عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى

الفصل 54

ارائكم مهمة جدا ?

في الدوار

تشبث وليد بماكينة حلاقة بين أنامله بشكل جيد وهو يهذب شعري بغل وغضب وبإنفعال ،فلم يتبقى لي ولو شعرة واحدة ،بحسرة وألم أراقب تطاير الخٌصلات على الأرض ،وتحولهم لمجرد قصاصات ،أغتال بها أنوثتي وكذلك قصة حبي له ،وأنا أأن وأنتحب محاولة الإنخفاض لإلتقاطهم بلا جدوى،وقد تحولت مقلتاي لكرتين من النار ،يشاهد الجميع في حالة من الصدمة ما يفعله زوجي الطائش المتهور ، حتى دنا أخيراً الحاج عبد المنعم صوبنا بخطوات مترددة ،خائفة من رد فعل ابنه الذي هتف بتهديد:_

_ ال هيقرب مني هقتلها ….هقتلها سامعين ..؟

رفع والده كفه في الهواء وهو يوضح بمنطقية وحكمة:_

_ خدعة..مجرد فخ وأتنصب لك متبقاش غبي وتقع فيه

تدخل جودة بلوم وضيق من ما يفعله شقيقه بلا إستحياء أمام الجميع ليضيف :_

_ ال يمد أيده على واحدة ست يبجى مرة يا ولد أبوي هملها لحالها

تنهد حمدان بإنزعاج وهو يعقب:_

_لأمور دي مبتتحلش بالضرب والأساليب دي …ملكش حق تعنفها حتى لو فرضاً يعني خانتك…ال بيجمعكم عقد ….يعنى حتة ورقة سهل جدا تتفسخ في يوم…لكن ال مينفعش يتهدم هو الإحترام بينكم النهايات يا وليد مهمة جدا

ضيق عينيه بجذع ووجوم وهو يصيح:_

ال بينا مكنش مجرد عقد …كانت حاجات كتير صعب تفهموها….إسراء بنسبة لي كانت وحطوا تحت كانت دي 100 خط…أم وصديقة وزوجة ..تفاصيل كتير معشتهاش وأتحرمت منها….كنت بحمد ربنا كل يوم أنها في دنيتي خاصة بعد المحنة ال مريت بيها…بعد الكدبة الكبيرة ال عشت فيها سنين طويلة،مغفل ،مجرد عيل متبنينه من باب الشفقة ..واحد مغفل .. ..مكنتش متخيل أنها شيفاني زيكم…مجرد حيطة ملهاش لازمة …كنبة في بيت مهجور ….لاعب على دكة الإحتياطي

الكبيرة ال عشت فيها سنين طويلة،مغفل ،مجرد عيل متبنينه من باب الشفقة ..واحد مغفل ..مكنتش متخيل أنها شيفاني زيكم…مجرد حيطة ملهاش لازمة …كنبة في بيت مهجور ….لاعب على دكة الإحتياطي

تسارعت دقات قلب رضوى الرقيقة وهى تجر عصاها الخشبية المتكاة عليها وهي تقول:_

_ عشان خاطري يا وليد متمرتش نفسها وتكسرها..أنا واثقة أن إسراء معملتش حاجة ..ودي مجرد تهم كيدية…هاشم ما صدق أنك سألته عشان يقوم الدنيا حريقة

أضاف بإستنكار وكأنه يرفض كوني بريئة لخزعبلات في رأسه:_

_والصور بتكدب…؟ التحاليل..؟ الجنين ال في بطنها ده من مين ..؟ كل دي أدلة بتكدب …؟

أخذ حماي نفساً عميقاً وهو يؤكد ويدافع عني:_

_عيد التحاليل تاني يا وليد…أنت دكتور وعارف …نسبة الخطأ واردة قد أيه في شغلنا ..مش هتخسر حاجة

هبطت كاملة الدرج بمرح ووجهها متهلل لرؤيتي في ذلك الوضع المشين بعد أن أنهت هاتفها وهي تقول بنشوة:_

_ والله لو عادها بدل المرة ألف…لتكون نفس النتيجة….ده عدل ربنا …ال مبينساش عبيده

لكزتها نوارة بنقابها وهي تغمز لها :_

_ وواه..أنطخيتي في عجلك إياك…الدنيا مش ناجصة شعللة وشماتة ..خليكي محضر خير

قوس حمدان شفتيه وهو يستفهم بحيرة:_

_ مش فاهم أنت إزاي مصدق هاشم مش ده ال كان بيوقع بينك وبين إسراء قبل كده ….؟، وبعدين مراتك من يوم ما جيت بيها هنا مخرجتش غير مرة واحدة راحت لأهلها تتطمن عليهم ،حتى اليوم ده كان صدة ردة متأخرتش

أجاب وليد بثقة وسرعة ،تند منه إبتسامة مريرة حزينة:_

_ خافت طبعاً لأكشفها….راحت بحجة أبوها ال عيان ورجعت لي مبوزة ..كان نفسها تقضي اليوم كامل مع المحروس ..مكنتش تعرف أن ساعة الأنس هيجي منها عيل…ولا لو كت عارفة تلاقيها قالت هلزقه للمغفل …للطخ ال متجوزاه ….بس ربنا كشفها

أتسعت حدقتي عيني وأنا أنتفض وأثور حتى إستطعت الفكاك منه ونزع كفه من على فمي ،وأنا أبتعد عنه بشكل مفاجأ صارخة بإنهيار وحدة:_

أنت بني أدم همجي وقليل الأدب ….معدوم الرباية من أصله ..أنت فاكرني رخيصة …ولا نشأت في بيت معقد زيك…رغم أن أهلى ناس بساط لكن عمر أبويا أتجرأ وشتم أمي قدامنا وقل قيمتها زي ما أنت بتعمل قدام أهلك دلوقتي…عمره ما هزقها قدام أهله ولا سمح لحد يدوس لها على طرف..لما بيزعلوا مكنتش بتروح بيت أهلها عشان الموضوع ميكبرش،كانت بتاخد مخدتها وتنام معانا في أوضتنا….ودموعها على خدها..كانوا بيحافظوا على أسرار بيتهم

ثم أضفت وأنا ألملم شعيراتي من على الأرض ببكاء هستيري لألقيهم في وجهه:_

إنما أنت عملت أيه من مجرد الشك صدقت،عشان جواك عاوز يصدق….طول الوقت بتفكر في طلاق كاملة وظلمك ليها ربنا هيخلصه منك إزاي..مع أن ربنا رحيم أوي ومستحيل يأخدني مهما حصل بذنبك ..ولا تزر وازرة وزر أخرى يا دكتور يا مثقف ….كل ال عملته وضربتني وقصيت شعري…..وحياة كل خصلة يا وليد دبحت بيها أنوثتي ومرت بوزي في الأرض ما هسامحك

أوليتهم ظهري وأنا استعد للخروج من ساحة القتال ،والألم يعتصر قلبي ،لحصادي الشوك برغم باقات الورود التي حاولت أن أزرعها في قلبه وفى علاقاته مع محيطه ،حتى مع كاملة تلك الخائنة ،التي طعنتني في ظهري ،لنت تخرج تلك الفعلة الشنيعة عنها ،أمسك عمي بيدي وهو يستفسر:_

_ رايحة فين يا بنتي أستهدي بالله

ألتفت له بوهن وحزم وقسوة تقفز من عيناي:_

_ أنا بنت ناس يا عمي مش جاية من الشارع.عيلتي أولى بي…هسافر لهم…ومش عاوزة أشوف وش ابنك تاني لغاية ورقتي ما توصلني

إنتبه لنفسه زوجي وهو يعقب بجدية:_

ومين قالك أني هسمح لك تسافري في الوقت المتأخر ده ..؟

قبل أن أنطق بحرف واحد ،أحتضنني عمي بحنان وهو يصطحبني للخروج معه قائلاً:_

خلاص سيبها على راحتها يا ابني ،وأنا هوصلها

وسط تلك الأجواء الملتهبة جلست يامنة على كرسيها ، قليلة الحيلة،لا تملك عينيها سوى البكاء ،تصدر همهمات غريبة ،وكأنها تود أن تنطق وأن تخبر وليد بشيء غير قادرة، دفعت كرسيها ذو العجل المتحرك صوب زوجي،لكن كاملة أعترضت طريقها ،فزاد صوتها:_

_أممممممممممممممم

ضيقت كاملة حاجبيها بمكر وخبث وهي تطالعها:_

_ أشبيك يا خالة بدك مي ولا حاجة سجعة ترطب على جلبك..؟،روحي جيبي مي يا رضوى

صعد وليد للأعلى وذهبت رضوى للمطبخ بينما حمدان يتحدث عبر الهاتف مع عشيقته ،حتى أحاطت كاملة بأناملها على وجه الخالة بنعومة ماكرة وهي تقول بنظرات شريرة:_

_ خلص ريحي حالك،الفأس وجعت في الرأس،كلامك لا هيودي ولا يجيب …المرة دي إسراء يا عالم المرة الجاية الدور على بتك ولا عليكي ..خافي على نفسك يا خالة

تابعت الخالة بحدة أكبر وهي تود أن تصرخ:_

_ أممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم

عادت رضوى بكوب الماء ،لتنفخ درتي بإستياء وهي تطالع حمدان بعد أن أنهى مكالمة هاتفية لتقول له:_

_متزوميش أكده….ال في رأس ولدك هيسويه لو أنطبجت السما على الأرض …ريحي حالك وسيبي العدالة تأخد مجراها شوي ،يلا بينا يا حمدان خلينا نلحج الجطر

المشهد الثاني

فى شقة هاشم

أبلغ الجيران المباحث بما حدث عند سماعهم دوي النار ،ليأتى فريق البحث الجنائى برفقة ظابط المباحث لجمع الأدلة والمعلومات وعرضها على النيابة، تتلطخ الأرائك بالدماء،تبدو الفوضى سيدة المكان ،تتسع عينا الضحايا بشكل يثير الرعب في النفوس ،وضع الظابط ملاءة بيضاء على كلاهما لتخفيف حدة المنظر ،ينتشر أعضاء الفريق في كل مكان بتركيز ودقة ،حتى وصل وكيل النيابة ليوضح له الظابط ما توصلوا له:

_ كل ال لاقيناه بطاقتهم الشخصية ،ومحل إقامتهم،مرجح يكونوا زمايل سكن ، وواخدين شقة عذاب ،عزل منها المجني عليه هاشم عبد الحي من فترة بسيطة ،ال مقر عمله في شركة البترول p_i ، وبسؤالهم عنه تبين أنه منقطع عن العمل بقاله يومين ،أما المجني عليه مهند فهو طالب مقيد بالفرقة الرابعة كلية التجارة وأنهى امتحاناته من فترة قريبة

قوس وكيل النيابة شفتيه بتفكير عميق:_

_ مممم جريمة قتل غامضة ،وطبيعة علاقة مبهمة ،هتصعب من مهمتنا شوية،وبنسبة للادلة مفيش أي دليل ممكن يطلعنا على الدوفاع نقدر نقول حالة سكر مثلا…؟

أجاب الظابط بنفي ومنطقية:_

_ لا معتقدش…فيهم واحد لابس خروج وفي أيده مسدس يعني كان جاي من بره وناوي على الغدر..والتاني كل ال عمله دفاع عن النفس ..بالإضافة أن المتهم الثاني مفيش أي أثار لتناول أي خمور عليه لا رائحة فم ولا جسد ..أعتقد الطب الشرعي ممكن يساعدنا نحدد بشكل دقيق

أستكمل وكيل النيابة:_

_ على العموم مش هنسبق الاحداث أنا عاوز كل الحاجات ال هنا تتحرز لغاية ما تروح الجثث المشرحة ونشوف تقرير الطبيب الشرعي ، بس لغاية ده ما يحصل أنا عاوز كل حاجة معاهم تتحرز ….حتى تلفوناتهم

أومأ له ظابط المباحث بخضوع:_

_ تمام يا فندم

أستطرد وكيل النيابة وهو يحاصر بين أنامله سيجارة بنية وبيده الأخرىعود الكبريت:_

_ عاوزك توسع دايرة البحث شوية تسأل الجيران هنا وفى الشقة ال كانوا واخدينها..جايز نقدر نحدد طبيعة العلاقة ومنها نحط إفتراضات لدوافع القتل

ظابط المباحث:_

_ تمام يا فندم ظرف يومين كل حاجة هتكون عند حضرتك

قطع حديثهم تعالي رنين هاتف هاشم ليضغط زر الرفض وكيل النيابة وهويعبث بقوائم الإتصال الأخيرة قائلا بأمل ورجاء:_

_ كاملة علام السويفي كده وصلنا لأول طرف للخيط ..!

المشهد التالت :_

ساعات ثقيلة مرت على الدوار الصعيدي ،بعد أن رحلت برفقة عمي غاضبة إلى منزل أهلى لأبث لهم إستبداد زوجي بي،ورغبتي في الطلاق العارمة ، لكنني فوجئت بهم حينما دخلت جالسين مع ياسين وعائلته ليضعوا المعاد النهائي للفرح ،فلم أشأ أن أعكر صفو أجواء الفرح والزغاريد ،كما ساعدني عمي على تلفيق كذبة جديدة بكوني أشعر بإكتئاب الحمل ورغبتي في تغيير المكان ،وكذلك شعوري بالإشتياق لهم،وإنشغال وليد في عمله ،صعد وليد لغرفته وهويجمع حاجته إستعداد للسفر ،حتى دخلت رضوى برفقة جودة وكذلك والدتهم على كرسيها المتحرك بتوتر وقلق ليستجدوه لللبقاء قليلاً:_

_ متقوليش أنك هتسافر وتسيبني في حالتي دي

علق بقسوة ،وعيون شاردة_

_ معاكى اخواتك جودة ،وحمدان وجودي في حياتكم مبقالهوش لازمة خلاص …أنا مجرد أستبن في حياة كل ال أعرفهم

تنهد جودة بإعتراض مازح:_

_حديتك بجى ماسخ جوي وملوش عازة ،روج أكده ومصيرها تتدبر

رمق وليد يامنة التي لم تنم الليل ،شعورها بالذنب يكاد أن يقتلها ،منحها نظرة إحتقار قبل أن يقول:_

_ بتعيطي ليه أنتي كمان ..؟، عاوزاني أفضل لحد أمتى…؟، أنتي السبب في كل ال حصل..كرهتيني في جنس الحريم كله..يوم ما جوزتيني غصب عني وقبلت عشان أرضيكي..دبستيني مرتين ومقولتش لا…وفى الأخر أخدت أكبر مقلب فيكي ….مثال عظيم للغش والخداع….خلتيني بشك في صوابعي بعد ال عملتيه معايا مش قادر أحط ثقتي في حد..حاسس أن كله بيكذب…مش قادر أثق فيكي ولا فيها ولا في حد..كلكم كدابين وخونة…جنس نمرود ..يستاهل الدبح

لم تنبس ببنت شفة سوى ، بينما جسدها كله ينطق بلغة لن يفهمها زوجي أبدا:_

_ أمممممممممممممم

لامته رضوى بلين:_

_ متعبهاش بالله عليك،أجل العتاب لما تخف ..متبقاش رأسك ناشفة

جمع حاجيته وهو يعقب بحزم:_

_ لا بعدين ولا دلوقت..أنا مسافر هشوف عيادتي ودنيتي وشغلي ..مش هقعد حاطط أيدي على خدي

كاد جودة أن يقسم لكن شيئاً ما بتر قسمه_

_ يمين تلاتة….

وهو إتصال وكيل النيابة بزوجي وسؤاله :_

_ أنت وليد عبد المنعم …؟

عقد ما بين حاجبيه بحيرة لا يدري من هذا:_

_ مع حضرتك يا فندم

أضاف وكيل النيابة بلهجة آمرة:_

_ عاوزك تشرفني في قسم الدقي بكرة الساعة 1 بخصوص قضية قتل هاشم السيد

شهق بفزع:_

_قتل…؟، وأنا علاقتي أيه بيها…؟

تابع كيل النيابة وهو يزيل علامات الإستفهام:_

_ المجني عليه في أخر مكالمة كان مسجلها على تلفونه كانت مع كاملة علام وفى كلامهم تردد اسمك كتير،حوالنا نوصل لكاملة لكن تلفونها مغلق،كسرت الخط أكيد،فكنا عاوزين سيادتك تشرفنا وهناخد أقوالك بخصوص بعض الإستفهامات ….!!

 

error: