عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى

 

الفصل 33

أرائكم مهمة جدا

_دلف وليد إلى الداخل ليستقر على مقعده الوثير المجابه للفراش يلقى السلام على أختى وكأنه يحرجها بالذوق لتترك الغرفة ،رحبت به بإستئذان لتترك لنا الأجواء الملتهبة بالحب والرومانسية أو كما ظنت هى كذلك بنسبة لعروسين فى شهر العسل ،تغمز لى عينيها المرتجفتين تحذراننى من إخباره لتغلق الباب بهدوء ،لمحت فيه أحدهم يسحبها من ذراعها ،هممت صوب المخرج بفزع لكن وليد جذبنى من ذراعى بحنان يسألنى فيه :_
_ أيه ..أختك وحشاكى للدرجة دى ،وأنا عريسك مليش أى اعتبار ولا لهفة..؟

_لويت فمى بإستهجان متذكرة مداعبته السمجة لكاملة منذ سويعات قليلة،وأنا أزفر بإستياء لا أعلم سره فحت هذه اللحظة لم أستطع أن أحبه لغموضه ،لا أدرى على أى شيء أحبه هل على لوعه أم على ماله ونحن نحيا فى غرفة ببيت كبير مشترك ،أم على شخصيته القوية …!!، قوية لحد حكمت فيه أمه علينا بالبقاء لتختبر العروس الجديد ومهارتها فى التنضيف و الطبيخ وغيرها من الأعمال الروتينية ،ولربما كان المعنى الأعمق إلى أن” تطفشنى وتزهقنى وأسيب بنفسى ابنها وتبقى جت منى ،ومخسرتهوش ” ،هزنى برفق فأردفت وأنا ألكزه بغيظ راعفة الغطاء على وجهى لأعاود النوم :_
_ أنا جوزك حبيبك روح قلبك ،الصدر الحنين قاهر قلوب العذارى يا حرام ،أبقى روح لها بقى خليها تنفعك

ضحك ضحكة طويلة برزت فيها غمازته الرقيقة الفاتنة التى كدت ان أذوب فيها وهو يزيح اللحاف :_
_ بغيظك يا عبيطة ،بختبرك وكالعادة وقعتى وطبتى بالقوى كمان

أعتدلت على الفراش أرسم بسمة باهته وأنا أخذ نفسا عميقا قبل أن أقول :_
_ يا ابنى متحاولش تقنع نفسك بس أنى ميتة فى دباديبك ،أوعى تفكر أنى ضربتها عشان غيرانة والجو الفاكس ده ….

قاطعنى بجدية وهو يرفع حاجبيه مستنكرا:_
_ فاكس ..!،أيه الألفاظ البيئة دى …يا بنتى أرتقى شوية

كززت على أسنانى بغضب ،لتعديله على طريقتى وأنا فى الأصل منزعجة للهجة الغريبة التى يتحدث بها هو وعائلته بأى إجتماع عائلى:_
_ والنبى تسكت خالص يا بتاع بجولك ،وجلبى ويا به …

_ دام السكون للحظات قليلة قبل أن يضيف بحكمة :_
_ اللهجة عمرها ما قللت من حد أبدا ،دى ثقافة ،هوية ،وال ينكر ويستعر من أصله يبقى لا مؤاخذة واحد معندهوش كرامة ولا إنتماء يا إسراء،وبعدين أنتى مكابرة انك تعترفى أنك حبتينى وغيرتى ،مش مهم أنا عارف …

ضيقت عينى بخبث متذكرة حادثة المصيف فى أيامنا الأولى ،ألوذ بها لأثبت صحة كلامى :_
_ يبقى انا على كده مارلين مونرو ،فاكر لما زعقت لى لما كنت طالعة من البحر وضربتنى بهمجية ،حب ده يا متعلم يا بتاع المدراس ولا عدم ثقة ،ثم أضفت بإستفزاز ولا يكونش نقص…؟

وضع الوسادة القطنية خلفه والإبتسامة تزين محياه ليقول بغزل أثار إعجابى :_
_ أحنا صعايدة مبنستحملش،شمسنا حامية وعرقنا حاكى وطبعنا حامى ،واللى تخلى الصعيدى يحبها يبقى يا غلبها عارفة ليه …؟

أطلت نظرات الإعجاب والإنبهار من حدقتى وأنا أستفسر بحماس شابكة ذراعى بذراع لألقى برأسى على كتفه بدلال:_
_ليه يا ليدو …؟

فواصل وهو يربت على كفى بحنان وبصره سارح فى الفضاء :_
_ أصلنا ناس على قد الطيبة كلنا هيبة والنسوان فى بلدنا جواهر ،طب لو عندك حتة ماس حتخليها مداس للناس ولا حتقفلى عليها أوضة بمية ترباس ..؟، يبقى لا أنا جاهل ولا غافل كل الفرق ما بينى وبينك أنى صعيدى
صفقت بنشوة لأطبع قبلة سريعة على وجنتيه بتلقائية لشدة إندهاشى للكلمات المعسولة والمعبرة:_
_ يا حبيبى يا ليدوووووو حلو ..حلو أوى ،الله عليك

رفع لى عيون كالصقر وهو يقول بتباهى وإعجاب:_
_ ده مش كلامى ،ده كلام الشاعر هشام الجخ أحنا صعايدة بس متنورين ونفهموا فى الفن وفى العلم من عندنا طه حسين ونوابغ كتير ،العبرة بالأخلاق والتربية والتدين يا إسراء مش بالمكان ولا المحافظة عمرهم ما كانوا أبدا عقبة ..

_ أغمضت عينى أشعر بالحرج فالإنطباعات المصدرة عبر منافذ الإعلام سيئة للغاية ،فحتى اللهجة الصعيدية فى مناطق ومناطق لا يحتفظ بها سوى الجدود وأماكن بعينها ،كما أنهم يلتحقون بكليات تعليم عالى كزوجى وأخوته ،فالصعيدى ليس برجل رجعى و لا لعوب ولا يتصف بالغباء ،فمن عندهم خرج عميد الأدب العربى ليحدد للكتاب وأعمدة الثقافة ومنارات التنوير ما يقال ولا يقال :_
_ معاك حق ،بس …بعيدا عن الصعيد أنت غشتنى أتجوزتنى وأنت متجوز مسبتليش حرية الإختيار …

تنهد بضيق ليدوم الصمت لثوان قبل أن يكتم إعتراضى بعدة قبلات خفيفة دفعته فى منتصفها ،لا لن أسمح لنشوة اللحظة أن تختطفنى ،لن أربط نفسى به فأرفت بشفتين مرتعشتين وأنا أهم بالنهوض عاقدة ذراعى أمام صدرى برفض:_
_ لا ،لو عاوزنى أسامحك طلق كاملة
قبل أن يعطينى أى رد دفعت بعكازها الباب بعنف ،وهى تصيح بإنفعال لتحريضى له عليها ،لتتسع حدقتى كل منا لكسرها أبسط قواعد الذوق وإن كانت الغيرة لعمياء حقا كما يقولون ،لتضيف بحدة:_
_ يطلج مين يا بنت المركوب “الجزمة” أنتى ،أتجننتى ولا عجلك “عقلك ” ساح هااا..!

نفخ وليد بإنزعاج وهو يأمرها بالخروج :_
_ ميصحش كده ،قلة الأدب ال بتعمليها دى تتهجمى على راجل ومرأته أطلعى بره

صعدت على السرير بإصرار والألم يعتصر قدميها بعناد وهى تلكزه بعصاها :_
_ يعنى هى مرأتك يا مزغود وأنا بنت الخدامة وسع جده،عالم معندهاش حيا

جلست بيننا بخفة وكلانا فى حالة من الصدمة ،المكان لم يسعها وأنا أفرد يدى وأبسطهما بغل متابعة “يارب صبرنى”، لتكلزنى بعصاها قائلة:_
_ إنزاحى أجده ،خلى الجعدة”القعدة ” تحلو ،ها بجى “بقى” كنتوا بتجولوا أيه عليا .!!

_أما فى المطبخ بالدور الأرضى ،تبكى هند وركبتيها ترتعشان يحاصرها حمدان بتهديداته ،بعد أن لمحت نوراة معه تجذبه لطريق خاطىء، برغم رفضه وتمنعه عليها يخشى على أخيه وشرفه فلم يرد أن يدنسه ،أغلق الباب جيدا عليهما بالمفتاح ،ليشدها بقسوة من شعرها متأوهة بجذع ومرارة ،ليتابع بثبات كبير وحدة :_
_ مش هتجوليلي أيه ال جولتيه لأختك عاد…؟

أجابت بوهن وعجز ودموعها تترجاه ليتركها :_
_ مقولتلهاش والله حاجة عليك أنت ونوراة أحرار طالما مبتضروش أختى فى حاجة وأنا مالى

أرخى يديه الغليظتين وهو يعدل هندامه مضيفا بتهديد:_
_ أيوة جده برافو عليكى ،لو شميت خبر أن جودة أنأذى بسبب ثم شد لسانها ليضع عليه سكينا حامية ،مغمضة عينيها بتوتر وخوف وتشنج:_
_لسانك ،أقسم للك بالله العلى العظيم لأجطعهولك ،ولأرميكى رمية الكلاب أنتى وأختك ،أنا مش رايد مشاكل بينى وبينى خيي”أخويا”
ثم أستطرد بجدية :_
_ فااااااااااااااااااهمة…!

أومأت برأسها بالإيجاب ،ليبعد عنها نصل السكين ،يلتقط أنفاسه مستكملا وهو ينظر لدبلتها:_
_ ويكون فى معلومك خطوبتك حتبجى”حتبقى” على فاشوش وسمعتى العفشة “الوحشة” هتبجى على كل لسان لو فكرتى بس مجرد تفكير…أيدنى حذرتك أهه …

قالت بنصيحة وتوسل وهى تشير بكفها :_
_ حاضر مش حقول،بس …أرجوك متخلهاش تأذى إسراء أختى غلبانة و فى حالها

برم شاربه الكث بتعاطف معدلا من عبائته بطمأنة:_
_ معتخافيش عليها واصل ،فى عيننا طول ما أنتى حافظة …..

قطع عليهم حديث صراخ نواااااااااااااااارة باأعلى وهى تهتف بعزمها وبهلع “يلهووووووووووووووووووووووتى ،ألحجوووووووووووونى ”

 

error: