عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى
الفصل 38
آرائكم مهمة جدا❤
حاولت إخفاء إرتباكى ورسم إبتسامة باهتة ،لم تنطل على أخى فخرج ورائى بعد قليل لتتبعنا هند لحديقة المندرة الواسعة ، تزينها الزهور والشجيرات الصغيرة المحملة بأنواع عدة من الفاكهة، مضت دقائق غائمة صعبة الإحتمال إنقبض فيها قلبى وأنا جالسة برفقة أخوتى على مقعد خشبى عريض، مضطربة منذ إخبار هند لى ذلك فلم أتوقع أن أسمع فى يوم عن رضوى شيئا كهذا ،قطع السكون المخيم على أرجاء المكان صوت عمر المشاكس كعادته:_
_ يا ستار يارب مالك يا بت قافشة كده ليه ..؟
أجابت هند بتلعثم تعيد فيه ترتيب الأفكار برأسها :_
_ أصل ..أصل
سأل بإرتياب وتوجس أثارته ملامحنا الخافتة والعيون الشاردة :_
_ هتقولوا فى أيه ولا هنقعد فى الألغاز والحيرة دى كتير
رددت بإقتضاب :_
_ رضوى
أستفهم بعدم إستيعاب وكأنه يسحب الكلام من ألسنتنا المتسمرة سحبا:_
_ مالها …؟
خبط بكلتا يداى على ركبتى بهلع وأنا أصيح بخوف عليها وعلى مصلحتها :_
_ مصيبة ،مصيبة يا عمر ولو أخوها عرف هتنتهى بكارثة أكبر
رفع حاجبيه بإمتعاض يدفع فيه هواجسه :_
_ مصيبة أيه كفى الله الشر ..؟
نكست هند رأسها بالأرض خجلا لإقتحامها خصوصيات غيرها وهى تتابع بهدوء ظاهرى يتخلله تأنيب الضمير:_
_ كنت طالعة أنادى لها عشان الغدا ،لقيتها بتأخد شاور وتلفونها بيرن ،فتحته لاقيت رسالة من واحد اسمه مهند
علق بسخريته المعهودة التى لم يفطن بها أبدا مدى هول الكارثة :_
_ يا سلام ودى بقى قضية الأمن القومى ال قاعدين ترتعشوا ومكرهبينى من ساعتها عليها ،وبعدين إزاى تفتحى حاجة مش ليكى يا هند مش دى مساحات حرية للناس أزاى تقتحميها بالبجاحة دى ..!
أردفت بإستياء من إستهوانه بالأمر وكأنه أمر عادى ،ولو كنت أنا مكانها لقتلنى ،لكنها عادة الرجال لا يتزمتون سوى على أخوتهم ،والحرية وحقوق المرأة للأخريات ما لم تكن لهم بقريبة..!: _
_ بس دي مش أخلاقنا ،إزاى بتتكلم بالبساطة دى
أستكمل بخفة وتلقائية وحسن ظن :_
_ مش يمكن زميلها يا إسراء متكبريش الأمور
لويت شفتى بتحسر أتمنى لو كان الأمر كذلك:_
_ ياريته كان كده
عقد ما بين حاجبيه بإستنكار لشيء يود دفعه:_
_ مش فاهم
إبتلعت هند ريقها بأعجوبة ،وهى تفرك قدميها بالرمال الناعمة وعينيها تحدقان بالفراغ لتقول بسرعة:_
_ أصله كاتب لها فى الرسالة “شفايفك زبادى بالفراولة وو..كلام أبيح تانى أتكسف أقوله بصراحة ،و…
أتسعت عيناه بفزع وصدمة ،يشد أختى من ذراعها بقسوة :_
_ وأيه يا هندنطقىىىىىىىىىىىىىىىىى
إنتفض جسدها لتضيف ببكاء:_
_عاوز رقمها عشان يقابلها
تركها وهو ينفخ بضجر وإنزعاج وخيبة أمل :_
_ أه ده كويس أنه مخدلهاش معاد فى شقة مفروشة ما هو ده ال ناقص
ربتت على كتفه بحنان أواسيه فعمر أبدى إعجابه بها مسبقا لى فيما بيننا ولكن حماتى كانت هى العقبة ،فطلبت منه التوقف لحين ان أرى حلا وطريقة أفاتحها فى الموضوع وبلباقة :_
_ أهدى بس يا عمر وروق كده رضوى لسه صغيرة متفهمش حاجة تلاقيه ضحك عليها بكلمتين
هتف بحدة ويداه تسقطان على منضدة صغيرة ،يكز على أسنانه بغيظ:_
_ ال فى سنها فاتحين بيوت وشايلين مسئولية بطلى تدافعى عن الغلط يا إسراء ،وبعدين ما كلنا مرينا بالمراهقة معملناش كده يعنى..!
بررت بعدم إقتناع حقيقة لتذكرى ما حدث مع هاشم قبل زواجى من وليد ،لأتمسك بعلة قد تبدو تافهة لكنها منطقية كثيرا فى زماننا فبنات اليوم عقليتهم مختلفة وتعلمن التمرد عن الأمس:_
_ معلش أخواتها بعيد عنها وليد وحمدان ومفيش تفاهم ولا حد يفهمها الصح صح ليه والغلط غلط ليه ،ويحترم عقليتها …ثم أستطردت لتغيير الموضوع الذى أصابنى بنغزة فى قلبى لاننى غششت أهلى من قبل فى مقابلات وهمية مع هاشم كدت أروح ضحيتها لذلك أنتابنى الذعر على رضوى وبرائتها من أن تنتهك
_ بس أنا خايفة لتكون كشفتك يا هند
طمأنتنى من بين عبراتها وهى تعلق :_
_ لا بس مسحت رسالته ،لأنه كان هيبان أنى فتحتها من السين
أخذ نفسا عميقا قبل أن يهم بالنهوض مستكملا بقسوة:_
_ بقولكم أيه بلا سين بلا صاد أنا ماشى
تشبثت بمعصمه بمزاح وتوسل:_
_ دخول الحمام مش زى خروجه يا حلو مش هتمشى قبل ما تساعدنى
همس بمزحة خفيفة يهدأ بها أجواء الغم السائدة :_
_ حلو هههه اتغيرتى يا سوسو وبقيتى ولا ستى طول ما أنتى قاعدة أمثال كده
تابعت بتلقائية وأنا أتأبط ذراعه بدلال :_
_الله مش بلقط من حماتى ،خلونا فى المهم وأقولكم هنعمل أيه
فى غرفة الحاجة يامنة
تنتمى الجدران إلى ستينات القرن الماضى بالصور المعلقة لفنانين أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهم ،ليستقر بينهم برواز يطول الحائط عليه صورة مهران حمايا المبجل الراحل ،تجتمع على قمة السرير الأم بابنائها لتستجوبهم بأحوالهم وتبدى إعتراضتها وأوامرها ،رفعت حاجبيها بسخط وهى تلتقط كف وليد بين يديها ،وهى تنظر فى عينيه مباشرة بخبث :_
_ أسمع بجى يا ولدى أحوالك مش عاجبنى اليومين دول مع حريمك
أشاح ببصره بعيدا وهو يلوى شفتيه بضيق:_
_ ما أنا مراضيكى حبل إسراء وحبلتها سيب كاملة على راحتها وسايبهاأعمل أيه تانى
تابعت بنبرة صوت جادة وجافة ومعاتبة:_
_ ومين جالك أنى راضية وأنت لجمة سهلة فى خشمهم”بوقهم” ،وهوين ووسايب لهم الحبل على الغالب
زفر نفسا ساخنا قبل أن يستنكر بعصبية :_
_ أضربهم وأشد عليهم مش عاجب ،أتساهل بردو مش عاجب أنتى عاوزة أيه يا أما
قالت بنصيحة وبعقلية ذكورية متعفنة فى مجتمعاتنا الشرقية:_
_ أضرب المربوط لأجل يخاف السايب يا ولدى
فتح فمه بإستهجان وسوء فهم :_
_ ومين المربوط ومين السايب عندك
شاركهم حمدان الحديث بتهكم :_
_ هههههه تلاجى المربوط إسراء بالعيل ال معاها وكاملة السايب
هناته يامنة على نباهته وفطنته مردفة :_
_ عليك نور ما أنت بتلجطها اهو وهى طايرة ،عاوزاك تشد عليهم مش كل طلباتهم أوامر جده وكأنك عديم الشخصية يعنى مثلا السفر للقاهرة أكيد السنيورة الجديدة ال وزتك عليه ،أرفض وأتمنع
رفض بإنفعال لتدخلها كذلك فى عمله:_
_ مقدرش أنتى عارفة أن شغلى كله هناك
أزالت عقبته وهى تمهد أمامه السبل :_
_ أفتح لك عيادة هنه تحت نضرى لكن متهملنيش
تابع بشفقة على زوجته الأولى التى لم تحظى بما تريده فى حياتها أبدا :_
_ وكاملة يا أما حجها تتعلم و..
عنفته بإنفعال وهى تنهض بعبائتها السمراء :_
_ ياك كسر حجها ،الكلام ده كان فى بيت أبوها لكن هنه تكنس وتمسح وتغسل زيها زى أى مرة بالدنيا ،وأهى تعمل بلجمتها بدل التنطيط على السكك بحجة العلام ،ال عندى جولته مفيش سفر ولا فى علام ،مرضتش أصغرك جدامهم لكن ال أجوله يمشى وإلا العيادة ال فى مصر هسحبها وملكش فى الورث ولا مليم ومتبرية منك ليوم الدين ال يخرج عن طوعى ميلزمنيش يا وليد
تدخل حمدان بحذر لينصحها بلوم :_
_ مش معاكى فى دى يا حجوجة ،حرام عليكى متبقيش أنتى والزمن عليها ،أبوها ظلمها مرة منظلمهاش أحنا التانية
أسكتته بمناغشة ومداعبة تنقل فيها دفة الحديث إليه:_
_ أسكت أنت يا جاهر جلوب العذارى ،مش ناوى تفرح جلبى بعروسة زوينة بجى وأطمن عليك جبل ما أموت
ندت منه بسمة ساخرة :_
_هههههههههه قاهر مرة واحدة، ما أنتى عارفة أن الجواز مش فى خطتى دلوقتى لسه كمان 5 ولا 6 سنين كده
نفخت بإستياء تهينه فيه بحدة:_
_ 6 عفاريت لما ينطوطك هو أنا عشان سيباك على راحتك هتتنمرد وتسوج فيها لا فوج ،أنت مش ناقصك حاجة
أراد وليد أن ينتقم من مقلب أخاه فأضاف بجدية يكاد أن ينفجر فيها ضحكا:_
_ هو بس مكسوف منك شوية يا أما، لكن أسألينى أنا طول الليل يقول أمتى أتجوز .؟، أنا بحب ،أنا نفسى فى عيال ههههههه
لكزه حمدان بسخط فيه مرح لذيذ:_
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأه منك أنت يا سوسة هتودينى فى داهية ،متصدقهوش أنتى عارفة أنى اعقل من كده
قالت الحاجة يامنة بتوعد وتحدى ولهجة آمرة لا رجعة فيها:_
_ بجولك أيه ال أعرفه أنك هتتجوز جبل الشهر ده ما يخلص ومفيش حتى خطوبة هااااه ،أنت عاوز يجولوا أنك على علاجة بمرت أخوك جودة صوح…؟
كز على أسنانه بإنزعاج لسوء ظنها فيه ليقول :_
_ تانى السيرة الهباب دى أيه يا أما مبتزهقيش ،قولت لك مية مرة مفيش حاجة بينا
تابعت بملامح متجمدة تريد فيها إثبات قاطع ولتحشر حمدان المتمرد على الفتيات بخانة اليك وزواية مظلمة لا يفر منها :_
_ مش بالجول بالفعل يا ولدى
قال وليد بضحك يؤيد فيه حديث والدته :_
_ أيوة أنت فاكر هتبلفنا بكلمتين هههههه
هدده حمدان بتلقائية تحمل كارثة كبرى لو عرفتها يامنة لجائتها سكتة قلبية :_
_ والنبى تسكت بدل ما أقول لأمك على …”
أستطردت يامنة بخوف وقلق:_
_ على أيه يا ولدى …!
قال حمدان بمزاح وسخرية يغير فيها موضوع الزوجة:_
_ أصل وليد بيفكر فى التالتة هههههههه
شهقت بإستنكار ودهشة :_
_ يا حوستى وهو جادر على ال عنده لما هيبص بره ،البركة فيك أنت يا غزالى يا أخر العنجود أنت تدخل الفرحة بيتنا
أضاف حمدان كمن ينزع فتيل قنبلة بسرعة وخفة:_
_ ما هو أنا هفرحك بواحدة مش هتشوفى أجمل منها فى حياتك ،بنت أكبر رجل أعمال فيكى يا مصر
فتحت فمها بحسرة وغضب:_
_ يا ليلة غبرة بندرية تانى…!
__________________________