عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى

الفصل ال 37

آرائكم مهمة جدا

فلاش باك

فى غرفة وليد وكاملة بالطابق العلوى

الغيوم الداكنة تجتمع حول مقلتيها فى دهشة وإستنكار ،جالسة على طرف السرير تهز ساقيها الطويلتين القمحيتين بتوتر ووجوم من أسفل عبائتها السمراء، بينما تحاصر أصابع وليد السيجارة بعنف محاولا السيطرة على أعصابه التى تكاد أن تنهار لما رأه من ذبولها على السطح حينما علمت بخبر حملى الزائف ، رفعت وجهها الاملس من بين كفيها لتلومه وتنهره على ما فعله :_

_ جولى جصرت معاك فى أيه ها…؟ ، ده أنا جايدلك صوابعى العشرة شمع وكنت لك ونعمة الزوجة المطيعة بت الأصول ،جولى أنك عجيم وافجت “وافقت” ، أتجوزت على ووعدتنى هتملها بعد 7 شهور هديت وحطيت فى بوجى مركوب ووافجت اكبش النار فى أيدى وأجاور الحداد وأنكوى بناره وأنت عارف أن الضرة مرة ،ده كله مش مكفيك وجاينى النهاردة تحبلها وتربطها بيك

أخذ نفسا عميقا قبل أن تنطلق سحابات الدخان فى الفراغ ، ليقول بعد تفكير :_
_ مكنش فى حساباتى أنها تخلف،كانت لحظة طيش ،ضعف أو جايز إرادة ربنا وأنتى ست مؤمنة يا كاملة
رفعت حاجبيها برفض وألم فهى لم تتمنى شيئا من الحياة قدر تمنيها الأطفال ومنه تحديدا :_
_وووواه ولحظات الضعف مبتجيش غير وأنت فى سريرها وعلى فرشتها…؟، مجلتكش ولا مرة من ساعة ما أتجوزنا من 4 سنين…؟

باغتتها إجابته كمن لدغه عقرب حينما أردف ببرود ذبحها:_
_ مش يمكن عشان أرتحت لها ودخلت قلبى ..؟

أمسكت بياقة قميصه تهزه بعنف وعصبية :_
_ وانا معتحبتنيش ليه ..؟،جتلت لك جتيل ،دوست لك على طرف…؟ ،أشمعنا هى ال أتشعلجت فى أحبالها وطالب ودها وجربها …؟،ولا أنت زى القرع تمد لبره مهمل بت خالتك وهاجرها للغريبة ..؟

قال بجفاء وهو يفلت أناملها من على أطراف ثوبه بهدوء،يتخلص فيه من مسئولياته وتأنيب ضميره:_
_ حاولت معاكى بدل المرة مليون ومكنتش بقدر، انتى بنسبة لى أختى يا كاملة من وأحنا عيال وكتير فهمتك ووصلت لك شعورى وكنتى بتتجاهليه

تابعت بإنفعال وهى تعقد ذراعيها على خصرها بغضب:_
_ الجصد”القصد” أتجوزنا وجبلت بيا زوجة ،يبجى تدينى حجوجى الشرعية ولا عشان أنا طيبة ومعتكلمش ..!

ندت منه بسمة مستهزية فهو لم يتوقع يوما إن إمرأة بضعفها أعلنت الإستسلام منذ أول يوم فى زواجهما ،وفضلت الإنحناء والتضحية الدائمة له أن تناقشه :_
_ متتكلميش أيه بقى ما هى القوالب نامت والأنصاص قامت وبقالك صوت بيعلى ورأى

نفخت بإستياء من إستهوانه بها ،لتحمله ذنب نظرات المجتمع المحيط بها :_
_ أسمع يا وليد ال يجول على مرته عورة يلعبوا بيها الكورة ،وأنت طلعتنى جدام أهلك جاهلة وغبية وعقيمة ،ومبفهمش لكن أنا مش جده،ولو ..

رد بجدية وصرامة :_
_ مش كده إزاى وأنتى كل إهتمامتك المطبخ ووصفات الجمال وتخن ورفع فين دماغك وتفكيرك …!

لاذت لمثل شعبى لتقول بعيون شاردة :_
_ زمان جالوها أجرب طريج لجلب الراجل معدته جربت معاك كل الطرق وفشلت ،فلحد جده وكفاية طلجنى

أستفهم بٍإستعجاب وحيرة :_
_ بالسهولة دى ..؟

أشاحت ببصرها بعيدا عنه لا تريد أن يرى إنهيارها وبكائها :_
_ ال ما يأخدنى كحل فى عينه ما أحطه صرمة فى رجلى ،طلجنى يا وليد وكل حى يروح لحاله …….!!

نفث دخان سيجارته بعد دقائق لامه فيها ضميره على تعذيبه لها لا لن يطلقها لعدة أسباب ،ولكن لن يظهر لها محبتها فى قلبه فأردف :_
_ وأمى أنتى عاوزة تزعلييها بطلاقك…؟

أصابتها نغزة فى قلبها الصغير ،لتأوه بألم وصوت خافت مستفهمة بوهن:_
_ يعنى أنت كل ال هامك أمك فى الليلة دى

صحح معلنا عن دوافعه الأصلية :_
_ وأنتى لو طلقتك هبقى بظلمك ،لأن أى حد هيشوفك عقيم ومش هيخاطر ويتجوزك

كادت أن ترقص مع جملته لكونها تحمل خوفه عليها وحنيته، لكنها جاهدت إندفاعها ونفسها القائلة “عمرى ما هتجوز غيرك يا وليد أنت حب عمرى ولا عمرى هشوف راجل غيرك فى الدنيا ” لتضيف بعتاب:_
_ ومين قالك أنى بعدك هتجوز ..؟،أنت جهرتنى”قهرتنى” كرهتنى فى صنف الرجالة كله ولا يمكن أعيد غلطتى فى يوم لو أنطبجت السما على الأرض

لوح لها بكف يديه بإعتراض وهو يوليها ظهره للخروج:_
_ بقولك أيه طلاق مبطلقش ،متخترعيش سلو وفال وحش فى عيلتنا ،فشيلى الفكرة دى من دماغك خالص

قالت بلهجة إستفزازية لتثير غيرته وتجس نبض قلبه تجاهها فهى لم تفقد الأمل به بعد مستطردة بجدية أفزعته :_
_ حتى لو قولت لك إنى شوفت هاشم من يومين وفاتحنى فى الجواز ومستنى بس نطلج…؟؟

أستدار لها وعيناه كالصقر وهو يكز على أسنانه بعصبية ليدفعها إلى الحائط ملتصقة به،ومحاصرة بين ذراعيه كفأر مذعور ،ليصيح بحدة وأنفاسه تحرق وجنتيها وضربات قلبها متسارعة :_
_ أنتى أتجننتى يا كاملة هو أنا مش محرج عليكى مليون مرة مفيش زفت فتح باب ولا شباك غير بأذنى وكمان بتقفى معاه عاوزة تشبيهنا..؟

همست من بين تشناجتها بضعف وكذب أرادت أن تحرق فيه قلبه كما فعل معها:_
_ سيبنى أنا بحبه غصب عنى ولا هو أنت بس ال ليك حق بتحب وتتجوز …!!

أستكمل بغلظة وهو ينهرها بأنانية ظاهرة لكنها مبطنة بالحنان والشفقة على مصيرها المجهول مع وغد كهاشم :_
_ أنا راجل وأعمل ال أنا عاوزه والشرع محللى واحدة وأتنين وأربعة

إرتعش جسدها وتصبب عرقا ،والدموع الحارة تغسل وجهها الطفولى ،منكمشة على نفسها ،وهى تغلق عينيها بشدة خوفا من عقابه القاسى أحيانا معها ،لكنه أبتعد بناظريه عنها نافخا بإستياء وضجر من نفسه ،وهو يضع يده فى جيب بنطاله:_

_ بتعصبينى وتخرجينى عن شعورى وتعيطى أعمل فيكى أيه .

لم تجبه بل أجهشت بالبكاء وكأنه كان يدعوها للمزيد ،وهى تشعر بشفقته عليها صدقة رجل على إمرأة تعانى فراغ عاطفى،صدقة رجل على زوجته ..!، جلس على الأرض بينما إرتكزت على ركبتيها بهلع ونحيب،ضمها فيه إلى أحضانه وهو يقبل بنعومية شعرها الغجرى الثائر محاولا أن يكسبها بلين ورفق :_
_ بصى يا بت الناس لو كان فيه الخير ما كان رماه الطير ،مكنش ليه فى صاحب عمره خير فمش هيبقاله ليكى ،مستحيل أرميكى الرمية دى
همست من بين عبراتها بجذع وإنفعال:_
_ والبهدلة ال شوفتها وياك عادى الذل والهوان ..؟ ،لو هو مش راجل فأنت كمان محصلتش فروج “خروف”

صفعها بقوة مع جملتها الاخيرة المعتدية على رجولته ،لتتحسس موضع الصفعة بإستسلام وألم نفسى كبير ،ينما رمقها بإستحقار مع طرقات نوارة المستدعية لهم بعد إعداد اكواب الشاى لإستقبال عمر والترحيب به

_________________________

عودة من الفلاش

وسط نظرات الذهول والدهشة والحيرة التى تعترينى لمناداته لها والفضول ،كانت حماتى هى الاخرى تراقب الاوضاع بحذر ،بينما عمر وهند يمرحان سويا فى حديث جانبى ،دخلت نوارة مع جودة يتغامزان ويتهامسان وكأنهم زوج من الكنارى الأنيق بلغة إنسجام وتفاهم ،قطعها صوت وليد بعد أن تبعته كاملة بأسف تترجاه أن يسامحها لكلمة”فروج” حتى كادت أن تقبل قدميه لكن لا جدوى،سيعيد تربيتها كما كان يفعل دائما منذ أن كانوا صغار وكذلك من لحظة زواجهم ،فهو لا يقبل أبدا أن تدنس رجولته إمرأة ،فأضاف بحزم:_
_ كاملة أستنى فى موضوع عاوز أفتحه قدامكم كلكم

تسمرت فى مكانها بينما أستفهمت يامنةرافعة حاجبيها بإستغراب:_
_ خير أيه عاد …؟

قال بنبرة تحمل كل معانى التحدى :_
_ أنا مسافر للقاهرة وهاخد إسراء معايا

أستكملت الخالة يامنة بحيرة ،لعدم ذكره لابنة أخته:_
_ وكاملة…؟

أضاف بخبث ولؤم يريد فيه أن يشعل النيران فى قلبها:_
_ عاوزة تطلق قال أيه بت

دلفت إلى جواره لتهمس بصوت خفيض تتخلله التشنجات ،معلنة عن نجاح خطته بسذاجتها :_
_ لا يا سى وليد أحب على يدك متكملش للخالة تجلب على

أستطرد بتعجب ممزوج بالإستهزاء لرجوعها بشكل مفاجأ فى كلامها ،فهو يعلم جيدا مفاتيحها،يعلم أن والدته لو أنقلبت عليها فلن تجد مسكنا لتعيش به منذ أن انهار العقار الصغير منذ عدة أشهر بوالدتها ،لم تعد تملك غيره ولا أن يمن عليها أحدا سواه ،فلا ملجأ منه إلا إليه :_
_ مش كنتى عاوزة حريتك من شوية …؟

شردت عيناها فى الفضاء لتقول برجاء وتوسل:_
_ مش عاوزة منك شيء غير حاجة واحدة

أشار لها بإن تستكمل فتابعت وقد عرفت أهمية التعليم والعمل وكيان المراة وذمتها المالية المستقلة،وكذلك أيضا حدثت نفسها”لو هى ربطتك بالعيال هربطك بالتعليم هتساعدنى وتفضل معايا لحد ما تحبنى ويومها لازم أحرج جلبك وأرميك رمية الكلاب يا وليد،لازم تدوج من نفس الكأس ال دوجتهولى 4 سنين ، فقالت :_
_ هكمل جامعة وهدخل كلية الطب ونفس تخصصك ،عوزاك تساعدنى ..!

هزت يامنة رأسها برفض وهى تمصمص شفتيها :_
_ بلا جلة جيمة ،الواحدة ملهاش إلا بيت جوزها بلجمتها وهدمتها هتعوزى أيه تانى من الدنيا

أوضحت كاملة بشغف جلى فى عيونها المضيئة :_
– نفسى أتنور ،وأخرج للدنيا فاتحة كل دراعاتى للعلم والثجافة”الثقافة” ال بيهم أعمل كيانى ومكنش فى حاجة لراجل يصرف على

وزعت نوارة أكواب الشاى بالنعناع مستهجنة:_
_ أيه الحديت الماسخ ده عاد ..؟، وهو كان أشتكى لك من مصاريفك ولا جالك تجلتى علينا…؟

بتر جملتها وليد وهو يضيق عينيه بمكر :_
_ سبيها على راحتها لو ده أخر طلب ليها قبل الطلاق فأنا موافق

لامه عمر برفق ولين ،بينما هند فى الاعلى مع رضوى:_
_ لا يا أبو نسب ربنا ميرضاش بالظلم أعدل بينهم وأدى لكل واحدة حقها

كمشت الخالة يامنة وجهها بإشمئزاز لكلمة “طلاق”:_
_ تف من بوجك الشر بره وبعيد ،والمثل بيجولك خد الأصيلة ونام على الحصيرة ال زى كاملة مربينها على يدنا وضامنينها كيف تفوتها يعني جولى ولا البندرية ال على الحجر …؟

أنضممت للحديث أخيرا لأشجعها على تحقيق كيانها والتحرر من عبوديته ،ولأبعد أية هواجس فى رأس حماتى :_
_ لا والله أبدا كله محصل بعضه وليد كده كده معايا بحكم النونو ال فى الطريق

رمقتنى بغضب ووجوم محذرة :_
_ بطلى تكايدى فى خلج الله بدل ما ينزل مشوه

رد وليد بحزم وهو يسحب كوبه الساخن:_
_ دى رغبة كاملة الطلاق ودى حرية شخصية مقدرش أقف قدام مستقبلها ،من حقها تحب وتتحب بعدى

فواصلت كاملة بإصرار:_
_ أيوة يا خالة كفاية لغاية جده إحتياج ومد أيد لحد

حزنت الخالة لجملة غرباء ،فعاتبتها :_
_ وأحنا حد يا بنتى أخس عليكى بصحيح

تابعت بإنكسار :_
_ الإحتياج ضعف وعجز ،بيخلنا نجبل بأوضاع كان لا يمكن نجبل بيها أبدا

قطع علينا حديثنا دخول هند لتهمس فى أذنى ،حتى شهقت بفزع…!

 

error: