العبق الاقحواني ” مي الفخراني”

(37)

بعد مرور شهرين
في مدينة بعيده
داخل أحد الشقق السكنية

وقفت بصعوبه على قدميها وهي تشعر بحراره شديده في جسدها وألم في حلقها ،تحركت بصعوبه بخطوات مترنحه متثاقله والعرق يتناثر على جبينها وهي تعض على شفتيها بشده محاوله التوازن في خطواتها حتي وصلت إلي المرحاض لتستند بكفها المرتعش على الباب و هي تلتقط أنفاسها اللاهثه ثم أكملت سيرها بضعف باتجاه حوض الاستحمام و جلست بوهن على حافة الحوض ثم مدت يدها المرتعشه لتفتح صنبور المياه ، ووقفت على قدميها بتثاقل وتعب في حوض الاستحمام بثيابها تحت المياه الغزيره وأخذت تشهق بعنف من برودة المياه على جسدها و تسعل بشده وهي تمسح المياه من على وجهها الباهت ٠٠

بعد دقائق اغلقت صنبور المياه وهي تلهث بشده واسنانها تصطك ببعضها ثم خرجت من المرحاض بخطوات مرتجفه وثيابها تقطر المياه وشعرها المشعت المبلل تتساقط منه قطرات المياه تشعر بتجمد أصابع قدميها ،وقفت أمام خزانة الملابس الصغيره واختارت ملابس لها بطريقه عشوائيه ثم بدلت ملابسها بوهن شديد ، وذهبت لكي تتسطح على الفراش بتعب وضعف متكوره على نفسها كالجنين وهي تردد بهمس ضعيف :
_ يا تري أنت فين يا سفيان ٠٠٠

سحبت الغطاء بضعف لتضعه على جسدها بأكمله وهي تغمض جفونها ببطء مرهق لتغرق في نوم عميق ٠٠

فاقت من غيبوبة نومها وحبات العرق متناثرة على جبهتها و حركت رأسها بوهن تتجول ببصرها في الغرفه وهي تشعر بجفاف حلقها ثم ابتلعت ريقها الجاف وهي تعتدل بضعف جالسه و أخذت تنظر حولها بغرابه للحظات ثم أزاحت الغطاء ببطء لتنزل قدميها على الأرض ونهضت وتحركت بخطواتها المتثاقله تفتح باب الغرفه وخرجت متجه إلي المطبخ ، تجولت ببصرها فيه بتعب وشحوب ثم تحركت بخطوات مرهقه والتقطت كأس الماء الموجود على الرخامه لتروي عطشها ٠٠ ثم تحركت مغادره المطبخ وجلست على الأريكه الموجوده في صالة المعيشه وهي شارده تفكر في سفيان الذي اختفي منذ اسبوعين تارك إياها بمفردها في هذه الشقه بعد أن رفضت العوده إلي عمها وتركه بمفرده ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
مر اليوم ببطء عليها كباقي الأيام التي مرت طوال الأسبوعين وقد شعرت ببعض التحسن بعد أن انخفاض حرارتها ، ضمت ركبتيها إلي صدرها وهي تنظر أمامها بشرود ٠٠٠

لحظات و رأت باب الشقه يفتح ببطء أنتفضت وهبت واقفه على قدميها وهي تنظر باتجاه الباب بترقب شديد فوجدته يدلف إلي داخل الشقه وهي يتجول بنظراته بها ليقع بصرها عليها ، تكونت الابتسامه علي ثغرها لتزين وجهها الشاحب وتهللت اساريرها وهي تقترب منه قائله بخفوت :
_ سفياان

كانت ملامحه جامده وصلبه ولكن عندما رأي وجهها الشاحب حتي ظهر القلق على ملامحه وهو ينظر لها بتمعن شديد قائلا بتوتر :
_ وشك شاحب كده ليه ، مالك ؟؟

أجابت هي بلامباله وهي تبتسم بأشراق محدقه به :
_ عادي شويه سخنيه بس بقيت كويسه ٠٠

توقفت عن الحديث وهي تشعر بكفه البارد على جبينها يتحسسه ثم أبعده وهو يزفر براحه قائلا :
_ مفيش حراره الحمدالله ٠٠

أنكمشت ملامحها فجأه وهي تتذكر أنه تركها أسبوعين بمفردها وقالت له بلوم وضعف :
_ هونت عليك يا سفيان تسيبني اسبوعين كاملين بعيد عنك ٠٠

حدقها بنظرات أسفه وهو يقول بتبرير خافت:
_ أنتي عارفه أني هربان وبقالي شهرين اهو ومش عارف أوصل لحاجة وكان لازم أوصل لأي دليل ومش هينفع اخدك معايا مش عايز أعرضك للخطر ٠٠

تسألت هي باهتمام بالغ :
_ قدرت توصل لحاجه ؟؟

أجابها وهو يتحرك ليجلس على أحد المقاعد يدلك رقبته بارهاق:
_ ايوه وصلت ٠٠

تقدمت هي لتجلس على المقعد الذي بجانبه قائله بتوجس :
_ وصلت لأيه ؟؟

اعتدل ” سفيان ” في جلسته ومال قليلا للأمام يشبك كفيه في بعضهم ثم سرد عليها ما علمه باختصار ، أتسعت عيونها بذهول من هول ما تسمعه قائله بعدم استعياب بعد أن انتهي من سرده :
_ يعني كرم كان له علاقه بمافيا تجارة الاعضاء ٠٠

حرك هو رأسه أيجابا وحك ذقنه بتفكير قائلا بيقين :
_ والي أكيد هم إلي قتلوا ٠٠انا لما روحت لكرم يوم الحادثه عشان احاسبه على تصرفاته معاكي كان هو مقتول ٠٠

توقف عن الحديث لتسترجع هي ما حدث يوم الحادث

مساء ذلك اليوم

قرر” سفيان” الذهاب الي منزل “كرم” عازم على تلقين الأخير درس قاسي ، في الوقت التي كانت هي جالسه في شرفة غرفتها وقد تجاوزت الساعه العاشره مساء وهي تفكر في أنها أزاحت هم من على قلبها عندما أخبرت سفيان بمعرفتها السابقه بكرم ، وقعت نظراتها عليه وهو يخرج من البنايه بخطوات سريعه لا تعلم لماذا شعرت بأنقباض قلبها فتحركت مسرعه بدون أراده لتلحقه و التقطت سترتها وارتدتها وهي تتحرك بعجله ، عندما نزلت إلي الأسفل كانت سيارته قد رحلت مما جعلها تزفر بتوتر ، ليشتغل عقلها سريعا وتقرر أن تلحقه الي منزل كرم ٠٠

ترجلت من سيارة الأجره سريعا وهي تري سياره سفيان المصطفه أمام البنايه مما جعل قلبها يقع في قدميها وهي تشعر بالريبه والقلق، أتت أن تتقدم باتجاه البنايه ولكن تجمدت في وقفتها وهي تراه يخرج من البنايه بخطوات شبه راكضه ووجهه شاحب ويظهر عليه التوتر حيث وقع منه مفتاح السياره وانحني بسرعه يلتقطه فلمحت قميصه الأبيض الذي يوجد عليه بقعة دم كبيره استطاعت رؤيتها بسبب عمود الأناره ٠٠٠

فاقت من شرودها علي هتافه المرتفع بإسمها ، فنفضت أفكارها وقالت بتشوش :
_ بتقول حاجه ؟؟

ضيق ما بين عينه وهو ينظر لها بتمعن قائلا بحيره :
_ كنتي سرحانه في إيه ؟؟

اهتزت حدقتيها بتوتر ونظرت بعيد عنه وقالت بخفوت :
_ مفيش

اومأ هو برأسه بلا معنى ثم استرخي في جلسته بأرهاق و هتف بتقرير :
_انا ورايا مشوار النهارده ٠٠

نظرت له سريعا وقالت بترقب :
_ مشوار ايه ؟؟

زفر سفيان واغمض جفونه قائلا بهدوء متناهي:
_ هروح أشوف واحد من رجاله المافيا دول ٠٠

شهقت هي بعنف وظهر الخوف على ملامحها بوضوح قائله بانفعال مستنكره :
_ هتروح برجيلك ليهم ، أنت اتجننت !!

فتح جفونه ورمقها شذرا ثم قال بتحذير :
_ حافظي على كلامك ، إيه اتجننت دي !!

هبت ألماسه واقفه وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة باستهجان :
_ عايزيني أقولك إيه وأنت رايح تقابل راجل زي ده ٠٠٠

حدقها هو بنظراته المستاءه ثم قال شرحا بتمهل :
_ أنا مش رايح اقابله بالظبط ، أنا رايح أراقبه ٠٠

عادت تجلس مره أخري وقالت بعدم فهم :
_ تراقبه أزي ؟؟

مسح سفيان على وجهه بطريقه عصبيه وشرح لها باقتضاب قائلا:
_ يعني أنا عرفت المكان إلي بيروحه دايما وهروح اشوف الأجواء ايه وأزي أقدر أوصله ٠٠

زفرت هي بحنق ونظرت له قائله بتصميم وعناد :
_ مش هخليك تروح ، إلا إذا بقي لو مصمم يبقي رجلي على رجلك مش هتروح لوحدك ٠٠

حدقها سفيان بأحدي نظراته الصارمه قائلا بنبره جامده لا تحتمل النقاش :
_مش عايز أسمع ولا كلمه ، إنتي هتقعدي هنا وأنا هروح سمعتي أنا قولت إيه ؟؟

حركت رأسها رافضه كلماته وهتفت بحزم :
_يبقي اسمعني إنتي كويس بقي أنا مهربتش معاك عشان تسيبني لوحدي ، أنا معاك عشان أدور على الحقيقة معاك يعني لازم اكون معاك خطوه بخطوه ٠٠

رمها بنظره مستنكره قائلا بصوت رجولي ساخر :
_وهتعملي إيه بقي لما تكوني معايا خطوه بخطوه يا ست ألماسه!! ، ده إنتي بتخافي من الكلاب يا هبله ، تقومي تقوليلي هدور على الحقيقة معاك ٠٠

حدقته بنظرات مغتاظه ووقفت وهي تقول بغرور :
_ شكلك نسيت من هي ألماااسه

وقف هو الأخر أمامها وتراقصت ابتسامه ماكره على ثغره قائلا بمشاكسه :
_ ايوه مين هي ألماسه ٠٠

رمته ألماسه بنظره واثقه وهي تهتف بتباهي :
_ الماسه إلي هربتك يا استاذ سفيااان

صدحت ضحكات سفيان العاليه وتأمل وجهها الشاحب من التعب ثم مال عليها بدون قصد وهمس بهيام :
_و أيه كمان

شعرت هي بانفاسه تلفح وجهها فابتعدت خطوه للخلف وقالت بتوتر :
_ هو إيه إلي إيه كمان !!

اقترب منها هذه الخطوه بدون وعي منه كان كالمغيب حيث رفع كفه يتلمس وجنتيها بأنامله برفق قائلا بدفيء:
_ عايزه اعرف مين هي ألماسه كملي

شعرت بكهرباء تسري بجسدها وهي تنظر له بعيون تائهه و توردت وجنتيها مما دفعها تقول بخفوت متلعثمه بشده :
_ ألماسه ، الي ٠٠

أبتلعت باقي كلماتها وهي تري تلك النظره الدافئه في عيونه والتي يخصها بها تأثرت متذكره أبيها وقالت بتلقائيه بحنين دفين :
_ هو الوحيد إلي كان بيبصلي كده ٠٠

أبعد سفيان يده من على وجنتيها وانكمشت ملامحه وقال بغيره حاده:
_ مين ده؟؟

لمعت عيونها ببريق اشتياق وهمست بشوق :
_ بابا ٠٠

ارتخت ملامحه ثم حدقها بنظره حانيه وهو يقول بحنان :
_ربنا يرحمه ، ادعيله يا الماسه ٠٠

هزت رأسها إيجابا وكبحت دموع اشتياقها لأبيها وهي تنظر له بثبات مزيف قائله بنبره متحشرجه :
_عشان خاطري خدني معاك ،مش هضايقك حتي هقعد هاديه

قالت جملتها الاخيره برجاء طفولي ، جعل قلبه يرق لها فقال بتفكير وقلق :
_ بس يا ألماسه أنا مش ضامن الراجل ده عامل ازي !!

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بخطي شبه راكضه سارت ” زهره ” باتجاه الغرفه المتواجد بها ” مراد ” بهذه المستشفى لتضع يدها على مقبض الباب وتفتحه سريعا بلهفه ودقات قلبها تتسارع ليقع بصرها عليه وهو متسطح على الفراش بانهاك ووجه شاحب قد هربت الدماء منه وبجانبه الممرضه و قد انتهت الاخيره من عملها لتنظر إلي ” زهره ” بابتسامة لطيفه قائله بلطف :
_ حضرتك قريبته ؟؟

حركت هي رأسها بلا معنى وبصرها معلق بقلق ولهفه بمراد الذي اشاح ببصره بعيد عنها ، لتتنحنح الممرضه وتتحرك بهدوء تخرج من الغرفه مغلقه الباب خلفها ٠٠

اقتربت ” زهره ” من الفراش وهي تبتلع ريقها ببطء ، وقفت بجانب الفراش صامته غير قادره على الحديث تاركه لعيونها حق التجول على كل إنش في وجهه فقد اشتاقت له بشده ، ظل هو يحدق إلي الفراغ مشيح بوجهه بعيد عنها ثم زفر بضيق يقطع الصمت قائلا باقتضاب :
_ جايه ليه يا زهره ؟؟

خفضت ” زهره ” بصرها بأحراج وأجابت بتلعثم :
_ جايه أشوفك ، أقصد عرفت انك تعبان ، قولت ٠٠

حرك ” مراد ” رأسه ينظر لها قائلا بجفاء ساخر مقاطع إياها :
_ويا تري ابوكي سمح لك أخيراً أنك تيجي تشوفيني ؟؟

عضت ” زهره ” على شفتيها وحركت رأسها نافيه ثم حدقت به بخجل قائله بارتباك :
_ أنت كويس ؟؟

أجابها هو بعتاب مرهق:
_ يهمك اوي ؟!!!

قالت هي سريعا بعفويه متلهفه :
_ طبعاً يهمني

أبعد هو بصره بعيد عنها وضغط على قبضته قائلا باستهزاء :
_ واضح أنه فعلاً يهمك، عشان كده اختارتي ابوكي واختارتي تبعدي عني عشانه

هتفت هي مدافعه عن نفسها بتبرير متوتره:
_ مراد أنت عارف أن ده أبويا مقدرش اتجوزك من غير موافقته

ضحك هو بعصبية وهي يحدق بها باتهام قائلا بكلمات قاسيه :
_ إنتي طول عمرك سلبيه ، ضعيفه الشخصية عمرك ما هتتغيري ، أمشي يا زهره أمشي روحي أقعدي جمب ابوكي ٠٠

أمتصت كلماته القاسيه بألم متحكمه في اعصابها هي تعلم أنه محق في كل كلمه قالها هي بالفعل ضعيفه أمام والدها ، نطقت بضعف :
_مش قادره أكسر أبويا يا مراد مش قادره ٠٠

احتدت نظراته قائلا بصوت مرتفع النبرات واضح فيه التعب :
_ أنا بقولك تعالى نتجوز عرفي، إحنا هنتجوز قدام الناس مش في السر ، إنتي شوفتي أنا طول الشهرين إلي فاتوا وأنا بحاول مع ابوكي أنه يوافق على جوازنا بس هو مصمم على موقفه ٠٠

قالت هي بنبره مندفعه متسرعه :
_ وبعدين انت خلاص متأكد أنك عايز تتجوزني بعد جوازي من غيرك ؟؟

حدقها هو بنظرات ناريه وظل صامت للحظات ليصدمها بقوله بفتور بكلمات جارحه :
_ أديكي قولتيها ، أنا واحد متجوزتش قبل كده وراضي وموافق اتجوز واحده اتجوزت قبلي ، بس هي وابوها مش موافقين ٠٠

قال جملته الاخيره بتهكم لاذع ، شعرت هي بكلماته كنصل سكين اخترق قلبها ،قاومت دموعها التي لمعت في عيونها بصعوبه ورفعت رأسها قائله بصوت مكتوم :
_ أنا مطلبتش منك تتجوزني ٠٠

أنهت جملتها وجاءت لتتحرك لكنه امسكها من معصمها مما جعلها ترمقه نظره قاتله وهي تنزع يدها من يده بقوه قائله بنبره مهزوزه محذره إياه:
_ مش عايزه أعرفك تاني يا مراد ٠٠

أنهت حديثها لتغادر الغرفه بخطوات سريعه تاركه إياه ينظر في أثرها بحنق وغضب من نفسه شاعرا بالذنب من حديثه التي لم يكن سوى ليجعلها تصبح قويه أكثر ، ضغط على شفتيه بشده قائلا بغضب مكبوت مفعم بالندم:
_ غبي يا مراد ، غبي

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في أحد الشقق

لوت تلك الفتاه الجالسه فمها ومعالم الخيبه مرتسمه على وجهها وهي تقول بسخط :
_ أنا زي اخته يا حبيبتي لحد دلوقتي ٠٠

شهقت شقيقتها واضعه يدها على فمها قائله بعدم استعياب :
_ تقصدي أنه ٠٠٠

نظرت لها الأخري بنظرات ذات مغزي قائله بحسره :
_ ايوه يا ختي الي فهمتيه صح !!

_ سمر!!

صاح ” قاسم ” بأسمها بعنف وقد أحمر وجهه من الاحراج والغضب ، لتحدقه ” سمر ” بنظرات ممتعضه قائله باستهجان :
_ مالك يا اخويا ، مش أنت اخويا برضوا يا قاسم ؟؟

نطقت الجمله الاخيره بتساؤول ساخر ، ليكز الأخر علي أسنانه وهو يشيح ببصره بعيد عنهم وقد أحمر وجهه للغايه من فرط الاحراج ، ليتحرك بخطوات غاضبه وهو يشعر بالعجز والألم وخرج من الشقه وصفع الباب خلفه ٠٠

ضغطت ” سمر ” على شفتيها وهي تنظر الى شقيقتها قائله بعزم وإصرار :
_ أنا لازم أطلق منه ، مش هقدر اعيش معاه وهو كده ٠٠

لتحرك الأخري رأسها نافيه قائله بعدم اقتناع :
_ هتطلقي وأنتي بقالك اسبوع بس متجوزه ٠٠

ضربت الأخري على ساقيها بكفيها وهي تندب حظها قائله :
_ جوازه النيله عليه وعلي دماغه ٠٠وقال كان عايز يتجوز ألماسه ٠٠

ضيقت الأخري ما بين عينها قائله بتعجب :
_ ألماسه مين !!، قصدك ألماسه عارضة الأزياء ؟؟

حركت ” سمر ” رأسها أيجايا وهي تنظر أمامها بشرود قائله بحزم :
_ لازم أطلق لازم
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
دهس حمزه عقب سيجارته بقدميه وهو يستند على سيارته بانتظار أحدهما ، دقائق ووجد عامر صديقه يتقدم باتجاهه ، اعتدل في وقفته وحك ذقنه وقال بصوت غليظ :
_ عملت إيه ؟؟

وقف عامر أمامه وقال بجديه وثقه :
_ جبتلك كل المعلومات عن البت الي هيتجوزها

نظر له حمزه بتركيز وقال بصوته الخشن:
_ سامعك

أخذ عامر نفس وقال بنبره جاده :
_ خد عندك البنت إسمها ياسمين فرحات ،طالبه في كلية علوم ، تبقي صاحبه أخت عمرو ده والي فهمته من صاحب عمرو أن من وقت ما شافها وهو معجب بيها وحاليا شغله الشاغل أنه يقدر يتجوز البت دي و٠٠

حدقه حمزه بنظرات جامده وقاطعه قائلا بضجر :
_ هي دي المعلومات يا زفت ، أنجز هات المفيد ٠٠

تنحنح عامر ثم أكمل بنبره متوتره :
_ مش عارف المعلومه دي هتفيدك ولا لا ٠٠

ضيق حمزه ما بين عينيه قائلا بنفاذ صبر حاد :
_ قول وأنا هحدد هتفدني ولا لا ٠٠

قال الأخر بعدم اكتراث :
_ فرح أخته النهارده ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ترجل سفيان من سيارة الأجره و ترجلت هي الأخري فنظر لها هو بقلق وعدم ارتياح لكنها أبتسمت له نصف ابتسامه وقالت برقه :
_ متخفش يا سفيان هقعد بعيد والله ٠٠

اومأ برأسه بتوتر وأمسك يدها بتملك وحمايه وسار بها على مضض داخل هذا المكان وكانت الموسيقى صاخبه ومرتفعه بشكل مبالغ فيه ودخان السجائر يتصاعد في الأجواء وأيضا زجاجات الخمر تملئ الطاولات وهناك على بقعه مضيئه بنور قوي تتمايل رقاصه باحترافيه مما جعل سفيان يشعر بالاشمئزاز ، وأيضاً ألماسه التي تذكرت حياتها السابقه وشعرت بالندم أنها كانت تدخل مثل هذه الإماكن ٠٠

ضغط سفيان على يدها وهو ينظر لها باضطراب ، ابتسمت له بهدوء ومالت علي أذنه تهتف بصوت مرتفع حتي يتمكن من سماعها :
_ أن شاء الله هتعدي على خير ٠٠

كاد أن يرد عليها ولكن توقف عندما رأي رجل ضخم البنيه يبدو شخصية مهمه من الحرس الذين معه دلف إلي المكان وخلفه رجل قصير القامه وسمين من الواضح أنه صاحب المكان حيث أشار له إلي أحد الطاولات فجلس الآخر ووضع ساق فوق الأخري وهو يتجول ببصره في المكان باستعلاء وعدم اكتراث ٠٠

لاحظت ألماسه نظراته لهذا الرجل مما جعلها تميل عليه هاتفه باستفهام بنفس النبره المرتفعه :
_ تعرف الراجل ده ؟؟

حرك سفيان رأسه بالنفي وقال بحيره وتخمين :
_ بس عندي احساس أن هو الراجل إلي جاي عشانه ٠٠

توقف عن الحديث وهو يري نظرات أحد الشباب الموجهه إلي ألماسه مما دفعه يضغط على يدها بشده وهو يوجه نظراته الناريه لهذا الشاب الذي أبعد بصره عنها عندما لمح نظرات سفيان ، بينما تألمت ألماسه ومالت مره اخرى علي أذنه هاتفه :
_ سفيان أيدي ٠٠

نظر لها سفيان بحده ثم تحولت إلى الاستغراب وهو يقول بحيره بصوت عالي نسبياً:
_ مالها إيدك؟؟

أجابت هي بنبرة عاليه :
_ أنت ضاغط عليها ٠٠٠

توجهت نظراته سريعا إلي كفه القابض على كفها الصغير بشده مما جعله يخفف قبضته ثم عاد ينظر إلى وجهها قائلا بأسف :
_ مخدتش بالي

ابتسمت ألماسه بعذوبه ، وابتسم هو الآخر لها ابتسامه متوتره ثم تحرك بها الي طاوله بعيده قليلا عن الأنظار وأشار لها أن تجلس بعد أن ترك كفها فجلست ثم وجدته ينحني وقال بجانب اذنها بتحذير حازم :
_ لو حصل إيه متتحركيش من مكانك ٠٠

حركت هي رأسها بطاعه ٠٠ اعتدل هو في وقفته ونظر لها نظره أخيره قلقه ثم التفت يتحرك بخطوات متمهله وهو يتجول ببصره في المكان ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
_ مهره علي فكره أنا جوزك مش واحد غريب ٠٠

نطق صهيب هذه الكلمات بنفاذ صبر وهو ينظر إلي مهره التي تقف في المطبخ مرتديه حجاب وفستان بيتي طويل له أكمام التفتت هي له قائله ببراءه :
_ ما أنا عارفة أنك جوزي مش واحد غريب

فقد “صهيب” أعصابه وقال بنبره منفعله:
_ مهره مش هنخلص بقى من تصرفاتك دي وتهربك مني ، عد شهر على فرحنا وسيادتك بتتهربي مني وبتعاملني كأني غريب عنك ٠٠

حدقته مهره بنظرات لامباليه وثم نظرت أمامها وفتحت صنبور المياه وشرعت في غسل الاطباق وقالت بعدم فهم مزيف:
_ بتهرب منك ازي مش فاهمه

نظر لها شذرا وهتف بنبره محتقنه :
_ بقي يوم فرحنا يا مفتريه تجيب ابن خالتك يقعد معانا ، وتقوليلي بتهرب منك ازي ٠٠

كتمت ضحكتها بصعوبه وهي تشرد بعقلها متذكره ذلك اليوم ٠٠٠

عوده الى ذلك اليوم

_ مين ده ؟؟

نظرت له ببراءه مصطنعه وهي تحاول تمالك ضحكاتها بصعوبه قائله:
_ ده طفل برئ

مرر يده على خصلات شعره بعصبية قائلا بنفاذ صبر حانق :
_ ما انا عارف أنه طفل ، إيه إلي جابه هنا ؟؟

رمشت مهره بعيونها عدة مرات لتمسك يد الصغير وهي تقول بهدوء بارد :
_ ده ابن خالتي الصغير هيقعد معايا اسبوع

ضرب صهيب كف على كف ليقول بغيظ شديد وهو يضغط على الكلمات بشده :
_ يوم فرحنا ، جاي يقعد معاكي يوم فرحنا ، صبرني يارب

عوده الى الوقت الحالي

فاقت مهره من شرودها وهي تحاول كتم ضحكتها لكنها لم تستطع فصدر منها ضحكه خفيفه ، رفع صهيب أحد حاجبيه وقال بغيظ :
_ إنتي بتضحكي ٠٠

انتبهت مهره على نفسها لتكتم باقي ضحكاتها بصعوبه وقالت بصوت مكتوم :
_ بضحك !! ، هضحك على إيه !!

أنهت حديثها وهي تضع كل تركيزها على الطبق الذي بيدها تقوم بتنظيفه ٠٠

جز صهيب على أسنانه بشده ثم فكر قليلا واقترب منها بخطوات بطيئة ووقف خلفها فشعرت هي بانفاسه الدافئه تلفح عنقها مما جعلها تلتصق في حوض الغسيل أكثر وهي تشعر بقلبها بنبض بشده شعرت به يزيل عنها طرحتها مما جعل ملامحها تبهت وتبتلع ريقها ثم شعرت بشفتيه على عنقها يطبع قبله دافئه جعلت الرجفه تسير في جسدها واغمضت جفونها وهي تشعر بالارتباك ثم شعرت بفراغ ، ففتحت جفونها و التفتت تنظر وجدته قد أبتعد عنها عدة خطوات ويقف يعقد ذراعيه أمام صدره ،فشعرت باشتعال وجنتيها ٠٠٠

ابتسم هو بعذوبه قائلا بمكر :
_ ليكي يوم يا مفتريه ٠٠

قال جملته وهو يلتقط تفاحه من طبق الفاكهه ويقضمها بتلذذ وعيونه مسلطه على تلك التي توزع بصرها هنا وهناك بعيد عنه بخجل وارتباك ٠٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
استندت بكفيها على الطاوله وهي تراقب سفيان الذي يقف بعيداً يتحدث مع أحد الأشخاص وعيونه مسلطه على هذا الرجل الغامض، بينما هو كان يقف مع ذلك الشخص يسأل عن هواية هذا الرجل يحاول معرفة معلومات عنه وكان بين الثانيه والاخري ينظر لها يطمئن عليها٠٠

انتهت الراقصه من أداء فقرتها فيجدها تتحرك وهي تتمايل في خطواتها بدلع باتجاه هذا الرجل الذي ابتسم باستمتاع ٠٠٠

لاحظت ألماسه نظرات سفيان الموجهه لهذه الرقاصه و اشتعلت نيران الغيره بداخلها وهي تنقل بصرها بين سفيان وبينها وجزت على أسنانها بشده تحاول التماسك والتحكم في نفسها ٠٠

بينما ظلت الرقاصه جالسه قليلا مع هذا الرجل تضحك معه بوقاحة ودلال بينما هو قد وضع يده على جسدها الذي يظهر معظمه من تلك البدله الفاضحه التي لا تغطي إلا القليل من جسدها ،دقائق وابتعدت هذه الرقاصه عن ذلك الرجل ثم وقفت وسارت مبتعده عنه ٠٠٠٠

جحظت عيون ألماسه بشده حتي كادت أن تخرج من محجرهم وهي تري سفيان يشير لتلك الرقاصه أن تقترب منه ،فتحركت الأخري باتجاهه بكل سرور وهي تنظر له بجراءه وما جعل جسدها يشتعل بنيران حارقه هو رؤيتها له يميل عليها يهمس لها ، فضحكت الأخري بدلال وهو تغمز له واضعه أناملها المطليه بلون احمر على صدره ومالت عليه وكادت أن تقبله ٠٠٠٠

لم تستطع التحكم في نفسها وقد فارت الدماء في عروقها فهبت واقفه وتحركت بخطوات غاضبه باتجاهم وفي لحظه كانت تقبض علي شعر تلك الرقاصه بشراسه فصرخت الأخري بألم ، بينما أتسعت عيون سفيان ونظر لها بذهول وعدم استعياب ثم تحولت نظراته إلي الغضب القاتل وصاح بصوت عالي :
_ ألماسه ٠٠

أزاحت الماسه قبضتها من على شعر الأخري على مضض بعد أن لاحظت نظرات جميع المتواجدين في المكان موجهه باتجاها، ثم شعرت بقبضه سفيان على معصمها يسحبها بعنف خلفه الي خارج المكان وعيونه تطلق الشرر غافلين عن نظرات ذلك الرجل التي تلاحقهم ٠٠

كانت تسير خلفه تحاول التوازن في خطواتها وهي تسمع صوت تنفسه الغاضب لكنها لم تبالي فهي أيضا غاضبه منه كيف يسمح لهذه الفتاه بالاقتراب منه هكذا ، توقف عن السير فتوقفت هي ونزعت معصمها من قبضته بقوه وهي ترمقه بنظرات مشتعله بالغيره ، بينما هو يكاد يحرقها بنظراته وهو يصيح بعصبية هادره :
_ إنتي غبيه ، مبتسمعيش كلامي ليه ، مش قولت متتحركيش من مكانك ٠٠

وضعت يديها في خصرها ورمته بسهام الغيره القاتله وقالت بعصبية مماثله واندفاع:
_ كنت عايزني أعمل إيه وانا شايفه الزباله دي مقربه منك كده ، وبعدين أنت شكلها كانت عاجبك ، مكنتش اعرف أنك زي اي راجل عينك زايغه ٠٠٠

كانت عيونه حمراء من الغضب ورفع سبابته أمام وجهها وأشار لها وهو يصيح بغضب ناري :
_اوعي تتخطي حدودك ،اوعي عشان أنا مش عيل صغير قدامك صحصحي لكلامك

أنهي حديثه وزفر بغضب ثم تخطاها وهو يقول بنبره صارمه يأمرها :
_دقايق وراجع ، وإياك أرجع ملاقيكش يا الماسه شوفي هيحصل ايه ، تقفي مكانك زي الشاطره كده تستني أما أرجع ٠٠

دبت بقدميها الأرض بغضب مكبوت والغيره تنهش قلبها وهي تراه يدلف إلي هذا المكان مره أخري كادت أن تلحقه ولكن قلقت من رد فعله لذا ظلت واقفه مكانها على مضض٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ترجل حمزه من سيارته وهو ينظر إلي قاعة الأفراح الفخمه والناس التي ترتدي ثياب السهره يدلفون إليها ، ارتسمت ابتسامه ساخره على فمه ثم تقدم بخطواته الواثقه باتجاه القاعه ودلف إليها وهو يحرك بصره في المكان باستهزء ثم تقدم وجلس على أحد الطاولات والتي تكشف المكان بأكمله ، وضع ساق فوق الأخري وهو يشعل سيجاره، وظل يراقب مدخل المكان حتي لمح عمرو يقف أمام باب القاعه يرحب بالضيوف ، ظل يراقبه ببرود وهو ينفث دخان سيجارته ٠٠

ضيق عيونه بشده وهو يري فتاه تدلف إلي المكان بخطوات هادئه وقد رأي ابتسامه عمرو التي أتسعت عندما رأها ، دقق النظر إلي وجهها فهو يشعر أنه رأها من قبل ، أتسعت عيونه عندما أدرك أنها الفتاه المجنونه التي تدعي ياسمين والتي أتت إلي القسم بحيلة أنها تود عمل بطاقه جديده ٠٠٠٠٠

لمعت عيونه ببريق مخيف وهو يتخيل أن يكون عمرو من بعثها إلي القسم في ذلك اليوم ، سلط بصره عليها وهي تتجول في القاعه تقوم بمصافحة الفتيات وعلي ثغرها ابتسامه مرحه ، رأها تجلس على أحد الطاولات مع مجموعه من الفتيات ثم رفعت هاتفها وابتسمت ابتسامه واسعه وهي تلتقط صوره سيلفي لها مع هؤلاء الفتيات ٠٠ بعد دقائق رأها تضع هاتفها على أذنها وتخرج من القاعه ، لمعت عيونه أكثر ونهض وخرج من القاعه هو الأخر ٠٠

وقف خلفها ووضع كفيه في جيب بنطاله ، وهو يسمعها تتحدث بضجر:
_ خلاص يا ماما قولتلك هروح أنا وصحابي مع بعض٠٠٠ فهمت يا ماما والله ٠٠٠ متقليقش أمنيه هتجبلنا عربيه تروحنا أخر الفرح ٠٠٠ ماشي سلام بقي ٠٠

أنهت المكالمه ثم التفتت ، وما أن وقع بصرها علي تلك الواقف أمامها حتي شهقت بصدمه ثم نظمت أنفاسها المضطربة وهي تقول بعفوية :
_ أنت !!

أجابها هو بسخريه فظه :
_ ايوه أنا ٠٠

قالت ياسمين بانفعال طفيف :
_ أنت بتراقبني؟؟

حدقها بنظره مستهزءه وقال ببرود جليدي :
_ وهراقبك ليه ؟؟ ، إنتي عملتي حاجه غلط

قال جملته الاخيره بنبره غامضه ، فهتفت هي بثقه :
_ لا طبعا ، بس أنت إيه إلي جابك هنا ؟؟
قالت الجمله الاخيره بتساؤول فضولي ٠٠

أجابها هو بنبره جافه :
_ وأنتي مالك

أحمر وجهها من الاحراج وقالت بحنق طفولي:
_ عندك حق وأنا مالي ، وسع من سكتي ٠٠

داعب حمزه شاربه وهو يقول ببرود مستفز :
_ هو أنا واقف في سكتك ما تعدي ٠٠

انتبهت ياسمين أن فعلاً هناك مسافه تستطيع أن تمر منها فشعرت بالحرج أكثر وتنحنحت وقالت بثبات مصطنع :
_ مش واخده بالي ٠٠

تحركت وسارت بخطوات مرتبكه باتجاه القاعه ، ولكنها توقفت على صوته المرتفع الفظ :
_ مقولتليش صحيح إيه السبب إلي خلاكي تيجي القسم ٠٠٠
توقفت هي عن السير والتفتت تنظر له بغيظ وتحركت باتجاهه بخطي سريعه وهي تهتف بنفاذ صبر منفعل :
_ جرا إيه يا جدع انت ، ما قولتلك يومها اني كنت عايزه اتفرج على القسم و ٠٠٠

توقفت عن الحديث وصدرت منها صيحة ألم عندما وقعت على الأرض بسبب كعب حذائها الذي انكسر ، صرخت هي بحسره وهي تخلع حذائها:
_ كعب الجذمه اتكسر منك لله

نظر لها هو بلامباله وقال بجمود :
_ تستاهلي ٠٠

رفعت بصرها تنظر له بحده وهي تدلك قدمها وهتفت بنزق :
_ حسبي الله ونعم الوكيل ٠٠

قال حمزه بهدوء بارد :
_ حد قالك تلبسي جذمه بكعب

وقفت ياسمين علي قدميها وهي تحمل حذائها بيدها وقالت بعفوية مغتاظه :
_ لبسك عفريت يا بعيد ٠٠

شهقت بشده ووضعت يدها على فمها عندما لاحظت نظراته المشتعله التي تكاد تقتلها ، فقالت سريعا معتذره :
_ مش قصدي ، اسفه ، وحياة عيالك يا شيخ بلاش البصه دي

ظل حمزه يتأملها بنظراته التي تحولت إلى البرود وقال باستخفاف :
_ أما إنتي جبانه كده ، بتطولي لسانك ليه ٠٠

قالت ياسمين بتلقائية وهي تنظر له ببلاهه :
_ حماره ٠٠

رفع أحد حاجبيه وقال باستنكار :
_ نعم !!

قالت ياسمين بصوت مكتوم وهي علي وشك البكاء:
_ متركزش عشان متهيسش

ضيق حمزه ما بين عينيه وقال باستفهام مصطنع :
_ إنتي مجنونه يا بت إنتي

قالت ياسمين بتساؤول ونظرها معلق بحذائها الذي بيدها :
_ تعرف حد قريب من هنا يعملي كعب الجذمه ده؟؟

زفر حمزه بضيق وظل يحدقها بنظرات صامته ، فرفعت بصرها وقال باندفاع :
_ أنت مبتسمعش بقولك تعرف حد يعمل ٠٠

أبتلعت باقي كلماتها عندما لاحظت نظراته الحاده المحذره ، تنحنحت ورسمت ابتسامه بلهاء على وجهها قائله برقه مصطنعه :
_ بقول يعني حضرتك وسيادتك تعرف حد يعملي كعب الجذمه ٠٠

رفع حمزه أحد حاجبيه وقال باقتضاب :
_ معرفش

همست ياسمين لنفسها بتذمر :
_ لوح تلج

انتبه حمزه لهمسها فقال بتوعد :
_ قولتي إيه ؟

نظرت له ياسمين ببراءه وقالت من بين أسنانها :
_ بقول الجو برد ٠٠

_ أنسه ياسمين بتعملي إيه عندك ؟؟

كان ذلك سؤال عمرو الذي تقدم منهم ، التفتت هي له وقالت بحرج :
_ كنت بكلم ماما

وجدت نظراته موجهه إلي يدها الممسكه بالحذاء فقالت بأسف:
_ كعب الجذمه اتكسر

فقال عمرو سريعًا بنبره رقيقه :
_ ولا يهمك دلوقتي حالا يكون عندك غيرها

قالت ياسمين رافضه بأحراج :
_ مفيش داعي ، بس لو في حد قريب من هنا يعملها ٠٠

قال عمرو بأصرار وقد ارتسمت ابتسامه جذابه على ثغره :
_ دقايق ويكون عندك واحده غيرها٠٠ دقيقة واحده

قال جملته وهو يخرج هاتفه من جيب سترته ثم استدار بجسده وسار عدة خطوات وهو يتحدث في الهاتف ٠٠

أنتفضت ياسمين وهي تسمع حمزه يقول بنبره ساخره ذات مغزى :
_ مبروك مقدماً على الجذمه الجديده ٠٠

التفت سريعًا له وقالت بامتعاض :
_ أنت لسه هنا

ألقي حمزه نظره غامضه عليها ثم تخطاها وهو يقول بنبره مبهمه :
_ خلي بالك لحاجه تانيه تكسر منك وساعتها مش هتعرفي تصلحي الكسر ده ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
أخذت تحرك قدميها بطريقه عصبيه وبصرها موجهه الى باب المكان بانتظار خروج سفيان ، وقع بصرها على ذلك الرجل يخرج من المكان وخلفه رجاله ، اهتزت حدقتيها بارتباك وهي تراه يتقدم باتجاها وعيونه السوداء مسلطه عليها بنظرات غير مريحه ، ابتعلت ريقها ببطء عندما وقف أمامها وشعرت بنظراته كأنها تجردها من ملابسها ٠٠

ابتسم هو ابتسامه جذابه ومد كفه قائلا بغرور :
_ماهر منصور

نقلت نظرها بين كفه المدود وبين وجهه وقالت بتلقائيه وغباء:
_ مبسلمش

عقد ماهر حاجبيه بشده وهو يتفحصها بنظرات واقحه بدايه من شعرها التي تربطه علي هيئة كحكه عشوائيه إلي معطفها الأسود والبنطال الأسود الذي ترتديه أعاد يده الي جانبه وقال بتهكم :
_ ازي إنتي مش محجبه ، و مبتسلميش ، مش غريبه شويه دي ؟؟

شعرت ألماسه بالحرج لكنها نظرت له وقالت ببرود تخفي خلفه قلقها :
_ شئ ميخصكش ٠٠

تأملها ماهر بنظرات إعجاب واضحه والإبتسامة الماكره تتراقص على ثغره ثم قال لها بنبره غامضه:
_ هيبقى يخصني بعد كده

توجست ألماسه من جملته وتسألت بانفعال متوتر :
_ تقصد إيه ؟؟

رفع سبابته أمام وجهها قائلا بابتسامة خبيثه :
_ هتعرفي قريب، أصل إنتي عجباني

قال الجمله الاخيره بوقاحه ثم غمز لها قبل أن يتحرك من أمامها بخطوات هادئه تارك إياها تفكر بخوف في مغزي حديثه ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
تجلس ساره على الفراش ضامه ركبتيها إلي صدرها تشعر بالذنب على ما فعلته وعقلها يسترجع ما حدث ٠٠

عوده الي ما حدث

خرجت من العياده مع رائد جارها الغامض والتي اكتشفت للتو انه طبيب ،توقفت عن السير وهي تقول بتلعثم :
_ممكن أفهم أنت رفضت تعملي العمليه ليه ؟؟

التفت لها رائد وقال بهدوء :
_ إنتي مش كنتي متجوزه ؟؟

اومأت ساره برأسها قائله باقتضاب :
_ ايوه و مات وبعدين ده إيه علاقته بالموضوع ؟؟

مسح رائد على وجهه واجابها بهدوء نسبي وهو يحاول عدم النظر إليها:
_ يعني إنتي مش عامله حاجه غلط عشان تنزلي الطفل

حدقت ساره به قائله بعصبية متشنجه :
_ وأنت مالك ، أنا حره عايزه انزل الطفل

استغفر رائد بصوت مسموع وقال بفتور :
_ راجعي نفسك حرام تنزليه ، الطفل ده ذنبه ايه ،دي نعمه ، غيرك مش لاقي النعمه دي

قال الجمله الاخيره بحزن طفيف ٠٠٠

عوده الى الوقت الحالي

فاقت من شرودها على باب الغرفه يفتح وظهرت سيده في أواخر الخمسينات ذات جسد ممتلئ وبشره بيضاء وقامه قصيره كانت ترتدي جلباب بسيط وتضع طرحه تظهر نصف شعرها الأبيض ، وقفت السيده بجانب الفراش وقالت بنبره دافئه :
_ لسه برضوا مش عايزه تيجي تقعدي معايا بره ؟؟

أرتسمت نصف ابتسامه باهته على ثغر ساره وقالت بصوت مبحوح :
_ حاضر يا طنط

تهلهلت اسارير تلك السيده حيث جذبت الأخري من معصمها قائله بحماس :
_واخيرا ، بقالك شهرين من ساعة ما جيتي هنا وأنتي قاعده في الأوضه ليل نهار ٠٠ تعالى نتفرج على مسلسل أبو العروسه تعالى ٠٠٠

ظلت المرأه تثرثر وهي تسحب ساره الشارده خلفها الي خارج الغرفه ٠٠

عوده الى ما حدث

_ مش عايزه ارجع البيت ، وديني أي فندق

نطقت ساره بجمود بتلك الجمله وهي تجلس بجانب رائد في السيارة حيث أصر الأخير على توصيلها ، سألها هو وبصره معلق بالطريق :
_ ليه مش عايزه ترجعي البيت؟؟

أجابت ساره بفظاظه :
_ أنا حره

زفر رائد بنفاذ صبر وقال بنبره جاده:
_ طب يا انسه يا حره ، ممكن أعرف مش عايزه ترجعي بيت أهلك ليه ؟؟

نظرت ساره من نافذة السيارة بشرود وظلت صامته للحظات ثم قالت باقتضاب :
_ مش عايزه أشيل أهلي همي وهم الطفل الي في بطني ، كفايه إلي حصل لاخويا بسبب جوازي من كرم ٠٠

عادت إلى واقعها وهي تري تلك السيده الطيبه تضع أكواب الشاي على الطاوله قائله بحبور :
_انتي مش متخيله فرحتي بوجودك معايا ، أصل رائد من ساعة ما اتجوز وهو عايش في القاهره ، بس الصراحه يا قلب أمه بيجي ليا على طول ٠٠

شردت ساره في حديثها وقد دهشت من كون رائد متجوز ، كانت تود أن تسألها أكثر عنه من باب الفضول لكنها صمتت وهي تتذكر أنها عند إصرارها أن تبتعد عن أهلها وجدته بالفعل ينفذ رغبتها ولكن لم يذهب بها الي فندق بل آتي بها الي هذه القريه حيث بيت والدته البسيط واخبرها أن تبقي هنا الوقت التي تريده وإذا قررت العودة إلى أهلها تخبر والدته والتي بدورها سوف تتصل به ٠٠

ابتسمت ساره بشحوب وهي تري تلك السيده تصفق بيدها كالاطفال قائله بفرحه :
_ مسلسل الحقيقه والسراب هيجي تاني

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في شقه أهل سفيان

كانت زهره جالسه مع سميره بصاله المعيشة و قالت الاخيره بتنهيده حزينه :
_ يا تري أنتي فين يا ساره

تسألت زهره بشفقه :
_ لسه برضوا مفيش خبر عنها ؟؟

حركت سميره رأسها نافيه وقالت بحسره :
_ أمي هيجرلها حاجه ، مش كفايه سفيان والي حصله ، وكمان ساره ، يارب طمنا عليها يارب
أنهت حديثها وهي تضرب بكفيها على ساقيها ٠٠ زفرت زهره بشده وقالت باهتمام :
_ الدكتور قال ايه على ماما حنان ؟؟

نظرت لها سميره بعيون تلمع بها الدموع وقالت بحزن :
_ قال إنها حاله نفسيه ٠٠

نظرت لها زهره بتعاطف وقالت بحزن حقيقي :
_ أنا زعلانه بجد على ماما حنان ، مش قادره اصدق أنها فقدت النطق ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
_ مش هتتغيري بقي نفس التصرفات المتهوره ، عمرك ما هتتغيري للأسف

صاح سفيان بهذا الحديث وهو يتجول في الشقه بغضب بينما تجلس ألماسه تحرك قدميها بعصبية متشنجه وتنظر له بغيظ شديد ، صاحت هي الأخري قائله بنبره محتقنه :
_ أنا الي تصرفاتي متهوره ولا أنت ، أنت مش شايف نفسك يا سفيان ده كانت شويه وهتبوسك وأنت واقف عادي ٠٠

توقف عن السير ونظر لها شذرا وقال بعصبيه هادره :
_ أنا عمري ما كنت هسمح لها تعمل حاجه زي دي ، واظن إنتي عارفه أخلاقي كويس حتي لو دليل البراءه متوقف على ده ، أنا مش زي الشباب الزباله الي كنتي تعرفيهم قبلي ٠٠٠
قال الجمله الاخيره بدون وعي ، وأدرك ما قاله عندما لاحظ ملامحها التي احمرت بشده من الغضب ونظرات العتاب التي ترمقه بها ، مسح هو على وجهه و وهو يستغفر شاعرا بالندم وحاول تصليح ما قاله قائلا باعتذار وندم :
_ ألماسه انا مقصدش ، أنا بس متنرفز و ٠٠

قاطعته ألماسه وهي تنهض قائله بانفعال متشنج :
_ أنت قولت إلي جواك عمرك ما هتنسي

زفر هو بعنف ورمقها نظره مليئه بالضيق ثم قال بجفاء :
_ أنا قولت مقصدتش عايزه تصدقي صدقي مش عايزه إنتي حره

نظرت له ألماسه بلوم وقد شعرت بالاختناق ثم تحركت باتجاه أحد الغرف قائله بجمود :
_ تمام أوي

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
الساعه الثالثه صباحاً
في تلك الشقه

كان سفيان جالس على الأريكة يضع رأسه بين كفيه وهو يشعر بالغضب من نفسه على حديثه معها هكذا ، هي صغيره في السن ومن الطبيعي أن تكون تصرفاتها متسرعه ، رفع بصره باتجاه الغرفه التي تجلس بها يود أن يذهب إليها ليراضيها ، ولكن قرر الانتظار للصباح افضل٠٠

شعر بالنوم يداعب جفونه فهو مرهق بشده فتمدد على الأريكة ووضع ذراعيه خلف رأسه واغمض عيونه ولكن فتحهم سريعا عندما سمع طرقات على باب الشقه ، اعتدل سريعا ليهب واقفا وهو يحدث نفسه بحيره :
_ هو حمزه لحق ، أنا قولتله الصبح ٠٠

تحرك باتجاه الباب وقال بصوت عالي نسبياً حذر :
_ مين ؟؟

لحظات واتي صوت حمزه يقول بايجاز :
_ حمزه

فتح سفيان الباب سريعا وعقد حاحبيه وهو ينقل بصره بين حمزه و صالح الذي يقف بجانبه بملامح متجهمه !!

يتبع

error: