عشقت صعيدى بقلم أميرة السمدونى
عشقت صعيدى?
الفصل 40
وارائكم مهمة جدا طبعا ??
صعد الجميع إلى الأعلى عدا جودة وحمدان متجهين إلى المشفى الخاص بالقرية لإحضار الطبيب وممرضته على عجل ،بينما مال وليد بمعصمه على طاولة عريضة بمفرش ذهبى بأسى ووجوم ،تراقب كاملة الأوضاع واضعة يديها على خصرها بإستغراب ودهشة ،ترافقها فيها الحاجة يامنة بعبائتها البيتية ذات اللون الزيتى وووشاحها الفضى ،ليجلس عمر على طرف السرير بعيون عاتبة تخاطب هند الغائبة عن الوعى ،ألتقط كفيها الباردين بصوت باكى ومتلعثم من هول الموقف وحزن والدى الشديد:_
_ ليه كده يا هند …؟ ،أمال طول السنة رايحة دروس راجعة ومشاوير وسهر للفجر وفى الأخر تخسفى بينا الأرض كده ..؟
أخذ عمر نفساً عميقاً وزفره على مهل ليقول بسخط :_
_ تستاهل لعبية وعاوزة قطم رقبتها ،مسلمة دقنها للبنى طول السنة تنطيط على السكك ويا عالم كانت بتزوغ من الدروس وتضرب فلوسها فى جيبها ولا كانت بتعمل أيه بيهم
تدخلت رضوى بزيها المحتشم بلطف وعذوبة :_
_ لا لا ملكش حق يا أستاذ عمر ،قدر الله وما شاء فعل يا جماعة ،وبعدين البنت فيها ال مكفيها ،ملوش لزوم ال بتعملوه
رفعت كاملة حاجبيها بشماتة جلية ،لتذكرها بما فعلته بها هند وسكبها لمياه النار :_
_ وووواه ،وأنتى أيش حشرك عاد …؟، همليهالهم خلوهم يربوها ويفوجوها يمكن تفلح زى ما هى متبهة للتصنيت والتوجيع بين خلج الله جده
حانت من وليد إلتفاتة لها جامدة ،مضيفاً بحدة فهو يعلم أن الأجواء لا تحتمل دبشها :_
_ ما بلاش أنتى يا كاملة ،ال بيته من إزاز
مطت شفتيها بإستهجان :_
_ جزاز كيف يعنى…؟ وأنا متحصلة على 96% من غير مساعدات ولا ديلو وأنا جدها لولاش الزمن كنت كملت تعليم وبجيت حاجة عليها الجيمة
رفعت وجهى الممتلىء بالدموع الساخنة لأنصحها بتلقائية :_
_ فى كتير مكملوش تعليم بس محترمين الناس تشوفهم تبتسم وشهم بشوش وعقلهم كبير وقعدتهم حلوة ،حاولى تتعلمى منهم يا كاملة وبلاش طولة اللسان دي
أنفعلت كاملة وإهتزت أطرافها لتصيح:_
تجصدى أيه يا بت الفرطوس أنتى أنى جليلة الأدب..!
لكزتها الخالة غامزة لها وكأنها تريد شراء وليد وخاطره :_
_ال تكره وشه بكرة يحوجك الزمن لجفاه يا كاملة،بدرى”روشى” على لسانك سُكر عن جده لأحسن تحصليها
نفخت كاملة بإستياء لمحاباة خالتها لضرتها ولم تفهم السبب بعد :_
_ جرى أيه يا خالة أنتى معاها ولا معاي…!
كزت بصف أسنانها العلوى على فمها :_
_ لالاه كله إلا الشماتة يا بتى بتترد ،مهما الزمن طول ولا جصر
قطع أطراف الحديث ولوج نوارة من المطبخ بنقابها بقلق وتوتر ،ترمق فيه أختى :_
_ لسه بردو مفاجتش …!
أجابها وقع خطوات مقبلة للطبيب مع مساعدته برفقة جودة وحمدان ليبدأ فى الفحص بدقة مخرجا معداته ،ليخبرهم بإجهاد نفسى وسلامتها الجسدية وضرورة الحفاظ على معنويتها كى لا ينقلب الأمر إلى إنهيار عصبى ربما يستغرق أيام وقد توافيها أيضا المنية فيه،إقترح علي زوجى أن أبلغ ياسين ،لعلها تفرح بلقياه فلا أحد منا يعلم ملابسات فض تلك الخُطبة حتى الآن ،ما أن أغلقت معه الهاتف حتى إستدعتنى حماتى بغيظ ..
مشهد الثانى
فى غرفتى البحرية أنتحب بصمت أضم فيه ركبتاى إلى وجههى بجذع وهوان ،أكره فيه معاملة الخالة المُتسلطة ،متفهمة هواجسها وخوفها الدائم من سيطرتى على وليد، تذكرنى من آن إلى أخر أن الكلمة كلمتها وكذلك المشورة ،يداعب الدوار عيناى متسائلة إلى متى يظل الوضع مقلوبا ..؟، إلى أى حد يجب على المرأة ان تخضع لحماتها ..؟، لما ذلك الجفاء وكأنها ضرتى ووتنافسنى فى زوجى …!، فتح زوجى الباب بوجه مقفهر حزين لم أنتبه له لغرقى فى دوامات متتالية من رسوب أختى إلى إساءات حماتى المتكررة وكلما إبتلعت الإهانة مرة بات لزاما على التحمل فى كل مرة فتصبح التضحية للحفاظ على أسرة صغيرة واجب قومى ،وكذلك أيضا تثُثير غيرة ضرتى حنقى ،ما أن لمحته من الخلف وهو يخلع عنه قميصه بألم حتى هتفت بوجع جلى تشوبه الشهقات المتقطعة:_
_ أسمع بقى يا وليد من خرج من داره أتقل مقدراه، خلينا نسافر القاهرة فى أقرب وقت ،ولا أقولك النهاردة دلوقتى أهو
أستدار لى بهيئته الغير مرتبة من شعر أسمر وعيون فحمية داكنة ،و قميص فُكت أزاراه العلوية ،ليقفز صدره إلى عينى فى بجاحة بنسبة إلى ،بينما له فلم يرى غرابة فى الامر فكلانا أزواج ، فقوس فمه بعدم فهم :_
_ لا حول ولا قوة إلا بالله فيه أيه يا إسراء..!
وضعت كفاى على مقلتاى عقب تزايد دقات قلبى لرؤيته فى ذلك الشكل الهمجى ربما لكنه مثير للغاية ووسيم عدا تلك الفقاعة الملة من بطنه :_
_ كاملة مرتك كل ما بتشوف أهلى تقولهم يا بخت من زار وخفف ،وكأنهم قاعدين فى بيت أبوها ولا ماما يا وليد ..!
أستفسر بفضول :_
_ مالها داست لك على طرف..؟
صحت بحدة وعصبية وكذلك إشمئزاز فأنا أكره منظر الدماء تماماص بل أكاد أن أستفرغ ما فى معدتى :_
_ يعنى مش كفاية زعلى على أختى وقهرتى ،لا بعتت لى بنت أخوك الصغيرة عشان أطلع أعمل معاهم البط على السطح ،عاوزانى أنا أنتف ريشه يعععع
تنهد بمواساة خفيفة تحمل هموماً عديدة له :_
_ معلش كلها يومين وهنسيب لهم البيت ،عشان خاطرى أستحملى فات كتير مبقاش إلا القليل
ضيقت حدقتى عينى بإرتياب وجس نبض:_
_ حاسة أنك متغير حد ضايقك…؟
علق ببساطة وهو يبث الأسباب المُكدرة لصفوه :_
_ ماما عاوزانا كلنا النهاردة ،خايف ليكون جودة قلها على بابا
فتحت فمى بحماس أصفق فيه :_
_ أه صح محكتليش ليه مخبينه عن كل الناس ،متبرين منه ..؟
أردف والدموع مترقرقة فى عينيه ،لتغتصب شفاهه إبتسامة باهتة:_
_ من 30 سنة ماما كانت مسافرة مع خالتها القاهرة يزوروا جماعة قرايبنا ،وكان الحاج عبد المنعم جارهم شافها حبها وأعجب بيها وأتجوزها بعد 3 سنين جواز مخلفتش وكانت منكدة عليه عيشته طول الوقت معندهاش ثقة فى نفسها شايفة أنها مش مالية عينه ولا رابطاه بعيال ،فقرر أنه يسافر فى للقاهرة تانى ويشتغل هناك وكان بيجى هنا زيارات وخلفت جودة بعد صبر خمس سنين،بابا مفرحش اوى زى أى أب لأنه كان يأس وأتجوز عرفى الممرضة بتاعته ولما جاله خبر حمل ماما كان هو مخلف..!
تجمدت قسمات وجهى بشفقة لأستفهم :_
_ وبعدين يا وليد..!
تابع بنظرات شاردة فى الفضاء مُنكسرة:_
_ مرضاش يصارحها عشان ميكسرش بخاطرها ولا يكسر فرحتها وخلفت جودة وحمدان ورضوى وأنا ،لكن لو جيتى للحق هو معذور كان نفسه يبقى أب والشرع حلل التعدد عشان كده ،المهم أنها فى مرة زراته فى العيادة لقته مع الممرضة لوحدهم و…كده وكانت حامل والجنين نزل من شدة الزعل بعدها قررت تتطلق وفضل الموضوع متعلق شوية فى المحاكم لحد ما بابا أضطر يخضع لها
تلجم لسانى لا أدرى ماذا أقول فى تلك النكبة ، حماتى إمرأة مُطلقة مرت بظروف عصيبة ،جعلتها تعاملنى بقسوة وجفاء نتيجة عقدتها صوب الزوجة الثانية لشعورها بظلم كاملة ومرورها بنفس ما مرت به وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ، أخذت نفساً عميقاً لأزفره ببطء أغمض فيه مقلتاى بعطف ،ناظرة لوليد وهو ينزع قميصه كثلية عنه لتبرز عضلاته وكذلك أيضًا ذلك الكرش الصغير ،باهت اللون وحزين ،فقلت بمرح مصطنع بعد أن أحضرت فنجاين القهوة وبدأ كلانا فى إرتشافها :_
_ هات أقرأ لك الفنجان كده
ترك لى العنان وهو يراقبنى بلؤم ممزوج بإعجاب ،لأضيف بخضة:_
_ يا حبيبى يا ابنى قدامك سكة سفر
علق بنبرة والهة متيمة ،،مدققا المغازلة فى شفتاى الوردتين بينما أحمرت وجنتاى من شدة الخجل ،ليهمس وكأنه يأوى إلى ركن السعادة فى دنياه:_
_ فى عنيكى ،محظوظ بيكى يا حبيبتى
تنحنت بكسوف وخجل أبتعد عنه قليلا لأقول بمداعبة خفيفة لعلها تمتص سخونة الموقف وألمه النفسى:_
_ وسكتك كلها سودة ،عبد الحليم هناك أهو حتى بيقولك طريقك مسدود يا ولدى يا ولدى مسدود
أقتر ثغره عن إبتسامة جذابة ليتابع بتهكم:_
_ حاسس أن ستى ال بتقرأه ،ثم أضاف بإستفزاز ده حتى ستى هتبقى أحسن منك
لكزته فى دراعه بلوم فأستطرد مربعا على الفراش :_
_ بصى يا ستى
قاطعته بسخرية أخرج فيها لسانى :_
_ ستى جتك وكسة
تصنع الغضب وأنكمش وجهه ليهددنى :_
_ وكسة طيب شوفى مين ال هيقرألك ..!
تشبثت فى ذراعه برجاء ليستكمل بتساؤل:_
_ شايفة المنحنى ده…؟
أومأت بالإيجاب فأكمل مضيقا عينيه ليقول بصوت مبحوح من الحب:_
_ ده قلبى من يوم ما شوفتك
فركت كفوفى ببعضهما لا أدرى ما يقال فى تلك المواقف الرومانسية ،فأضاف بعيون متسعة ونبرة كلها فضول وإستفهام ودهشة:_
_ أوبا أيه ده ……!
تسائلت بهلع وإضطراب :_
_ أيه..أيه ..؟
أشار لى بالإقتراب لكى أرى قاع الفنجان،ليقول بلؤم:_
_ فى نونو جاى فى الطريق حتى بصى كده
تقلصت المسافات بيننا لأرى قاع الفنجان بذهول ،ليلتقط شفتاى بحركة مفاجأة وفى قبلة مطولة يدثرنى فيها بالغطاء الخفيف ،لتصمت شهرزاد عن الكلام الغير مباح مستسلمة للمساته وكذلك لتغير هرمونات جسدى وسرعة الموقف لتحسم المسالة القلوب بعيدا عن الحسابات المنطقية المُعقدة
المشهد الثالث
أما بغرفة رضوى فى الطابق العلوى
دخل ياسين بقميص أزرق على بنطال جينس متلهفا على رؤيتها ،ولكنه فى نفس الوقت متألما لما فعلته به فى أخر مكالمة بينهما لا بأس فسيعيد تربيتها من جديد ،تنحنح بدقات خفيفة أذنت له فيها بالدخول ليلقة بباقة الورود إلى جوارها،يفكر كيف يشرع فى الحديث ،بينما تشيح ببصرها بعيدا عنه شاعرة بالإحراج ،فتقليلها منه جعل الله يخسف بأحلامها الأرض،قال بعد لحظات من الصمت القصير لينظر فى عمق عينيها مُباشرة بسخرية:_
_ إزى الصحة يا ست الإعلامية …؟،قلبى عندك والله لا طولتى عنب اليمن ولا بلح الشام لا تجارة ولا إعلام
تظاهرت ببرود أسفله تقبع حمم البراكين لفرحته برسوبها ،لا لن تترك له الفرصة لتعلق :_
_ كنت متوقعة أنك جاى ،بس مش بالسرعة دى ،جاى تشمت وتتشفى لكن أبشرك أنى غيرت خطتى فى أخر لحظة وقولت أدخل سياحة وفنادق أحسن وكده خصوصا أنى إجتماعية،وبعشق التاريخ
ألقى بكفيه المشتبكين ببعضهما للخلف ليسند عليهما رأسه متابعا بعطف ممزوج بتهكم فهو لا يريد أن يقلب الأجواء إلى دراما :_
_ياااه ده أنتى غلبانة أوى يا هند وطموحاتك عالية سياحة مرة واحدة…! ،أنتى تاخدى الخمسين بالمية دول وتنزلى بيهم عند أى بقال أدى دقنى أهى لو رضى يمسكك حتى حسابات ال أتنكتى عليها من كام شهر
قابلت إحباطه لها بإبتسامة عريضة لتقول :_
_ أنا أصلا بحب الدش والصم حخش حقوق وأبقى محامية كبيرة وأرفع عليك ساعتها قضية وأحبسك فى السجن ونرتاح بقى منك
فتح فمه بإستنكار :_
_أنتى فاكرة كلية حقوق ملجأ لكل من هب ودب ،دول كبرات البلد يا ماما أنسى أنهم يأخدوكى
رفعت حاجبيها بصدمة :_
_ ليه تنسيقها من كام …؟، مش 50%
صحح لها بمرحه المعتاد ومداعبته :_
_ لا ما هو طلع مع طلوع الدولار طلعت روحك وبقى ب 55% ،معلش بقى يا هند مصيرك لمعهد صرف صحى سنتين وتبقى سباكة قد الدنيا
أشارت له بكفها ليتركها بضجر :_
_ ياسين مش حمل مناهدة ولا هزار سخيف أطلع بره وخد الباب فى أيدك
تناول باقة الورود بخفة ليمنحها إياها:_
_ ماشى يا ستى متزقيش بس ،أتفضلى
أرادت أن ترد له إهانته لتسخر منه :_
_ أيه ده بوكيه ورد دبلان…؟
لكن سرعة البديهة لديه كانت عالية فأردف مضيقا عينيه بضحك:_
_ ده بلاستيك على فكرة ،أبقى أتاكدى بعد كده قبل ما ترمى بلاكى هههههه
قطع عليهم حديثهم عدة نقرات على الباب