عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى

الفصل 49

أرائكم مهمة جدا

” لا …أنا مش مرتاح ….هنكسب أيه يعنى ..وبصراحة بقى كده ضميرى لسه بيأنبنى على ال عملناه فيها من كام شهر..عاوزنى كمان أخطفها…؟..!”

قال مٌهند جملته وهو يحرك يديه فى الهواء بإعتراض على أوامر هاشم الصارمة أثناء وقوفهما فى إحدى الحدائق العامة ،فمٌنذ تلك الواقعة المٌفجعة وقد تغيرت حياته للأسوا ،وصارت درجاته تعكس حالته النفسية وشروده ورسوبه الدائم ،يعنفه ضميره على ما أقترفه من إثم بتلك الفتاة ،أخذ هاشم نفساً عميقاً عقب إغلاقه الخط مع كاملة ، مٌضيقاً مٌقلتيه المٌظلمتين الداكمتين قبل أن يتابع :_
_ ما أنا قولت لك دي الخطة “ب” البديلة ،لو “أ” فشلت

استفسر مٌهند بعدم فهم مٌقطباً حاجبيه :_
_ وهو لسه فى كمان “أ”..!!، ودي بقى مٌصيبة جديدة وهتدبسني فيها…؟….أه وساعة لما تتقفش تلبسني فى كل البلاوى والتٌهم بتاعتك صح…

ثم أضاف بعصبية :_
_ لا يا عم أنسى …مبادئى متسمحليش أستقوى على بنت …هى كانت مرة وبحححح

علق بتوضيح أكبر وهو يلتفت إليه بحزم :_
_ ال بيضحى بمبادئه مرة بيضحى ألف…..وأنت ليك دراع مش هيتلوي هيتكسر وهتزوره فى تربته…وهطلع منها أنا زي الشعرة من العجين….وهتتقيد ضد مجهول …ده طبعاً بعد ما الطب الشرعى يثبت أن أبوك أنتحر…!

مط مهٌند شفتيه بأسى وحيرة ،لا يريد أن يمس منها ولو شعرة واحدة يكفى معاملتها وإستحقارها له فى الجامعة ،وما يزيد الامر سوءاً الضغط الذي يمارسه هاشم عليه فأردف بقلة حيلة:_
_ مش هقول غير حسبي الله ونعم الوكيل فيك ….أنت أيه يا أخى لا ضمير ولا دين ولا أخلاق ولا إنسانية …!، أستغاثت بيك هى و كاملة بدل المرة مليون عشان تكتب على البنت وتٌسترها ..ورفضت ودلوقتى عاوز تخطفها

عقب هاشم بنبرة جادة ونيران الإنتقام مٌضرمة بقبله :_
_ هي بنسبة لي مش زوجة ..ولا يٌمكن فى يوم أتجوز بواقى واحدة….مش أكتر من كارت ضغط عشان يطلق كاملة ..ويديها حريتها

هتف بإنفعال وهو يقبض بكفه على ياقة قميص هاشم:_
_ بواقي أيه يا مٌنحط دي مرأتك على الأقل قدام ربنا

قال هاشم بإستفزاز:_
_ أثبت …لا شرع ولا قانون مٌعترفين بحقوقها مش معقول هتبقى بتفهم عنهم

أجاب مٌهند شاعراً بالأسف لما يفعله أخيه:_
_ حتى لو كانت العقود العرفية دي فنكوش ومش موجودة أصلا…بس هي مرأتك طالما أستحلتها وهي فى غير وعيها…يبقى هى مش شمال ..وأنت ال *** لأنك عارف أنها شريفة وأنك أول حد يلمسها …..الجواز مش ورقتين وزيطة وهيصة …الجواز أطفال وبيت ومسئولية مش مجرد ساعتين بتقضيهم طالما نتج عن غلطتك دي أطفال ….ذنبه أيه الولد يعيش يتيم…؟

نفخ بإستياء من مٌحاضرة القيم الحميدة قبل أن يعلق:_
_ ما يعيش زي ما أنا عشت وأشتغلت من إبتدائى وأتمرمطت…..بعد ما أمي ما صدقت وأتجوزت بعد وفاة والدي أبوك……وسابتني أعيش اليُتم فى وجودها والإحتياج المادي والمعنوي …خليه يشق طريقه ويعتمد على نفسه من أول لحظة …أنا مش دايم له…خليه يعرف أن مفيش قرايب ومفيش حد هيسنده غير نفسه…خليه يعيش الحياة على طبيعتها ويعافر ويبقى أقوى …أنت أهو نقطة ضعفك أبوك…أنا مش عاوز يبقى له نقط ضعف نهائى حتى لو كنت أنا …عاوزنى اديه حنان وأنا أتحرمت منه…فاقد الشيء لا يعطيه

رد عليه بشفقة ممزوجة بلوم:_
_ لا بيعطيه…وبيبقى أكثر حد قادر أنه يدي…لأنه أكتر حد عارف مرارة الحرمان ….جرب متعة العطاء ال أتحرمت منها سنين يا هاشم…..هتنبسط أوي …متخلهوش يشرب من نفس الكأس ال أنت شربته..أنت عاوزه ميحبكش …بس مش هتقدر تمنعه أنه ميكرهكش …..الشر مبيقتلش غير صاحبه يا هاشم ..راجع حساباتك ونفسك قبل فوات الأوان

سكون دام للحظات قبل أن يطلق تنهيدة عميقة :_
_ تعرف حبيت كاملة ليه…؟..عشان حنينة صبرت على وليد غم أنه دبحها دايماً تهتم بأكله وشربه وتبعت له حاجات قد كده وتسألنى ..كل لما أروح لهم بيقضى يومه إزاي فرحان متضايق ،مخنوق …حسيت أنها أم تفاصيل كتير بجد أثبتت لى قد هى ست عظيمة أوي

قطع عليهم حديثهم تعالى الهاتف بالرنين ،ليجيب هاشم بنشوة :_
_ مستنيك من زمان على فكرة ..!

كز زوجي على أسنانه لبرودة صديقه الخائن قبل أن يضيف:_
_ من غير لت وعجن كتير ،طلباتك أيه..؟

قال وهو ينفث دخان سيجارته للأعلى:_
_ لا لا أنا عاوزك تبقى رويح كده يا أبو نسب ..وتطول بالك ”

كمش زوجي وجهه بإشمئزاز مقائلاً:_
_ مش هرد على سخافتك دي…هتدخل دغرى ولا أقفل السكة..!”

نفى وهو يزيل علامات الإستفهام:_
_ واحدة قصاد واحدة تطلق كاملة …ساعتها هتجوز رضوى رسمي قدام كل الناس ”

رفع حاجبيه بإستنكار:_
_ وأنت هتستفيد أيه يعنى..؟،وأيه ال يضمن لى أنك هتتجوزها ”

سحب نفساً عميقاً من سيجارته مٌستطرداً:_
_ مفيش ضمانات أقدر أقدمهالك …لكن أنا واثق أنك هتسمع كلامي وتنفذه بالحرف الواحد”

أستفسر وليد مٌتظاهراً بعدم الفهم إلى ما يقصد له هاشم:_
_ مش فاهم ….جايب الثقة دي كلها منين ..؟

رد هاشم بإعجاب بنفسه:_
_ عيب عليك أنت دكتور وتفهمها وهى طايرة ..الجنين ال فى بطن أختك أكبر ضمان…ولا أنت قدامك حل تاني..؟

أجاب زوجى بخبث :_
_ والله كل مشكلة وليها 1000 حل بس ال يدور..وأنا شايف أننا نسقط الجنين ..أصل أنا مش عبيط هشتري سمك فى مياه ….مصلحتك أيه كاملة تتطلق …؟ هتتجوزها صح …؟ وتحلق لأختى

أستكمل هاشم وقد عقد العزم على تنفيذ الخطة”ب” بخطف شقيقته الصغرى رضوى ،ليقول قبل إغلاق الخط:_
_ كل واحد ينام على الجنب ال يريحه ….سلام

ما أن أغلق معه الخط حتى لمحنى وليد أهرول إليه بفزع لتدهور حالة درتى وصراخها فى الشارع بشكل هستيرى،وأخبرته زيفاً كما أتفقنا سويا ….. أنها دفعتنى بكل قوتها وهى تسبني وتلعنني وتعنتنى ب”خطافة الرجالة ،أنتى ال خدتيه مني يا ساجطة يا جليلة الرباية ” ،وكأنه دٌمية صغيرة بلا إرادة وعزم ،نزل كلينا إلى الاسفل أمام المبنى ،ولا زالت تأن وتنتحب حسب الإتفاق

“فلاش”

كاملة بحزن وبحة صوت:_
_ محبنيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييش..!

أنا بحنان :_
_ وليد مش أخر الكون يا كاملة …..بنبسة لك مجرد نهاية لحياة فاشلة وبداية لحياة جديدة… مش هتيجي طول ما أنتى بتبكى على الأطلال ..انسيه بس قبلها لازم تبقى قوية ومتبينيش ضعفك…الإنطباعات الأخيرة فى أى علاقة هي ال بتدوم

كاملة بألم:_
_ حبيته ووهبته كل شيء ….وضحى بى بسهولة ومش بس أجده..لا هانى وبهدلنى جدامكم كلكم

أنا بمنطقية وحكمة:_
_ عشان كده واجب عليكي تضحي بيه…هو كده كده هيطلقك …فاتخلى عنه بمزاجك أحسن وأنتى ال رفضاه بدل ما يجرحك جرح مش هتنسيه العمر كله

كاملة بإستنتاج:_
_ وأنتى أيه مصلحتك نطلج ولا نبجى…ولا رايده لأجل يخلى لكم الجو

صعقت لردها الصادم قبل أن أوضح بجدية كبرى:_
_ لا جو ولا بحر..أنا حبيت وليد يمكن أكثر منك…بس أنا كمان هطلق باقى شهر ونصف….وهسيبه …لأنه نزل من نظرى بعد ما قالك مجرد خدامة بعقد شرعي..حسيت انه شايفنى كده…وليد كان أنانى معاكى فى ال 4 سنين ال قضاهم…وكان أنانى معايا لما أتجوزني من غير ما يسيب لى حرية الإختيار ….وقبلت تصرفات بشعة كتير من ساعة ما عرفته لكن ال مقبلوش التقليل مني …النهاردة بيقل منك رغم كل تضحياتك..بكرة هيعمل أيه معايا …؟

عقبت بود ومحبة:_
_لاه…لأجل ال فى بطنك متعذبهوش وياك عاد..على الاجل شيلتى أنا خفافى

علقت بتلقائية وبساطة:_
_ أنا أصلا مش حامل…!..هقولك على خطة ننفذها سوى وبيها هتطلقى وأنا هحصلك كمان شهر ونصف

صدمة ،مفاجأة ،فرحة ورد فعل غير متوقع بعد أن عاد الأمل مٌتسللا إليها…!

باك

لأمطار تغسل عبرات كاملة الساخنة ،حتى دنا منها وليد بحذر ،نهضت فيه وهى تمسح دموعها بطرف ثوبها ،لترسم إبتسامة إمراة قوية تنهار دواخلها:_
_ بعد عني يا وليد …وهملنى لحالى…منيش عايزة شفجتك ولا الكلمتين المعسولين ال جاي تتضحك على عجلى بيهم

أغمض عينيه بشدة يمتص فيها أضطراب مشاعره ،ليركز على ركبتيه مواسياً:_
_ دي مش شفقة يا كاملة أنتى مرأت….

قاطعته بعصبية وغضب وحرقة:_
_ متجولش مرتك..أنت أخترت ..وهى كان ليها الأحجية عني …وانا جابلة عارف ليه…؟..لأنك بنسبة لى فصل الخريف…ال بيوجع كل الورج…والورج ده كان عمري وشبابي…وأنا أملى فى الله كبير…وهستنى الشتاء والربيع..تعويض ربنا عن كل العذاب ال دوجته معاك

واصل حديثه وهو يتنهد:_
_ يا بنت الناس متغلبنيش معاكى…الخلق بيتفرجوا علينا فى الشارع …قومى طيب هروحك ترتاحى ولما تهدي أديني قرارك

وافقت بإستسلام لم نتفق عليه، وأثارت فيه غضبي:_
_ الدوخة مسكتنى …منيش جادرة أجوم

حاول أن يسندها لكنها لكزته بعنف:_
_ متلمسنيش..!!..أسبجنى على السيارة

دخل كلاهما إلى السيارة الرياضية وهو يقول لى ببرود:_
_ خليكى مع ماما يا إسراء ،مفيش غيرك هيفهم لغة الإشارة وخصوصا أنك واخدة كورسات فى التخاطب….شوفيها لو هتحتاج حاجة وأنا ساعة بكبيره أوصلها وجاي…!

 

error: