لم اكن دميمة يوماً بقلم شيماء على (كاملة)

محتويات المقالة

الفصل الأربعون…

تابع بألم لايريد أن يستعيد ذكريات الماضي :-
-كانت أول حب في حياتي، وأول دقة قلب، شوفتها في أوربا لما كنت في إجازة هناك، شددتني ليها من أول نظرة أول ماعين جات عليها سمعت دقة قلبي، ومن يومها بقت محور إهتمامي وفضلت وراها لحد ماعرفت أنها بتشتغل عارضة أزياء في وكالة كبيرة هناك، بقيت أحضر كل العروض في سبيل بس إني ألمحها،وكنت أشتري كل الموديلات اللي كانت هي بتعرضها عشان أقدمها ليها أول ماأكلمها..فضلت أروح العروض دي كتير وماكنتش بتأخد بالها مني خالص..

هز رأسه عدة مرات بالنفي قائل:-
-لالا هي كانت بتأخد بالها بس كانت بتستعبط عشان أقع في الفخ أكتر..

ثم ظهرت إبتسامة خفيفة من بين أحزانه وهو يقول:-
-فضلت كده لحد ماجه أجمل يوم في حياتي اليوم اللي أخيراً أتجرأت فيه وكلمتها.. وبقينا صحاب لفترة كان بنسبالي ده حاجة كبيرة لأن من خلال الصداقة دي هقدر أوصلها مشاعري وأكون جمبها.. وفي يوم قررت أني أكون جرئ للمرة التانية وأعترفلها بحبي بقا.. وفعلاً جمعت كل الحاجات اللي كنت جايبها عشانها، وجهزت نفسي كأني رايح أخطبها مش رايح أقولها بحبك، واليوم ده كان في عرض ليها أستنيت لحد ما خلص وطلعت علي المسرح وقولتلها بحبك قدام كل الموجودين وساعتها حصل اللي بحلم بيه وبقت حبيبتي..

ثم أستدار بجسده وسار في إتجاه رقية قائل بإبتسامة غريبة :-
-عارفه كانت شبهي أوووي كانت شقرا كده زيي لما حد كان بيشوفنا كان يفتكر أن أحنا تؤام.. كنت عايش معاها أجمل حياة والأجازة خلصت بس مع ذالك فضلت معاها، لحد ماتوافق علي الجواز وكنت عاوز أدخل مصر وهي معايا وهي مراتي،بس هي كانت تأجل في الموضوع، وانا كنت أهبل فاكر أنها بتأجل عشان عاوزه وقت أكتر تعرفني فيه.. ده غير كمية الفلوس اللي كانت بتطلبها مني وعمري ماشكيت للحظة فيها وكانت مفهماني أنها من أصول عربية وأنها جات مع أهلها هنا وهي عندها 6سنين ولما كبرت وهما ماتوا أشتغلقت كانت بتتكلم عربي مكسر. وكانت على طول تقولي أني هي محافظة علي العادات الشرقية وانها مبتقبلش بأي علاقة غير في حدود الجواز.. ساعتها كنت طاير من الفرحة لأن الموضوع ده كان شغلني وخصوصاً أمي ماكنتش موافقة إني أتجوز من واحدة أجنبية لماقولتلها في التليفون، فات كتير وكتير وهي برضه بتأجل وطلبات الفلوس تزيد لحد مابعت نص الشركة لعمامي عن طريق التوكيل إلا مع المحامي ..وفي يوم قابلت واحد صاحبي وهي معايا أول ماشافها إتصدم وخصوصاً لما عرف إني عاوز أتجوزها، وبعد يومين طلب يقابلني عشان حاجة بخصوصها، كنت رايح وانا قلقان جداً ويارتني ماروحت فعلاً لأن صاحبي عرفني حقيقة حبيبتي عرفت إنها شغاله في مجموعة خاصة في الوكالة..

عقدت رقية مابين حاجبها بعدم فهم..

مسح بيبيرس وجهه بكفه وهو يردف بسخرية مريرة :-
-مجموعة خاصة يعني بيخلوهم متعة للرجالة اللي بتطلبهم بالفلوس يعني بنت ليل…

وضعت رقية يدها علي فمها بشقهة مكتومة وهي ترمقه بأسي..

تابع وهو ينظر إلي الأرضية كأنه يخفي دمعة لمعت في عينه :-
-اليوم ده حسيت إن قلبي أتقسم نصين، مسكت صاحبي كان هيموت في إيدي من كتر الضرب طبعاً ما أنا مش مصدق إن الملاك بتاعي يطلع شيطان،صاحبي قالي أنا هخليك تشوف وتتأكد بنفسك، كلم صاحبه عشان يطلبها من المجموعة، وفعلاً أتفق إني هي هتروحله واداني نسخة من المفتاح وعرفت الميعاد.. كنت ساعتها زي المغيب قاعد مستني الميعاد وفي نفس الوقت مش عاوزه يجي، صاحبي كان بيبصلي بأسى وحزن لكن أنا نظرة الغضب هي الوحيدة اللى في عيني، عشان هو لحد دلوقتي كداب، وجه الميعاد ومشيت وأنا بقدم رجل وأخر التانية.. لحد ماوصلت الشقة ودخلت وانا خايف من اللي هشوفه، وخايف اكون ظلمتها كمان ساعتها كنت هاروح أشتري العالم كله وأقدمه ليها عشان شكيت فيها، فضلت كده أتمني لحد ماوصلت أوضة النوم..

وعندما وصل إلي تلك النقطة السوداء في حياته أغمض عينه بقوة وكأنه يري المشهد القاتل أمامه خرج صوته مخنوق مهزوز متألم بشدة:-
-ش شوفتها معاه في السرير، شوفتها بتخوني شوفتها في حضنه، كانت بتخوني عشان فلوووووس كانت بتخوني عشان فلوووووس م، كانت بتخدعني كانت بتقولي بحبك عشان تأخد مني فلوس وانا كنت مستعد أبيع نفسي عشانها..

ضرب يده بزجاج الطاولة الصغيرة وهو يقول بجنون:-
– حتي جمالها كان خاين الحلوين بيخونوا لكن الوحشين مش بيخونوا..

سقطت دمعة من عينه المغلقة، ونزف كفه دماء …

نهضت رقية سريعاً من مجلسها وهي تأخذ العلبة الكرتونية الخاصة بالمناشف الورقية من الطاولة وأقتربت منه نوعاً ما وحرصت علي أن تكون بينهما مسافة أخذت الكثير من العلبة الكرتونية ووضعتهم بحذر علي نزيفه وهي تقول بأسي عندما لاحظت الدمعة التي سقطت علي وجهه :-
-والله واحده زي دي الدمعه خسارة فيها..

ثم تابعت بجدية وهي تحاول وقف النزيف :-
-فوق لنفسك يابيبرس العمر بيجري مننا، هتفضل لحد أمتا عايش علي ذكرى كدابة خاينة، اللي زي دوول مينفعش معاهم غير الجزمة، أيوة جزمة تدوس عليهم وعلي أي ذكري ليهم تفكرنا بيهم، الواحد بيقع عشان يقوم، بيغلط عشان يتعلم، الضربة اللي متموتش تقوي مش تضعف…

فتح عينه ببطء وكانت لامعة نظر إلي يده التي تنزف قائل بوجع:-
-أه قلبي نزف دم زي كده، ده أنا كنت بخاف عليها من نفسي، عمري مافكرت فيها إنها واحدة أجنبية ولا أستغربت حبي ليها أصلا بس كل اللي كنت أعرفه إنها بقت حاجة مني..

أبعدت رقية يدها عن كفة وقالت وهي تنظر له:-
-شايف جرح أيدك ده أهو أنا بعالجه، ومع الوقت أصلاً هيختفي… مفيش جرح مبيتعالجش أحنا بس اللي بنعذب نفسنا…

قال وهو يحدق بالفراغ”هي حلوة عشان كده جرحتني،، الحلويين بس اللي بيخونوا”

ردت رقية سريعاً :-
-هي وحشه عشان كده جرحت..

نظر لها بطرف عينه، فأكملت ببرود مصطنع:-
-بتبصلي كده ليه، هي فعلاً وحشه ولا أنتم فاكرين عشان عيونكم ملونة وشعركم أصفر تبقوا حلويين لالا…

ثم أبتسمت قائلة وقد فهمت إصراره في السابق عليها :-
-الحلو حلو من جواه والوحش وحش من جواه، الشكل الحلو والشكل الوحش
دول مجرد غلاف للناس يعني مش مقياس لجمالهم ولا لصفاتهم… عارف أنت ممكن تشوف تفاحة ناضجة وحلوة
لكن تيجي تفتحها عشان تاكلها تلاقيها بايظة.. والعكس كمان..

ثم تابعت بنفس الإبتسامة :-
-وبعدين أحمد ربنا أنك متجوزتش واحدة زي دي وعرفت حقيقتها بدري.. عارف بقا أنا لو منك أحمد ربنا عشان بعد عني شيطانة زي دي..

بيبيرس وهو يقول :-
-بس أنا عاوزك، أنتي مش تخوني..

تنهدت بألم قائلة :-
-هو عشان أنا وحشه يبقي مش هخون يعني.. بالعكس ده أنا هخون، بس هخون بقلبي مش بجسمي.. وده خيانته أصعب لأني ببساطة أنا حبيت جاسم.. أنا عملت اللي عليا معاك لكن أنا عمري ماهبقي ليك يابيبرس.. أنت حبيت مره غلط فعشان كده إنت أتعودت عليا الأختيارات والقرارت الغلط..

ثم قالت بجمود:-
-وزي ماهي خانتك، أنت كمان خونت، خونت ثقة جاسم خونت صاحبك..

نطر لها نظرات مطولة بعد حديثها رأها جميلة، وكأن حديثها عالج تشوها، فهي محقة فالجميل يخون والقبيح أيضا يخون فالخيانة ليست مرتبطة بالجمال أوغيره أماهي صفة في الإنسان وهي محق هو جميل لكنه خاين مثلها خان ثقة صديقه .. تنهد وهو يقول بندم :-
-قوليلي أعمل أيه رقية…

تهللت أساريرها وأبتسمت بفرحة فعي توقعت رد فعل معاكس ويكون غاضب فقالت:-
-خلي بيبيرس يرجع تاني زي زمان…
يعني أبدء صح رجع حياتك من أول وجديد.. أنا عارفه أنه ممكن يكون صعب شوية بس مش مستحيل…

نهضت من علي الأرضية وحملت حقيبة يدها ثم إبتسمت ببراءة وهي تشير نحو الباب قائلة بمرح:-
-وهو ده بقا ثانياً…

دس يده في جيبه وأخرج المفتاح وهو يبتسم نهض وإتجه إليها ومد يده بالمفتاح قائل بأسف:-
-أسف، وبتأسفلك علي كل حاجه عملتها من يوم ماظهرت في حياتك..

تناولت المفتاح وهي تبتسم برضا قائلة:-
-كونك يابيبرس ماخوفتش أول ماشوفتيني أوبصتلي بصة قرف من اللي أنا متعودة عليها.. ي يبقي أنت يعتبر معملتش حاجة من اللي بيتعمل وبيحصل فيا…

إستدارت لكي تخرج من شقة السمج الذي طالما كرهته، ولكن ربما تكون سبب في تغيره وعودته إلي حياته..

-في المساء…
سرد راضي علي زوجته أمر صافي، وإنها تريد أن تقطع رزقهم من البناية،وأن رقية سوف تذهب قريباً مع جاسم حزنت فاطمة وهي تحسبن علي صافي بسخط :-
-حسبي الله ونعم الوكيل فيكي ياشيخة..

تنهد راضي قائل بهدوء:-
-وانا هبعد بنتك عن المشاكل اللي بتحصل هنا دي عند جوزها.. عشان تركز أمتحاناتها خلاص أخر الشهر..

هزت فاطمة رأسها بإيجاب، فنهض راضي من الفرأش قائل :-
-هاروح بقا أتكلم معاها قبل ماتنام…

خلف الستار في غرفتها الصغيرة جالسه علي فرأشها تمشط خصلات شعرها السوداء الطويلة وهي تسرح في ماحدث اليوم، من أين أتت لها تلك الشجاعة لكي تتحدث مع بيبيرس. كيف لها تجرأت علي فعل ذالك ولكنها لم تنكر سعادتها عندما أقتنع بحديثها، وأثناء تفكيرها وقع بصرها علي دبلتها المعدنية فتذكرت جاسم ، توقفت عن تمشيط شعرها وعضت علي شفتيها بحرج قائلة:-
-أنا عارفة إني أنا غلطت عشان كنت مع بيبرس واتكلمت معاه في الشقة لوحدنا.. بس والله كان غصب عني. وبعدين أنا مش هخبي عليك أول ماهشوفك هقولك ياحبيبي..

ثم رفعت كفها وقبلت دبلتها..

سمعت صوت أبيها يستأذن من خلف الستار لكي يدخل.. أبعدت يدها عن فمها سريعاً وقالت بتلعثم :-
-آآ أتفضل يابابا…

جمعت شعرها علي جانب واحد وهي تبتسم إلي أبيها الذي يزيح الستار لكي يدخل… دخل بهدوء وجلس بجوارها علي الفرأش قائل بإبتسامة وهو يحيط كتفها بيده:-
-عاملة أيه ياحبيبتي..

رقية وهي تدفن نفسها في أحضانه :-
-بخير يابابا طول ما أنت معانا..

راضي بهدوء :-
تعيشي يابنتي..

ثم تابع بجدية :-
-كنت عاوز أتكلم معاكي في حاجه كده..

رقية بقلق :-
-خير يابابا..

تنهد راضي وهو يقول بإبتسامة:-
– لا ده خير أوووي كل الحكاية أنك هتروحي بيت جوزك قريب…

أبتعدت رقية من بين أحضانه بفزع وقد أنفرج فمها بدهشه.. ضحك راضي علي هيئتها فجذبها مرة أخري إلي أحضانه وهو يقول :-
-أيه مش عاوزه ولا أيه…

توردت وجنتيها خجلاً وأبتسمت بصمت..

راضي وهو يملس علي شعرها قائل بخبث:-
-يعني بالكتير بكره وهتكوني قاعده علي الكوشه في الفرح..

خرجت مرة أخرى من أحضانه وعينها متسعه بصدمة ،راضي بمرح:-
-ماتهدي بقا يابنتي دراعاتي خدلت..

رقية بتلعثم :-
-ب ب ب بكره..

هز راضي رأسه بأيجاب..

تنهدت رقية بسعادة وفرح ولكنها تذكرت شيء فأختفت الإبتسامة من علي وجهها قائلة:-
-بس يابابا أنا مش عاوزه فرح..

عقد راضي حاجبيه قائل بتعجب :-
-ليه يابنتي كده..

أبتلعت رقية ريقها بمرارة قائلة بعيون لامعة :-
-م م مش عاوزه أبقي عروسة الناس جاية تتريق عليها.. مش هتبفي فرحه والله..

ثم دفنت رأسها في صدر أببها قائلة برجاء :-
-والنبي يابابا بلاش فرح…

راضي وهو يحتضنها بألم:-
-حاضر يابنتي اللي أنتي عاوزاه. .

بعد مرور يومين تقف رقية أمام خزانتها الصغيرة تخرج الملابس التي سوف تأخذها معها إلي بيت زوجها، فقد أتفق راضي معه علي يومين لكي يأخذها ولكن بدون فرح كما تريد رقية، رفض جاسم الأمر وأصر علي الفرح ولكن عندم رأي إصرار رقية وافق علي مضض.. جميع ملابس رقية لاتصلح لعروسة مطلقاً، فهي كانت ترفض أن تشتري أي شيء من مستلزماتالعروسة لأنها لم تتخيل نفسها عروسة مطلقاً، كانت تبتسم بحزن وهي تخرج قطع قليلة تنفع نوعاً ما… وبينما هي تضع ملابسها في الحقيبة الصغيرة.. وولجت فاطمة وهي تحمل حقيبة سفر كبيرة كانت تلهث وهي تحملها حتي وضعتها علي فرأش إبنتها فتنفست بقوة ونظرت إلي أبنتها قائلة بإبتسامة:-
-تعالي شوفي حاجتك ياعروسة…

قطبت رقية مابين حاجبها بتعجب وسارت نحو والدتها وهي تنظر إلي الحقيبة بتفحص :-
– حاجة أيه؟؟ الشنطة دي فيها أيه ياماما؟؟..

إبتسمت فاطمة وقامت بفتحها وكانت تحتوي علي ملابس خاصة بالعرائس وأخرجت بعض من محتوياتها وعرضتها علي رقية قائلة :-
أيه رأيك بقا في حاجتك وزوق أمك…

تهللت أساريرها بشدة وأبتسمت وهي تأخذ القطعة التي تمسكها والدتها في يدها وتضعها علي جسدها بفرحة قائلة:-
-هي الشنطة اللي كانت تحت السرير دي تبقي بتاعتي ياماما..

فاطمة بهدوء:-
-طبعاً ياحبيبتي هو في غيرك، أنا كنت كل مايبقي معايا فلوووووس اروح أشتريلك حاجه..

ألقت رقية القطعة بإهمال علي الفرأش والقت نفسها في حضن والدتها قائلة بحب :-
-أنا بحبك أوووي ياماما..

فاطمة بحنان :-
-وانا كمان بحبك ياقلب أمك..

أردفت رقية بحزن قائلة:-
-بس أنا زعلانه أوووي إني هسبكم وأمشي..

فاطمة وهي تملس علي ظهرها :-
-دي سنة الحياة يابنتي البنت ملهاش غير بيت جوزها..

خرجت رقية من أحضانها قائلة ببراءة :-
-بس أنا ياماما هجلكم كل يوم هنا…

فاطمة بعتاب :-
-لا يارقية مينفعش بيتك وجوزك ليهم حق عليكي.. وعشان جوزك ميزعلش ولايغضب عليكي أنتي تيجي تزورينا بس في المعقول كده يعني أيام وأيام..

ثم ضحكت بخبث قائلة :-
-ومتخفيش أنا كمان هاجي أيام وأيام…

توردت وجنتيها ،وأشاحت رقية بصرها للناحية الأخري…

ولج راضي إلي الداخل فأسرعت رقية بإحتضانه وهي تبكي فهي لاتعرف معني الحياة أوالعيش بدون والدها والدتها.. ظلت فترة طويلة في أحضانه وكأنه تعوض الأيام القادمة التي سوف تنحرم فيها من حماية أضلاعه…

بعد مرور ساعات…

تسير سيارة العروسين علي الطريق متجهه إلي عش الزوجية الخاص بهما..وبعدما وقفت رقية لفترة أمام البناية تودعها فهي لاتعرف مكان غيرها هي تربت وكبرت ونضجت فيها،، كانت رقية تفتح النافذه وتستنشق الهواء الليلي فكان الجو ساحر وكأنه يحتفل بهما، كانت تراقبها عيون جاسم بسعادة وهو يدندن مع النغمات الهادئة التي تصدر من خلال مشغل الأغاني الخاص بالسيارة (الكاسيت) أدخلت رقية رأسها إلي الداخل وهي تنظر بخجل إلي جاسم وتفرك كفيها معا.. لاحظ جاسم خجلها فأستغل الأمر فقال بخبث وهو يقود:-
-قوليلي يارقية هي الشنطة الكبيرة اللي أنا حططها في شنطة العربية فيها أيه؟؟
إلتفتت برأسها قائلة ببراءة وخفوت :-
-فيها الهدوم بتاعتي…

أوما برأسه وهو يقول بنبرة خبيثة:-
-أه ياحبيبتي انا عارف أنها هدوم،بس يعني هدوم زي أيه مثلا؟؟..

عضت علي شفتيها بحرج وأشاحت بوجهها للناحية الأخرى…

ضحك وهو يقول بغمزة:-
-يعني أنا كده أطمن علي مستقبلي ولا أيه…

توردت وجنتيها خجلاً وأخفت وجهها بحجابها …

إصطفت السيارة أمام بناية عالية في حي التجمع الخامس، تعجبت رقية من المكان فهي معتقده أنها ذاهبة إلى القصر، ولكنها صمتت وترجلت من السيارة بهدوء، ترجل الأخر وأمسك يدها وسار بها في إتجاه المدخل، قام أفراد الأمن سريعاً لتحية جاسم، ولج بها إلي الداخل وهي تنظر حولها بإنبهار فالبناية ذات تصميم خرافي فأبدع من قام بتصميمها.. حيث الأرضية االلامعة والأنوار الخافتة والمراه التي تأخذ الحائط بأكمله وبعض أحواض الزهور والنقوش البارزة فالمدخل كان كمداخل البنايات.. صعدت درجتين وشعرت بنفسها تطير في الهواء فجاسم حملها علي يده بحركة مفاجئة شهقت بفزع قائلة :-
-آآآ أنت بتعمل أيه..

سار بها في إتجاه المصعد قائل بجدية مصطنعة :-
-دي أول قاعدة في ليلة الزفاف أسكتي أنتي بس..

حاوطت عنقه بيدها وفتح المصعد بيد وأحدة ودلف وهو يحملها فإنغلق الباب خلفهم ضغط علي رقم في اللوحة وهو ينطر إلي رقية بتسلية ويتعمد إحراجها بالحديث حتي تتورد وجنتيها.. وقف المصعد في الدور المطلوب وفتح الباب بيده وخرج وسار عدة خطوات حتي وقف أمام شقته، أبتسم وهو يقول لرقية :-
-نستأذن العروسة تنزل شوية بس عشان نطلع المفتاح نفتح الباب..

هزت رأسها بهدوء فأنزلها بحذر حتي وقفت علي قدميها، أعتدل في وقفته ودس يده في جيبه وأخرج سلسلة مفاتيحه وقام بإدخل المفتاح الخاص بالشقة في الباب حتي إنفتح إنحني وضع يده خلف ظهره بحركة مسرحية قائل وهو يشير بالدخول :-
-برجلك اليمين بقا ياعروسة…

أبتسمت بخجل وهي تمسك فستانها البسيط ذو اللون الأزرق لانها رفضت أن ترتدي فستان زفاف أيضاً.. خطت بقدمها اليمني إلي الداخل بكل أستحياء وشعرت بالفزع عندما رأت الإضاءة منغلقة، سمعت صوت باب يغلق خلفا أرتعشت بمكانها حتي إنفتحت الأنوار، فإتسعت عينها بصدمة وهي تري المنظر الآخذ الذي أمامها …

error: