العبق الاقحواني ” مي الفخراني”

(23)

دلف ” سفيان” إلي البيت بملامح مقتضبه وجد ” ألماسه” و ” زهره” ، فهتف قائلا بجمود:
_ السلام عليكم

ردت ” زهره” قائله بنبره عاديه :
_ وعليكم السلام

وردت ” ألماسه” باقتضاب :
_ وعليكم السلام

دلف ” صالح” بملامح غاضبه وصاح بصوت قوي:
_ أنت مش هتتلمي بقي ٠٠ دايما فضحاني كده !!

عقد ” سفيان ” حاجبه وتسأل بريبه:
_ في ايه ؟!

وقفت ” زهره ” وقالت مستفهمه:
_ في ايه يا بابا؟!

بينما وقفت ” ألماسه” تنظر الى “صالح” بثقه متعجبه ٠٠٠٠

قال “صالح” بعصبية هادره:
_ الهانم الي قدمكم بعد ما رفضت صهيب وقرر هو يتجوز ويستقر وده ضايقها أنه معدتش هيجري وراها ، قامت جيباه هنا وراها المزرعه عشان تاخده من خطيبته ٠٠

صعقت ” ألماسه ” بكل هذه الاتهامات وهتفت مصدومة:
_انا معملتش حاجه!!

بينما كان ” سفيان” قد اعتلت معالم الصدمه وجهه وتحولت ملامحه الي الغضب وهو يلتفت إلى ” ألماسه ” قائلا بشك من بين أسنانه:
_ هو صهيب جيه هنا ؟!

شحب وجه ” ألماسه”ونظرت إلى ” سفيان” و و قالت بوضوح مدافعه عن نفسها:
_ اه جيه بس ٠٠٠

شعر” سفيان” بنيران قد اشتعلت بداخله وقاطعها قائلا باحتقار :
_ عايزه كله يجري وراكي ٠٠ أنا غلطت أما افتكرتك اتغيرتي ٠٠

اهتزت ” ألماسه ” في وقفتها وشعرت بألم شديد بداخلها وقالت بنبره مختنقه غير مصدقه والرؤية مشوشه أمامها:
_ أنت صدقت الكلام ده ، بسهوله كده!!

أنهت جملتها ثم سقطت فاقده للوعي ٠٠٠

صرخت ” زهره” بفزع :
_ ألمااااسه

انتفض ” سفيان” واقترب منها بملامح قلقه وانحني ليحمل جسدها بين يديه التي ارتجفت من قلقه عليها ٠٠٠ ثم وضعها على أحد الارائك ٠٠٠

ظل ” صالح” ثابت في مكانه وقال بجمود :
_ سبيها يا سفيان دي بتمثل ٠٠

لم يعيره ” سفيان” انتباه وجثي على ركبتيه بجانب الأريكه ،وضرب بكفيه على وجنتيها محاولا إفاقتها ، وعيونه مليئه بالقلق ٠٠٠

هتفت ” زهره” بخوف واضح:
_ ألماسه فوقي ٠٠٠

التقط” صالح” كوب ماء كان موجود على الطاوله ، وقال باقتضاب :
_ أبعد إيدك يا سفيان عن وشها

نظر له ” سفيان” ثم ابعد يديه عن وجهها، اقترب “صالح”و سكب الماء علي وجه ” ألماسه” التي فتحت عيونها وهي تشهق بعنف وقد بللت المياه وجهها وملابسها ٠٠٠٠

قال ” سفيان” بلهفه واضحه:
_ انتي كويسه ؟!

اقتربت ” زهره ” وجلست على طرف الأريكة ومدت يدها تمسح على شعر ” ألماسه” وهتفت بحنو :
_ ألماسه انتي كويسه يا حبيبتي؟!

نقلت ” ألماسه” بصرها بينهم ببطء وقد شحب وجهها ، ركزت نظراتها على ” سفيان” ونظرت له بعتاب وخيبة أمل وقد لمعت الدموع في عينيها ٠٠٠٠

قال ” صالح” متهكم :
_ مش قولتلكم بتمثل ؟!

التفتت ” سفيان” الي “صالح” ورمقه نظره حاده ثم عاد ينظر إلى ” ألماسه” قائلا بتوتر:
_ قولي أي حاجه طمنيني !!

لم ترد ” ألماسه” حيث كانت تنظر إلي ” صالح” مصدومه تشعر بالظلم والقهر ، اغمضت جفونها وعضت على شفتيها المرتجفه تمنع الدموع المتجمعه في عينيها من السقوط ٠٠٠

اعتدلت ثم حاولت أن تقف ولكن لم تسعفها قدميها التي ترتجف ككامل جسدها ، عادت تجلس على الأريكة بمساعدة ” زهره ” التي أمسكت ذراعها وقالت بنبره خافته:
_ متقفيش دلوقتي عشان مدوخيش ٠٠٠

ابتلع ” سفيان” غصه مريره في حلقه وقال بخفوت :
_ ارتاحي ٠٠

أبعدت ” ألماسه ” برفق يد ” زهره” الممسكه بذراعها ، ثم حاولت الوقوف مره اخرى حتي استطاعت ٠٠٠ اغمضت عيونها للحظات ثم فتحتهم وقد انسابت دمعه حاره على وجهها ثم هتفت بنبره مهزوزه متقطعه :
_ أنا بمثل فعلا ، أنا قابلت ، صهيب وقولتله ، ابعد ، عن مهره ، وتعالى نتجوز ٠٠٠٠

صمتت قليلا وقد نظرت إلي عمها بنظره معاتبه متألمه وانسابت دموعها دمعه تلو الاخري وهي تكمل بنبره مرتجفه من البكاء :
_ أصلي مرفضتش صهيب قبل كده كتير، صهيب كان قدامي لو كنت عايزه كان زماني اتجوزته٠٠٠

توقفت عن الكلام ووضعت يدها على شفتيها المرتعشه محاوله كتم شاهقتها ، ثم نظرت الى” سفيان” الذي أغمض عيونه وكور قبضته بشده ٠٠٠ استرسلت هي مكمله وبصرها معلق ” بسفيان”:
_صهيب جيه فعلاً، بس مكنتش اعرف أنا اتصدمت ، وأنا قولتله يرجع لمهره ٠٠٠

توقفت عن الحديث وتجاوزتهم بخطوات مترنحه ومازلت تشعر بالدوار ودموعها تنساب بغزازه على وجنتيها ٠٠

فتح ” سفيان” عيونه وراقبها حتي ابتعدت بنظرات معذبه وهمس بصوت ضعيف لا يسمعه غيره :
_ سامحيني ٠٠٠

نقل” سفيان” بصره إلي ” صالح” الذي لم يتأثر بما قالته وقد هتف بقسوه :
_مهما عملت هي غلطانه برضوا انها علقته بيها ٠٠

قالت ” زهره ” بانفعال متأثره :
_ إيه يا بابا القسوه دي ؟!٠٠٠ أنت عمرك ما كنت كده ، وبعدين هي ذنبها ايه إن هو بيحبها ؟!

أنهت “زهره” حديثها وغادرت مسرعه تلحق بها ٠٠٠٠
رمق ” صالح” ” سفيان”نظره غامضه ثم قال ببرود :
_ ايه يا دكتور مش هتقول حاجه انت كمان؟!

تذكر دموعها التي انسابت على وجهها قبل قليل ، ففقد اعصابه وقال مدافع عنها بنبره عصبيه :
_ دي بنت أخوك مهما حصل ، ليه متتعاملش معاها بحنيه يمكن تتغير !!

رفع ” صالح” حاجبه وقال متهكم :
_ دي تتغير ؟! ٠٠٠ بنت اخويا وأنا عارفها ، صدقني عاملتها زيها زي زهره بس زي ما انت شايف مفيش فايده فيها ٠٠

ضيق ” سفيان” ما بين عينيه وقال مشكك في ما قاله:
_ معتقدش انك بتعاملها زي زهره ٠٠٠ الماسه فقدت أهلها في سن صغير يعني كانت محتاجه اهتمام خاصه ، كانت محتاجه عنايه اكتر ، تاخد بالك في تصرفاتك مع زهره لأن ده بيخليها تغير ٠٠٠

زفر ” صالح” بضيق وقال بنزق ساخرا:
_ انت بقيت معالج نفسي ولا ايه يا سفيان ؟!٠٠ ثم اني مش مجبر احافظ على تصرفاتي مع بنتي قدامها، وخصوصاً وأنا بعاملها كويس ٠٠

صمت “سفيان”ولم يعقب وقد شعر بالحنق من حديث ” صالح” ٠٠٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ظلت ” زهره ” تبحث عن ” ألماسه” في جميع أنحاء المزرعه ولكن لم تجدها ، قامت بسؤال العمال عنها ولكن لم يراها أحد ٠٠٠

لمحت ” سفيان” يخرج من البيت وهو يوزع بصره في المكان ، فهتفت قائله بنبره مرتفعه:
_ سفيااان

التفت ” سفيان” وتحرك باتجاها ، وتحركت “زهره” هي الأخري باتجاه وهي تهتف بقلق :
_ مش لاقيه ألماسه في أي مكان في المزرعه ٠٠٠
قال ” سفيان” بنبره متهجمه :
_ يعني إيه ؟!٠٠٠ انتي دورتي كويس ؟!

أكدت ” زهره ” قائله بقلة حيله:
_ دورت ومش لاقيها خالص ٠٠

قال ” سفيان ” باضطراب وهو يتجاوزها:
_ أنا هشوفها كده ٠٠٠

ظل ” سفيان” يبحث عنها في كل مكان حتي أنه دلف إلي الحظيره يبحث عنها هناك ٠٠٠

وصل إلي المكان الذي يوجد به زهور الأقحوان وأخذ يبحث عنها بيأس ٠٠٠وصل إلي مسامعه صوت بكاءها ، فظل يدور حول نفسه يبحث عنها بلهفه حتي لمحها تجلس على أحد الاحجار وتضع رأسها بين كفيها و وجسدها يهتز من البكاء ٠٠٠٠٠

ابتلع ريقه بصعوبه وشعر بغصه في قلبه ٠٠ واقترب منها بخطوات بطيئة متردده ، ثم حاول الحديث ولكن لم يجد كلمات مناسبه فصمت للحظات ثم قال بنبره هامسه:
_ ألماسه ٠٠٠

سمعت ” ألماسه” صوته فحاولت التوقف عن البكاء وهي ترفع وجهها الأحمر المغرق بالدموع ثم قالت بنبره متحشرجه معاتبه إياه بنظراتها :
_ أنا مش فارق معايا الي قاله عمي ، قد ما فارق معايا نظره الاحتقار الي ، الي شوفتها في عينك تاني ٠٠٠كنت فاكره انك غيرت نظرتك ليا ، بس واضح أني كنت بحلم ٠٠

جثي ” سفيان” علي ركبتيه ليكون بمستوااها ، وظل صامت للحظات ينظر لها بحسره ثم قال بنبره خافته مكتومه:
_ ألماسه، أنا فعلاً اتسرعت بس ده لأني كنت مخنوق أصلا ، واتعصبت عليكي إنتي ٠٠

نظرت له ” ألماسه” بدموع تسيل بلا توقف وقالت بنبره بريئه متقطعه من بين شاهقتها العنيفه:
_ مخنوق ،من إيه ؟! ، أنا عملت حاجه زعلتك؟!

أشاح ” سفيان ” ببصره عنها وقال كاذبا :
_ حاجه ملهاش علاقه بيكي !!

وضعت ” ألماسه” يدها المرتعشه على وجهها تمسح دموعها وقالت بنبره جافه باكيه :
_ بس أنا مش هنسي الي حصل من عمي ومنك حتي زهره وقفت ساكته تتفرج ٠٠انا طلعت غلطانه أما حسيت للحظه أن خلاص بقي في حد جمبي ٠٠

توقفت عن الحديث ثم أشاحت ببصرها عنه ودموعها تتساقط بصمت تحرق وجهها٠٠٠٠

نظر لها ” سيفان” بملامح حزينه وقلب نازف ، اعتدل واقفا وتنهد بيأس وقلة حيله ، والقي عليها نظره مختنقه ثم التفت يسير ببطء تاركا إياها خلفه ونشيج بكاءها قد تعالي ٠٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في صباح اليوم التالي

نزلت ” زهره ” الي ” الأسفل ووجدت والدها يجلس يتناول الفطور ٠٠٠ اقتربت منه بملامح ممتعضه وقالت بلوم:
_ أنت قاعد تفطر عادي كده يا بابا بعد إلي حصل امبارح؟!

لوي ” صالح” فمه وقال بلامباله متناهيه :
_ ايوه قاعد عادي ٠٠ عايزني أعمل إيه؟، أروح اعتذر للهانم الي المفروض أن هي تعتذر على كل غلطاتها ٠٠٠

استغربت ” زهره” من موقفه وقالت متعجبه:
_بابا هو أنت من أمتي بتعامل ألماسه بقسوه كده ؟! ٠٠ إيه اللي حصل عشان تعاملها كده ؟!!

أكمل ” صالح” تناول الطعام متجاهل ما قالته و قال بنبره مقتضبه :
_ تعالى كلي ٠٠

حركت ” زهره” رأسها بيأس وقالت بضيق شارحه :
_ أنا هروح أشوف ألماسه ، سفيان قالي امبارح سبيها براحتها ٠٠٠بس مش قادره اسيبها لوحدها اكتر من كده ٠٠

دلفت “ألماسه” ويظهر على وجهها آثار قلة النوم حيث تفتح عيونها المتورمه من البكاء بصعوبه وهناك آثار للدموع على وجهها ٠٠٠ وقالت بصوت مبحوح جامد:
_ عمي أنا موافقه على الجواز من قاسم ٠٠

نظر لها ” صالح” للحظات بعدم تصديق ثم ابتسم قائلا بنبره بارده :
_ أنا أصلا مكنتش هستني رأيك بعد موضوع امبارح ٠٠٠ خطوبتك إنتي وقاسم هتبقى الاسبوع الجاي ، أنا اتصلت بيه وخلاص الموضوع انتهي ٠٠

ابتسمت ” ألماسه” بسخرية مريره ثم قالت متهكمه :
_ كنت متوقعه منك كده يا ٠٠٠ يا عمي ٠٠

فرغت ” زهره” فمها وقالت ببلاهه مستنكره:
_ إيه إلي انتوا بتقولوا ده ؟!٠٠ جواز ايه وقاسم مين ؟!

رفعت ” ألماسه” كتفيها للأعلي وقالت ببساطه :
_ هريحكم مني يا زهره يا حبيبتي وهتجوز ٠٠

قال ” صالح” بحزم:
_ جهزي نفسك عشان قاسم جاي االنهارده ٠٠

حركت ” ألماسه” رأسها مستسلمه بطريقة غريبه ثم قالت بصلابه :
_ أنا جاهزه في اي وقت يا عمي ٠٠٠ لو عايز الفرح النهارده انا معنديش مانع !!

نهرتها ” زهره” قائله بذهول :
_ ألماسه إنتي في وعيك ؟! ٠٠٠ إيه الكلام والعبط الي إنتي بتقولي ده ؟! ٠٠ مش كنتي لسه امبارح بتقوليلي انك مش عايزه الجوازه؟! ٠٠
قالت ” ألماسه ” ببرود شديد :
_ مفيش حاجه بتفضل على حالها يا زهره ، وأنا غيرت كلامي ، قاسم مناسب جداً ليا ٠٠

ضربت ” زهره” كف على كف وهي تقول بحيره:
_ إنتي أكيد لما أغمي عليكي ووقعتي امبارح الوقعه أثرت على دماغي ٠٠

مطت ” ألماسه” شفتيها قائله بجفاء:
_ جايز تكون أثرت عليا ، بس أثرت عليا للأفضل فوقتني من وهم كنت هعيش فيه ٠٠

عقدت ” زهره” حاجبها بشده و قالت متسأله باستغراب:
_ وهم ايه ده ؟!

