رواية..(عندما يعشق الرجل)

الفصل السادس والعشرون (الجزء الثالث)
قراءة ممتعة وشيقة …
……………………..……………………..………..
عم الصمت والسكون أرجاء الغرفة الكبيرة فى منزل عزيز المنشاوي …. و ابنه رابح يحدق بشر إلى ذلك الجالس أمامه …. بينما حازم يحاول إبعاد الضيق عنه و إمساك زمام نفسه حتى لا يقوم بخنق ذلك المدعو رابح …
“يحلم ان كان يعتقد بأنه يستطيع الحصول على نور …هى له وله فقط ….لن يسمح لأحد لا باذيتها او الاقتراب منها ” قالها حازم فى نفسه
سيف يجلس على الكرسى بارياحية كبيرة وصامت بينما كاسر يجلس على الكرسى الآخر الذى بجواره يراقب نظرات رابح لحازم التى تكاد تقتله والآخر لم يصمت له بل كان يرسل له نظرات أكثر شرا
“أهلا …أهلا وسهلا ”
هتف بها عزيز بسرور ما ان دلف إلى الغرفة وعلم بقدوم كلا من سيف و كاسر إليه ….فى البداية تعجب من حضور حفيد سليمان الحسينى “سيف ” فى هذا الوقت …لكنه نفض هذه الأفكار وفضل الدخول إليهم مع ابتسامة واسعة على ثغره
حياهم ورحب بهم بسرور بالغ …. وجلس قبالتهم منتظر اعلانهم عن سبب حضورهم …..
استهل كاسر الحديث عن العمل وعن ارتفاع الأسهم والمعادن والذهب فى السوق … واندمج معه الجميع….فبدا سيف بالتحدث عن المصنع والمشاريع الجديدة التى تفكر عائلة الحسينى إقامتها فى هذه البلدة بالذات وأنهم سيبداو بها ما أن يعود جده سليمان الحسينى …. استمر الحديث عن هذه المشاريع لأكثر من نصف ساعة حتى تافف سيف بخفوت وهو ينظر إلى ساعته
وبدأ حديثه بصوتا خشن وعملية مطلقة
” حسنا …حاج عزيز تحدثنا عن العمل كثيرا …لكن الحقيقة نحن لم ناتى كل هذا الطريق للحديث عن العمل ”
انتبه له الجالسين وحدقوا به بتركيز وتابع
” لقد أتينا لنعرف ما هو ردكم على طلب حازم” قالها ثم صمت …وصمت معه الجميع منتظرين رد عزيز المنشاوى
تصلب عزيز المنشاوى فى مكانه وعندما طال صمته
نطق كاسر بهدوء تام وتعابير حاول جعلها هادئة
” أظن انك لن تجد رجلا مثل حازم السيوفى زوجا لابنة أخيك الوحيدة … اعرف مدى ان تكون مسءولا عن فتاة تهتم لمصلحتها…وتفكر فقط ان تعطيها للشخص الذى سيحافظ عليها و يستحقها فعلا …ولا أظن أن هناك أحد يقول لا لعائلة السيوفى … عائلة عرف عنها احترامها وتقديرها للجميع ”
ثم تابع بابتسامة عملية مصطنعة
” وكم سيكون راءعا ان نكون على ارتباط وثيق من خلال النسب والعمل ..ما رأيك سيد رابح …هل تختلف معى فى شئ أعتقد أن ابنة عمك هى بالنسبة لك أخت …والاخ بالطبع سيبحث عن مصلحة أخته ام إننى مخطئ ”
قالها كاسر وهو ينظر إلى رابح …الذى تصلب فى مكانه وحدق به بقوة يحاول بلع ريقه لكن فمه كان جافا…..
فنطق رابح اخيرا بوجه متجهم ومكفهر غضبا وبكل عنجهية
” لقد سبق و أخبرنا ردنا للسيد مراد وللسيد سليم والد السيد ”
قالها مشيرا إلى سيف بطرف إصبعه ….فحدق به سيف …واعتدل فى جلسته قائلا بحدة لم يخغيها
” ونحن أتينا لنسمع رد آخر ….لا نتمنى أن يكون لا …لانه حينها فلتتحملوا عواقب من يقول لا لعائلة السيوفى ”
هتف سيف بكلماته بتكبر واضح ووضع قدم فوق الاخرى بغرور
جعل رابح يصتك على اسنانه شاعرا بالمهانة والصغر أمام ذلك السيف ….
” ما الذى تقصده بالعواقب ”
هتف بها الحاج عزيز متسائلا بحدة
حاول كاسر تهدئة الأمور رغم أن بداخله يرقص لكلمات سيف لكن كما يقولون لا يجب على الجميع ان يكون متسامحا و هادئا. ..وهو سعد لأن سيف هو من تكلم بهذه الطريقة فهذا العزيز وابنه لن ياتى معهم غير التهديد ….و لكنه بصفته الأكبر هنا بالإضافة انه لا ينيغى ان يتمادى هو الآخر مثل سيف فعليه أن يتحدث بطريقة دبلوماسية وعملية حتى لا يخروجوا من هذا المنزل خاليين الوفاض …. وحينها حازم لن يصمت فبرغم بروده وجفاءه الخارجى هذا إلا انه يشعر بأن حازم يخفى شئ وراء هاتان العينان الباردتان وذلك الوجه الذى لا يعبر عن شئ …. وسيف لكى يثبت انه لم يهان او تم كسر كلمته سيفعل اى شى سواء كان مشروعا او غير مشروع حتى يجعل ذلك الرجل هو وابنه واقفين أمامه بخشوع موافقين على ما أتى من أجله ويرجوه ان يوافق هو على ذلك وحينها ستتسع ابتسامته ويزداد غروره أكثر ….
فقال بهدوء تام
” حاج عزيز …سيف بالتأكيد لم يقصد ذلك …لكن ان تقول لعائلة السيوفى لا بدون سبب مقنع فبالطبع هو ليس شى جيدا ”
” من هذا الذى لم يقصد بل انا اقصد كل كلمة نطقت بها …. وربما هى قليلة عما سأقوم بفعله ان خرجت من هذا المنزل من دون رد أريده واتيت من أجله ….و سيكون أول رد لى انا الآخر هو لا يوجد مشاريع بينك وبين عائلة الحسينى …من يعادى عائلة السيوفى سيكون عدو لنا …هل فهمت حاج عزيز ” هتف بها سيف حانقا وهو يهم واقفا من مكانه مطل عليهم بطوله الفارع …جاعلا إياهم يشعرون بمدى هيبة ذلك الرجل
” هل تقوم بالتهديد فى بيتنا سيد سيف … لا اظن انه من غير الاءق الصراخ فى بيوت الآخرين ”
هتف بها خالد بحدة ممزوجة بغضب ما ان سمع صوت سيف المهدد والعالى وكأنه يهدد خاله بقطع رزقه …فمهما كان خاله جشع …طامع …إلا انه سيظل خاله وحق عليه ان يقف أمام اى شخص سيتمادى معه ناسيا فرق السن الذى بينهما لمجرد انه من عائلة كبيرة …. تعلم الا يحترم من هو أكبر منه ويتمادى فى وقاحته معه
” خالد ..خالد ..اشتقت حقا لرؤيتك. ..أين كنت يا رجل …لم أرك منذ زمن ”
قالها كاسر بسرور محاولا التخفيف من حدة الموقف …. وإبعاد خالد عن مرمى سيف الذى يكاد يقفز عليه ويمزقه بانيابه
” بالطبع سيف …لم يقصد لقد فقط …نحن كنا نتناقش ”
قالها كاسر بارتباك محاولا تجميع جملة مفيدة
” بالصوت العالى ” قالها خالد مستهزا
مرر حازم يده على وجهه وهو يتافف بضيق وغضب واضح على ملامحه وقد وصل به الصبر إلى منتهاه ….
“ما كان يجب ان أحضر هؤلاء الحمقى معى …كان يجب ان أتصرف انا بالطريقة التى توصلت إليها …حسنا …حسنا لا مشكلة ….لقد حان وقت تدخلى ” قالها حازم فى نفسه
” سيد عزيز …ارجو ان نتحدث قليلا …على انفراد ” قالها حازم بهدوء مطلق بعد ان خرج اخيرا عن صمته
اؤما الحج عزيز رأسه موافقا وأشار بيده لحازم حتى يتبعه حيث مكتبه … خرج حازم من الغرفة بهدوء …وكل من فى الغرفة يحدق به بتساؤل ….
جلس الحاج عزيز على كرسى مكتبه بهدوء منتظرا ما سيفضى به ذلك الفتى هو الآخر … حازم كان واقفا بثبات وعيناه الباردتان السوداوان تنظر إليه باتزان …اقترب من مكان جلوسه وأخرج بهدوء بعض الأوراق من حقيبة عمله السوداء …ووضعها على المكتب أمام الحاج عزيز ….
الذى قال بتساءل
“ما هذه الأوراق ”
” بعض الأوراق أتمنى أن تقرأها بهدوء …. ثم تابع وهو يتقدم من الكرسى المقابل ويجلس عليه ….ساجلس هنا حتى تخبرنى ما هو ردك ”
وما كاد يقراء الحاج عزيز أول ورقة حتى أمسك بها بيد مهتزة واعين متسعتان ووجه متجهم…. رفع رأسه إلى حازم وحدق به برعب قائلا فى نفسه
” كيف استطاع التوصل إلى هذا ”
لكن رغما عنه خرجت كلماته من فمه مهتزة لا تخلو من الخوف
ظهرت شبه ابتسامة على وجه حازم قائلا بغرور
” ما أمامك الآن مجرد القليل مما توصلت إليه …. من ابتزاز …رشوة …و حصولك على العديد من الأراضى بطريقة غير صحيحة …. وكان آخرها بناء أحد المصانع بدون اى تصريح و على أرض زراعية …. وكما قلت لك هذا القليل فقط مما فعلته … بالإضافة إلى ما فعله ابنك ….نظر إليه بنصف عين قائلا بخفوت …سمعت انه يذهب إلى أحد بيوت فتيات الليل …هل تريد المزيد ….”
قال كلماته بسرعة وعملية …وما ان إنتهى حتى حدق به بقوة …منتظرا رده
صمت …صمت رنان انتشر فى الغرفة ….وقف حازم بعيدا عن كرسيه وقال بلهجة لا تخلو من التهديد
” أظن انك سمعت عن والدى مراد السيوفى جيدا اشتهر بمهارته الفائقة فى كسب قضاياه ….وكما يقولون الابن مثل أبيه …. لكنى للأسف لست مثل والدى بل انا أسوء منه ….حدق به بعيناه السودوان وتابع بحفيف ينذر بالخطر …أن وضعتك فى رأسى لن تخرج منها ابدا سالما سأكون لك غراب …لم يجلب لك غير النحس بدخوله إليك …وخروجه من منزلك غاضبا ….حينها سأفعل انا ما أشاء …. وستكون نهايتك هى السجن …وفى النهاية سأكون انا الرابح …وما لم ترضى عليه بهدوء وعقلانية …. لن أحتاج لموافقتك له بعد ذلك …. أما أن تكسبنى فى هذه اللحظة او تخسرنى للأبد وحينها سأكون عدو لك ”
حاول الحاج عزيز الثبات فى مكانه وقال رغم شعوره بالخوف الذى اجتاح جسده وقال بنبرة مهتزة مرتبكة
” هل تقوم بتهديدى ”
“تهديد …ابتزاز …سميه ما شءت …. قالها وهو يهز رأسه بغرور ….وتابع …. أول شخص سيدير ظهره لك هى عائلة الحسينى ….فبالطبع انت تعرف النسب الذى بيننا وبينهم …. وحينها لن يكون الأمر خيرا ابدا ”
” ما الذى تريده ”
قالها عزيز وهو يخفض رأسه بخضوع لا يليق برجل حمل الكثير من الكبرياء والقسوة فى قلبه …
” ما طلبته سابقا ….نور” قالها بانفاس مضطربة ما ان نطق باسمها
” حسنا …لكن الأوراق …ماذا عنها ” نطق بها عزيز بقنوط
ظهرت شبه ابتسامة ساخرة على وجه حازم ….وقال بصوت عميق
” لن يعلم أحد عنها شئ. …ثم تابع بهدوء ….و قبل أن أخرج من هنا … اعطيكم أسبوع حتى تستطيعوا التجهيز لحفل الزفاف جيدا …. ووالدى سياتى إليك غدا حتى تتفقا على كل شئ”
قالها ثم خرج من الغرفة بكل عنفوان وابتسامة انتصار على وجهه ….لكنها سرعان ما اختفت ليحل محلها عبوس وضيق …مفكرا فيما هو اتا
وقف كل من فى غرفة الصالون فى منزل عزيز المنشاوي ما ان شاهدو دلوف حازم إلى الغرفة
قائلا بنبرة خشنة
” لقد انتهى الأمر هيا بنا ”
قالها باقتضاب وكانه يصدر التعليمات ثم خرج من الغرفة …تبعه كلا من سيف الذى ظهر الضيق جلى على ملامح وجهه…و كاسر الذى شعر ببعض الفضول فى نفسه عما حدث داخل تلك الغرفة
وقف الثلاثة أمام سيارة حازم ….
” ماذا هل حل الأمر ”
هتف بها كاسر بسرعة …وسيف يحدق بحازم بنصف عين وقلة صبر
” نعم تم حل كل شئ …والزفاف خلال أسبوع ”
” ماذا ” هتف بها كاسر بنبرة لا تخلو من التعجب …
فقاطعه سيف بغرور تام هاتفا
” بالطبع سيوافق وهل يجرؤ على الرفض بعد ان أتيت إليه بنفسى …يعلم جيدا انه لن يستطيع الوقوف أمامى ”
تنهد حازم بابتسامة جانبية ….فقال كاسر بهدوء
” كيف حدث الأمر …فقط ما الذى قلته لذلك الرجل جعله يوافق ”
” انها اساليبى الخاصة فقط ”
هتف بها حازم بانتصار
” انظر… تبا لذلك الرجل الذى يقول أساليب …لم يوافق إلا بسببى”
قالها سيف بغضب وتذمر
مرر حازم يده على وجهه وقال بعد ان أخذ نفسا
” نعم ..هو بسببك ”
” إذا تم دفع الدين ” قالها سيف
” نعم …تم ” رد عليه حازم وهو يهز رأسه
” حسنا ..إذا كان هكذا ..حان وقت ان أخذ حقى انا الآخر ”
قالها بهدوء وهو يرجع برأسه للوراء ثم ضرب بجبهت رأسه جبهة رأس حازم جاعلا الأخير يتراجع للوراء بترنح ما ان أخذ الضربة …. وضع حازم يده بآلية على جبهته …واصتك على اسنانه غضبا ….وما ان كاد يقترب من سيف ….حتى اوقفه كاسر ناهرا إياه بقوة
” حسنا …اهدأ …ثم نظر إلى سيف بحدة قائلا ….وأنت هل جننت …أين تعتقد نفسك ”
” هكذا تعادلنا…رغم إننى لم تطفئ نارى بعد … قالها ثم ابتعد عنهم …وقال وهو يرفع يديه ما ان اقترب من سيارة كاسر … هيا بسرعة لا وقت لدى لكما ”
قالها ثم صعد إلى السيارة ….
“حازم ..هل انت بخير ” سأله كاسر
” بخير ..بخير …ما زال حقودا كما هو …لم ينسى ما حدث سابقا ”
قالها حازم ببرود محاولا الهدوء
” انت تعرفه لا يترك حق له مهما طال الزمن “قالها كاسر
” اعرف ..ما زال قلبه اسود … وكما يقول جده لن يعرف يوما عدوه من حبيبه … إلى اللقاء ”
قالها حازم وهو يربت على كتف كاسر وصعد سيارته
وقف كاسر بتصلب حتى انطلق حازم بسيارته …. غير ابه لمن كانا معه ….
فاقترب من سيارته وانطلق هو الآخر ……
*******************************************************
نزلت السلالم الداخلية للمنزل بسرعة وهى تحكم لف حجابها حول رأسها شعرت بالاضطراب والخوف ما أن وجدت اخاها عزيز يجلس على أحد الكراسى ….و خالد واقفا ….و ابناءه الثلاثة مجتمعون
“خير …يا أخى ..خير ” هتفت بها هيام
“لا تقلقى يا هيام …لا شئ …فقط أردت ان اقول لك شيئا هاما ” قالها عزيز بنبرة جادة جعلت أخته تنظر إليه بتركيز فتابع
” بالطبع انتى استمعتى إلى طلب حازم للزواج بنور ….وأنا وافقت على أمر زواجهما وسيتم الزفاف خلال أسبوع ”
“أسبوع “نطقتها الحاجة هيام بدهشة ثم تابعت بهدوء
” أسبوع ..نور ليست بخير حالتها سيئة وهى ليست مستعدة للزواج الآن …بالإضافة ان أسبوع لن يكفى لتحضير كل شى ”
” يا حاجة …لا شأن لى بكل هذا لقد أعطيت كلمة للرجل وانتهى الأمر ” قالها ثم ابتعد عن كرسيه
متابعا بهدوء …” أن احتجتى لأى شئ اخبرى خالد بها ..”
نطق بكلماته ثم تحرك مبتعدا عنهم …وكل من فى الغرفة مندهشا ومدهوشا لسماعه هذا الخبر … فى حين ركض رابح وراء والده
قائلا بغضب ما ان دلف للغرفة خلفه غالقا بابها خلفه بأحكام
” ما هذا يا أبى …كيف توافق ..نور لى …انا من ساتزوجها ” قالها بغضب لم يستطع اخفاءه أمام والده نهره والده بنظرة منه وقال بحدة هو الآخر
” لقد انتهى الأمر ..ونور ستتزوج بابن مراد السيوفى …الفتى لا نستطيع الوقوف أمامه … لذا لا تتحدث عن هذا الأمر مرة أخرى …الفتاة لن تكون لك … انساها ”
وقف رابح محدقا بوالده ” ما الذى تقصده ”
” حازم معه أوراق تستطيع جعلنا نذهب وراء الشمس …ونحن لن نستطيع الوقوف أمامه …لذلك أصمت ولا تتحدث عن نور مرة أخرى …فيبدو أن تلك الفتاة لم تكن لك يوما ” قالها بغضب
ثم تابع بتحذير ” وإياك ان تتصرف اى تصرف متهور او أحمق أمام هذا الزواج …ذلك الحازم ليس سهلا ”
بلع رابح ريقه بخوف ثم خرج من الغرفة وهو يجر اذيال الخيبة وراءه
……………………..……………………..……………………...
” ما هذا الذى يقوله خالك يا خالد … زواج والفتاة فى مثل تلك الحالة يا بنى ” قالتها هيام بحزن
” هذا أفضل يا أمى …أفضل لها أن تخرج من هذا المنزل …انا كنت أفكر بالفعل فى الاتصال به واخباره أن ياتى ونتصرف حتى يستطيع الزواج منها …لكنه أتى قبل ان أفعل كل هذا …لكن هناك شيئا ما …لا أعلم ..خالى وافق على الزواج ما ان تحدث معه حازم ..هناك شيئا ما ….قالها بتساءل. ..ثم تابع وهو يضع يديه على كتف والدته ….عليكى ان تكونى بجوارها …و هياى لها أمر الزواج هذا بسرعة …وإن احتجتى لأى شى اخبرينى ” قالها ثم ابتسم لوالدته بخفوت
فهزت الحاجة هيام رأسها بقلة حيلة …
**********************************************
انتصبت جالسة على السرير ما ان سمعت صوت مفتاح الباب يدار …تبعها صوت إدارة مقبض الباب ودلوفه إلى الغرفة بهيئة متعبة ووجه مرهق ….تأخر لأكثر من ثلاث ساعات فى الخارج ولا تعلم إلى أين ذهب …فالقت بجسدها على السرير ما ان خرج وتركها وهى تبكى بحرقة وألم …. تعلم انها أخطأت لكن طريقته وأسلوبه مختلف …. فلأول مرة يكون جارحا معها بتلك الطريقة ..فلطالما كان صبورا ومتمهلا فى التعامل معها …شعرت بحزن و كآبة وهى تنتظر حضوره …لكنه تأخر ولم ياتى إلا الآن …..
راقبت دخوله إلى الحمام بأعين ذابلة من البكاء ….
جلست على السرير وهى تضم قدميها وتحتضنها بذراعيها…. وهى تفكر عما يجب ان تفعله …هل سيتعامل معها بغضب هكذا دائما لمجرد انها أخطأت خطأ صغير لم تقصده …لكن بالطبع كيف يسامح …ويهين رجولته ..فهو رجل …حتى وإن ظل صامتا و هادئا. .فبالتأكيد سياتى يوما حتى يخرج عن هدوءه هذا ويريها كم ان فعلا نظرتها للرجال لم تكن مخطئة فجميعهم مستبدين و انانين. ..حتى وإن أظهر لها كم هو يعشقها…فسيظل دائما يظهر قوته وهمجيته عليها …لقد كانت مخطئة عندما اعتقدت فى لحظة ما انه مختلف عن جميع الرجال وأنه حقا يحبها …ولكن ها هو يثبت العكس بحبسها …وربما المرة القادمة سيقوم بضربها …. ويعاملها كأنها أمينة وهو سى السيد …الذى يجب ان يأمر هو فتنفذ هى بدون ان تنبس ببنت شفه و بطاعة مطلقة …لكن لا ..لن تسمح له …لن تجعل شخصا مثله يقف أمام مستقبلها وعملها لن تجعله يبعدها عن عملها الذى حاربت من أجل الوصول إليه …لكن لا ..وألف لا لن يقف أحد أمامها …هى لم تعد صغيرة ..حتى يامرها أحد …هى بالذكاء والتعقل حتى يمكنها أن تعرف ما هو صواب وما هو خطأ…….
خرج من الحمام بعد ان بدل ملابسه ببنطال من القماش و تى شيرت …. انزلق بجانبها على السرير وسحب الغطاء عليه و وضع رأسه على الوسادة معطيا ظهره لها بعد أن اغلق ضوء المصباح الصغير بجواره على الكومود …..
احتقن وجهها من الغضب وهى تنظر إلى ظهره….شعر بنظراتها لظهره وهى تكاد تخترق جسده لكنه لم يهتم وأغلق عيناه محاولا النوم ونسيان ما فعلته اليوم به وكأنه ليس زوجها ….
انتصبت جالسة على السرير وفردت قدميها وهما تهزهما بعصبية وغضب …اصتك على اسنانه من فعلتها فهم جالسا على السرير قائلا بحدة
” كفى عن أفعالك الصيبيانية تلك …ونامى مثل البشر بهدوء ”
حدقت به بأعين ثاقبة وهى تضم فمها باحتقان ثم أبعدت وجهها عنه وظلت تهز قدميها بعصبية ….
فلوى فمه مفكرا … وتنهدت بقوة ثم وضع رأسه مرة أخرى على الوسادة ونام ….اشتعلت هى أكثر من تصرفه وبدون تفكير …ابتعدت عن السرير وقامت باضاءة جميع مصابيح الغرفة جميعها حتى المصباح الصغير الذى بجواره اضاءته….
هم جالسا على السرير وهو يمرر يديه على وجهه وشعره قائلا بزمجرة وهو يصتك على اسنانه
” ما الذى تريدينه يا ريم فى هذه الساعة …نامى واجعلى ليلتك تمر على خير ”
وضعت يديها فى خصرها وهتفت بعناد
” ومن قال لك إننى أريدها أن تمر على خير …بل أريدها سوداء عليك اليوم بعد ما فعلته و نطقت به ”
هز رأسه وقال بخفوت واستهجان
” انا …انا من فعلت …انا من ذهبت ولم أخبر أحد إلى أين سأذهب …انا من تكلمت بوقاحة ..ثم تابع بهدوء …نامى يا ريم أفضل لك ”
“لا ..لن أنام ..انا لم اخطى ” قالتها ببجاحة جعلته يحدق اليها بنظرة ثاقبة لا تخلو من الغضب وهتف
” لم تخطئ …بعد كل هذا وانتى لستى مخطئة ”
قاطعته بحدة
” نعم ..انا لم اخطى ..أنت من كنت تريد أن تفرض على سيطرتك الذكورية تلك ..لكى تشعرنى بأننى ضعيفة أمامك ولن أستطيع الدفاع عن نفسى …او أقول لك لا …لكن لا ..يا سيد مالك ..انا اقول لك لا والآن …ولكى لا نتعب مع بعضنا ..أفضل لنا الانفصال ”
” ماذا؟؟! ” هتف بها بحدة وغضب وهو يهم مبتعدا عن السرير …وفى لحظة أمسك برسغها بقوة قائلا بحفيف قرب اذنيها ….
” اياكى. ..ثم اياكى ان تنطقى مثل هذه التفاهات مرة أخرى …أما بالنسبة لعدم خروجك من هذه الغرفة …فهذا فعلا ما سيحدث ….ستبقين هنا …أشار بيده فى الغرفة حوله وهو ما زال ممسكا برسغها ….ولن تخرجى منها إلا عندما تتعلمى كيف تتعاملى مع زوجك و تحترميه جيدا ”
اهتزت مقلتا عيناها رعبا …. حاولت التكلم لكنها لم تستطع …. ترك يديها و دار بجسده نحو السرير و رفع الغطاء وجلس على الطرف السرير محدقا بها بحدة
” هيا نامى ” لم تتحرك من مكانها من الصدمة والخوف فاعاد كلامه بصوتا عالى جعلها تنتفض وتنزلق على السرير بسرعة معطية ظهرها له ومنكمشة فى مكانها ….راقبها لثوانى ثم نام هو الآخر ….ظلا لدقائق صامتان وما ان شعر بأنها قد نامت حتى أغلق عيناه محاولا النوم هو الآخر …لكنه سرعان ما فتح عيناه وهو يسمع لصوت تشنجاتها وبكاءها الخافت
اقترب منها حتى وضع يده على ذراعها قائلا برعب
” ريم هل تبكين ”
لم يسمع غير انينها ….فادارها إليه ولكنه وجدها تضع يدها على وجهها وتهتز من كثرة بكاءها ….حاول إبعاد يدها حتى رأى وجهها المنتفخ من كثرة البكاء وجسدها يرتجف … حاول أن يقربها إليه لكنها منعته وهى تقول ببكاء
” أنا ..انا ..أكرهك …أنت لا تحبنى. ..لست صبور معى ..انا أكرهك ”
تنهد بضيق وهو يلعن بخفوت …ثم بقوة قربها إليها واحتضنها بتملك وهو يمرر أصابعه على وجهها ماسحا دموعها التى جرحته وجرحت رجولته …فرغم فعلتها الحمقاء تلك معه إلا انه لم يشعر بهذا الوجع الذى يشعر به الآن وهو يراها تبكى … وهو سبب بكاءها ….
” تبا …حقا أنا أحمق كبير …كيف أجرؤ على بكاءك. ..سامحينى. ..سامحينى ولا تبكى ” قالها وهو يحاول أن يقربها إلى صدره أكثر …ولكنها ظلت تتململ بين يديه وهى تقول بصوت مبحوح من أثر البكاء
“أنا اكرهك .. لماذا تتعامل معى هكذا …لست صبورا او حنون معى ” قالتها بعد ان استكانت اخيرا على صدره وما زال على وجنتيها وفى عيناها الحمراوان بعض آثار الدموع. …
ابتسم بخفوت وقربها أكثر قائلا وهو يستنشق رائحة شعرها
” الحنون لا يقسو إلا عندما يغار ….وأنا شعرت بالغيرة… كانت تتاكلنى …عندما رأيت زوجتى تركب مع رجلان فى سيارة …كدت اجن …وكادت الدماء ان تغلى فى عروقى…. سميه تملك …غيرة … جنون …سميه ما تريديه….لا أعرف …سوى انى أعشقك منذ ان رأيتك …فهذا خفق فقط من أجلك انتى ” قالها فجعلها ترفع رأسها إليه وتحدق له باندهاش وهى تشعر بخفقات قلبها التى تكاد تتقافز خارج جسدها من هول ما تشعر به الآن …..ابتسم لها ثم بدأ بطبع قبلات عديدة بداية من عيناها ثم وجنتيها … ثم أمسك بيدها وطبع قبلة طويلة على أصابعها ….أغلقت عيناها وطوقت يديها حول خصره …ولأول مرة تنام وهى تشعر براحة وأمان غريبان عليها
ابتسم وهو يراقب ملامح وجهها المحببة إليه ….تنهد بقوة وهو يفكر …بأن زوجته لم تكن يوما نمرة ذات كبرياء وعنفوان او متمردة بل هى فقط …طفلة صغيرة تحتاج إلى الحنان وصبر طويل حتى يستطيع أن يفهمها حقا أنه يحبها ….
*****************************************************
صعد درجات السلم الداخلية بثبات بعد ان قام كاسر بتوصيله وذهب …. وما ان اقترب من باب غرفته حتى وجد عمته تخرج من الغرفة قائلة بابتسامة
” جيد انك أتيت… يجب ان اذهب الآن …هل تريد أن تأكل قبل أن اذهب ”
هز رأسه ثم قال بخفوت
” لا …لكن لماذا ستذهبين نامى هنا ”
” لا يجب ان اذهب ”
” حسنا …هيا ساوصلك ”
” لا ..لا داعى السائق بالسيارة ينتظرانى بالخارج …ثم تابع كلامه وهى تربت على كتفه …اذهب أنت إلى النوم …وأنا ساتى غدا…تصبح على خير ” قالتها ثم بدأت فى نزول درجات السلم
ما ان دخل إلى الغرفة حتى أبعد عنه وشاحه الصوفى ثم سترة بذلته …نظر إلى ناحية السرير وجدها مستلقية على السرير وساندة بظهرها على ظهر السرير وفى يدها أحد الكتب …حدق إليه فوجده عليه أحد صور الأطفال ….ابتسم بخفوت ثم اقترب منها قائلا
” والدتك ذهبت ..ألم يكن يجب ان تبقى ”
أبعدت أروى نظرها عن صفحة الكتاب وقالت بهدوء
” والدتى هكذا …لا تحب أن تبيت عند أحد ”
اؤما برأسه …ثم قال وهو يجلس على السرير محاولا جذب الحديث معها
“ماذا تقراين ”
تنهدت ثم قالت بهدوء
“كتاب يشمل كل شى عن الأطفال منذ ان كان جنينا حتى سن الخامسة ”
اؤما برأسه
” إذا ..هو جيد ”
“رائع “قالتها وعيناها تلمعان بسرور
” انتى ونور أصدقاء أليس كذلك ” سألها
أغلقت الكتاب ثم وضعته على الكومود بجوارها قائلة بتساؤل
” نعم هل هناك شئ ”
” لا …فقط هى ستتزوج ” قالها وهو يهم بخلع حذائه
” ماذا ” هتفت بها بدهشة
” لم يعلم أحد بعد …لكن انا كنت عند عمها وقمنا بخطبتها لحازم السيوفى ”
” حازم ….كيف ومتى ” قالتها وفمها مفتوحا من الدهشة
“الزفاف أيضا سيكون خلال أسبوع ” قالها بهدوء وهو يفتح أزرار قميصه
نظرت فى الفراغ وحاجبها مرتفعا بتعجب …
” حازم ..هل يحبها ” سألته.
” يبدو ذلك …قالها ثم صمت قليلا فتابع …فيبدو انه حقا يريدها ”
“عندك حق …حازم شخصا رائع بقدر تفاجئ بقدر ساعدتى بأن نور ستتزوج شخصا مثل حازم … انها حقا تستحق هذا ” قالتها بسعادة
فرفع أحد حاجبيه قائلا بخفوت واستهجان
“شخصا رائع ”
شعرت بالارتباك من نظراته فقالت بهدوء رغم ارتباكها
” وأنت ذهبت مع حازم ”
” نعم ..انه دين قديم ” هتف
” دين ” رددتها
” نعم … عندما كنت فى الصف الأول الثانوى كان هناك مسابقة فى كرة السلة بين فريقى وفريق آخر …. كنت انا وأسامة وماجد واخاك ماهر ….واللاعب الخامس الذى هو كان من المفترض أن يكون معنا لم ياتى … فاقترح حازم المشاركة معنا فى نفس الفريق حتى نكتمل….وبصفتى القائد لهذا الفريق …وافقت … وبفضله …لن أكذب فزنا فقد كان أكثر من ماهر ومتفوق فى هذه اللعبة ومن يومها وانا مدين له بهذا الفوز …واليوم انا قمت بتسديده ” قالها ثم دلف إلى غرفة تبديل الملابس
خرج ثم انزلق بجوارها على السرير …وأمسك بين يديه أحد الكتب …شعرت أروى بالصمت المطبق بينهما وتجهمه
فقالت بهدوء
” ماذا ستقوم بتسميته ”
” من؟ ! ” سألها وهو يحدق بها بابتسامة …فبادلته الابتسام قائلة
” طفلنا او طفلتنا. ..ثم اعتدلت متابعة …ماذا تريد فتاة ام صبى ”
” وهل عرفتى ان كان ذكر او انثى “سألها وهو يحدق هو الآخر بها
” لا ..لا أريد أن اعرف ..أفضل ان تكون مفاجأة …لكن اخبرنى انت ماذا تتمنى أن يكون ”
تشدق بابتسامة عذبة قائلا
” صبى او فتاة …الاثنان سواسية بالنسبة لى …صمت ثم تابع …لكن الحقيقة أتمنى أن يكون صبى ”
ظهر الحزن على وجهها …فتابع بسرعة
” لا ..لا اياكى ان تحزنى. .انا لم أقصد ..لكن أتمنى أول مولد لى صبى …حتى …صمت لحظة ثم تابع بحزن ….حتى امنحه ما حرمت انا منه …أتمنى أن ألعب انا وهو الكرة ونركض … أن أعلمه السباحة…. أتمنى أن نكون انا وهو أصدقاء فيكون هو أخى و صديقى. .. وأنا سأكون له الأب والحامى كما يجب ان يكون ”
من دون ان تشعر نزلت دمعة خائنة من عينا أروى لكن مسحتها بسرعة باصابعها قائلة بحنان
” نعم ستكون أبا راءعا انا متأكدة …. تصبح على خير ” قالتها ثم قامت بإغلاق ضوء المصباح على الكومود بجوارها
نظر إليها بحب ثم أغلق كتابه ونام هو الآخر …فاليوم كان طويلا ……
************************************************
نهاية الفصل السادس والعشرون
error: