عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى
الفصل 42
المشهد الأول
هرع الجميع صوب المدخل الرئيسي خلف وليد عدا والدته المدبوحة بخنجر بارد فى غرفة المسافرين بعد أن شوشت على القصة الأصلية وتفاصيلها لإستعطاف وليد وإجتذابه ناحيتها لكن هيهات ، تشبث الأخوة بشقيقهم فى محاولات للتهدئة ،للإقناع ،للتبرير دون جدوى ،إلى أن صعد إلى سيارته بينما أدفع عجلات حقيبتى المٌتحركة على الأرضية كانت كاملة تصرخ بالأعلى وهى تقذف زجاجات العطر التى أقتنتها مؤخرا لأجله فى عرض المرأة حتى تهشمت إلى قطع صغيرة ،تتملكها الدهشة والصدمة غير مُصدقة أيعقل أن يتركها الإنسان الوحيد الذى أحبته ووثقت به ..؟ برفقتها رضوى..تصيح بها درتى بحقد ووعيد ،أما فى الأسفل أعترض طريقه حمدان بإصرار على النُصحٍ ،راغباً فى بقائه:_
“متخليش غضبك يعميك ،ويخسرك أقرب الناس ليك ”
أسقط كفه على مقود السيارة ونظراته شاردة فى الفضاء وهو يهتف بإنفعال:_
_ مش طايق أسمع ولا أشوف حد منكم ،كلكم كدابين ومنافقين ،وقتالين قتلى ،أبعد عن وشي الساعة دي يا حمدان ..!
رد حمدان بنفى وهو يطل برأسه من الشُباك بينما أراقب الوضع بحيرة ورعشة خفيفة على السُلم ، وعقلى لا يستوعب ما يحدث إلى أن قال أخيه الأصغر_
_لا ..متخدنيش بذنب حد أنا مكنتش أعرف الوحيد ال عارف هو جودة ومقاليش غير من مدة قريبة
جاء جودة على عجل بجلبابه الأسود البسيط وهو يقول بتعليل:_
_وواه ،مكنتش رايد أخبرك ،لأجل متفارجناش كيف ما أنت لامم حالك أجده
لوى شفتيه بأسى :_
_ يا خسارة ،يا ألف خسارة يا جودة ،ضيعتونى من زمان لما خبيتوا عنى ومسبتلويش حرية الإختيار
تابع جودة وهو يقدم عرضاً سخياً ،أشعل الفضول فى وليد :_
_ ولو حكيت لك الجصة كولايتها ومخبتش عنك حاجة واصل ،هتجعد معنا..
أومأ بالإيجاب عن غير إقتناع ليرى ما فى جعبتهم وهو يغمض عينيه ويفتحهما ببطء، ليبتلع جودة ريقه:_
_ لما الحاجة يامنة شافت أبوك فى وضع من إياهم مع أمك ..الجنين فعلا سجط وأنهارت ،وأشترطت عليه يهملها ويكتب لها كل شيء باسمها …ووافق وهاودها على جد عجلها .. ….ووعدها أنه مش هيكرر الغلطة دي تانى….أشترطت عليه يرجع الصعيد معها ورجع فعلا…..بس كان بيسافر الجاهرة”القاهرة” كتير ليطمن على أهله ،خاصة أن أبوي بندرى ……لكن الحجيجة ال أكتشفنها أنه مجدرش يهمل الحرمة لأنها مرته …ومرت السنين وخلفتنى أمى أنا وحمدان ورضوى …لأجل تربط أبوي وتعلجه بيها …وبجت ستى تزن على أمى كتير..خاصة بعد ما كل اخوالى هملوا الصعيد ومبجاش إلا أمى تجعد معها…… وهى بتجولها جوزك بغيب جده ليه فى مصر،وزرعت الشك جواها لما جالت لها يكونش لسه على علاجة بالحرمة بتاعة زمان ..! ،مجدبتش خبر وطارت مع أول جطر وأطجست وعرفت أنه لسه بيحدتها …وصدمها لما جالها انه متجوزها وعنده منيها ولد صغير 4 سنين بيروح الروضة فى مدرسة جريبة ،أتفأجأت اما”أمى” وكرامتها نقحت عليها و طلبت الطلاج” …..وهى مجررة “مقررة “تحرج جلب أمك عليك …وتأخدك منيها ..وفضلوا يدوروا عليك كتير ..وملاجكش”ملاقوكش ” …لحد ما يأسوا ..وماتت أمك…وعشت سنينك معنا ،وعمرنا ما حسسناك أنك غريب يا خوي
تجمدت ملامح وليد ،وترقرقت الدموع الساخنة فى مقلتيه قبل أن يتنهد :_
_ أمال ال حكتهولي جوه ده أيه …!، كانت عوزانى أكره الست ال شالتنى فى بطنها 9 شهور ..لأنها أرتكبت كبيرة وتنزل بقى من نظرى ،وأسقف وأقول برااااااااااااااااااافو يا ست يامنة أنك أنتشلتينى من مُستنقع الحرام…!،وفى الأخر تطلع امى متجوزة وست شريفة..!،حقيقى مش لاقى مسمى يليق على الإجرام والفجر ده ……!
رن فى أذاننا جميعاً صوت الخالة يامنة وهى تردف بإنفعال قد سمعت فيه ما قصه ابنها الأكبر:_
_ جدب …متصدجهمش ..امك كت بت ليل يا ولدي ،ممُرضة شمال من إياهم خطافين الرجالة ….
رمقها بحدة وإستياء وهو يسبها بلا وعى ،يشير لى للصعود:_
_ أخرسٍ أمى أشرف منك ومن عشرة زيك…….لو هى خطافة رجالة فأنتى أسوء وأضل سبيل ده لو أعتبرنا ان بابا لما اختارك مكنش عنده إرادة وأمى غصبت عليه ..!
أتجهت لأفتح الباب برفق رافعة حاجباى بتوجس ،حتى نفخت الحاجة يامنة:_
_ لا جده هتخلينى اجلب عليك وأوريك الوش التانى
رد بلا مبالاة وهو يدير المفاتيح فى السيارة:_
_ عشان العيادة ..؟خديها وأشبعى بيها فى ستين داهية ،مش عاوز من خلقتك حاجة
فتحت فمها لتعلق لكنها تفاجئت بهرولة رضوى وهى تلهث بشدة :_
_ كاملة هارية نفسها عياط فوق ومُنهارة..أنزل شوفها يا وليد
صاح بحدة وإندفاع ،وعينيه كجمرات نارية وهو :_
_ مش قابلها ولا طايق أبص فى وشها ،هو بالعافية يا رضوى
علقت بعناد وحدة :_
_ أه عافية يا وليد ،وورينى بقى هتتحرك من هنا إزاي من غيرها
أخذت نفساً عميقاً قبل أن أقول بهدوء:_
_ مينفعش تسيبها.هى ملهاش ذنب …..أنت جربت الظلم فمبتبقاش ظالم يا وليد
أشار لى بإلتزام الصمت بينما اقتربت حماتى لتفتح الباب من ناحيتى وتجرنى من فروة رأسي مُتعمدة تضييع الوقت وخلق مُشكلة تبقينا لأكبر قدر ممُكن ،لكن وليد أنطلق بسيارته بأقصى سرعة ،لتظهر رضوى فجأة بفستانها الواسع أمامه ملوحة بذراعيها ،فضغط على الفرامل ليوقف السيارة حتى كادت أن تنقلب بنا …….لنرفع بصرنا فى صدمة لرؤية رضوى غارقة فى دمائها…..!
فلاش منذ شهرين
طرقت كاملة باب حجرة رضوى،حاملة اكواب العصير الباردة ،تستقر على الطاولة بهدوء،لاحظت فيه إصفرار وجه رضوى ،وأتساع حدقتى عينيها ،وهى تكمم فمها من وقت لأخر ،وكأنها تمنع أندفاع طعام أو شىء ما ،،ناكسة رأسها فى الأرض بغثيان ،ودوار يداعب عينيها،جعل درتى تستفسر بريبة لتغير الأحوال الأخيرة شقيقة زوجها :_
_ مال وشك مزرود جده ليه عاد كيف الليمون…؟
اجابت بصوت واهن مُتقطع:_
_ده …ده ..باينه صداع..شكلى داخلة على دور برد
ربتت على كتفها :_
_ لا سلامتك ألف سلامة خيتى
لم تقوٍ على الرد ،لتمسك معدتها المُضطربة مُتجهة إلى المرحاض بسرعة وجسدها ينتفض ،لتفرغ ما يعكر صفوها فى الحوض ،تلوى كاملة شفتيها بشفقة عليها مُقتربة منها لتغسل وجهها ،لكنها لمحت أنبوبة غريبة الشكل فى سلة المهملات لتسأل بتوجس وسخط :_
_ أيه ده يا رضوى..!
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تطالع أنبوب أختبار الحمل بخفقات قلب مُتسارعة مُتلعثمة :_
_ لا…ده بتاع صاحبتى نسته هنا
عقدت ما بين حاجبيها بتحقيق:_
_صاحبتك مين ال بتيجى الدوار من غير ما نشوفها،بتخبصى”تكدبى” على ؟؟
أشاحت بنظراتها بعيدا وهى تدفع درتى للخارج:_
_ بقولك أيه أنا فيا ال مكفينى ،ومش ناقصة زنك خدي بعضك وأخفى من قدامى
هزت رأسها فى تهديد صريح:_
_ ووواه أجده …طيب أنا هجول لوليد وهو يتصرف
شهقت بفزع:_
_ لا أبيه وليد لا …ممكن يتهور ويقتله
قالت بإنتصار :_
_ هتجوليلى ولا قسما بالله أجول لأخوكى وتبجى فضيحتك على كل لسان …!
اجابت بتنهيدة طويلة مُخذولة :_
_ هاشم ….الندل الجبان …
صكت كاملة على صدرها بعدم تصديق وذهول ودهشة:_
_ يا خبر أسود ،فجدتى عذريتك يا بت الاكابر…..!
أوقفتها رضوى بعصبية :_
_ لا…قطع لسانك…..هاشم ده يبقى جوزي …والعقد عليه 2 شهود
عقبت كاملة بغضب :_
_ وده بجى عجد العرفى….!،و هتجدرى بيه كيف تثبتى حجوج ابنك ولا بتك ال جاية فى الطريق..!
اجابت رضوى وهى تمسك معدتها مُجدداً وتكز على أسنانها:_
_العقد متوثق ،وهجيب حقى ،بس متقوليش لوليد
أردفت فى مساومة :_
_والله على حسب،عفتى توفجى بينا وتخليه يحبنى كان بها معرفتيش،يبجى جولى على نفسك وعلى المحروس جوزك يا رحمن يا رحيم …!
باك
أحملها وليد إلى المقعد الخلفى مع أخوته جودة وحمدان ،ليتمدد جسدها والخالة يامنة تنتحب وتأن وتتشنج وهى تطلب من عمر بعد أن رفض زوجى أخذها، أن ياتى بها إلى المشفى القريب من بيتهم ،تزايدت دقات القلوب ،والخوف والتوتر والقلق خشية أن يكون مكروه قد أصابها ،حتى دخلت غرفة العمليات وأستغرق الامر بضعة ساعات، تنتظر فيها الخالة يامنة برفقة ابنائها فى توسل ورجاء لله ….إلى ان صدمهم الطبيب بقوله بأسى:_
_ للأسف الجنين نزل
سقطت حماتى على الأرض مغشياً عليها ،لنلتف من حولها بإضطراب ،وصدمة ،قطعها الطبيب حينما أكمل:_
_ الرحم أتعرض لتشوهات ومضطرين نشيله ……وعاوزين الاول إقرار
لأن نسبة نجاح بسيطة . ..!!