التفت ” ألماسه ” تصعد درجات السلم وهي تقول باقتضاب :
_ متخديش في بالك ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
“في شقه أهل سفيان”

خرجت ” ساره” من غرفتها وهي تفرك عيونها وشعرها مجعد وترتدي بيجامه منزليه ٠٠٠وصل الي مسامعها صوت جرس الباب ، فذهبت لكي تفتح غير واعيه لحالتها فتحت الباب فوجدت هذا الشاب الغامض كما أطلقت عليه هي ، فزفرت بضيق وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائله بتأفف :
_ خير على الصبح ،عايز إيه؟!

تفاجأ من مظهرها وأبعد بصره عنها وقال بضيق :
_ إنتي واخد بالك أنتي واقفه ازي؟!

عقدت” ساره” حاجبيها بشده وقالت بسخرية:
_ واقفه على رجلي ، هكون واقفه ازي يعني؟! ٠٠ ده أنت بني آدم عجيب ٠٠

القي عليها نظره خاطفه ثم أشاح ببصره عنها مره اخري وهو يقول بتساؤول مصطنع:
_ إنتي مش محجبه ؟!

قالت ” ساره” بثقه متهكمه :
طبعا محجبه أنت اعمي مش شايف الطرحه ٠٠

توقفت عن الكلام عندما رفعت يدها قاصده الاشاره الى حجابها ولكن لامست شعرها ٠٠٠جحظت عينيها بشده وصرخت بصوت عالي :
_ يلهوي فين الطرحه ؟!

حرك الشاب كتفيه للأعلي وقال وهو يكتم ضحكته :
_ تقريبا نسيتي تل ٠٠٠

لم يكمل جملته حيث أغلقت هي الباب في وجهه بعنف ٠٠ ثم ركضت الي غرفتها وهي تصرخ ووجهها قد أصبح أحمر بشده من الاحراج والخجل ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
دلف ” سفيان” الي المنزل يبحث عنها بعيونه لم يجدها كان ” زهره” و ” صالح” جالسين وهي لا أثر لها ٠٠٠تحرك باتجاهم فقالت ” زهره” علي الفور بضيق:
_ شوفت الي حصل يا سفيان؟!

انكمشت ملامح” سفيان ” وهتف بلا وعي بنبره قلقه :
_ إيه ؟! ، ألماسه حصلها حاجه؟!

أجاب ” صالح” بابتسامه:
_ ألماسه وافقت على جوازها من قاسم ٠٠

وقعت الجمله علي ” سفيان” كالصاعقه واتسعت عيونه بشده وشعر بشئ ثقيل يخنقه وقد شحب وجهه بالفعل وهو يردد بنبره مكتومه متقطعه:
_ وافقت ، على قاسم ، ازي ؟!

قالت ” زهره” بانفعال طفيف وحيره :
_ مش عارفه يا سفيان ازي وافقت ؟!، أكيد كلامكم ليها امبارح دفعها أن هي توافق ٠٠

قال ” صالح” بعدم اكترات :
_ سفيان إحنا هنعمل الخطوبه هنا ، عايزك تحضر وتقف جمبي في اليوم ده ٠٠

برزت عروق عنقه بشده ، وقد شعر أن قلبه ينزف في هذه اللحظه ٠٠ حاول الحديث ولكن لم تسعفه الكلمات ٠٠ فتحرك مغادرا المكان بصمت دون أي إضافة أي كلمه ٠٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
“في المساء ”

قامت ” نوال ” وفتحت باب الشقه فوجدت “صهيب” أمامها في حاله مرزيه وقد احمرت عيونه بطريقه مخيفه من البكاء حتي أن ثيابه كانت ملطخه بالأترابه قالت” نوال ” بلهفه :
_ صهيب !!!

دلف ” صهيب ” بخطوات متعثره وهو يقول بصوت مبحوح غير واعي :
_ روحتلها يا عمتي ، روحتلها بس قالت لي ارجع لمهره بتحبك ، مهره بتحبني بس أنا بحبها هي ، محتاجها هي في حياتي بعد موت أبويا ٠٠٠انا تعبان يا عمتي ٠٠

جحظت عيون ” نوال ” وهي تري ” مهره” تقف خلف ” صهيب ” بملامح حزينه جامده ٠٠٠ نطقت ” مهره” بنبره جامده :
_ روحلها تاني يا صهيب ٠٠

اتسعت عيون ” صهيب ” وظهرت الصدمه على وجهه والتفت ببطء ووجد ” مهره” تقف أمامه ٠٠٠حاول أن ينطق بشئ ولكن لا يعرف ماذا يقول !!

تنفست ” مهره” بشده لكي تسيطر على مشاعرها ، وقالت بجمود متناهي :
_ لو عايزني اساعدك عشان توافق ٠٠ أنا ممكن اساعدك٠٠٠

ارتسمت معالم الصدمه على ملامح ” صهيب” الذي قال بصعوبه :
_ مهره ، ايه إلي بتقولي ده؟!

عقدت ” مهره ” ذراعيها أمام صدرها وقالت بثبات :
_ بقول الي لازم يحصل ٠٠

قال ” صهيب” بنبره باهته :
_ إنتي ناسيه أنك خطيبتي ؟!

ابتسمت ” مهره” بألم وقالت بسخرية مريره :
_ أنت الي نسيت مش أنا ٠٠٠ عايزني اقف جمبك ازي يا صهيب ؟! ٠٠ عايزني اساعدك تنساها ازي قولي ؟!٠٠ انت اصلا مش بتساعد نفسك تنساها يبقي أنا هساعدك !!

اكملت وقد اختنق صوتها بفعل الدموع التي تجمعت في عينيها :
_ صهيب أنت مفيش أمل انك تحبني ، اقولك ليه ببساطه أنت مش عايز تنساها معندكش إصرار انك تنساها ٠٠٠ خطبتني بس عشان تثبت ليها أن في حد بيحبك ٠٠ حتي يوم ما عرضت عليا الجواز كان قدامها ٠٠٠ بس أنا الهبله الي صدقت انك ممكن تحبني وتنساها ٠٠

تأملها ” صهيب” بعيون تائهه حزينه وظل صامت للحظات ثم خفض بصره و قال بخفوت يأس :
_ انتي صح ، أنا مش قادر انساها ٠٠

كبتت ” مهره” دموعها بصعوبه ثم قالت بنبره مختنقه :
_ كل شئ نصيب يا صهيب ٠٠٠ وصدقني أنا بتمني من كل قلبي أنك تبقي سعيد ٠٠٠

تحركت متجاوزه اياه تحت نظرات ” نوال” الغاضبه من ” صهيب ” والمشفقه على” مهره”٠٠٠ فتحت ” مهره” باب الشقه ولكن قبل أن تخرج التفت نصف التفاته وقالت بنبره خافته:
_ البقاء لله يا صهيب !!

خرجت ” مهره” وأغلقت الباب خلفها بهدوء ٠٠٠

اندفعت ” نوال ” تقف أمام ” صهيب” وهي تقول معنفه إياه بنبره عصبيه :
_ أنت ازي تعمل كده في البنت الي بتحبك ؟!٠٠٠ أنت عارف كان شكلها ايه لما عرفت بموت أبوك ؟! ٠٠٠قعدت تعيط عشان زعلك يا استاذ عشان عارفه قد ايه انت بتحب أبوك ٠٠٠ وبعد ده كله أول حد جريت عليه واحده ولا عمرها حبتك !! ٠٠٠ صهيب أنت هتندم انك ضعيت مهره من ايدك ، بس في الوقت ده الندم مش هينفع لأن هتكون راحت من ايدك ، فوق يا صهيب بقي ٠٠ فوق أنت عايش في وهم ٠٠

قال ” صهيب ” بشرود حزين :
_ نفس الجمله الي قالتهالي ألماسه ٠٠

نظرت له ” نوال ” بحنق ثم حركت رأسها يميناً ويسارا بيأس وقالت بانفعال مستكره :
_ برضوا ألماسه ، خليك كده أفضل حبها يا صهيب لحد ما ترجع للأدمان تاني ٠٠ أقولك دمر نفسك عشانها ٠٠

أنهت ” نوال حديثها ثم تركته ودلفت الي غرفتها ٠٠

جلس ” صهيب” بتعب على أحد المقاعد وأسند رأسه على المقعد واغمض عيونه وجميع ذكرياته مع والده تمر أمامه ٠٠ وقد فرت من عيونه المغلقه دمعه حاره ٠٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
ظل ” سفيان” يدور في غرفته كالأسد الجريح وبداخله نيران مشتعله وروحه تحترق بالفعل ، ضرب الحائط بقبضته وهو يقول باختناق شديد:
_ مكنتش اعرف أني هتعب اوي كده ٠٠٠ عملتي فيا إيه بس ٠٠مش قادر اتحمل أنك تبقي مع حد تاني ٠٠

تحرك بخطوات سريعه غاضبه وغادر الغرفه ثم تجول ببصره يبحث عن شخص ما ٠٠

لمح ” نسمه ” تسير مع أحد الفتيات فهتف قائلا بصوت عالي :
_ نسمه !!

انتبهت ” نسمه ” وذهبت على الفور باتجاه وقالت متسأله بنبره مهذبه :
_ نعم يا دكتور ؟!

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في شقه ” مهره”

_ مراد لو هتسافر تاني خدني معاك ٠٠٠

قالت ” مهره” هذه الجمله بجمود شديد وهي تجلس بجانب ” مراد ” بعد أن وصلت للتو من منزل ” نوال”٠٠٠

عقد ” مراد ” حاجبه بشده وردد بدهشه :
_ تسافري ؟! ٠٠ طب وصهيب الي أبوه لسه ميت ، وجوازكم؟! ٠٠٠

أشاحت ” مهره ” بصرها بعيد عنه وقالت بحسم :
_ مفيش جواز ٠٠٠ وصهيب مش محتاجني ٠٠

تقلصت تعابير” مراد ” وقال ببلاهه :
_ ايه إلي إنتي بتقولي ده ؟!٠٠٠ يعني إيه مفيش جواز ؟!

قالت ” مهره ” بنبره هادئه للغايه وهي تنظر إلي نقطه وهميه في الفراغ :
_يعني مفيش جواز ٠٠٠صهيب مش عايزني وانا كمان مبقتش عايزه ٠٠٠

انفعل ” مراد” قائلا:
_ معلش بقي افهم في ايه ؟؟ ٠٠٠ وايه الهبل الي بتقولي ده ؟! ٠٠٠ يعني إيه مش عايزك ويعني إيه إنتي كمان مبقتيش عايزه؟!

ابتلعت ” مهره ” غصه في حلقها ثم همست :
_ مفيش حاجه مش مفهومه ٠٠٠ خلاص الجوازه اتلغت ٠٠

ارتفعت نبرة صوت ” مراد ” قائلا:
_ لا بقي مفيش حاجه اسمها الجوازه اتغلت وخلاص ٠٠٠ فهميني !!

مسحت ” مهره” على وجهها بتعب وظلت صامته ولم ترد ٠٠

قال ” مراد” بنفاذ صبر منفعل :
_ اخلصي احكيلي في إيه ؟!

وقفت ” مهره” وتحركت باتجاه غرفتها وهي تقول بنبره حازمه مصره :
_ مش هقول حاجه يا مراد ، زي ما انت مبتحكيش حاجه عن حياتك ، أنا كمان من حقي احتفظ بالصمت ومقولش حاجه ٠٠

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
“في المكان المتواجد به زهور الأقحوان ”

تقف “ألماسه ” مع ” نسمه ” وتأففت قائله بضجر :
_ ايه يا نسمه عايزه إيه؟؟ ٠٠٠ وبعدين ما كنتي تقولي الي إنتي عايزه هناك لازم يعني تجبيني هنا ٠٠

وصل ” سفيان ” الذي وقف خلف ” ألماسه ” وأشار إلي ” نسمه ” أن تذهب فتحركت ” نسمه ” بخطوات سريعه ٠٠٠ مما جعل ” ألماسه ” تهتف بصوت عالي :
_ خدي يا بنتي هنا راحه فين ؟!

تحدث ” سفيان ” وهو يتنهد بعمق :
_ ألماسه !!

اتسعت عيون ” ألماسه ” وتسارعت نبضات قلبها ثم التفت ببطء ونظرت له بألم ٠٠ قابل هو نظراتها بنظرات معاتبه شارده ٠٠٠

سيطرت ” ألماسه ” علي نفسها وقد أدركت لما “نسمه ” أتت بها الي هنا ، رسمت قناع الجمود على ملامحها وهي تهتف ببرود :
_ عايز إيه يا سفيان ؟!٠٠في أهانه لسه مقولتهاش ؟!

تأملها هو بعيون مشتعله ثم قال بغيره مكبوته :
_ إنتي هتجوزي قاسم ؟!

ابتسمت هي ببرود متناهي وقالت :
_ ايوه هتجوزه ، واهو اريحكم مني ٠٠مش أنت برضوا مبتحبش تشوفني ، أنا بقي يا سيدي هخليك متشوفش وشي تاني ٠٠٠

من شدة الاختناق والنيران التي تغلي بداخله فقد ” سفيان ” أعصابه وقال بنبره حاده مفعمه بالغيره الناريه :
_ وأنا مش هسمحلك تتجوزي !!

قالت ” ألماسه ” متسأله بنبره جامده :
_ بصفتك ايه ؟!

لم يعرف ” سفيان ” بما يرد ولكن قال بارتباك :
_ مش مهم بصفتي ايه ؟! ٠٠٠ المهم اني عارف انك كنتي رافضه الجوازه وده سبب كافي يخليني امنع الجوازه دي ٠٠

تكونت ابتسامه تهكميه على ثغر ” ألماسه ” وقالت باستهزاء :
_ وأنت فاكر اني هاخد رأيك في جوازي ٠٠ سفيان أنا اديتك حجم اكبر من حجمك ٠٠

تأملها ” سفيان “للحظات يعلم أنها محقه ، حاول انتقاء كلمات مقنعه وقال برجاء :
_ بلاش الجوازه دي ٠٠ انتي لسه صغيره ٠٠انا خايف عليكي عشان سنك لسه صغير ٠٠

اطلقت ” ألماسه ” ضحكه ساخره وقالت بسخرية لاذعه :
_ يا سلام دكتور سفيان خايف عليا أنا ٠٠٠ يا راجل قول كلام غير ده ٠٠انت أصلا بتقرف مني وبتحتقرني ده أنا من ساعة ما عرفتك وانا مش بشوف منك غير نظره النفور ٠٠ ده حتي لما افتكرت انك غيرت فكرتك عني ٠٠ قمت أنت قولت الي قولته امبارح عشان تقولي فوقي أنتي ولا حاجه ٠٠

تألم ” سفيان ” من حديثها ليتها تعلم الحقيقة ليتها تعلم أن قلبه أصبح ملكها وحدها ، ولكن للاسف لا يستطيع أن يعترف بشئ ٠٠ توسل لها ” سفيان ” بنظراته وهو يقول بضعف غريب :
_ ألماسه متوافقيش ٠٠ طب بصي استني أما تخلصي دراستك وبعدين اتجوزي ٠٠

حركت ” ألماسه ” رأسها بلا معنى وقد شعرت بألم غريب يسيطر على قلبها ٠٠٠ ثم قالت بصوت متحشرج:
_ وبعد ما اخلص دراستي في حاجه هتتغير؟؟

اشاح ” سفيان” ببصره بعيد عنها وقال بهمس لم يسمعه غيره :
_ يمكن وقتها أكون مش موجود ٠٠

قالت ” ألماسه ” بنبره جامده :
_ سكت يعني ؟! ، طبعاً مش لاقي كلام تقوله بس أنا بقي عندي ٠٠

صمتت قليلا ثم اغمضت عيونها بشده وضربات قلبها تتعالي ٠٠ تنفست بصعوبه ثم قالت بصوت مبحوح :
_ سفيان أنا بحبك ٠٠٠

يتبع

 

error: