العبق الاقحواني ” مي الفخراني”

(6)
انتفض ” سفيان” من نومته الغير مريحه على هتاف الممرضه التي دخلت الي مكتبه مسرعه تقول بصوت لاهث :
_ الحق يا دكتور البنت إلي جابتها امبارح عايزه تنتحر!!!!!

اتسعت عيونه وفي لحظه كان يهرول مسرع خارج الغرفة وهو يشعر ببعض الخوف الخفي ، وما أن وصل إلي الممر الذي يوجد به غرفتها حتي وجد تجمع من الأطباء والممرضات أمام 
غرفتها تخطهم سريعا ودلف إلي داخل الغرفة,

جحظت عيونه بقلق واضح وتوتر وهو يراها تقف على حافة النافذة الموجوده بالغرفة ،تغمض عيونها وتبدو يائسه بدموعها التي جفت على وجهها وخلفها الممرضات يحدثونها بهدوء مزيف محاولين منعها ٠٠٠

اقترب منها وهو يرمق الممرضات بنظرات ذات مغزى فصمتوا جميع من بالغرفة ورن الصمت ٠٠٠

استغربت ” ألماسه” قليلا هذا الصمت المفاجئ ولكنها لم تبالي كثيرا هي عازمه علي هذا الفعل تريد مفارقة الحياه والذهاب الي من سبقوها الي العالم الأخر حيث من احبتهم وفارقوا هذه الحياة تاركين إياها تتعذب بفراقهم والديها ورفيقتها ٠٠٠

تنفست بعمق وقد سقطت دمعه ملتهبه من عيونها جعلتها تعض على شفتيها لمنع الدموع المتجمعة في عيونها الحمراء من السقوط فهي سوف ترتاح الآن بمجرد أن تلقي نفسها هكذا تظن هي ، ارتجف قلبها فجأه وهي تنظر إلي الاسفل ٠٠٠

كان ” سفيان” يقترب بحرص منها وما أن وصل خلفها حتي لف يده من الخلف حول جسدها وحملها بسرعه وحرص شديد كان ظهرها له وهو يحملها وقد ظهرت الصدمة على وجهها ٠٠٠٠

انزلها” سفيان” فوراً وصدره يعلو ويهبط ٠٠٠ أشار إلى جميع الموجودين بالغرفة قائلا :
_ اتفضلوا كل واحد على شغله

خرج جميع من بالغرفة واحد تلو الآخر وهم يتبادلون الأحاديث الخافتة عن ما حدث ٠٠٠

وما أن خرج اخر شخص بالغرفة حتي تطلع ” سفيان” الي ألماسه التي كانت مازالت تعطيه ظهرها ولا تصدر أي رد فعل فقط راأها تكور قبضتها الصغيرة بشده حتي برزت عروق يدها ٠٠٠

تنفس”سفيان” بشده محاول السيطرة على انفعالاته ثم تحدث بنبره هادئه مصطنعه :
_ ليه فكرتي تعملي كده؟!

رأي كتفها يهتز دليل على أنها تبكي رن الصمت لثواني حتي التفت له تبكي بكاء صامت وعيونها المتورمه من البكاء تذرف الدموع الحارقه وجسدها يهتز تحدثت بصوت مبحوح متحشرج من الشهاقات التي بدأت ترتفع :
_ مبقاش ليا حد كل إلي بحبوهم بيموتوا ٠٠٠انا خلاص مبقتش قادره اعيش
أنهت حديثها وهي تنخرط في البكاء أكثر رافعه يدها على شفتيها المرتجفه٠٠٠٠

ظل ” سفيان” يرمقها بنظرات مبهمه ثم تحدث متسأل باستنكار شديد:
_ والحل هو الانتحار؟! ، عايزه تموتي كافره؟!

ردت ” ألماسه” من وسط بكائها بصوت متقطع مليء باليأس والضعف:
انا تعبت ٠٠٠ والله تعبت , تعبت من كل حاجه , كل إلي بيقربوا مني بيموتوا , خ خايفه عمي وزهره كمان يسبوني ٠٠٠

قالت جملتها الاخيره وهي تقع بركبتها على الأرضية تبكي وتصرخ بهستريا وتضرب بقبضتها على الأرضية ٠٠٠٠

رق قلب ” سفيان” يشعر بالشفقة الشديده عليها ٠٠٠ وجد ممرضه ما تدلف الي الغرفه وهي تهتف :
_ اديها حقنه يا دكتور؟!

هز ” سفيان” رأسه بالموافقة وبصره معلق بألماسه يرمقها بنظرات متوترة ثم خرج سريعا من الغرفه تاركا الممرضه معها ٠٠٠٠

اعطتها الممرضه حقنه مهدئة رغم اعتراض ” ألماسه” الجنوني ٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠٠
_ صهيب عشان خاطري بلاش الحاله إلي انت فيها دي
نطقت بهذه الجملة” مهره” التي تجلس أمام” صهيب” في مكتبها بالعياده الخاصه بها

مسح” صهيب” على وجهه وهو يقول بألم مقهور والدموع تلمع في عيونه البنيه التي أصبحت حمراء:
_ عايزني أعمل إيه ؟!, أمي وماتت وهي بعيدة عني ٠٠٠ ماتت وهي فاكرني زعلان منها ٠٠٠ انا يمكن بعدت عنها٠٠٠ بس مهما عملت هي امي وبحبها

عضت” مهره” على شفتيها وهي تشعر بمدي معاناته وألمه وكيف لا تشعر وهي تعشقه ٠٠٠ تنهدت بصوت مسموع ثم قالت بجديه مصطنعه :
_ أنت لازم تبقى قوي ٠٠٠ خلاص هي ماتت ، يبقي الحاله إلي انت فيها دي مش هتفيد غير أنك هتتعب ٠٠ ادعيلها , اقولك صلي يا صهيب وادعيلها ٠٠٠٠

كان ” صهيب” يسمع لها وبداخله وجع شديد فاق قدرته على التحمل ، وجع على فقدان أم لم يتمتع بحنانها ، وجع على حبيبه لا تشعر به ، كان يود أن تواسيه هي ، تقف بجانبه ، كان يود أن يسمع هذا الكلام الذي تقول ” مهره” منها هي ولكن لابد أن هذا الحب أيضا حرم منه , مثلما حرم من حنان أمه وعطفها !!!!
٠٠٠٠٠٠٠٠
مر أسبوع على ماحدث
في شقه “دكتورصالح ”

“ألماسه” في غرفتها شارده كعادتها منذ أن خرجت من المستشفى فهي ظلت في المستشفى يومين وقد علم ” صالح” و” زهره” بما حدث وظلوا بجانبها ولكنها لا تتحدث بأي شيء منذ اليوم التي حاولت فيه الانتحار فقط تجلس شارده بعيون حزينه مليئة بالوجع!!!!
٠٠٠٠٠٠
في شقه”سفيان”

سمعت” زهره” صوت وصل رساله على هاتفها فامسكت الهاتف وفتحت الرسالة بهدوء ولكن تحول الهدوء إلي دهشه وحزن ودق قلبها بحنين وهي تقرأ محتوي الرساله “”” زهره وحشتني انا راجع مصر ٠٠٠ راجع بعد ما ااتغيرت وبقيت إنسان يستحقك راجع عشانك أكيد متجوزتيش لسه !!, أنا متأكد انك لسه بتحبني””””””

سقطت دامعه منها وهي تشعر بغصه مريره في قلبها وقالت هامسه بشفاه مرتجفه :
_ للأسف اتاخرت أوي يا مراد

_ مالك يا زهره ؟!
نطق بهذه الجملة” سفيان” الذي دلف إلي الغرفه ورأي الدمعه المنحدره على وجهها ٠٠٠

رفعت” زهره” بصرها وارتبكت بشده وأغلقت هاتفها سريعا بيد مرتجفه وقلب ينزف!!، تنفسها أصبح غير منتظم وهي تقول بتلعثم :
_ م مفيش حاجه انا كويسه

نظر لها” سفيان” غير مصدق أنها بخير حيث واضح أن هناك شئ يضايقها فخمن السبب لذا قال متسأل:
_ إنتي مضايقه عشان حالة ألماسه؟!

ردت ” زهره” مسرعه بتوتر:
_ ايوه !!

اقترب” سفيان” منها وجلس بجانبها على الفراش وهو يربط على كتفها قائلا برفق:
_ هي هتنسي أكيد هي بس لسه متأثره ٠٠٠ متزعليش نفسك يا حبيبتي

وضعت” زهره” رأسها علي كتفه فضمها هو برقه ، فرت دمعه أخري منها لم يراها هو فرفعت يدها سريعا تمسحها وهي تتنهد بثقل شديد !!!!
٠٠٠٠٠٠٠٠
في صباح أحد الأيام

تقف” ألماسه” أمام المرآه بوجه شاحب فاقد للحياه ارتدت ما وقعت عليه عيونها وعقصت شعرها بأهمال وحملت حقيبة يدها وغادرت الشقه بل البنايه بأكملها ٠٠٠

وصلت بسيارتها بعد ربع ساعه الي مستشفي الزهره ووقفت عند الاستقبال قائلا بنبره جافه :
_ فين مكتب دكتور سفيان ؟!

الموظفه بنبره رسميه :
_ في الدور الرابع

اتجهت ” ألماسه” الي الاعلى بواسطه المصعد ٠٠٠

خرجت من المصعد وسارت في الممرر الطويل تنظر إلي الاسماء الموجوده على الغرف حتي توصلت إلي غرفته ، وصلت إلى الغرفة ودقت الباب وفتحته بعد أن سمعت صوته يسمح لها بالدخول ٠٠٠٠

دلفت إلي داخل المكتب بخطوات متزنه ٠٠٠

رفع ” سفيان” رأسه وتفاجيء من وجودها هنا فتسأل مسرع بقلق:
_ ايه إلي جابك ؟!, زهره جرالها حاجه؟؛

هزت رأسها بنفي وهي تقول بخفوت:
_ لا أنا ، عايزك في موضوع!!!
قالت جملتها وهي تجلس على مقعد أمام مكتبه

عقد” سفيان” حاجبه بتعجب وقال وهو يشير إلى نفسه باستغراب:
_ عايزني انا ؟! ٠٠٠٠ عايزه إيه ؟!

أخذت” ألماسه” نفس وهي تحاول صياغة الكلام بطريقة مناسبة ، تحدثت اخيرا بتريث :
_ عندي عرض ازياء مهم الشهر الجاي ٠٠٠ وعمي رافض أني اشارك فيه ، عايزك تقنعه

رفع” سفيان” حاجبه وقال بتهكم متعجب :
_ انا الي هقنعه ؟!

هزت ” ألماسه” رأسها بمعنى نعم وهي تقول ببرود :
_ ايوه انت ، زهره حاولت معاه وهو رفض ، وانا شايفه أنه بيثق فيك

مط ” سفيان” شفتبه وهو يقول بتبرم :
_ وعمك رافض ليه ؟! ، ما انتي اكيد بتعملي عروض ازياء كتير، ليه رافض المره دي ؟!

ردت” ألماسه” ببرود متناهي:
_ لأن عرض الازياء المره دي هيبقي عرض ازياء مايهوت!!!

انكمشت ملامح” سفيان” غير مستوعب ما قالته ورد عليها باستنكار شديد:
_ نعم ؟! ٠٠٠ عرض ازياء إيه؟!

” ألماسه” ببراءة مصطنعه:
_ عرض مايهوت

شعر” سفيان” بالحنق الشديد وهو يقول بسخرية:
_وانا إلي افتكرت انك هتهدي بعد موت صاحبتك ٠٠٠ عايزه تفتحيها على البحري !! ٠٠٠٠ وجايه ليا بمنتهى البجاحه اقنعه ؟!

ظهرت سحابة حزن على وجهها عندما ذكر صاحبتها ، سيطرت على حزنها وهي تتظاهر بالصلابه هاتفه :
_انت هتقنعه ولا لا ؟!

نظر” سفيان” لها بنظرات ثاقبة مشمئزه وهو يقول برفض حازم :
_ لا طبعا إنتي اكيد فكرتي غلط , لما فكرتي اني ممكن اقنعه٠٠٠ انا اخر وأحد اقبل بالمسخره دي

نهضت” ألماسه” وسارت بهدوء مغادره الغرفه بعد أن سمعت رفضه !!!

أما هو فكان مستغرب بشده من مجيئها وطلبها هذا الذي تعرف بالتأكيد أنه سوف يرفضه ، وايضا عاد شعوره بالنفور نحوها بعد أن كان يشفق عليها بعد موت صديقتها!!!!

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
نزلت” سميره” من البنايه التي تسكن بها , وجدت ” كرم” يعترض طريقها فوقفت وهي تنظر له بدهشة ثم لوحت بيدها وهي تهتف بتسأل متعصب :
_ عايز إيه يا كرم ؟!

نظر لها” كرم” بنظرات غريبه لما تفهمها وتحدث بنبره ملتويه غامضه:
_ عايزك تساعدني ارجع ساره ليا

ردت ” سميره” بعفويه منفعله:
_ ساره مستحيل ترجع ليك يا كرم

قالت جملتها وتجاوزته وهي تشعر بتعكر مزاجها برؤية هذا الكائن ٠٠٠

أما هو فوقف يتأملها وهي تسير بنظراته واعتلي ثغره ابتسامه غريبه !!؟؟
٠٠٠٠٠٠٠
في المساء
في شقة”سفيان”

دلف” سفيان” إلي الشقه واتسعت عيونه بصدمه وهو يري” زهره” ترتدي بدلة رقص و
” ألماسه ” ترتدي هي الأخري بدلة رقص ويبدو أنها تعلم ” زهره” الرقص!!!!!

يتبع

error: