رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل السادس والعشرون (الجزء الأول)
جلست ريم على الجهة الأخرى من السرير بجوار أروى ما ان دلفت إلى الغرفة ….وشهقت بقوة ما ان رات تلك الابرة فى يديها والمحلول معلق بجوار السرير ….وضعت يديها على كتف أروى بحذر وهى تراقب شحوب وجهها من التعب …وهى تقول بحزن وهلع ” يا الله ما الذى حدث لك …وكيف حدث ”
هداتها اروى وهى تربت على يد ريم الموضوعة على كتفيها وتقول بصوت مهتز قليلا ” لا تقلقى …انا بخير ”
حدقت بها ريم بتفحص وهى تنظر إلى وجهها باهتمام ….لاحظتها أروى فابتسمت قائلة ” ريم ..انا بخير لا تقلقى …كل ما على فعله فقط هو الجلوس فى السرير وعدم الحركة والاهتمام بوجبات الطعام …حتى أستطيع تغذيت نفسى ….ثم تابعت وابتساماتها تتسع أكثر بنبرة ناعمة …سأكون أما ”
التمعت عينا ريم بسعادة وهى تضمها إليها قائلة بحنان ” نعم ستكونين أما جميلة ”
” ألم تكونى على علم يا ريم ” التفتت ريم عندما سمعت صوت السيدة فريدة تسالها. ..فنظرت إليها ريم بعدم فهم وهزت رأسها تلقائيا ب لا ….فنظرت أروى إلى والدتها بعتاب. ..فزمت والدتها شفتاها وتابعت
“هل تريدين أن تشربى شيئا ”
” لا ..لا داعى ساجلس بعض الوقت و سأذهب ” هتفت بها ريم بسرعة ….فيبدو انها لن تستطيع الحديث مع اروى بحضور والدتها …كما أن أيضا حالتها تبدو انها لا تسمح أبدا بالاستماع ….
اجفلن الثلاثة عندما سمعوا صوت محرك سيارة
” يا ترى من الزائر ” قالتها فريدة بخفوت وهى تجلس على الكرسى الموجود بجانب النافذة الكبيرة للغرفة
التفتت أروى إلى ريم …لو لم تكن والدتها موجودة لتحدثت مع ريم عما يشغل بالها …عن إخفائها لحملها…عن تصرفات سيف وعن ما سمعته سابقا أثناء حديثه مع حده عن الأسهم والشركة …تعلم انها ان تحدثت معها ربما ييستريح عقلها من التفكير فيما ممكن ان يحدث او هل سيف يحبها ام لا ام انها لا شئ فى حياته بعد ان كانت تعتقد انه أصبح يهواها حتى لو قليلا …حينها ربما ترشدها ريم على الأقل عما يجب ان تفعله فهى تعلم ان صديقتها ذات إدراك واسع وربما ترى ما لم تستطع هى نفسها رؤيته ….وسترشدها إلى الفعل الصحيح …لكن يبدو ان اليوم غير مناسب للحديث
نظرت كلا منهما للأخرى وعيناهما تتحدث بصمت
(انها تحتاج إلى إخراج ما بداخلها لعلها تستطيع الوصول إلى السلام والراحة )
……………………..……………………..………………….
” لقد حان وقت تسديد الديون ”
حدق سيف إلى حازم بدهشة لم يستطع إخفائها وهو يعقد ما بين حاجبيه بقوة …..لم يعتقد انه سياتى ويطلب منه ذلك الدين القديم ….تشدق بابتسامة جانبية وهو ينظر إليه بتمعن …. وقفا لثوانى كلا منهما يحدق بالآخر ….
تنحنح سيف عندما لاحظ وقوف حازم على الباب ….تراجع قليلا سامحا له بالدخول بصمت ..
فمهما كان بينهما من عداء بسبب ما حدث سابقا إلا انه لن يغلق يوما بابه فى وجه زائر له….
دلف حازم بخطوات ثابتة ورأسه مرفوع لن يهتز لمجرد دخوله إلى منزل ذلك الابله…. لكن كما يقولون المثل أن كان لك حق عندك الكلب ….نظر سيف بطرف عيناه إلى حازم وقال بصوت هادى وهو يشير إلى الجانب الذى يجلس إليه كاسر
“تفضل”
اجفل حازم عندما سمع صوت كاسر هاتفا بنبرة خشنة ما ان رأى حازم
” حازم ”
لم تقل دهشة كاسر ولا تعابير وجهه عن سيف ….فهو لم يعتقد يوما ان حازم سيطرق باب سيف يوما ….جلس حازم على أحد طرفى الأريكة التى يجلس عليها كاسر عاقدا اصابع يديه امامه بينما كاسر يجلس على الطرف الآخر …. وسيف قبالته على أحد كراسى الصالون المذهب ….حدقت الأربعة أعين بحازم باهتمام منتظرة سماع سبب حضوره فى هذا الوقت
حاول حازم ان يجلى حنجرته وقال بطريقة عملية وهدوء
” لقد سبق و اخبرتنى انك مدين لى …..ثم رفع نظره إلى سيف بحزم وتابع ….هل ما زلت على وعدك ”
كانت تعابير وجه سيف لا تعبر عن اى شئ وهو يستمع لكلمات حازم …باختلاف كاسر الذى حدق به بدهشة ممزوجة باستغراب …..
ظهرت ابتسامة جانبية على وجه سيف ثم قال بصوت عميق وتأكيد ” نعم بالطبع ما زلت على وعدى …ثم رفع أحد حاجبيه متابعا ….فلست أنا من يخلف وعد قطعه على نفسه ”
اؤما حازم برأسه ايماءة بسيطة للغاية ثم قال بنبرة هادئة
” حسنا ….الحقيقة فى البداية كنت أريد مقابلة جدك السيد سليمان لكنى علمت بغيابه…..لذلك فكرت انك ربما تستطيع مساعدتى….قالها ثم نظر إلى عينى سيف للحظة يحاول قراءة أفكاره ردة فعله …لكنه لم يجد غير السكون فتابع .. لذلك أعتقد انك بهذه الطريقة ستستطيع تسديد دينك ”
رفع سيف حاجبيه وقال ببرود
” تابع ”
تفحص كاسر وجه حازم بامعان. ..اختلف شكله كثيرا من آخر مقابلة لهما ….أكثر نحافة عن ذى قبل …ذقنه الغير حليقة نمت وأصبحت طويلة بشكل ملحوظ وكأنها لم تمسها شفرة حلاقة منذ زمن …حتى وإن كان لتهذيبها ….وفوق هذا وجهه مختلف ونظرته المعتادة أيضا …. بالطبع لم يكن سيف يلاحظ هذا التغير لأن كل ما يهمه هو معرفة سبب حضور حازم السيوفى بنفسه إليه …طالبا دين قديم كاد هو نفسه ان ينساه …لكنه أكثر من مرحب بذلك حتى يستطيع أن يأخذ ثاره القديم الذى طال ….
أخذ حازم تنهيدة طويلة جعلت كلا الرجلان يعقدان حاجبهما بتساءل….
” أحتاج فقط مساعدتك ”
… قالها ثم نظر الى كلا الرجلان باهتمام …لم ينبس اى منهما ببنت شفه منتظران ان يفضى حازم بما فى جعبته لهما …. أفضل سمة مشتركة بين هذان الرجلان هو الاستماع …وربما نقول أن سيف أقل صبرا فى هذه اللحظة بينما كاسر يستمع وينتظر باستمتاع غريب وعيناه تومض من الإثارة ….فربما يرى معركة بين أفراد عائلة السيوفى …سببها سيف وحازم …بسبب ثأر واندفاع قديم ….
” أعلم انه يوجد مشاريع بينكم وبين عائلة عزيز المنشاوي …صمت و كاسر وسيف المستند بكوع ذراعه على يد الكرسى و اسلم وجهه ليده ينظران إلى حازم بتركيز …. أخفض حازم رأسه وكأنه مجبر على قول ما سينطق به …
تابع بارتباك حاول اخفاءه
” أريدك فقط ان تقوم ببيع قطعة الأرض التى ستقوم عليها المشروع …و ساشتريها باى مبلغ تريده ” قالها ثم رفع رأسه نحو سيف باهتمام واعين راجية
حدق سيف به والتمعت عيناه بغموض وكادت ان تظهر ابتسامة على وجهه لكنه استطاع إخفائها…. ووضع قدم فوق الاخرى بغرور
وقال بنبرة هادئة ” كنت أتمنى حقا مساعدتك …لكنها ليست للبيع ”
عض حازم فمه من الداخل يحاول كتم غيظه من الجالس أمامه وقال ببرود كاذب
” إذا أنت لا تريد المساعدة ”
فامال سيف برأسه لجهة اليسار ورفع كتفيه بقلة حيلة ….فنهض حازم من مكانه وأغلق أزرار سترة بذلته السوداء ورفع رأسه ناظرا إلى الفراغ بصمت وقال ببرود وعنفوان
” حسنا يبدو إننى قد أتيت إلى المكان الخاطئ ”
قالها وما كاد يتحرك حتى اوقفه كاسر بسرعة قائلا
” اهداى يا حازم…الأمور لا نتحدث بها هكذا …بالطبع سنحاول مساعدتك لكن أخبرنا فقط لماذا تريد تلك الأرض ربما نستطيع مساعدتك بطريقة أخرى ”
هتف بها كاسر وهو ناظر إلى سيف….بينما الأخير اشاح بوجهه بعيدا بغضب
” سيف ” قالها كاسر بهدوء
فتململ سيف فى جلسته وتافف بطريقة ملحوظة وكأنه طفل صغير يحاول شخصا ما ارغامه على شئ هو لا يريده ….
وقال من بين أسنانه ” أجلس وسنرى ”
نظر حازم بنصف عين إلى يد كاسر التى تمسك بذراعه وجلس بعد تفكير فى ان لا وقت لكبرياءه او لعداءه لسيف …..
أبتسم كاسر وهو ينظر إلى كلا الرجلان اللذان يحاولان عدم النظر لبعضهما وقال بطريقة عملية ودبلوماسية بحتة
” حازم …نحن لن نساعدك من أجل دين او شى من هذا القبيل …فأرسل إليه سيف نظرة محتقنة ما ان سمع كلمة “نحن “…..لم تمنع تلك النظرة كاسر عن المتابعة وقال ….بل نحن سنساعدك لأننا أصدقاء …وقبل كل هذا تربطنا صلة دم ….لذلك سنفعل وسنكون بجوارك …مهما كانت تلك المساعدة ”
قالها كاسر وهو يضرب برفق على قدم حازم الذى نظر إليه كالتاءه ….بينما الآخر يتافف بحنق
فلوى كاسر فمه وقال بحدة لسيف ” أليس كذلك يا سيف ”
فأجاب الآخر من بين أسنانه ” حسنا ”
” حسنا أخبرنا ” قالها كاسر بعقلانية …. فهو يعلم لو لم يكن الأمر كبيرا بالنسبة لحازم لما أتى يوما إلى هذا المنزل ….. وتابع قائلا ” ما هو الأمر مع عائلة عزيز المنشاوى …علاقتنا بهم جيدا ولا أظن أنهم سيرفضوا لنا طلبا يوما وخاصة خالد …هو شخص جيد ومتافهم ”
فنظر حازم إلى كاسر متساءلا ” هل تعرف خالد ”
فابتسم الآخر قائلا ” نعم بالطبع أعرفه وعلى علاقة وثيقة بنا ”
وأخذ كاسر يخبره كيف تعرف على خالد منذ أكثر من خمسة أعوام …. عندما أتى الى شركته لشراء بعض الآلات للغزل والنسيج …وكيف أصبحا صديقان بعد ذلك ….
بعد ان استمع حازم إلى كاسر تيقن انه سيساعده فى أمره …. فأخذ نفسا عميقا وقال بدون مقدمات
” تقدمت إلى طلب يد ابنة المستشار ياسين المنشاوى …لكن عمها رفض وعلمت انه سيقوم بتزويجها االى ابنه المتزوج ” ظهر الغضب والضيق جلى على وجه حازم وهو يخبرهم بما حدث
استطاع حازم جذب انتباه سيف الذى حاول عدم الاصغاء إلى كلامه و صرف نظره بعيدا عنهم ….ونظر إليه وهو يراقب تعابير وجهه ….وعدل من جلسته متابعا باقى الحديث …بينما ضيق كاسر ما بين حاجبيه وقال بهدوء وعقلانية
” ربما الفتاة موافقة ”
فهز حازم رأسه ب لا وقال ” حالتها سيئة و تدهورت بعد ما اخبروها بأمر زواجها من ابن عمها ”
” وكيف عرفت أن حالتها سيئة ” قاطعه سيف
فنظر حازم إليه بحدة و قائلا بابتسامة فاترة ” مصادرى الخاصة ”
فسعل كاسر بصوتا عالى وقال بهدوء ” حسنا إذا أنت تريد الفتاة والفتاة تريدك”
” أظن ذلك ” قالها بخجل حاول اخفاءه
فابتسم كاسر وربت على ظهره
” حسنا …إذا أنت تريد منا ان نحاول إقناع عزيز للقبول بك ” قالها ثم هم واقفا من مكانه وأغلق أزرار بذلته متابعا بخشونة
” حسنا …هيا بنا ”
” هيا بنا …إلى أين؟!! ” قاطعه سيف بحدة
فمرر كاسر يده على وجهه وقال بتافف
” تبا لك لماذا دائما تقاطعنى هكذا …. سنذهب بالطبع إلى منزل عزيز المنشاوى و نتحدث معه ”
” بهذه السهولة …تعتقد ” هتف بها سيف
فاؤما كاسر رأسه بنعم وقال بإصرار وهو يسحب سيف قائلا
” اصعد وبدل ملابسك تلك …حتى لا نتاخر. ..إذا تأخرنا ربما يقوموا بتزويج الفتاة دون إرادتها انا اعرف عزيز المنشاوى جيدا ….هيا ..هيا بسرعة …ثم تابع مقتربا من أذنه …..ألا تريد أن تدفع دينك له …الأمر سهل …وهكذا لن يكون هناك ذلك الوعد الذى قاطعته له ..ام انك نسيت ”
فكر سيف فى كلام كاسر …و بدأ بصعود السلالم مرغما ….
……………………..……………………..………
error: