العبق الاقحواني ” مي الفخراني”
(11)
“بعد مرور أسبوعين ”
“في شقه دكتورصالح”
_ بابا قولي بقي ألماسه فين؟!
قالت ” زهره” هذه الجمله بنفاذ صبر ويأس٠٠٠
هتف” صالح” بحزم:
_ كفايه بقي يا زهره قولتلك مش هقولك ، هي فتره كده وهترجع انتهينا
أنهي حديثه ثم اتجه إلى غرفته تاركا إياها تكاد تجن من فرط الأفكار التي تأتي في بالها عن مكان تواجد ” ألماسه” وإصرار ” صالح” عدم اخبارها عن مكانها !!!٠٠٠٠
٠٠٠٠٠٠٠٠
في شقه ” سفيان”
خرج ” سفيان” من المرحاض على رنين هاتفه قذف المنشفه التي بيده على الفراش والتقط الهاتف وأجاب قائلا بجديه:
_ عرفت حاجه يا كريم ؟!٠٠٠٠ يعني إيه مش لاقيها في اي مستشفى؟! ٠٠٠ دورت في كل مستشفيات الأدمان؟! ٠٠٠٠ متأكد يعني ؟! ٠٠٠ طب أسمع دورلي في كل مستشفيات الإدمان في كل مدينه في البلد مش بس في القاهره٠٠٠ عارف أنه صعب بس أنا عارف انك قدها ٠٠٠٠ تمام أما توصل لحاجه عرفني!! ٠٠٠٠ تمام شكرا يا كريم !!!
أنهي المكالمه وقذف الهاتف على الفراش وظهر على ملامحه الضيق !!!!
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
تتسطح” مهره” على الفراش ويرتسم على وجهها ابتسامه جميله وهي تتذكر ما حدث من اسبوعين٠٠٠٠
” عوده لما حدث قبل اسبوعين”
دلفت ” مهره” إلي داخل العياده استغربت عندما وجدت الفتاه التي تعمل معها غير موجوده والعياده خاليه على الرغم من أن اليوم لديها حالات كثيره ، فتحت حقيبتها وأخرجت هاتفها وهي تسير متجهه إلي مكتبها واخذت تعبث في الهاتف تبحث عن رقم معين وباليد الآخر فتحت الباب ، وما أن رفعت بصرها حتي اتسعت عيونها بصدمه ٠٠٠
كان ” صهيب” يجلس على مقعدها ويمسك قلم في يده وينظر لها ويبتسم ابتسامه طفيف ثم تحدث قائلا بجديه مصطنع :
_ من فضلك اتفضلي يا انسه مهره ٠٠ اقعدي على الكرسي ده
تطلعت له ” مهره” ببلاهه غير مستوعبه وتسألت بغباء :
_ إيه اللي جابك هنا؟!٠٠٠ وقاعد مكاني ايه؟!
رد” صهيب” بتريث شارحا بهدوء والابتسامه الهادئة تزين ثغره :
_ الي جابني هنا ؟! ٠٠٠ اانا جاي هنا عشان ارد ليكي ولو جزء بسيط من إلي عملتيه معايا ، جاي اسمعك ، قاعد مكانك ليه ؟! ٠٠٠ أنا النهارده قررت اعيش دورك دور الدكتور ، وأنتي هتكوني مكاني هتتكلمي وهسمعك !!
ظلت” مهره” تطلع له ببلاهه وغباء وعدم استعياب٠٠٠ فأشار ” صهيب” الي أحد المقاعد قائلا بضحكه :
_ اقعدي يا مهره عشان شكلك غريب وأنتي مش مستوعبه كده!!
انتبهت ” مهره” على نفسها واحمرت وجنتيها خجلا واقتربت بخطوات بطيئة وجلست على المقعد وقلبها ينبض بداخلها وقد عقدت حاجبها بدهشه ٠٠٠٠٠
تنفس” صهيب” بعمق ثم تسأل بتوجس:
_ مهره إيه السبب إلي ممكن يخليكي ترفضني غير موضوع ألماسه؟!٠٠٠ اقصد شغل أمي الله يرحمها ، ممكن ده يأثر على قرارك ؟!
نفت ” مهره” بشده وهي تهتف بعفويه شديده:
_ استحاله طبعاً يا صهيب ، حاجه زي دي تأثر على جوزاي منك ٠٠٠
خفضت بصرها بخجل عندما انتبهت إلي ما قالته ٠٠٠ بينما ابتسم ” صهيب” نصف ابتسامه وهو يتسأل بخبث:
_ يعني افهم من كده أنك خلاص وافقتي عليا ؟!
لم تستطع” مهره” أن ترد أو ترفع بصرها وعضت على شفتيها بغيظ خجله من نفسها ٠٠٠
تنهد” صهيب” واختفت ابتسامته وهو يسترسل قائلا بجمود:
_ ولو وافقتي !!، مش هتجي في يوم من الايام لو حصل بينا اي مشكله هتفكرني وقتها بشغل أمي؟!
رفعت” مهره” بصرها سريعا ونظرت له بعتاب شديد وهتفت بنبره جاده للغايه يتخللها اللوم :
_ أنا من امتي وأنا بقولك حاجه على شغل والدتك ؟!، صهيب أنا اعرفك انت وميهمنيش اي حاجه تانيه ! ، أنا أخر واحده تحكم عليك من خلال شئ أنت ملكش علاقه بيه٠٠٠ واظن انت عارفني كويس وعارف تفكيري كويس جدا ٠٠٠ أنا لو عايزه احاسبك على حاجه كنت حاسبتك على الإدمان ٠٠٠ لكن أنا عارفه كويس أنه ده مكنش بمزاجك الظروف الي اجبرتك على كده ٠٠ وحتي لو بمزاجك ، أنا مش هحاسبك على حاجه حصلت قبل ما تعرفني أصلا ٠٠٠
أنهت حديثها وصدرها يعلو ويهبط من انفعالها في الحديث ٠٠٠
كان ” صهيب ” يرمقها بنظرات إعجاب واحترام مما جعله يهتف بارتياح شديد:
_ عمري يا مهره ما شكيت للحظه في عقلك وتفكيرك إلي دايما بيمزك عن أي بنت تانيه ، بجد شكرا انك موجوده في حياتي ٠٠٠
صمتت قليلا ثم اردف متسأل بتردد :
_ طب هتقدري تستحملني وتخليني أنساها؟!
خفضت” مهره” بصرها قليلا وهي تفكر بعمق ثم رفعت بصرها وقد زاد احمرار وجنتيها وهي تقول بثقه خجوله :
_ أن شاء الله هقدر !!!
“عوده الى الوقت الحالي”
اعتدلت” مهره” جالسه على الفراش وهي تضع يدها تتحسس وجنتيها الذي اشتعلوا خجلا من هذه الذكري ، منذ هذا اليوم لم تري ” صهيب ” فهو قد سافر رحله عمل ولكن علي مدار الاسبوعين كان يرسل لها رسالة واحده يوميا يكتب فيها” مهره لما ارجع مصر عايز اول حاجه اسمعها موافقتك على الجواز ٠٠ اوعدك مش هتندمي ”
كل ليله في تمام الساعه الثانيه عشر بعد منتصف الليل يرسل نفس الرساله مما جعل قلبها يبتهج ويرفرف والإبتسامه البلهاء مرتسمه دائما على وجهها ، فالحب بهجه وفرحه تملئ القلب وتنير الوجه ، وضعت” مهره” يدها على قلبها وهي تهمس :
_ مكنتش اعرف أن الدعوه الى دعتها قبل كده ربنا هيحققها بالشكل الحلو ده، الحمدالله !!!
٠٠٠٠٠٠٠
في صباح اليوم التالي
“في شقة أهل سفيان”
تحدثت ” زهره” بنبره رقيقه وهي تجلس بجانب ” حنان” على الاريكه :
_ ماما حنان مش عشان أنا وسفيان اطلقنا مش هاجي، بالعكس أنا بحبكم جداً زي أهلي ٠٠ وبعدين احنا مع بعض في عماره واحده يعني على طول هتلاقني قاعده معاكم ٠٠ هو بس إنتي عارفه موضوع اختفاء ألماسه مضايقني ازي؟!
قالت جملتها الاخيره وقد ظهر الحزن على ملامحها٠٠٠
رمقتها ” حنان” بنظرات حنونه وتحدث قائلا بيقين :
_ متقليقش عليها يا حبيبتي ٠٠٠ اكيد دكتور صالح مش هيضرها !!
سكتت قليلا ثم اردفت متسأله ببعض الحزن :
_ هي اجراءات الطلاق خلاص خلصت كلها ؟؟
هزت ” زهره” رأسها قائله بهدوء :
_ ايوه ما كل حاجه خلصت في الاسبوعين دول، إحنا كده اتطلقنا رسمي !!
هزت” حنان” رأسها وقد ظهر الضيق على ملامحها ، أشاحت بصرها عن ” زهره” وتطلعت إلي ” ساره ” التي تجلس تعبث بهاتفها وهي مبتسمه ببلاهه فهتف” حنان” قائله بنزق:
_ ايه يا ساره هو خلاص التلفون بقي واخد كل وقتك ، إنتي بتكلمي مين كده؟!
ظهر التوتر على ملامح ” ساره” وأغلقت الهاتف قائله بارتباك ملحوظ :
_ أنا، دي ، دي واحده صحبتي يا ماما عادي!
نظرت لها ” حنان” بنظرات ثاقبه ثم لوت فمها و هي تهتف بامتعاض:
_ ماشي يا ساره !!!
ابتلعت ” ساره ” ريقها ونهضت وهي تقول باضطراب:
_ أنا هدخل أنام شويه ٠٠٠
أنهت جملتها وسارت متجه الى غرفتها شاعره بعدم الاطمئنان من نظرات والدتها !!!
هتفت” زهره” باستفسار:
_ هو سفيان راح المستشفى؟!
التفت لها ” حنان” التي كانت تنظر إلى الفراغ مفكره في حال ” ساره” في الفتره الاخيره ، هتفت بذهن مشوش :
_ بتقولي إيه يا زهره؟!
ردت” زهره”مكرره:
_ بقولك هو سفيان راح المستشفى؟!
هتفت” حنان” نافيه:
_ لا، هو قبل ما يروح المستشفى بيجي يفطر الأول
هزت ” زهره” رأسها بتفهم ، بينما اردفت ” حنان ” مكمله بحنق:
_ أنا مش فاهمه ايه الي مخليه في الشقه بعد ما اطلقتوا ٠٠ بقول يجي يقعد هنا تاني معانا ويقفل الشقه دي !!
ردت”زهره” بعدم اكتراث:
_ عادي يا ماما ، ما انتوا في نفس العماره وكمان الشقه قدام الشقه !!
زفرت” حنان” بشده وهتفت متنهده :
_ ما علينا، تشربي إيه يا حبيبتي ؟!
ردت ” زهره” بنبره رقيقه:
_ مفيش داعي تتعبي نفسك يا ماما ، أنا مش غريبه!
هتفت “حنان” بأصرار وهي تنهض من مكانها:
_ لا اازي هعملك حاجه تشربيها ، هعملك قهوه معايا !
ابتسمت” زهره” وقالت باختصار :
_ ماشي !
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في المساء
في شقة أهل سفيان
كان الجميع يجلسون يتناولون الطعام بما فيهم ” صالح” و ” زهره” وكانت “حنان” قد طلبت منهم أن يأتوا لتناول الطعام معهم ٠٠٠٠
كانت” زهره” تعبث في طباقها ولا تأكل فتسألت ” حنان” :
_ مالك يا زهره مبتاكليش ليه ؟!، هو الأكل مش عاجبك ولا ايه ؟!
رفعت ” زهره” رأسها وابتسمت ابتسامه مجامله قائله بنبره عاديه:
_ ابدا يا ماما ده اكلك جميل ، أنا باكل اهو ٠٠٠
خفضت بصرها قليلا ثم رفعته ونظرت باتجاه ” صالح” وتسألت برجاء:
_ ارجوك يا بابا تقولي ألماسه فين؟!
توقف” سفيان” عن الأكل ورفع بصره ونظر إلى” صالح” بترقب ٠٠٠٠
تنهد “صالح” وتحدث بنفاذ صبر:
_ زهره إنتي مبتزهقيش ، اطمني هي كويسه، ده الي أقدر أقوله ٠٠٠
أنهي حديثه ووقف ثم نظر إلي” حنان” قائلا بلطف :
_ شكرا على الأكل ٠٠٠ بعد اذنكم أنا طالع أنام عشان عندي شغل بدري ٠٠٠
قال جملته هذه وتاركهم مغادرا الشقه ٠٠٠
تنهد ” سفيان” وقال بنبره عاديه:
_ أنا عندي شغل في بلد*** في هناك مستوصف لعلاج الناس بالمجان ولازم اروح أشوف الحالات الي محتاجه عمليات هناك
قالت” حنان” باستفسار:
_ هتروح أمتي ؟!
” سفيان” بأيجاز وهو يستكمل طعامه:
_ بكره !
هتفت” حنان” باستفهام:
_ وهتقعد فين؟!
“سفيان” بعدم اكتراث:
_ في أي فندق
تدخلت ” زهره” قائله بتذكر:
_ احنا عندي في البلد دي مزرعه وبيت حتي في ناس شغالين في المزرعه دي ، ممكن تروح تقعد فيها
نظر لها ” سفيان” قائلا بهدوء:
_ مفيش داعي هقعد في فندق وخلاص
هتفت”حنان” باستحسان:
_ فكره كويسه يا زهره ، أحسن يا بني ما تقعد في الفنادق اريح ليك
” زهره” مؤيده :
_ ايوه يا سفيان ، أنا هجبلك مفتاح البيت وتروح تقعد فيه
رد ” سفيان” باختصار:
_ تمام
٠٠٠٠٠٠
في صباح اليوم التالي
_ زهره اتطلقت بجد!!
قال ” مراد” هذه الجمله غير مصدق وقد بدأت عيونه تلمع بالسعاده ودقات قلبه تتعالي ٠٠٠
أكدت ” مهره” بفرحه سعيدة من أجل أخيها:
_ ايوه يا مراد ، سميره اخت جوز اقصد طليق زهره تبقي صاحبتي وهي إلي قالتلي
ارتسمت ابتسامه واسعه مبهجه على وجهه وأصبحت عيونه تلمع حتي أن وجهه الذي كان باهت وكئيب الأيام الماضية أصبح الآن مليء بالسعاده ٠٠٠٠!!!
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
_ ده المفتاح بتاع البيت يا سفيان ، لاقيت بابا نزل المستشفى ، دورت عليه وجبتهولك
هتفت” زهره” بهذه الجملة وهي تقف أمام سفيان الذي خرج من شقته للتو يحمل حقيبة ٠٠٠
التقط ” سفيان” المفتاح وهو يقول بامتنان :
_ شكرا يا زهره !
أعطته ” زهره” ورقه مطوية قائلا برقه:
_ وده عنوان البيت !
٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بعد ساعتين من القياده
وصل ” سفيان” الي هذا المكان ترجل من السياره وهو يتطلع الي هذه المزرعه ذات المساحه الكبيره والذي يبدو أن العمال بها يعملون بجديه وحرص كان حقاً المكان جميل ومريح ٠٠
ابتسم” سفيان” بهدوء ودار حول السياره وفتح الباب الخلفي والتقط حقيبته ، واقترب من البوابة فوجد رجل كبير بالسن يفتح له البوابه وهو يهتف بطيبه مستفسر:
_ أنت الضيف الي الست زهره اتصلت وقالت إنه جاي ؟!
ابتسم” سفيان” وقال باختصار:
_ ايوه انا ٠٠
الرجل بترحيب:
_ اتفضل يا بيه اتفضل يا مرحب بيك ، هات اشيل عنك
قال جملته الاخيره وهو يشير إلى الحقيبة التي يحملها ” سفيان” ولكن ” سفيان” أشار له قائلا برفق:
_ مفيش داعي
اوصله الرجل الي البيت الذي كان يبعد عن المزرعه بمسافة مناسبه حتي أنه يكاد يكون منعزل عن المزرعه!! ، شكر ” سفيان” الرجل الذي غادر تاركا اياه ٠٠٠٠
أخرج ” سفيان” المفتاح من جيب بنطاله وفتح الباب ٠٠ ودلف وضع الحقيبه على الأرض وأخذ يتجول بنظره في أنحاء البيت ٠٠٠
تجمد مكانه فجأه وهو يسمع صوتها تصرخ بتعب قائله :
_ افتحي بقي حرام عليكي !!!
يتبع