فمها بعدها فى شى…..
أتى كمال وأمسك يد ريم بحنان رغم أنه كان يريد ضمها حتى أنها شعرت بذلك لكنه تراجع فى اللحظة الأخيرة تعلم أن والدها صارم لكنها حقا تحتاج إلى حضنه فى هذا الوقت بالذات …..خرجت وهى تتباطا يد والدها وخلفها أروى ونور اللتان لم تقلا جمالا عنها …….
نزلت درجات السلم الواسع المكسو بسجاد أحمر فاخر وخلفها فتيات صغيرات يلقون الورود عليها وهى تتافف فى صمت فهذا ما أراده العريس المبجل ……حتى ان جانبا السلم زينا بالورود وعندما اقتربت منه تم خفض أضواء القاعة أكثر وأكثر حتى اصبحت خافتة قليلا عندما وقفت أمامه تناول يديها وقبلها بحب وعيناه تحمل كل معانى للعشق لها ….وضع يدها فى يده وهو يبتسم فى سعادة …حتى وصلا لمقعدهما …..
وصل سيف إلى القاعة قبل نزول العروس بدقائق ولأنه كان فى الخلف من الحشود لم يستطع تبين نزول أروى وراء ريم وايضا بسبب الأضواء التى كانت تنخفض ببط حتى استطاع التقرب ورؤيتها …..فشخر بقوة وهو يراها تنزل آخر درجة للسلم وجميع الأعين عليها وهتف غاضبا وعيناه تكادان تخرجان من مكانهما
error: