عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى

الفصل 48 

أرائكم مهمة جدا

المشهد الأول

” الأساليب الملتوية بتاعتك دي مبحبهاش ..عاوزة تطلقى صارحيني ومش هتبت فيكى يعنى …..لكن شغل اللف والدوران والأبواب الخلفية ال بتعمليها دي مبحبهاش …!!”

قال وليد جملته بغضب وحدة لزوجته الأولى أمام الجميع،بعد أن قصصت عليه ما حدث بالخارج ،فتراكمت الدموع فى عينيها بألم وصوت مبحوح ،تخونها حنجرتها فيه ،وهى تتلعثم وتتخبط كطير مذبوح رقصت على جثته الثعالب ،يحدجها بنظرات ساخطة وسط دهشة حمدان وجودة وكذلك نوارة ،ففتحت أخيرا فمها بعد ثوان غائمة:_
_ وال..والله …

علق بعصبية أكبر وهو يمنعها من إستكمال جملتها مٌشيرا بكفه فى الفضاء :_
_ قالوا للحرامي أحلف …قال جالك الفرج ما بالك بواحدة رخيصة ملهاش تمن…متسواش فى سوق النسوان 3 قروش …عاوزاني أصدقها..؟

تدخلت نوارة بحكمة رافضة فيها أسلوبه الفظ:_
_ خبر أيه يا جماعة أستهدوا بالله عاد

عقب حمدان بتوجس ،يربت فيه على كتف وليد ليدفعه للخارج:_
_ عيب يا وليد ..متكلمهاش بالطريقة دي على الأقل قدامنا يا أخي ..مهما كان مرأتك ..!

دافع عنها جودة وقد أحس بالشفقة عليها لظروفها الخاصة ويُتمها:_
_ ووواه..متفتريش على خلج الله واصل …بت خالتك كلنا عارفين أنها زوينة وغالية ومعدنها أصيل …متمرمطهاش لشوية شكوك فى رأسك عاد..؟

أجاب وهو يصفق بيديه في حدة بينما ترتجف زوجته الأولى قٌبالته ويتصبب جسدها عرقاً ،والعبرات الساخنة تغسل وجنتيها بألم:_
_ لا…كلكم مخدوعين فيها…وكنت زيكم فى الاول مغفل ..وقابل أشيل العبء والقرف الكبير ده لوجه الله…وبقول معلش يا واد ربنا هيكافئك ويجازيك ..متكسرش بخاطرها وحدانية ومٌنكسرة ..لكن هى زيه ….عضت الأيد ال أتمدت لها…الراجل ال أنيها فى بيته…كنت مستغرب هاشم بيحبك ليه…!…كان لازم أعرف أن الطيور على أشكالها تقع يا هانم يا بنت الاكابر …..ولا أكابر أيه ال رموكي تحت رجلي تكنسي وتمسحي وتطبخي…جارية بعقد شرعي ….وهما عارفين أني مبحبكييش..!

أطبقت على جفنيها بشدة ،وهى تنتفض بإنهيار ،تٌحطم فيه كل ما يقابلها فى حالة هستيرية أخافت رضوى ،حتى دخل الدكتور عبد المنعم بعد أن أنهى أتصال هاتفي وقد فهم ما يحدث ليعنف زوجي وهو يدفعه إلى حائط صلب بقوة صائحاً:_
_ أنا ال قولت لها تعمل كده يا غبييييييييييييييييييييييييييييييييي

ساد السكون لدقائق ،يلتقط فيها وليد أنفاسه اللاهثة بإحراج وخجل لتسرعه فى الحكم عليها،ولا زالت كاملة على عصبيتها المٌفرطة وهى تصرخ بجنون ،وجرح عميق ،ينزف فيه قلبها فكما كانت تقول لوليد دائماً”_
_ أنت جزاز “إزاز” مكسور بيعورني وبيدبح كفي ،مع أجده صعب علي أشيله.حيحرجنى”يحرقنى” أكتر وأكتر

لكن على ما يبدو أن اللوح الزجاجى حطمها من الداخل ،بعد أن أمتص رحيقها وبهجتها وأحالها لإمرأة باهتة ،لا روح فيها ولا حياة ،عينيها غائرتين من الداخل ،وهى تبكى وتأن وتنتحب ،وتندب حظها ولعل الادق قلبها وإندفاعها الدائم ،فبماذا عاد عليها الحب من طرف واحد …؟، لم تجني سوى الخٌذلان والمذلة ،وفقدانها لثقتها فى نفسها ،تود أن تشق ملابسها وتخرج عنها ولتخرج روحها الساذجة اللعينة ،التي جعلتها تتجرع كؤس العذاب لأعوام عديدة ،أقترب منها الحاج عبد المنعم ،وجميعنا تتملكنا الصدمة والذهول وهويركز على ركبتيه إلى جوارها ،يضمها بشفقة وحنان إلى أحضانه:_
_ هووووش…أهدى حقك هيجى لك …قرب يا وليد حب على رأس مرأتك وأتأسف لها

أخذ زوجي نفساً عميقاً وهو يسير ناحيتها بخطوات مٌذنبة ،خجلة من ما فعله به وألقاه على مسامعها ليهبط على قدميه برفقتها فى إحدى الأركان التى أنكمشت فيها على نفسها مُعتذرا :_
_ أنا أسف…غصب عنى يا كاملة …مأمنك على بيتى وحالى ومحتالى وعرضى ..صعب على نفسى لما حسيت أنى طرطور ومليش لازمة

رفعت عينيها الباكيتين من بين كفوفها لتقول بلوم وعتاب:_
_ أمنتك سنين طويلة وعريضة على جلبي وعمري ،على شبابي على أحلامي بانى أبجى فى يوم أم ،أمنتك على حاجات كتير هملتها كلها وضربتها فى الحيط …وسكت وحطيت فى بوجى بلغة”جزمة” جديمة ،لأجل الحب والأمل….وكنت بكُنس لك وأمسح لك وأطبخ لك وأسوي لك كل شيء بنفس راضية …وبجلب بيعشج التراب ال رجلك بتلمسه ….بنسبة لي مش بس كنت أحلامى ال محججتهاش وكملت كلية…لكن كنت لي أبوي مصدر امانى وأحنا صغار ..وعم تتعارك مع أولاد الحي ….حضنتني كتير وأحنا عيال ودافعت عني واحتويتنى كيف أخوي ،أنا ال أسفة …. لجلبى ولمشاعرى ولنفسي ال حطيتهم تحت جزمتك….أسفة أنى أرغمتك تفضل معاي وأستمسكت فيك بيدي وسناني … ومكنتش أعرف أنك شايل كل ده فى جلبك ………. لو عاوزنى أسامحك طلجنى يا وليد ودلوجيت

رفع حاجبيه بإستنكار لطلبها ،فهو لن يفرط بها وهو يشعر بالذنب صوبها ليقول:_
_ بلاش تكبرى الأمور يا كاملة….وتخلينا نأخد قرار فى ساعة شيطان …شوفى ال يرضيكى وأنا هعمله…بس مش دلوقتي …لما تهدى

أضافت بإستهجان وهى تمسك بياقة قميصه المفتوح أوائل أزراه :_
_ طلجني يا وليد…دلوجيت زي بعدين أنا فوجت خلاص ..بس فوجت على كارثة …زالزال …شرخ فى علاجتنا لا يمكن أسامحك عليه فى يوم

نهض عن مجلسه وهو يعقب بحزم وذكاء لتأجيل الامر:_
_ موافق….بس الأول نحل موضوع رضوى…والحاجة يامنة ورضوى يطلعوا من المستشفى وأوعدك كل واحد مننا هيروح من طريق يا بنت الناس

أنضم حماى للحوار مٌستكملا:_
_ عين العقل يا ولاد…ربنا يهدى سركم

أردف حمدان مٌطالعاً وليد:_
_ بقول خير البر عاجله…نبدأ بقى خطتنا ونكلم هاشم …ونجاريه لحد ما نأخد ال عاوزينه منه

أستفسر جودة بحيرة:_
_ وهتجولوا له أن رضوى سجطت…؟

علقت رضوى بوهن وهى تسعل:_
_ لا …..لو عرف هيكتشف بسهولة أننا بنلعب عليه..خليه فاكر أننا محتاجين له

أما أنا فأنسحبت للخارج لأحادث شقيقتي الصغرى وأطمئن عليها فقد أقتربت أمتحانات الدور الثانى ،بينما ولجت كاملة للخارج فى سرعة البرق، أقف بالقرب من نافذة زجاجية ضخمة مٌطلة على شارع عمومى ،حتى جائنى الرد بمشاكسة كعادة هند ،وهى تقضم إحدى سندوتشات المربى وإلى جوارها عمر وكذلك ياسين :_
_ يا مساء الأناناس على أغلى الناس..لسه فاكرة أن ليكي أهل …من لقى أحبابه بقى

إبتسمت برقة قبل أن أعلق:_
_ الدنيا والله ملغبطة وملطشة معايا هنا …مش تطنيش ولا حاجة المهم بابا وماما عاملين ايه …وعمورة والمزاكرة …؟

أجابت بحماس وشغف :_
_ كله تمام التمام يا سوسو …..ما عدا الإنجليزي ال مجنني ده ههههه

رددت بنصيحة وخوف على مستقبلها:_
_ لا لا …الله يكرمك مش ناقصين كحك تانى ركزى يا حبيتى خليكى تخلصى ..ولا ياسين شاغلك …؟

قالت بضحكة قصيرة قبل ان تناوله الهاتف:_
_ أن جيتى للحق هو معطلنى …عامل بيات شتوى مع عمر هنا بقاله أسبوعين أهو بتوع الامتحانات قال أيه يا ستي عارف مصلحتى أكتر منى …ده حتى الموب الحديث ال كان معايا سحبه وأدانى نوكيا معفن أخره قطنتنين فى ودنه ههههههه

أضاف ياسين وهو يلتقط الهاتف منها بمٌداعبة :_
_ متصدقهاش دى لمضة …..أنا عارف أمشى عليها كلمة …قاعدلى طول النهار زى كان الباندا ال عامل بيات شتوى تأكل وتشرب مج النسكافيه وتنام

علقت بشرود ألمح فيه درتى فى الشارع العمومى وهى تقتعد الأرض ،وقد إنتكست ركبتيها ببكاء ونحيب وهستيريا ،وكأنها لم تفق من صدمتها بعد :_
_ معلش هانت كلها كام يوم والأمور تتظبط ،مقولتليش كتب الكتاب أمتى…؟

رد بتلقائية وهو يخبط على مقدمة رأسها بالقلم :_
_ الأسبوع الجاى يوم الخميس بإذن الله ….هودع الحياة السعيدة

لكزته هند بينما ضحك عمر:_
_ ألحق نفسك قبل ما تقلب عليك يا معلم

صحح ياسين وهو يتنحنح :_
_ أحم قصدى العذوبية …

أغلقت معه الخط على عجل ،أشٌد فيه حقيبتى ،لأقفز على الدرج بسرعة ،راكضة صوب كاملة بحنان و ضيق لما أصابها ،أحتضنها فيه وكأنها طفلة صغيرة ،وهى تأن بعيون حمراء كلون الكرز،بينما وليد يحادث هاشم عبر الهاتف الخلوى :_
_ محب..محبنييييييييييييييييييييييش..!

 

error: