عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى
الفصل ال 45
أرائكم مهمة اوى ??
المشهد الأول
” مهملك دايم عشان أنتى رامية نفسك عليه ،يا كاملة أنتى زى بنتى …الراجل مننا مبيحبش الحاجة السهلة ،المُتاحة فى كل وقت ،الست ال مهما عمل فيها متقولش بم ،مبيحبش الضعف والخضوع والإستسلام ،وأنتى فتحتى قدامه المجال أنه يطنشك كأنك مش موجودة لما لغيتى كيانك وشخصيتك عشانه ،لما وقفتى تعليمك …..وبقى هو محور الكون عندك نتيجة الفراغ ال عايشة فيه …! ”
قال الدكتور عبد المنعم جملته بأسف على حال كنته المصونة وهو يرمق ابنائه ليترك لهم الجميع الساحة ،يخالجه الإستياء لقبولها بتصرفات ابنه معها ،بالرغم من عدم وجود أطفال بينهما ،لتبقيها على علاقتها به وإيمانها القاطع هذا بكونه ملاك قد أضل الطريق إلى الجنة فهبط إلى الأرض … قالت بتنهيدة مٌغرمة مشوبة بالغموض:_
_ التعليم الله يسامحه ويرحمه أبوى مكنش بيدي وجتها …أما وليد فبحبه يا خال جوى جوى …يمكن أتساهلت معاه كتير …بس ده مينفيش أنى بغير عليه جوى ..ببجى نفسى أحبسه جوه فترينة ومحدش يشوفه ولا يلمسه .
هز رأسه بإعتراض على حديثها قبل أن يستكمل وهو يمط شفتيه :_
_ أنتى مبتحبيش وليد يا كاملة ،انتى بتحبى الدكتور،الجامعى ،المثقف ،ال حقق ال مقدرتيش تحققيه ،بتشوفى نفسك وأحلامك من خلاله… جايز أبوكى ظلمك لما مخلكيش تكملى تعليم ….بس أنتى هدمتى نفسك للمرة التانية ،لما بديتى الحب على كرامتك واعتزازك بنفسك ،وذاتك …..
أخذ نفساً عميقاً قبل أن يضيف ،بينما هى ساهمة تنصت له بتركيز :_
_ ومتقوليليش الظروف ..حماتك كانت فى يوم مكانك وبتعشقنى وعندى منها عيال ..لكن ساعة الجد ولما حست أنى هنتها حطت مشاعرها تحت رجلها ..منحنتش…معيطتش ….بس ثارت وأدت رد فعل قاسي جدا بقتل درتها …بس اسمها مسكتتش ..وأطلقت رغم أن فى بينا عيال يعنى روابط أقوى من أى حب وأوهام …
_ال عاوز يعمل حاجة بيعملها يا كاملة …مبيتحججش بظروف وعقبات وشوك بيزرعه فى طريقه ..!
ترقرت العبرات فى مُقلتيها قبل أن تعلق ببحة صوت ،وجسد مُنتفض:_
_ ومين جالك يا عمى أنى مبموتش فى الثانية ألف مرة …!، كل ما بيغيب فى أوضتها..كل ما بياخد شورتها…كل ما بيدها حجوج مدهاليش …كل ما بيدافع عنيها ….كل ما بيجف فى وش الخالة لأجلها وبيتحدى العالم ،جلبى بينحرج ،بموت ،وبنجهر ،بتمنى الأرض تنشج وتبلعنى …مش بس لأجل كرامتى ال داسها بنعاله “جزمته” …لاااه ولأجل المبادىء والتضحيات ال جدمتها،لأجل نظرات الشماتة فى أهل البلد وجولهم على أنى عجيم ….مجدرتش أكسب تعاطف حد منيهم كلهم…فجدوا ثقتهم بى لما كذبت وأجرمت فى حج نفسى وجولت أنى عجيم زى ما جالى ..مكنتش أعرف أن بيدى بدفعه لحرمة تانية ….هيديها ال مدهونيش…
_ صدجنى يا عمى طعم الحب مدجتهوش غير مع وليد وكمان الذل والكره…..مستغرب للكره …!، أيوة بجيت بكرهه ومبطجهوش…كل ما بشوفه بحس بالعجز…فيها أيه البندرية زيادة عنى …؟، ليه بيركض وراء جوية الأمر ال تمشيه على مزاجها …ليه المُغفل فى زمنا هو ال يضحى ويجول حاضر ونعم.!…..برغم كل ال عمله فى …. لكن لساتنى باجية ومطلبتش الطلاج منه…هخليه يساعدنى فى دراستى ال هستكملها ويحبنى ….وهعرف كيف أكسب جلبه لما أخرج بره الدوار ومخى يتنور …واليوم ال هيحبنى فيه هو اليوم ال هطلب الطلاج وأنا رافعة رأسى …مش حاسة طول العمر أنى معيوبة …هطلب الطلاج منه لما يشوفنى أحسن من السنيورة بتاعته …هندمه وأبكيه دمع عنيه..
عقب حمايا عبد المنعم بتفهم لحرقة قلبها وبهتان وجنتيها فى تشجيع لها على قرارها:_
_ لو عاوزة مساعدة هساعدك …ومش هسيبك غير وأنتى سيدة مجتمع ناجحة …دكتورة قد الدنيا …أى واحد يتمناها …بس أطلبى الطلاق يا كاملة ….أطلبيه وأنا هقف جنبك …أطلبيه دلوقتى قبل ما يجى يوم ويطلقك خاصة وأنتى شايفة الامور وصلت لأيه ….وعلاقته بيها بتكبر يوم عن يوم إزاى …ردى إعتبارك بنجاحك …بذكائك ….ال لازم تسخريه صح….متحطهوش فى مكايد من الخايبة ال جودة حكى لى عنها…لأنها مش هتعمل حاجة غير تنزلك من نظره وتزود الفجوة..عززى نفسك يا بنتى ..وأشترى كرامتك ……
أطبقت على عينيها بشدة لترخيهما بعد لحظات فى شرود،تلقى فيه قرارها:_
_ هطلج …وهكبر وهبجى حاجة …وساعتها هتجوز هاشم …وأحرج جلبه …!!
رد الخال بعدم إقتناع برأيها:_
_ لا …مش صح .ز.هاشم ده لعبى مش بتاع مسئوليات وبيت وجواز…متخليش الإنتقام يعميكى…لأن محدش هيتأذى غيرك يا بنتى….راجعى نفسك وشوفى دنيتك
قطع عليهم حديثهم مجىء جودة برفقة زوجته وكذلك حمدان يزفون بشرى سارة :_
_ أمى فاجت يا أبا …!
فلاش
” مال بوستاتك حزينة كده ليه …؟، الواد الغتت بتاع جامعة ضايقك تانى،قولى وأنا أدبحهولك ..!”
جٌملة أرسلها مهند إلى حساب رضوى الفسيبوكى وهو يتصفح حاسوبه بإنتباه لإيقاعها ،بينما يجلس شقيقه على السرير المجابه يطالع الشاشة المُضيئة بحماس ،فأجابت بعد لحظات قصيرة وهى تأخذ قضمة من لفائف الجٌبنة بنهم ،تقضى فيه على توترها ،كما انها لا تعرف سوى أن قلبها منذ لقائها بذلك الوسيم ينبض بشكل سريع للغاية كلما رات النُقطة الخضراء إلى جوار اسمه على هاتفها :_
_ لا أبدا مفيش …المهم أنت عامل أيه والمذاكرة ..؟
قال بإستنكار خبيث ،مٌعتدلا فى مجلسه ،يراقبه أخيه :_
_ أنا تمام ..إنما المذاكرة دى بقى فشكلها كده السنة دي كحك وبيتفور ههههه
ردت بقلق تفتح فيه فمها بإعتراض لتعلق بتلقائية:_
_ متقولش كده …الشر بره وبعيد …خليك متفائل…ده حتى ربنا بيقول أنا عند حسن ظن عبدى بى
أزاحه شقيقه من على المقعد ،ليترك له المجال بينما يحادثها هاشم مُضيقاً عينيه بلؤم:_
_ ونعم بالله …بس انا عاوز أشوفك ضرورى فى حاجات كتير مش فاهمها
تابعت بتوجس وإرتياب :_
_ مينفعش أشرحهالك واتس …؟
تصنع الحزن وهو يكتب لها بإنزعاج:_
_ ينفع…لكن أنا كنت عاوز أصارحك ..
إبتسمت بمرح وقد توردت وجنتيها لتسأل :_
_ بأيه…؟
أجاب بمكر يرفع فيه حاجبيه:_
_ لا لا …الحاجات دي متتقالش هنا ..خلينا فى المطعم ال قصاد الجامعة
أستفسرت بحيرة:_
_ مش معنى يعنى ..؟
علق بإرتياح :_
_ بتاع واحد صاحبى وكده…ومتسنيش تقولى له أنك بنت خالتى عشان شكلك قدامه ومحدش يبص لك بصة كده أو كده …..
تنهدت بضيق غاص فيه قلبها بين ضلوعها:_
_بلاش الموضوع ده …يا مهند ….الناس هتفهمنا غلط…وأنا كمان بصراحة مش متعودة أخرج مع شباب
كتب بإصرار يجبرها فيه:_
_ لو مجتيش ..هعتبر انك مبتثقيش فى ومبتحبنيش …وهيكون أخر كلام بينا سلام …!
أغلق حاسوبه وهو يصفق بحماس يسأله فيه مهند عن ما سيفعله بتلك الصغيرة البريئة الساذجة ليجيب:_
_ كده هى بلعت الطٌعم..هتروح لها وتقابلها ..وهوصى لكم على فنجانين قهوة ….واحد منهم فيه منوم….
قاطعه مهند بخوف:_
_لا يا عم ،مليش فى السكة دي متودناش فى داهية …
أوقفه بعزم وعناد هاشم:_
_ أفهم يا غبى ….هى لما هتدخل هتقدمك أنك ابن خالتها …ولما تنام هتشيلها تخرجها للعربية…بحجة أنها مرهقة شوية ودايخة…. هكون مستنيكم بره ….ونطلع على هنا وأجيب الملوخية تحت المخرطة بقى ..مش بعيد تصحى تلاقى نفسها حامل هههههههه…وساعتها هجيب أخوها ذليل تحت رجلى هنا يركع ..!
المشهد التالت
باك
ولجت إلى خارج المشفى إلى جوار وليد،نمشى بغير هُدى ولا مقصد مُحدد، تائه فى دنياه،واجم،حزين،مصدوم ،نسير فى طرقات المدينة المُوحلة ،تغسل الأمطار الكثيفة أوجاعه ،تتزايد خفقاته بإضطراب وتعب ،لا أدرى فيه ما يٌقال فى موقف عصيب كهذا ،عقدت ذراعى أمام صدرى وأنا أرتجف من البرودة،تصتك أسنانى فأنتبه لى ليخلع عنه مُعطفه الشتوى،يحيطنى به بحنان يضمنى فيه إلى صدره ، وكأنه يلتمس الثقة ،الأمان المعانى المفقودة فى دنياه ،وهو يشتم عطرى بنشوة قبل أن يقول:_
_ متبقيش زيهم فى يوم….متخلنيش أكرهك..أنا دلوقتى مليش غيرك يا إسراء
إرتسمت إبتسامة خفيفة على شفتاى المُرتعشتين وأنا أعانقه بشدة ،باكية فيها فوق كتفه بوهن:_
_ بحبك أوى يا وليد….ومش مُستعدة تحت أى بند أخسرك…أنا أهلك وأنا ناسك ودنيتك ..
أستكمل وهو يحتضن كفى برومانسية لنعاود السير مُجددا بشغف :_
_ وأنتى قوس قزح …ال بيجى بعد تراب وعفرة ومطرة وطين وبهدلة…أنتى الحاجة المٌبهجة ال فى حياتى
علقت بترقب وبحذر:_
_ وبابا يا وليد
نفخ بوجوم يزفر فيه:_
_ ما بلاش السيرة الغم دى …كنا ماشيين كويس
صمت لثوان قبل أن أستطرد :_
_ هو كمان أنضحك عليه …وأتغش سنين طويلة كان عايش بيتعئب ..مينفعش تصاعف ألمه…غلطته الوحيدة أنه مصارحش الخالة يامنة بجوازه من مامتك فى المرة الأولى …وده حق الزوجة الأولى حسب الشراع والقانون …يمكن كان خايف عليها وقتها لأن حالتها مكنتش تسمح…بس أنت عدت نفس التاريخ ..ومش بس أتجوزتنى من وراء مرأتك…أنت أصلا معرفتنيش أنك متجوز ..مسبتيليش حرية الإختيار من البداية …فلو هتاخد موقف من أهلك.فحط نفسك مكانى وأفتكر أسلوبك من كام شهر معايا كان أزاي ..؟، وخداعك فى بداية جوازنا
كان ينصت بإهتمام ينكس فيه رأسه خجلاً من ما فعله ويعيد ترتيب حسابته قبل أن أواصل:_
_ ال بقبله على نفسك لازم تقبله لغيرك…متبقاش شخصية متناقضة يا وليد….يمكن دلوقتى مش هتتقبل كلامى بس الزمن هيداوى جروحك…زى ما حصل معايا وعدت الأيام والشهور وحبيتك وأتعلقت بيك…لو مفيش تسامح كان زمان الكرة الأرضية دى أتنسفت ومعداش عليها سنة واحدة…لو كل واحد بيغل من التانى وبيشيل…!
أردف وهو يقوس ثغره بأسى وضيق:_
_ بس الكدبة ال أنا عشتها كانت لسنين ،كلت وشربت ونمت مع ال قتلت أمى ودبحتها …ضحيت علشانها ومكنش فيه تقدير …كل ال لاقيته غش وخداع
أخذت نفساً عميقاً مع كلمة “تضحية ” :_
_ طيب ما كاملة كمان ضحت عشانك…وبأغلى حاجة عند أى ست …الأمومة ومع ذلك أتجوزت عليها يا وليد..ومتقوليش مكنتش بحبها…..عشان ده مش مُبرر تخون حد أمنك على نفسه باسم الدين والقانون ….
همس بخُبث:_
_ بس أنا قلبى مدقش لغيرك …ومشفتش ستات حلوين زيك…عموما أحنا لسه فيها باقى شهر ونصف وتخلص المٌهلة وأطلقك ..!
شهقت بغضب ،أخبط فيه قدماى فى الأرض وأنا أرمى سترته صوبه بعصبية وإنفعال :_
_ وأنا أصلا مش عاوزة أكمل معاك ولا أشوف وشك من الساعة دي تانى …أنا رايحة لبي..
قضم جٌملتى بقٌبلة عميقة،رومانسية ،شغوفة ،حنونة ،وهو يجذبنى إليه وأنا أتلفت من حولنا وأغمز له لكوننا فى طريق عمومى وهو يصرخ بصوت عال ،يشدنى فيه من كفى لنركض سوياً تحت المطر:_
_ بحبببببببببببببببببببببببب
ضحكة،إندهاش،إعجاب نظرات منوعة كانت نصيبنا من المارة قبل أن يرن هاتفه ،ليخبره حمدان بإفاقة الحاجة يامنة…!