لم اكن دميمة يوماً بقلم شيماء على (كاملة)
الفصل الخامس والعشرون ..
- أمام غرفة العمليات ..
تسير رقية ذهاباًَ وإياباً في الممر وهي تدعي ربها أن يخرج من هذه الغرفة علي قيد الحياة ,ظلت علي هذا الحال لمدة 7 ساعات متواصلين ..تملك الخوف منها وبشده من التأخر هذا ,وبعد دقائق خرج الطبيب من غرفة العمليات وهو يخلع قفازات يديه الطبية ويبدو علي وجهه الأرهاق الشديد نتيجة المجهود الزائد الذي فعله مع جاسم ,هرولت إليه رقية وهي تقول بلهفة :-
-طمني يادكتور …
نظر الطبيب إليها نظرة سريعة ,فتعجب من وجود فتاة مثلها مع رجل الأعمال الشهير جاسم الرواي ..ولكنه تغاضي عن ذالك وهو يقول بجدية :-
-أحنا عملنا اللي علينا ..وال24 ساعة الجايين هي اللي هتحكم ..
رقية بتسائل :-
-أيوة يعني هيبقي كويس ويعيش ??
أجابها بضجر :-
-والله دي حاجه بتاعة ربنا بقا ..عن إذنك ..
تركها وذهب متجه إلي غرفة الإطباء لكي يأخذ قسط من الراحة بعد عملية جاسم الشاقة ..عضت رقية علي شفتيه بغيظ شديد من معاملة هذا الطبيب ..الذي يتعامل معها كأنها أتيه لكي تتسول منه ..وبعد قليل خرج الترولي الطبي الموضوع عليه جسد جاسم الساكن نظرت إليه رقية بعيون لأمعة وهي تسير بجوار الترولي ببطء نظرت إلي موضع الطلقة في صدره الموضوع عليه شاش أبيض به بقع دماء..نزلت دمعه ساخنة علي وجنتيها وهي تراه في هذا الوضع لم تتخيل أن تري جاسم الحنون الذي يشفق علي جميع الناس والذي أشفق عليها هي الأخري كثيرا وربما كانت أخر شفقه له عندما قال لها انه يحبها بالتأكيد قالها شفقه عليها ..أخذت تسير بجوار التروالي حتي وصل إلي غرفة العناية .ادخل الممرضون الترولي وغلقوا الباب ..وقفت رقية أمام الباب الذي أنغلق والدموع تنساب علي وجنتيها ببطء ..فربما إنغلق أمامها أخر أمل واخر حب ..
-في غرفة العمليات
دلفت مجموعة من العاملين في المستشفي لتطهير الغرفة وتنظيفها كعادتهم بعد إجراء أي عملية ,وأثناء اداء عملهم لفت إنتباه ممرضة ما وجود قطعة قماش مليئة بالدماء أسفل فرأش العمليات ..إتجهت الممرضة إلي الفرأش وإنحنت لكي تأخذه من علي الأرضية ..قطبت جبينها بتعجب قائلة :-
-ايه ده وايه اللي جاب هنااا ??
أخذتها وسارت بها خارج الغرفة ولكن إصطدمت بزميلتها في العمل والتي تدعي مني ..
مني وهي تنظر إلي يد صديقتها قائلة بفضول :-
-ايه اللي في أيدك ده يانجلاء..
رفعت نجلاء كتفها وهي تقول :-
-معرفش ياختي ..لقيته جو تحت سرير العمليات ..
مني وهي تخطفه من بين يديها:-
-وريني كده أشوفه …
أمسكت مني طرف قطعة القماش ..ونظرت له بتركيز حتي تبين له انه حجاب نسائي …
مني وهي تنظر لزميلتها قائلة :-
-ده طرحة ياختي ..
نجلاء متسائلة بتعجب :-
-وده بتاع مين ??..
لملمت مني الحجاب في يدها قائلة بعدم إهتمام :-
-احنا مالنا بقا ده بتاع مين ..تلاقيه بتاع حد كان في الحادثة ولا حاجه
ثم تابعت بهيام :-
– المهم قوليلي بقاا شوفتي المز اللي كان في العمليات ده ..يخربيت جماله هوفي كده
جاوبتها نجلاء قائلة بهيام هي الاخري:-
-عندك حق ياختي ده ولا نجوم السيما ..
ثم تابعت قائلة بتهكم :-
-يجي الموكوس اللي في البيت يشوف الحلاوة …ياحسره عليكي يانوجا ..
ثم إلتفتت إلي زميلتها قائلة بفضول شديد :-
-أنتي ماتعرفيش مين ده يامني ..
مني بتفكير :-
-انا سمعت أسمه بس مش فاكره ..اسمه ايه مني ??اسمه أيه يامني ??..
ثم صاحت فجاة قائلة :-
-أفتكرت اسمه جاسم الراوي ..
اتسعت عين نجلاء بذهول قائلة :-
-بتقولي جاسم الراوي ..
_علي الناحية الأخري ..
تسلل ضوء الشمش عبر النافذة ..لتعلن عن بداية نهار جديد .. قامت رقية من الأرضية الأمعة بوجه ناعس .. لاحظت رقية إمتلاء المكان بضوء الشمس ..فخبطت جبينها بكفها بقوة لنسيانها أمر أبيها وشقيقتها التي تكاد تموت من الأنتظار والقلق عليها ..مسحت وجهه بكفها ونظرت بحزن إلي غرفة العناية التي مازالت منغلقة أقتربت من الباب ووثبت لكي تلحق بالنافذة الزجاجية الموجودة في اعلي الباب ..كان جاسم متسطح علي الفراش وجسده محاط بالإجهزه والإسلاك ,وعلي فمه جهاز للتنفس ..رمقته رقية بحزن شديد ..ثم إلتفتت حولها بحذر حتي تأكدت من عدم وجود أي شخص في المكان ..أدارت مقبض الباب ودلفت بهدوء وغلقته خلفها ..سارت وهي تضع يدها علي فمها لتمنع نفسها من إصدار إي صوت ..وتسير علي أناملها وصلت إلى فرأشه وجلست بجواره علي طرف الفرأش ..وضعت يدها علي كفه قائلة بهمس :-
-جااااسم ..
-امام غرفة العمليات..
إنضمت لهم زميله ثالثة لهم تمسك بيدها أشياء جاسم ثم قالت لهم بتسائل:-
-ماشوفتوش يابنات اللي بنت اللي كانت مع رجل الأعمال ده ..
نجلاء سريعا :-
-بنت ?? بنت مين دي ??..
ردت عليها زميلتها :-
-بنت كده كانت معاه هنا ..بس بنت كده شكلها غلبان اووي
نجلاء بخبث :-
-غلبان ازاي يعني فسري كلامك ..
زميلتهم وهي تقول بشفقة :-
_اصلها ياحرام ووشها محروق ..بس عارفين عليها شعر زي الحرير واصل لبعد ضهرها بكتير .. يله أهي حظوظ
ثم تابعت بإيجاز :-
-المهم ماشوفتهاش عشان اديها الحاجه بتاعته دي ..
شردت نجلاء في قصة جاسم وتلك المحروقة فهي تعرف جيداً جاسم الراوي سمعت عنه كثير في الأخبار وقرأت عنه اكثر في المجلات والجريدة اليومية …نظرت إلي الحجاب الموجود بيدها ..فخمنت سريعاً من تكون صاحبة هذا الحجاب ..
زميلتهم وهي تلوح بكفها :-
-أيه نجلاء روحتي فين كده ??
نجلاء وقد فاقت من شرودها :-
-هااا ..موجوده موجوده..
اجابتها مني بتخمين :-
-ممكن تلاقيها تحت في الكافتيريا..
هزت زميلتهم راسها وسارت بعيدة عنهم ,نظرت مني إلي نجلاء قائلة بتعجب :-
-في أيه مالك يابنتي ..
لم تجيبها مني واخرجت هاتفها من جيبها وهاتفت احد الصحفيين الذي تعرفت عليه عندما كان هنا في المستشفي يكتب سبق صحفي عن جريمة أغتصاب تم نقلها في هذه المستشفي ..جاء الرد قالت نجلاء بإبتسامة :-
-اذيك يا أستاذ إما انا جايبه ليك حتة خبر دمار ,عن رجل الأعمال جاسم الراوي ..
-في العناية
ظلت رقية تتحدث معه لكي يجاوبها ولكن دون جدوي …ظلت مدة طويلة تتحدث معه وأثناء حديثها معه سمعت صوت جهاز القلب يصدر صفيرا عالياً معلناً عن موت جاسم الراوي معلناً عن موت من كتب معني الرجولة بيده ..نظرت رقية سريعاً إلي الجهاز شعرت بأن قلبها كاد أن يخرج من مكانه وهي تري مؤشر القلب أستقام معلن عن الموت..قامت من مجلسها وهي تنظر ل جاسم بصدمة قائلة بدون وعي :-
-جاسم ,جاسم لا لا أكيد ده مش بجد..
الجهاز باظ ووقف صح هو باظ لكن أنت أكيد مش مت صح ??..
أخذت تنظر له وبدون سابق إنذار اطلقت صرخة عالية :-
-لا متموتش متموتش جاااااسم ..
هرولت سريعاً إلي الباب وفتحته وخرجت وهي تقول بصراخ عالي:-
-الحقوني حد يلحقني الحقوني ..جاسم مات ج ا سم ج اس م
لم تكمل جملتها وهوي جسدها بقوة ليرتطم علي الأرضية الصلبة ..جاء الإطباء يركضون إلي العناية ..وحمل الممرضات رقية وكانت من بينهم نجلاء وضعوا رقية في غرفة ..حاولت واحدة منهن إفاقة رقية ولكنها فشلت في أول مرة ..ونجحت في المرة الثانية فتحت رقية عينها واخذ تتحدث بدون وعي قائلة :-
-جاسم مات ,اول راجل ضحك في وشي مات , الراجل اللي حماني حماني حتي من اخوه ,الراجل اللي شوفت في عينه نظرت حب عمري ماشوفته في عين حد ,الرجل الوحيد اللي كان بيخليني أحس أني ست بجد ,معقول اتحرم منه كده …ثم نظرت إلي واحدة منهن جالسة بجوارها قائلة بحب :-
-عارفة ده قالي بحبك .اه والله قالي بحبك ,رقية سمعت كلمة بحبك في حياتها ..وكمان قالي بحبك ااوي ..انا في حد بيحبني.. قالي بحبك وانا بنت بواب ..بيحبني وانا محروقة كده .شوفتي بقا هو طيب أزاي ثم تحولت نظراتها إلي حزن قائلة بدموع :-
-بس خلاص مش هاسمعها تاني ..اللي قالها مات وهي ماتت معاه..
كانوا ينظرون لها بحزن وبعض منهن تبكي من أجلها ..تصنعت نجلاء الحزن ومصمصت شفتيها وغادرت الغرفة بأكملها عندما خرجت من الغرفة ..أخرجت من جيبها هاتفها وشغلت التسجيل التي سجلته بصوت رقية قائلة بمكر :-
-دي هتبقي فضيحة بجلاحل ..وهقبض قرشين حلووين .
-داخل العناية
كان يضرب الطبيب بالصاعق الكهربائي بقوة علي جسد جاسم محاولة لرجوع النبض مرة أخري ..استمرت المحاولات لفترة طويلة …وبعد محاولات كثير اشتغل جهاز القلب مجدداً..ليعلن عن حياة جاسم الراوي من جديد ..وربما تكون حياة رقية أيضاً,تنهد الطبيب يإرتياح ثم نظر إلي الممرضة الواقفة بجواره قال بجمود :-
-متتحركيش من جمبه أنتي فاهمه ..
ثم خرج من الغرفة وهو يتمتم بضجر :-
-هتودونا في داهية بسبب إهمالكم ..