لم اكن دميمة يوماً بقلم شيماء على (كاملة)
الفصل الثالث والعشرون
مرت عدة أيام زادت فيها علاقة جاسم مع رقية , فكان جاسم سعيد جدا بالتقرب منها …وزادت سعدته عندما علم أنها الأن أصبحت حره ليست مخطوبة ,فشعر بأنها الفرصة الحاسمة له لتحديد مشاعره إتجاهها ,ورقية كانت سعيدة أيضا فهو كان مثال لرب العمل الخلوق والرجل الكامل, فرقية سمعت في هذه الشركة كثير عن أخلاقه ..وسمعت أيضا مدح العاملين بالشركة …فالأول مرة تري رجل بهذه الصفات كانت تتوقع كما يقولون بالشعبية “الرجالة ماتت في الحرب ”
وفي يوم من الأيام خرجت رقية من عملها في وقت متأخر ..فقد حل الليل عليها وهي مندمجة في عملها ولم تنتبه إلي الوقت ..وكانت قلقة بشأن والديها فليس معها أي وسيلة لكي يطمئنوا عليها ,فهاتفها الوحيد ضاع في الحادثة ..أخذت تسير في المنطقة الخاصة بالشركات لكي تصل إلي المكان المخصص لسيارات الأجرة ..وقفت تنظر إلي الطريق الفارغ من السيارات بترقب شديد ..مر وقت قليل وهي مازالت واقفة مكانها ولم تمر عليها أي سيارة تنهدت بضيق قائلة :-
-اعمل أيه دلوقتي يارب ..أكيد يعني مش هخدها مشي من أكتوبر لحد الهرم ..
وفي ذالك الحين فتح العامل الباب الحديدي للجراج الخاص بسيارات الشركة , لتمر سيارة جاسم وتسير في الطريق ..بعد خروج سيارة جاسم غلق العامل الباب بالسلسلة الحديدية ..
كان يسير بسيارته وبجانبه معتز الذي لم يكفي من الثرثرة…معتز وهو يحدق به بضجر :-
-يعني كان لازم تراجع ورق الصفقة دي
النهارده ..نمشي في نص الليل كده..
جاسم بجدية وهو ينظر أمامه :-
-كان لازم اشوف الورق النهارده عشان بكره أوقع عليه …وبعدين نص ليل ايه ده لسه العشا مأذن ..
معتز بضيق :-
-ما انا كنت عاوزه اروح مع بسمة ..منك الله ضيعت المصلحة ..
نظر له جاسم بإبتسامة ولم يعقب علي حديثه ..ثم تابع النظر إلي الطريق ..وأثناء قيادته وجد فتاة بمواصفات رقية تقف في أول الطريق تنظر حولها بحذر …دقق النظر بها حتي تأكد من هويتها قطب جبينه بتعجب من وجوده في هذا الوقت المتأخر ,فوقت العمل الخاص بها أنتهي منذ أربع ساعات أواكثر .. أوقف السيارة فجاة ..وترجل منها علي عجاله متجه إليها ..تعجب معتز من فعلته فنظر من الزجاج فرأي رقية تقف علي الطريق وجاسم متجه له …انكمشت ملامحه فجاة عندما رأي رقية فهو منذ علم بحب جاسم لها وهو أصبح يريد التخلص منها فورا ..ترجل هو الأخر من السيارة وسند بظهره عليها .. وتطلع إلي رقية وجاسم ..
كانت رقية تلتفت حولها بحذر حتي فوجئت بمن يضع يديه كتفها ,إلتفتت مذعورة وهي تتراجع إلي الخلف.. ولكن عندما رأت جاسم تنهدت بإطمئنان وهي تقول :-
-أستاذ جاسم …خضتني ..
جاسم وهو ينطر لها قائل بتأسف :-
-انا أسف والله بس إتفاجئت بيكي واقفة هنا وانتي معاد شغلك إنتهي من بدري ..
رقية وهي تجيبه بضيق :-
-ماهو الوقت خدني جوه ..والوقت إتاخر ومش لاقية مواصلات ..
جاسم بجدية :-
-طب تعالي يله أنا هوصلك ..
رقية وهي تجيبه بالرفض:-
-لا لا انا هستني عربية تعدي …اتفضل حضرتك عشان متتعطلش …
جاسم بإصرار في نبرته :-
-ماهو اكيد طبعا مش همشي واسيبك في وقت زي ده …وبرضه مش همشي غير بيكي …ثم ضيق عينه وهو يقول بشك :-
-ولا أنتي خايفه مني ..
أجابته بارتباك :-
-لا لا خ خالص والله …بس الحكاية كلها إني مينفعش أركب مع حضرتك لوحدي ..
جاسم وهو يلتفت براسه نصف إلتفاته وشاور بيده:-
-هو أنتي مش شايفه البغل اللي واقف ورانا ده ..يعني مش هتبقي لوحدك معايا يعني …
نظرت رقية إلي معتز نظره سريعة فراته ينظر لها بضيق …فهذا زاد من سبب رفضها ..ولأن أيضا أخلاقها تمنعها من ذالك فنظرت ارضا وهو تهز رأسه برفض ..
تنهد هو بيأس :-
-طب والحل أيه دلوقتي يعني ..
رقية بجدية :-
-قولت لحضرتك ….أمشي أنت وانا هستني العربيات …
جاسم بنبرة رخيمة :-
-ما انتي تنسي خالص أني أمشي واسيبك في الوقت ده ..
ثم تابع بهدوء:-
-يا رقية يله اركبي متخافيش كده مفيش عربيات بتعدي هنا أصلا يعني هتوقفي هنا للصبح ..
شعر معتز بالإنزعاج وهو يستمع إلي حديثهم , وتحرك إتجاههم معتز وهو يقول بإستياء:-
-هو أحنا هنبات هنا ولا أيه ..ثم توجه بالحديث إلي رقية :-
-ويله انتي كمان ..هو احنا هنغتصبك يعني ده احنا هنوصلك ..وبعدين متخافيش اووي كده , يعني احنا اكيد مش هنبص لوحده زيك ..
تعمد أن يقول ذالك أمام جاسم …لكي يذكره بوجهها المشوه ويجعله ينسي تماما امر حبها …
بينما رقية ادرات وجهها الناحية الاخري بحرج من حديث معتز ..وكانت دموعها علي وشك النزول اخذت تلعن الظروف التي تلقي بها إلي الإهانات ..
ينما رمقه جاسم بحده وتوعد ..تقدم من رقية وهو يقول بحنو :-
-رقية متخافيش والله أنا معاكي …يله بقا ..
اخذ جاسم يحاول إقناعها لفترة طويلة وهي مازالت علي رأيها ..وبعد محاولات كثير وافقت رقية علي مضض..ركبت في الخلف وجاسم ومعتز في مكانهم كما كانوا …واخيرا سارت السيارة مبتعده عن هذا المكان ..
جاسم بمرح :-
-حرام عليكي ياشيخة ده انا لو بقنع إسرائيل انها تسيب فلسطين مش هاخد الوقت ده كله ..
إبتسمت بهدوء وفركت كفي يدها بتوتر ثم قالت بخفوت :-
-ممكن تفتح الشبابيك كلها …
أبتسم وهو يجيبها :-
-حاضر لو ده هيخليكي مطمنة ..ولو عايزه افتحلك الابواب عادي يعني ..
وبالفعل ضغط علي الزر الإلكتروني لتنفتح الشبابيك …ويدخل الهواء الليلي للسيارة ..
جاسم وهو ينظر لها في المراءة :-
-طب كلمي أهلك طمنيهم ..عشان مايقلقوش عليكي ..
رقية وهي تعض علي شفتيها السفلي بحرج :-
-ما هو اصلا انا مش معايا موبايل ..
قطب جبينه بتعجب قائلا :-
-معقول لسه في حد مش معاه موبايل في الزمن ده ..
رقية بخفوت :-
-كان معايا بس ضاع في الحادثة ..
هز جاسم رأسه متفهما الامر ..وامسك بهاتفه ومد يده للخلف قائلا :-
-طب خدي كلميهم من عندي …
رقية بجدية :-
-لا ملهوش لزوم انا خلاص مروحه اهو يعني …
جاسم باصرار :-
-معلش بس عشان يطمنوا …
كان معتز ينظر لها في المراءة بحنق و بضيق شديد..
أبتلعت ريقها بتوتر ومدت يدها ببطء وأخذت الهاتف نظرت إلي الهاتف االباهظ الثمن فهو من أغلي أنواع الهواتف النقالة الموجودة في الأسواق حاليا ..ارتبكت وهي تنظر لها فماذا تخبر أهلها وهم لايعلمون أنها تعمل بالاصل ..وسريعا جاءتها فكره حيث ضغطت علي عدة ارقام مزيفة ووضعت الهاتف علي أذنها وهب تحول ترسم تعابير الإنتظار علي وجهها ..ثم تصنعت الضيق وهي تقول :-
-التليفون مغلق ..ومش معايا رقم ماما ..
جاسم بهدوء:-
-طب خلاص خليه معاكي عشان تبقي تحاولي تاني ..
تدخل في الحديث معتز قائل بإستفزاز قاصد إهانتها :_
-بس أوعي يحصله حاجه ده غالي اووي ..مش زي أبو كشاف اللي كان معاكي لكن ده أيفون عارفه يعني أيه أيفون …
نظر له جاسم بحده قائل بجمود :-
-ومالها الموبايلات أبو كشاف الله يرحم أبوك مكنش بيشيل غيرها ..وحتي لو حصله حاجه في داهية فداها أي حاجه ..
ظهر شبح إبتسامة علي وجه رقية وإبتسمت له بإمتننان عن المدافعة عنها ..ونظرت ببرود إلي معتز الذي كان يشتعل غيظ ..وضعت الهاتف علي قدمها ..أخذت تنظر إلي بلدها من داخل السيارة …
وفي ذالك الحين ولكن في مكان أخر وتحديدا في ملهي ليلي كانت حنين برفقة شيري يرقصان علي الإستيدج حيث الشباب مع الفتيات في مكان عليه لعنة الله ..كانت حنين ترقص مع الشاب وائل التي تعرفت عليه عن طرق شيري …كانت مندمجة معه في الرقص وهو يرقص بها وفي يدها الكأس كانت هي سعيدة الأجواء وتري أنها تحررت من قيود جاسم وأصبحت مثل فتيات جامعتها من قيو جاسم ..فهي تدرس فالجامعة الإمريكية حيث الشباب المتحرر ..أخذ تتلوي بجسدها في حضن وائل وهو يمسك بها من خصرها .. كانت شيري تتظر لها وتبتسم بإنتصار فهي كانت تسعي إلي ذالك أن تجعل حنين مثلها حتي تتساوي الروؤس ولايصبح احد افضل من أحد ..وساعده في ذالك سذاجة تلك الفتاة فهي أصبحت مثل الدومية تحركها شيري كما تشاء …
“صديق السوء هو من يستغل طيبتك وسذاجتك في تحقيق أهدافه ..فلا تأتي باللوم عليه..فأنت كنت كالسمكة التي تفتح فمها لكي يصطادونها الناس”
اما بيبرس جالس يفكر في دميمته كما أطلق عليها..فهو سعيد بتشوه وجهه ربما كانت ليس في حسبانه ..ولكن سيطرت علي تفكيره وعقله وليس علي قلبه .فقلبه مغلق منذ الحب الأول الذي ذاق جميع العذاب فيه ..فأستغلت جمالها في الإيقاع به في حبها ..فكانت عارضة أزياء في أحدي الدول الأوروبية ..قابلها عندما كان في أجازه هناك ,وعاش معها أجمل لحظات حياته فكانت تشبه كثيرا ..فهم الإثنان من السلالة الشقراء ..احبها بكل صدق وكان يجهز نفسه من أجل زواجها ,فكانت تطلب منه أشياء كثيرة للغاية وباهظة الثمن ايضافكان يجلبها لها دون تردد ..حتي لجأ في يوم إلي بيع نصف نصيبه في شركة والده الذي يديرها أعمامه من أجل شراء خاتم من الماس كانت تريده …هز رأسه بقوة محاولة عدم التفكير بها وفي الماضي..وشرد في رقية هو لم يحبها فاراد أن يجرب هذا الصنف من النساء ليس اكثر من ذالك …ولكن أنكمشت ملامحه هو يفتكر عندما قابلها في الجامعة بعد فسخ خطوبتها فكانت سوف تبصق عليه وقطعت علاقته به وليست هي فقط بل سارة كمان عندما علمت انه السبب في فسخ خطوبة رفيقتها قطعت العلاقة بينه اصبحت تراها ولم تلقي عليه السلام أيضا …واصبح لايري رقية إلا مرات عديدة عندما تأتي لتأخذ المحاضرات الفائته لها …وعندما تراها تنظر له بجمود وترحل ..تنهد بصوت مسموع وهو يقول :_
-ماهو اكيد مش هسيبك يعني ..ده ربنا بعتك ليا من السما عشان تعوضيني عن إيجا ..
جالس امام التلفاز يشاهد للمرة المليون المسرحية المشهورة التي تعرض علي شاشة التلفزيون العيال كبرت فمنذ ان جاء هنا من عدة أيام وهو لايتحرك من الأريكة إلا ليذهب إلي المرحاض ليقضي حاجته ..اما للفراش لينعم بنومته غير ذالك مرفوض …وطوال النهار امام التلفاز يشاهد العيال كبرت إجباريا عليه أن يشاهد ذالك ..تنهد حازم بضيق قائلا :-
-كل يوم العيال كبرت العيال كبرت قربت انا خلاص قربت أحلم بيهم …
نظر إليه شخص مفتول العضلات ذو جسد ضخم للغاية جالس علي يمينه قائل بتسائل :-
-أنت بتقول حاجه يا أخ …
حازم وهو يهز رأسه سريعا بالنفي :-
-عمري مافكرت أقول حاجه ..ولا هفكر أقول مالها العيال كبرت ماهي حلوه اهي ..
رد عليه الشخص الجالس علي يساره بنفس مواصفات الشخص الأول يقول بخشونه :-
-طب يامسعد رجع المسرحية من الأول بقا عشان خاطر الباشا …
ثم نظر إلي حازم الجالس بينهم كعود القصب قائل بغمزه :-
-افرح ياعم مدلعينك احنا اهو …عشان تبقي تشكر فينا قدام جاسم بيه..
اجابه حازم بإقتضاب :-
-لا ماهو واضح الدلع بصراحه العيال كبرت هي الدلع دلوقتي …
كان الإثنان يضحكان بقوة علي مشهد لاحمد زكي في المسرحية…حازم في نفسه بتهكم :-
-قال يعني إتفاجئتو ده انت شايفين المشهد ده مليون مره قبل كده ..وكل مره تضحكوا عليه ..
ثم عض علي شفتيه السفلي بتوعد لأخيه جاسم فهو وضعه في الشاليه الخاص بهم في الإسكندرية ووضع هذه الكائنات الديناصورية معه..الذي لم يتركوه بمفرده إلا في المرحاض …حتي في غرفة نومه يتسطحون بجانبه علي الاريكه ..وكل هذا بأمر من جاسم …
وصلت السيارة قبل البناية التي يحرسها والد رقية ..فتحت رقية الباب بهدوء وترجلت من السيارة …وايضا جاسم ووقف قبالتها قائلة بإبتسامة :-
-متشكره أووووي يا أستاذ جاسم ..تعبتك معايا ..
جاسم بإبتسامته الجذابه :-
– ياسلام ..ياريت كل التعب يبقي زيك كده …
إبتسمت له وسارت مبتعده عن السيارة ..ولكن وقف هو ينطر لها حتي تدلف إلي بنياتها لكي يتطمئن عليها …وفي نفس التوقيت كانت سيارة صافي تدلف للشارع ورأت رقية واقفة مع جاسم وتبتسم له,ظهر علي وجهها علامات الإندهاش وهي تقول بصدمة :-
-أي علاقة بنت البواب بجاسم الراوي …